بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 يوليو 2010

أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ

أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ

لهذا أخبر تعالى عما أعطاهم على ذلك فقال " أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة " أي ثناء من الله عليهم قال سعيد بن جبير : أي أمنة من العذاب " وأولئك هم المهتدون " قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نعم العدلان ونعمت العلاوة " أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة " فهذان العدلان " وأولئك هم المهتدون" فهذه العلاوة وهي ما توضع بين العدلين وهي زيادة في الحمل فكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضا . وقد ورد في ثواب الاسترجاع وهو قول " إنا لله وإنا إليه راجعون " عند المصائب أحاديث كثيرة فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد حيث قال : حدثنا يونس بن محمد حدثنا ليث يعني ابن سعد عن يزيد بن عبد الله حدثنا أسامة بن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب عن أم سلمة قالت : أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا سررت به قال : " لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول : اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا فعل ذلك به " قالت أم سلمة : فحفظت ذلك منه فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها ثم رجعت إلى نفسي فقلت من أين لي خير من أبي سلمة ؟ فلما انقضت عدتي استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدبغ إهابا لي فغسلت يدي من القرظ وأذنت له فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف فقعد عليها فخطبني إلى نفسي فلما فرغ من مقالته قلت يا رسول الله ما بي أن لا يكون بك الرغبة ولكني امرأة في غيرة شديدة فأخاف أن ترى مني شيئا يعذبني الله به وأنا امرأة قد دخلت في السن وأنا ذات عيال فقال " أما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عز وجل عنك وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل الذي أصابك وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي" قالت : فقد سلمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أم سلمة بعد : أبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صحيح مسلم عنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول " إنا لله وإنا إليه راجعون " اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها" قالت فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد وعباد بن عباد قالا حدثنا هشام بن أبي هشام حدثنا عباد بن زياد عن أمه عن فاطمة ابنة الحسين عن أبيها الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وإن طال عهدها - وقال عباد قدم عهدها - فيحدث لذلك استرجاعا إلا جدد الله له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب " ورواه ابن ماجه في سننه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن هشام بن زياد عن أمه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها وقد رواه إسماعيل بن علية ويزيد بن هارون عن هشام بن زياد عن أبيه" كذا " عن فاطمة عن أبيها وقال الإمام أحمد أنا يحيى بن إسحاق السيلحيني أنا حماد بن سلمة عن أبي سنان قال : دفنت ابنا لي فإني لفي القبر إذ أخذ بيدي أبو طلحة يعني الخولاني فأخرجني وقال لي : ألا أبشرك قلت بلى قال : حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عازب عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال الله : يا ملك الموت قبضت ولد عبدي ; قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده ؟ قال نعم قال فما قال ؟ قال : حمدك واسترجع قال : ابنو له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد " ثم رواه عن علي بن إسحاق عن عبد الله بن المبارك فذكره وهكذا رواه الترمذي عن سويد بن نصر عن ابن المبارك به وقال حسن غريب واسم أبي سنان عيسى بن سنان

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.....

الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

بين تعالى من الصابرون الذين شكرهم فقال الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أي تسلوا بقولهم هذا عما أصابهم وعلموا أنهم ملك لله يتصرف في عبيده بما يشاء وعلموا أنه لا يضيع لديه مثقال ذرة يوم القيامة فأحدث لهم ذلك اعترافهم بأنهم عبيده وأنهم إليه راجعون في الدار الآخرة .

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ.....

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ

أخبرنا تعالى أنه يبتلي عباده : أي يختبرهم ويمتحنهم كما قال تعالى " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم " فتارة بالسراء وتارة بالضراء من خوف وجوع كما قال تعالى " فأذاقها الله لباس الجوع والخوف" فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه ولهذا قال لباس الجوع والخوف وقال هاهنا " بشيء من الخوف والجوع " أي بقليل من ذلك " ونقص من الأموال " أي ذهاب بعضها " والأنفس " كموت الأصحاب والأقارب والأحباب " والثمرات " أي لا تغل الحدائق والمزارع كعادتها قال بعض السلف : فكانت بعض النخيل لا تثمر غير واحدة وكل هذا وأمثاله مما يختبر الله به عباده فمن صبر أثابه ومن قنط أحل به عقابه ولهذا قال تعالى " وبشر الصابرين" وقد حكى بعض المفسرين أن المراد من الخوف هاهنا خوف الله وبالجوع صيام رمضان وبنقص الأموال الزكاة والأنفس الأمراض والثمرات الأولاد وفي هذا نظر والله أعلم .

أَخْبَرَنَا تَعَالَى أَنَّهُ يَبْتَلِي عِبَاده : أَيْ يَخْتَبِرهُمْ وَيَمْتَحِنهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَنَبْلُوَنَّكُم حَتَّى نَعْلَم الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُو أَخْبَاركُمْ " فَتَارَة بِالسَّرَّاءِ وَتَارَة بِالضَّرَّاءِ مِنْ خَوْفٍ وَجُوعٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَأَذَاقَهَا اللَّه لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف" فَإِنَّ الْجَائِع وَالْخَائِف كُلّ مِنْهُمَا يَظْهَر ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف وَقَالَ هَاهُنَا " بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْف وَالْجُوع " أَيْ بِقَلِيلٍ مِنْ ذَلِكَ " وَنَقْص مِنْ الْأَمْوَال " أَيْ ذَهَاب بَعْضهَا " وَالْأَنْفُس " كَمَوْتِ الْأَصْحَاب وَالْأَقَارِب وَالْأَحْبَاب " وَالثَّمَرَات " أَيْ لَا تُغِلّ الْحَدَائِق وَالْمَزَارِع كَعَادَتِهَا قَالَ بَعْض السَّلَف : فَكَانَتْ بَعْض النَّخِيل لَا تُثْمِر غَيْر وَاحِدَة وَكُلّ هَذَا وَأَمْثَاله مِمَّا يَخْتَبِر اللَّه بِهِ عِبَاده فَمَنْ صَبَرَ أَثَابَهُ وَمَنْ قَنَطَ أَحَلَّ بِهِ عِقَابه وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ" وَقَدْ حَكَى بَعْض الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْمُرَاد مِنْ الْخَوْف هَاهُنَا خَوْف اللَّه وَبِالْجُوعِ صِيَام رَمَضَان وَبِنَقْصِ الْأَمْوَال الزَّكَاة وَالْأَنْفُس الْأَمْرَاض وَالثَّمَرَات الْأَوْلَاد وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَاَللَّه أَعْلَم .

" type="hidden">

وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ..................

وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ

وقوله تعالى " ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء " يخبر تعالى أن الشهداء في برزخهم أحياء يرزقون كما جاء في صحيح مسلم " إن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال ماذا تبغون ؟ فقالوا يا ربنا وأي شيء نبغي وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ ثم عاد عليهم بمثل هذا فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا قالوا نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نقتل فيك مرة أخرى - لما يرون من ثواب الشهادة - فيقول الرب جل جلاله" إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون " . وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن الإمام الشافعي عن الإمام مالك عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه " ففيه دلالة لعموم المؤمنين أيضا وإن كان الشهداء قد خصصوا بالذكر في القرآن تشريفا لهم وتكريما وتعظيما .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصابرين

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصابرين

لما فرغ تعالى من بيان الأمر بالشكر شرع في بيان الصبر والإرشاد والاستعانة بالصبر والصلاة فإن العبد إما أن يكون في نعمة فيشكر عليها أو في نقمة فيصبر عليها كما جاء في الحديث " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له : إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له" وبين تعالى أن أجود ما يستعان به على تحمل المصائب الصبر والصلاة كما تقدم في قوله " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين" وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر صلى والصبر صبران فصبر على ترك المحارم والمآثم وصبر على فعل الطاعات والقربات والثاني أكثر ثوابا لأنه المقصود وأما الصبر الثالث وهو الصبر على المصائب والنوائب فذاك أيضا واجب كالاستغفار من المعايب كما قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الصبر في بابين الصبر لله بما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان والصبر لله عما كره وإن نازعت إليه الأهواء فمن كان هكذا فهو من الصابرين الذين يسلم عليهم إن شاء الله : وقال علي بن الحسين زين العابدين إذا جمع الله الأولين والآخرين ينادي مناد أين الصابرون ليدخلوا الجنة قبل الحساب ؟ قال فيقوم عنق من الناس فيتلقاهم الملائكة فيقولون إلى أين يا بني آدم ؟ فيقولون إلى الجنة فيقولون وقبل الحساب ؟ قالوا نعم قالوا ومن أنتم ؟ قالوا نحن الصابرون قالوا وما كان صبركم ؟ قالوا صبرنا على طاعة الله وصبرنا عن معصية الله حتى توفانا الله قالوا أنتم كما قلتم ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين " قلت " ويشهد لهذا قوله تعالى" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " وقال سعيد بن جبير الصبر اعتراف العبد لله بما أصاب منه واحتسابه عند الله رجاء ثوابه وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر .

لَمَّا فَرَغَ تَعَالَى مِنْ بَيَان الْأَمْر بِالشُّكْرِ شَرَعَ فِي بَيَان الصَّبْر وَالْإِرْشَاد وَالِاسْتِعَانَة بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاة فَإِنَّ الْعَبْد إِمَّا أَنْ يَكُون فِي نِعْمَة فَيَشْكُر عَلَيْهَا أَوْ فِي نِقْمَة فَيَصْبِر عَلَيْهَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث " عَجَبًا لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاء فَشَكَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاء فَصَبَرَ كَانَ خَيْرًا لَهُ" وَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ أَجْوَد مَا يُسْتَعَان بِهِ عَلَى تَحَمُّل الْمَصَائِب الصَّبْرُ وَالصَّلَاةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْله " وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" وَفِي الْحَدِيث أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى وَالصَّبْر صَبْرَانِ فَصَبْرٌ عَلَى تَرْك الْمَحَارِم وَالْمَآثِم وَصَبْرٌ عَلَى فِعْل الطَّاعَات وَالْقُرُبَات وَالثَّانِي أَكْثَر ثَوَابًا لِأَنَّهُ الْمَقْصُود وَأَمَّا الصَّبْرُ الثَّالِثُ وَهُوَ الصَّبْرُ عَلَى الْمَصَائِب وَالنَّوَائِب فَذَاكَ أَيْضًا وَاجِبٌ كَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ الْمَعَايِب كَمَا قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ : الصَّبْر فِي بَابَيْنِ الصَّبْر لِلَّهِ بِمَا أَحَبَّ وَإِنْ ثَقُلَ عَلَى الْأَنْفُس وَالْأَبْدَان وَالصَّبْر لِلَّهِ عَمَّا كَرِهَ وَإِنْ نَازَعْت إِلَيْهِ الْأَهْوَاء فَمَنْ كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مِنْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّه : وَقَالَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْن زَيْن الْعَابِدِينَ إِذَا جَمَعَ اللَّه الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ الصَّابِرُونَ لِيَدْخُلُوا الْجَنَّة قَبْل الْحِسَاب ؟ قَالَ فَيَقُوم عُنُق مِنْ النَّاس فَيَتَلَقَّاهُمْ الْمَلَائِكَة فَيَقُولُونَ إِلَى أَيْنَ يَا بَنِي آدَم ؟ فَيَقُولُونَ إِلَى الْجَنَّة فَيَقُولُونَ وَقَبْل الْحِسَاب ؟ قَالُوا نَعَمْ قَالُوا وَمَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا نَحْنُ الصَّابِرُونَ قَالُوا وَمَا كَانَ صَبْركُمْ ؟ قَالُوا صَبَرْنَا عَلَى طَاعَة اللَّه وَصَبَرْنَا عَنْ مَعْصِيَة اللَّه حَتَّى تَوَفَّانَا اللَّهُ قَالُوا أَنْتُمْ كَمَا قُلْتُمْ اُدْخُلُوا الْجَنَّة فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ " قُلْت " وَيَشْهَد لِهَذَا قَوْله تَعَالَى" إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب " وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر الصَّبْر اِعْتِرَاف الْعَبْد لِلَّهِ بِمَا أَصَابَ مِنْهُ وَاحْتِسَابه عِنْد اللَّه رَجَاء ثَوَابه وَقَدْ يَجْزَع الرَّجُل وَهُوَ مُتَجَلِّدٌ لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا الصَّبْر .

" type="hidden">

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ.............

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ

قال مجاهد في قوله " كما أرسلنا فيكم رسولا منكم" يقول كما فعلت فاذكروني قال عبد الله بن وهب عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم أن موسى عليه السلام قال يا رب كيف أشكرك ؟ قال له ربه : تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني فقد شكرتني وإذا نسيتني فقد كفرتني قال الحسن البصري وأبو العالية والسدي والربيع بن أنس إن الله يذكر من ذكره ويزيد من شكره ويعذب من كفره وقال بعض السلف في قوله تعالى " اتقوا الله حق تقاته " قال هو أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا عمارة الصيدلاني أخبرنا مكحول الأزدي قال : قلت لابن عمر أرأيت قاتل النفس وشارب الخمر والسارق والزاني يذكر الله وقد قال الله تعالى " فاذكروني أذكركم " قال إذا ذكر الله هذا ذكره الله بلعنته حتى يسكت وقال الحسن البصري في قوله " فاذكروني أذكركم" قال اذكروني فيما أوجبت لكم على نفسي وعن سعيد بن جبير اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي وفي رواية برحمتي وعن ابن عباس في قوله اذكروني أذكركم قال ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه وفي الحديث الصحيح " يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه " قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عن قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال الله عز وجل يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي وإن ذكرتني في ملإ ذكرتك في ملإ من الملائكة - أو قال في ملإ خير منه - وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا وإن أتيتني تمشي أتيتك هرولة " صحيح الإسناد أخرجه البخاري من حديث قتادة وعنده قال قتادة الله أقرب بالرحمة : وقوله " واشكروا لي ولا تكفرون" أمر الله تعالى بشكره ووعد على شكره بمزيد الخير فقال " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " وقال الإمام أحمد حدثنا روح حدثنا شعبة عن الفضيل بن فضالة - رجل من قيس - حدثنا أبو رجاء العطاردي قال خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف من خز لم نره عليه قبل ذلك ولا بعده فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أنعم الله عليه نعمة فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه " وقال روح مرة : على عبده .

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا.........

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ

يذكر تعالى عباده المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليهم يتلو عليهم آيات الله مبينات يزكيهم أي يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويعلمهم الكتاب وهو القرآن والحكمة وهي السنة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون فكانوا في الجاهلية الجهلاء يسفهون بالعقول الغراء فانتقلوا ببركة رسالته ويمن سفارته إلى حال الأولياء وسجايا العلماء فصاروا أعمق الناس علما وأبرهم قلوبا وأقلهم تكلفا وأصدقهم لهجة وقال تعالى" لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم " الآية وذلك من لم يعرف قدر هذه النعمة فقال تعالى" ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار " قال ابن عباس يعني بنعمة الله محمدا صلى الله عليه وسلم ولهذا ندب الله المؤمنين إلى الاعتراف بهذه النعمة ومقابلتها بذكره وشكره .

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ..............

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

قال في الأمر الثاني " ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون " فذكر أنه الحق من الله وارتقاءه المقام الأول حيث كان موافقا لرضا الرسول صلى الله عليه وسلم فبين أنه الحق أيضا من الله يحبه ويرتضيه وذكر في الأمر الثالث حكمة قطع حجة المخالف من اليهود الذين كانوا يتحججون باستقبال الرسول إلى قبلتهم وقد كانوا يعلمون بما في كتبهم أنه سيصرف إلى قبلة إبراهيم عليه السلام إلى الكعبة وكذلك مشركو العرب انقطعت حجتهم لما صرف الرسول صلى الله عليه وسلم عن قبلة إبراهيم التي هي أشرف وقد كانوا يعظمون الكعبة وأعجبهم استقبال الرسول إليها وقيل غير ذلك من الأجوبة عن حكمة التكرار وقد بسطها الرازي وغيره والله أعلم : وقوله " لئلا يكون للناس عليكم حجة " أي أهل الكتاب فإنهم يعلمون من صفة هذه الأمة التوجه إلى الكعبة فإذا فقدوا ذلك من صفتها ربما احتجوا بها على المسلمين ولئلا يحتجوا بموافقة المسلمين إياهم في التوجه إلى بيت المقدس وهذا أظهر قال أبو العالية " لئلا يكون للناس عليكم حجة " يعني به أهل الكتاب حين قالوا صرف محمد إلى الكعبة : وقالوا اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه وكان حجتهم على النبي صلى الله عليه وسلم انصرافه إلى البيت الحرام أن قالوا سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا قال ابن أبي حاتم وروى عن مجاهد وعطاء والضحاك والربيع بن أنس وقتادة والسدي نحو هذا وقال هؤلاء في قوله " إلا الذين ظلموا منهم " يعني مشركي قريش ووجه بعضهم حجة الظلمة وهي داحضة أن قالوا إن هذا الرجل يزعم أنه على دين إبراهيم فإن كان توجهه إلى بيت المقدس على ملة إبراهيم فلم رجع عنه والجواب أن الله تعالى اختار له التوجه إلى البيت المقدس أولا لما له تعالى في ذلك من الحكمة فأطاع ربه تعالى في ذلك ثم صرفه إلى قبلة إبراهيم وهي الكعبة فامتثل أمر الله في ذلك أيضا فهو صلوات الله وسلامه عليه مطيع لله في جميع أحواله لا يخرج عن أمر الله طرفة عين وأمته تبع له وقوله " فلا تخشوهم واخشوني" أي لا تخشوا شبه الظلمة المتعنتين وأفردوا الخشية لي فإنه تعالى هو أهل أن يخشى منه : وقوله " ولأتم نعمتي عليكم " عطف على لئلا يكون للناس عليكم حجة أي لأتم نعمتي عليكم فيما شرعت لكم من استقبال الكعبة لتكمل لكم الشريعة من جميع وجوهها " ولعلكم تهتدون " أي إلى ما ضلت عنه الأمم هديناكم إليه وخصصناكم به ولهذا كانت هذه الأمة أشرف الأمم وأفضلها.

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ...................

كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ

يذكر تعالى عباده المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليهم يتلو عليهم آيات الله مبينات يزكيهم أي يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويعلمهم الكتاب وهو القرآن والحكمة وهي السنة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون فكانوا في الجاهلية الجهلاء يسفهون بالعقول الغراء فانتقلوا ببركة رسالته ويمن سفارته إلى حال الأولياء وسجايا العلماء فصاروا أعمق الناس علما وأبرهم قلوبا وأقلهم تكلفا وأصدقهم لهجة وقال تعالى" لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم " الآية وذلك من لم يعرف قدر هذه النعمة فقال تعالى" ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار " قال ابن عباس يعني بنعمة الله محمدا صلى الله عليه وسلم ولهذا ندب الله المؤمنين إلى الاعتراف بهذه النعمة ومقابلتها بذكره وشكره .

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ..........

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

قال في الأمر الثاني " ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون " فذكر أنه الحق من الله وارتقاءه المقام الأول حيث كان موافقا لرضا الرسول صلى الله عليه وسلم فبين أنه الحق أيضا من الله يحبه ويرتضيه وذكر في الأمر الثالث حكمة قطع حجة المخالف من اليهود الذين كانوا يتحججون باستقبال الرسول إلى قبلتهم وقد كانوا يعلمون بما في كتبهم أنه سيصرف إلى قبلة إبراهيم عليه السلام إلى الكعبة وكذلك مشركو العرب انقطعت حجتهم لما صرف الرسول صلى الله عليه وسلم عن قبلة إبراهيم التي هي أشرف وقد كانوا يعظمون الكعبة وأعجبهم استقبال الرسول إليها وقيل غير ذلك من الأجوبة عن حكمة التكرار وقد بسطها الرازي وغيره والله أعلم : وقوله " لئلا يكون للناس عليكم حجة " أي أهل الكتاب فإنهم يعلمون من صفة هذه الأمة التوجه إلى الكعبة فإذا فقدوا ذلك من صفتها ربما احتجوا بها على المسلمين ولئلا يحتجوا بموافقة المسلمين إياهم في التوجه إلى بيت المقدس وهذا أظهر قال أبو العالية " لئلا يكون للناس عليكم حجة " يعني به أهل الكتاب حين قالوا صرف محمد إلى الكعبة : وقالوا اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه وكان حجتهم على النبي صلى الله عليه وسلم انصرافه إلى البيت الحرام أن قالوا سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا قال ابن أبي حاتم وروى عن مجاهد وعطاء والضحاك والربيع بن أنس وقتادة والسدي نحو هذا وقال هؤلاء في قوله " إلا الذين ظلموا منهم " يعني مشركي قريش ووجه بعضهم حجة الظلمة وهي داحضة أن قالوا إن هذا الرجل يزعم أنه على دين إبراهيم فإن كان توجهه إلى بيت المقدس على ملة إبراهيم فلم رجع عنه والجواب أن الله تعالى اختار له التوجه إلى البيت المقدس أولا لما له تعالى في ذلك من الحكمة فأطاع ربه تعالى في ذلك ثم صرفه إلى قبلة إبراهيم وهي الكعبة فامتثل أمر الله في ذلك أيضا فهو صلوات الله وسلامه عليه مطيع لله في جميع أحواله لا يخرج عن أمر الله طرفة عين وأمته تبع له وقوله " فلا تخشوهم واخشوني" أي لا تخشوا شبه الظلمة المتعنتين وأفردوا الخشية لي فإنه تعالى هو أهل أن يخشى منه : وقوله " ولأتم نعمتي عليكم " عطف على لئلا يكون للناس عليكم حجة أي لأتم نعمتي عليكم فيما شرعت لكم من استقبال الكعبة لتكمل لكم الشريعة من جميع وجوهها " ولعلكم تهتدون " أي إلى ما ضلت عنه الأمم هديناكم إليه وخصصناكم به ولهذا كانت هذه الأمة أشرف الأمم وأفضلها.

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ........

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

هذا أمر ثالث من الله تعالى باستقبال المسجد الحرام من جميع أقطار الأرض وقد اختلفوا في حكمة هذا التكرار ثلاث مرات فقيل تأكيد لأنه أول ناسخ وقع في الإسلام على ما نص عليه ابن عباس وغيره وقيل بل هو منزل على أحوال فالأمر الأول لمن هو مشاهد الكعبة والثاني لمن هو في مكة غائبا عنها والثالث لمن هو في بقية البلدان هكذا وجهه فخر الدين الرازي وقال القرطبي الأول لمن هو بمكة والثاني لمن هو في بقية الأمصار والثالث لمن خرج في الأسفار ورجح هذا الجواب القرطبي وقيل إنما ذكر ذلك لتعلقه بما قبله أو بعده من السياق : فقال أولا " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها " إلى قوله " وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون " فذكر في هذا المقام إجابته إلى طلبته وأمره بالقبلة التي كان يود التوجه إليها ويرضاها .

وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ................

وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

قال العوفي عن ابن عباس " ولكل وجهة هو موليها " يعني بذلك أهل الأديان يقول لكل قبيلة قبلة يرضونها ووجهة الله حيث توجه المؤمنون وقال أبو العالية : لليهودي وجهة هو موليها وللنصراني وجهة هو موليها وهداكم أنتم أيتها الأمة إلى القبلة التي هي القبلة. وروي عن مجاهد وعطاء والضحاك والربيع بن أنس والسدي نحو هذا وقال مجاهد في الرواية الأخرى والحسن : لكن أمر كل قوم أن يصلوا إلى الكعبة وقرأ ابن عباس وأبو جعفر الباقر وابن عامر " ولكل وجهة هو مولاها " وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى" لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا " وقال هاهنا " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير " أي هو قادر على جمعكم من الأرض وإن تفرقت أجسادكم وأبدانكم .

الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ................

الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ

ثبت تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وأخبرهم بأن ما جاء به الرسول هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فقال الحق من ربك فلا تكونن من الممترين .

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ...........

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

يخبر تعالى أن العلماء من أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرف أحدهم ولده والعرب كانت تضرب المثل في صحة الشيء بهذا كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل معه صغير ابنك هذا " قال نعم يا رسول الله أشهد به قال " أما إنه لا يخفى عليك ولا تخفى عليه " قال القرطبي : ويروى عن عمر أنه قال لعبد الله بن سلام : أتعرف محمدا كما تعرف ولدك ؟ قال نعم وأكثر نزل الأمين من السماء على الأمين في الأرض بنعته فعرفته وإني لا أدري ما كان من أمه قلت وقد يكون المراد " يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " من بين أبناء الناس كلهم لا يشك أحد ولا يمتري في معرفة ابنه إذا رآه من أبناء الناس كلهم ثم أخبر تعالى أنهم مع هذا التحقق والإتقان العلمي " ليكتمون الحق " أي ليكتمون الناس ما في كتبهم من صفة النبي صلى الله عليه وسلم" وهم يعلمون " .

الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ..................

الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ

ثبت تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وأخبرهم بأن ما جاء به الرسول هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فقال الحق من ربك فلا تكونن من الممترين

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ.................

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

يخبر تعالى أن العلماء من أهل الكتاب يعرفون صحة ما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرف أحدهم ولده والعرب كانت تضرب المثل في صحة الشيء بهذا كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل معه صغير ابنك هذا " قال نعم يا رسول الله أشهد به قال " أما إنه لا يخفى عليك ولا تخفى عليه " قال القرطبي : ويروى عن عمر أنه قال لعبد الله بن سلام : أتعرف محمدا كما تعرف ولدك ؟ قال نعم وأكثر نزل الأمين من السماء على الأمين في الأرض بنعته فعرفته وإني لا أدري ما كان من أمه قلت وقد يكون المراد " يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " من بين أبناء الناس كلهم لا يشك أحد ولا يمتري في معرفة ابنه إذا رآه من أبناء الناس كلهم ثم أخبر تعالى أنهم مع هذا التحقق والإتقان العلمي " ليكتمون الحق " أي ليكتمون الناس ما في كتبهم من صفة النبي صلى الله عليه وسلم" وهم يعلمون " .

وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ........

وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ

يخبر تعالى عن كفر اليهود وعنادهم ومخالفتهم ما يعرفونه من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لو أقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به لما اتبعوه وتركوا أهواءهم كما قال تعالى " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم " ولهذا قال هاهنا " ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك " وقوله " وما أنت بتابع قبلتهم " إخبار عن شدة متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لما أمره الله تعالى به وأنه كما هم مستمسكون بآرائهم وأهوائهم فهو أيضا مستمسك بأمر الله وطاعته واتباع مرضاته وأنه لا يتبع أهواءهم في جميع أحواله ولا كونه متوجها إلى بيت المقدس لكونها قبلة اليهود وإنما ذلك عن أمر الله تعالى ثم حذر تعالى عن مخالفة الحق الذي يعلمه العالم إلى الهوى فإن العالم الحجة عليه أقوم من غيره ولهذا قال مخاطبا للرسول والمراد به الأمة " ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ".

قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا......

قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : كَانَ أَوَّل مَا نُسِخَ مِنْ الْقُرْآن الْقِبْلَة وَذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ أَكْثَر أَهْلهَا الْيَهُود فَأَمَرَهُ اللَّه أَنْ يَسْتَقْبِل بَيْت الْمَقْدِس فَفَرِحَتْ الْيَهُود فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَة عَشَر شَهْرًا وَكَانَ يُحِبّ قِبْلَة إِبْرَاهِيم فَكَانَ يَدْعُو إِلَى اللَّه وَيَنْظُر إِلَى السَّمَاء فَأَنْزَلَ اللَّه " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهك فِي السَّمَاء " إِلَى قَوْله " فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ " فَارْتَابَتْ مِنْ ذَلِكَ الْيَهُودُ وَقَالُوا : " مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ " وَقَالَ " فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه" وَقَالَ اللَّه تَعَالَى " وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَة الَّتِي كُنْت عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَم مَنْ يَتَّبِع الرَّسُول مِمَّنْ يَنْقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ " وَرَوَى اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيث الْقَاسِم الْعُمَرِيّ عَنْ عَمّه عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ دَاوُد بْن الْحُصَيْن عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاته إِلَى بَيْت الْمَقْدِس رَفَعَ رَأْسه إِلَى السَّمَاء . فَأَنْزَلَ اللَّه " فَلَنُوَلِّيَنَّك قِبْلَة تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام " إِلَى الْكَعْبَة إِلَى الْمِيزَاب يَؤُمّ بِهِ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام . وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء عَنْ يَحْيَى بْن قِطَّة قَالَ : رَأَيْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو جَالِسًا فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِإِزَاءِ الْمِيزَاب فَتَلَا هَذِهِ الْآيَة " فَلَنُوَلِّيَنَّك قِبْلَة تَرْضَاهَا " قَالَ نَحْو مِيزَاب الْكَعْبَة ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ الْحَسَن بْن عَرَفَة عَنْ هِشَام عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء بِهِ وَهَكَذَا قَالَ غَيْره وَهُوَ أَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَنَّ الْغَرَض إِصَابَة عَيْن الْكَعْبَة وَالْقَوْل الْآخَر وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْمُرَاد الْمُوَاجَهَة كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِم مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ عُمَيْر بْن زِيَاد الْكِنْدِيّ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " فَوَلِّ وَجْهك شَطْر الْمَسْجِد الْحَرَام " قَالَ شَطْره قِبَله ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . وَهَذَا قَوْل أَبِي الْعَالِيَة وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَغَيْرهمْ وَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيث الْآخَر " مَا بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب قِبْلَة" وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : رَوَى اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الْبَيْت قِبْلَة لِأَهْلِ الْمَسْجِد وَالْمَسْجِد قِبْلَة لِأَهْلِ الْحَرَم وَالْحَرَم قِبْلَة لِأَهْلِ الْأَرْض فِي مَشَارِقهَا وَمَغَارِبهَا مِنْ أُمَّتِي " وَقَالَ أَبُو نُعَيْم الْفَضْلُ بْن دُكَيْن : حَدَّثَنَا زُهَيْر عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْبَرَاء أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قِبَل بَيْت الْمَقْدِس سِتَّة عَشَر شَهْرًا أَوْ سَبْعَة عَشَر شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبهُ قِبْلَته قِبَل الْبَيْت وَأَنَّهُ صَلَّى صَلَاة الْعَصْر وَصَلَّى مَعَهُ قَوْم فَخَرَجَ رَجُل مِمَّنْ كَانَ يُصَلِّي مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْل الْمَسْجِد وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ : أَشْهَد بِاَللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَل مَكَّة فَدَارُوا كَمَا هُمْ قَبْل الْبَيْت . وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْبَرَاء قَالَ : لَمَّا قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة صَلَّى نَحْو بَيْت الْمَقْدِس سِتَّة عَشَر شَهْرًا أَوْ سَبْعَة عَشَر شَهْرًا وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ أَنْ يُحَوَّل نَحْو الْكَعْبَة فَنَزَلَتْ قَدْ نَرَى تَقَلُّب وَجْهك فِي السَّمَاء فَصُرِفَ إِلَى الْكَعْبَة وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى قَالَ : كُنَّا نَغْدُو إِلَى الْمَسْجِد عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصَلِّي فِيهِ فَمَرَرْنَا يَوْمًا وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِد عَلَى الْمِنْبَر فَقُلْت لَقَدْ حَدَثَ أَمْر فَجَلَسْت فَقَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة " قَدْ نَرَى تَقَلُّب وَجْهك فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّك قِبْلَة تَرْضَاهَا" حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْآيَة فَقُلْت لِصَاحِبِي تَعَالَ نَرْكَع رَكْعَتَيْنِ قَبْل أَنْ يَنْزِل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَكُون أَوَّل مَنْ صَلَّى فَتَوَارَيْنَا فَصَلَّيْنَاهُمَا ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى لِلنَّاسِ الظُّهْر يَوْمَئِذٍ وَكَذَا رَوَى اِبْن مَرْدَوَيْهِ عَنْ اِبْن عُمَر : أَنَّ أَوَّل صَلَاة صَلَّاهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَة صَلَاة الظُّهْر وَأَنَّهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى وَالْمَشْهُور أَنَّ أَوَّل صَلَاة صَلَّاهَا إِلَى الْكَعْبَة صَلَاة الْعَصْر وَلِهَذَا تَأَخَّرَ الْخَبَر عَنْ أَهْل قُبَاء إِلَى صَلَاة الْفَجْر وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق التَّسْتُرِيّ حَدَّثَنَا رَجَاء بْن مُحَمَّد السَّقَطِيّ حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِدْرِيس حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن جَعْفَر حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدَّته أُمّ أَبِيهِ نُوَيْلَة بِنْت مُسْلِم قَالَتْ : صَلَّيْنَا الظُّهْر - أَوْ الْعَصْر - فِي مَسْجِد بَنِي حَارِثَة فَاسْتَقْبَلْنَا مَسْجِد إِيلِيَاء فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَاءَ مَنْ يُحَدِّثنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اِسْتَقْبَلَ الْبَيْت الْحَرَام فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَان الرِّجَال وَالرِّجَالُ مَكَان النِّسَاء فَصَلَّيْنَا السَّجْدَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَنَحْنُ مُسْتَقْبِلُونَ الْبَيْت الْحَرَام فَحَدَّثَنِي رَجُل مِنْ بَنِي حَارِثَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أُولَئِكَ رِجَال يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ " وَقَالَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن دُحَيْم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم حَدَّثَنَا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل النَّهْدِيّ حَدَّثَنَا قَيْس عَنْ زِيَاد بْن عَلَاقَة عَنْ عُمَارَة بْن أَوْس قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الصَّلَاة نَحْو بَيْت الْمَقْدِس وَنَحْنُ رُكُوع إِذْ نَادَى مُنَادٍ بِالْبَابِ أَنَّ الْقِبْلَة قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَة قَالَ فَأَشْهَد عَلَى إِمَامنَا أَنَّهُ اِنْحَرَفَ فَتَحَوَّلَ هُوَ وَالرِّجَال وَالصِّبْيَان وَهُمْ رُكُوع نَحْو الْكَعْبَة .


قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : كَانَ أَوَّل مَا نُسِخَ مِنْ الْقُرْآن الْقِبْلَة وَذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ أَكْثَر أَهْلهَا الْيَهُود فَأَمَرَهُ اللَّه أَنْ يَسْتَقْبِل بَيْت الْمَقْدِس فَفَرِحَتْ الْيَهُود فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَة عَشَر شَهْرًا وَكَانَ يُحِبّ قِبْلَة إِبْرَاهِيم فَكَانَ يَدْعُو إِلَى اللَّه وَيَنْظُر إِلَى السَّمَاء فَأَنْزَلَ اللَّه " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهك فِي السَّمَاء " إِلَى قَوْله " فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ " فَارْتَابَتْ مِنْ ذَلِكَ الْيَهُودُ وَقَالُوا : " مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ " وَقَالَ " فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه" وَقَالَ اللَّه تَعَالَى " وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَة الَّتِي كُنْت عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَم مَنْ يَتَّبِع الرَّسُول مِمَّنْ يَنْقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ " وَرَوَى اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيث الْقَاسِم الْعُمَرِيّ عَنْ عَمّه عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ دَاوُد بْن الْحُصَيْن عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاته إِلَى بَيْت الْمَقْدِس رَفَعَ رَأْسه إِلَى السَّمَاء . فَأَنْزَلَ اللَّه " فَلَنُوَلِّيَنَّك قِبْلَة تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام " إِلَى الْكَعْبَة إِلَى الْمِيزَاب يَؤُمّ بِهِ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام . وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء عَنْ يَحْيَى بْن قِطَّة قَالَ : رَأَيْت عَبْد اللَّه بْن عَمْرو جَالِسًا فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِإِزَاءِ الْمِيزَاب فَتَلَا هَذِهِ الْآيَة " فَلَنُوَلِّيَنَّك قِبْلَة تَرْضَاهَا " قَالَ نَحْو مِيزَاب الْكَعْبَة ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ الْحَسَن بْن عَرَفَة عَنْ هِشَام عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء بِهِ وَهَكَذَا قَالَ غَيْره وَهُوَ أَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَنَّ الْغَرَض إِصَابَة عَيْن الْكَعْبَة وَالْقَوْل الْآخَر وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْمُرَاد الْمُوَاجَهَة كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِم مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ عُمَيْر بْن زِيَاد الْكِنْدِيّ عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ " فَوَلِّ وَجْهك شَطْر الْمَسْجِد الْحَرَام " قَالَ شَطْره قِبَله ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . وَهَذَا قَوْل أَبِي الْعَالِيَة وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَغَيْرهمْ وَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيث الْآخَر " مَا بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب قِبْلَة" وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : رَوَى اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " الْبَيْت قِبْلَة لِأَهْلِ الْمَسْجِد وَالْمَسْجِد قِبْلَة لِأَهْلِ الْحَرَم وَالْحَرَم قِبْلَة لِأَهْلِ الْأَرْض فِي مَشَارِقهَا وَمَغَارِبهَا مِنْ أُمَّتِي " وَقَالَ أَبُو نُعَيْم الْفَضْلُ بْن دُكَيْن : حَدَّثَنَا زُهَيْر عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْبَرَاء أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قِبَل بَيْت الْمَقْدِس سِتَّة عَشَر شَهْرًا أَوْ سَبْعَة عَشَر شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبهُ قِبْلَته قِبَل الْبَيْت وَأَنَّهُ صَلَّى صَلَاة الْعَصْر وَصَلَّى مَعَهُ قَوْم فَخَرَجَ رَجُل مِمَّنْ كَانَ يُصَلِّي مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْل الْمَسْجِد وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ : أَشْهَد بِاَللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَل مَكَّة فَدَارُوا كَمَا هُمْ قَبْل الْبَيْت . وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ الْبَرَاء قَالَ : لَمَّا قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة صَلَّى نَحْو بَيْت الْمَقْدِس سِتَّة عَشَر شَهْرًا أَوْ سَبْعَة عَشَر شَهْرًا وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبّ أَنْ يُحَوَّل نَحْو الْكَعْبَة فَنَزَلَتْ قَدْ نَرَى تَقَلُّب وَجْهك فِي السَّمَاء فَصُرِفَ إِلَى الْكَعْبَة وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد بْن الْمُعَلَّى قَالَ : كُنَّا نَغْدُو إِلَى الْمَسْجِد عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصَلِّي فِيهِ فَمَرَرْنَا يَوْمًا وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِد عَلَى الْمِنْبَر فَقُلْت لَقَدْ حَدَثَ أَمْر فَجَلَسْت فَقَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة " قَدْ نَرَى تَقَلُّب وَجْهك فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّك قِبْلَة تَرْضَاهَا" حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْآيَة فَقُلْت لِصَاحِبِي تَعَالَ نَرْكَع رَكْعَتَيْنِ قَبْل أَنْ يَنْزِل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَكُون أَوَّل مَنْ صَلَّى فَتَوَارَيْنَا فَصَلَّيْنَاهُمَا ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى لِلنَّاسِ الظُّهْر يَوْمَئِذٍ وَكَذَا رَوَى اِبْن مَرْدَوَيْهِ عَنْ اِبْن عُمَر : أَنَّ أَوَّل صَلَاة صَلَّاهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَة صَلَاة الظُّهْر وَأَنَّهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى وَالْمَشْهُور أَنَّ أَوَّل صَلَاة صَلَّاهَا إِلَى الْكَعْبَة صَلَاة الْعَصْر وَلِهَذَا تَأَخَّرَ الْخَبَر عَنْ أَهْل قُبَاء إِلَى صَلَاة الْفَجْر وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق التَّسْتُرِيّ حَدَّثَنَا رَجَاء بْن مُحَمَّد السَّقَطِيّ حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِدْرِيس حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن جَعْفَر حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدَّته أُمّ أَبِيهِ نُوَيْلَة بِنْت مُسْلِم قَالَتْ : صَلَّيْنَا الظُّهْر - أَوْ الْعَصْر - فِي مَسْجِد بَنِي حَارِثَة فَاسْتَقْبَلْنَا مَسْجِد إِيلِيَاء فَصَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَاءَ مَنْ يُحَدِّثنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ اِسْتَقْبَلَ الْبَيْت الْحَرَام فَتَحَوَّلَ النِّسَاءُ مَكَان الرِّجَال وَالرِّجَالُ مَكَان النِّسَاء فَصَلَّيْنَا السَّجْدَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَنَحْنُ مُسْتَقْبِلُونَ الْبَيْت الْحَرَام فَحَدَّثَنِي رَجُل مِنْ بَنِي حَارِثَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أُولَئِكَ رِجَال يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ " وَقَالَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن دُحَيْم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم حَدَّثَنَا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل النَّهْدِيّ حَدَّثَنَا قَيْس عَنْ زِيَاد بْن عَلَاقَة عَنْ عُمَارَة بْن أَوْس قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الصَّلَاة نَحْو بَيْت الْمَقْدِس وَنَحْنُ رُكُوع إِذْ نَادَى مُنَادٍ بِالْبَابِ أَنَّ الْقِبْلَة قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَة قَالَ فَأَشْهَد عَلَى إِمَامنَا أَنَّهُ اِنْحَرَفَ فَتَحَوَّلَ هُوَ وَالرِّجَال وَالصِّبْيَان وَهُمْ رُكُوع نَحْو الْكَعْبَة .

" type="hidden">وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ..............

أَمَرَ تَعَالَى بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَة مِنْ جَمِيع جِهَات الْأَرْض شَرْقًا وَغَرْبًا وَشَمَالًا وَجَنُوبًا وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا شَيْء سِوَى النَّافِلَة فِي حَال السَّفَر فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا حَيْثُمَا تَوَجَّهَ قَالِبه وَقَلْبه نَحْو الْكَعْبَة وَكَذَا فِي حَال الْمُسَايَفَة فِي الْقَتْل يُصَلِّي عَلَى كُلّ حَال وَكَذَا مَنْ جَهِلَ جِهَة الْقِبْلَة يُصَلِّي بِاجْتِهَادِهِ وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي نَفْس الْأَمْر لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يُكَلِّف نَفْسًا إِلَّا وُسْعهَا . " مَسْأَلَةٌ" وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمَالِكِيَّةُ بِهَذِهِ الْآيَة عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّي يَنْظُر أَمَامه لَا إِلَى مَوْضِع سُجُوده كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَة قَالَ الْمَالِكِيَّة : بِقَوْلِهِ " فَوَلِّ وَجْهك شَطْر الْمَسْجِد الْحَرَام " فَلَوْ نَظَرَ إِلَى مَوْضِع سُجُوده لَاحْتَاجَ أَنْ يَتَكَلَّف ذَلِكَ بِنَوْعٍ مِنْ الِانْحِنَاء وَهُوَ يُنَافِي كَمَال الْقِيَام وَقَالَ بَعْضهمْ : يَنْظُر الْمُصَلِّي فِي قِيَامه إِلَى صَدْره وَقَالَ شَرِيك الْقَاضِي : يَنْظُر فِي حَال قِيَامه إِلَى مَوْضِع سُجُوده كَمَا قَالَ جُمْهُور الْجَمَاعَة لِأَنَّهُ أَبْلَغ فِي الْخُضُوع وَآكَد فِي الْخُشُوع وَقَدْ وَرَدَ بِهِ الْحَدِيث وَأَمَّا فِي حَال رُكُوعه فَإِلَى مَوْضِع قَدَمَيْهِ وَفِي حَال سُجُوده إِلَى مَوْضِع أَنْفه وَفِي حَال قُعُوده إِلَى حِجْره .

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا......................

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا

قوله تعالى" وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " يقول تعالى إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه السلام واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم لأن الجميع معترفون لكم بالفضل والوسط هاهنا الخيار والأجود كما يقال قريش أوسط العرب نسبا ودارا أي خيرها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطا في قومه أي أشرفهم نسبا ومنه الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي العصر كما ثبت في الصحاح وغيرها ولما جعل الله هذه الأمة وسطا خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب كما قال تعالى " هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس " وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يدعى نوح يوم القيامة فيقال له هل بلغت ؟ فيقول نعم فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم ؟ فيقولون ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد فيقال لنوح من يشهد لك فيقول محمد وأمته قال : فذلك قوله " وكذلك جعلناكم أمة وسطا" قال والوسط العدل فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم " رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه من طرق عن الأعمش وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يجيء النبي يوم القيامة ومعه رجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم هذا ؟ فيقولون لا فيقال له هل بلغت قومك ؟ فيقول نعم فيقال من يشهد لك فيقول محمد وأمته فيدعى محمد وأمته فيقال لهم هل بلغ هذا قومه ؟ فيقولون نعم فيقال وما علمكم ؟ فيقولون جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا فذلك قوله عز وجل " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال عدلا" لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " وقال أحمد أيضا : حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال " عدلا " وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه وابن أبي حاتم من حديث عبد الواحد بن زياد عن أبي مالك الأشجعي عن المغيرة بن عتيبة بن نباس حدثني مكاتب لنا عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أنا وأمتى يوم القيامة على كوم مشرفين على الخلائق ما من الناس أحد إلا ود أنه منا وما من نبي كذبه قومه إلا ونحن نشهد أنه قد بلغ رسالة ربه عز وجل " وروى الحاكم في مستدركه وابن مردويه أيضا واللفظ له من حديث مصعب بن ثابت عن محمد بن كعب القرظي عن جابر بن عبد الله قال : شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة في بني مسلمة وكنت إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : والله يا رسول الله لنعم المرء كان لقد كان عفيفا مسلما وكان وأثنوا عليه خيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أنت بما تقول " فقال الرجل : الله أعلم بالسرائر فأما الذي بدا لنا منه فذاك فقال النبي صلى الله عليه وسلم " وجبت " ثم شهد جنازة في بني حارثة وكنت إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم : يا رسول الله بئس المرء كان إن كان لفظا غليظا فأثنوا عليه شرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعضهم أنت بالذي تقول " فقال الرجل الله أعلم بالسرائر فأما الذي بدا لنا منه فذاك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وجبت " قال مصعب بن ثابت : فقال لنا عند ذلك محمد بن كعب صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قرأ " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " ثم قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس بن محمد حدثنا داود بن أبي الفرات عن عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود أنه قال : أتيت المدينة فوافقتها وقد وقع بها مرض فهم يموتون موتا ذريعا فجلست إلى عمر بن الخطاب فمرت به جنازة فأثني على صاحبها خيرا فقال : وجبت ثم مر بأخرى فأثني عليها شرا فقال عمر : وجبت فقال أبو الأسود ما وجبت يا أمير المؤمنين ؟ قال : قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة " قال فقلنا وثلاثة قال : فقال " وثلاثة " قال : فقلنا واثنان . قال" واثنان " ثم لم نسأله عن الواحد وكذا رواه البخاري والترمذي والنسائي من حديث داود ابن أبي الفرات به : وقال ابن مردويه حدثنا أحمد بن عثمان بن يحيى حدثنا أبو قلابة الرقاشي حدثني أبو الوليد حدثنا نافع بن عمر حدثني أمية بن صفوان عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبيه : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنباوة يقول " يوشك أن تعلموا خياركم من شراركم " قالوا بم يا رسول الله ؟ قال " بالثناء الحسن والثناء السيئ أنتم شهداء الله في الأرض " ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون ورواه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون وعبد الملك بن عمرو وسريج عن نافع عن بن عمل به .

قَوْله تَعَالَى" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس وَيَكُون الرَّسُول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " يَقُول تَعَالَى إِنَّمَا حَوَّلْنَاكُمْ إِلَى قِبْلَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَاخْتَرْنَاهَا لَكُمْ لِنَجْعَلكُمْ خِيَار الْأُمَم لِتَكُونُوا يَوْم الْقِيَامَة شُهَدَاء عَلَى الْأُمَم لِأَنَّ الْجَمِيع مُعْتَرِفُونَ لَكُمْ بِالْفَضْلِ وَالْوَسَط هَاهُنَا الْخِيَار وَالْأَجْوَد كَمَا يُقَال قُرَيْش أَوْسَط الْعَرَب نَسَبًا وَدَارًا أَيْ خَيْرهَا وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَطًا فِي قَوْمه أَيْ أَشْرَفهمْ نَسَبًا وَمِنْهُ الصَّلَاة الْوُسْطَى الَّتِي هِيَ أَفْضَل الصَّلَوَات وَهِيَ الْعَصْر كَمَا ثَبَتَ فِي الصِّحَاح وَغَيْرهَا وَلَمَّا جَعَلَ اللَّه هَذِهِ الْأُمَّة وَسَطًا خَصَّهَا بِأَكْمَل الشَّرَائِع وَأَقْوَم الْمَنَاهِج وَأَوْضَح الْمَذَاهِب كَمَا قَالَ تَعَالَى " هُوَ اِجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةً أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ " وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي سَعِيد قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُدْعَى نُوح يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُ هَلْ بَلَّغْت ؟ فَيَقُول نَعَمْ فَيُدْعَى قَوْمه فَيُقَال لَهُمْ هَلْ بَلَّغَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا مِنْ نَذِير وَمَا أَتَانَا مِنْ أَحَد فَيُقَال لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَد لَك فَيَقُول مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ قَالَ : فَذَلِكَ قَوْله " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا" قَالَ وَالْوَسَط الْعَدْل فَتُدْعَوْنَ فَتَشْهَدُونَ لَهُ بِالْبَلَاغِ ثُمَّ أَشْهَد عَلَيْكُمْ " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ طُرُق عَنْ الْأَعْمَش وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد أَيْضًا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَجِيء النَّبِيّ يَوْم الْقِيَامَة وَمَعَهُ رَجُلَانِ وَأَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَيُدْعَى قَوْمه فَيُقَال لَهُمْ هَلْ بَلَّغَكُمْ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ لَا فَيُقَال لَهُ هَلْ بَلَّغْت قَوْمك ؟ فَيَقُول نَعَمْ فَيُقَال مَنْ يَشْهَد لَك فَيَقُول مُحَمَّد وَأُمَّته فَيُدْعَى مُحَمَّد وَأُمَّته فَيُقَال لَهُمْ هَلْ بَلَّغَ هَذَا قَوْمه ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيُقَال وَمَا عِلْمكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ جَاءَنَا نَبِيُّنَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّ الرُّسُل قَدْ بَلَّغُوا فَذَلِكَ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا " قَالَ عَدْلًا" لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُون الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " وَقَالَ أَحْمَد أَيْضًا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله تَعَالَى " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا " قَالَ " عَدْلًا " وَرَوَى الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ حَدِيث عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْجَعِيّ عَنْ الْمُغِيرَة بْن عُتَيْبَة بْن نباس حَدَّثَنِي مُكَاتَب لَنَا عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَنَا وَأَمْتَى يَوْم الْقِيَامَة عَلَى كَوْم مُشْرِفِينَ عَلَى الْخَلَائِق مَا مِنْ النَّاس أَحَد إِلَّا وَدَّ أَنَّهُ مِنَّا وَمَا مِنْ نَبِيّ كَذَّبَهُ قَوْمه إِلَّا وَنَحْنُ نَشْهَد أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ رِسَالَة رَبّه عَزَّ وَجَلَّ " وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه وَابْن مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا وَاللَّفْظ لَهُ مِنْ حَدِيث مُصْعَب بْن ثَابِت عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ : شَهِدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِنَازَة فِي بَنِي مَسْلَمَة وَكُنْت إِلَى جَانِب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضهمْ : وَاَللَّه يَا رَسُول اللَّه لَنِعْمَ الْمَرْء كَانَ لَقَدْ كَانَ عَفِيفًا مُسْلِمًا وَكَانَ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ خَيْرًا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَنْتَ بِمَا تَقُول " فَقَالَ الرَّجُل : اللَّه أَعْلَم بِالسَّرَائِرِ فَأَمَّا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْهُ فَذَاكَ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَجَبَتْ " ثُمَّ شَهِدَ جِنَازَة فِي بَنِي حَارِثَة وَكُنْت إِلَى جَانِب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضهمْ : يَا رَسُول اللَّه بِئْسَ الْمَرْء كَانَ إِنْ كَانَ لَفَظًّا غَلِيظًا فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ شَرًّا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَعْضِهِمْ أَنْتَ بِاَلَّذِي تَقُول " فَقَالَ الرَّجُل اللَّه أَعْلَم بِالسَّرَائِرِ فَأَمَّا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْهُ فَذَاكَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَجَبَتْ " قَالَ مُصْعَب بْن ثَابِت : فَقَالَ لَنَا عِنْد ذَلِكَ مُحَمَّد بْن كَعْب صَدَقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَرَأَ " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس وَيَكُون الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا " ثُمَّ قَالَ الْحَاكِم : هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا يُونُس بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا دَاوُد بْن أَبِي الْفُرَات عَنْ عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَة عَنْ أَبِي الْأَسْوَد أَنَّهُ قَالَ : أَتَيْت الْمَدِينَة فَوَافَقْتهَا وَقَدْ وَقَعَ بِهَا مَرَض فَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا فَجَلَسْت إِلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب فَمَرَّتْ بِهِ جِنَازَة فَأُثْنِيَ عَلَى صَاحِبهَا خَيْرًا فَقَالَ : وَجَبَتْ ثُمَّ مَرَّ بِأُخْرَى فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ عُمَر : وَجَبَتْ فَقَالَ أَبُو الْأَسْوَد مَا وَجَبَتْ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : قُلْت كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيُّمَا مُسْلِم شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَة بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّه الْجَنَّة " قَالَ فَقُلْنَا وَثَلَاثَة قَالَ : فَقَالَ " وَثَلَاثَة " قَالَ : فَقُلْنَا وَاثْنَانِ . قَالَ" وَاثْنَانِ " ثُمَّ لَمْ نَسْأَلهُ عَنْ الْوَاحِد وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث دَاوُد اِبْن أَبِي الْفُرَات بِهِ : وَقَالَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عُثْمَان بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَة الرَّقَّاشِيّ حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيد حَدَّثَنَا نَافِع بْن عُمَر حَدَّثَنِي أُمَيَّة بْن صَفْوَان عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي زُهَيْر الثَّقَفِيّ عَنْ أَبِيهِ : قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنِّبَاوَةِ يَقُول " يُوشِك أَنْ تَعْلَمُوا خِيَاركُمْ مِنْ شِرَاركُمْ " قَالُوا بِمَ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ " بِالثَّنَاءِ الْحَسَن وَالثَّنَاء السَّيِّئ أَنْتُمْ شُهَدَاء اللَّه فِي الْأَرْض " وَرَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ يَزِيد بْن هَارُون وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَنْ يَزِيد بْن هَارُون وَعَبْد الْمَلِك بْن عَمْرو وَسُرَيْج عَنْ نَافِع عَنْ بْن عمل بِهِ .

" type="hidden">وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ

يقول تعالى إنما شرعنا لك يا محمد التوجه أولا إلى بيت المقدس ثم صرفناك عنه إلى الكعبة ليظهر حال من يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيثما توجهت ممن ينقلب على عقبيه أي مرتدا عن دينه وإن كانت لكبيرة أي هذه الفعلة وهو صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة أي وإن كان هذا الأمر عظيما في النفوس إلا على الذين هدى الله قلوبهم وأيقنوا بتصديق الرسول وأن كل ما جاء به فهو الحق الذي لا مرية فيه وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فله أن يكلف عباده بما شاء وينسخ ما يشاء وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك بخلاف الذين في قلوبهم مرض فإنه كلما حدث أمر أحدث لهم شكا كما يحصل للذين آمنوا إيقان وتصديق كما قال الله تعالى " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم " وقال تعالى " قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى " وقال تعالى " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا " ولهذا كان من ثبت على تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه في ذلك وتوجه حيث أمره الله من غير شك ولا ريب من سادات الصحابة وقد ذهب بعضهم إلى أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار هم الذين صلوا القبلتين وقال البخاري في تفسيره هذه الآية : حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال : بينا الناس يصلون الصبح في مسجد قباء إذ جاء رجل فقال : قد أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها فتوجهوا إلى الكعبة وقد رواه مسلم من وجه آخر عن ابن عمر ورواه الترمذي من حديث سفيان الثوري وعنده أنهم كانوا ركوعا فاستداروا كما هم إلى الكعبة وهم ركوع وكذا رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مثله وهذا يدل على كمال طاعتهم لله ولرسوله وانقيادهم لأوامر الله عز وجل رضي الله عنهم أجمعين .

يَقُول تَعَالَى إِنَّمَا شَرَعْنَا لَك يَا مُحَمَّد التَّوَجُّهَ أَوَّلًا إِلَى بَيْت الْمَقْدِس ثُمَّ صَرَفْنَاك عَنْهُ إِلَى الْكَعْبَة لِيَظْهَر حَالُ مَنْ يَتَّبِعك وَيُطِيعك وَيَسْتَقْبِل مَعَك حَيْثُمَا تَوَجَّهْت مِمَّنْ يَنْقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ أَيْ مُرْتَدًّا عَنْ دِينه وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَة أَيْ هَذِهِ الْفَعْلَة وَهُوَ صَرْف التَّوَجُّه عَنْ بَيْت الْمَقْدِس إِلَى الْكَعْبَة أَيْ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْر عَظِيمًا فِي النُّفُوس إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ قُلُوبهمْ وَأَيْقَنُوا بِتَصْدِيقِ الرَّسُول وَأَنَّ كُلّ مَا جَاءَ بِهِ فَهُوَ الْحَقّ الَّذِي لَا مِرْيَة فِيهِ وَأَنَّ اللَّه يَفْعَل مَا يَشَاء وَيَحْكُم مَا يُرِيد فَلَهُ أَنْ يُكَلِّف عِبَاده بِمَا شَاءَ وَيَنْسَخ مَا يَشَاء وَلَهُ الْحِكْمَةُ التَّامَّةُ وَالْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فِي جَمِيع ذَلِكَ بِخِلَافِ الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض فَإِنَّهُ كُلَّمَا حَدَثَ أَمْرٌ أَحْدَثَ لَهُمْ شَكًّا كَمَا يَحْصُلُ لِلَّذِينَ آمَنُوا إِيقَانٌ وَتَصْدِيقٌ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ " وَقَالَ تَعَالَى " قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَاَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى " وَقَالَ تَعَالَى " وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا " وَلِهَذَا كَانَ مَنْ ثَبَتَ عَلَى تَصْدِيق الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاتِّبَاعه فِي ذَلِكَ وَتَوَجَّهَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّه مِنْ غَيْر شَكٍّ وَلَا رَيْب مِنْ سَادَات الصَّحَابَة وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضهمْ إِلَى أَنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار هُمْ الَّذِينَ صَلَّوْا الْقِبْلَتَيْنِ وَقَالَ الْبُخَارِيّ فِي تَفْسِيره هَذِهِ الْآيَة : حَدَّثَنَا مُسَدَّد حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَان عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : بَيْنَا النَّاس يُصَلُّونَ الصُّبْح فِي مَسْجِد قُبَاء إِذْ جَاءَ رَجُل فَقَالَ : قَدْ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرْآن وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِل الْكَعْبَة فَاسْتَقْبَلُوهَا فَتَوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَة وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عُمَر وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَعِنْده أَنَّهُمْ كَانُوا رُكُوعًا فَاسْتَدَارُوا كَمَا هُمْ إِلَى الْكَعْبَة وَهُمْ رُكُوع وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس مِثْله وَهَذَا يَدُلّ عَلَى كَمَالِ طَاعَتهمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَانْقِيَادهمْ لِأَوَامِر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .

" type="hidden">وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ

وقوله " وما كان الله ليضيع إيمانكم " أي صلاتكم إلى بيت المقدس قبل ذلك ما كان يضيع ثوابها عند الله وفي الصحيح من حديث أبي إسحاق السبيعي عن البراء قال : مات قوم كانوا يصلون نحو بيت المقدس ؟ فقال الناس ما حالهم في ذلك فأنزل الله تعالى" وما كان الله ليضيع إيمانكم " ورواه الترمذي عن ابن عباس وصححه . وقال ابن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس " وما كان الله ليضيع إيمانكم " أي بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم واتباعه إلى القبلة الأخرى أي ليعطيكم أجرهما جميعا " إن الله بالناس لرءوف رحيم " وقال الحسن البصري" وما كان الله ليضيع إيمانكم " أي ما كان الله ليضيع محمدا صلى الله عليه وسلم وانصرافكم معه حيث انصرف " إن الله بالناس لرءوف رحيم" وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من السبي قد فرق بينها وبين ولدها فجعلت كلما وجدت صبيا من السبي أخذته فألصقته بصدرها وهي تدور على ولدها فلما وجدته ضمته إليها وألقمته ثديها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أترون هذه طارحة ولدها في النار وهي تقدر على أن لا تطرحه " قالوا : لا يا رسول الله قال : " فوالله لله أرحم بعباده من هذه بولدها " .

سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا...

سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

قيل المراد بالسفهاء هاهنا مشركو العرب قاله الزجاج وقيل أحبار يهود قاله مجاهد وقيل المنافقون قاله السدي والآية عامة في هؤلاء كلهم والله أعلم قال البخاري : أخبرنا أبو نعيم سمع زهيرا عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وإنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت وكان الذي قد مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله " وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم" انفرد به البخاري من هذا الوجه ورواه مسلم من وجه آخر وقال محمد بن إسحاق حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام " فقال رجال من المسلمين وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فأنزل الله " وما كان الله ليضيع إيمانكم" وقال السفهاء من الناس وهم أهل الكتاب ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله " سيقول السفهاء من الناس " إلى آخر الآية وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا الحسن بن عطية حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يحب أن يوجه نحو الكعبة فأنزل الله " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام " قال فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله " قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله عز وجل " فولوا وجوهكم شطره " أي نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فأنزل الله " قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " وقد جاء في هذا الباب أحاديث كثيرة وحاصل الأمر أنه قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس فكان بمكة يصلي بين الركنين وهو مستقبل صخرة بيت المقدس فلما هاجر إلى المدينة تعذر الجمع بينهما فأمره الله بالتوجه إلى بيت المقدس قاله ابن عباس والجمهور ثم اختلف هؤلاء هل كان الأمر به بالقرآن أو بغيره على قولين وحكى القرطبي في تفسيره عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصري أن التوجه إلى بيت المقدس كان باجتهاده عليه السلام والمقصود أن التوجه إلى بيت المقدس بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة واستمر الأمر على ذلك بضعة عشر شهرا وكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجه إلى الكعبة التي هي قبلة إبراهيم عليه السلام فأجيب إلى ذلك وأمر بالتوجه إلى البيت العتيق فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فأعلمهم بذلك وكان أول صلاة صلاها إليها صلاة العصر كما تقدم في الصحيحين من رواية البراء ووقع عند النسائي من رواية أبي سعيد بن المعلى أنها الظهر وقال كنت أنا وصاحبي أول من صلى إلى الكعبة وذكر غير واحد من المفسرين وغيرهم أن تحويل القبلة نزل على رسول الله وقد صلى ركعتين من الظهر وذلك في مسجد بني سلمة فسمي مسجد القبلتين وفي حديث نويلة بنت مسلم أنهم جاءهم الخبر بذلك وهم في صلاة الظهر قالت : فتحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال ذكره الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري وأما أهل قباء فلم يبلغهم الخبر إلى صلاة الفجر من اليوم الثاني كما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم zآت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة وفي هذا دليل على أن الناسخ لا يلزم حكمه إلا بعد العلم به وإن تقدم نزوله وإبلاغه لأنهم لم يؤمروا بإعادة العصر والمغرب والعشاء والله أعلم ولما وقع هذا حصل لبعض الناس من أهل النفاق والريب والكفرة من اليهود ارتياب وزيغ عن الهدى وتخبيط وشك وقالوا " ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " أي قالوا ما لهؤلاء تارة يستقبلون كذا وتارة يستقبلون كذا فأنزل الله جوابهم في قوله " قل لله المشرق والمغرب" أي الحكم والتصرف والأمر كله لله " فأينما تولوا فثم وجه الله " و " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله " أي الشأن كله في امتثال أوامر الله فحيثما وجهنا توجهنا فالطاعة في امتثال أمره ولو وجهنا في كل يوم مرات إلى جهات متعددة فنحن عبيده وفي تصرفه وخدامه حيثما وجهنا توجهنا وهو تعالى له بعبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه وأمته عناية عظيمة إذ هداهم إلى قبلة إبراهيم خليل الرحمن وجعل توجههم إلى الكعبة المبنية على اسمه تعالى وحده لا شريك له أشرف بيوت الله في الأرض إذ هي بناء إبراهيم الخليل عليه السلام ولهذا قال : قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . وقد روى الإمام أحمد عن علي بن عاصم عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن قيس عن محمد بن الأشعث عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في أهل الكتاب " إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين " .

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"