بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 27 نوفمبر 2010

قراءة الصورة الفوتوغرافية

قراءة الصورة الفوتوغرافية

خطوات نحو الضوء

الصورة الفوتوغرافية ليست مجرد إطار يجمع بين زواياه مجموعة من الأشياء الجميلة أو المرعبة التي لا هدف لها ، فعالم التصوير الفوتوغرافي فن له أسسه وعلم له قواعده ، وهو وإن كان أحد المجالات التي يتناولها العديد من الناس كهواية ، لكنه مجال له استخداماته الجادة والهادفة في كثير من المجالات كالتعليم و الإعلام والطب وغيرها ، وفي كل واحد من هذه المجالات له أساليبه وطرقه المناسبة للمواقف والاحتياجات المتنوعة 0

واستخدام الصورة الفوتوغرافية كوسيلة لإيصال رسالة ذات هدف محدد يوجب اللجوء إلى بعض الأسس التي تحدثت عنها المؤلفات المتخصصة ، فالصورة قد تكون جاهزة متداولة بين الأيدي إما كسلعة تباع في الأسواق أو منتجة من قبل مؤسسة متخصصة لحساب جهات معينة كالمؤسسات التربوية أو الإعلامية ، وبالتالي فإن هذا يعني أن هذه الصور لابد وأن تتوفر فيها بعض الشروط والمواصفات التي تتيح لمستخدميها الفرصة الكافية لتحقيق أهدافهم ، وهذا لا يتم عشوائيا بل يجعل المستخدمين أيا كانوا في موقف المتبع لقواعد الاستخدام وأساليب العرض المناسبة للموقف مكانا وحدثا ومشاهدين 0

والحديث عن الصور الفوتوغرافية من هذا الجانب يعني أننا بصدد مهارة يفتقدها كثير من المستخدمين لها ، وهي مهارة تسمى " قراءة الصور الفوتوغرافية " ، وسنتحدث عنها بتفصيل موجز ، مع نموذج تطبيقي يمكن الاستفادة منه في النماذج الأخرى أيا كانت ، وهذا يعتمد على مدى استيعاب القارئ لحدود هذه المهارة ، وجهده في التدرب على هذه المهارة وممارستها في كل لحظة يستخدم فيها الصور كمصدر معلومات له وللطرف الذي يريد إبلاغه بالرسالة التربوية أو الإعلامية 0

محاولات الإنسان عبر التاريخ

منذ أن بدأ الإنسان وبإمكاناته البسيطة وتبعا لظروف حياته البدائية التعبير عن مكنوناته ورغباته الملحة في تعريف الآخرين بمنتجاته العقلية أو اليدوية ، نجح وإلى حد كبير في تحقيق ما يصبو إليه حيث استطاع إيصال رسائله المتنوعة إلى بقية أفراد المجتمع الإنساني عبر التاريخ بواسطة رسومات الكهوف المنتشرة في معظم أنحاء العالم ، وعن طريق المنتجات اليدوية كالأواني الفخارية المتمثلة في الأدوات المنزلية التي كان يستخدمها في حياته اليومية ، أو المعدات الحرفية ، والآلات الزراعية ، أو أنواع الأسلحة المختلفة التي كان لها دور بارز في حياته خلال مراحل التاريخ المتلاحقة 0

تغير المفاهيم عبر العصور

وخلال كل المراحل التاريخية الإنسانية كانت الصورة بأشكالها المتعددة ( مجسمة أو مسطحة ) تقوم بدورها البارز في إثبات الحقائق التي أراد الإنسان إظهارها لغيره ، المعاصرين له ، أو اللاحقين به ، وقد كان مفهوم " الصورة " مرتبطا بإمكانات كل عصر ، ولكنه ثبت على نحو معين خلال المرحلة التاريخية التي نعايشها اليوم ، إذ دخلت الصورة في إطار معين وأصبح لها مفهومها المناسب للتطورات المتنامية في عصرنا الحاضر عصر التقنيات المتفجرة في كل لحظة ، فهي اليوم تعني أشكالا متعددة منها المسطح ذو البعدين ، ومنها ثلاثي الأبعاد ، ومنها المجسم بأنواع مختلفة ، ومنها اليدوي ومنا الإليكتروني الذي يتم تحضيره وإعداده بواسطة الكمبيوتر 0

قفزات نوعية في عالم الصورة

ومنذ أن التقطت أول صورة فوتوغرافية خلال القرن الثامن عشر الميلادي وحتى اليوم ، برزت نماذج عديدة لمفهوم " الصورة " ، وهاهي اليوم وقد وصلت إلى درجة بالغة التقدم ، مقارنة بما كانت عليه خلال القرون الماضية ، فالصورة اليوم ومنذ القفزة النوعية لها خرجت من نطاق الجهد اليدوي البحت وهو ما يعرف بــ (الرسم ) وأضيف هذا القادم الجديد إلى عالم التصوير فكانت ( الصورة الضوئية ) التي يعتبر الضوء عنصر أساس لها 0

ومنذ بداية التحول التاريخي الحديث في عالم التقنيات دخلت الصورة عصرا جديدا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان ، حيث ارتبطت بعالم التقنيات المتقدمة فأًصبحت تغوص في عالم الأرقام ، سواء كانت ثابتة أم متحركة 0

ولم تعد الصورة الضوئية تقف مستجدية على أعتاب الغرف السوداء لإظهارها ، أو يقف من يحتاج إليها في الشمس سويعات حتى يتمكن المصور من التقاط صورة - كانت وما تزال - تسمى "شمسية " وذلك لأهمية ضوء الشمس كمصدر وحيد آنذاك لعملية التصوير الجيدة 0

أصبحت لدينا اليوم وفي متناول معظم الراغبين كاميرات رقمية ذات حساسية عالية للتصوير ، وهي لا تحتاج لعملية إظهار ودخول الغرف المظلمة لتجهيزها ، بل إن أنواعا حديثة من الكاميرات تستطيع التقاط الصور باستعمال الأشعة تحت الحمراء ، وهذا على مستوى الأفراد العاديين لا على مستوى المؤسسات الرسمية والخاصة فحسب0

ولأننا لا نتحدث عن التصوير بأساليب أخرى ذات مميزات خاصة فإننا أغفلنا عن قصد التصوير بالأشعة تحت الحمراء أو التصوير بالأشعة السينية ، أو غيرها من عمليات التصوير المتخصصة التي ليست في متناول عامة الجمهور0

الصورة بدون تعليق

عندما تتحدث الصورة الضوئية عن نفسها فإن لها أساليب عديدة ، فهي تستطيع التعبير عن مكوناتها بدون تدخل من البشر ، عندما يتفرس الناظر إليها باحثا عن تلك المكونات وما وراءها ، وسنقف خلال هذه المقالة على تفصيلات موجزة قدر الإمكان عن هذا الجانب الهام في مجال الصورة الفوتوغرافية ، وهو ما يسمى بمهارة قراءة الصورة 0

مهارة يغفل عنها الكثيرون

عندما ينظر المرء في صورة ما فإنه سيواجه بمحتوياتها ، وإذا ما بحث عن هذه المحتويات فقد يجد نفسه أمام مجموعة من العناصر لا عنصر واحد ، وربما تتكون الصورة من عنصر واحد وربما تحتوي عناصر عديدة لا حصر لها

لعلك أيها القارئ سألت نفسك ذات يوم وأنت تنظر في صورة أو مجموعة صور ، عن أهمية تعدد العناصر في هذه الصورة أو تلك ، وربما تأففت من كثرتها في الصورة الواحدة وأحسست بعدم الجدوى من ذلك التجميع غير المنطقي لتلك العناصر ، في حين أنك تشعر بضرورة وجود عناصر أنت مقتنع بوجودها لعلاقتها بالموضوع الذي نشرت معه الصورة 0

نحو فهم واضح

هذا التحليل البسيط لمحتويات الصورة هو ما يسمى بـ ( قراءة الصورة الفوتوغرافية ) ، و من الضروري التوسع في عملية التعريف شيئا ما كي نتمكن من الحديث عن الأوجه الأخرى في هذه المهارة ، التي يفتقدها كثير من ذوي الصلة بهذا المجال ومن يستخدم الصورة في مهنته ، وبالذات المعلمون والإعلاميون وغيرهم ، رغم ضرورتها الملحة وأهميتها القصوى بالنسبة لهم في أداء أعمالهم والدور الذي تقوم به في مساعدتهم على الوصول إلى درجة متقدمة من النجاح في أداء مهماتهم0

قراءة الصورة

قراءة الصورة الفوتوغرافية يمكن أن تعرف من خلال الإطار الآتي حيث أنها : محاولة التعرف على محتويات الصورة الأساسية والثانوية ، والتعرف على العلاقات التي تربط بين هذه العناصر بمستوياتها المختلفة ، وما يمكن استنتاجه من أبعاد لهذه الصورة 0

مهارة لا غنى عنها

قراءة الصورة الفوتوغرافية كما تعرفنا إليها هي إحدى المهارات التي يحتاج إليها بعض الأفراد المنتمين إلى مهن مختلفة كالصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء ، و العاملين في المجال التعليمي ، و المحاضرين الذين تحتم عليهم مواقف العمل الاتصال بالجمهور لتوصيل رسائل ذات سمات محددة يراد من ورائها تحقيق أهداف بعينها، و من الضروري لهم استخدام الصور لتأكيد ما يريدونه من هذه الرسائل 0

لغة العيون

تقوم الصورة بدور يحسب له حسابه ، وهي بهذا الدور تعين المستخدم على سهولة توصيل رسالته إلى المستقبلين ، فالمراسل الصحفي الذي يعايش معارك ضارية أو عمليات التهجير والتطهير العرقي كما حصل في بلاد البلقان (البوسنة وما جاورها ) فمهما كانت بلاغته اللغوية فقد لا يتمكن من إعطاء وصف دقيق عن الأوضاع في تلك المنطقة 0

ولكن إذا كانت لديه المهارة الكافية في التقاط الصور الفوتوغرافية وتتوفر لديه المهارة أيضا في فهم العناصر التي يجب عليه تضمينها في صوره ، فهو مراسل ناجح إلى حد كبير ، فالصورة قد تغني عن مقال 0

وإن فقد بعض أو كل تلك المهارات وكان مجرد ملتقط عشوائي لصور عشوائية ، فقد تذهب جهوده في مهب الريح ، ولذلك فقد أصبح لزاما عليه استيعاب هذا المهارة ومحاولة السيطرة عليها ليكون متميزا في عمله يشار له بالبنان 0

من نافلة القول أن نصف هذا العصر بأنه عصر الصورة المصاحبة للكلمة ، وأحيان الصورة المنفردة التي تتحدث عن نفسها من خلال عناصرها الواضحة ودون أي تعليق كما هو معروف عن بعض المطبوعات كمجلة " لايف " الأمريكية ومجلة " الجغرافيا الوطنية " ، وللأسف فإن الصحافة العربية لا تعطي الصورة المعبرة مجالا كافيا كغيرها من الصحف الغربية ، ولعل هذا من قلة المتخصصين في هذا المجال أو ضعف مستوى الوعي لدى المتعاطين لهذه الوسيلة الهامة 0

مكونات الصورة

قد يكون في الصورة الواحدة عناصر متعددة ، أو قد لا تحمل بين جوانبها سوى عنصر واحد ، وهذا بالطبع مرتبط بعوامل عديدة كمزاجية المصور ومستوى إدراكه لما يريد من الصورة أو الموضوع التي من أجله التقطت الصورة 0

وقد تكون الصورة التي لا تحوي إلا عنصرا واحدا تتوفر فيها الجوانب الفنية الأخرى المتعلقة بعملية التصوير كزاوية الالتقاط ، وحجم اللقطة ، وزمن التعريض ، ونوعية وكمية الإضاءة ، تكون ذات تأثير قوي وبصمات بارزة فيكون لها من القوة في إيصال الرسالة المنوطة بها مالا يتوفر في مجموعة متعددة من الصور التي افتقدت العوامل التي تؤهلها للنجاح المطلوب في نقل الرسائل أو المعلومات0

مستويات العناصر

إذا كانت الصورة الفوتوغرافية ذات عنصر واحد فهذا يؤدي إلى تكوين وعي مباشر للهدف من الصورة ، أما إذا أجبر المصور ، أو كان من الضروري تعدد العناصر فهذا يجعل من اللازم التفصيل في معرفة هذه العناصر ومستوياتها ، وكيفية ترتيبها حسب الأهمية، ومن الأفضل تحديد عدد العناصر في الصورة قدر الإمكان كي لا يتشتت نظر القارئ ، وبالذات صغار السن أو منخفضي الوعي ، وكلما قلت العناصر كانت الصورة أفضل 0

وعدد العناصر قلة أو كثرة يرتبط بالموضوع الذي تدور حوله الصورة ، ومدى أهمية وجود أو عدم تلك العناصر ، وقد لا توجد قاعدة واحدة يمكن السير على منوالها، وهذا يعود إلى مدى تمكن المصور أو المراسل من مهارة قراءة الصورة الفوتوغرافية ، ودرجة وعيه بالموضوع الذي يعمل من أجله ، ودرجة تحديده للهدف أو الأهداف التي يريد تحقيقها من هذه الصور0

العلاقة بين العناصر

أثناء قراءة الصورة الفوتوغرافية لا بد من التعرف على العلاقات بين هذه العناصر فهذا يساعد وبكل تأكيد على توسيع دائرة الفهم لمحتوياتها ، و يقوم بدور هام في معرفة الكيفية التي يمكن بها الاستفادة من هذه الصورة ، وبأفضل مستوى 0

قد تكون العلاقة بين العنصر الأساس في الصورة وبين غيره من المستوى نفسه ضعيفة أو غير ضرورية ، من الأفضل على المستخدم إذن البحث عن صورة أخرى ، أو محاولة التخلص من العناصر غير الضرورية حتى لا يشوش على القارئ ويضيع الهدف من استخدامها ، وقد تكون العلاقة قوية وواضحة لا تحتاج إلى بذل كبير جهد في التعرف عليها ، وبهذا يسهل على المستخدم تحقيق أهدافه بسرعة وبدون جهد 0

فمعرفة العلاقة بين عناصر الصورة ضرورة يوجبها الموقف والموضوع وأهمية كل عنصر ، مما يجعل المصور أو المستخدم في مساحة واسعة من الاختيار أو الالتقاط وفق الأسس الخاصة بالتصوير وبناء على المفاهيم الخاصة بمهارة قراءة الصورة الفوتوغرافية0

أبعاد الصورة الفوتوغرافية

كما أن للصورة الفوتوغرافية عناصر ومكونات ، فإن لها أبعادا متعددة ، ومن البدهي القول أن لكل صورة طبيعتها ومكوناتها وأبعادها ، وهي وإن تشابهت في الإطار العام بين كل الصور ، إلا أن لكل صورة ما يناسبها ، وقد تتحد مجموعة من الصور في الأبعاد إذا كان موضوعها واحد ، وقد تختلف في نوعية الأبعاد باختلاف الموضوع 0

والمقصود من الأبعاد : ما يستشف من معان من خلال محتويات الصورة ، أو هو الطابع العام للصورة ، وهذا مرتبط بموضوع الصورة الذي من أجله التقطت0

فقد تكون الصورة ذات بعد إنساني كالصور المبثوثة والمنشورة عبر وسائل الإعلام عن قضية البلقان ( كوسوفا ) ، أو قضية فلسطين وغيرها من القضايا التي يغلب عليها الجانب الإنساني 0

لكن قد توجد أبعاد أخرى مصاحبة كالبعد السياسي أو الاجتماعي والاقتصادي والتاريخي وغيرها ، وتكاد لا تخلو صورة ما من بعد واحد على الأقل ، ولو حاولنا بذل جهد بسيط فقد نعثر على كم هائل من الأبعاد لأي صورة مهما كانت محدودية عناصرها 0

ومختصر القول أن الأبعاد المتوقع وجودها في أي صورة قد تكون : دينية ، إنسانية ، تاريخية ، سياسية ، اقتصادية ، علمية ، فنية أو جمالية وغيرها0

ومن المهم جدا على مستخدم الصورة الفوتوغرافية التعرف على هذه الأبعاد ومحاولة إبراز الأهم منها أو اختيار الصور التي تظهر فيها الأبعاد التي يريدها هو من وراء استخدامه لها ، أو يجعل ذلك في اعتباره عند التقاطه لأي صورة حتى يصل لتحقيق أهدافه بسهولة0

من نتائج قراءة الصور الفوتوغرافية

من أهم النتائج التي يمكن تحقيقها بعد ممارسة مهارة قراءة الصورة الفوتوغرافية أن القراءة الجيدة تساعد على الاختيار الجيد ، وهذا بدوره يؤدي إلى الاستخدام الأمثل للصورة في موقعها زمانا ومكانا وتأثيرا ، أما إذا لم تجد هذه المهارة طريقها إلى المستخدم للصورة فإن النتيجة العكسية هي المحتملة بالطبع ، وهذا لا يروق لمن يريد التميز في عمله والوصول إلى مستويات راقية في مجال عمله أيا كان هذا العمل

ما معنى الكاريكاتير؟؟؟؟

ما معنى الكاريكاتير؟؟؟؟

هو فن يعتمد على رسوم تبالغ في تحريف الملامح الطبيعية، أوخصائصومميزات شخص أو حيوان أو جسم ما . وغالباً ما يكون التحريف في الملامحالرئيسيةللشخص، أو يتم الاستعاضة عن الملامح بأشكال الحيوانات، والطيور، أو عقدمقارنةبأفعال الحيوانات.
والكاريكاتير اسم مشتق من الكلمة الإيطالية "كاريكير"( Caricare)،التي تعني " يبالغ، أويحمَّل مالا يطيق " (Overload)،والتيكانموسيني (M0sini) أول من استخدمها، سنة 1646. وفي القرن السابع عشر، كان جيانلورينزوبرنيني Gian Lorenzo Bernini))،وهو مثّال ورسامكاركاتيري ماهر، أول منقدمها إلىالمجتمع الفرنسي، حين ذهب إلى فرنسا، عام 1665.

كيف ظهر هذا الفن؟؟؟؟

يعتبر قدماء المصريين هم أول من تنبه إلى هذا الفن الذي يحقق مآربهم في السخرية والتعريض بالحاكم وكل ذي سلطة مستبدة، فكان الفرعوني يستخدم الحيوانات والرموز البسيطة للتعبير عن رأيه الحقيقي في أصحاب العروش، ففي إحدى الأوستراكا (الشقفات) القديمة نرى تصويرًا كروكيًّا لصراع بين القطط والفئران، ويدور ملك الفئران على عجلة حربية تقودها كلبتان ويهجم على حصن تحرسه القطط، ولم يكن هذا بالطبع من فراغ، فلا بد لموقف هام أو أحداث جمَّة وقعت رأى فيها الفنان أن الأعداء أو غيرهم من الصغار الشأن قد تجرءوا وحاربوا من هم أقوى منهم، بل من هم أكثر منهم منعة وحجم. وكان الرسام المصري القديم يُظهر عيوب مجتمعه أملاً في إصلاحها، فعلى إحدى هذه الشقفات نرى رسمًا لفرس النهر وقد جلس فوق شجرة عالية بينما يحاول النسر الصعود إليها بسلم. ونرى إلى أي مدى توصل المصري القديم إلى نقد النظام الحاكم بشكل مبسط مستتر ولكنه فعَّال من خلال صورة كروكية لثعلب يرعى قطعانًا من الماعز ويقود الذئب الإوز.
وفي اليونان في ذلك العهد القديم نرى أيضًا بذور ذلك الفن من خلال رجل يُدعى بوستن ذكره أرسطو وأرستوفانيس بوصفه شخصًا يرسم رسومات ساخرة للناس وقيل إنه قُتل وهو يعذَّب بسبب تلك السخرية. هذا عن جذور ذلك الفن في العصور القديمة، أما في العصر الحديث في أوائل القرن السابع عشر فقد انتشر هذا الفن في هولندا، وفي أوائل القرن الثامن عشر ذاع في إنجلترا وخاصة على يد جورج توتسهند، حيث استخدمه في التحريض السياسي ثم خلفه في هذا المجال وليم هوجارت الذي عبر برسوماته الساخرة عن حقبة من التاريخ الإنجليزي، وكانت أعماله سببًا في ظهور مدرسة لفن الكاريكاتير على أيدي فنانين عظام أمثال توماس رولاندسون وجيمس جيلراي، وكانت رسوماتهم الكاريكاتيرية سلاحًا في وجه خصومهم السياسيين، وكانت رسوماتهم مطبوعة باللونين الأبيض والأسود، ثم يلونونها بأيديهم ويوزعونها على المكتبات، حيث كانت أعمالهم تؤدي دورًا سياسيًّا بارزًا في هذه الآونة. وفي إيطاليا:ظهر ينبال كاراتشي كفنان كاريكاتيري ومن قبله جيروم بوش الذي رسم الجحيم بتفصيلات مضحكة، ويُعَدُّ أحد المبشرين بالسريالية، ويُعِدُّ الكثير من المؤرخين ليونارد دي دافنشي أبًا لفن الكاريكاتير في إيطاليا. وفي فرنسا:في القرن التاسع عشر شهد هذا الفن تطورًا كبيرًا على يد مجموعة من الفنانين أهمهم هو شارل نيليبون الذي أصدر مجلة كاريكاتيرية، ثم جريدة يومية باسم الشيفاردي 1830م، ثم أظهر أثر هذه المطبوعات التي كانت معارضة للحكومة بشكل هزلي الفنان أندريه دومييه الذي تميزت أعماله الكاريكاتيرية بعمق اللمسة وحيويتها، وقد سجن في عهد الملك لوي فيليب بسبب رسوماته الساخرة من الطبقة الأرستقراطية والملك نفسه. ويعتبر دومييه أول من استخدم الصورة الكاريكاتيرية كشكل إعلاني مستقل، وظهر هذا الفن البسيط في الاتحاد السوفييتي على يد بنيه ستروب ولورسي إيفيموف اللذين لعبت رسوماتهما الكاريكاتيرية دورًا تحريضيًّا سياسيًّا في ثورة أكتوبر والحرب العالمية الثانية. وفي أمريكا: شهد هذا الفن طفرة تطور من خلال الكتب الفكاهية والرسوم الساخرة المطبوعة في العديد من المجلات والجرائد، ومع بداية القرن العشرين كان الأشهر في هذا المجال هو الألماني جورج كابروت. أما في العالم العربي: وإذا كان الفراعنة هم أول من برع في تصميم فن الرسم الكاريكاتيري واستخدامه وسيلة لنقد الحاكم، فإن أولاد العرب تأخر ظهورهم في مجال هذا الفن في العصر الحديث، وكان تأثرهم بالعالم الأوروبي. وكان أول من رسم وكتب تعليقات كاريكاتيرية هو الصحفي يعقوب صنوع، وأصدر جريدة هزيلة تسمى "أبو نضارة". ثم توالى ظهور رسامي وفناني الكاريكاتير منذ ذلك الحين وأسسوا فنًّا عربيًّا قائمًا على بنية ثقافية واجتماعية عربية وأبدعوا في مجالهم. وظهرت رسوم كاريكاتيرية في عهد الاحتلال الإنجليزي لمصر بيد الفنان رضا أو كما يطلقون عليه العم الكبير، ثم جاء بعده الفنان عبد السميع؛ ليصدر كراسة كاريكاتيرية باللونين الأبيض والأسود تدعو إلى التحرر الوطني. وفي نفس ذلك الوقت عاش في القاهرة الرسام الألماني الكبير سانتيز ورفقي التركي وصاروخان الأرمني، وهؤلاء سادت أعمالهم نبرة السخرية من الأوضاع الاجتماعية، ومن رحم هؤلاء خرج صلاح جاهين وجورج البهجوري وناجي العلي وبهجت عثمان وكان هؤلاء هم الدفعة التي غيرت وجه الكاريكاتير العربي في أوائل الخمسينيات، فقد نجحوا في ابتكار شخصيات عبروا من خلال حركاتها وسكناتها عن همومهم ومواقفهم السياسية والاجتماعية، وجعلوها دعوة للتغير والتحرر من السيطرة المستبدة للحكام. وتزامن مع فناني الكاريكاتير المصريين فنانون في كل أرجاء الوطن العربي، فكان في العراق الكاريكاتيري اللامع غازي الذي ابتكر شخصية البغدادي الذكي الذي يسخر من الأوضاع المقلوبة بسبب الحكام، ويسخر من الاستعمار، وفي سوريا ظهرت زمرة من فناني الكاريكاتير على رأسهم عبد اللطيف ماديني وسمير كحالة وعلي فرزات. وتكتمل الدائرة الكاريكاتيرية في الوطن العربي بمحمد الزواوي في ليبيا وخليل الأشقر في لبنان، وكلهم كانت أعمالهم دعوة صريحة ضد طغيان الاستعمار. وبهذا نرى أن فن الكاريكاتير منذ نشأته على اختلاف منشئه تجمَّع في طرق تعبير محددة، وهي إما أن يكون بالتشكيل فقط أو بالتعليق مع التشكيل، ومن خلال تاريخ هذا الفن ظهرت عدة مدارس كلاسيكية يتبلور خلالها مفهوم ومضمون فن الكاريكاتير. - المدرسة الأوروبية الشرقية:


وهي تعتمد بالرسم فقط، حيث تقدم الرسوم الفكرة من خلال اهتمام بالغ بتفصيلات الرسم ذاته حيث لا وجود لتعليق.
2 - المدرسة الأوروبية الغربية:
الرسم تخطيطي بسيط، ولا بد فيها من وجود تعليق على شكل نكتة أو حوار ضاحك، ومن خلاله علاقة الحوار بالتشكيل الرسمي تظهر المفارقة والفكرة المراد توصيلها. 3 - المدرسة الأمريكية: تمتاز هذه المدرسة بالجمع بين المدرستين السابقتين، حيث إن اهتمامها منصب على إعطاء الرسم مضامين ودلالات تتضح أكثر بالحوار. ومن هذا العرض لنشأة هذا الفن الساخر يجب أن ندلف إلى التعريف بأنواع هذا الفن. أنواع الكاريكاتير

إن الصورة الكاريكاتيرية هي رسالة من الفنان إلى المتلقي من خلال سياق مشترك قائم على بنية الواقع الذي يعيشونه معًا، ومن هذا المنطلق فإن الفكرة الكاريكاتيرية تنقسم إلى أنواع منها: 1)الكاريكاتير الاجتماعي:

الذي يبرز من خلال قضايا وتناقضات الواقع الاجتماعي، وهذا النوع سخريته لاذعة وتهكمه شديد وتأثيره محدود.
2) الكاريكاتير السياسي (وهو الأكثر شيوعًا):

ومهمته تحريضية بحتة لنقد الواقع السياسي المحلي أو العالمي। والكاريكاتير المحلي يصلح أن يكون به تعليق، أما العالمي فيفضل أن يكون مفهومًا ومعبرًا بالرسم فقط، فالحوار قديكون غير ذي جدوى بسبب الترجمة التي قد تؤدي إلى أن يفقد الحوار معناه المستمد من أرضية ثقافية معينة.
3)الكاريكاتير الرياضي :

وهو نوع صحفي، ويعتبر فرعًا من الكاريكاتير الاجتماعي، ومن خلال هذه الأنواع تظهر وظيفة الكاريكاتير كفن تحريضي دعائي قائم على وجود مرسل ومستقبل للرسم، ومن ثَمَّ قيام فاعليات إنسانية بسبب الفكرة التي يطرحها الرسم. وهكذا نرى أن الكاريكاتير يلعب دورًا أساسيًّا في الدفاع عن حقوق الإنسان، فبهذه الخطوط البسيطة ينتقل المعنى والمضمون، ومن ثَمَّ يؤدي إلى حركة فاعلة تقدمية بشأن الحدث الكاريكاتيري الهزلي الساخر، وهذه الحرمة تفتح أفقًا جديدة للمستقبل والواقع إما بمحاولة التغيير أو محاولة الصنع الجديد للواقع على أسس اجتماعية وإنسانية جديدة، وهذا الفن البسيط القوي التأثير يتمتع بروح استقتها منه العديد من الفنون الأخرى استقت هذه الروح الكاريكاتيرية الساخرة؛ لتُظهر عيوب المجتمع الشائنة في صورة ساخرة ممتعة تدعونا إلى التغيير.

مفهوم الكاريكاتور

مفهوم الكاريكاتور
1- الكاريكاتور فن السخرية التي تدخل السرور إلى القلب بشكل بالغ دون استئذان مع إضافة البسمة الظاهرة لتضحك من الواقع المحبط.
2-فالكاريكاتور هو فن (اللا) الصريحة المتخفية تارة والساذجة طوراً إلا أنه من نزق صدامي هزلي ساخر يقض مضاجع الحكام ويأخذ بيد المظلومين ناشداً لسان حال الحق والحقيقة في آن معاً.

تعريف الكاريكاتور في اللغة:
هناك معلومات متفاوتة حول نشأة هذا الفن وتسميته وتعريفه فالبعض ينسبه إلى إيطاليا أو بريطانيا أو فرنسا أو هولندا حتى أن التسمية (كاريكاتور) يشوبها اضطراب في تفسير معناها من الناحية اللغوية فمن يقول أصلها لاتيني "كاريكار" Caricare أي حمل ما لا يطاق في حين يقابلها في الفرنسية المصطلح Caricature الذي اعتمدته الأكاديمية الفرنسية 1762 ويذهب البعض من اشتقاق التسمية من عائلة أنيبال كاراكشي الهولندية لبراعته في الرسوم الهزلية.
لذلك يؤلف هذا الفن بأنه عبارة عن رسم تصويري يراعى فيه التهويل بإبراز السمات الفاقعة الشاذة لإحداث أثر ضاحك.
الكاريكاتور في الإصطلاح :
تذكر أحدث موسوعة عربية أن الكاريكاتور في الاصطلاح هو من يشير إلى صورة رسم يبالغ في إظهار تحريف الملامح الطبيعية لشخص ما أو ظاهرة معينة حيث يتعمد الرسام إضفاء السخرية على موضوعاته سواء الخاصة أو العامة.
وأصبح يحتل منذ منتصف القرن الثامن عشر مكاناً بارزاً في الصحافة الغربية والشرقية وهو قيمة مجالسية في حد ذاته نراه يعرض التناقض بين ما هو قائم وبين ما هو مأمول.
فالرسم الكاريكاتوري يدين بالشيء الكثير لما في التراث الإنساني من مواد ومظاهر هزلية ساخرة يتمثلها من خلال الفن التشكيلي الحديث.
بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"