بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 25 ديسمبر 2009

الزهد من خلال القرآن والسنة

...الزهد من خلال القرآن والسنة
...الحمد لله رب العالمين
...الحمد لله الذي جعل الدنيا دار بلاء والآخرةنعيما للمؤمنين.الحمد الذي جعل هذا الدين منجاة للمسلمين.الحمد لله الذي بين الحلال و فصله ونهانا عن الحرام وقبحه.الحمد لله على كل حال.ونشهد أن لااله ا لا الله وحده لاشريك له ونشهدأن حبيبنا ونبينا وامامنا وقدوتنا وفرطنا على الحوض ان شاء الله محمدا رسول الله .اللهم صل وسلم وزد و بارك عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.ثم أما بعد:أيها الاخوة المؤمنون-أيتها الأخوات المؤمنات-السادة الأفاضل-أحبتى في الله أحييكم بتحيةالاسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.موضوع خطبتنا:الزهد من خلال القرآن والسنة.طبتم وطاب ممشاكم وبوأني الله واياكم فراديس جنانه وجمعني الله واياكم على حوض الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.ثم ان أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم.من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.ونستعيذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
1-ماهي الأسباب التي تدعونا الى الخوض في هذا الموضوع؟
2-وماهو مفهوم الزهد لغة واصطلاحا شرعا ؟
3-وهل لنا في بعض المواقف في القصص النبوي تبين عن معنى الزهد؟
4-وما هي آثاره؟
*عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ان الدنيا حلوة خضرة.وان الله مستخلفكم فيهافينظر كيف تعملون.فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فان أول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء"رواه مسلم
لعل هذا الحديث النبوي الصحيح يبن لنا عينات لم نتحدث عن هذا الموضوع.فالله جل وعلا استخلف الانسان في هذه الأرض.ولكن قد تغلب على الانسان الرغبة في الدنيا عندما تيسر له ملاذ الحياة فيهاوبهجتها كالنجاح العملي والمهني أو كأن يحبوه الله بزوجة جميلة أو بأبناء أو بعمل أو بجاه.فيشغله ذلك عن عبادة الواحد الأوحد الصمد.فالسبب الأول هو أن الانسان قد يفتن.ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"فاتقوا" بمعنى فاحذروا
*تحديد معنى ثابت لمفهوم الزهد من خلال القرآن والسنة.
جاء في "لسان العرب" لابن منظور في مادة -زهد- ما يلى:(الزهد والزهادة في الدنيا.ولايقال الزهد الا في الدين خاصة.والزهد ضد الرغبةوالحرص على الدنيا.والزهادة في الأشياء كلها:ضد الرغبة.زهده في الأمر رغبه عنه.وفي حديث الزهري عن الزهد في الدنيا:هو أن لا يغلب الحلال شكره ولا الحرام صبره:أراد أن لايعجز الانسان ويقصر شكره على ما رزقه الله من الحلال ولاصبره عن ترك الحرام.وفلان يتزهد أي يتعبد.وازدهد العطاء :استقله.والمزهد :قليل المال.وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"أفضل الناس مؤمن مزهد".ويقال :"خذ زهدما يكفيك:أي قدر ما يكفيك.
واستنادا الى ما ورد من مدلول لغوي للزهد فانه اصطلاحا في الاسلام:هو عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء الى ما هو خير منه.وهو ترك راحة الدنياطلبا لراحة الآخرةو أن يخلو قلبك مما خلت منه يداك.ويعين العبد على ذلك علمه أن الدنيا ظل زائل وخيال زائر.
*قال جل وعلا:"زين للناس حب الشهوات من النسآء والبنين والقناطير المقطنرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث.ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنه حسن المآب."سورة آل عمران14
*وقال جل وعلا:"انما مثل الحياة الدنيا كمآء أنزلناه من السمآء فاختلط به الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى اذا أخذت الأرض زخرفهاو ازينت وظن أهلها أنهم قادرون علبها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس.كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون"سورة يونس 24
*وقال جل وعلا:"واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السمآء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا.المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا"سورة الكهف 44-45
تدور هذه الآيات حول معان ثلاثةهي:1-الميل الفطري الى النساء والبنين والمال والخيل والأنعام أي الغنم والبقر والابل.2-تشبيه الدنيا الفانية الزائلة بالماء النازل الى الأرض .فينبت عشب ثم يجف.ثم تأتي عليه الرياح.فتحمله وتذروه.كذلك أمر الله اذا جاء.والمفاضلة بينهاوبين"الباقيات الصالحات".قال ابن عباس:"هي الصلوات الخمس".وأردف عطاء بن أبي رباح أنها:"سبحان الله والحمد لله ولااله الا الله والله أكبر ولاحول ولاقوة الا بالله العظيم".
*عن المستوردبن شدادقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والله ما الدنيا في الآخرة الا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم.فلينظر بم يرجع؟"رواه مسلم
*وعن جابر-رضي الله عنه-قال:مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسوق داخلا من بعض العالية والناس كنفتيه.فمر بجدي أسك(أذناه صغيرتان)ميت فتناوله ثم قال:"أيكم يحب أيكون له هذا بدرهم؟فقالوا :ما نحب أنه لنا بشيء.وما نصنع به؟ثم قال:"أتحبون أنه لكم؟"قالوا :"والله لوكان حيا كان عيبا فيه أنه أسك.فكيف وهو ميت؟فقال:"والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم "رواه مسلم
يا أحباب رسول الله.ليس المقصود بالزهد رفض الدنياأبدا.انما المقصودأن يحياها بحلالهاويتجنب حرامها وأن يجعل الدنيا في يديه لا في قلبه وأن لايفرح اذا زيد له في ماله ولايحزن اذا ضيق الله عليه رزقه.فقد يكون الانسان متزهدا ومع ذلك قد يكون مهتما بنفسه قال صلى الله عليه وسلم:"أصلحوا رحالكم وحسنوا لباسكم حتى تكونوا شامة بين الناس".
وقد يكون الانسان زاهدا ومع ذلك يتزوج.فهما لايتعارضان.قال صلى الله عليه وسلم:"اياكم وحضراء الدمن.فقالوا :وما خضراء الدمن؟قال:المرأة الحسناء في المنبت السوء"
*وكما نهانا عن تزوج أمثال تلك النساء بين لنا أنه من النساء من تعين زوجها على غوائل الدنيا.فقال:"الدنيا متاع.وخير متاعها الزوجة الصالحة:اذا نظر اليها سرته واذا أمرها أطاعته وان غاب عنها حفظته في نفسه وماله".وقال:"تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة".ولقد سئل الامام أحمد:أيكون النساء ذا مال وهو زاهد؟ قال:نعم ان كان لا يفرح بزيادته ولايحزن بنقصانه."-وقال الحسن البصري:"ليس الزهد باضاعة المال وبتحريم الحلال.ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يد نفسك وأن يكون حالك في المصيبة وحالك اذا لم تصب بها سواءوأن يكون حالك في المصيبة وحالك اذا لم تصب بها سواءوأن يكون مادحك وذامك في الحق سواء"
*عن أبي هريرة رصي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انظروا الى من هو أسفل منكم ولاتنظروا الى من هو فوقكم.فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"متفق عليه/بلفظ مسلم
فسبحان الله لو شاء لهدى الناس أجمعين ولاحول ولاقوة الا بالله العظيم.
الحمد لله على حلمه بعد علمه وعلى عفوه بعد قدرته.وأشهد أن لااله الاالله و أن محمدا عبده ورسوله.بلغ الرسالة.وأدى الأمانة.ونصر الأمة.فكشف الله به الغمة.اللهم صل عليه عددخلقه ورضاءنفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.ثم أما بعد :الأنبياء أشد بلاء.وهم القدوة في الزهد.ولقد كان محمد صلى الله عليه وسلم يرقع ثوبه ويخصف نعله.ويحلب شاته.وما شبع من خبز الشعير يومين متتالين حتى قبض.وكان لربما يظل اليوم يتلوى لايجد من الدقل-رديء التمر-ما يملأ بطنه.وفي غزوة الأحزاب ربط الحجر على بطنه من شدة الجوع.ويمر على أهله الهلال ثم الهلال لايوقد في بيته نارا.وكان طعامه الأسودين(التمر +الماء).بل روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت:"انما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أدما حشوه ليف"*وذكر ابن جرير من طريق أبي هريرةأن النبي خرج ذات مرة عند الهجير أي عند اشتداد الحر.فوجد أبا بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.فقال :ما الذي أخرجكما؟.قالا:أخرجنا الجوع يا رسول الله.قال:فوالذي بعثني بالحق أخرجني الذي أخرجكما.ثم نزلوا عند رجل من الأنصار.فأحسن اليهم.ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:احملوا الذراع الى فاطمة.فلقد مر ثلاث ليالى لم يدخل جوفها طعام.هذا هو النعيم الذي ستسألون عنه."
أما آثار الزهد فنذكر ما يلي على سبيل الذكر لا الحصر:
1-الفوز بنعيم الله جل وعلا/عن أنس رضي الله عنه قال:قال رسول الله عليه وسلم:"يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة.فيصبغ في النار صبغة.ثم يقال :ياابن آدم هل رأيت خيرا قط؟هل مر بك نعيم قط؟"فيقول:"لا والله يا رب "ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة.فيقال له:"يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟هل مر بك شدة قط؟فيقول:"لا والله يا رب.ما مر بي بؤس قط.ولا رأيت شدة قط"
2-نفع العمل عندما يقبر الانسان/عن أنس رضي الله عنهقال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"يتبع الميت ثلاثة:أهله وماله و عمله .فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه.يرجع أهله وماله.ويبقى عمله"متفق عليه.
3-محبة الله جل وعلا للانسان الزاهد ومحبة الناس له/عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال:جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله دلني على عمل اذا أنا عملته أحبني الله وأحبنى الناس.قال:ازهد الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس"حديث حسن /رواه ابن ماجة
4-دخول فقراء الجنة المتزهدين قبل أغنيائها/عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه:"يدخل فقراء الجنة قبل الأغنياء بخمس مائة عام "/رواه الترمذي وقال حديث صحيح.
فاللهم اجعلنامن الزاهدين.اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولاتجعلها في قلوبنا.اللهم احفظنا واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين.واحفظ رئيسنا.ووفقه.وأغثنا غيثا نافعا.وأعز الاسلام والمسلمين.واحفظ مقدسات المسلمين يا رب العالمين.واجعل هذا العمل مخلصا لوجهك الكريم.يا أرحم الراحمين...






في با ب الزهد في الدنيا

في باب الزهد في الدنيا
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة .فيصبغ فالنار صبغة.ثم يقال :يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟هل مر بك نعيم قط؟فيقول:لاوالله يارب.ويؤتى بأشد الناس بؤسافي الدنيا من أهل الجنة.فيصبغ صبغة في الجنة.فيقال له:يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟فيقول:لاوالله يا رب ما مر بي بؤس قط.ولارأيت شدة قط."روا مسلم.
اخوة الايمان:هذا الحديث يرويه أنس رضي الله عنه .وهو ممن عاش مع النبي صلى الله عليه وسلم.ولزمه عشر سنوات لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم أف ولم يره غاضبا الا في حد من حدود الله جل وعلا.والحديث صحيح في اسناده.أخرجه الامام مسلم.أما مضمونه فيتعلق بفضل الزهد في الدنياو التقلل منهاأو ما نعبر عنه اليو م بالقناعة.والرضا بما قسمه الله لك دون شعور بالعجز والذلة والمسكنة.الزهد كما قال الحسن البصري هو" أن لايغلب الحلال شكره ولا الحرام صبره ".أي أن تكون حامدا لله في منشطك ومكرهك في السراء وفي الضراء وحين البأس.وأن لاتزدري نعم الله عليك.وهذا الحديث فيه مقابلة بين أهل النعيم في الدنيا ممن كتب الله عليهم النار.وليس المقصود أهل النعيم من الحنة.فقد يعطي الله تعالى المال الى بعض عباده.ومع ذلك فلا يحملهم ذلك الى نكران نعم المنعم جل وعلا.انما المقصود الذين ينعم الله عليهم.لكنهم يجحدون."أنعم أهل الدنيا من أهل النار".فهؤلاء يصبغهم الله صبغة في النار أي يريهم من عذاب جهنم وألوانه وقيعانه و تقطع لهم ثياب من قطران.فينسون ما حيوه من نعيم في الدنيا.
أما أهل البؤس في الدنيا: أهل الخصاصة والفقر المتعففين الأتقياء الصابرين الشاكرين فانهم يصبغون صبغة في الجنة أي صبغة واحدة:لونا واحدا.هذا دون بقية مشاهد الجنة والخلودفيها.فينسى الانسان ما كابده وأتعبه وسهره وما قام به في سبيل الله تعالى ....
جعلنى الله واياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.اللهم اجعلنا من الزاهدين.اللهم اجعلنا ممن تغلب عليهم الآخرة في قلبه فيشتغل بها عن الدنيا يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"