بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 مايو 2010

محمد العروسي المطوي

إسمه الكامل: محمد العروسي بن عبد الله بن المبروك بن الطاهر المامي المطوي المهذبي والإسم محمد العروسي مركب، وقد درج ا لناس على تناسي الجزء الأول منه في النداء. فهو العروسي فقط عن الأهل، وهو سي العروسي عند الأصدقاء والمعارف، ومحمد العروسي هو الابن الأصغر لأبويه، وقد أنجبا قبله الساسي والحبيب وبنتين: مريم وفاطمة.

أما جده المبروك فله بالإظافة إلى عبد الله، أبي المترجم، ثلاثة أبناء ذكور هم: أحمد وعبد الله والفيتوري.


وكل هؤلاء الإخوة والأعمام قد اشتغلوا بالفلاحة في الواحة والحقول القريبة منها، ومنهم من نزح إلى تونس للاشتغال بفندق الغلة ( سوق الخضر ).


ويظل الطاهر الجد الأكبر لمحمد العروسي المطوي، هو المؤسس الأصلي للعائلة في المطوية، واليه تنسب الفروع محليا.


وهو أول من نزح إلى القرية من جهة الصخيرة وبالتحديد من هنشير سيدي مهذب، لا يبعد عن المطوية إلا بحوالي 36 كلم.


والطاهر الجد، وان كان في شبابه قد اشتغل هو أيضا بالفلاحة إلا أنه عند الإكتهال انقطع لإمامة جامع القرية والقيام بمهمة مؤدب للأطفال فيها.


وقد كان السيخ الطاهر حافظا للقرآن شغوفا بالعلم. ولعلّ انتسابه إلى ذرية الولي الصالح" سيدي مهذب" قد رشحه إلى تولي هذه الخطط الدينية التي كانت التزكية فيها مرتكزة على الكفاءة وطيب الذكر.


وقد ترك هذا الجد الأكبر من الأبناء بالإظافة إلى المبروك: محمد و مهذب وعلي، وهم الفروع المنتسبون إلى آل طاهر بالمطوية.


ولم تكن نسبة المهذبي خاصة فقط بهذه الدار وإنما تشمل أيضا عائلات أخرى نزحت بدورها من سيدي مهذب إلى الواحة، منها عائلة القصبي وعائلة سعد الله، و وهي عائلات كانت إلى قريب لا تدفع عشر المزارع عند حرثها للأراضي التابعة لهنشير الزاوية والتي ما تزال إلى الآن تابعة للقطاع الاشتراكي الراجع بالنظر للمجموعة العامة في الجهة.


أمه وجده لأمه:


أم محمد العروسي المطوي هي بنت أحمد بالساسي، وهذه الأم تنتسب بدورها إلى ذرية سيدي أحمد الفقير، الملقب بالصيد الأصفر. وهو من الأشراف الوافدين على المطوية من الساقية الحمراء، حسب الرواية المتواترة عن أحفاده من دار الساسي ودار الفقير.


والجبانة القديمة للقرية تحمل اسم هذا الولي الصالح المدفون فيها، وقد شيدت على قبره قبة ما تزال مزار الحفيدات والأحفاد وبقية المتبركين بتربته من أهل القرية.


نسبته ولقبه:


ينسب محمد العروسي المطوي بثلاث نسب مكانية متلاحقة، وان تغلبت نسبة المطوي على أختيها بالترجيح، ولأسباب موضوعية سوف نأتي على ذكرها في ما يلي وهو المامي: نسبة إلى الماية، وهي منطقة مجاورة إلى بلدة المطوية، وتظلها نفس الواحة، وان اختلفت بينها الحدود في الماضي، فالماية توجد في المنطقة الشرقية من الواحة بينما توجد المطوية التي كانت تسمى " البلد" في عرف السكان، في المنطقة الغربية.


وهذه الحدود ليست جغرافية ترابية فقط، بل هي أيضا قبلية حزبية، إذ كانت بين القريتين خصومات وثارات ظلت دائما حية الانتساب[size=21 أحداهما " حزب يوسف" والثانية إلى"شداد " في الماضي، والى " الغرانطة " و " الدساترة " خلال هذا القرن. وبسبب هذا العداء التاريخي ظل أطفال الجهتين يتراشقون بالحجارة في كل عيد إحياء لسنة الأجداد في تغذية الأحقاد.


وقد عاش محمد العروسي المطوي هذه المشاحنات في طفولته، وسجل ذكرياته عنها في كتابه الأخير " رجع الصدى " وله في تأويلها غير ما ذكرناه.


أما النسبة الثانية التي حذفت من بطاقة تعريف المترجم له فهي: " المهذبي ". وهي كما أشرنا آنفا نسبة إلى المهاذبة، وتعني جهة الصخيرة، كما تعني القبيلة المالكة للهنشير هناك، ومنها نزح الجد الأكبر لعائلة آل طاهر. وإنما ظلت نسبة المطوي وهي الثالثة، قائمة في اعتقادنا بسبب نزوحه إلى العاصمة ومواصلته الدراسة والحياة فيها، واشتهاره بذلك اللقب في أعماله الأدبية والعلمية والدبلوماسية، ولهذا احتفظ بهذا اللقب عندما ظبطت الألقاب بعد الاستقلال.


والمعروف عن النازحين من مختلف أنحاء الإيالة في الماضي انهم يحافظون دائما على نسبهم القبلية أو الجهوية تعلقا بانتماءاتهم العرقية واعتزازا بأصولهم ومفاخرة بجهاتهم ومعالمهم الحضارية. وكان أهل المطوية بقسميها: المستوطنون بالعاصمة، وهم كثر، ينتسبون فيها بنسبتين مختلفتين: نسبة " قابسي لمن هم من الأغراب، ولا يعرفون قرى الجنوب، مثلهم مثل أهل الحامة ومارث ومطماطة من أصيلي جهة الاعراض.


ونسبة المطوي لمن هم من أبناء المنطقة الذين يعرفون مختلف القرى والمداشر فيها ويفرقون بين الأصول والقبائل.


والفارق بين النسبتين ليس جغرافيا فقط أو للتقريب، وإنما أيضا للتمايز الوصفي والاعتزاز بالأرومة واستثارة الحمية.


وقد رجعت نسبة المطوي عند أديبنا لهذه الأسباب مجتمعة، وعوضت بالنسبة له اللقب العائلي الأصلي الذي هو الطاهر أو " بن طاهر ". عرف المطوي بنسبته هذه منذ إن كان طالبا، أو على الأقل منذ إن بدأ في نشر مقالاته، وهو طالب. ثم ثبت له بعد ذلك في تحريراته الأدبية والعلمية وفي الإشهار له أو التحدث عنه.


ولادته ونشأته:


ولد محمد العروسي المطوي في "الماية القديمة " يوم 19 جانفي 1920 وبها نشأ قبل ان ينتقل به أهله إلى " الماية الجديدة " أو " الظهرة " كما كان يسميها أهلها آنذاك.


وقد لجأ سكان الماية القديمة " إلى الظهرة " هروبا من الرطوبة التي أصبحت لا تطاق داخل الواحة، خاصة بعد حفر الأهالي لبئر" الملاحة" الإرتوازية ثم لتوالي الفيضانات على الجهة في نهاية العقد الثاني من هذا القرن.


وآل طاهر هم من ابتنى دارا في الظهرة، "الماية الجديدة" الواقعة في الشمال الشرقي من القرية، ثم تبعهم الناس شيئا فشيئا في هذه النقلة الصحية.و ما عتم أن أتى البلى على الماية القديمة و لم يبق منها ا لا أثار مطموسة و بعض معالم الطريق, ثم احتوتها الواحة و فلحها أهلها, و ضموا بعض بيوتهم إلى أجنتهم و بساتينهم.


تعليمه الابتدائي:


" بدأ محمد العروسي المطوي المرحلة الأولى من تعليمه الابتدائي بالماية القديمة في كتاب الشيخ عمر بن يعقوب مؤدب الأجيال في القرية. ثم انتسب سنة 1928 بعامل الصدفة إلى التعليم النظامي بالمدرسة العربية الفرنسية بالمطوية، التي كانت تسمى خطأ " الكوليج ".


فقد اعترضه يوما أحد أترابه في الطريق متقلدا محفظة متجها إلى المدرسة، ولما عرض عليه مصاحبته إلى " الكوليج" لم يتردد الفتى في قبول العرض، ولم يتهيب بالدخول معه إلى القسم وهناك أعطاه المعلم لوحة وقطعة من الطباشير وسجل اسمه في الدفتر، وبذلك أمكنه حضور درسه النظامي الأول وعمره 8 سنوات.


و لم يعترض أهل محمد العروسي المطوي على هذا الانتساب المفاجىء إلى المدرسة الرسمية و بذلك استطاع العودة من الغد إلى القسم وواضب على حضور الدروس واستمر يدأب على التحصيل حتى سنة 1935 وهي السنة التي تقدم فيها لنيل الشهادة الابتدائية بقابس لكنه لم ينجح في إحرازها خلال الدورة الأولى بسبب مغص معوي منعه من إتمام الإختبارعلى الصورة المثلى.


وسافر محمد العروسي المطوي إلى تونس في أواخر العطلة الصيفية من نفس السنة، بعد مشاركته في موسم الحصاد بهنشير سيدي مهذب مع أخيه وبعض أقربائه، لمواصلة الدراسة. وسكن عند حلوله بالعاصمة في وكالة " نهج سيدي غرس الله " عدد 10، وهي "وكالة" كان ينزل بها أبوه عبد الله وعدد من أبناء القرية العاملين في فندق الغلة.


وبعد أيام من وصوله إلى الحاضرة شارك في الدورة الثانية للشهادة الابتدائية بمدرسة " فابريكات الثلج " الابتدائية، ومنها تحصل على الشهادة في دورة سبتمبر 1935.


تعليمه الثانوي:


لم يتردد محمد العروسي المطوي طويلا في الاختيار عندما سأله أخوه " محمد الساسي " الذي كان يأويه، ما إذا كان يريد مواصلة[size=21 التعلم بجامع الزيتونة أم بالصادقية فقد أجاب الفتى بكل حزم بجامع الزيتونة، قال ذلك وهو يفكر في شيخ من متطوعي الجامع الأعظم، كان يتردد على القرية في العطل الصيفية لزيارة أهله وأصهاره. وكان يلقى من الناس كل أنواع التبجيل والإكرام. كما أن مدرسة الصادقية لم تكن واضحة في ذهنه. وقد ظلت صورة هذا الشيخ تأسره بنصاعتها، وهو في مجلسه داخل أجنة الواحة أو في الساحة أمام المقهى، وقد تحلق حوله الوجهاء والأعيان ليجيب عن أسئلتهم أو ليحادثهم عن الزعماء ومجريات السياسة. وهذا الشيخ هو الذي اشرف عن انخراطه في سلك التعليم بالزيتونة.


وسجل محمد العروسي المطوي إسمه لمتابعة السنة الأولى من التعليم الزيتوني بجامع القصبة وذلك خلال العام الدراسي 1935/1936 . وواصل السنة الثانية في نفس الجامع. ولكن الدروس تعطلت في بداية سنة 1937 بسبب الاضطرابات، وطالت مدة التعطيل فاضطرت مشيخة الجامع إلى إلغاء الامتحانات بالنسبة إلى تلك السنة. وهكذا لم يكمل العروسي المطوي المرحلة الأولى من تعليمه الزيتوني إلا في سنة 1940. وهي السنة التي أحرز فيها على شهادة الأهلية بملاحظة حسن مع الجائزة.


وقد تنقل خلال هذه المرحلة من تعليمه بالسكنى من مدرسة " صاحب الطابع " إلى " المدرسة المتيشية " التي ظل فيها خلال سنوات الحرب أيضا.


وتابع محمد العروسي المطوي المرحلة الثانية من تعليمه الزيتوني دون عراقيل تذكر، رغم الحوادث التي كانت تونس مسرحا لها خلال الحرب العالمية الثانية. فقد نجح في امتحانات النقلة من سنة إلى سنة على التوالي إلى أن أحرز على شهادة التحصيل في العلوم سنة 1943 .


تعليمه العالي:


تابع محمد العروسي المطوي تعليمه الزيتوني العالي بحضور دروس العالمية شعبة الآداب, وذلك مدّة ثلاث سنوات متتالية, توجها بإحرازشهادة "العالمية " سنة 1946, وقد تولّى خلال هذه المدّة مشيخة المدرسة المرجانية الّتي إنتقل بالسّكنىاليها بعد انقضاء الحرب.


وقد كان المترجم له في الأثناء قد انتسب إلى المدرسة التونسية العليا للحقوق, وقضى بها عامين حصل إثرهما على شهادة الحقوق سنة1945 أيضا.


كما انتسب بعد ذلك إلى معهد البحوث الإسلامية التابع للمدرسة الخلدونية, ومنه أحرز الإجازة العليا للبحوث الإسلامية سنة1947.


وهكذا تابع محمد العروسي المطوي في هذه المرحلة من تعليمه العالي كلّ الدراسات التي كانت متاحة لأمثاله من الزيتونيين الطموحين الراغبين في الحصول على المعرفة, مهما كان نوعها, ومهما كان مأتاها.


هذا بالإضافة إلى بقية الأنشطة الرياضية والفكرية التي كان يقسّمها بينها أوقاته خلال تلك الفقرة من حياته, والتي سنذكرها له عند استعراضنا للجوانب المتنوعة والمتعددة لشخصيته الثرية.


أهم شيوخه في الزيتونة:



يذكرمحمد العروسى المطوي من بين المشائخ الذين أخذ عنهم العلم و الأدب في مختلف مراحل تعليمه الزيتوني الأساتذة:محمد العربي الكابادي، مصطفى سلام، احمد بن عامر، محمد بو شربية، محمد بنية, معاوية التميمي, المختار بن محمود, الهادي العلاني, محمد الزغواني, الحطاب بوشناق, احمد المختار الوزير, عبد السلام التونسي, محمد بوعزيز, إبراهيم النيفر, محمد غويلية, عبد الوهاب الكراطي, عمر العداسي, الناصر الصدام, التارزي بن كبريتة و غيرهم كثير. و قد عدد لنا هذه الأسماء بدون ترتيب أو تفضيل, ولما سألناه عن اقرب هؤلاء المشايخ إلى نفسه و أشدهم تأثيرا فيه, أجابنا: "محمد العربي الكبادي, معاوية التميمي, محمد بنية, احمد المختارالوزير, عبد السلام التونسي ومحمدالمختاربن محمود".ولما استغربنا عدم وجود اسم "الطاهر بن عاشور"أو "الفاضـل" ابنه من بين شيوخه قال: "كان الطاهر الأب مشغولا عن التدريس بمشيخة الجامع و شؤونها الإدارية أما الابن فلم يسعفني الحظ في التتلمذ عليه و أن كنت حضرت له بعض المحاضرات الحرّة على هذه الجمعية أو تلك".


محمدالعروسي المطوي المدرس (1948 -1956 ) :




نجح محمد العروسي المطوي في مناظرة انتداب مشائخ التدريس من طبقة ثالثة بجامع الزيتونة سنة 1948 وانخرط منذ ذلك التاريخ في هذا المسلك و ظل يباشر المهنة حتى سنة 1956 مع ملاحظة انه رقيّ إلى الطبقة الثانية سنة1953 . وقد تقلب الشيخ محمد العروسي المطوي بين مختلف مراحل التعليم بالجامع الأعظم ثم الزيتونة بعد ذلك أي المرحلة الثانوية إلي الدراسات العليا.



درس العديد من المواد المقررة للتلاميذ والطلبة ففي المر حلة الأولى ألقى دروسا في الأدب والتاريخ وفي المرحلة الثانية بين الفهـــــــــرس][/url][/si
ze] الأهلية والتحصيل ألقى دروسا في تاريخ الحروب الصليبية و في الأدب و قد درس في هذه المرحلة أيضا لتلاميذ الشعبة العصرية في معهد ابن عبد الله آنذاك.أما في ا لمرحلة الثالثة بعد التحصيل فقد درس أصول الخطابة و تاريخ الحضارة لطلبة الجامعة الزيتونية وذلك بعد عودته من المشرق العربي سنة 1963

عندما تول لفترة قصيرة خطة أمين عام الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين.


وقد عرف محمد العروسى المطوي بين تلاميذه بالجد والحزم أيضا.وكان من المشائخ العصريين الذين بدأوا يأخدون في تدريسهم بالمناهج العلمية الحديثة عند طرحهم للمواضيع وتقديم المراجع ونقدها والنظر إلى المادة التعليمية نظرة فيها تفتح وأصالة في نفس الوقت.وكان يشدّ الطلبة والتلاميذ إلى دروسه شدّا بسبب صفاء لغته وجمال أسلوبه واستقامة منهجه وشغفه بالمواضيع التي كان يدرسها.ويعد محمد العروسى المطوي في تلك الحقبة من تاريخ الزيتونة من أقدر زملائه على المحاضرة وارتجال الخطاب وحضور البديهة ومقارعة الحجة وسوق الأدلة والشواهد. وقد خلّف في نفوس تلاميذه هو وثلة من زملائه الإجلاّء, نوعا من الحنين إلى الفصاحة الفطرية التي كانت لجيله من شيوخ الزيتونة والتى غاض معينها, وانقطع بها العهد منذ أن أقوت عر صات الجامع الأعظم منهم ومن تلاميذهم ومريدهم.



- تلاميذ محمد العروسي المطوي:



لا يمكننا في الترجمة ضبط قوائم بتلاميذ الشيخ محمد العروسى المطوي و طلبته في الجامعة الزيتونية كما انه لايمكننا أن نعدد أولئك الذين تتلمذوا عليه في النوادي الأدبية و الثقافية وتأثروا به في هذا الميدان أو ذاك فالتعداد يطول ولا يمكن الإستقصاء. ولذا سوف نقتصر على ذكر بعض التلاميذ النجباء و الذين تمكنوا من شقّ طريقهم إلى الشهرة من أساتذة جامعيين ومؤلّفين[size=21size=12] ومبدعين.[/size]


وقد اعتمدنا في تعداد هذه الأسماء علي ذاكرة الشيخ نفسه الذي مدنا في شيء من الاعتزاز بعدد من الأسماء سواء من تلاميذه الوافدين من الجزائر للدراسة بالزيتونة أو من التونسيين من الصنف الأول- الأساتذة: أبو القاسم سعد الله, عبد الله ركيبي, أبوالعيد دودو, محمد الميلي, الإبراهيمي وغيرهم كثيرين. ومن الصنف الثاني أمثال: علي الشابي و قاسم بوسنينة و مصطفى بوعزيز و عبد الجليل التميمي والحبيب الجنحاني و رشاد الإمام و عبد الكريم المراق و عبد الكريم عزيز و احمد العربى و محمد بن إبراهيم و محمد بن قارة و البشير الزريبي وأبو زيان السعدي و محمد المكي وهشام بو قرة وأحمد القطاري و عبد المجيد برق الليل و الشاذلي زوكار و يحي محمد و أحمد بكير و أحمد قاسم وعبد الحفيظ منصور وعبد الواحد براهم و الجيلااني بلحاج يحي و محسن بن ضياف والطيب الفقيه أحمد و الهادي حمودة الغزي والأزهر القروي الشابي عمر بن سآلم و مختار بن جنات و وغيرهم في مختلف المجالات الاختصاصات في الوظائف الإدارية وفي الإبداع الأدبي والعلمي الأعمال الحرة مما يشعر الشيخ بالحرج الكبير في التسمية والتعداد لأنه مهما تذكر فإنه سينسى ومهما عدها فانه سيقصر مقدما اعتزازه راجيا تذكيره و حتى عتابه لأنه في العتاب أحكاما و إتماما لصلات يعتز بها و يعتبرها أثمن ثمراته وأعماله في حياته.والحقيقة أن ذاكرة الشيخ عاجزة في الواقع عن التفريق بين تلاميذه الحقيقيين و تلاميذه الروحانيين وهم عنده في نفس المقام ويحظون لديه بنفس العطف والتقدير.




محمد العروسي المطوي الديبلوماسي (1956--1963-)


بدأ محمد العـروسي المطوي رحلته الديبلوماسية خلال شهر جويلية سنة 1956 أي بعيد الاستقلال بأشهر قليلة وقد مهد لهذه الرحلة بنشاط سياسي و صحافي مكثف بدأه منذ تخرجه من الجامع وواصله بدون انقطاع أثناء حرب التحرير..


و كان نشاطه الحزبي هو السبب في اختياره لهذا المنصب بالإضافة إلى أنه كان مؤهلا بحكم اتصافه ببعض الخصال الثابتة لتولي الخطط الديبلوماسية الصعبة. فطبعه ميال بالفطرة إلى الكياسة والملاينة, والى ما كان يتحلى به من كفاءة وصدق, فقد كان من المثقفين الواعين بالقضايا القومية, وكان فصيح اللسان لين الجانب سريع المبادرة.مطلعا عما يجري آنذاك في الشرق العربي على مختلف المستويات السياسية والثقافية والاجتماعية خاصة مصر التي سمي بها ملحقا صحافيا و ثقافيا في السفارة التونسية بالقاهرة من جويلية 1956حتي ديسمبر 1957 وما عتم محمد العروسي المطوي أن ارتقى في الرتبة إذ عين بداية من جانفي1958 مستشارا قائما بأعمال السفارة ببغداد وظل في هذه الخطة حتى أكتوبر سنة 1959 ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية في نفس الشهر ليتولى مهمة قائم بالأعمال التونسية بجدة وارتقى إلى خطة سفير في نفس المدينة خلال سنة 1963 وظل في هذا المنصب بين جدة وبغداد حتى سنة 1963.


ويقول محمد العروسي المطوي:أن أخصب الفترات التاريخية التي عاشها في حياته الدبلوماسية هي الفترة التي قضاها في العراق وفيها شاهد عن كثب ثورة "عبد الكريم قاسم" وإطاحته بالملكية في هذا القطرالشقيق, كما شاهد التحولات العميقة التي مر بها الشعب العراقي آنذاك, وما كان لها من تأثير على الأقطار العربية المجاورة بالخصوص.


محمد ا لعروسي ا لمطوي الإداري ( 1963-1964)


سمي محمد ا لعروسي المطوي اثر عودته من بغداد أمينا عاما بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين. وهي مهمّة إدارية اكثر منها تعليمية، و إن كان فيها إنهاء للإلحاق الوظيفي بوزارة الخارجية و عودة إلى وزارة التربية ثم إن المترجم له لم يباشر هذه الخطة إلا لفترة وجيزة.


وربما كان بدون اقتناع بجدواها, بحيث لا تعدو أن تكون هذه الخطة الإدارية مرحلة انتقالية من مراحل الانتظار التي يبحث خلالها القائم بها عمّا يستهويه, ويدّه من حركية النضال و العمل الجدّي الأشمل.


وعن هذه النقطة يقول الشيخ: إنه فوجىء ذات صباح من نوفمبر 1964 بوجود اسمه في قائمة المرشحين لمجلس الأمة. وهي المفاجأة التي استمرت معه إلى نوفمبر 1986 إلاّ لفترة قصيرة (نوفمبر 1979 نوفمبر 1981).


محمد العروسي المطوي النائب البرلباني(1965-1986).


لا تقل ضغطا كما نعلم عن بقية المهام الحياتية الأخرى.فالشعور بالمسؤولية يتعدى عند المطوي المستوى الوظيفي الرسمي ليشمل مستوى تحقيق الذات عن طريقظ إسعاد الآخر.أي عن طريق بذل المجهود الفردي في سبيل خدمة المجموع.


فكل مسؤولية يتحملها صاحبنا هي بالنسبة إليه فرض عين و لو كان إنجازها أو استمرارها لا وقفان عليه هو شخصيا بالضرورة .


وهذا الشعور الحاد بالواجب بالإضافة إلي الانضباط العسكري الذي عرف به المطوي في توظيف أوقاته و تصريف شؤونه هو الذي جعله ينجح في المزاوجة بين المهام المختلفة التي يتحملها ... وهو الذي جعل المشاريع التي أنشأها أو التي تولى تسييرها تستمر وتتواصل رغم العراقيل المادية والأدبية و كثرة المشاغل وتعدد المسؤوليات.


و لمحمد العروسي المطوي قوة على الاحتمال و طاقة على المواظبة والمداومة على الأعمال لا يعترف بهما له إلا من عاشره عن كثب وسبر أغوار نفسه الدؤوب التي تتحدى جميع أنواع الإحباط و تسخر بكل ضروب التواكل والتعطيل.


*الجمعيات والنوادي التي أنشأها أو شارك في تسييرها


يرقى اهتمام محمد العروسي المطوي بالجمعيات و النوادي إلى فترة الدراسة في الأربعينيات يوم كانت هذه الجمعيات و النوادي هي المتنفس الوحيد للنخبة والمدرسة الحقيقية لتكوين الناشئة وطنيا و فكريا.


وهذه قائمة بعدد من الجمعيات و النوادي التي أسسها محمد العروسي المطوي وشارك في تسييرها و إدارتها و الحدب عليها من قريب أو من بعيد. وسننطلق في تعدادها من الخاص إلى العام أي من الجمعيات و النوادي الخاصة بالمطويين في تونس أو في القرية إلى الجمعيات و النوادي الثقافية العامة التي تجمع النخبة من المثقفين و الأدباء على المستوى الوطني والقومي أيضا.[size=الرابطة الرياضية الزيتونية:


جمعية رياضية أسسها محمد العروسي المطوي وجماعة من طلبة الزيتونة من المطويين سنة وقد تولى هو نفسه أمانتها العامة. و نذكر من بين أعضاء مكتبها المشائخ: العربي بن عزوز، 1941 وعبد الرحمان بن خليفة، وعبد الله الحاج، و محمد الحبيب بن سالم، و هي جمعية تعنى بالأنشطة الرياضية لأبناء المطويين في الأحياء التابعة لهم في ترنجة و ما حولها من أحياء العاصمة، و لهذه الرابطة فريق لكرة القدم، ثم اتسع نطاقها فأصبحت لتلامذة جامع الزيتونة بصفة عامة، و لها نشيد ألفه لها المطوي، و نشره في مجلة تونس المصورة لصاحبها سعيد أبي بكر آنذاك تحت عنوان الرابطة الرياضية الزيتونية.


*الشباب الثقافي المطوي:


جمعية أسسها محمد العروسي المطوي و زملاؤه من مشائخ الزيتونة المطويين في الأربعينيات أيضا. و نشاطها ثقافي عام، محاضرات مسامرات،أمسيات شعرية، و خطب في المناسبات الدينية والوطنية ، و تضم الشباب و المتعلم من المطويين القاطنين بتونس العاصمة خلال السنة الدراسية بالخصوص.


*الشباب الرياضي المطوي:


يشمل هذا النادي الذي تأسس أيضا في بداية الأربعينيات كذلك ثلة من الرياضيين المطويين في مختلف العاب القوى و في سباق الدراجات و الملاكمة بالخصوص، وهو متمم للنادي السابق، وله علاقة بالرابطة الزيتونية التي اهتمت بكرة القدم خاصة، والشباب الرياضي المطوي أوسع نشاطا والمنتسبون إليه ينتمون إلى المطويين وغير المطويين من المجاورين في حي ترنجة و حومة الأندلس و المرجانية و حمّام الرمـيـمي. ومع جـوه معروفة ناضلت في الحقل الوطني و النقابي أمثال الكيلاني الشريف، والتيجاني بن[size=21 رمضان و غيرهما.


*جمعية إنقاذ الشباب:


أسس محمد العروسي المطوي هذه الجمعية في المطوية في نهايات الأربعينات و مقرها "الماية"المطوية، و لها ناد هو مقرّ الإدارة ومكان التدرب على الأنشطة الرياضية والكشافة وفيه أيضا تجري التمارين المسرحية و الإعداد للحفلات و تنشط هذه الجمعية أيام العطلة الصيفية بالخصوص عندما يعود التلاميذ و الطلبة من العاصمة أو من قابس للإقامة في القرية.


و من المسيرين لها على عين المكان نذكر : محمد بن نفطي بن عزوز , و احمد بن يعقوب , وعبد الله بن البهلواني بن سالم ، وعلي بن خليفة، و عبد الله الهمامي، و محمد بن الفقير و غيرهم من المثقفين النيرين بالقرية.و لم تكن هذه الجمعية خلية بالمعنى الحزبي المتعارف، وإن كان تشارك في كل التظاهرات الوطنية و الدينية التي تطرأ على القرية في المناسبات.


*النادي المطوي للتعارف و التعاون:


أشرف محمد العروسي المطوي على تأسيس هذا النادي للمطويين في بدية الثمانينات و ترأس الهيئة التأسيسيّة التي شارك فيها التهامي شمام, ومحمد الغنوشي, وعمر بن سالم, ويحيى محمد و غيرهم من وجهاء البلدة القاطنين بتونس العاصمة وأحوازها.


ولهذا النادي قانون أساسي و أهداف عامة. وأنشطته تشمل الميادين الاجتماعية و الثقافية والاقتصادية أيضا. و له لجان متخصصة للدراسة والتصرف. وما يزال قائم الذات عكس بقية الجمعيات والنوادي التي ذكرتها سابقا, والتي انحلت أو توقفت عن النشاط لهذا السبب أو ذاك. ولو أن النادي اعتراه شيء من الفتور بعدما تخلى عن رئاسته .


النوادي الثقافية العامة :


نادي القلم:


أنشأ محمد العروسي المطوي هذا النادي الأدبي سنة 1950, وتولى رئاسته, بينما تولى الجيلاني بالحاج يحيى أمانته العامة, وكان من بين أعضائه و المشاركين في تأسيسه أيضا: محمد المرزوقي, والهادي حمو, والبشير العريبي والطاهر عراب وجلهم من الأساتذة الأدباء النشيطين في تلك الفترة.


وقد واكب هذا النادي تطور الأحداث التاريخية التي عرفتها تونس في بداية الخمسينيات وشارك بأقلام أعضاءه في تأجيج وتغذية الثورة[size=21توجت بتحرير البلاد.


النادي الثقافي أبو القاسم الشابي:


تأسس هذا النادي سنة1962 وقد كان محمد العروسي المطوي نائبا لرئيسه ثم اصبح رئيسا له بداية من سنة 1981. ومقر هذا النادي بحي الوردية بتونس العاصمة وله أنشطة ثقافية وادبية مختلفة وهو الذي يضّم نادي القصة.


و مجلة قصص في أحد أجنحته.و فيه مكتبة عمومية و قاعات للأنشطة الثقافية المختلفة.


و قد ترأس قبل محمد العروسي المطوي: محمد بن عمارة، و الطاهر قيقة.


و النادي الثقافي أبوا لقاسم الشابي من تأسيس البشير زرق العيون في منطقة الوردية.


*نادي ا لقصة:


تأسس هذا ا لنادي يوم 14 أكتوبر1964 بالنادي الثقافي أبو القاسم الشابي السالف الذكر، وترأسه منذ تأسيسه محمد العروسي المطوي، و هو ناد أدبي مختص بالقصاصين و الروائيين، و يجتمع عشية كل سبت بمقره بالوردية.


و بدا هذا النادي النشيط في إصدار مجلة "قصص" بداية من سبتمبر1966، وهي مجلة فصلية بمعدل أربعة أعداد في السنة، وهي ما تزال متواصلة ا لصدور، أطال الله في أنفاسها وأنفاس المشرف عليها. وقد تخرج من هذا النادي اغلب كتاب القصة القصيرة في تونس, وبعض كتاب الرواية. ولهذا النادي أياد تذكر في التشجيع على الإنتاج و النشر.




وقد أصدر لأعضائه سلسلة من المجموعات القصصية, وما تزال المجلة تحتضن القصاصين الشبان, وتنشر لهم مجموعاتهم بانتظام ضمن سلسلة يديرها محمد العروسي المطوي نفسه.




*اتحاد كتاب التونسيين:


تأسس هذا الاتحاد سنة 1971, وكان محمد العروسي المطوي عضوا في الهيئة التي أحرزت التأشيرة مع الأساتذة الشاذلي القليبي, ومحمد الزمرلي, و الحبيب بالخوجة, و الطاهر قيقة..


و قد تولى محمد العروسي في الهيئات المنتجة اللاحقة مهمة نائب رئيس, وضل يتحمل هذه المسؤولية حتى سنة 1981, حيث تولى بنفسه رئاسة الاتحاد حتى سنة 1991, وقد استطاع خلال فترة ترأسه لهذه المؤسسة من الحصول لها على مقر لائق ومن إصدار مجلة "المسار" الناطقة باسم الاتحاد و الناشرة لإنتاج أعضائه في مختلف فنون الإبداع.


ولاتحاد الكتاب نشاط يشمل بالإضافة إلى الاجتماعات الدورية للهيئات المديرة و للأعضاء مجموعة من التظاهرات الأدبية و الفكرية يتمثل أبرزها في أنشطة نواديه المختصة: منتدى القصاصين، منتدى الشعراء، و منتدى كتب و قضايا.


و هذه أنشطة أسبوعية أو دورية تضاف إليها الندوات و المحاضرات الطارئة في المناسبات أو عند زيارات التبادل و استقبال الوفود أو إرسالها.


و قد استطاع الاتحاد في هذه السنوات الأخيرة تحقيق عدد من المشاريع التي ما فتئ يسعى إلى تنفيذها منها إصداره قاموسا بتراجم الأعضاء و مختارات قصصية و شعرية للمنتسبين إليه، و هو جاد في إكمال السلسلة بنشر منتقيات لبقية الأنواع الأدبية التي درج الأعضاء على إنتاجها.


*الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء و الكتاب العرب:





انتخب محمد العروسي المطوي أمينا عاما للاتحاد الأدباء و الكتاب العرب خلال المؤتمر السابع عشر لهذه المؤسسة، و الذي انعقد بتونس منذ 21/27 ديسمبر 1990.


و يعد هذا الانتخاب تتويجا لجهود هذا الشيخ الأديب الذي حضر كل مؤتمرات الأدباء العرب تقريبا بداية من أوائل تأسيسه إلى الآن.


كان محمد العروسي المطوي يشغل منصب أمين عام مساعد منذ المؤتمر التاسع لهذه المنظمة، والذي انعقد بتونس أيضا سنة 1973.


و مقر هذه الأمانة الآن بتونس حسب عرف الاتحاد العام، الذي يربط بين المقر و جنسية الأمين العام المنتخب للدورة.


و الأمين العام لهذه المنظمة القومية مسؤول عن تطبيق لوائـح المـؤتـمر الأخـيـر و الإشراف على الأنشطة المبرمجة في اللوائح التي أصدرها حسب الرزنامة مضبوطة في هذا القطر أو ذاك من الأقطار العربية الممثلة في الإتحاد.


و هو الذي يدعو إلى الاجتماعات الدورية لهيئات التسيير و الاستشارة، و هو الذي ينظم الندوات و اللقاءات المقررة، و هو المكلف بالإتصال و المراسلة و تصــريـف الشؤون الإدارية و المالية للإتحاد.


*الأنشطة الثقافية الأخرى:


لمحـمـد العروســي المطوي مجموعة من الأنشطة الثقافية الأخرى بحكم اشتراكه أو إشرافه على عدة هيئات و لجان تحرير للجرائد و المجلات أو بحكم عضويته لعدد من المجالس الإدارية الخاصة بالشركات ودور النشر الوطنية و الخاصة.


و سنحاول استعراض هذه الأنشطة المختلفة بعد ترتيبها في عناوين:


عنوان أول خاص بالأنشطة و المهمات التي ما يزال المترجم له قائمة بها حتى الآن.


لاحظ أننا لا نذكر في هذا الاستعراض لا السريع الأنشطة الحزبية والمسؤوليات البلدية، و لا شابه ذلك من المهمات البرلمانية التي[size=21 اضطلع بها المطوي غير ما مرة و في فترات متعددة من حياته الوظيفية.


الأنشطة الثقافية المنقضية:


- أشرف محمد العروسي المطوي على الصفحة الثقافية لجريدة العمل من 18/11/1966 إلى 29/9/1967.


- سمّي مستشارا بالشركة التونسية للتوزيع مدّة أربع سنوات في أواخر الستينات.


- أنتدب عضوا في اللجنة الثقافية لمدّة 8 سنوات متوالية منذ تأسيسها.


- كان عضوا في المجلس الأعلى للتعليم و ذلك لعدّة دورات.


- كان عضوا في المجلس الأعلى للنشر(نفس الملاحظة السابقة).


- كان عضوا في الهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب الآسيوي الإفريقي (عدّة سنوات).


- كان رئيسا و مديرا عاما لشركة صفاء للنشر و التوزيع والصحافة من سنة1978 إلى سنة 1990 (وهي شركة أسسها بالاشتراك مع بعض أعضاء نادي القصة ).


الأنشطة الثقافية المستمرة


سمي محمد العروسي المطوي عضوا بمجلس إدارة الدار التونسية للنشر إلى الآن. وكذلك الأمر بالنسبة لمجلس الدار العربية للكتاب.


--محمد العروسي المطوي هو المسؤول و رئيس تحرير مجلّة قصص منذ صدورها سنة 1966 حتى الآن, وهو المسؤول عن منشورات هذه المجلّة أيضا.


و هو المدير المسؤول أيضا عن مجلة " المسار" التي يصدرها اتحاد الكتاب التونسيين وهي مجلّة أدبية فصلية, و قد بلغ الآن عددها الحاضر, وهي مهمة تنتهي بتخليه عن رئاسة الاتحاد.


-- محمد العروسي المطوي عضوا أيضا في هيئة تحرير مجلّة الحياة الثقافية التي تصدرها وزارة الثقافة.


--وهو عضو بالمجلس العلمي في مؤسسة بيت الحكمة بتونس.


--وهو عضو في جمعية المعجمية العربية بتونس منذ سنة 1984, وقد أسهم في ندواتها وفي مجلّتها الحولية "مجلة المعجمية"ببحوث لغوية معجمية.


محمد العروسي المطوي المؤلف:


المطوي متنوع المواهب غزير الإنتاج بالنسبة لجيله من التونسيين. ابتدأ حياته التأليفية بالدراسات التاريخية و الأدبية المتصلة بالشهائد و المحاضرات, ثم اهتم بالإنتاج الإبداعي, وظل يراوح بعد ذلك بين هذا و ذاك, حسب ظروف العمل و أوقات التفرّغ للكتاب و الكتابة.


وهو من الأدباء القلائل الذين يبدؤون من أعمالهم ثم يكملونها, ولو طالت بها الأحقاب, وهذا راجع كما ذكرنا في فصل سابق إلى قوة عزيمته والى إصراره على بلوغ دوما ما يريد.


وقد رتبنا تأليف محمد العروسي ترتيبا نوعيا لتقريب بعضها إلى بعض من ناحية المادة. ومن أراد الترتيب التاريخي فيكفيه النظر إلى تواريخ الصدور التي أثبتناها بعد ذكر العناوين وأسماء الدور التي تكفلت بالنشر عند أوّل طبعة لكل كتاب.



وهذه قوائم كتب المطوي المنشورة كما أشرنا آنفا, حتى سنة 1991.



الدراسات التاريخية و الأدبية


- التعليم الزيتوني ووسائل إصلاحه (بالاشتراك), تونس 1953.


- الحروب الصليبية, دار الكتب الشرقية, تونس 1954.


- جلال الدين السيوطي, تونس 1954.


- امرؤ القيس, إصدار المؤلف, 1955.


- أسس التطور و التجديد في الإسلام, الدار التونسية للنشر, تونس 1969.


- من طرائف التاريخ (قراءات تاريخية), دار بو سلامة, تونس 1980.


- فضائل إفريقية في الآثار و الأحاديث الموضوعة, دار الغرب الإسلامي, بيروت 1983.- سيرة القيروان, الدار العربية للكتاب, تونس 1986.


- السلطة الحفصية, دار الغرب الإسلامي, بيروت 1986.



التحقيقات


-النصوص المفسرة( كتاب مدرسي, بالاشتراك, إصدار المؤلف, تونس 1955).


-جريدة القصـر وجريدة العـصـر (تحقيق بالإشراك)، تونس، الـدار التونسية للنشر 1966.


- تحفة المحبين و الأصحاب( تحقيق) ،المكتبة العتيقة، تونس 1970.


- أنموذج الزمان (تحقيق بالاشتراك)، الدار التونسية للنشر1986 .


--الكتب الادبية:


- ومن الضحايا (رواية) منشورات كتاب البعث، تونس 1956.


- فرحة الشعب (شعر) الشركة التونسية، تونس 1963.


- حليمة (رواية) دار بوسلامة للنشر، تونس 1964.


- التوت المرّ(رواية)، الدار التونسية للنشر، تونس 1967.


- طريق المعصرة(مجموعة قصصية) دار صفاء للنشر، تونس1981.


- خالد بن الوليد (مسرحية بالاشتراك)،الدار التونسية للنشر،تونس 1981.


- من الدهليز (شعر)، إصدار المؤلف، الدار التونسية للنشر، تونس 1988- رجع الصدى(نصوص روائية) الدار العربية للكتاب، تونس 1991.


*قصص للأطفال:


- أبو نصيحة.


- السمكة المغرورة.


- عنز قيسون.


- جنية ابن الأزرق.


- شعاطيط بعاطيط(قصص قصيرة نشرتها الدار التونسية للنشر1967-1968)


- الوفاق.


- القوس المكسور.


- السد الكبير.


- خف حنين(قصص قصيرة لبعض الأمثال العربية) صدرت عن دار صفاء للنشرسنتي 1980-1981).


- حمار جكتيس(قصة الأطفال)، الشركة التونسية للتوزيع، تونس 1972.


- أميرة الزنجبار، الشركة التونسية للنشر، تونس 1976.


يضاف إلى هذه العناوين قصة للأطفال كتبها بالاشتراك مع محمد المختار جنات، صدرت منها أربعة بالشركة التونسية للتوزيع عشرة بالدار العربية للكتاب.


وقد اشـرف الـمـطـوي فـي المـيدان على إصدار سلسلة أطفال العالم و موسوعة الشباب(المترجمة بالاشتراك)، و قد صدرت هذه السلاسل بالشركة التونسية للتوزيـع.


عن نشرية أعدّها النادي المطوي للتعارف و التعاون وقدّمها التهامي شمام بتونس, في ذكرى تكريم الأستاذ الكبير محمد العروسي المطوي في الدورة العاشرة لمهرجان " العين" بالمطوية 25 جويلية 1995
.

محمد العروسي المطوي

محمد العروسي المطوي
  • محمد العروسي المطوي (تونس).
  • ولد عام 1920 في المطوية , بالجنوب التونسي.
  • التحق بالجامعة الزيتونية حيث حصل على شهادة العالمية في الآداب, كما نال شهادة الحقوق التونسية , والإجازة العليا للبحوث الإسلامية من المعهد الخلدوني.
  • عين مدرساً بالزيتونية ثم اختير للسلك الدبلوماسي, وتدرج في وظائفه حتى عين سفيراً, وتولى عام 1963 , أمانة الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين, ثم انتخب في مجلس النواب من سنة 64 - 1986.
  • عضو في نادي القلم , ونادي القصة, والنادي الثقافي, والمجلس العلمي لبيت الحكمة, واتحاد الكتاب التونسيين, وتولى الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.
  • يدير ويترأس تحرير مجلة (قصص) منذ أنشأها عام 1966.
  • دواوينه الشعرية : فرحة الشعب 1963 .
  • أعماله الإبداعية الأخرى : الروايات : ومن الضحايا 1956 ـ حليمة 1964ـ التوت المر 1967 , ومسرحية (بالاشتراك) هي: من الدهليز 1987, وعدد من قصص الأطفال.
  • مؤلفاته منها : خالد بن الوليد ـ الحروب الصليبية ـ أسس التطور والتجديد في الإسلام ـ جلال الدين السيوطي ـ أمرؤ القيس ـ فضائل إفريقية ـ سيرة القيروان.
  • نال جائزة بلدية تونس في الرواية مرتين, وجائزة الدولة التقديرية في الآداب, والوشاح الأكبر للوسام الثقافي, وعدداً آخر من الأوسمة التونسية وغير التونسية.
  • عنوانه : 5 نهج كلود برنار , تونس 1002.


بــين أمــريــن

جاءتك مُسبِلةً يرتجُّ مشْرَعُها _________________________

ما بين همٍّ مضى يجتاح سلواها _________________________

وبين ضوء بدا تطفو أشعته _________________________

على سطوح الوَنَى في عمق مسراها _________________________

وفوق مِنحرها سكين قصّابة _________________________

لماعة بالضنى , والشر فحواها _________________________

جاءت تجر الخطا رَهْواً بلا هدف _________________________

فحسبها أن ترى أشلاء ذكراها _________________________

أن تحرق الكون من يحْموم حرقتها _________________________

لا فرق في عرفها: بلواك بلواها _________________________

لا شمسها بزغت في الكون كاشفة _________________________

عن سرها أبداً حتى تغشّاها _________________________

ولا لهيب لظاها من مكامنه _________________________

يعطي شُواظاً لها حتى توخَّاها _________________________

فاحسب حسابك إمّا كنت مقتدراً _________________________

وازحف نجياً بعيداً دون لُقياها _________________________

أو فلتدُسْ قدماك الجمر ملتهباً _________________________

واستصحب النِّطع واتركها ونجواها _________________________

لمن أقضّته تهياما بفتنتها _________________________

وضاق ذرعاً وتيهاً من محياها _________________________

فإنه في هواه لا يضايقه _________________________

إن كان سلطانها أو كان مولاها _________________________

نـــداء الارض

أرضي أنا

منها أتيت إلى الوجود

وعلى ثراها أينعت زهرات أجدادي الكرام

أفلا أقوم بردّها?!

أفلا أجدد مجدها?!

إني لها,

مهما ادعاها الغاصبون

وتطاولت بهم السنون

إني لها,

مهما قست أحكامهم

وتنكرت أفعالهم

سأعيد أرضي منهم

وأثيرها حربا عوان,

لا أرهب الظلم الغشوم

لا أرعوي...

ما دمت أنبس بالحياة

أرضي أنا

سأعيد أرضي منهمْ

مهما تكن تلك (الرسوم)

تلك التي كتبت بدم,

ودموع أبناء الوطن

من شُردوا ظلما وغصبا

حتى(يفوز) الظالمون

بالأرض, بالحقل الخصيب

بالمنجم الثر الغني

بالمال, بالعيش (الهني)!

أرضي أنا

سأعيد أرضي منهم

وأذود عنها الغاصبين

مهما تكن أجناسهم,

فالكل عندي غاصبون

فلأحرسنَّ جلالها

في كل آفاق الدنى

ولأوفين بعهدها

مهما قسا الزمن العتي

مهما قسا... سأعيدها

سأعيد أرضي منهم

مهما قست أحكامهم

مهما تكن تلك (الرسوم)

مهما تكن طرق الفدا

سأعيدها

سأعيد أرضي منهم

أرضي أنا...

كَلِمةُ السِّـــرِّ

خفقة من ذاتك العليا تراءت

ما ألذّ القبْس منها.

عُبّ منها المستطاعا

واحمل المشعل خفاقاً منيرا

وأَنِرْ درب الحياه

فرفاق الدار من عهد سحيق

في مهيج

همهم أن تأكل الخرفان مقضوماً معفن

ونقيعاً.

ما على الخرفان أن تأكل سحتا

بلْهَ إعناتاً ومقتاً.

واندفع في اليم.

في يم الصراع.

في صراع الكون منه وإليه

وإذاخارت قواك

فتذكر : (خفقة من ذاتك العليا تراءت

ما ألذّ القبس منها

سوف تجسر).

ولتحلق مثلما تهوى. ولكن

من علو النجم في وهم الفضاء

إن جلد الأرض ميدان الحياه

فخذِ السر وصارع

واحمل الهمَّ وقارع

قارع الأوضاعَ ... أوضاع التعاسه

واخلع الإذعان في ظل (القداسه).

وارتطم بالصخر مهما كان صلدا

إنه من جلدة الأم الرؤوم,

فتقدم أنت منها .. وإليها.

ولتكسّر كل كأداء عتيده

فجلال الصخر أن (يضحك) ماءً ورواءً.

فاندفع في اليم, في يمِّ الصراع

وتذكر كلما خارت قواك: (خفقة من ذاتك

العليا تراءت ما ألذ القبس منها سوف

تجسر)

هكذا كانت لنا من عهد آدم

فلنقارع

ولنصارع

فصراع الكون منه وإليه.

إنه سر الحيا

محمد العروسي المطوي

محمد العروسي المطوي

ـ ولد بالمطوية خلال 1920
ـ زاول تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه والثانوي والعالي بالزيتونة .
ـ أحرز على شهادة الأهلية سنة 1940 والتحصيل في العلوم سنة 1943 والعالمية في الآداب سنة 1946 والشهادة العليا للحقوق في نفس السنة .كما أحرز على الإجازة العليا في البحوث الإسلامية سنة 1947 ونجح في مناظرة التدريس بالجامع الأعظم سنة 1948.
ـ التحق سنة 1956 بالسلك الدبلوماسي حتى 1963.
ـ انتخب سنة 1964 نائبا بمجلس الأمة حيث بقي أربع دورات متتالية .
ـ نظم الشعر وكتب المقالة الصحفية والدراسة الأدبية والقصة القصيرة والرواية والمسرحية، وقصص الأطفال وتحقيق التراث.
ـ رئيس النادي الثقافي أبو القاسم الشابي بداية من الستينات إلى بداية الألفية الواحد والعشرين قبل وفاته
ـ عضو مؤسس لاتحاد الكتاب التونسيين ولنادي القصة.
ـ شغل خطة أمين عام الأدباء والكتاب العرب، وخطة رئيس تحرير وصاحب امتياز مجلة قصص.
الإصــــدارات
في القصة القصيرة والرواية
:
ـ ومن الضحايا ـ رواية سنة 1956
ـ حليمة ـ رواية 1964
ـ التوت المر ـ رواية 1967
ـ طريق المعصرة ـ مجموعة قصصية 1981
ـ رجع الصدى ـ مذكرا روائية
في الشعر:
ـ فرحة شعب ـ 1963
ـ من الدهليز 1988
في قصص الأطفال:
ـ أبو نصيحة ـ السمكة المغرورة ـ عنز قيسون ـ جنية ابن الأزرق ـ شعاطيط بعاطيط ـ حمار جكتيس ـ كما كتب بالاشتراك18 قصة منها ـ الوفاق ـ القوس المكسور ـ السد الكبير ـ خف حنين .
*وله في تحقيق التراث والدراسات كتب عديدة

أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ.......

أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

يقول تعالى " أفتطمعون " أيها المؤمنون" أن يؤمنوا لكم " أي ينقاد لكم بالطاعة هؤلاء الفرقة الضالة من اليهود الذين شاهد آباؤهم من الآيات البينات ما شاهدوه ثم قست قلوبهم من بعد ذلك " وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه " أي يتأولونه على غير تأويله" من بعد ما عقلوه " أي فهموه على الجلية ومع هذا يخالفونه على بصيرة " وهم يعلمون " أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله وهذا المقام شبيه بقوله تعالى " فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه " قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال ثم قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ولمن معه من المؤمنين يؤيسهم منهم " أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله " وليس قوله ليسمعون التوراة كلهم قد سمعها ولكن هم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها . وقال محمد بن إسحاق فيما حدثني بعض أهل العلم أنهم قالوا لموسى يا موسى قد حيل بيننا وبين رؤية ربنا تعالى فأسمعنا كلامه حين يكلمك فطلب ذلك موسى إلى ربه تعالى فقال نعم مرهم فليتطهروا وليطهروا ثيابهم ويصوموا ففعلوا ثم خرج بهم حتى أتوا الطور فلما غشيهم الغمام أمرهم موسى أن يسجدوا فوقعوا سجودا وكلمه ربه فسمعوا كلامه يأمرهم وينهاهم حتى عقلوا منه ما سمعوا ثم انصرف بهم إلى بني إسرائيل فلما جاءهم حرف فريق منهم ما أمرهم به وقالوا حين قال موسى لبني إسرائيل إن الله قد أمركم بكذا وكذا قال ذلك الفريق الذين ذكرهم الله إنما قال كذا وكذا خلافا لما قال الله عز وجل لهم فهم الذين عنى الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم وقال السدي" وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه" قال هي التوراة حرفوها وهذا الذي ذكره السدي أعم مما ذكره ابن عباس وابن إسحاق وإن كان قد اختاره ابن جرير لظاهر السياق فإنه ليس يلزم من سماع كلام الله أن يكون منه كما سمعه الكليم موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام وقد قال الله تعالى " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله " أي مبلغا إليه ولهذا قال قتادة في قوله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون " قال هم اليهود كانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ووعوه وقال مجاهد الذين يحرفونه والذين يكتمونه هم العلماء منهم وقال : أبو العالية عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد - صلى الله عليه وسلم - فحرفوه عن مواضعه وقال السدي" وهم يعلمون " أي أنهم أذنبوا وقال ابن وهب قال : ابن زيد في قوله " يسمعون كلام الله ثم يحرفونه" قال : التوراة التي أنزلها الله عليهم يحرفونها يجعلون الحلال فيها حراما والحرام فيها حلالا والحق فيها باطلا والباطل فيها حقا وإذا جاءهم المحق برشوة أخرجوا له كتاب الله وإذا جاءهم المبطل برشوة أخرجوا له ذلك الكتاب فهو فيه محق وإذا جاءهم أحد يسألهم شيئا ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء أمروه بالحق فقال الله لهم" أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً.......

ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

يقول تعالى توبيخا لبني إسرائيل وتقريعا لهم على ما شاهدوه من آيات الله تعالى الله وإحيائه الموتى " ثم قست قلوبكم من بعد ذلك " كله فهي كالحجارة التي لا تلين أبدا ولهذا نهى الله المؤمنين عن مثل حالهم فقال " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون " قال العوفي في تفسيره عن ابن عباس لما ضرب المقتول ببعض البقرة جلس أحيا ما كان قط فقيل له من قتلك قال بنو أخي قتلوني ثم قبض فقال بنو أخيه حين قبضه الله والله ما قتلناه فكذبوا بالحق بعد أن رأوه فقال الله " ثم قست قلوبكم من بعد ذلك " يعني أبناء أخي الشيخ فهي كالحجارة أو أشد قسوة فصارت قلوب بني إسرائيل مع طول الأمد قاسية بعيدة عن الموعظة بعد ما شاهدوه من الآيات والمعجزات فهي في قسوتها كالحجارة التي لا علاج للينها أو أشد قسوة من الحجارة فإن من الحجارة ما يتفجر منها العيون بالأنهار الجارية ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء وإن لم يبن جاريا ومنها ما يهبط من رأس الجبل من خشية الله وفيه إدراك لذلك بحسبه كما قال " تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا " وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه كان يقول كل حجر يتفجر منه الماء أو يتشقق عن ماء أو يتردى من رأس جبل لمن خشية الله نزل بذلك القرآن وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله " أي وإن من الحجارة لألين من قلوبكم عما تدعون إليه من الحق " وما الله بغافل عما تعملون" وقال أبو علي الجياني في تفسيره " وإن منها لما يهبط من خشية الله " هو سقوط البرد من السحاب قال القاضي الباقلاني وهذا تأويل بعيد وتبعه في استبعاده الرازي وهو كما قال فإن هذا خروج عن اللفظ بلا دليل والله أعلم وقال : ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هشام بن عمار حدثنا الحكم بن هشام الثقفي حدثني يحيى ابن أبي طالب يعني ويحيى بن يعقوب في قوله تعالى " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار " قال كثرة البكاء " وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء " قال قليل البكاء" وإن منها لما يهبط من خشية الله " قال بكاء القلب غير دموع العين وقد زعم بعضهم أن هذا من باب المجاز وهو إسناد الخشوع إلى الحجارة مثل ما أسندت الإرادة إلى الجدار في قوله " يريد أن ينقض " قال الرازي والقرطبي وغيرهما من الأئمة ولا حاجة إلى هذا فإن الله تعالى يخلق فيها هذه الصفة كما في قوله تعالى " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها " وقال " تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن " الآية وقال " والنجم والشجر يسجدان " " أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله " الآية " قالتا أتينا طائعين "" لو أنزلنا هذا القرآن على جبل " الآية " وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله" الآية وفي الصحيح " هذا جبل يحبنا ونحبه " وكحنين الجذع المتواتر خبره وفي صحيح مسلم " إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن " وفي صفة الحجر الأسود أنه يشهد لمن استلم بحق يوم القيامة وغير ذلك مما في معناه وحكى القرطبي قولا إنها للتخيير أي مثلا لهذا وهذا وهذا مثل : جالس الحسن أو ابن سيرين . وكذا حكاه الرازي في تفسيره وزاد قولا آخر أنها للإبهام بالنسبة إلى المخاطب كقول القائل أكلت خبزا أو تمرا وهو يعلم أيهما أكل وقال آخر إنها بمعنى قول القائل كل حلوا أو حامضا أي لا يخرج عن واحد منهما . أي وقلوبكم صارت كالحجارة أو أشد قسوة منها لا تخرج عن واحد من هذين الشيئين والله أعلم . " تنبيه" اختلف علماء العربية في معنى قوله تعالى " فهي كالحجارة أو أشد قسوة " بعد الإجماع على استحالة كونها للشك فقال بعضهم أو هاهنا بمعنى الواو تقديره : فهي كالحجارة وأشد قسوة كقوله تعالى " ولا تطع منهم آثما أو كفورا " " عذرا أو نذرا " وكما قال النابغة الذبياني : قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد تريد ونصفه قاله ابن جرير : وقال جرير بن عطية : نال الخلافة أو كانت له قدرا كما أتى ربه موسى على قدر قال ابن جرير يعني نال الخلافة وكانت له قدرا وقال آخرون أو هاهنا بمعنى بل فتقديره : فهي كالحجارة بل أشد قسوة وكقوله " إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية " وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون " " فكان قاب قوسين أو أدنى " وقال آخرون معنى ذلك " فهي كالحجارة أو أشد قسوة " عندكم حكاه ابن جرير : وقال آخرون المراد بذلك الإبهام على المخاطب كما قال أبو الأسود : أحب محمدا حبا شديدا وعباسا وحمزة والوصيا فإن يك حبهم رشدا أصبه وليس بمخطئ إن كان غيا قال ابن جرير قالوا ولا شك أن أبا الأسود لم يكن شاكا في أن حب من سمى رشد ولكنه أبهم على من خاطبه قال وقد ذكر عن أبي الأسود أنه لما قال هذه الأبيات قيل له شككت فقال كلا والله ثم انتزع يقول الله تعالى " وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " فقال أوكان شاكا من أخبر بهذا من الهادي منهم ومن الضال ؟ وقال بعضهم معنى ذلك فقلوبكم لا تخرج عن أحد هذين المثلين إما أن تكون مثل الحجارة في القسوة وإما أن تكون أشد منها في القسوة . قال : ابن جرير ومعنى ذلك على هذا التأويل فبعضها كالحجارة قسوة وبعضها أشد قسوة من الحجارة وقد رجحه ابن جرير مع توجيه غيره " قلت " وهذا القول الأخير يبقى شبيها بقوله تعالى " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا " مع قوله " أو كصيب من السماء " وكقوله" والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة " مع قوله" أو كظلمات في بحر لجي " الآية أي إن منهم من هو هكذا ومنهم من هو كهذا والله أعلم . وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن أيوب حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي الثلج حدثنا علي بن حفص حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن حاطب عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي " . رواه الترمذي في كتابه الزهد من جامعه عن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج صاحب الإمام أحمد به ومن وجه آخر عن إبراهيم بن عبد الله بن الحارث بن حاطب به وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم . وروى البزار عن أنس مرفوعا " أربع من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا " .

فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ..

فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

" فقلنا اضربوه ببعضها " هذا البعض أي شيء كان من أعضاء هذه البقرة فالمعجزة حاصلة به وخرق العادة به كائن وقد كان معينا في نفس الأمر فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا لبينه الله تعالى لنا ولكنه أبهمه ولم يجيء من طريق صحيح عن معصوم بيانه فمن نبهمه كما أبهمه الله ولهذا قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن أصحاب بقرة بني إسرائيل طلبوها أربعين سنة حتى وجدوها عند رجل في بقر له وكانت بقرة تعجبه قال فجعلوا يعطونه بها فيأبى حتى أعطوه ملء مسكها دنانير فذبحوها فضربوه - يعني القتيل - بعضو منها فقام تشخب أوداجه دم فقالوا له من قتلك ؟ قال قتلني فلان وكذا قال الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه ضرب ببعضها وفي رواية ابن عباس أنه ضرب بالعظم الذي يلي الغضروف وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر قال : قال أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة ضربوا القتيل ببعض لحمها قال معمر : قال قتادة ضربوه بلحم فخذها فعاش فقال قتلني فلان وقال وكيع بن الجراح في تفسيره : حدثنا النضر بن عربي عن عكرمة " فقلنا اضربوه ببعضها " فضرب بفخذها فقام فقال قتلني فلان قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد وقتادة وعكرمة نحو ذلك . وقال السدي فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش فسألوه فقال قتلني ابن أخي وقال أبو العالية أمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظما من عظامها فيضربوا به القتيل ففعلوا فرجع إليه روحه فسمى لهم قاتله ثم عاد ميتا كما كان وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : فضربوه ببعض آرابها وقيل بلسانها وقيل بعجب ذنبها وقوله تعالى " كذلك يحيي الله الموتى " أي فضربوه فحي ونبه تعالى على قدرته وإحيائه الموتى بما شاهدوه من أمر القتيل جعل تبارك وتعالى ذلك الصنيع حجة لهم على المعاد وفاصلا ما كان بينهم من الخصومة والعناد والله تعالى قد ذكر في هذه السورة مما خلقه من إحياء الموتى في خمسة مواضع " ثم بعثناكم من بعد موتكم " وهذه القصة وقصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت وقصة الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها وقصة إبراهيم عليه السلام والطيور الأربعة ونبه تعالى بإحياء الأرض بعد موتها على إعادة الأجسام بعد صيرورتها رميما كما قال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة أخبرني يعلى بن عطاء قال سمعت وكيع بن عدس يحدث عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى ؟ قال " أما مررت بواد ممحل ثم مررت به خضرا " قال بلى : قال " كذلك النشور" أو قال " كذلك يحيي الله الموتى " وشاهد هذا قوله تعالى " وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون" " مسألة " استدل لمذهب الإمام مالك في كون قول الجريح فلان قتلني لوثا بهذه القصة لأن القتيل لما حيي سئل عمن قتله فقال فلان قتلني فكان ذلك مقبولا منه لأنه لا يخبر حينئذ إلا بالحق ولا يتهم والحالة هذه . ورجحوا ذلك لحديث أنس أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها فرضخ رأسها بين حجرين فقيل فعل بك هذا أفلان ؟ أفلان ؟ حتى ذكروا اليهودي فأومأت برأسها فأخذ اليهودي فلم يزل به حتى اعترف فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرض رأسه بين حجرين وعند مالك إذا كان لوثا حلف أولياء القتيل قسامة وخالف الجمهور في ذلك ولم يجعلوا قول القتيل في ذلك لوثا .

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ.....

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ

قال البخاري " فادارأتم فيها" اختلفتم وهكذا قال مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال في قوله تعالى " وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها " اختلفتم وقال عطاء الخراساني والضحاك اختصمتم فيها وقال ابن جريج " وإذ قتلتم نفس فادارأتم فيها " قال : قال بعضهم أنتم قتلتموه وقال آخرون بل أنتم قتلتموه وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم " والله مخرج ما كنتم تكتمون " قال مجاهد ما تغيبون وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرة بن أسلم البصري حدثنا محمد بن الطفيل العبدي حدثنا صدقة بن رستم سمعت المسيب بن رافع يقول ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وتصديق ذلك في كلام الله " والله مخرج ما كنتم تكتمون ".

قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا..

قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ

" قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث " أي إنها ليست مذللة بالحراثة ولا معدة للسقي في الساقية بل هي مكرمة حسنة صبيحة مسلمة صحيحة لا عيب بها " لا شية فيها " أي ليس فيها لون غير لونها وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مسلمة يقول لا عيب فيها وكذا قال أبو العالية والربيع وقال مجاهد : مسلمة من الشية. وقال عطاء الخراساني : مسلمة القوائم والخلق لا شية فيها قال مجاهد : لا بياض ولا سواد وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة : ليس فيها بياض . وقال عطاء الخراساني : لا شية فيها قال لونها واحد بهيم وروي عن عطية العوفي ووهب بن منبه وإسماعيل بن أبي خالد نحو ذلك وقال السدي لا شية فيها من بياض ولا سواد ولا حمرة . وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى وقد زعم بعضهم أن المعنى في ذلك قوله تعالى " إنها بقرة لا ذلول" ليس بمذللة بالعمل ثم استأنف فقال " تثير الأرض " أي يعمل عليها بالحراثة لكنها لا تسقي الحرث وهذا ضعيف لأنه فسر الذلول التي لم تذلل بالعمل بأنها لا تثير الأرض ولا تسقي الحرث كذا قرره القرطبي وغيره " قالوا الآن جئت بالحق" قال قتادة الآن بينت لنا وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقبل ذلك والله جاءهم الحق " فذبحوها وما كادوا يفعلون " قال الضحاك عن ابن عباس كادوا أن لا يفعلوا ولم يكن ذلك الذي أرادوا لأنهم أرادوا أن لا يذبحوها يعني أنهم مع هذا البيان وهذه الأسئلة والأجوبة والإيضاح ما ذبحوها إلا بعد الجهد وفي هذا ذم لهم وذلك أنه لم يكن غرضهم إلا التعنت فلهذا ما كادوا يذبحونها . وقال محمد بن كعب ومحمد بن قيس فذبحوها وما كادوا يفعلون لكثرة ثمنها وفي هذا نظر لأن كثرة الثمن لم يثبت إلا من نقل بني إسرائيل كما تقدم من حكاية أبي العالية والسدي ورواه العوفي عن ابن عباس قال عبيدة ومجاهد ووهب بن منبه وأبو العالية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنهم اشتروها بمال كثير وفيه اختلاف ثم قد قيل في ثمنها غير ذلك وقال عبد الرزاق أنبأنا ابن عيينة أخبرني محمد بن سوقة عن عكرمة قال : ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير وهذا إسناد جيد عن عكرمة والظاهر أنه نقله عن أهل الكتاب أيضا وقال ابن جرير وقال آخرون لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة إن اطلع الله على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه ولم يسنده عن أحد ثم اختار أن الصواب في ذلك أنهم لم يكادوا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها وللفضيحة وفي هذا نظر بل الصواب والله أعلم ما تقدم من رواية الضحاك عن ابن عباس على ما وجهناه وبالله التوفيق . " مسألة" استدل بهذه الآية في حصر صفات هذه البقرة حتى تعينت أو تم تقييدها بعد الإطلاق على صحة السلم في الحيوان كما هو مذهب مالك والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفا وخلفا بدليل ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها " وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم إبل الدية في قتل الخطأ وشبه العمد بالصفات المذكورة بالحديث وقال أبو حنيفة والثوري والكوفيون لا يصح السلم في الحيوان لأنه لا تنضبط أحواله وحكى مثله عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم .

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"