بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 أبريل 2010

نبذ من صحيح البخاري/1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين نذيرا . والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله الذي أرسله الله تعالى رحمة للناس وآتاه الحكمة وجوامع الكلم وعلمه ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيما وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد فإن السنة هي المصدر التشريعي الثاني - من المصادر المتفق عليها لدى المسلمين - بعد كتاب الله
تعالى فهي أصل من أصول الدين ومنها خصيب للتشريع ودليل أساسي من أدلة الأحكام تعرفنا حكم الله سبحانه وتعالى في كل كبير وصغير فهي جامعة مانعة عامة شاملة لا تفوتها شاردة ولا واردة إلا وقد أعطتها حكما شرعيا فيها بيان لما كان وما سيكون وفيها تنظيم عملي رائع لشؤون الحياة مستوحى عن الله تعالى خالق الحياة ومن يحيا ومرتبط بمالك الملك والملكوت الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . فقلما تحدث حادثة أو تنزل نازلة إلا ونجد في السنة المطهرة الحكم الشافي والبيان الوافي لها . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن ربه { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } / المائدة 67 /
وهو المبين مراد الله
تعالى فيما أنزل { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم } / النحل 44 / . فالسنة المطهرة تأكيد لما بين كتاب الله من أحكام وتفصيل لما أجمل وتقييد لما أطلق وتخصيص لما هو عام أو تشريع لما سكت عنه القرآن ولكنه تطبيق لقواعده العامة وأصوله المقررة ومستمد منه
ورسول الله
صلى الله عليه وسلم هو المظهر العملي لشريعة الله تعالى فهو المكلف الأول { وأنا أول المسلمين } / الأنعام 163 / . { وأنا أول المؤمنين } / الأعراف 143 / . وهو القدوة الصالحة { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } / الأحزاب 21 / . وهو الذي يتلقى الوحي من السماء { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } / النجم 3 - 4 / . وهو الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه وهو الذي قذف الله النور في قلبه وأجرى الحق على لسانه وجعل طاعته من طاعته ومعصيته معصية له سبحانه { ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا } / النساء 80 /
لهذا كله كانت السنة المطهرة في مجمل أحكامها وتشريعاتها - من حيث وحوب العمل بها - بمنزلة كتاب الله تعالى فما ثبت فيها فهو ثابت بوحي من الله سبحانه وأمر منه وتكليف { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } / الحشر 7 / . وعليه فالسنة حجة على المسلمين بلا خلاف وقد أجمع علماء الأمة على أن من أنكر حجتيها عموما فهو كافر مرتد عن الإسلام
وإذا كان الأمر كذلك فلا بد للمسلمين من الرجوع إلى ما نقل عنه
صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير والأخذ بما ثبت منه ليعمل به . ولقد بذل السلف الصالح من العلماء جهودا مشكورة في خدمة دين الله تعالى فدونوا لنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصنفات تنوعت أساليبها واختلف شروطها وكان من أفضها وأصحها [ الجامع الصحيح ] لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الذي تلقته الأمة بالقبول وأولته عناية الدراسة والتقرير وتناولته بالشرح تارة والاختصار تارة أخرى . واقبل عليه طلاب العلم يقرؤون متنه ويحفظونه عن ظهر قلب . ولا غرابة فهو المرجع الثاني - بعد كتاب الله تعالى - في دين الله تعالى وهكذا نجد المدارس والجامعات في العالم الإسلامي ما زالت تعنى به دراسة وحفظا وبعضها تقرره في مناهجها ليقرأ من أوله إلى آخره في مختلف صفوفها
واسم صحيح البخاري كما سماه مصنفه ( الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله
صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه )
وهذا الكتاب على مكانته وأهميته واحتياج كل مسلم إليه - ولا نبالغ في القول إذا قلنا يجب أن توجد في كل بيت مسلم نسخة منه على الأقل - هذا الكتاب لا نزال نجد أكثر طبعاته إذا لم نقل جميعها على النمط القديم خالية من المزاي الفنية للطباعة الحديثة تحشى الصفحة بالأبواب والأحاديث الواحد تلو الآخر دون فواصل أو ترقيم أو بداءة متميزة مما يجعل القارىء يجد صعوبة في مطالعته أو الرجوع إليه
أضف إلى ذلك أنه قلما توجد لهذه الطبعات فهارس فيها شيء من التفصيل رغم ما يمتاز به هذا الكتاب من كثرة الأبواب - إذ يغلب أن يجعل القارىء كل حديث بابا مستقلا يترجم له بعنوان - وهذا من شأنه أن يوقع طالب العلم والباحث في حرج ومشقة عندما يحتاج أن يراجع حديثا في موضوع من المواضيع أو بحث من البحوث لا سيما إذا لا حظنا ما يمتاز به البخاري في صحيحه من تكرار للحديث في أبواب متعددة ومناسبات مختلفة بل ربما أتى بالحديث في الباب لأقل مناسبة
وهذه الصعوبة قد لمستها بنفسي وشعرت بها حينما أردت أن أتقدم برسالتي في الفقه وأصوله التي أعددتها لنيل درجة الدكتوراة من الجامعة الأزهرية في القاهرة - عام 1393 ه - 1973 م ( وقد طبعت هذه الرسالة لأول مرة عام - 1400 ه - 1980 م - وموضوعها [ أثر الأدلة المختلف فيها - مصادر التشريع التبعية 0 في الفقه الإسلامي ] في دمشق ) - وذلك أن رسالتي تحتوي على الكثير من الأحاديث التي يحتج بها لافقهاء على ما قروره من أحكام في المسائل الفقهية التي أوردتها في أبحاث الراسلة فكنت أجد كل الصعوبة عندما أبحث عن الحديث في صحيح البخاري للملاحظات التي ذكرتها آنفا وهذا ما جعلني أفكر بالقيام بعمل أخدم فيه الإسلام والمسلمين بخدمة هذا الكتاب العظيم الأهمية . وحفزني على التفكير جديا بهذا العمل أكثر فأكثر ما لمسته لدى غيري من طلاب العلم والباحيثن عندما كنت أشكو لهم ما أجد من عناء لدى مراجعتي هذا الكتاب فكانوا يبثون إلي شكواهم بمثل ما أجد وبعضهم يظهر أسفه لعزوفه عن هذا الكتاب الجليل القدر وعدم الاستفادة منه بسبب تلك الصعوبة التي يجدها في الرجوع إليه
ولقد عزمت على القيام يتنفيذ ما فكرت فيه وبدأت العلم بعون الله تعالى وتوفيقه بعد أن انتهيت من مناقشة رسالتي ونلت الدكتوراة بفضل الله جلا وعلا وتهيأت لي الأسباب . وشجعنى على الإقدام على ذلك إخوة لي ناصحون وزملاء لي في البحث العلمي مجربون وأعجبهم ذلك ووافق رغبة في نفوسهم . بعد أن أنجزت جزءا من العمل عرضته على بعض أشاتذتي ذوي الفضل علي من كبار علماء هذا البلد العاملين فسروا بذلك سرورا بلغيا وأقروا منهجي ودعوا لي بالتوفيق
وها أنا اليوم أقدم للمسلمين في بقاع الأرض هذا الكتاب الذي أحبوه وأكبروه وأحلوه من نفوسهم المكان اللائق به موشحا بما وفقني الله تعالى إليه من خدمة له
وعملي في هذا الكتاب متواضع واضح ألخصه بما يلي
- 1 - ترقيم الصحيح كتبا وأبوابا وأحاديث على النحو التالي
أ - ترقيم الكتب ترقيما متسلسلا بدءا من بدء الوحي الذي اعترته كتابا وأعطيته رقم ( 1 ) وختاما بكتاب التوحيد وكان رقمه ( 100 ) . وربما أعطيت رقما لمجموعة أبواب في كتاب إذا كانت ذات موضوع واحد وأفردت في بعض نسخ الصحيح بعنوان أبواب كذا كما هو الحال في أبواب الوتر وأبواب العمرة ونحو ذلك . وربما خالفت في تقسيم الكتب بعض نسخ البخاري المشهورة مستندا إلى ما يذكره الشراح فيما اعتمدته ورجحته
ب - ترقيم الأبواب ضمن كل كتاب فكل كتاب أو مجموعة أبواب يرقم ما فيه من الأبواب ترقيما متسلسلا يبدأ من الواحد وحتى آخر باب منه . وألفت النظر هنا إلى أنني قد حذفت من النسخة التي اعتمدتها كلمة [ باب ] حيث لم تذكر بعدها ترجمة معتمدا على ما يذكره الشراح أحيانا مما يرجح حذفها
ج - ترقيم الأحاديث ترقيما متسلسلا من أول حديث في الصحيح وحتى آخر حديث منه حتى ولو كان الحديث متكررا فإنه يأخذ رقما جديدا متسلسلا مع ما قبله وما بعده كلما تكرر
ويراعى في هذا الترقيم أن يبدأ كل كتاب أو مجموعة أبواب ذات رقم أول صفحة وأن يكون عنوان كل باب سطرا مستقلا وأما الأحاديث فيبدأ كل منها من أول السطر
- 2 - وضع علامات الترقيم من فواصل ونقاط وأقواس وإشارات استفهام ونحو ذلك وقد راعيت أن يكون كلام رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالذات بين قوسين بهذا الشكل ( ) . وأن تكون الآيات الواردات في الصحيح بين أربعة أقواس بهذا الشكل { }
- 3 - الإشارة إلى المواطن التي تكرر ذكر الحديث فيها وذلك بذكر أرقامه في تلك المواطن بعد ذكره أول مرة وتوضع هذه الأرقام في المتن بعد نص الحديث بين معكوفين بهذا الشكل [ ] . وكلما تكرر الحديث وضعت بعد ذكره حرف [ ر ] فعل أمر من رأى أي انظر وذكرت الرقم الذي ورد به أول مرة . وأذكر مثالا للتوضيح أول حديث جاء في البخاري قال
- 1 - حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيممي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب
رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما جاهر إليه )
[ 54 ، 2329 ، 3685 ، 4783 ، 6311 ، 6553 ]
وهكذا نجد أن البخاري ذكر هذا الحديث في مواطن ستة غير هذا الموطن ذكرت أرقامها هنا فإذا رجعت إلى تلك المواطن وجدت الحديث ولكنك لا تجد هذه الأرقام وإنما تجد بعد ذكر الحديث [ ر 1 ]
وآتيك بالموطن الذي ذكر به ثانية برقم ( 54 ) زيادة في الإيضاح فقد جاء في 2 - كتاب الإيمان 39 - ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة ولكل امرىء ما نوى . قال
- 45 - حدثنا عبد الله بن مسلمة قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال ( الأعمال بالنية ولكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه )
[ ر 1 ]
وهذا العمل كما ترى يسهل على الباحث أن يجمع أطراف الحديث لا سيما وأن البخاري
رحمه الله تعالى قد يذكر جزءا من الحديث في موطن وجزءا آخر منه في موطن غيره وقد يذكره كاملا في أحد المواطن دون غيرها وهكذا فبالإشارة إلى مواطنه يستطيع الباحث أن يحصل على الرواية المتكاملة . أضف إلى ذلك أنه يتعرف على طرق الحديث وروايته المختلفة كما رأيت في المثال المذكور ففي رقم ( 1 ) ورد من طريق الحميدي عن سفيان بن يحيى بن سعيد بينما في رقم [ 54 ] ورد من طريق عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد . وأيضا نجد اختلافا في بعض الألفاظ والجمل بين الروايتين مثل قوله ( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) حيث ذكرت في رقم [ 54 ] بينما لم تذكر في رقم [ 1 ] وكذلك أفرد لفظ النية في رقم [ 54 ] بينما جمع في رقم [ 1 ] ونحو ذلك
هذا وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا تكرر الحديث بشكل متتابع في نفس الباب أشرت إلى ذلك عند ذكر رقم أول رواية له بوضع رقم أول رواية ورقم آخر رواية على النحو التالي مثلا 57 / 58 ثم أضع أرقام باقي الروايات بين قوسين هكذا ( ) ثم أذكر أرقام المواضع التي يتكرر فيها أو أشير إلى موضعه الأول بعد آخر رواية تكررت على النحو المذكور
وإليك مثالين يوضحان ذلك
- 57 / 58 حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن إسماعيل قال حدثني قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال بايعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم
( 58 ) حدثنا أبو النعمان قال حدثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة قال سمعت جرير بن عبد الله يقول يوم مات المغيرة بن شعبة قام فحمد الله وأثنى عليه وقال عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له والوقار والسكينة حتى يأيتكم أمير فإنما يأتيكم الآن . ثم قال استعفوا لأميركم فإنه كان يحب العفو ثم قال أما بعد فإني أتيت النبي
صلى الله عليه وسلم قلت أبايعك على الإسلام فشرط علي ( والنصح لكل مسلم ) . فبايعته على هذا ورب هذا المسجد إني لناصح لكم . ثم استغفر ونزل
[ 501 ، 1336 ، 2049 ، 2565 ، 2566 ، 6778 ]
- 147 / 148 حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا ابن عياض عن عبيد الله عن محمد بن يحيى بن حبان عن واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر قال ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي فرأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشأم
( 148 ) حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان أن عمه واسع بن حبان أخبره أن عبد الله بن عمر أخبره قال لقد ظهرت ذات يوم على ظهر بيتنا فرأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم قاعدا على لبنتين مستقبل بيت المقدس
[ ر 145 ]
ومن الأمانة العلمية أن أقول هنا إن الذي سهل لي عمل ذكر مواضع تكرار الحديث هو كتاب [ فهارس البخاري ] للشيخ رضوان محمد رضوان جزاه الله عن المسلمين خيرا
- 4 - شرح الألفاظ والجمل الغريبة الواردة في الحديث مما يجعل الحديث واضح المعنى لدى القارىء الذي يرغب أن يكتفي بالمعنى العام والظاهر للحديث
وطريقتي في هذا أن أضع أسفل الصفحة رقم الحديث الوارد في الأصل وأذكر المفردة أو الجملة المراد شرحها ضمن قوسين من هذا الشكل ( ) ثم يذكر بعدها الشرح وينهى بنقطة وهكذا أفعل بكل مفردة أو تركيب . والجدير بالذكر أني لا أكرر الشرح في الأحاديث المتكررة بل أذكر ذلك عند ذكره أول مرة إلا إذا جاء في المكرر لفظ أو تركيب لم يشرح من قبل أو لم يذكر فيشرح في موطنه
( يتبع... )

( تابع ) هذا والمعلوم أن متن الصحيح مشكول شكلا كاملا وقد يكون للفظ ضبط أو أكثر فربما اكتفيت بشكله على ضبط واحد وربما شكل على جميع الأوجه
- 5 - ذكر سور الآيات القرآنية الواردة في الصحيح وأرقامها في تلك السور فإذا كانت الآية في الباب ذكرت ذلك في صلب المتن وإذا كانت في الحديث ذكرت ذلك في الحاشية عقب شرح ألفاظها وفي الغالب أتمم الآية أو الآيات المذكور جزء منها في الصحيح إذا كان الموطن يستدعي ذلك كما أني أذكر اللفظ القرآني مع ذكر السورة والآية الذي كثيرا ما يشير إليه البخاري
رحمه الله تعالى بذكر معناه ونحو ذلك مع شرح المفردات أو الجمل التي تحتاج إلى شرح من الآية أو الآيات
وطريقتي في شرح ألفاظ وجمل الآيات الواردة في الباب أن أضع رقم الباب في الحاشية أسفل الصفحة ثم أكتب ما أريد شرحه ضمن قوسين هكذا ( ) وأشرح على النحو الذي مر في شرح الأحاديث وكذلك أفعل في إتمام الآيات إن وجد ذلك مع شرح ما يحتاج منها إلى شرح
والبخاري
رحمه الله تعالى يكثر من ذكر الألفاظ القرآنية وربما ضبطت على قراءة من القراءات فإذا ضبطت على قراءة حفص لم أنبه إلى غيرها وإذا ضبطت على غير قراءة حفص نبهت إلى قراءته غالبا وربما ذكرت صاحب القراءة الأخرى وربما لم أذكره . وإذا كانت القراءة شاذة ذكرت ذلك صراحة وقولي وفي قراءة وقرىء لا يعني أنها قراءة شاذة
- 6 - شرح الألفاظ والتراكيب التي لا تحتاج إلى شرح في الآثار التي يوردها البخاري في صحيحه عن الصحابة والتابعين وغيرهم . وبالمناسبة فإن صحيح البخاري يمكن أن يعتبر كتاب حديث وفقه لكثرة ما تضمنه من آراء فقهية لكبار الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين وكثيرا ما يعطي البخاري
رحمه الله تعالى رأيه في المسألة ويسطره في صحيحه
وطريقتي في هذه الشروح كطريقتي في شرح ألفاظ الآيات والتي سبق ذكرها أيضا
وبهذه الشروح الموجزة للأحاديث والآيات والآثار أكون قد وضعت يدي بين يدي المسلم الراغب بالتعرف على السنة والإطلاع على الإسلام من منابعه الأصلية نسخة لهذا الكتاب الجليل مشروحة بما يسد الحاجة ويلبي الرغبة بحجم صغير لا يزيد عن حجم المتن كثيرا بحيث يسهل تداوله واقتناؤه
ومعتمدي في هذه الشروح شروح البخاري وفي مقدمتها [ فتح الباري ] لابن حجر العسقلاني وغالبا ما أعتمد على [ عمدة القاري ] للعيني و [ إرشاد الساري ] للقسطلاني و [ فتح المبدي ] شرح مختصر الزبيدي و [ النهاية في غريب الحديث ] لابن الأثير وكتب التفسير ومعاجم اللغة
- 7 - يمتاز البخاري بتعليقاته والتعليق أن يحذف سند الحديث ويذكر المتن فقط أو يحذف بعض سند الحديث وهذه التعليقات ربما أسندها البخاري في مواطن أخرى من صحيحه وربما لم يسندها وقد تكون مسندة عند غيره من أصحاب كتب السنة
فإن كان البخاري
رحمه الله تعالى أسند التعليق الذي ذكره في موطن آخر أشرت إلى موطن إسناده على النحو التالي [ ر ] وأضع رقمه الذي جاء به مسندا . وإن كان فيه ما يحتاج إلى شرح في هذا الموطن شرحته على الطريقة السابقة في شرح الآيات والآثار . وإن لم يسند البخاري رحمه الله تعالى هذا التعليق فإني أتركه دون ذكر من أسنده وأكتفي بشرح ما يحتاج فيه إلى شرح
- 8 - الإشارة إلى الأحاديث التي اتفق عليها البخاري ومسلم رحمها الله تعالى وذلك بذكر موضع الحديث المتفق عليه في صحيح مسلم بذكر الكتاب الذي يوجد فيه وكذلك الباب والرقم المتسلسل له في النسخة المرقمة بعمل محمد فؤاد عبد الباقي
رحمه الله تعالى وجزاه عن المسلمين خيرا ويكون ذلك في الحاشية بعد وضع رقم الحديث في البخاري وقبل شرح ألفاظه . وللأمانة العلمية أقول إن الذي سهل لي هذا العمل الجليل أيضا هو كتاب [ اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ] لمحمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله تعالى
- 9 - وأما العمل الذي له كبير الأهمية بالنسبة لخدمتي لهذا الكتاب فهو الفهارس العلمية التي سيفرد لها - بعون الله وتوفيقه 0 مجلد مستقل وتححتوي هذه الفهارس على خدمة جليلة تجعل الرجوع إلى هذا الكتاب العظيم القدر سهلا بسيطا كما تجعل الاستفادة منه وافرة ووافية وتيسر السبيل لكل باحث في التفسير والسنة والفقه وغير ذلك من العلوم الإنسانية الأساسية وتختصر الطريق لكل من كان له بغية في أصح كتاب في دين الله
تعالى بعد القرآن
وسميت عملي هذا ( منحة الباري في خدمة صحيح البخاري )
والله تعالى أسأل أن يسدد خطاي ويوفقني لخدمة دينه ويرزقني الإخلاص وحسن العمل ويمن علي بالعلماء العاملين وطلاب العلم الصادقين والمؤمنين المتقين فيتكرموا علي بتوجيهاتهم وإرشاداتهم ونصائحهم خاصة وأن الكتاب سيصدر - بعون الله وتوفيقه - على مجلدات متقاربة في زمن صدورها فيمكن أن يتدارك ما في العمل من نقص أو تقصير بفضل التوجيهات الصادقة والنصائح المخلصة وجزى الله تعالى الجميع خير الجزاء ووفقنا جميعا للعمل بكتابه وسنة نبيه
صلى الله عليه وسلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين
- 6 محرم سنة 1397 هجرية
- 27 كانون الأول سنة 1976 ميلادية
مصطفى ديب البغا
أبو الحسن
بسم الله الرحمن الرحيم

1 - بدء الوحي

قال الشيخ الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري رحمه الله تعالى آمين

1 - باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقول الله جل ذكره { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده } / النساء 163 /
[ ش ( أوحينا ) أنزلنا عليك الرسالة من الوحي وهو في الأصل الإعلام الخفي ويطلق على تبليغ الله تعالى من يصطفيه من عباده الرسالة على لسان بعض ملائكته وهو جبريل عليه السلام كما يطلق - أحيانا - على الشيء الموحى به وعلى الإلهام والقذف في القلب يقظة أو مناما ]

1 - حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

[ 54 ، 2392 ، 3685 ، 4783 ، 6311 ، 6553 ]
[ ش أخرجه مسلم في كتاب الإمارة بقوله قوله
Y ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنية رقم 1907
( إنما الأعمال بالنيات ) أي صحة ما يقع من المكلف من قول أو فعل أو كماله وترتيب الثواب عليه لا يكون إلا حسب ما ينويه . و ( النيات ) جمع نية وهي القصد وعزم القلب على أمر من الأمور . ( هجرته ) الهجرة في اللغة الخروج من أرض إلى أرض ومفارقة الوطن والأهل مشتقة من الهجر وهو ضد الوصل . وشرعا هي مفارقة دار الكفر إلى دار الإسلام خوف الفتنة وقصدا لإقامة شعائر الدين . والمراد بها هنا الخروج من مكة وغيرها إلى مدينة رسول الله
صلى الله عليه وسلم . ( يصيبها ) يحصلها . ( ينكحها ) يتزوجها . ( فهجرته إلى ما هاجر إليه ) أي جزاء عمله الغرض الدنيوي الذي قصده إن حصله وإلا فلا شيء له ]
والظاهر أن الحكمة من البدء بهذا الحديث التنبيه على الإخلاص وتصحيح النية من كل طالب علم ومعلم أو متعلم وأن طالب العلم عامة والحديث خاصة بمنزلة المهاجر إلى الله تعالى ورسوله
صلى الله عليه وسلم

2 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

قالت عائشة
Y ( أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول ) رضي الله عنها ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا
[ 3043 ]
[ ش أخرجه مسلم في الفضائل باب طيب عرق النبي
صلى الله عليه وسلم في البرد وحين يأتيه الوحي رقم 2333
( صلصلة ) هي صوت الحديد إذا حرك وتطلق على كل صوت له طنين . والمشبه هنا صوت الملك بالوحي . ( فيفصم ) يقلع وأصل الفصم القطع من غير إبانة . ( وعيت ) فهمت وحفظت . ( ليتفصد ) يسيل من الفصد وهو قطع العرق لإسالة الدم شبه الجبين بالعرق المفصود مبالغة من كثرة عرقه ]

3 - حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ قال ( ما أنا بقارىء ) . قال
Y ( فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال { اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم } ) . فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال ( زملوني زملوني ) . فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة وأخبرها الخبر ( لقد خشيت على نفسي ) . فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرءا تنصر في الجاهلية وكان يمتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة يا بن عم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة يا بن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله
صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقاله له ورقة هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى يا ليتني فيها جذع ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أومخرجي هم ) . قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي
[ 3212 ، 4670 ، 4672 - 4674 ، 6581 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم رقم 160
( الصالحة ) الصادقة وهي التي يجري في اليقظة ما يوافقها . ( فلق الصبح ) ضياؤه ونوره ويقال هذا في الشيء الواضح البين . ( الخلاء ) الانفراد . ( بغار حراء ) الغار هو النقب في الجبل وحراء اسم لجبل معروف في مكة . ( ينزع ) يرجع . ( ما أنا بقارىء ) لا أعرف القراءة ولا أحسنها . ( فغطني ) ضمني وعصرني حتى حبس نفسي ومثله غتني . ( الجهد ) غاية وسعي . ( أرسلني ) أطلقني . ( علق ) جمع علقة وهي المني بعد أن يتحول إلى دم غليظ متجمد والآيات المذكورة أول ما نزل من القرآن الكريم وهي أوائل سورة العلق . ( يرجف فؤاده ) يخفق قلبه ويتحرك بشدة . ( زملوني ) لفوني وغطوني . ( الروع ) الفزع . ( ما يخزيك ) لا يذلك ولا يضيعك . ( لتصل الرحم ) تكرم القرابة وتواسيهم . ( تحمل الكل ) تقو بشأن من لا يستقل بأمره ليتم وغيره وتتوسع بمن فيه ثقل وغلاظة . ( تكسب المعودم ) تتبرع بالمال لمن عدمه وتعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك . ( تقري الضيف ) تهيىء له القرى وهو ما يقدم للضيف من طعام وشراب . ( نوائب الحق ) النوائب جمع نائبة وهي ما ينزل بالإنسان من المهمات وأضيفت إلى الحق لأنها تكون في الحق والباطل . ( تنصر ) ترك عبادة الأوثان واعتنق النصرانية . ( الناموس ) هو صاحب السر والمراد جبريل عليه السلام سمي بذلك لاختصاصه بالوحي . ( فيها ) في حين ظهور نبوتك . ( جذع ) شاب والجذع في الأصل الصغير من البهائم ثم استعير للشاب من الإنسان . ( يومك ) يوم إخراجك أو يوم ظهور نبوتك وانتشار دينك . ( مؤزرا ) قويا من الأزر وهو القوة . ( ينشب ) يلبث . ( فتر الوحي ) تأخر عن النزول مدة من الزمن ]

4 - قال ابن شهاب وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال وهو يحدث عن فترة الةحي فقال في حديثه

تابعه عبد الله بن يوسف وأبو صالح وتابعه هلال بن رداد عن الزهري . وقال يونس ومعمر بوادره
[ 3066 ، 4638 - 4671 ، 5860 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله
Y ( بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت زملوني زملوني فأنزل الله تعالى { يا أيها المدثر . قم فأنذر - إلى قوله - والرجز فاهجر } فحمي الوحي وتتابع ) صلى الله عليه وسلم رقم 161
( المدثر ) المتلفف بثيابه . ( والرجز فاهجر ) الرجز في اللغة ألذنب والإثن والعذاب والمراد به هنا الأوثان وسميت رجزا لأنها سببه والهجر الترك والمعنى بالغ واستمر في تركك للأوثان . والآيات أوائل سورة المدثر . ( فحمي الوحي وتتابع ) كثر نزوله ومجيئه . ( تابعه ) أي تابع يحيى بن بكير الحديث الثالث فكان الأنسب أن تأتي هذه المتابعة قبل حديث جابر
رضي الله عنه . ( بوادره ) أي قال ترجف بوادره بدل يرجف فؤاده جمع بادرة وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق وهي تضطرب عند فزع الإنسان ]

5 - حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا موسى بن أبي عائشة قال حدثنا سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى { لا تحرك به لسانك لتعجل به }
Y قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج ن التنزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه - فقال ابن عباس فأنا أحركهما لكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما وقال سعيد أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما فحرك شفتيه - فأنزل الله تعالى { لا تحرك به لسانك لتعجل به . إن علينا جمعه وقرآنه } . قال جمعه في صدرك وتقرأه { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه } . قال فاستمع له وأنصت { ثم إن علينا بيانه } . ثم إن علينا أن تقرأه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه
[ 4643 - 4645 ، 4757 ، 7086 ]
[ ش أخرجه مسلم في الصلاة باب الاستماع للقراءة رقم 448
( يعالج ) من المعالجة وهي محاولة الشيء بمشقة . ( التنزيل ) تنزيل القرآن عليه . ( وكان مما يحرك شفتيه ) أي كانت الشدة من كثرة تحريكه شفتيه وكان
صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك خشية أن ينسى ما أوحي إليه . ( به ) بالقرآن . ( لتعجل به ) لتأخذه على عجل مسارعة إلى حفظه خشية أن ينفلت منه شيء . ( جمعه له ) حمع الله تعالى للقرآن . ( وتقرأه ) وأن تقرأه بعد انتهاء وحيه . ( قرآنه ) قراءته كما أنزل فلا يغيب عنك منه شيء . ( بيانه ) استمرار حفظك له بظهوره على لسانك وقيل بيان مجملاته وتوضيح مشكلاته وبيان ما فيه من حلال وحرام وغير ذلك . والآيات من سورة القيامة 16 - 19 ]

6 - حدثنا عبدان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهري ( ح ) . وحدثنا بشر بن محمد قال أخبرناعبد الله قال أخبرنا يونس ومعمر عن الزهري نحوه قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال
Y كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة
[ 1803 ، 3048 ، 3361 ، 4711 ]
[ ش أخرجه مسلم في الفضائل باب كان النبي
صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير رقم 2308
( ح ) هذا الحرف يسمى حاء التحويل ويؤتى بها رمزا للتحول من إسناد إلى آخر إذا كان للحديث إسنادان فأكثر حتى لا يركب الإسناد الثاني مع الإسناد الأول فيجعلا إسنادا واحد . وقيل إنها رمز إلى قوله الحديث أي الحديث المذكور ولكن بهذا الإسناد . ( أجود الناس ) أسخى الناس أفعل تفضيل من الجود وهو العطاء . ( فيدارسه ) من المدارسة وأصلها تعهد الشيء حتى لا ينسى والمراد يتناوب معه القراءة على سرعة . ( المرسلة ) المطلقة التي يدوم هبوبها ويعم نفعها ]

7 - حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشأم في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها ابا سفيان وكفار قريش فأتوه وهم بإيلياء فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا بترجمانه فقال
Y أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ فقال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم نسبت فقال أدنوه مني وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره ثم قال لترجمانه قل لهم إني سائل عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه . ثم كان أول ما سألني عنه أن قال كيف نسبه فيكم ؟ قلت هو فينا ذو نسب . قال فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟ قلت لا . قال فهل كان من آبائه من ملك ؟ قلت لا . قال فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ فقلت بل ضعفاؤهم . قال أيزيدون أم ينقصون ؟ قلت بل يزيدون . قال فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ قلت لا . قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت لا . قال فهل يغدر ؟ قلت لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها . قال ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة . قال فهل قاتلتموه ؟ قلت نعم . قال فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه . قال ماذا يأمركم ؟ قلت يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيء واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة . فقال للترجمان قل له سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها . وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول فذكرت أن لا فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله . وسألتك هل كان من آبائه من ملك فذكرت أن لا قلت فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه . وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله . وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فذكرت أن ضعفاؤهم اتبعوه وهم أتباع الرسل وسألتك أيزيدون أم ينقصون فذكرت أنهم يزيدون وكذلك أمر الإيمان حتى يتم . وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه فذكرت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب . وسألتك هل يغدر فذكرت أن لا وكذلك الرسل لا تغدر . وسألتك بما يأمركم فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم فلو أني أعلم حتى أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه . ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } ) قال أبو سفيان فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وأخرجنا فقلت لأصحابي حين أخرجنا لقد أمر ابن أبي كبشة إنه يخافه ملك نبي الأصفر . فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام
وكان ابن الناطور صاحب إيلياء وهرقل أسقفا على نصارى الشأم يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوما خبيث النفس فقال بعض بطارقته قد استنكرنا هيئتك قال ابن الناطور وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم فقال لهم حين سألوه إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر فمن يختن من هذه الأمة ؟ قالوا ليس يختتن إلا اليهود فلا يهمنك شأنهم واكتب إلى مداين ملكك فيقتلوا من فيهم من اليهود فبينما هم على أمرهم أتى هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخر عن خبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلما استخبره هرقل قال أذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا ؟ فنظروا إليه فحدثوه أنه مختتن وسأله عن العرب فقال هم يختتنون فقال هرقل هذا ملك هذه الأمة قد ظهر . ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية وكان نظيره في العلم وسار هرقل إلى حمص فلم يروم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق راي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم اطلع فقال يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي ؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من الإيمان قال ردوهم علي وقال إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت فسجدوا له ورضوا عنه فكان ذلك آخر شأن هرقل
رواه أبو صالح بن كيسان ويونس بن معمر عن الزهري
[ 51 ، 2535 ، 2650 ، 2738 ، 2778 ، 2782 ، 2816 ، 3003 ، 4278 ، 5635 ، 5905 ، 6771 ]
[ ش أخرجه مسلم في المغازي ( الجهاد والسير ) باب كتاب النبي
صلى الله عليه وسلم إلى هرقل رقم 1773
( ركب ) جمع راكب وهم العشرة فما فوق . ( بالشأم ) ويقال الشام والشآم والمعروف الآن أن بلاد الشام هي سوريا والأردن وفلسطين ولبنان . ( ماد فيها ) صالحهم على ترك القتال فيها . ( بإيلياء ) بيت المقدس . ( بترجمانه ) هو الذي ينقل الكلام من لغة إلى أخرى . ( يأثروا ) يرووا عني وينقلوا . ( أشراف الناس ) الشرف علو الحسب والمجد والمراد هنا أهل النخوة والتكبر منهم لا على كل شريف . ( ضعفاؤهم ) أي أكثرهم من الضعفاء وهم الفقراء والعبيد والموالي والصغار . ( سخطة ) كراهية له وعدم رضا به . ( مدة ) عهد . ( قال ) أي أبو سفيان . ( سجال ) نوب مرة لنا ومرة علينا وأصل سجال جمع سجل وهو الدلو الكبير . ( ما يقول آباؤكم ) أي من عبادة الأوثان ومفاسد الجاهلية . ( العفاف ) الكف عن المحرمات وخوارم مما لا يليق . ( ليذر ) ليترك . ( وهم أتباع الرسل ) في الغالب لا المستكبرون بغيا وحسدا . ( بشاشته ) نوره وحلاوته والفرح به والإنشراح . ( الأوثان ) جمع وثن وهو الصنم . ( أنه خارج ) أي سبيعث نبي بهذه الصفات . ( أخلص ) أصل . ( تجشمت ) تكلفت على خطر ومشقة . ( لغسلت عن قدمه ) مبالغة في خدمته واتباعه والخضوع لما جاء به . ( عظيم بصرى ) أميرها وبصرى بلدة من أعمل حوران في جنوب بلاد الشام . ( بدعاية ) بدعوة وهي كلمة الشهادة التي يدعى إلى النطق بها أهل الملل الكافرة وهي عنوان التوحيد وأصل الإسلام دين الحق والاستقامة والعزة والكرامة ( مرتين ) مضاعفا بعدد من يقتدي به من قومه . ( توليت ) أعرضت عن الإسلام ورفضت الدول فيه . ( إثم الأريسيين ) إثم استمرارهم على الباطل والكفر اتباعا لك والمراد بالأريسيين الأتباع من أهل مملكته وهي في الأصل جمع أريسي وهو الحراث والفلاح . ( كلمة سواء بيننا وبينكم ) مستوية لا تختلف فيها الكتب المنزلة ولا الأنبياء المرسلون والآية من سورة آل عمران 64 . ( الصخب ) اللغط واختلاط الأصوات . ( أمر أمر ابن أبي كبشة ) عظن شأنه وأبو كبشة هو أحد أجداد النبي
صلى الله عليه وسلم وكانت عادة العرب إذا انتقصت إنسانا نسبته إلى جد غامض من أجداده وقيل هو أبوه من الرضاع . ( بني الأفر ) هم الروم وكان العرب يطلقون عليهم ذلك نسبة إلى أحد عظمائهم وقيل غير ذلك . ( ابن الناطور ) وفي رواية ( الناطور ) وهو اسم معرب معناه حارس البستان . ( صاحب إيلياء وهرقل ) أمير بيت المقدس من قبل هرقل . ( أسقفا ) لفظ معرب ومعناه عالم النصارى أو رئيسهم الديني . ( خبيث النفس ) مهموما . ( بطارقته ) جمع بطريق وهم خواص دولته وأهل مشورته . ( استنكرنا هيئتك ) اختلف علينا حالك وسمتك . ( حزاء ) كاهنا يخبر عن المغيبات . ( ينظر في النجوم ) يتكهن من أحوالها . ( ملك الختان ) وفي رواية ( ملك ) أي ظهر سلطان الذين يختتنون والختان قطع قلفة الذكر وكان الروم لا يختتون . ( برومية ) مدينة معروفة للروم وهي مقر خلافة النصارى ورئاسهتم . ( حمص ) بلدة معروفة من بلاد الشام . ( يرم ) يفارق وقيل يصل . ( دسكرة ) قصر حوله أو فيه منازل للخدم وأشباههم . ( فحاصوا ) نفروا وكروا . ( حمر الوحش ) جمع حمار والوحش حيوان البر . ( وأيس من الإيمان ) انقطع أمله منهم . ( آنفا ) قريبا أو هذه الساعة والآنف أول الشيء ]
بسم الله الرحمن الرحيم

2 - كتاب الإيمان

1 - باب الإيمان وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( بني الإسلام على خمس )

وهو قول وفعل ويزيد وينقص قال الله تعالى { ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم } / الفتح 4 / . { وزنادهم هدى } / الكهف 13 / . { ويزيد الله الذين اهتدوا هدى } / مريم 76 / . { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } / محمد 17 / . { ويزداد الذين آمنوا إيمانا } / المدثر 31 / . وقوله { أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا } / التوبة 124 / . وقوله جل ذكره { فاخشوهم فزادهم إيمانا } / آل عمران 173 / . وقوله تعالى { وما زادهم إلا إيمانا وتسليما } / الأحزاب 22 / . والحب في الله والبغض في الله من الإيمان
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي إن ليمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها وإن مت فما أنا على صحبتكم بحريص
وقال إبراهيم عليه السلام { ولكن ليطمئن قلبي } / البقرة 260 /
وقال معاذ اجلس بنا نؤمن ساعة . وقال ابن مسعود اليقين الإيمان كله
وقال ابن عمر لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر
وقال مجاهد { شرع لكم } / الشورى 13 / أوصيناك يا محمد وإيام دينا واحدا
وقال ابن عباس { شرعة ومنهاجا } / المائدة 48 / سبيلا وسنة . { دعاؤكم } إيمانكم لقوله
تعالى { قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم } / الفرقان 77 / . ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان
[ ش ( وهو ) أي الإيمان . ( فرائض ) أعمال مروضة . ( شرائع ) عقائد دينية . ( حدودا ) منهيات ممنوعة . ( سننا ) مندوبات . ( استكملها ) أتى بها جميعها . ( فسأبينها ) أوضحها لكم إيضاحا يفهمه كل واحد . ( ليطمئن قلبي ) يزداد يقيني . ( نؤمن ساعة ) نذكر الله زمنا ونتذاكر الخير وأمور الآخرة وأحكام الدين مما يزيدنا إيمانا ويقينا . والذي قيل له ذلك هو الأسود بن هلال المحاربي . ( اليقين ) العلم وزوال الشك . ( التقوى ) الخشية وحقيقتها أن يحفظ نفسه من تعاطي ما تستحق به العقوبة من ترك الطاعة أو فعل المعصية . ( حاك ) وقع في القلب ولم ينشرح له الصدر وخاف فيه الإثم . ( وإياه ) أي نوحا عليه السلام . ( شرعة ومنهاجا ) الشرعة والشريعة بمعنى واحد وهي ما شرعه الله لعباده من أحكام الدين والمنهاج الطريق . ( إيمانكم ) فسر ابن عباس
رضي الله عنهما الدعاء بالإيمان محتجا بالآية المذكورة . ( يعبأ ) يبالي ويكترث ولم يعبأ به لم يجد له وزنا ولا قدرا ]

8 - حدثنا عبيد الله بن موسى قال اخبرنا حنظلة بن أبي سفيان عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال
Y قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان )
[ ر 4243 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب أركان الإسلام ودعائمه العظام رقم 16
( بني الإسلام على خمس ) أعمال الإسلام خمس هي له عالدعائم بالنسبة للبناء لا وجود له إلا بها ]

2 - باب أمور الإيمان

وقول الله تعالى { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في الباسأء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } / البقرة 177 /
{ قد أفلح المؤمنون } / المؤمنون 1 / الآية
[ ش ( البر ) اسم جامع لكل خير . ( تولوا وجوهكم ) تتجهوا في صلاتكم . ( الكتاب ) الكتب المنزلة من الله تعالى . ( آتى المال على حبه ) أعطى المال وأنفقه مع حبه له وتعلقه به . ( ابن السبيل ) المسافر المنقطع في غير بلده . ( وفي الرقاب ) إعتاق العبيد وفك الأسرى . ( الباسأء ) الفقر والشدة . ( الضراء ) المرض وما شابهه . ( حين البأس ) وقت شدة القتال في سبيل الله تعالى . ومناسبة الآية هنا أنها جمعه وجوه الخير من العقيدة ومكارم الأخلاق والجهاد في سبيل الله تعالى ونصت على أن من جمع هذه الصفات هو التقي الفائز عند الله
تعالى وهذا يعني أن الإيمان الذي فيه الفلاح والنجاة هو ما اشتمل على هذه الخصال . ( أفلح ) دخل في الفلاح وهو الظفر بالمراد من الخير . ( الآية ) أي الآيات بعدها وفيها تفصيل خصال المؤمنين ]

9 - حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو عامر العقدي قال حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها رقم 35
( بضع ) ما بين اثنين إلى عشرة . ( ستون ) عند مسلم ( سبعون ) ولا تعارض بين الروايتين قال النووي فإن العرب قد تذكر للشيء عددا ولا تريد في نفي ما سواه . ( شعبة ) خصلة والشعبة واحدة الشعب وهي أغصان الشجرة وهو تشبيه للإيمان وخصاله بشجرة ذات أغصان لا تتكامل ثمرتها إلا بتوفر كامل أغصانها . ( الحياء ) صفة في النفس تحمل على فعل ما يحمد وترك ما يذم عليه ويعاب ]
Y ( الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان )

3 - باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

10 - حدثنا آدم بن أبي أياس قال حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر وإسماعيل عن الشعبي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

قال أبو عبد الله وقال معاوية حدثنا داود عن عامر قال سمعت عبد الله عن النبي
Y ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) صلى الله عليه وسلم . وقال عبد الأعلى عن داود عن عامر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 6119 ]
[ ش أخرج مسلم بعضه في الإيمان باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل رقم 40
( المسلم ) أي الكامل الإسلام . ( المهاجر ) أي الحقيقي اسم فاعل من الهجرة وهي في الأصل مفارقة الأهل والوطن في سبيل الله تعالى وأريد بها هنا ترك المعاصي ]

4 - باب أي الإسلام أفضل

11 - حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال قالوا

[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل رقم 42
( قالوا ) قيل السائل هو أبو موسى الأشعري
Y ( يا رسول الله أي الإسلام أفضل ؟ قال ( من سلم المسلمون من لسانه ويده ) رضي الله عنه نفسه وقيل هو وغيره . ( أي الإسلام أفضل ) أي الأعمال في الإسلام أعظم أجرا وأعلى مرتبة ]

5 - باب إطعام الطعام من الإسلام

12 - حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا الليث عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير ؟ قال

[ 28 ، 5882 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل رقم 39
( رجلا ) هو أبي ذر
Y ( تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) رضي الله عنه . ( أي الإسلام خير ) أي أعمال الإسلام أكثر نفعا . ( تقرأ السلام ) تسلم ]

6 - باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه

13 - حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن حسين المعلم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لإخيه...رقم 45
( لا يؤمن أحدكم ) الإيمان الكامل . ( ما يحب لنفسه ) من فعال الخير ]
Y ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )

7 - حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان

14 - حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب قال حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

[ ش ( فوالذي نفسي بيده ) أقسم بالله تعالى الذي حياتي بيده . ( أحب إليه ) مقدما لديه وعنوان ذلك الطاعة والاقتداء وترك المخالفة ]
Y ( فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده )

15 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ( ح ) . وحدثنا آدم قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم

[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب وجوب محبة رسول الله
Y ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد رقم 44 ]

8 - باب حلاوة الإيمان

16 - حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار )
[ 12 ، 5694 ، 6542 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان رقم 43
( وجد حلاوة الإيمان ) انشرح صدره للإيمان وتلذذ بالطاعة وتحمل المشاق في الدين والحلاوة في اللغة مصدر حلو يحلو وهي نقيض المرارة . ( لا يحبه إلا لله ) لا يقصد من حبه غرضا دنيويا . ( يقذف ) يرمى ]

9 - باب علامة الإيمان حب الأنصار

17 - حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرني عبد الله بن عبد الله بن جبر قال سمعت أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

[ 3537 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي
Y ( آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار ) رضي الله عنه من الإيمان رقم 74
( آية ) علامة . ( الأنصار ) جمع ناصر ونصير وهم كل من آمن بالنبي
صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج سموا بذلك لنصرتهم له صلى الله عليه وسلم . ( النفاق ) إظهار الإيمان وإضمار الكفر والمنافق هو الذي يظهر خلاف ما يبطن ]

18 - حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله أن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان شهد بدرا وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه

[ 3679 ، 3680 ، 3777 ، 4612 ، 6402 ، 6416 ، 6479 ، 6787 ، 7030 ]
[ ش أخرجه مسلم في الحدود باب الحدود كفارات لأهلها رقم 1709
( شهد بدرا ) حضر غزوة بدر . ( النقباء ) جمع نقيب وهو عريف القوم وناظرهم والمراد الذين اختارهم الأوس والخزرج نقباء عليهم بطلب من النبي
Y ( بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه ) . فبايعناه على ذلك صلى الله عليه وسلم وأقرهم على ذلك ( ليلة العقبة ) الليلة التي بايع فيها صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا من الأوس والخزرج على النصرة وهي بيعة العقبة الثانية وكان ذلك عند جمرة العقبة بمنى والعقبة من الشيء الموضع المرتفع منه . ( عصابة ) الجماعة من الناس وهم ما بين العشرة إلى الأربعين . ( بايعوني ) عاهدوني . ( بهتان ) كذب فظيع يدهش سامعه . ( تفترونه ) تختلقونه . ( بين أيديكم وأرجلكم ) من عند أنفسكم . ( ولا تعصوا في معروف ) لا تخالفوا في أمر لم ينه عنه الشرع . ( وفى ) ثبت على العهد . ( أصاب من ذلم شيئا ) وقع في مخالفة مما ذكر . ( فعوقب ) نفذت عليه عقوبته من حد أو غيره . ( ستره الله ) لم يصل أمره إلى الفضاء ]

10 - باب من الدين الفرار من الفتن

19 - حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ 3124 ، 3405 ، 6130 ، 6677 ، وانظر 584 ]
[ ش ( يوشك ) يقرب . ( غنم ) اسم جنس يقع على الذكور والإناث جميعا وعلى الذكور وحدها والإناث وحدها . ( شغف الجبال ) رؤوس الجبال والمفرد شعفة . ( مواقع القطر ) مواضع نزول المطر . ( يفر بدينه من الفتن ) يهرب خوفا من أن يفتن في دينه ويخوض في الفساد مع الخائضين ]
Y ( يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن )

11 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أنا أعلمكم بالله ) . وأن المعرفة فعل القلب

لقول الله تعالى { ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم } / البقرة 225 /
[ ش ( ولكن . . ) يؤاخذكم الله تعالى بما قصدتموه وعزمت عليه قلوبكم ]

20 - حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا عبدة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت
Y كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم أمرهم من الأعمال بما يطيقون قالوا إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول ( إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا )
[ ش ( أمرهم ) أمر المسلمين بعمل . ( بما يطيقون ) بعمل سهل عليهم ويستطيعون المداومة عليه . ( لسنا كهيئتك ) ليس حالنا كحالك فلا تحتاج لكثرة العمل . ( إن أتقاكم... ) أي فأنا أولى منكم بزيادة العمل لذلك ]

12 - باب من كره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار من الإيمان

21 - حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

[ ر 16 ]
Y ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن عبدا لا يحبه إلا لله ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله كما يكره أن يلقى في النار )

13 - باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال

22 - حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

قال وهيب حدثنا عمرو الحياة وقال خردل من خير
[ 6129 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب إثيات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار رقم 184
( مثقال ) وزن . ( خردل ) نبات صغير الحب يشبه به الشيء البالغ القلة . ( نهر الحيا ) المطر لأنه تحصل به الحياة ونهر الحياة هو الذي يحيي من انغمس فيه . ( فينبتون ) يخرجون . ( الحبة ) بذرة النبات من البقول والرياحين . ( صفراء ملتوية ) منثنية تسر الناظرين والمعنى أنهم يخرجون بوجوه نضرة مسروين متبخترين ]
Y ( يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا أو الحياة - شك مالك - فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل ألم أنها تخرج صفراء ملتوية )

23 - حدثنا محمد بن عبيد الله قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ 3488 ، 6606 ، 6607 ]
[ ش أخرجه مسلم في الفضائل باب من فضائل عمر
Y ( بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره ) . قالوا فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال ( الدين ) رضي الله عنه رقم 2390
( قمص ) جمع قميص وهو الثوب . ( الثدي ) جمع ثدي . ( يجره ) أي لطوله وزيادته . ( أولت ) عبرت وفسرت . ( الدين ) أي تمكنه من النفس وظهور آثاره على الجوارح من التزام أحكامه والوقوف عند حدوده ]

14 - باب الحياء من الإيمان

24 - حدثناعبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أنس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ 5767 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها رقم 36
( يعظ أخاه في الحياء ) ينصحه ويعاتبه على كثرة حيائه . ( دعه ) اتركه على حيائه ]
Y ( دعه فإن الحياء من الإيمان )

15 - باب { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } / التوبة 5 /

[ ش ( فخلوا سبيلهم ) أطلقوا عنهم قيد الأسر والحصر وكفوا عنهم ولا تتعرضوا لهم ]

25 - حدثنا عبد الله بن محمد المسندي قال حدثنا أبو روح الحرمي بن عمارة قال حدثنا شعبة عن وافد بن محمد قال سمعت أ [ ي يحدث عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

[ 2786 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله رقم 22
( أقاتل الناس ) أي بعد عرض الإسلام عليهم . ( يشهدوا ) يعترفوا بكلمة التوحيد أي يسلموا أو يخضعوا لحكم الإسلام إن كانوا أهل كتاب يهودا أو نصارى . ( عصموا ) حفظوا وحقنوا والعصمة الحفظ والمنع . ( إلا بحق الإسلام ) أي إلا إذا فعلوا ما يستوجب عقوبة مالية أو بدنية في الإسلام فإنهم يؤاخذون بذلك قصاصا . ( وحسابهم على الله ) أي فيما يتعلق بسرائرهم وما يضمرون ]
Y ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله )

16 - باب من قال إن الإيمان هو العمل

لقول الله تعالى { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } / الزخرف 72 / . وقال عدة من أهل العلم في قوله تعالى { فوربك لنسألهم أجمعين عما كانوا يعملون } / الحجر 93 / عن قول لا إله إلا الله وقال { لمثل هذا فليعمل العاملون } / الصافات 61 /
[ ش أورثتموها ) استحققتموها ونلتموها . ( لمثل هذا ) أي الفوز العظيم بدخول الجنة والنجاة من النار ]

26 - حدثنا أحمد بن يونس وموسى بن إسماعيل قالا حدثنا إبراهيم بن سعد قال حدثنا ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
Y أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أفضل ؟ فقال ( إيمان بالله ورسوله ) . قيل ثم ماذا ؟ قال ( الجهاد في سبيل الله ) . قيل ثم ماذا ؟ قال ( حج مبرور )
[ 1447 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال رقم 83
( أفضل ) أكثر ثوابا عند الله تعالى . ( مبرور ) مقبول وهو الذي لا يقع فيه ارتكاب ذنب ]

17 - باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل

لقوله تعالى { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } / الحجرات 14 / . فإذا كان على الحقيقة فهو على قوله جل ذكره { إن الدين عند الله الإسلام } / آل عمران 19 /

27 - حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد رضي الله عنه
Y أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطا وسعد جالس فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا هو أعجبهم إلي فقلت يا رسول الله ما لك عن فلان ؟ فوالله إني لأراه مؤمنا فقال ( أو مسلما ) . فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي فقلت مالك عن فلان ؟ فوالله إني لأراه مؤمنا فقال ( أو مسلما ) ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال ( يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار )
ورواه يونس وصالح ومعمر وابن أخي الزهري عن الزهري
[ 1408 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه . وفي الزكاة باب إعطاء من يخاف على إيمانه رقم 150
( رهطا ) ما دون العشرة من الرجال . ( رجلا ) هو جعيل بن سراقة الضمري . ( أعجبهم إلي ) أفضلهم وأصلحهم في اعتقادي . ( ما لك عن فلان ) ما سبب عدولك عنه إلى غيره وفلان كناية عن اسم أبهم بعد أن ذكر أو سمي به المحدث عنه الخاص . ( أو مسلما ) أي بل قل ( مسلما ) بدل ( مؤمنا ) لأنك تعلم ظاهر أمره ولا تعلم حقيقة حاله وليس لك أن تجزم بهذا . ( غلبني ) حملني على القول ثانية . ( يكبه ) يلقيه منكوسا على وجهه ]

18 - باب إفشاء السلام من الإسلام

وقال عمار ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعلم والإنفاق من الإقتار
[ ش ( الإنصاف ) العدل وإعطاء الحق لصاحبه . ( بذل السلام ) إعطاؤه أي إلقاؤه على من يلقاه . ( الإقتار ) الافتقار ]

28 - حدثنا قتيبة قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير ؟ قال ( تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف )
[ ر 12 ]

19 - باب كفران العشير وكفر بعد كفر

فيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم
[ ر 298 ]

29 - حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال
Y قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن ) . قيل أيكفرن بالله ؟ قال ( يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداعن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خير قط )
[ 421 ، 715 ، 1004 ، 3030 ، 4901 ]
[ ش أخرجه مسلم في أول كتاب العيدين رقم 884
( أريت ) من الرؤية وهي الإبصار والمعنى أراني الله تعالى . ( يكفرن العشير ) من الكفر وهو الستر والتغطية أي ينكرن إحسانه . والعشير الزوج مأخوذ من المعاشرة وهي المخالطة والملازمة . ( الدهر ) مدة عمرك . ( شيئا ) لا يوافق مزاجها ولا يعجبها مهما كان قليلا . ( قط ) أي فيما مضى من الأزمنة ]

20 - باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك

لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنك امرؤ فيك جاهلية ) وقول الله تعالى { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } / النساء 48 /
[ ش ( إنك . . ) أي فقد نسب إليه الجاهلية ولم يجرده من الإيمان بل خاطبه على أنه من المسلمين . ( ما دون ذلك ) ما أقل من الشرك من الذنوب ]

30 - حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن المعرور قال لقيت أبا ذر بالربدة وعليه حلة وعلى غلامه حله فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم

[ 2407 ، 5703 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان والنذور باب إطعام المملوك مما يأكل رقم 1661
( الربذة ) موضع قريب من المدينة . ( حلة ) ثوبان إزار ورداء . ( غلامه ) عبده ومملوكه . ( عن ذلك ) عن سبب إلباسه عبده مثل ما يلبس لأنه خلاف المعهود . ( ساببت ) شاتمت . ( رجلا ) هو بلال الحبشي
Y ( يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرو فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم ) رضي الله عنه . ( فعيرته ) نسبته إلى العار . ( بأمه ) بسبب أمه وكانت سوداء فقال له يا بن السوداء . ( فيك جاهلية ) خصلة من خصال الجاهلية وهي التفاخر بالآباء . ( إخوانكم خولكم ) الذين يخولون أموركم - أي يصلحونها - من العبيد والخدم هم إخوانكم في الدين أو الآدمية . ( تحت أرجلكم ) في رعايتكم وتحت سلطانكم . ( يغلبهم ) يعجزون عن القيام به ]

12 - باب { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } / الحجرات 9 /

فسماهم المؤمنين
[ ش ( طائفتان ) جماعتان والطائفة في الأصل القطعة من الشيء ]

31 - حدثنا عبد الرحمن بن المبارك حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال أين تريد ؟ قلت أنصر هذا الرجل قال ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

[ 6381 ، 6672 ]
[ ش أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة باب إذا تواجه المسلمان بسيفهما رقم 2888
( هذا الرجل ) هو علي بن أبي طالب
Y ( إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ) . فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال ( إنه كان حريصا على قتل صاحبه ) رضي الله عنه . ( التقى المسلمان بسيفهما ) أي بقصد العدوان . ( في النار ) أي يستحقان دخول النار . ( فما بال المقتول ) ما شأنه يدخل النار وقد قتل ظلما . ( حريصا ) عازما ]

22 - باب ظلم دون ظلم

32 - حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة ( ح ) قال وحدثني بشر قال حدثنا محمد عن شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال
Y لما نزلت { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } . قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أينا لم يظلم ؟ فأنزل الله { إن الشرك لظلم عظيم }
[ 3181 ، 3245 ، 3246 ، 4353 ، 4498 ، 6520 ، 6538 ]
[ ش أخرجه مسلم في الإيمان باب صدق الإيمان وإخلاصه رقم 124
( يلبسوا ) يخلطوا . والآية من سورة الأنعام 82 . ( فأنزل الله إن الشرك ) أي فبين الله تعالى أن المراد بالظلم الشرك . والآية من سورة لقمان 13 ]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"