بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

الصبر في القرآن والسنة


الصبر في القرآن والسنة
1-الأسباب2-المفهوم3-المجالات4-الآثار
الحمد لله رب العالمين
الحمد لله الذي جعل صفة الصبر مع التقوى فاتحة لمراتب المحسنين.فقال:"انه من يتق ويصبر فان الله لايضيع أجر المحسنين"
الحمد لله خص المؤمنين بالصبر حتى يبلغوا درجة المفلحين فقال:"ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون "
ونستعينه.ونستهديه.ونتوكل عليه.ونعتصم به.ونفوض اليه الأمر كله عاجله وآجله.ونلجىء اليه ظهورنا.ونصبر على حكمته في تدبير الأمر.ونشهد أن لا اله الا الله ونشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.اللهم صل على محمد في الأولين والآخرين وفي السموات والأرضين وما بينهما وما تحت الثرى الى يوم الدين.اللهم صل عليه وعلى آله الطيبين ومن والاه وعلينا معهم الى يوم ادين يا رب العالمين.
أما بعد:أيها الاخوة المؤمنون-أيتها الأخوات المؤمنات-السادة الأفاضل :أحييكم بتحية الاسلام.قالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1-ما هي الدواعي التي تجعلنا نثير هذه المسألة؟
2-ماهو مفهوم الصبر لغة واصطلاحا شرعا؟
3-ماهي مجالاته ومظاهره؟
4-ماهي آثاره؟
ثم ان خير الكلام كلام رب العالمين.وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم.من يهد الله فلا مضل له.ومن يضلل فلا هادي له.ونستعيذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
*قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة.ان الله مع الصابرين.ولاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات.بل أحيآء و لكن لا تشعرون.ولبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا ان الله وان اليه راجعون.أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة و أولئك هم المهتدون"سورة البقرة152-156
*وقال جل من قال:"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون "سورة آل عمران 200
*وقال جل وعلا:"انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"سورة الزمر11
*وقال تعالى:"ولمن صبر وغفر ان ذلك من عزم الأمور"سورة الشورى 40
*وقال جل وعلا:"ولبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين ونبلوأخباركم"سورة محمد 32
1-لعل من الأسباب التى تدعونا الى الحديث عن هذا الموضوع على سبيل الذكر لاالحصر:
أ*الصبر يتنزل ضمن اعتباره مؤسسا من مؤسسات العقيدة السليمة لأهل السنة والجماعة.
ب*اعتبار الصبر من لوازم العلم باسم الله وصفاته.اذ نتناول هذه المسألة لأنها رافد من روافد تحقيق التوحيد معتقدا وقولا ونية وسلوكا.
ج*ازاء ما يتعرض اليه الانسان من بلاء أو ابتلاء مهما كان نوعه ككساد في تجارةأو موت عزيز أوفشل في دراسة أوفشل في حياة اجتماعية أو مهنية أو مرض عضال قد يفسد عمل هذه الأدوات المحققة للتوحيد.فيسيء الظن بالله والعياذ بالله.وهو مأمور أن يحسن الظن بالله.قال حبنا محمد صلى الله عليه وسلم:"أحسنوا الظن بالله.لايموتن أحدكم الا وهو يحسن الظن بالله".لأن ملكاته لاتطيق ما حل به .بل قد يصل الانسان حد القنوط.فلايسلم عقله.وتتألب عليه الهواجس و الظنون وحديث النفس و الشيطان.
2-أ-جاء في لسان العرب لابن منظور في مادة "صبر":الصبور اسم من أسماء الله الحسنى.هو الذي لا يعاجل العصاة بالانتقام.وهو من أبنية المبالغة.ومعناه قريب من معنى "حليم".والفرق بينهما أن المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصبور كما يأمنها في صفة الحليم.قال ابن سيده:"صبره على الشيء يصبره:حبسه.وقد يأتى الصبر بمعنى :نصب الانسان للقتل.وكل ذي روح يصبر حيا ثم يرمي حتى يقتل يقتل صبرا .وكل من قتل في غير معركة ولاحرب ولاخطأ فانه مقتول صبرا.وفي الحديث من طريق ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلمنهى عن صبر الروح.وهو الخصاء.والخصاء صبر شديد.ومن هذا يمين الصبر:وهو أن يحبسه السلطان على اليمين حتى يحلف بها .والصبر هو الاكراه.وصبرالرجل صبرا أي لزمه.والصبر نقيض الجزع.قال الجوهري "الصبر حبس النفس عند الجزع".والتصبر تكلف الصبر.والصبر الجراءة.قال الله تعالى:"فما أصبرهم على النار"أي ما أجرأهم على أعمال أهل النار.دل هذا أن الصبرحمال لمعان لغوية مختلفة.
ب-ورد الصبر في القرآن على اختلاف مشتقاته وسياقاته في تسعين موضعا.*وهو يرد من جهة كونه أمرا الاهيا.قال الله تعالى:"اصبروا وصابروا..."-"استعينوا بالصبر والصلاة..."-"واصبر وما صبرك الا بالله."
*أوثناء من الله على أهل الصبر.قال تعالى:"وكأين من نبيء قتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين"سورة آل عمران196
والصبر منحة من الله.يستضيء بها المؤمن في تشعب هذه الحياة.ذكر أبو مالك الحارث بن عاصم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"..الصبر ضياء.."/رواه مسلم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"..ومن يتصبر يصبره الله.وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر"متفق عليه
فالصبر هبة ربانية يعبر عنها المسلم بحالة من الرضا لما يقضيه الله تعالى.وليس الصبر ضعفا.وانما هو تسليم الأمر لله في مشغل فاق حد العلل والشروط الوضعية.
4-أما مجالاته فهي أربعة:أ*في علاقة المسلم بربه جل وعلا
ب*في علاقة المسلم بحاكمه.ج*في علاقة المسلم بالمسلم.د*في علاقة الأمة المسلمة بالأمم الأخرى.
أ*ففي علاقة المسلم بربه.فان اله عندما ينزل البلاء على عبده المؤمن فعلى هذا المؤمن أن يعتقد اعتقاداجازما انما يمتحن لأن محبة الله غالية.وانظر الى النبي أيوب عليه السلام وما بلغه من بلاء حتى انه سلب أرضه ومايشيته وخيراته.ونزل الله تعالى عليه البلاء.فأخرج الى مزبلة في حواشي قرية.وكانت تحرج اليه زوجته لتقوم على حاجته.واشتد عليه البلاء بأن آذاه اخوته.فقد قالوا ما نزل الله تعالى من بلاء على أيوب الا لأنه فد ارتكب جرما.فسجد لله وقال:"اللهم ان كنت تعلم أني لم أبت ليلة شبعانا وأنا أعلم مكان جائع فصدقني من السماء.فصدق من السماء.وقال :اللهم ان كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني.فصدق من السماء.ثم قال:"اللهم بعزتك"وخرا ساجدا فقال:"اللهم بعزتك لاأرفع رأسي أبدا حتى تكشف عني.فما رفع رأسه حتى كشف عنه."قال تعالى:انا وجدناه صابرا نعم العبد انه أواب"ص44
وكان له حقلان.فبعث الله سحابتين عليهما.وأنزل الله عليهما.الذهب والفضة.بلفظ ابن اجريرالطبري في جامع البيان.وأخرجه ابن حبان في صحيحه.(كتاب الجنائز:باب ما جاء في الصبر وثواب الأمراض).قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من طريق أبي يحي صهيب بن سنان رضي الله عنه:"عجبا لأمر المؤمن.ان أمره كله له خير.وليس ذلك لأحد الا لمؤمن ان أصابته سراء فشكر وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"
ب*وفي علاقة المسلم بحاكمه.فالصبر مدعاة للتريث والحلم والتعقل والرصانة.وهذا نهج نبوي يعلو على كل قانون وضعي ينظم حياة البشر في مجالات مختلفة.عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"انها ستكون بعدي أثرة وأمور كثيرة تنكرونها"قالوا:يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال:تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم"متفق عليه/وفي رواية أخرى"حتى تلقوني على الحوض"
فعلى كل من أعطى بيعة يده في معروف فقد وجبت عليه الطاعة.ولايحل له أن ينشق أوأن يخرج عن طاعة حاكمه.
الحمد لله على حلمه بعد علمه وعلى عفوه بعد قدرته وأشهد أن لااله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله.اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه.
ج*وأما في علاقة المسلم بالمسلم فالصبر علامة من علامات قوة الشخصية واشعاعها وامتثالها لأمر الله تعالى.قال تعالى:"ولاتستوي الحسنة ولا السيئة.ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم"سورة فصلت33-34
قال صلى الله عليه وسلم:"ليس الشديد بالصرعة.انما الشديد الذي يملك نفسهعند الغضب"متفق عليه
وأما في علاقة الأمة المسلمة بالأمم الأخرى فنحن مأمورون
بأمر رسول الله أن لانتمنى لقاء العدو.لكن اذا قدر لقاؤه فلا بد من الصبر .ومعنى هذا لأن الصبر ليس موضوعا فرديا فقط.انما هو نهج أمة لاتحتل شعوبا.بل تدفع عن نفسها الأذى.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو.واسألوا الله العافية.فاذا لقيتموهم فاصبروا و اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف"متفق عليه.
4-لعل من آثر الصبر :
أ-غفران الذنوب ونقاء العبد منها حين يلاقي العبد ربه.عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة"رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ب-عزة العبد يوم القيامة.عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما يشاء"رواه الترمذي وأبو داود.وقال حديث حسن صحيح.
بل ان الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب.قال الأوزاعي :"ليس يوزن لهم.انما يغرف لهم غرفا ولايكال لهم"
اللهم اجعلنا من عبادك الصابرين.
اللهم افتح علينا بالصبر مراتب الاحسان والدين.
اللهم أعزنا بالقرآن.وارفعنا بالقرآن.وبارك لنا بالقرآن.وتب علينا بالقرآن.واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين.واحفظ رئيسنا.وتوله بحفظك.ووفقه لما فيه صالح البلاد والعباد.وانصر من نصر الاسلام والدين يا أرحم الراحمين
والى لقاء آخر
أستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته






بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"