بحث هذه المدونة الإلكترونية
السبت، 23 فبراير 2013
الجمعة، 8 فبراير 2013
الأربعاء، 6 فبراير 2013
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين
بيان حول اغتيال الأمين العام لحزب الوطنيين التقدميين الأخ شكري بلعيد- رحمه الله-
ببالغ الأسف والحزن تلقيت خبر اغتيال الأخ شكر بلعيد -رحمه الله-ككل التونسيين. اليوم 6/02/2013 واني أدين مثل هذ الأعمال وأطالب الحكومة التونسية أن تكشف الحقيقة وأن تقدم المورطين الى القضاء. كما أدعو الشعب التونسي الى التعقل والى تفويت الفرصة لمن يريد أن يوجد فتنة في البلد بين الفرقاء.وأدعو كل الدعاة الربانيين أن يخشوا الله في دماء التونسيين وأن يلتفوا حول بلدهم وأن يتحركوا بدعوة الخير والاصلاح والارشاد والرصانة . وأن يحافظوا على بلدهم.اللهم احفظ بلدنا تونس وسائر بلاد الاسلام والمسلمين .............وارزق أهل الفقيد مزيد الصبر والسلوان..انك ولي ذلك ومولاه........
الأستاذ : هشام لطيف امام حطيب بالجامع الكبير بمارث
تونس 6/02/2013
الأكاديمية الإسلامية المفتوحة
الدورة العلمية الثانية
شرح متن الأصول الثلاثة
لفضيلة الشيخ/ راشد الزهراني
الدرس (5)
بسم الله
الرحمن الرحيم.
الحمد لله
رب العالمين، وصلى الله وسلم على وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
أيها
الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأسأل -عز
وجل- بمنِّه وكره أن يغفر لنا جميعًا، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمع القول فيتبع
أحسنه، وأذكركم وأذكر نفسي بقول النبي -صلى الله عليه وسلم: (إذا مررتم برياض
الجنة فارتعوا)، فلنستمع ولنتذاكر كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-
ونحتسب قول النبي -عليه الصلاة والسلام: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون
كلام ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة،
وذكرهم الله فيمن عنده).
فنسأل الله
أن يحقق لنا سؤلنا، إنه -جل وعلا- جواد كريم.
كنا تحدثنا
بالأمس عن قول المؤلف -رحمه الله تعالى: (اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ،
أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ: وهي: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ،
مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ. وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ النَّاسِ، وَخَلَقَهُمْ
لَهَا؛ والدليل على هذا: قول الله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ
إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [ الذاريات: 56]، وَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ
التَّوْحيِدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ. وَأَعْظَمُ مَا نَهَى
عَنْهُ الشِّرْكُ،وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ على هذا: قَوْلُ
الله تَعَالَى {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئا}[النساء: 35]}.
انتقل بعد
ذلك -رحمه الله- إلى الحديث عن الغاية التي من أجلها ألف هذا الكتاب، فقال -رحمه
الله تعالى: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُولُ الثَّلاثَةُ التِي يَجِبُ عَلَى
الإِنْسَانِ مَعْرِفَتُهَا؟
فَقُلْ:
مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَمعرفة العبد دِينَهُ، وَمعرفة العبد نَبِيَّهُ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
هنا أسلوب
ولفتة تربوية من المصنف -رحمه الله- وهي: أن العلم يُقدم للناس بطرق مختلفة،
وبوسائل شتى.
النبي -صلى
الله عليه وسلم- وهو المعلم الأول كان يتخذ مع صحابته -رضوان الله عليهم- أساليب
مختلفة.
فمن ذلك أن
النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقدم لهم المعلومة على شكل مثال، ومن ذلك قوله
-عليه الصلاة والسلام- وهو يشبه حاله مع الأمة كفراش يطوف حول السراج.
وأيضًا قال
-صلى الله عليه وسلم: (وأنا آخذ بحجزكم عن النار)، فهذا أسلوب ماذا؟ المثـال.
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا
بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26].
وأيضًا من
أساليب النبي -صلى الله عليه وسلم: أنه يعطي المعلومة للصحابة مباشرة، فيقول لهم
-عليه الصلاة والسلام- كقوله لمعاذ: (يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟ وما
حق العباد على الله؟).
قلت: الله
ورسوله أعلم.
قال: (حق
اله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا. وحق العباد على الله: ألا يعذب
مَن لا يُشرك به شيئًا). الحديثز
فهنا طريقة
الاستفهام.
من ذلك
أيضًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لصحابته: (ما شجرة تشبه المؤمن؟). فكل
واحد من الصحابة قدَّم ما لديه.
قال النبي
-صلى الله عليه وسلم: (إنها النخلة).
فقال عبد
الله بن عمر يخبر والده عمر بن الخطاب، يقول: والله يا أبتِ لقد حدث في نفسي أنها
النخلة، ولكنني لم أقلها.
قال: والله
يا بني، لئن قلتها لهو أحب إلي من كذا وكذا.
فهنا النبي
-صلى الله عليه وسلم- يقدم المعلومة على شكل سؤال وجواب، وأحيانا تقدم المعلومة
على شكل استفتاء.
في حديث
عمر الذي يسمى بأم السنة.
أم القرآن
ما هي؟ سورة الفاتحة.
حديث أم
السنة ما هو؟ حديث جبريل حينما أتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على هيئة رجل
شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، يقول عمر: ولا يعرفه
منا أحد، حتى جلس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه،
ووضع كفيه على فخذيه.. الحديث.
فهنا طريقة
من المصنف وهي: طريقة السؤال والجواب، لأن المصنف -رحمه الله- في بداية الكتاب كان
يقول: (اعلم رحمك الله أنه يجب علينا كذا...، تعلم ثلاث مسائل...، اعلم -رحمك
الله- أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الأربع مسائل...، اعلم أرشدك الله
لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم...)
فحتى لا
يمل القارئ؛ أتى -رحمه الله- بأسلوب جديد وهو أسلوب الاستفهام حتى يقدم له معلومة
جديدة، وهذه جيدة، ان طالب العلم والداعي إلى الله ينوِّع في طريقة طرحه للمادة
حتى لا تمل النفوس.
تعلمون
النفوس لها إقبال، ولها إدبار.
قال:
(فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا الأُصُولُ الثَّلاثَةُ التِي يَجِبُ عَلَى الإِنْسَانِ
مَعْرِفَتُهَا؟).
لم يقل:
على المسلم، قال: (عَلَى الإِنْسَانِ)، لأنها واجبة على كل إنسان على وجه الأرض،
وهي دعوة الأنبياء والمرسلين.
هذه الأصول
الثلاثة أهميتها في أن دين المسلم وهو على قيد الحياة لا يتم إلا به، فلا تتم إلا
بشهادجة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأن يدين
العبد بدين الإسلام.
يقول -صلى
الله عليه وسلم- عن بعثته وهو يبين أنه يجب على الأمة جميعًا أن تتبعه على دينه،
قال: (لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ وَلا يَهُودِيٌّ ، وَلا
نَصْرَانِيٌّ فَمَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلا حَرَّمَ
اللهُ عَلَيهِ الجَنَّة).
الأمة: قد
تكون أمة الإجابة، وقد تكون أمة الدعوة.
أمة
الإجابة: هم الذين استجابوا لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم.
وأمة
الدعوة: هي الأمم التي تُدعى إلى دين الله -سبحانه وتعالى.
والله -عز
وجل- في كتابه يقول: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل
عمران: 19].
هذه الأصول
الثلاثة أيضًا هي أول ما يُسأل عنها العبد في قبره، الآن تحدثنا عن الدنيا، القبر
أول منازل الآخرة.
في الحديث
في مسند الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرَّ على قبرٍ لم يُلحد بعد،
فوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عند القبر، ومعه عود ينكت به الأرض، فقال -عليه
الصلاة والسلام: (إن العبد إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال على الآخرة أتاه
ملكان، فيسمع قرع نعالهم -قرع نعال الناس وهم يذهبون- فيأتيه ملكان، فإنكان مؤمنًا
يقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
فأما
المؤمن فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد -صلى الله عليه وسلم- فيقول
الله -جل وعلا: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة.
قال:
فيُفتح له بابٌ إلى الجنة، فيرى نعيمها ونعيم أهلها فيقول: ربِّ أقم الساعة، ربِّ
أقم الساعة.
أما إذا
كان منافقًا أو كافرًا فيأتيانه فيقولان له: مَن ربك؟
فيقول: ها
ها لا أدري.
فيقولان
له: ما دينك؟
فيقول: ها
ها لا أدري.
فيقولان
له: من نبيك؟
فيقول: ها
ها لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته.
فيقول
الله: أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وافتحوا له بابًا من النار، فيُفتح له باب،
فيأتيه من سمومها وزمهريها، يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، فيقول: ربِّ ربِّ،
لا تقم الساعة، ربِّ لا تقم الساعة).
فهذه
الأصول الثلاث لأهميتها وأهمية الاستدلال بها أتى المصنف -رحمه الله- بالحديث
عنها.
فأول ما
يجب على الداعي إلى الله -جل وعلا: أن يدعو الناس إلى هذه الأصول الثلاثة، أن يعمل
بها في نفسه، وأن يعلمها أبناءه، وأن ينشرها بين الناس جميعًا امتثالًا لأمر الله
وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم.
وأيضًا عند
نزع الروح يحتاج العبد إلى أن يموت على هذه الأصول الثلاثة، نسأل الله أن يحيينا
على الإسلام، وأن يتوفانا على الإسلام، وأن يبعثنا وهو راضٍ عنا غير غضبان، إنه
-جل وعلا- جواد كريم.
لأن بعض
الناس يقول القضية سهلة، ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد -صلى الله عليه
وسلم- بسيطة، سهل أن تقول: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، لأن
النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من كان آخر كلامه من الدنيا "لا إله إلا
الله" دخل الجنة).
يقول الله
-سبحانه وتعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا
يَشَاءُ}
[إبراهيم: 27].
فليس سهلًا
إلا على مَن سهله الله -عز وجل- عليه.
أيضًا من
الأمور التي يجب أن يحرص عليها العبد: أن يحرص على أن يكون ظاهره وباطنه سواء، فمن
الناس مَن يُظهر للناس أنه من اهل الخير، لكن باطنه احتوى على النفاق -والعياذ
بالله.
وهذا معنى
قول النبي -صلى الله عليه وسلم: (فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل
الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار
فيدخلها،،وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع،
فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها).
قال -رحمه
الله- والآن سيبدأ بالحديث عن الأصول الثلاثة.
قال -رحمه
الله: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟
فَقُلْ:
بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ، فَمِنْ آيَاتِهِ: اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَمِنْ
مَخْلُوقاته: وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ).
هذا الحديث
من المصنف -رحمه الله- يبين لنا أن أعظم العلم الذي يجب على الإنسان أن يتعلمه هو
أن يعرف ربه -جل وعلا.
يقول
المصنف: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟
فَقُلْ:
رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ،
وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ
تَعَالَى: {الْحَمْدُ للَهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2].
جزاك الله
على التنبيه لأنها مليئة بفوائد كثيرة.
قال:
((فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟
فَقُلْ:
رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ).
الرب من
التربية، وهي لها عدة معاني، من معانيها: الملك، فالله -سبحانه وتعالى- هو مالك
للناس جميعًا، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
* الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة2-4].
- ومن
معانيها: الرعاية، وهذه تكون لعباده المؤمنين.
قال:
(فَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ
بِنِعَمِهِ).
تربية الله
-جل وعلا- لعباده على نوعين:
• عامة.
• وخاصة.
أما
العامة: فهي لجميع الخلق، لجميع البشر، المسلم والكافر، والبروالفاجر؛ فكلهم
يتقلبون في نعم الله -جل وعلا-، فمن تربية الله لعباده أن يوصل إليهم النعم، قال
الله -جل وعلا- { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]و فهذا
من تربية الله -عز وجل- العامة.
وهناك
التربية الخاصة التي تكون لأوليائه المؤمنين.
قال:
(وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ).
ذكرنا لكم
بالأمس أن التوحيد على ثلاثة أنواع:
- توحيد
الربوبية.
- وتوحيد
الألوهية.
- وتوحيد
الأسماء والصفات.
هذه
الأنواع مترابطة، فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية يتضمن
توحيد الربوبية.
يقول علماء
الأصول: لأن دلالة الألفاظ على ثلاثة معانٍ:
- دلالة
مطابقة.
- ودلالة
تضمن.
- ودلالة
التزام.
دلالة
المطابقة: هي دلالة الشيء على جميع معناه، فتوحيد البروبية هو توحيد الله بأفعاله
-عز وجل.
دلالة
التضمن: دلالة الشيء على بعض معناه، ولذا قالوا: إن توحيد الألوهية يتضمن توحيد
الربوبية.
- ودلالة
الالتزام: هو دلالة الشيء على أمر خارج عن معناه، هذه الدلالة مفيدة جدًّا، وقدر
ذكرها الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في القواعد المثلى في أسماء الله وصفاته
الحسنى، من أعظم القواعد التي تفيدك في مفرعة أسماء الله وصفته هي معرفة هذه
الدلالة.
فتوحيد
الربوبية والألوهية هومتداخل في بعضه،ولهذا استدل الله -عز وجل- على ألوهيته
بتوحيد الربوبية، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ
اللَّهُ}
[لقمان: 25]، إذا كنتم تؤمنون أن الله هو الخالق والرازق والمحيي والمييت؛ فيستلزم
ذلك أن تؤمن بتوحيد الألوهية.
قال:
(وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ).
هناك آلة
تُعبَد بالباطل، فكونها آلهة لا يعني ذلك أنها آلهة بحق، ولهذا قالوا: "لا
إله إلا الله"، قالوا: لا إله حقٌّ إلا الله. لماذا؟
لأن هناك
آلهة تُعبد من دون الله، لكنها تعبد بماذا؟ بالباطل
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ
مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج: 62].
لذلك
فالإله الحق هو الله -سبحانه وتعالى.
قال:
(وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا
قَوْلُُ الله تَعَالَى: {الْحَمْدُ للَهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]).
هذه في
سورة الفاتحة، وسورة الفاتحة -أيها الأحبة- من أعظم سور القرآن، بل قال عنها -صلى
الله عليه وسلم- أنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.
وقد حاول
بعض العلماء أن يجمع أسماء سورة الفاتحة، فجمع لها العديد من الأسماء، فهي:
الفاتحة، وهي الرقية، وهي الشافية، وهي الكافية، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم،
وهي أم الكتاب، وهي فاتجة الكتاب.
يقول
العلماء: والشيء إذا كثرت معانيه دل على أهميته.
ولذلك
العرب سمَّت السيف بأسماء كثيرة حتى أوصلها بعضهم إلى خمسمئة اسم، الأسد أيضًا له
أسماء عديدة.
فالشيء إذا
كان له قيمة وأهمية؛ تعددت أسماؤه، ومن ذلك سورة الفاتحة.
سورة
الفاتحة لا تصح صلاة عبد إلا بها.
لو قام
إنسان وصلى الصلاة بركوعها وخشوعها وحضور قلبه، ثم لمَّا سلم قال: لم أقرأ سورة
الفاتحة، قرأت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
نقول له:
صلاتك باطلة.
لماذا؟
لأنها الركن الأعظم في الصلاة.
قال سيدي
-صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه: (أيما صلاة لا
يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج).
قال رحمه
الله تعالى: (اَلدَّلِيلُ عَلَى هَذَا).
هنا أيضًا
تأكيد على أهمية الدليل، ديننا يُبنى على الدليل من القرآن والسنة، وهذه من الأمور
العظيمة التي يجب أن نحرص عليها؛ بل إن الشيخ -عز وجل- في كتاب التوحيد تجد أنه
يأتي بالمسألة ثم يستدل عليها بالقرآن والسنة، وهذا منهج عظيم يجب علينا جميعًا أن
سنلكه،وخاصة في هذا الزمان الذي يكثر فيه القيل والقال، نقول: الفاصل القرآن
والسنة، بيننا وبينكم كتاب الله وسنن رسوله -صلى الله عليه وسلم.
والداعاوى
ما لم يكن ** عليها بينات أصحابها أدعياء
فالاعتصام
بالقرآن والسنة هو أن نستدل بها وأن نعمل بها في حياتنا.
قال:
(وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُُ الله تَعَالَى: {الْحَمْدُ للَهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]).
وجه
الشاهد: قول الله -عز وجل: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
الرب: هو
المعبود -سبحانه وتعالى.
{الْحَمْدُ
للَه}: الألف واللام، يقول علماء البلاغة تأتني على عدَّة معانٍ، من معانيها
الاستغراق، من معاني الألف والالم الاستغراق، فهو قال: {الْحَمْدُ للَه} معناها ان
جميع أنواع الحمد مستحقة لله -سبحانه وتعالى.
{الْحَمْدُ
للَه}، الألف واللام للاستغراق، فكل أنواع الحمد مستحقة لله -جل وعلا.
الله -عز
وجل- يُحمد على أسمائه، ويحمد على صفاته، ويُحمد على شرعه وأمره، ويُحمد على قضائه
وقدره.
فهذه أنواع
الحمد يجب أن تكون كلها لله -جل وعلا.
ما الفرق
بين الحمد والشكر؟ هل هناك فرق؟
الحمد أعم
من جهة، والشكر أعم من جهة أخرى. الحمد أعم من جهة متعلقه، والشكر أعم من جهة
أفراده.
نبسطها:
{الْحَمْدُ
للَه} أعم من متعلقه، فأنت تحمد مَن أسدى إليك معروفًا، ومن لم يُسدِ إليك
معروفًا.
عالم من
العماء لم يُسدِ إليك معروفًا؛ فأنت تحمده على علمه وأنت قد لا تكون استفدت من هذا
العلم.
بينما
الشكر يجب أن يقابل النعمة، لكن العبد يحمد الله -جل وعلا- ليس فقط لأن الله الذي
ربانا وربى جميع العالمين بنعمه؛ بل نحمده على أسمائه، ونحمده على صفاته، ونحمده
على قضائه، ونحمده على قدره -سبحانه وتعالى- فالله -جل وعلا- يُحمد على كل شيء.
بنما الشكر
يجب أن يكون مقابل نعمة، لا يشكر مَن لا يشكر الناس.
والشكر أعم
من جهة متعلقاته.
الشكر يكون
بأمور ثلاثة. ما هي؟ اللسان، والجنان -القلب- والجوارح.
يقول
الشاعر:
أفادتكم
النعماء مني ثلاثة ** يدي -الجوارح- ولساني والضمير المحجب
وهو القلب
أفادتكم
النعماء مني ثلاثة ** يدي ولساني والضمير المحجب
والشكر
يكون من أعظم ما يجب أن يكون لله -عز وجل- يجب أن يشكر العبد ربه -سبحانه وتعالى-
على نعمه جميعًا.
قا الله
-عز وجل: {اعْمَلُوا آلَ
دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: 13].
فهنا أيضًا
دليل على أن الشكر يكون بالجوارح، ويكون كذلك بالعمل.
الشكر حتى
يؤدي العبد منزلته يشترط له ثلاثة أشياء:
- الشكر
باللسان.
- والشكر
بالجنان.
- والشكر
بالأركان.
الشكر
باللسان ما دليله؟
قال الله
-سبحانه وتعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].
ابن الجوزي
-رحمه الله-في كتابه زاد المسير، وهذا من كتب التفسير العظيم لابن الجوزي -رحمه
الله- أوصيكم بقراءته، فيه فوائد وفيه تأصيل علمي منه -رحمه الله-، كتاب زاد
المسير في علم التفسير للإمام ابن الجوزي -رحمه الله.
يقول -رحمه
الله- وهو يفسر هذه الآية {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].
ذكر لها عدة أوجه وعدة معاني.
من معانيها
التي ذكرها -رحمه الله: أن الله -عز وجل- يُشكر باللسان، أن يتحدث العبد بنعمة
الله -عز وجل- على سبيل الحمد، لا على سبيل العجب.
قال:
الثاني: أن يكون قلبه شاكرًا مطمئنًّا بههذ النعمة، وأن يسخر جوارحه في طاعة الله.
قيل لأحد
السلف: كيف نشكر الله؟
قال:
"أن تسخر جوارحك لطاعة الله".
اله -عز
وجل- أنعم عليك بالبصر فلا تنظر إلى ما حرم الله، وأنعم عليك بالسمع فلا تستمع إلى
ما حرم الله، وأنعم عليك بالمشي، فرجلاك لا تخطو بك إلى مكان إلا والله -عز وجل-
يحبه -سبحانه وتعالى.
قال -رحمه
الله: (وَكُلُّ مَنْ سِوَى اللهِ عَالَمٌ، وَأَنَا وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ
الْعَالَمِ).
قال بعد
ذلك: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟ فَقُلْ: بِآيَاتِهِ
وَمَخْلُوقَاتِهِ).
من أعظم
الأمور التي يجب على الإنسان أن يعرفها: هي معرفة الله -سبحانه وتعالى.
حينما تأتي
إلى البعض الآن، بعض شبابنا وبعض هذا الجيل -نسأل الله -عز وجل- أن يهدي شباب
الأمة- تجد أن لديه إلمام عميق وكبير جدًّا بأهل الفن وأهل الرياضة، ويتابع
أخبارهم، ويطلع على أحوالهم، ولا شك حينما تسأله عن معنى "الصمد" يقول
لك: ها ها لا أدري!
فيجب أن
يكون للعبد خالصة بربه -سبحانه وتعالى.
حينما
ياتيك شخص ويتحدث عن الأئمة العظماء؛ نقول: هذا حسن، ولكن هل تعرف ربك كما تعرف
الأئمة العظامء؟
وإذا كان
يجب على العبد أن يعرف نبيه -صلى الله عليه وسلم- فلأن يعرف ربه -جل وعلا- فهو من
باب أولى.
كيف نعرف
الله؟
قال:
(فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟ فَقُلْ: بِآيَاتِهِ
وَمَخْلُوقَاتِهِ).
كيف تعرف
أن الله موجود؟ بالآيات والمخلوقات.
ما هي
الآيات؟
الآيات على
نوعين:
- آيات
كونية.
- وآياتن
شرعية.
الآيات
الكونية ما هي؟ الشمس، القمر، الليل، النهار، النجومو الإنسان. فهذه آيات كونية.
وهناك
الآيات الشرعية. ما هي الآيات الشرعية؟ القرآن والسنة، كلام الله وكلام رسوله -صلى
الله عليه وسلم.
فالعبد
يعرف ربه بهاتين الآيتين.
طكيب، قال
-رحمه الله: (وَمَخْلُوقَاتِهِ)، المخلوقات أليست من الآيات الكونية؟ لماذا ذكرها
-رحمه الله؟
لأن هذا من
باب عطف الخاص على العام. وهذا أسلوب قرآني كما قال الله -جل وعلا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [النساء:
57]، العمل الصالح من الإيمان، فعطفه الله -جل وعلا- عليه من باب عطف الخاص على
العام.
وعطف الخاص
على العام -كما يذكر علماء البلاغة- له فوائد عديدة، ومنها: مزيد الاهتمام بهذا
الأمر.
لأهمية هذا
لأمر أُفرِدَ وعُطِفَ على الأمر العام.
قال -رحمه
الله: (وَمِنْ آيَاتِهِ: اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ).
الليل آية
من الآيات التي تدل على وجود الله -جل وعلا-، يأتي الليل ويذهب النهار، ويذهب
النهار ويأتي الليل، {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ
يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} يعني سريعًا {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ
أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:
54].
قال -رحمه
الله: (وَمِنْ آيَاتِهِ: اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ،
وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَنْ
فِيهِنَّ، وَمَا بَيْنَهُمَا).
هنا ذكر
الآيات الليل والنهار، وهي كونية، ثم ذكر بعد ذلك الشمس والقمر جعلها من المخلوقات،
وهي أيضًا آياتٌ كونيَّة.
سألت حفيد
المؤلف -رحمه الله- الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وذكرها أيضًا في كتابه على
شرح الأصول الثلاثة، فقال: "إن الشيخ -رحمه الله- أتى بهذه المسألة ليفرق بين
أمرين، فالليل والنهار والشمس والقمر آية، لكنها متغيرة، بمعنى أن هذه تذهب وتجيء
الأخرى، بينما السماوات السبع والأراضون السبع ثابتة لا تتغير أمام البشر، فأراد
أن يفردها من أجل أن يبين أهميتها -رحمه الله تعالى رحمة واسعة".
قال -رحمه
الله: (والدليل على هذا: وَقَوْلُ الله تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى
الْعَرْشِ..} الآية). ثم قال: {تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:
54].
قال:
(وَالرَّبُ هُوَ الْمَعْبُودُ). كما ذكرت لكم، أن توحيد الربوبية يأتي بمعنى
الألوهية، وهذه إحدى المعاني، أن الرب في هذه الآية المقصود به المعبود -سبحانه
وتعالى.
قال:
(والدليل على هذا: قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:
21]).
طبعًا أتى
بالآية: ({فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ
لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} {البقرة: 22]. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: الخَالِقُ لِهَذِهِ الأَشْيَاءَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ
لِلْعِبَادَةِ).
ورد في بعض
الأثر وإن كان لا يصح سندًا لكن معناه صحيح: أن الله -جل وعلا- قال: "أنا
والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق ويُعبد غيري، وأرزق ويُشكر سواي، خيري إلى العباد
نازل، وشرهم إليَّ صاعد، أتودد إليهم بالنعم ويتقربون إليَّ بالمعاصي
والنقم".
في منطقة
اسمها كارنيماتا، في هذه المنطقة يوجد معابد كثيرة، كل ما يخطر في بالك يُعبد من
دون الله هناك، معبد للجنس، ومعبد للخمر، ومعبد للحشرات، ومن أغرب الأشياء معبد
للفئران، يوجد في هذا المعبد أكثر من عشرين ألف فأر تربى على أفضل أنواع الحليب
والذرة، وتعبد من دون الله -جل وعلا-، الناس كيف يتعبدون؟ إذا وقع الواحد منهم في
المعصية؛ دخل إلى المعبد، الناس تدخل في المعبد كل على حسب طاقته وقدرته، إن كان
غنيًّا فيدخل بأفخر أنواع الحليب ومع كرتون "كورن فليكس" هذه حقيقة، وإن
كان فقيرًا يُقدم ما لديه.
يدخل الشخص
إذا فعل المعصية ويتجرد من ثيابه العليا، وينام على بطنه ويدم يده اليسرى أمامه
ويجعل اليمنى بجانب فخذه، ثم يُنثر الجبن على ظهره، فتأتي الفئران لتنهش، كلما خرج
الدم كلما كان ذلك أدعى لتكفير السيئات.
أين
المصيبة؟ فيمن يفعل الكبائر، هو مضطر يمكث فترة أكبر.
ولهذا
نقول: أعظم نعمة منَّ الله -عز وجل- بها علينا نعمة الإسلام، نحن نضحك الآن، لكن
لو وُلدنا وآباؤنا يعبدون الفئران، كان كل واحد منا الآن مربي فأرًا في بيته!
فالحمد لله
على نعمة الإسلام.
يقال أن
بشر الحافي -رحمه الله- يومًا كان مع أصحابه يسامرهم، فخرج من داره في ليلة شاتية،
فأخرج إحدى رجليه، ووقف وقوف طويل، فقام إليه تلاميذه وطلابه، وقالوا: ما لك -رحمك
الله؟
قال:
"تذكرت في وقوفي هذا بشرًا اليهودي، وبشرًا النصراني، وبشرًا المجوسي، ثم
تذكرت نعمة الله عليَّ أن جعلني بشرًا المسلم من غير حولٍ مني ولا قوة".
قال -رحمه
الله تعالى: (قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: الخَالِقُ لِهَذِهِ
الأَشْيَاءَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِعِبَادَةِ اللهِ -سبحانه وتعالى).
هذا الحديث
عهن هؤلاء الذين يعبدون غير الله -جل وعلا- أيضًا يستدعي منَّا أن نبذل الجهد في
الدعوة إلى الله ونشر الإسلام، وتعليم غير المسلمين بهذا الدين حتى يكون أهل الدين
وأهل الإسلام، ويكون الناس جميعًا على معرفة بدين محمد -صلى الله عليه وسلم.
هذا أمر
افترضه الله علينا، وقد ذكرنا لكم في مقدمة الكتاب: (اعْلمْ رَحِمَكَ اللهُ
أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَعَلُّمُ أَرْبَع مَسَائِلَ:
الأُولَى:
الْعِلْمُ.
الثَّانِيَةُ:
الْعَمَلُ.
الثَّالِثَةُ:
الدَّعْوَةُ.
الرَّابِعَةُ:
الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ.
وهذه
رسالتنا، الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق
الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
اللهم
علمنا ما ينفعنا وزدنا علمًا وهدًى وتقًى يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا
نسألك عيش السعداء، وميتة الشهداء، والنصر على الأعداء، اللهم انصر دينك وكتابك
وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان، اللهم
انصرهم يا ذا الجلال والإكرام في سوريا، وانصرهم يا رب العالمين في العراق،
وانصرهم يا ذا الجلال والإكرام في مالي وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام، اللهم
كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان، كن لهم عونًا ونصيرًا، اللهم أمددهم بمدد من
عندك، وأيدهم بتأيدك يا ذا الجلال والإكرام.
ربنا
وخالقنا أسعد صدورنا، اللهم أسعد صدورنا، وأقر أعيننا برؤية عز الإسلام وانتصار
المسلمين، اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور، وعمل متقبل مبرور، وتجارة لن
تبور، يا عزيز يا غفور، يا ذا الجلال والاكرام.
الأكاديمية الإسلامية المفتوحة
الدورة العلمية الثانية
شرح متن الأصول الثلاثة
لفضيلة الشيخ/ راشد الزهراني
الدرس 4
بسم الله
الرحمن الرحيم..الحمد لله رب
العالمين، والحمد لله وكفى، وصلوات ربي وصلواته على عبده المصطفى، وعلى آله وأصحابه
وسلم تسليمًا مزيدًا إلى يوم الدين.اللهم إنا نسألك
الهدى والتقى والعفاف والغنى، ونسألك يا ربِّ من العمل ما ترضى.أيها الإخوة
والأخوات، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.وأسأل الله
العظيم رب العرش الكريم بمنِّه وكرمه أن يجعلنا وإياكم ممن يجتمع في هذه الحياة على
طاعته ويوم القيامة في مستقر رحمته، إنه جواد كريم.أما بعد -أيها
الإخوة- هذا هو الدرس الرابع من دروس ثلاثة الأصول، والتي تقدم في هذا الجامع المبارك،
جامع الشيخ الحصري -رحمه الله- بمدينة السادس من أكتوبر بجمهورية مصر العربية.كنا قد تحدثنا
معكم في اللقاءات السابقة عن العلم ومكانة أهله وفضلهم ومنزلتهم، ثم تحدثنا عن أربعة
مسائل.قال المصنف
أنه يجب على كل مسلم أن يتعلمها:
أولها: العلم.والثانية: العمل
به.والثالثة: الدعوة
إليه.والرابعة: الصبر
على الأذى فيه.ثم تحدثنا عن
المسألة الأخرى وهي: ثلاث مسائل يجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلموها، وأن يعملوا بهنّ:
أولها: أن الله
خلقنا ورزقنا، ولم يتركنا هملًا؛ بل أرسل إلينا رسولًا، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه
دخل النار.الثانية: أن
الله لا يرضى أن يُشرك معه في عبادته أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل.الثالثة: أن
مَن أطاع الرسول ووحَّد الله، لا يجوز له موالاة من حادَّ الله ورسوله.قدَّم المصنف
-رحمه الله- كتابه الأصول الثلاثة بهاتين المقدمتين النافعة، التي ذكرت لكم حتى يستقر
العلم يجب أن نبلغه للناس، حتى يستقر العلم في أذهاننا وفي قلوبنا وعقولنا، وحتى يكون
للعلم بركة، يجب أن نستمع وأن نبلغ كما قال سيدي -صلى الله
عليه وسلم: «نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها، فأدَّاها
كما سمعها، فربَّ مبلَّغٍ أوعى من سامع، ورب حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه».يقول -رحمه
الله: (اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ، أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ:
أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ. وَبِذَلِكَ أَمَرَ اللهُ جَمِيعَ
النَّاسِ، وَخَلَقَهُمْ لَهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [ الذاريات: 56].
وَأَعْظَمُ
مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ التَّوْحيِدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ. وَأَعْظَمُ
مَا نَهَى عَنْهُ الشِّرْكُ وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ، وَالدَّلِيلُ على هذا
قَوْلُ الله تَعَالَى ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ
بِهِ شَيْئا﴾ [النساء:
35]).
قال -رحمه الله:
(اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ) هنا درس آخر من الدروس التي يجب أن يراعيها
العالم وطالب العلم والداعية إلى الله، وهو قوله: (أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ)،
من مصلحة الدعاة، ومن مصلحة أهل العلم أن يدعوا الآخرين إلى هذا الدين، وأن يدعو لهم
بالرحمة والمغفرة والإرشاد إلى طاعة الله -جل وعلا.ما أعظم أن
تستقبل طالب العلم بالدعوة، تقول له: وفقك الله، جعلك الله مباركًا أينما كنت، رحمك
الله، أرشدك الله لطاعته.فإن هذا الكلام
له أثر في قلب وفي عقل المستمع.يقول الأول:
أحسن إلى
الناس تستعبد قلوبهم
|
|
فطالما استعبدالإنسانَإحسانُ
|
ما أصل الحنيف في اللغة؟أصل الحنيف معناه: الميل. يقولون: رجل حنيف أي قدمه مائلة، ولهذا سمي الأحنف بن قيس لحَنَفٍ في رجله ويعني لميل في قدمه، وقد كانت حاضنته تقول:
والله لولا
حنف برجله
|
|
ما كان في
فتيانكم كمثله
|
مجدوا الله
فهو للأهل مجد
|
|
ربنا في السما
أمسى كبيرا
|
- في عشرة مواضع ورد بالإفراد على صيغة الإفراد، مثل: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: 120].
قال -رحمه الله: (اعْلَمْ أَرْشَدَكَ اللهُ لِطَاعَتِهِ، أَنَّ الْحَنِيفِيَّةَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ: وهي أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ).هذه هي الحنيفية، وهي أن تفرد الله -جل وعلا- بالعبادة.ما هي العبادة؟العبادة لها معنيان:
- إما أن تكون بمعنى من التذلل، يقال: طريق مُعبَّد أي طريق مُذلل، وهذا يدخل فيه جميع الناس، المسلم وغير المسلم، فكلهم عبيد لله -جل وعلا.- وإما أن يراد بها المحبة والقرب: وهذه خاصة بالمؤمنين.العبادة ما هي؟عُرفت بتعاريف كثيرة، لكن من أحسن تعاريفها أو من أحسن حدودها التي يقول عنها علماء الأصول أو علماء المنطق: الحد الجامع المانع، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: "والعبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال والأخلاق الظاهرة والباطنة".
لماذا كان من أحسن التعاريف؟لأنه اشتمل على أنواع العبادة:
- فالعبادة إما أن تكون قولًا، أو تكون عملًا، أو تكون سلوكًا.- وهي إما أن تكون ظاهرة أو باطنة.- الظاهرة: أعمال الجوارح.- والباطنة: أعمال القلوب، ومنها الاعتقاد والنيةزقال: (وهي: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ).
التوحيد هو من أعظم ما أمر الله -جل وعلا- به، بل إن القرآن الكريم كله في توحيد الله -جل وعلا- كيف ذلك؟آيات القرآن إما:
الأول: أمر بالتوحيد.الثاني: أو نهي عن ضده وهو الشرك.الثالث: أو أمر بالعمل بمقتضاه وهي العمل بطاعة الله ورسوله، واجتناب ما عنه نهى الله ورسوله.الرابع: أو خبر عن أهل التوحيد وما أعده الله لهم في جنات النعيم.الخامس: إما خبر عن الشرك وما أعده الله لهم في نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى.فالقرآن لا يكاد يخرج عن هذه الخمسة معاني، فالتوحيد هو الأصل الذي دعت إليه جميع الأنبياء والمرسلين.يقول الله -سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [سورة الصمد].
- فقيل: تعدل ثلث القرآن بمعنى أنها تأتي بثلث المعاني، فالقرآن إما توحيد، وإما أخبار وقصص، وإما أحكام، فثلثها التوحيد.- وقيل إنها تعدل ثلث القرآن في أجر التلاوة.وبحثها -رحمه الله- بحثًا مطولًا، وقد فسرت هذه السورة في ثلاث مجالس، بالإمكان الحصول عليها من خلال موقعي الشخصي.أيضًا مما يدل على التوحيد: قول الله -جل وعلا: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [البقرة: 163]، وقول الله -سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: 62] سبحان الله عما يشركون.
- القسم الأول: توحيد الربوبية.- والثاني: توحيد الألوهية.- والثالث: توحيد الأسماء والصفات. ما هو توحيد الربوبية؟أحسنت، هذا هو التعريف الجامع.هو: إفراد الله بأفعاله. أفعال الله ما هي؟ الخلق، الرزق، الإحياء، الإماتة، توحيد الرب بأفعاله -عز وجل- فهذا هو توحيد الربوبية.سؤال: هل كان أهل مكة الذين كانوا يعبدون الأصنام كانوا يشككون في توحيد الربوبية؟لم يكونوا يشككون في ذلك، هم كانوا يعلمون أن الله هو الخالق، وأن الله هو الرازق، وهو المحيي، وهو المميت.ما الدليل على هذا؟ من القرآن.نحن علمنا المؤلف -رحمه الله- أننا إذا ذكرنا شيئًا نذكر الدليل.ما الدليل على هذا؟نعم، أحسنتم.- قال الله -عز وجل: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [العنكبوت: 61].
فلواحد كن
واحدًا في واحد
|
|
أعني سبيل
الحق والإيمان
|
النوع الأول: توحيد في المعرفة والإثبات.والنوع الثاني: توحيد في الإرادة والقصد.هل هذا تعريف مختلف؟ لا، لأن توحيد المعرفة والإثبات يشتمل على نوعين من أنواع التوحيد: توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.وتوحيد الإرادة والقصد هو هو توحيد الألوهية.ومن العلماء من يقول: التوحيد على نوعين:
- توحيد علمي خبري.- وتوحيد عملي.وفي نفس المعنى، التوحيد العلمي الخبري يشتمل على الربوبية والأسماء والصفات، والتوحيد العملي هو توحيد الألوهية.فهذه تقسيمات متنوعة ومختلفة لمعنى واحد، وهي المعاني الثلاث: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.هل ورد آية في القرآن تقول إن التوحيد ثلاثة أنواع، توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات؟هل هناك آية في القرآن؟طيب، هل هناك حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول إن التوحيد ثلاثة أنواع؟ بهذا النص؟ لا يوجد.طيب، الشيخ علمنا أن نأخذ كل شيء بدليله، فما الدليل على هذه الأنواع؟ أنتم بهذه الطريقة تأتون بشيء بدون دعوى، فماذا تقولون؟....نعم، لكن أنا سأذكر لكم -لأنكم بعيد ولا يظهر الصوت- سأذكر لكم شيئًا: درستم في متن الآجرومية مع الشيخ الدكتور محمد عبد المعطي أن الكلمة كم نوع؟ ثلاثة أنواع: اسم، وفعل، وحرف. ما الدليل من القرآن على هذا التقسيم؟ لا يوجد دليل.الدليل: هو أننا فتحنا القرآن، وجمعنا جميع الآيات في القرآن فوجدنا أن بعض الآيات تدل على توحيد الربوبية، وأخرى تدل على توحيد الألوهية، لأن الربوبية مأخوذة من الرب، والآيات في ذلك كثيرة، وآيات تدل على توحيد الألوهية، وآيات تدل على توحيد الأسماء والصفات، فالعلماء من باب السَّبرِ والتقسيم جمعوا، فاتضح لهم أن التوحيد بهذه الأنواع الثلاثة، والذي لديه نوع رابع فليأتِ به.كالذي يقول: لا والله، أنا لا أقبل كلام أهل اللغة العربية، النحاة هؤلاء لا يفهمون، الكلمة هي أربعة: اسم وفعل، وحرف، و...، نقول: ما هو الـ (و...)؟ لا يوجد.اللغة ليس فيها إلا هذا التقسيم الثلاثي.فالعلماء سبروا الآيات والأحاديث، فاتضح لهم أن التوحيد يأتي بهذه الأنواع الثلاثة، لكن كل نوع هناك أدلة كثيرة -كما ذكر ابننا بارك الله فيه- كلها تدل على توحيد الله -جل وعلا.يأتي أحد يقول: ما الدليل على توحدي الربوبية؟
قول الله -سبحانه وتعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54]، ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴾ [فاطر: 3]، ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [يونس: 31].
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: 62]، ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ ﴾ [آل عمران: 18].
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر: 23].
- قد يكون الشرك في توحيد الربوبية: وهذا ذكرنا أنه لا يكاد يوجد، وحتى فرعون لما أشرك كان في قرارة نفسه يؤمن بالله -سبحانه وتعالى.- وهناك الشرك في توحيد الألوهية: وهو دعوة غير الله مع الله، أو أن يجعل بينه وبين الله وسيلة يدعوه كما يدعو الله –سبحانه وتعالى.
- شرك لا يغفره الله أبدًا، ويسمى بالشرك الأكبر، وهو الذي قال الله فيه: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]، وقال الله -جل وعلا- فيه: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أو تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: 31].
الشرك الأصغر : هو كل وسيلة توصل إلى الشرك الأكبر. مثل ماذا؟الحلف بغير الله، يقول -صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفًا، فليحلف بالله أو لِيصمت».ومن ذلك قول: "ما شاء الله وشاء فلان"، فرق بين الواو وبين "ثم"، فالواو تأتي للعطف، و"ثم"تأتي للترتيب، أحسنت -بارك الله فيك.ومن ذلك أن رجلًا قال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما شاء الله وشئت، فقال -صلى الله عليه وسلم: «أجعلتني لله ندًّا؟ بل قل: ما شاء الله وحده».ومن ذلك أيضًا -وبه نختم: الشرك الخفي، الذي قال عنه ابن عباس: "الشرك في هذه الأمة أخفى في هذه الأمة من دبيب النملة السوداء، على الصفاة الصماء، في الليلة الظلماء "، فهذا مثل الرياء.النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر»، فسئل عنه، فقال -صلى الله عليه وسلم: «هو الرياء، الشرك أخفى في هذه الأمة من دبيب النملة السوداء، على الصفاة الصماء، في الليلة الظلماء».هذا هو الشرك، وهذه هي أنواعه، نسأل الله أن يجيرنا من ذلك.ما رأيكم بقول "والنبي" الحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، له مكانة ومنزلة ومع ذلك لا يجوز لنا أن نحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الله أمرنا بذلك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بذلك، فإذا كان النبي نهى رجلًا عن قوله "ما شاء الله وشئت"، قال: «أجعلتني لله ندًّا؟ بل ما شاء الله وحده».لعلنا نكتفي، نسأل الله -عز وجل- لنا ولكم التوفيق والسداد، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أسأل الله بمنِّه وكرمه ألا يفرق جمعنا إلا بذنب مغفور، وعمل متقبل مبرور، وتجارة لن تبور.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)