بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 مارس 2010

نبذ من المدونة الكبرى/24

في القيء في صيام الظهار
قلت : أرأيت من تقيأ في صيام الظهار أيستأنف أم يقضي يوما يصله بالشهرين فقال : يقضي يوما يصله بالشهرين

في مرض المظاهر من امرأته وهو صائم
قال ابن القاسم : قال مالك من مرض في صيام التظاهر أو قتل النفس فأفطر فإنه إذا أصبح وقوي على الصيام صام وبنى على ما كان صام قبل ذلك وإن هو صح وقوي على الصيام فأفطر يوما من بعد قوته على الصيام استأنف الصوم ولم يبن وقال من أفطر يوما من قضاء رمضان متعمدا لم يكن عليه إلا قضاء ذلك اليوم قلت : أرأيت لو أن امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين فحاضت في الشهرين ولم تصل أيام حيضتها بالشهرين أتستأنف أم لا ؟ قال : قال مالك : تستأنف إن لم تصل أيام الحيض بالشهرين قلت : أرأيت رجلا ظاهر من امرأته وهو ممن لا يجد رقبة فمرض أيجوز له أن يطعم ؟ فقال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي : إذا ظاهر فصام ثم مرض فإنه إن صح بنى على ما صام فإن فرط حين صح استأنف بالشهرين قلت : أرأيت قول الله تبارك وتعالى في كتابه { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } المجادلة : 4 كيف هذا الذي لا يستطيع ومن هو ؟ فقال : ما حفظت من مالك فيه شيئا إلا أنه عندي الصحيح الذي لا يقوى على صيام من كبر أو ضعف فإن من الناس من هو صحيح لا يقوى على الصيام وإني لأرى أن كل من مرض مثل الأمراض التي يصح من مثلها الناس أنه إن تظاهر وهو في ذلك المرض أو ظاهر ثم مرض ذلك المرض أنه ينتظر حتى يصح من ذلك المرض ثم يصوم إذا كان لا يجد رقبة وكل مرض يطول بصاحبه فلا يدري أيبرأ منه أم لا يبرأ لطول ذلك المرض ولعله أن يحتاج إلى أهله فأرى أن يطعم ويلم بأهله وإن صح بعد ذلك أجزأ عنه ذلك الطعام لأن مرضه كان يائسا وقال غيره إلا أن يطول مرضه وإن كان ممن يرجى برؤه وقد احتاج إلى أهله فإنه يكفر بالطعام ابن وهب عن يونس قال : سمعت رجالا من أهل العلم يقولون في المرأة التي تقطع صيامها الحيضة لها رخصة في صيام الشهرين المتتابعين من قبل أن الحيضة تقطع عليها الصيام الذي فرضه الله عليها

في كفارة المتظاهر
قال : وقال مالك فيمن تظاهر من أربع نسوة في غير مرة واحدة أن عليه في كل واحدة منهن كفارة كفارة ولا تجزئه كفارة واحدة قلت : أرأيت إن أعتق أربع رقاب في مرة واحدة عنهن أيجزئه ذلك وإن لم يسم لكل واحدة رقبة بعينها ؟ فقال : نعم يجزئه ذلك لأنه لم يشرك بينهن في العتق وإنما صارت كل رقبة لامرأة وذلك فيما بينه وبين الله ليس لهن من ولائهن شئ قال : وإن أعتق ثلاث رقاب عن ثلاث أجزأه وإن لم يسم لكل واحدة منهن رقبة وإن أعتق الثلاث الرقاب عن النسوة الأربع لم تجزه الرقاب في ذلك من ظهاره إذا نوى بهن عن جميعهن لأنه إنما أعتق عن كل واحدة منهن ثلاثة أرباع رقبة فليس له أن يعتق رقبة أخرى فيجزىء ذلك عنه ولو أعتق ثلاثا عن ثلاث وحاشا من نسائه واحدة لم ينوها بعينها لم يكن له أن يطأ حتى يعتق الرقبة الرابعة فيطأهن ولو ماتت واحدة منهن أو طلقها لم تجزه الثلاث حتى يعتق رقبة فيجوز الوطء له حين أعتق ثلاثا عن ثلاث ولم يعتقهن عن جميعهن لأنا لا ندري أيتهن الباقية فلما أعتق الرقبة الرابعة فكان قد استكمل عنهن الكفارات ولم يشرك بينهن في أصل العتق فلما ماتت واحدة أو طلقها قلنا لا نشك أن اثنين ممن قد بقي وقعت لهن الكفارة الأخرى التي ماتت أو بقيت فلا يطأ واحدة منهن حتى يعتق رقبة احتياطا للتي بقيت فيستكمل الكفارة وأما الذي لا يجزىء عنه أن يعتق رقبة إذا ماتت واحدة منهن أو طلقها إذا أعتق ثلاثا عن أربع فحينئذ يكون قد جعل لكل واحدة منهن في العتق نصيبا فلا يجزئه حتى يعتق أربع رقاب سواهن قال : وإن صام ثمانية أشهر متتابعات يريد بذلك الكفارة عنهن أشركهن جميعا في صيام كل يوم كما أشركهن في العتق لم أر ذلك يجزىء عنه إلا أن ينوي بالصيام كفارة كفارة وإن لم يوقع ذلك على واحدة من نسائه بعينها كما وصفت لك في العتق فيجزىء ذلك عنه وأما الطعام فأرى ذلك مجزئا عنه وذلك أني رأيته مجزئا لأنه لو ماتت واحدة منهن وقد أطعم عنهن عشرين ومائة مسكين سقط من ذلك حظ الميتة وجبر بما كان أطعم عن الثلاث اللائي بقين عنده بقية الإطعام وذلك أنه لا بأس أن يفرق الإطعام ولو أطعم اليوم عن هذه عشرين وعن هذه غدا ثلاثين وعن الأخرى بعد ذلك أربعين وعن الأخرى مثل ذلك ثم جبر ما بقي بعد ذلك عنهن أجزأ عنه فلذلك رأيته مجزئا وإن لم ينو واحدة منهن فمن مات منهن فعل في أمرها كما فسرت لك يجبر ما بقي من الكفارة ويسقط قدر حظها لأنه أطعم عنهن كلهن ولم ينو واحدة عن واحدة فهذا الذي أرى والله أعلم بالصواب إلا أن يطعم فيشركهن أيضا في الإطعام في كل مسكين ولا يجزىء ذلك عنه إلا أن ينوي به مدا لكل مسكين في كفارته وإن لم ينو امرأة بعينها فذلك يجزئه لأنه أطعم عنهن ولم ينو واحدة فهذا الذي أرى والله أعلم
قلت : أرأيت رجلا ظاهر من أربع نسوة له في كلمة واحدة فصام شهرين متتابعين عن واحدة منهن فجامع في شهري صيامه بالليل واحدة من نسائه ممن لم ينو الصيام عنها أيفسد ذلك صومه عن هذه التي نوى الصوم عنها ؟ قال : نعم قلت : ولم وإنما نوى بالصيام واحدة منهن ؟ قال : لأنه لو حلف على ثلاثة أشياء بيمين واحدة كقوله والله لا ألبس قميصا ولا آكل خبزا ولا أشرب ثم فعل واحدة منهن حنث فوجبت عليه الكفارة فلا شئ عليه فيما بقي مما كان حلف عليه إن فعله لوفعله قال : ومما يبين ذلك في أنه لو كفر في قول من يقول : لا بأس بأن يكفر قبل الحنث وقد قال مالك : أحب إلي أن يكفر بعد الحنث قال : وإن كفر قبل الحنث رجوت أن يجزئه في هذه الأشياء الثلاثة قبل أن يفعل واحدة منهن وإنما نوى بالكفارة عن شئ واحد من هذه الثلاثة إن أراد أن يفعله ولم تخطر له الإثنتان الباقيتان في كفارته فإنما أراد بكفارته عن ذلك الشئ الواحد ثم فعل بعد الكفارة هذين اللذين لم يرد بالكفارة عنهما فإنه لا تجب عليه كفارة أخرى في فعله وتجزئة الكفارة الأولى عن الثلاثة الأشياء التي حلف عليها قال : وهذا رأيي ولقد سئل مالك عن رجل حلف بعتق رقبة أن لا يطأ امرأته فكان في ذلك موليا فأخبر أن الإيلاء عليه فأعتق رقبة في ذلك إرادة إسقاط الإيلاء عنه أترى ذلك مجزئا عنه ولا إيلاء عليه فقال نعم وإن كان أحب إلي أن لا يعتق إلا بعدما يحنث ولكن إن فعل فهو مجزىء عنه فهذا يبين لك ما كان قبله قال : ومما يبين ذلك لو أن رجلا ظاهر من ثلاث نسوة له في كلمة واحدة فوطىء واحدة منهن ثم كفر عنها ونسي الباقيتين أن يدخلهما في كفارته وإنما أراد بكفارته لمكان ما وطىء من الأولى لكان ذلك مجزئا عنه في الاثنتين الباقيتين ولم يكن عليه فيما بقي شئ قال : وقال مالك : من ظاهر من امرأته فصام شهرا ثم جامعها في الليل قال : يستأنف ولا يبني قال : وكذلك الإطعام لو بقي من المساكين شئ

جامع الظهار
قلت : أرأيت المرأة إذا ظاهر منها زوجها هل يجب عليها أن تمنعه نفسها ؟ قال : قال مالك : نعم تمنعه نفسها قال : ولا يصلح له أن ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها
قال : فقلت لمالك أفينظر إلى وجهها فقال : نعم وقد ينظر غيره أيضا إلى وجهها
قلت : فإن خشيت منه على نفسها أترفع ذلك إلى الإمام ؟ قال : نعم قلت : ويرى مالك أيضا للإمام أن يحول بينها وبينه ؟ قال : بلغني عن مالك ذلك وهو رأيى قال : وسمعت مالكا وسئل عن امرأة طلقها زوجها تطليقة فارتجعها ولم يشهد على رجعتها فامتنعت منه المرأة وقالت لا أمكنك حتى تشهد فقال مالك : قد أصابت ونعم ما فعلت قلت : أرأيت الرجل يصوم ثلاثة أيام في الحج ثم يجد ثمن الهدي في اليوم الثالث هل ينتقض صومه ؟ قال : قال مالك : يمضي على صيامه قلت : أرأيت فإن كان أول يوم صام وجد ثمن الهدي ؟ فقال : قال مالك : إن شاء أهدى وإن شاء تمادى في صيامه قلت : وكذلك صيام الظهار إذا أخذ في الصيام ثم أيسر ؟ فقال : قال مالك : إذا صام يوما أو يومين في الظهار ثم أيسر فليعتق أحب إلي وإن كان صام أكثر من ذلك تمادى في صيامه قال ابن القاسم : وقتل النفس عندي مثل الظهار
قلت : ما قول مالك فيمن أراد الصيام في جزاء الصيد ؟ قال : يصوم مكان كل مد يوما في قول مالك قال مالك في الأذى : من كان به أذى من رأسه فالصيام فيه ثلاثة أيام والطعام فيه ستة مساكين لكل مسكين مدين مدين قال : وقال مالك : وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين مدا مدا لكل مسكين وكل شئ من الكفارات سوى كفارة الظهار وكفارة الأذى من قتل النفس والطعام في الجزاء فكل شئ من هذا فإنما هو مد مد لكل مسكين قال : قال مالك في كفارة الظهار إن لم يجد إلا ثلاثين مسكينا فأطعمهم ثم أراد أن يرد عليهم الثلاثين المد الباقية لم يجزه أن يرد عليهم ولا يجزئه إلا أن يطعم ستين مسكينا

كتاب الإيلاء

باب الإيلاء
قلت لعبدالرحمن بن القاسم : أرأيت إن حلف أن لا يطأ امرأته أربعة أشهر أيكون موليا في قول مالك ؟ قال : قال لا قلت : فإن زاد على الأربعة الأشهر ؟ قال : إذا زاد على الأربعة أشهر بيمين عليه فهو مول قلت : أرأيت إن حلف أن لا يغتسل من امرأته من جنابة أيكون موليا ؟ قال : نعم يكون موليا لأن هذا لا يقدر على الجماع إلا بكفارة قلت : أرأيت إن آلى منها بحج أو عمرة أو صوم أو طلاق أو عتق أو هدي أيكون موليا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : نعم قلت : فإن قال فإن قربتك فعلي أن أصلي مائة ركعة أيكون موليا ؟ قال : نعم قلت : أرأيت لو أن رجلا قال : والله لا أقربك حتى يقدم فلان أيكون موليا في قول مالك قال : قال لي مالك في الرجل يقول لغريم له والله لا أطأ امرأتي حتى أوفيك حقك إنه مول فكذلك مسألتك عندي تشبه هذه قلت : وكل من حلف أن لا يطأ امرأته حتى يفعل كذا وكذا فهو مول في قول مالك ؟ قال : نعم
قلت : فإن كان ذلك الشئ مما يقدر على فعله أو مما لا يقدر على فعله فهو سواء وهو مول في قول مالك ؟ قال : نعم لأن مالكا قال في الرجل يقول لامرأته إن وطئتك فأنت طالق البتة ففعله وبره فيها لا يكون إلا إيلاء فرأى مالك أنه مول وكان من حجته أو حجة من احتج عنه وأنا أشك في قوله أرأيت إن رضيت بالإقامة أكنت أطلقها فكذلك عندي كل ما لا يستطيع فعله والفيء فيه ولم يعجل عليه الطلاق لها أن ترضى فلا يكون فيه إيلاء ومما يبين لك ذلك أن لو قال إن وطئتك حتى أمس السماء فعلي كذا وكذا فقالت : لا أريد أن تطأني وأنا أقيم لم تطلق عليه لأن المرأة إن قامت في الأمرين جميعا على زوجها قبل مضي الأربعة الأشهر أو بعد مضيها فإن الذي حلف بطلاق البتة أن لا يطأ أبدا يطلقها عليه السلطان ولا يمكنه من وطئها وليس ممن يوقف على فيء وأما الآخر فإن أقامت قبل مضي الأربعة الأشهر لم يعجل عليه شئ لأن فيئه الوطء وبه الحنث وإن أقامت بعد الأربعة وقف فإما فاء فأحنث نفسه وإلا طلق عليه السلطان
قلت : أرأيت إن قال إن قربتك فعلي كفارة أو علي يمين أيكون موليا ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قال : والله لا ألتقي أنا وأنت سنة أيكون هذا موليا في قول مالك أم لا ؟ قال : سمعت مالكا يقول : كل يمين لا يقدر صاحبها على الجماع لمكانها فهو مول فإن كان هذا لا يقدرعلى الجماع لمكان يمينه هذه فهو مول قال ابن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال : إن الإيلاء في المسيس فلو أن رجلا حلف أن لا يكلم امرأته سنة فإن كلمها فهي طالق البتة ثم ترك كلامها ووطئها لم يكن عليه إيلاء ولو أن رجلا حلف أن لا يطأ امرأته وهو يكلمها كان قد آلى ووقف حتى يراجع أو يطلق وإن مضت الأربعة الأشهر لم يكن ذلك طلاقا على ذلك أدركنا الناس فيما مضى ولكنه يوقف حتى يؤبه له حتى يفيء أو يطلق قال ابن وهب : قال يونس وقال ابن شهاب : وإن حلف أن لا يكلم امرأته وهو في ذلك يمسها فلا ترى ذلك يكون من الإيلاء قال ابن وهب : وقال مالك : لا يكون الإيلاء في هجره إلا أن يحلف بترك المسيس قلت : أرأيت إن حلف بالله أن لا يقرب امرأته إن شاء الله أيكون موليا وقد استثنى في يمينه ؟ قال : سألت مالكا عنها فقال : هو مول وقال غيره لا يكون موليا
قلت لابن القاسم : أرأيت هذا الذي استثنى في يمينه هل له أن يطأ بغير كفارة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإذا كان له أن يطأ بغير كفارة فلم جعله مالك موليا وهو يطأ بغير كفارة ؟ قال : لأنه إذا تركها أربعة أشهر فلم يطأها فلها أن توقفه لأن اليمين التي حلف بها في رقبته إلا أن فيها استثناء فهو مول منها بيمين فيها استثناء فلا بد من التوقيف إذا مضت الأربعة الأشهر إن طلبت امرأته ذلك وإن كان له أن يطأ بغير كفارة لأن اليمين لازمة له ولم يسقط عنه وإنما يسقط عنه بالجماع ألا ترى أنه حالف إلا أنه حالف بيمين فيها استثناء فهو حالف وإن كان في يمينه استثناء قلت : أرأيت إن قال : علي نذر أن لا أقربك ؟ قال : إذا قال : علي نذر ففي قول مالك هي يمين فإذا كانت يمينا فهو مول قلت : أرأيت إن قال : على عهد الله أو الميثاق أو قال : كفالة الله أيكون موليا ؟ قال : هذه كلها عند مالك أيمان فإذا كانت أيمانا فهو مول قلت : أرأيت إن قال : على ذمة الله ؟ قال مالك : أراها يمينا قال ابن القاسم : وأراه موليا قلت : أرأيت إن قال : وقدرة الله وعظمة الله وجلال الله ؟ قال : هذه أيمان كلها
قلت : أرأيت إن قال : أشهد أن لا أقربك أيكون موليا ؟ قال : قال لي مالك في أشهد ولعمري ليستا بيمين قلت : فإن قال أقسم أن لا أطأك ؟ قال : قال لي مالك في أقسم أنها ليست بيمين إلا أن يكون أراد بالله قال ابن القاسم : فإن كان أراد أقسم بالله فأراه موليا لأنها يمين وإن لم يقل بالله ولم يرد بالله فليس بمول قلت : أرأيت إن قال : أنا يهودي أو نصراني إن جامعتك ؟ قال : لا يكون هذا يمينا في قول مالك فإذا لم يكن يمينا لم يكن موليا قلت : أرأيت إن قال أعزم ولم يقل بالله أو قال أعزم على نفسي ولم يقل بالله إن قربتك ؟ قال : قال لي مالك في أقسم إذا لم يقل بالله أخبرتك فقوله عندي أعزم مثل قوله أقسم قلت : أرأيت إن قال : أنا زان إن قربتك أيكون موليا أم لا ؟ قال : لا يكون موليا لأن مالكا قال : من قال : أنا زان إن فعلت كذا وكذا فليس بحالف قلت : أرأيت إن حلف لغيظنها أو ليسوءنها فتركها أربعة أشهر فوقفته أيكون موليا أم لا ؟ قال : لا يكون هذا إيلاء قال ابن وهب : وأخبرني يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل قال إن قربت امرأتي سنة فهي طالق أو قال على عتق أو هدي فمضت أربعة أشهر قبل أن يصيب امرأته ؟ قال : أرى قوله بمنزلة الإيلاء والله أعلم من أجل ما عقد على نفسه لله وإن لم يكن حلف قال ابن وهب قال يونس وسألت ربيعة عن المولى هل يجب عليه إيلاء بغير يمين حلفها ولو قال علي عتق أو مشي أو هدي أو عهد أو قال مالي في سبيل الله قال : كلما عقد على نفسه فهو بمنزلة اليمين قلت لابن القاسم : أرأيت إن قال والله لا أطؤك فلما مضت الأربعة الأشهر وقفته فقال لم أرد بقولي الإيلاء وإنما أردت أن لا أطأها بقدمي ؟ قال : لا يقبل قوله ويقال له جامعها حتى نعلم أنك لم ترد الإيلاء وأنت في الكفارة أعلم إن شئت كفر إذا وطئت وإن شئت فلا تكفر قلت : وكذلك إذا قال : والله لاأجامعك في هذه الدار فمضت الأربعة الأشهر فوقفته امرأته أتأمره أن يجامعها ولا يلتفت إلى قوله إني أردت أن لا أجامعها في هذه الدار ؟ قال : نعم كذلك يقال له أخرجها وجامعها إن كنت صادقا فإن كنت صادقا فلا كفارة عليك ولا يترك من غير أن يجامعها
قلت : أرأيت إن قال لامرأته والله لا أطؤك في داري هذه سنة وهو فيها ساكن مع امرأته فلما مضت أربعة أشهر وقفته فقالت قد آلى مني وقال الزوج لست موليا إنما أنا رجل حلفت أن لا أجامعها في داري هذه فأنا لو شئت جامعتها في غير داري بلا كفارة ؟ قال : لا أراه موليا ولكن أرى أن يأمره السلطان أن يخرجها فيجامعها لأني أخاف أن يكون مضارا لا أن تتركه المرأة فلا تريد ذلك قلت : وكذلك إن قال : والله لا أطؤك في هذا المصر أو في هذه البلدة ؟ قال : نعم هو سواء وقال غيره إن قال والله لا أطؤك في هذا المصر أو في هذه الدار إنه مول لأنه كأنه قال لا أطؤك حتى أخرج منها إذا كان خروجه يتكلف فيه المؤنة والكلفة فهو مول ألا ترى أنه إذا قال والله لا أطأ امرأتي ولك علي حق كأنه قال لا أطأ حتى أقضيك وأنه مول وقد قال مالك في الذي يقول لا أطأ حتى أقضيك حقك أنه مول قلت : أرأيت إن قال لامرأته إن وطئتك فكل مملوك أملكه فيما يستقبل فهو حر ؟ قال : لا شئ عليه وقد قال لي مالك : إذا حلف الرجل فقال : كل مملوك أشتريه فهو حر إنه لا يعتق عليه شئ مما اشترى لأن هذا مثل من قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق فإذا عم في العتق أو الطلاق لم يلزمه شئ قلت : أرأيت إن قال : كل مملوك أشتريه من الفسطاط فهو حر ؟ قال : هذا يلزمه فيه الحرية قلت : ويكون به موليا إن قال لامرأته ذلك ؟ قال : لا لأنه ليس عليه يمين إن وطئها حنث بها إلا أن يشتري عبدا بالفسطاط فيقع عليه الإيلاء من يوم يشتريه وكل يمين حلف بها صاحبها على ترك وطء امرأته كان لو وطىء لم يكن بذلك حانثا في شئ يقع عليه عند حنثه فلا أراه موليا حتى يفعل ذلك الشئ فيمنعه من الوطء مكانه فيكون به موليا فقد قال غيره يكون بذلك موليا لأن كل من يقع عليه الحنث بالفيء حتى تلزمه ذلك إذا صار إليه فهو مول ألا ترى أنه لو وطىء امرأته قبل أن يشتريه ثم اشتراه بعد عتق عليه
قلت لابن القاسم : أرأيت إن قال لامرأته إن وطئتك فكل ما أملكه من ذي قبل فهو في المساكين صدقة ؟ قال : لا شئ عليه لأن مالكا قال لو حلف بها لم يكن عليه أن يتصدق بثلث ما يفيد قلت : فإن قال كل مال أفيده بالفسطاط فهو صدقة إن جامعتك أيكون موليا أم لا في قول مالك ؟ قال : لا وهو مثل ما فسرت لك في العتق قلت : أرأيت إن قال : إن جامعتك فعلي صوم هذا الشهر الذي أنا فيه بعينه أيكون موليا ألم لا ؟ قال : لا يكون هذا موليا قلت : أرأيت إن لم يصم ذلك الشهر حتى مضى ثم جامعها أيكون عليه قضاء ذلك الشهر أم لا ؟ قال : لا يكون عليه قضاء ذلك الشهر قلت : لم ؟ قال : لأن الشهر قد مضى وإنما يكون عليه قضاؤه لو أنه جامع قبل أن ينسلخ الشهر أو جامع وقد بقي من الشهر شئ فهذا الذي يكون عليه قضاء الأيام التي جامع فيها ولا يكون عليه الإيلاء ألا ترى أنه لو حلف بعتق عبده إن جامع امرأته ثم باع عبده ثم جامع امرأته أنه لا يكون موليا فكذلك الشهر إذا مضى ثم جامع بعد ذلك فهو بمنزلة العبد الذي باعه ثم جامع بعد ذلك
قلت : أرأيت إن قال لامرأته والله لا أطؤك في هذه السنة إلا يوما واحدا أيكون موليا ؟ قال : قد اختلف فيها أهل المدينة ولم أسمع من مالك فيها شيئا ولست أرى عليه إيلاء إلا أن يطأ فإن وطىء وقد بقي عليه من السنة أكثر من أربعة أشهر فهو مول قلت : أرأيت إن قال : والله لا أقربك حتى تفطمي ولدك ؟ قال : قال مالك : لا يكون هذا موليا قال ابن القاسم : قال مالك : لأن هذا ليس على وجه الضرر إنما أراد صلاح ولده قال ابن القاسم : وقال مالك : وبلغني أن علي بن أبي طالب قاله قال يونس : إنه سأل ابن شهاب عن الرجل يقول والله لا أقرب امرأتي حتى تفطم ولدي ؟ قال ابن شهاب : ما نعلم الإيلاء يكون إلا الحلف بالله فيما يريد المرء أن يضار به امرأته من اعتزالها وما نعلم الله فرض فريضة الإيلاء إلا على أولئك فيما نرى إلا أن الذي يحلف يريد الضرر والإساءة إلا أن حلفه ينزل منزلة الإيلاء ولا نرى هذا الذي أقسم الاعتزال لامرأته حتى تفطم ولدها أقسم إلا على أمر يتحرى فيه الخير وليس متحري الخير كالمضار فلا نراه وجب على هذا ما وجب على المولى الذي يولي في الغضب قلت لابن القاسم : أرأيت إن قال : والله لا أجامعك سنة ونوى الجماع فمضت سنة قبل أن توقفه قال : قال مالك : إذا مضت السنة فلا إيلاء عليه قال : ولقد سألت مالكا عن رجل آلى أن لا يمس امرأته ثمانية أشهر فلما مضت الأربعة الأشهر وقف فأبى أن يفيء فطلقت عليه ثم ارتجعها فانقضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدتها ولم يمسها أترى رجعته ثابتة عليها إن انقضت عدتها قبل أن يمسها بعد الأربعة الأشهر إن لم يمسها ؟ قال : قال مالك : الرجعة له ثابتة إذا انقضى وقت اليمين وهي في عدتها فلا يمين عليه ورجعته رجعة لأنه ليس ههنا يمين يمنعه من الجماع قلت : أرأيت إن قال لامرأته والله لا أقربك ثم قال لها بعد ذلك بشهر على حجة أن قربتك فلما مضت أربعة أشهر من يوم حلف باليمين الأولى وقفته المرأة عند السلطان فلم يف فطلق عليه السلطان فارتجعها مكانه فمضى شهر آخر وحل أجل الإيلاء الذي بالحج فأرادت أن توقفه أيضا أيكون لها ذلك أم لا في قول مالك ؟ قال : لا لأن اليمين التي زاد إنما هي توكيد ألا ترى أنه لو وقفته فحنث نفسه أن الحنث يجب عليه باليمينين جميعا فكذلك إذا حلف بالطلاق إذا أبى الفيء فذلك لليمينين وقد قال هذا غيره أيضا وقال في رجل حلف ليجلدن غلامه جلدا يجوز له بطلاق امرأته فباع الغلام قبل أن يجلده قال : أوقفه عن امرأته وأضرب له أجل المولى فإذا مضت الأربعة الأشهر ولم يرجع إليه العبد بشراء أو ميراث أو يحل فيجلده طلقت عليه امرأته واحدة فإن صار إليه العبد بشئ من الملك وهي في العدة فجلده رأيت له الرجعة ثابتة وإن لم يصر العبد إليه حتى تنقضي عدتها بانت منه فإن تزوجها رجع إليه الوقف إلا أن يملك العبد فيجلده فيخرج من يمينه قال سحنون وقال وكثير من أصحاب مالك وهو ابن دينار وساعة باع عبده وخرج من ملكه وقع عليه الطلاق وقال ابن دينار في رجل حلف بعتق غلامه ليضربنه فباعه إن البيع مردود فإذا رددته أعتقت العبد لأني لا أنقض شراء مسلم قد ثبت إلى رق ولكني أنقضه إلى حرية
قلت : أرأيت الرجل يقول لامرأته أنت طالق إن لم أفعل كذا وكذا ولم يوقت ؟
قال مالك : يحال بينه وبينها ويدخل عليه الإيلاء من يوم ترفع ذلك وقال غيره إذا تبين للسلطان ضرره بها قال : فأما إن لم يمكنه فعل ما حلف عليه ليفعلنه فلا يحال بينه وبين امرأته ولا يضرب له أجل فإذا أمكنه فعل ذلك قيل له أنت بسبيل الحنث فلا تقربها فإن رفعت أمرها إلى السلطان ضرب له السلطان أجل المولى مثل الرجل يقول امرأتي طالق إن لم أحج ولم يوقت سنة بعينها وهو في أول السنة أو قال لأخرجن إلى بلدة فلم يجد سبيلا إلى الخروج من قبل انقطاع الطريق ألا ترى أن الحج لا يستطاع في أول السنة ولا يمكنه فعله فيفيء وفيئته فعل ما حلف عليه ليفعلنه ولا يمكنه الخروج فيفيء ولأن فيء هذا ليس هو بالوطء إنما فيئه فعل الشئ الذي لا يمكنه فعله فمن ههنا لا يكون بسبيل الحنث ولا يوقف عنها ألا ترى أن المولى نفس الإيلاء إذا جاء أجله وأوقفته امرأته وهو مريض أو مسجون أنه يمد له في أجله للعذر الذي هو به لأنه لا يقال له وطأ وهو مسجون ولا وهو مريض فإذا أمكنه قيل له فيء وإلا طلق عليك فكذلك الحالف ليحجن أو ليخرجن إلى البلد فإذا أمكنه الخروج إلى البلدة ووجد السبيل إلى الفيء فترك المخرج الذي له صار بسبيل الحنث وترك الحج حتى جاء وقت أن خرج لم يدرك الحج فمن حينئذ يقال له لا تصب امرأتك لأنك بسبيل حنث حين تركت ما قدرت عليه من فعلك ما حلفت لتفعلن فإن رفعت امرأته أمرها ضرب له السلطان أجل الإيلاء فإن فعل قبل أجل الإيلاء ما هو بره ومخرجه من الحج والخروج إلى البلدة بر في يمينه وسقط حلفه لم يكن عليه الإيلاء وإن جاء وقت الإيلاء ولم يفعل ما أمكنه فعله طلق عليه السلطان بالإيلاء فإن ارتجع وفعل الحج والخروج قبل انقضاء العدة كانت امرأته وكانت رجعته ثابتة له لأنه قد بر في يمينه وقد فاء لأن فيئه فعله كما أن فيء المولى نفس الإيلاء الوطء ألا ترى أن المولى إذا طلق عليه بعد الأربعة الأشهر بترك الفيء ثم ارتجع فإن صدق رجعته بفيئه وهو الوطء قبل انقضاء العدة ثبتت رجعته وسقطت عنه اليمين قال يونس عن ربيعة في الذي يقول إن لم أضرب فلانا فامرأته طالق قال ربيعة : ينزل بمنزلة المولى إلا أن يكون حلف بطلاقها البتة ليضربن رجلا مسلما وليس له على ذلك الرجل وتر ولا أدب وإن ضربه إياه لو ضربه خديعة من ظلم فإن حلف على ضرب رجل هو بهذه المنزلة فرق بيه وبين امرأته لا ينتظر به ولا نعمة عين
قلت : فإن قال : يا فلان امرأتي طالق إن لم تهب لي دينارا ؟ قال : يحال بينه وبينها ولا يدخل عليه في هذا الإيلاء ولكن يتلوم له السلطان على قدر ما يرى مما يحلف عليه فإن وهب له المحلوف عليه ما حلف له الحالف وإلا فرق السلطان بينهما مكانه قلت : وهاتان المسألتان جميعا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : لابن القاسم : أرأيت الرجل يقول لامرأته أنت طالق إن لم تسلمي وهي نصرانية ؟ قال : قال مالك : فيها ليس في هذا إيلاء ولكنه يوقف ويتلوم له السلطان فإن أسلمت وإلا فرق بينهما وكذلك بلغني عن مالك فيها وقال ابن شهاب إن حلف ليفعلن فعلا إن ضرب لذلك أجلا خلى بينه وبينها وحمل ذلك وإن لم يجعل ليمينه أجلا ضرب له السلطان أجلا فإن أنفذ ما حلف عليه فبسبيل ذلك وإن لم ينفذ ما حلف عليه فرق بينه وبين امرأته صاغرا قميئا فإنه هو الذي فتح ذلك على نفسه في اليمين الخاطئة من نزغ الشيطان وقال ربيعة في الذي حلف ليخرجن إلى إفريقية بطلاق امرأته قال ربيعة : يكف عن امرأته ولا يكون منها بسبيل فإن مرت به أربعة أشهر أنزل بمنزلة المولى وعسى أن لا يزال موليا حتى يأتي إفريقية ويفيء في أربعة أشهر قال الليث وقال ربيعة في الذي يحلف بطلاق امرأته ليتزوجن عليها إنه يوقف عنها حتى لا يطأها ويضرب له أجل المولى قال الليث ونحن نرى ذلك قال ابن نافع قال مالك في الذي يحلف بطلاق امرأته ليحجن ولم يسم العام الذي يحج فيه له أن يمس امرأته قبل أن يحج ما بينه وبين الحج الأول فإن جاء الحج في الأبان الذي يدرك فيه الحج من بلده فلا يمسها حتى يحج
قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأة نظر إليها ليست له بزوجة والله لا أطؤك فتزوجها بعد ذلك أيكون موليا إن تركها أربعة أشهر لم يطأها في قول مالك ؟ قال : نعم هو مول عند مالك قلت ولم وهو حين حلف أن لا يطأها لم تكن له بزوجة وإنما قال الله
تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم } البقرة : 226 قال ابن القاسم : قال الله : { الذين يظاهرون منكم من نسائهم } المجادلة : 2 وقد قال مالك : إذا ظاهر من أمته فهو مظاهر فهذا يدلك على أن الذي آلى من تلك المرأة وليست له بزوجة ثم تزوجها بعد ذلك أنه مول منها في قول مالك وقال الله : { وأمهات نسائكم } النساء : 23 فلا يحل له أن يطأ أم جارية له قد وطئها بملك اليمين قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق ووالله لا أقربك فتزوجها فوقع الطلاق في قول مالك أيقع الإيلاء أم لا توقعه من قبل إن الطلاق يقع قبل وقوع الإيلاء ؟ قال : نعم هذا يلزمه في اليمين لأنه لو حلف فقال لامرأة أجنبية والله لا أقربك ثم تزوجها إنه مول فكذلك مسألتك ألا ترى أن مالكا قال في رجل قال لامرأة نظر إليها فقال لها إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي أنه إن تزوجها وقع الطلاق عليه وهو مظاهر منها إن تزوجها بعد ذلك وجعل مالك وقوع الطلاق والظهار جميعا يلزمانه جميعا ألا ترى لو أن رجلا نظر إلى امرأة فقال لها أنت علي كظهر أمي ولم يقل إن تزوجتك ولم يرد بقوله ذلك إن تزوجتك فإن تزوجها بعد ذلك لم يكن مظاهرا منها إلا أن يكون حين قال لها أنت علي كظهر أمي أراد بذلك إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي فيكون فيها مظاهرا بما نوى فهذا في الظهار إذا قال لها أنت علي كظهر أمي ولم يقل إن تزوجتك ولم ينو ما قلت لك لا يكون مظاهرا إن تزوجها وهو إن قال لها إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي إنه إن تزوجها فهي طالق وهو مظاهر منها في قول مالك إن تزوجها بعد ذلك فهذا يدلك على أن الطلاق والظهار وقعا معا جميعا في قول مالك فالإيلاء ألزم من هذا وقد وقع الإيلاء والطلاق معا وإنما أخبرتك أن الإيلاء ألزم من الظهار لأنه لو نظر إلى امرأة عند مالك فقال والله لا أقربك فتزوجها بعد ذلك أنه مول ولو نظر إلى امرأة فقال لها أنت علي كظهر أمي فتزوجها لم يكن مظاهرا إن لم يكن ينوي إذا تزوجتك فبهذا كان الإيلاء ألزم من الظهار والإيلاء لازم في مسألتك
قلت : أرأيت إن قال : إن تزوجتك فوطئتك فأنت طالق ؟ قال : إن تزوجها فهو مول إذا تزوجها فإن وطئها كانت طالقا وسقط الإيلاء قلت : أرأيت إن آلى منها وهي صغيرة لا يجامع مثلها ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى هذا موليا ولا أرى أن يوقف حتى تبلغ الوطء قلت : أتوقفه يوم بلغت الوطء إن كان قد مضى أربعة أشهر في ذلك أم حتى تمضي أربعة أشهر من يوم بلغت الوطء ؟ قال : بل حتى تمضي أربعة أشهر من يوم بلغت قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا البتة أيطلقها عليه مالك مكانه أم يجعله موليا ولا يطلقها عليه ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال هو مول قلت : لم لا يطلقها مالك عليه حين قال إن وطئتك فأنت طالق البتة وقد علم مالك أن هذا لا يستطيع أن يقيم على امرأة إلا أن يطأها ؟ قال : لأن هذا لا يحنث إلا بالفعل وليس هذا أجل طلق إليه وإنما هذا فعل طلق به فلا يطلق حتى يحنث بذلك الفعل وهي إن تركته فلم ترفعه إلى السلطان لم يقع عليه الطلاق أبدا إلا أن يجامعها فههنا وجه لا يقع عليه طلاق أبدا لأنها إن تركته لم يقع عليها الطلاق قال سحنون : وقد قال أكثر الرواة عن مالك أنه لا يمكن من الفيء لأن باقي وطئه لا يجوز له فلذلك لا يمكن منه وقد روي أيضا عن مالك أن السلطان يحنثه ولا يضرب له أجل المولى لأنه لا يمكن من الفيء إذا قامت به امرأته إذا كان حلفه على أن لا يطأها أبدا وهو أحسن من هذا الذي فوق
قلت لابن القاسم : أرأيت إن طلقها تطليقة يملك فيها الرجعة ثم آلى منها أيكون موليا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : أراه موليا إن مضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي العدة وقف فإما فاء وإما طلق عليه قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته عبدي ميمون حر إن وطئتك فباع ميمونا أيكون له أن يطأ امرأته في قول مالك ؟ قال : لا يعتق قلت : فإن اشترى ميمونا بعد ذلك أيعتق عليه بما وطىء قبل أن يشتريه ؟ قال : لا يعتق عليه قلت : فهل يكون موليا من امرأته حين اشتراه ؟ قال : نعم هو مول لأنه لو وطىء امرأته عند مالك بعدما اشترى العبد حنث وكذلك قال لي مالك فلما صار لا يطؤها إلا بالحنث صار موليا قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته ثلاثا أن لا يطأ امرأة له أخرى فطلق التي حلف بطلاقها تطليقة فتركها حتى انقضت عدتها أيكون له أن يطأ امرأته التي كان موليا منها في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن تزوج التي كان حلف بطلاقها بعد زوج أو قبل زوج أيكون له أن يطأ امرأته التي كان منها موليا بطلاق هذه التي نكح ؟ قال : إن وطئها طلقت عليه هذه ببقية طلاقها وهي تطليقتان قال : وإن تركها لا يطؤها كان منها موليا لأنه لا يستطيع أن يطأ إلا بحنث وهذا قول مالك قلت : أرأيت إن طلق التي كان حلف بطلاقها ثلاثا البتة ثم تزوجها بعد زوج أيكون موليا من امرأته التي كان آلى منها بطلاق هذه ؟ قال : لا يكون موليا لأن الطلاق الذي حلف فيه قد ذهب كله وهو بمنزلة رجل حلف بعتق عبد له أن لا يطأ امرأته فمات العبد فقد سقطت اليمين فبكذلك طلاق تلك المرأة قد ذهب كله قلت : أرأيت إن طلق التي آلى منها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج ؟ قال : هو مول منها ما دامت هذه المرأة التي آلى منها بطلاقها من الأخرى تحته على شئ من طلاق ذلك الملك الذي آلى فيه ابن القاسم : ألا ترى أن مالكا قال لو أن رجلا قال لامرأته والله لا أطؤك فطلقها ثلاثا البتة ثم تزوجها بعد زوج ؟ قال : هو مول منها فكذلك إذا آلى منها بطلاق صاحبتها ثم طلق التي آلى منها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج والتي كان حلف بطلاقها تحته على شئ من طلاق الملك الذي حلف عليه أنه مول من امرأته هذه
قلت : أرأيت إن قال لامرأته إن وطئتك ففلانة طالق لامرأة له أخرى فطلق التي حلف بطلاقها تطليقة فوطىء هذه الأخرى وتلك في عدتها أيقع عليه تطليقة أخرى في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وكذلك إن كانت عدتها قد انقضت فوطىء هذه التي تحته ثم تزوج التي كان طلق ثم وطىء هذه التي تحته إنه يحنث ويقع عليه تطليقة أخرى في قول مالك ؟ قال : نعم كذلك قال مالك قلت : أرأيت إن حلف أن لا يقربها حتى يموت فلان لرجل أجنبي أيكون موليا ؟ قال : نعم ألا ترى أن مالكا يقول لو قال إن وطئتك حتى يقدم أبي وأبوه باليمن فأنت طالق قال هو مول قلت لابن القاسم : أرأيت أن آلى من أربع نسوة له فماتت إحداهن أو طلقها البتة أيكون موليا في البواقي إن وطىء شيئا منهن حنث في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إذا حلف أن لا يطأ نساءه الأربع في كلمة واحدة فوطىء واحدة منهن أيقع عليه اليمين في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن وطىء الأواخر فإنما يطؤهن بغير يمين قال : نعم لأنه حنث في الأولى سقطت اليمين ووجبت عليه الكفارة بوطء الأولى قلت : أرأيت إن قال والله لا أقرب واحدة منكن وليست له نية في واحدة دون الأخرى أتجعله على جميعهن ؟ قال : نعم كذلك قال مالك يكون على جميعهن
قلت : أرأيت المولى إذا مضت له سنة ولم يوقف أيطلق عليه امرأته قال : لا قال ابن وهب عن مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب كان لا يرى الإيلاء شيئا حتى يوقف قال ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول إذا آلى الرجل أن لا يمس امرأته فمضت له أربعة أشهر فإما أن يمسكها كما أمره الله وإما أن يطلقها ولا يوجب عليه الذي صنع طلاقا ولا غيره قال ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة مثله قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وبضعة عشر رجلا من الأنصار من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأبي الدرداء وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وابن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وأبي الزناد ومجاهد وسعيد بن جبير أنهم كانوا يقولون ليس عليه شئ حتى يوقف وإن مضت الأربعة الأشهر فيفيء أو يطلق قال سليمان بن يسار : وإن مضت به السنة حتى يوقف فيفيء أو يطلق
قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن ابن الهاد أن عائشة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم كانت تقول إذا آلى الرجل من امرأته فلا تحريم عليه وإن مكث سبع سنين ولكن السلطان يدعوه فيفيء أو يطلق قال ابن الهاد وكان علي بن أبي طالب يقول وإن مكثت سنة قلت لابن القاسم : أرأيت إن قال لامرأته والله لا أطؤك إلا في بلد كذا وكذا وبينه وبين تلك البلد مسيرة أربعة أشهر أو أقل أو أكثر أيكون موليا ؟ قال : نعم والإيلاء لازم ألا ترى أن مالكا يقول في الذي يقول لامرأته والله لا أطؤك حتى أقضي فلانا حقه أنه مول قلت لابن القاسم : فإن وقفته فقال دعوني أخرج إلى تلك البلدة ؟ قال : أرى إن كان ذلك البلد أمرا قريبا مثل ما يجبر بالفيئة فذلك له وإن كان بعيدا رأيت أن تطلق عليه ولا يزاد في الإيلاء أكثر مما فرض الله وإنما هو عندي بمنزلة ما لو قال إن وطئتك حتى أكلم فلانا أو أقضي فلانا حقه فأنت طالق فمضت أربعة أشهر فوقفته فقال أنا أقضي أو أنا أفيء والمحلوف عليه غائب قال : إن كانت غيبته غيبة قريبة مثل ما لو قال أنا أفيء فيترك إليه فذلك إليه وإن كانت غيبته بعيدة لم يقبل قوله وطلقت عليه امرأته وقيل له ارتجع إن أحببت ولقد قال لي مالك في الذي يقول والله لا أطؤك حتى أقضي فلانا أنه مول فهذا حين قال لا أطؤك حتى أقدم بلدا كذا وكذا فهو مثل ما يقول حتى أقضي فلانا
قلت : أرأيت إن جامعها بين فخذيها بعدما وقفته أو قبل أن توقفه أيكون حانثا ويسقط عنه الإيلاء وهل يكون هذا فيئا أم لا في قول مالك ؟ قال : قال لي مالك الفيء الجماع إذا لم يكن له عذر فلا أرى فيئه إلا الجماع ولا يجزئه الجماع حيث ذكرت ولا القبلة ولا المباشرة ولا اللمس قلت : ويكون عليه الكفارة حين جامعها بين فخذيها في قول مالك ؟ قال : إن كان نوى الفرج فلا كفارة عليه وإلا فعليه الكفارة لأني سمعت مالكا يقول فى رجل قال لجاريته أنت حرة إن وطئتك شهرا فعبث عليها فيما دون الفرج قال مالك : إن كان لم ينو الفرج بعينه فأراه حانثا لأني لا أرى من حلف بمثل هذا إلا أنه أراد أن يعتزلها فإن لم يكن نيته في الفرج بعينه فقد حنث فإن كانت يمينه بعتق رقبة بعينها أو بطلاق امرأة أخرى فحنث بعتق الغلام أو بطلاق المرأة سقطت عنه اليمين ولم يكن موليا وإن هو كفر وكانت يمينه بالله حتى يسقط يمينه فلا إيلاء عليه وقد قال غيره إذا كانت يمينه بالله فالإيلاء عليه كما هي حتى يجامع وهو أعلم في كفارته لأنه لعله أن يكفر في أشياء وجبت عليه غير هذه وحق المرأة في الوقت ووجوب الإيلاء قد كان عليه فلا يخرجه إلا الفيء وهو الجماع أو تطلق عليه إلا أن يكون يمينه في شئ بعينه فسقط فيقع اليمين فلا يكون عليه إيلاء مثل أن يكون يمينه بعتق رقبة بعينها أو بطلاق امرأة أخرى
قلت : أرأيت إن آلى من امرأته ثم سافر عنها فلما مضت الأربعة الأشهر أتت امرأته إلى السلطان كيف يصنع هذا السلطان في أمرها ؟ قال : قال مالك : لا تطلق عليه ويكتب إلى الموضع الذي هو فيه فيوقف فيه فإما فاء وإما طلق عليه ومما تعرف به فيئته أن يكفر إن كان يقدر على الكفارة وإلا طلق عليه قال ابن وهب قال يونس سألت ربيعة هل يخرجه من الإيلاء إن قال : أكفر وهو مريض أو مسافر ؟ قال : نعم في رأيي قال : ابن أبي ذئب عن ابن شهاب مثل ذلك قلت لابن القاسم : أرأيت إن كان بينه وبينها مسيرة شهر أو شهرين فرفعت المرأة أمرها إلى السلطان بعد الأربعة الأشهر ؟ قال : نعم لا يقع عليها الطلاق عند مالك حتى يكتب إلى ذلك الموضع كما أخبرتك قلت : أرأيت إن وقف في موضعه ذلك ففاء بلسانه وهو يقدر على الكفارة ؟ قال : قد أخبرتك أن مالكا قال إذا كان يقدر على الكفارة لم تعرف فيئته إلا بالكفارة قلت : أرأيت إن وقف في موضعه الذي هو فيه مع امرأته ففاء بلسانه وهو يقدر على الكفارة ؟ قال : قد أخبرتك أن مالكا قال : ويخير المرة والمرتين فإن فاء وإلا طلق عليه قلت : أرأيت إن قال أنا أفيء وهي حائض ؟ قال : يمكنه السلطان منها ويمهله حتى تطهر في قول مالك قلت : أرأيت المسجون والمريض إذا رفعت المرأة أمرها إلى السلطان بعد الأربعة الأشهر ؟ قال : تعرف فيئته في قول مالك كما تعرف فيئة الغائب الذي وصفت لك والمريض والمسجون في هذا بمنزلة الغائب ففيئته مثل فيئة الغائب الذي وصفت لك
قال سحنون وقال ابن أبي حازم وابن دينار إن عرض له حبس في سجن أو مرض لا يقدر فيه على الإصابة فلما حل أجله قيل له أتفيء أو تفارق فإن قال لا بل أنا أفيء ولكني في عذر كما ترون قيل له فإن مما تعرف به فيئتك أن تعتق غلامك إن كنت حلفت بعتق غلام بعينه فيسقط عنك اليمين ويكون قد ثبت لنا صدقك وإنما فيئتك التي تسألنا أن ننظرك إليها توجب عليك عتق غلامك ولو كانت يمينك بعد العتق مما لا يستطيع أن يحنث فيه إلا بالفعل قبلنا ذلك منك وجعلنا فيئتك فيه وأما أن تجد سبيلا إلى طرح اليمين عنك فتقول أنا أحنث أو أنا أفيء ولا يعتق فليست تلك فيئة وهو قول مالك قلت لابن القاسم : أرأيت إذا آلى من امرأته وهو صحيح ثم حل أجل الإيلاء وهو مريض فوقفته فلم يفيء فطلق عليه فمات من مرضه ذلك أترثه أم لا ؟ قال ابن القاسم : أرى أن ترثه وأجعله فارا قلت : أرأيت إن كان آلى منها وهو مريض فحل أجل الإيلاء وهو مريض فوقفته أيطلق عليه السلطان أم لا ؟ قال : يطلق عليه إذا لم يفيء فإن كان فاء وكان لا يقدر على الوطء فإن له في ذلك عذرا ومما يعلم به فيئته إن كانت عليه يمين يكفرها مثل عتق رقبة بعينها أو صدقة بعينها أو حلف بالله فإن فيئته تعرف إذا سقطت عنه اليمين قال مالك : وكذلك لو كان في سجن أو في سفر كتب إلى ذلك الموضع حتى يوقف على مثل هذا قال ابن القاسم : فإن لم تكن يمينه التي حلف بها أن لا يجامع امرأته مما يكفرها فإن الفيئة بالقول فإن صح أو خرج من السجن أو قدم من سفر فوطىء وإلا طلقت عليه
قلت : أرأيت الرجل إذا آلى من امرأته وهو مريض فلما حل أجل الإيلاء وقفته ففاء بلسانه وإنما كان حلف بالله أن لا يطأها ولم يكفر عن يمينه قال : ذلك له ويؤمر أن يكفر عن يمينه فإن لم يفعل ففيئته تلك تجزئه حتى يصح فإذا صح فإما وطىء وإما طلقت عليه قال سحنون وهذه الرواية عليها أكثر الرواة وهي أصح من كل ما كان من هذا الصنف على غير هذا قال لابن القاسم : أرأيت إن كفر عن يمينه قبل أن يصح فلما صح أبى أن يجامع أتطلق عليه امرأته أم لا ؟ قال : لا تطلق عليه لأنه ليست عليه يمين لأنه حين فاء بلسانه وكان له عذر فهو في سعة إلا أن يصح ويكفر قبل ذلك قلت : أيحنث إذا فاء بلسانه وهو مريض في قول مالك ؟ قال : لا يحنث وإنما يحنث إذا جامع قلت : هل تجزئه الكفارة في الإيلاء قبل أن يحنث وتسقط عنه اليمين بالكفارة ؟ قال : نعم وقد جعل مالك ذلك له إذا كان في المرض قال : وقال مالك : إذا كان صحيحا فأحسن ذلك أن يحنث ثم يكفر فإن كفر قبل أن يحنث أجزأه ذلك قال ابن القاسم : سألت مالكا عن الرجل يكف عن امرأته بغير يمين فلا يطأ فترفع ذلك إلى السلطان قال : لا يترك وذلك إذا لم يكن له عذر حتى يطأ امرأته أو يفرق بينهما قال : فقلنا لمالك فحديث عمر بن عبد العزيز الذي كتب فيه إلى رجال كانوا بخراسان قد خلفوا أهليهم فكتب إلى أمرائهم إما أن حملوهن إليهم وإما أن قدموا عليهن وإما أن فارقوهن قال مالك : وذلك رأيي وأرى أن يقضى به
قلت : أرأيت الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الجماع وقد وطئها قبل ذلك ؟ قال : قال مالك : كل من تزوج امرأة بكرا كانت أو ثيبا فوطئها وطئة ثم جاءه من الله ما حبسه عنها فلم يطق أن يطأها وعلم أن الذي ترك من ذلك إنما هو لمكان ما أصابه ليس ليمين عليه ولا ترك ذلك وهو يقدر على ذلك فإنه لا يفرق بينه وبينها أبدا قلت : أرأيت الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الجماع إذا آلى من امرأته أيوقف بعد الأربعة الأشهر أم لا في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا يوقف إذا لم يستطع الجماع إذا آلى من امرأته وإنما الإيلاء على من يستطيع الفيئة بالوطء قال : ومثل ذلك الخصي الذي لا يطأ يولى من امرأته أيوقف بعد أربعة أشهر أو الرجل يولى من امرأته ثم يقطع ذكره فهذا كله واحد ولا يكون على واحد منهم توقيف
قلت : أرأيت إن آلى من امرأته وهي مستحاضة فوقفته بعد مضي الأربعة أشهر فطلق عليه السلطان فكانت في عدتها وعدتها سنة فارتجعها فمضت أربعة أشهر من بعدما راجعها قبل أن تنقضي عدتها أيوقف ثانية أم لا ؟ قال مالك : لا يوقف ولكن ينتظر بها مادامت المرأة في عدتها فإن وطئها في العدة فهي رجعة وإلا فليست برجعة قلت : ولم لا يوقفه لها وهي إن ماتت توارثا ؟ قال : ألا ترى أنها إن لم يرتجعها فماتت في العدة إذا كان الطلاق غير بائن أنه يرثها وترثه ولا يوقف لها إن مضت أربعة أشهر من بعدما طلق عليه السلطان قبل أن تنقضي عدتها فكذلك مسألتك بل هي هذه بعينها ولا يوقف الرجل في الإيلاء مرتين عند مالك في نكاح واحد لأنه إذا وقف مرة فطلق عليه السلطان فارتجع في العدة أنه إن وطىء حنث وكفر وسقط عنه الإيلاء وإن لم يطأ حتى تنقضي العدة فليست رجعته برجعة وتصير أحق بنفسها فهذا يدلك على أنه لا يوقف في الإيلاء عند مالك مرتين وإنما حبستها العدة قلت : أرأيت لو أن رجلا آلى من امرأته ثم طلقها تطليقة فمضى أجل الإيلاء قبل انقضاء عدتها أيكون لها أن توقفه في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : نعم لها أن توقفه
قلت : أرأيت إن انقضت العدة قبل أجل الإيلاء فمضى أجل الإيلاء وليست له بامرأة ثم تزوجها بعد ذلك فأرادت أن توقفه ؟ قال : يرجع الإيلاء عليه مبتدأ من يوم تزوجها التزويج الثاني فإذا مضت أربعة أشهر من يوم تزوجها التزويج الثاني وقفته إن أحبت قلت : أرأيت إن آلى منها ثم طلقها فانقضت عدة الطلاق بعدما مضى ثلاثة أشهر من يوم آلى منها فبانت منه ثم خطبها مكانه فتزوجها فلما مضى الشهر قالت له المرأة أنا أوقفك فإما أن تفيء وإما أن تطلق ؟ قال : لا يكون لها أن توقفه إلا بعد مضي أربعة أشهر من يوم النكاح الثاني لأن الملك الأول قد سقط فقد سقط الأجل الذي مضى من الإيلاء الذي كان والإيلاء لازم للزوج ويبتدىء فيه المرأة أربعة أشهر من يوم نكحها النكاح الثاني قال ابن القاسم : قال مالك : وإن آلى منها فوقفته بعد الأربعة أشهر فطلقها ثم تزوجها فلما مضت أربعة أشهر وقفته أيضا حتى بانت منه بثلاث ثم تزوجها بعد زوج قال مالك : يرجع عليه اليمين وتوقفه امرأته فإن فاء وإلا طلق عليه السلطان قال مالك : وكذلك هذا في الظهار والإيلاء لا يبطله طلاق الزوج إياها ثلاثا طلقها بترك الفيء أو بطلاق غير ذلك ثم تزوجها بعد ذلك فإنه لا يسقط عنه الإيلاء ولا الظهار لأنه لا يقدر على أن يجامع إلا بالكفارة فكل جماع لا يقدر عليه صاحبه إلا بالكفارة فإن طلاقه إياها ثلاثا ثم تزويجه إياها بعد زوج لا يسقط عنه الإيلاء ولا الظهار ألا ترى أنه لا يقدر على أن يجامع إلا بكفارة فهذا يدلك على أن ذلك ثابت عليه قال مالك : وإذا آلى منها إلى أجل من الآجال فوقفته بعد الأربعة الأشهر فلم يفيء ففرق بينهما السلطان ثم إن تزوجها بعد ذلك وقد بقي من الوقت الذي آلى إليه أربعة أشهر سواء أو أدنى من أربعة أشهر قال مالك : فلا إيلاء عليه إلا أن يكون بقي من الوقت الذي آلى فيه أكثر من أربعة أشهر
قلت : وإذا آلى ثم طلق فمضت الأربعة الأشهر من يوم آلى قبل مضي عدتها فوقفته فطلق عليه السلطان أتكون تطليقة أخرى في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ويكون للزوج أن يراجعها إذا طلق عليه السلطان حين أبى الفيء ؟ قال : قال مالك : نعم له أن يرتجعها ما كانت في عدتها إذا كان طلاق السلطان عليه من نكاح قد كان وطئها فيه قلت : أرأيت إن ارتجعها في عدتها فلم يطأها حتى مضت العدة أتكون رجعته رجعة أم لا ؟ قال : قال مالك : لا تكون رجعته رجعة إذا لم يكن يطأها في عدتها قلت : ويكون الزوج موسعا عليه يخلي بينه وبينها ما كانت في عدتها إذا هو ارتجعها قال : نعم قلت : فإذا لم يطأها في عدتها حتى دخلت في الدم من الحيضة الثالثة بانت منه وحلت للأزواج مكانها في قول مالك ؟ قال : نعم إلا أن يكون له عذر من مرض أو سجن أو سفر فإن رجعته ثابتة عليها قال : فقلت لمالك فإذا صح أو خرج من السجن أو قدم من السفر فأمكن منها فأبى أن يطأها قال : أرى أن يفرق بينهما إن كانت هذه العدة قد انقضت قال : فقلت لمالك فهل عليها الآن عدة ؟ قال : لا وعدتها الأولى تكفيها قال : ومحمل ذلك عندي إذا لم يخل بها في العدة فإن خلا بها في العدة وأقر بأنه لم يطأها فرقت بينهما وجعلت عليها العدة للأزواج من ذي قبل ولا يكون للزوج عليها في هذه العدة الرجعة
قلت : أرأيت الزوج إن قال قد وطئتها وقالت المرأة لم يطأني ؟ قال : فإن القول قول الزوج ويصدق ويحلف قلت : أرأيت الرجل يولي من امرأته ولم يبن بها أو لم يطأها ثم توقفه بعد الأربعة الأشهر فيطلق عليه السلطان أيكون له رجعة أم لا ؟ قال : قال مالك : لا رجعة له عليها قال : وكذلك إذا كان قد وطئها ثم طلق عليه السلطان فانقضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك ولم يطأها فوقفته بعد الأربعة فلم يفىء فطلق عليه السلطان أيضا أنه لا رجعة له عليها لأنه لم يطأها في هذا الملك من بعدما عقد نكاحها الثانية قال : وكذلك كل ملك لم يطأ فيه فلا رجعة له عليها قلت : أرأيت لو أن رجلا حرا تحته مملوكة آلى منها كم أجل الإيلاء من هذه الأمة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : كل حر إلى من أزواجه حرائر كن أو إماء مسلمات كن أو مشركات من أهل الكتاب حرائر فأجل إيلائه أربعة أشهر ولا ينظر في ذلك إلى النساء قال : وكذلك كل عبد آلى من نسائه وتحته حرائر وإماء مسلمات أو مشركات حرائر من أهل الكتاب فأجل إيلائه شهران وإنما ينظر في هذا إلى آجال الرجال لا إلى آجال النساء قال : قال مالك : لأن الطلاق على الرجال والعدة على النساء فكذلك أجل الإيلاء للرجال
قلت : أرأيت إذا آلى منها وهوعبد وهي أمة فوقفته بعد الشهرين فلم يفيء فطلقها عليه السلطان ثم أعتقت وهي في عدتها أينتقل إلى عدة الحرائر ويملك الزوج الرجعة في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : في الأمة إذا أعتقت وهي في عدتها من طلاق يملك الزوج الرجعة أو لا يملك الرجعة قال : تبني على عدتها عدة الأمة ولا تنتقل إلى عدة الحرائر لأن العدة قد لزمت الأمة حين طلقها ولا يلتفت في ذلك إلى العتق فكذلك مسألتك قلت : أرأيت لو أن عبدا على أمة أو على حرة آلى منها فلما مضى شهر أعتق العبد فمضى شهر آخر فأرادت امرأته أن توقفه بعد مضي الشهرين من يوم آلى فقال الزوج : أنا حر ولي أربعة أشهر ؟ قال : قال مالك : في عبد طلق امرأته تطليقة وهي حرة أو أمة ثم أعتق العبد بعد ذلك أنه إنما بقى من طلاقه تطليقة واحدة قال : قال مالك : الإيلاء للرجال لأن الطلاق للرجال فأرى هذا قد لزمه إيلاء وهو عبد فأعتق بعد ذلك فلا يلتفت إلى حاله التي تحول إليها بعد العتق لأن الإيلاء قد لزمه وهو عبد فأجله في الإيلاء أجل عبد ألا ترى أن مالكا قال إنما بقي من طلاقه تطليقة فهذا يدلك على قول مالك قال ابن القاسم : أو لا ترى أن مالكا قال في الأمة يطلقها زوجها فتعتد بعض عدتها ثم تعتق أنها لا تنتقل إلى عدة الحرائر لأن العدة قد لزمتها يوم طلقها زوجها وهي أمة فكذلك مسألتك قلت : أرأيت العبد إذا آلى بالعتق أو بالصدقة أيكون موليا قال : قال مالك في عبد حلف بعتق جارية إن اشتراها فأتى مالكا يستفتيه قال مالك : لا أحب أن تشتريها ونهاه عن ذلك قال ابن القاسم : فقلت لمالك أسيده أمره أن يحلف بها ؟ قال مالك : لا ما قال لي أن سيده أمره بأن يحلف قال مالك : ولم أر له أن يشتريها قال ابن القاسم : فأراه موليا لأنه لو حنث ثم أعتق لزمته اليمين قلت : أرأيت إيلاء الذمي إذا حلف بعتق أو طلاق أو بالله أو بصدقة ما يملك : أو بغير ذلك من الإيمان أن لا يقرب امرأته فأسلم أيكون موليا أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يكون موليا إذا أسلم سقط هذا كله عندي ألا ترى أن طلاقه لا يلزمه فكذلك إيلاؤه لأن الإيلاء يجر إلى الطلاق

كتاب اللعان
قلت لابن القاسم : أرأيت الإمام إذا لاعن بين الزوجين المسلمين الحرين أو الكافرة تحت المسلم أو العبدين أو العبد تحته الأمة أو الأمة تحت الحر أو الحرة تحت العبد كيف يلاعن بينهم وبمن يبدأ ؟ قال : يبدأ بالرجل فيحلف أربع شهادات يقول أشهد بالله لرأيتهما تزني أشهد بالله لرأيتها تزني يقول ذلك أربع مرات والخامسة يقول الزوج لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين قال : وكذلك سمعت مالكا قال لي وقال لي ويدرأ عنها العذاب أن تشهد فتقول أشهد بالله ما رآني أزني أشهد بالله ما رآني أزني قال : تقول ذلك أربع مرات والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين وحدثنا سحنون عن ابن وهب عن الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زرعة بن إبراهيم أن رجلا أتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن امرأته زنت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ائتوني بها ] فلما أتى بها قال : [ ما يقول هذا ] ؟ قالت : كذب يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ يا فلان اتق الله وانزع عما قلت نجلدك وتتوب إلى الله تعالى يتوب الله عليك ] قال : لا والذي بعثك بالحق أربع مرات رددها عليه رسول الله فأقبل على المرأة فقال : [ يا فلانة اتق الله وأقري بذنبك نرجمك وتتوبي إلى الله ويتوب الله عليك ] قالت : لا والذي بعثك بالحق لقد كذب قالت ذلك أربع مرات فنزل القرآن { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } النور : 6 الآيات كلها فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ يا فلان قم فشهد ] قال : أقول ماذا يا رسول الله قال : تقول : [ أشهد الله أني لمن الصادقين أربع مرات ] كلما قالها قال : [ ثن وثلث وربع ] ثم قال : وخمس فقال : يا رسول الله ماذا أقول ؟ قال : [ قل لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين ] ثم دعا المرأة فقال : [ أتشهدين أو نرجمك ] قالت : يا رسول الله بل أشهد قال : [ قومي ] قالت : يا رسول الله ماذا أقول ؟ قال : [ قولي أشهد بالله أنه لمن الكاذبين أربع مرات ] ثم قال : [ خمسي ] قلت يا رسول الله ماذا أقول قال : [ قولي غضب الله عليها إن كان من الصادقين ] ففعلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ قوما فقد فرقت بينكما ووجبت النار لأحدكما والولد لك ] يعني المرأة
قال ابن وهب وقال مالك : في الذي يغيب عن امرأته ثم يقدم وقد ماتت امرأته وتركت ولدا كان بعده فأنكره قال : بلغني يلتعن ويبرأ من الولد ويكون له الميراث قال ابن وهب قال يونس قال ابن شهاب عن رجل تزوج امرأة فلم يجمعها إليه حتى حملت فقالت هو من زوجي وكان يأتيني في أهلي سرا فيغشاني وأسررته من أهلي فسئل زوجها فقال : لم أغشها وقال أنا من ولدها بريء قال ابن شهاب : سنتها سنة الملاعنة نرى أن يتلاعنا ولا ينكح حتى تضع حملها ولا يجتمعان أبدا وولدها يدعى إلى أمه ومن قذفها جلد الحد قال : قال يونس عن ابن شهاب أنه قال في رجل تزوج امرأة فدخل بها ثم قذفها ثم ارتفعوا إلى السلطان جاء بشهود فشهدوا أنها أخته من الرضاعة قال ابن شهاب إن قامت بينة على أنها أخته فرق بينهما ولم يكن بينها ملاعنة وكان لها مهرها بما استحل منها
قلت : فإن تبرأ من الحمل كيف يلتعن ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يقول أشهد بالله لرأيت ولم أسمعه من مالك وتقول المرأة أشهد بالله ما زنيت سعيد ابن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان يقع اللعان بين كل زوجين مالك أن ربيعة وعبد الله بن يزيد بن هرمز وجميع من أدركت من العلماء كانوا يقولون يقع اللعان بين كل زوجين يحيى بن سعيد ونافع مولى ابن عمر وعطاء بن أبي رباح وأبو الزناد وطريف قاضي هشام وبكير بن الأشج وعبد الرحمن بن القاسم وابن قسيط بذلك قال أبو الزناد : ومضت السنة في المرأة من أهل الكتاب تكون تحت المسلم أنهما يتلاعنان إذا قذفها وقال عبد العزيز الحر يلاعن الأمة والعبد يلاعن الحرة وذلك أنهما زوجان وأن للولد حرمة نكحت أمه نكاح الإسلام وهي زوجة فليست له بأمة يصدق عليها بما قال إذا استبرأها
قلت : هل بين الكافرة والمسلم لعان إذا قذفها في قول مالك ؟ قال : إذا قذفها فلا يكون عليها لعان لأنها كافرة قلت : أرأيت إن ادعى رؤية وتدعي أنه لم يجامع بعد الرؤية وهي كافرة ؟ قال : يلاعن في قول مالك الساعة لأنه يدفع عن نفسه ما يكون له منها من الولدان أحب أن يلاعن وإنما جعل مالك للزوج أن يلاعن حين زعم أنه رآها من قبل أن يظهر الحمل لأن الزوج يقول أخاف أن أموت ويكون من هذه ولد فيلحقني فلذلك كان له أن يلاعن ويدفع عن نفسه الولد إذا جاءت به وإنما يلاعن المسلم النصرانية في دفع الولد ولا يلاعنها فيما سوى ذلك قلت : وهل بين الحرة والعبد أو الأمة والحر لعان في قول مالك ؟ قال : نعم والحر من الأمة على ما فسرت لك من الحر والنصرانية لأنه لا لعان بينهما إلا في نفي الحمل يحيى بن سعيد في حر تحته أمة قذفها بالزنا قال : إن كان يتبرأ من حملها فإنه يلاعنها لمكان ولدها وإن كان زناها ولم يتبرأ من حملها زجرعنها وقال في المملوك تحته الأمة مثل ذلك قال يحيى في النصرانية تحت المسلم مثل ذلك قلت : أين تلاعن النصرانية المسلم في قول مالك ؟ قال : في كنيستها وحيث تعظم قال مالك : وتحلف بالله قلت لابن القاسم : فالمسلم أين يلتعن ؟ قال : في المسجد وعند الإمام قال سحنون وقد بينا في كتاب الشهادات أين تحلف النصرانية
قلت : أي الساعات تلتعن في قول مالك ؟ قال : سمعت مالكا يقول : في دبر الصلوات قلت : فهل تحضر النصرانية الموضع الذي يلتعن فيه زوجها أم لا في قول مالك والزوج إنما يلتعن في المسجد قال : لا أعرف من قوله إنها تحضر ولا تحضر لأنها تمنع من المسجد قلت : فهل يحضر الرجل موضعها حيث تلتعن في كنيستها ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال تلتعن النصرانية في كنيستها ويلتعن المسلم في المسجد والنصرانية تمنع من دخول المسجد عند مالك فهذا يدلك على أنه لا بأس أن يلتعن كل واحد منهما بغير محضر من صاحبه إلا أن يشاء الرجل أن يحضرها قلت : فهل يجمع الإمام للعان المسلم ناسا من المسلمين قال : قال مالك : يلتعن في دبر الصلوات وبمحضر من الناس ولا بد للإمام فيما سمعنا من مالك أنه يلاعن يينهما بمحضر من الناس قلت : أرأيت إتمام اللعان أهو فرقة بين الزوجين أم حتى يفرق السلطان بينهما ؟ قال : قال مالك : إتمام اللعان هي الفرقة بين الزوجين ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب وغيره أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أمر الزوج والمرأة فحلفا بعد العصر عند المنبر ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب أن المتلاعنين يتلاعنان في دبر الصلاة الظهر والعصر وما كان في دبر العصر أشهدهما قلت : أرأيت المتلاعن إذا أكذب نفسه بعد تمام اللعان أيحل له أن ينكحها في قول مالك ؟ قال : لا تحل له أبدا ويضرب الحد ويلحق به الولد قال مالك : السنة في المتلاعنين أنهما لا يتناكحان أبدا وإن كذب نفسه جلد الحد ولحق به الولد ولم ترجع إليه امرأته قال مالك : وتلك السنة عندنا لا شك فيها قال ابن وهب وقاله ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن ابن وهب عن ابن لهيعة والليث عن عبد الله بن أبى جعفر عن بكير بن الأشج أن التلاعن هي البتة ولا يتوارثان ولا يتناكحان أبدا وعليها عدة المطلقة فإن كان لها عليه مهر وجب عليه قلت : فإن أكذب نفسه قبل أن يتم اللعان ولم يبق من اللعان إلا مرة واحدة من المرأة ؟ قال : إذا أكذب نفسه وقد بقي من لعان المرأة واحدة أو اثنثان جلد الحد وكانت امرأته
ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أنه كان يقول في الملاعن إذا أكذب نفسه بعدما يشهد أربع شهادات من قبل الخامسة التي يلتعن فيها جلد الحد ولم يفرق بينهما قلت : أرأيت إن ظهر بامرأته حمل فانتفى منه ولاعن السلطان بينهما ثم انفش ذلك الحمل أتردها إليه ؟ قال : لا قلت : ولم وقد مضى اللعان ؟ قال : لا قلت : أفيزوجها من ذي قبل ؟ قال : لا قلت : ولم وقد مضى اللعان ؟ قال : وهل يدري أن ذلك أنفش ولعلها أسقطت فكتمته ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : قذف رجل من الأنصار ثم من بني عجلان امرأته فأحلفهما رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثم فرق بينهما بعد أن تلاعنا قال سهل : فحضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضت سنة المتلاعنين بعد أن يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب وبكير بن الأشج ويحيى بن سعيد وربيعة وأبي الزناد أن المتلاعنين لا يتناكحان أبدا ابن عيينة والفضيل عن سليمان الأعمش عن إبراهيم النخعي أن عمر بن الخطاب قال في المتلاعنين لا يجتمعان أبدا
قلت : أرأيت المحدود والمحدودة في القذف هل بينهما لعان في قول مالك ؟ قال : قال مالك : اللعان بين كل زوجين إلا أن يكونا جميعا كافرين فلا يكون بينهما لعان قال سحنون : وقد بينا هذا قبل هذا وآثاره قلت : أرأيت الصبي إذا قذف امرأته وهي امرأة كبيرة أيلاعن أم لا في قول مالك لأنه ليس بقاذف ولا يلحقه الولد إن جاءت امرأته بالولد فلما كان لا يلحقه الولد وكان ليس بقاذف علمنا أنه يلاعن وقد قال مالك : إنه إن زنى لم يحد ؟ قال مالك : وإن قذف الصغير لم يحد فهذا يدلك على أنه لا يلاعن قلت : أرأيت المملوكين المسلمين هل بينهما لعان في قول مالك ؟ قال : نعم بينهما اللعان كذلك قال مالك إذا أراد أن ينفى الولد وادعى رؤية فقال : أنا ألتعن خوفا من أن يلحق بي الولد إذا جاء قلت : أرأيت الحر إذا قذف امرأته الحرة فقال : رأيتها تزني فأراد أن يلاعنها وهي ممن لا تحمل من كبر أو لا تحمل من صغر ؟ قال : تلاعن إذا كانت الصغيرة وقد جومعت وإن كان مثلها لا تحمل فلا بد له من اللعان وإن كانت ممن لو نكلت لم يكن عليها حد ألا ترى أن النصرانية لو نكلت عن لعان المسلم وصدقته لم يكن عليها حد وكذلك الصغيرة توجب على الرجل اللعان فيما ادعى لأنه صار لها قاذفا ولا يسقط عنها الحد إن لم يلاعن ولا تلاعن الصغيرة لأنها لو أقرت بما رماها به الزوج لم تحد لذلك ولو زنت أيضا لم يكن عليها حد
قلت : فإن كانت هذه الحرة مثلها لا تلد إلا أن زوجها قال : رأيتها تزني وهو لا يريد يلاعن حذرا من الحمل أيلتعن في قول مالك أم لا ؟ قال : يلتعن لأن هذا قاذف لهذه الحرة فلا بد من اللعان وهو في الأمة والمشركة لا يكون قاذفا ولا يلتعن إذا قذفها إلا أن يدعي رؤية أو ينفي حملا باستبراء يدعيه فيقول أنا ألتعن خوفا من أن أموت فيلحقني الولد فهذا الذي يلتعن إذا كانت امرأته أمة أو من أهل الكتاب أو ينفي من حملها إن له أن يلتعن وإن أراد أن يلتعن ويحقق قوله عليها لم أمنعه من ذلك لأن الله تبارك وتعالى قال : { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } النور : 4 وإن لم يرد ذلك لم يكن عليه شئ لأنه لا حد عليه في قذفه إياها قلت : أرأيت لو أن رجلا نظر إلى امرأته حاملا وهي أمة أو نصرانية أو مسلمة فسكت فلم ينتف من الحمل ولم يدعه حتى إذا هي وضعت الحمل أينتفي منه ؟ قال : قال مالك : إذا رأى الحمل فلم ينتف منه حتى تضعه فليس له أن ينتفي وقد رآها حاملا ولم ينتف منه فإنه يجلد الحد لأنها حرة مسلمة فصار قاذفا وهذا قول مالك وأما الكافرة والأمة فإنه لا يجلد فيهما لأنه لا يجلد قاذفهما
قلت : فإن ظهر الحمل وعلم به ولم يدعه ولم ينتف منه شهرا ثم انتفى منه بعد ذلك ؟ قال : لا يقبل قوله ذلك منه ويضرب الحد إن كانت حرة مسلمة وإن كانت كافرة أو أمة لم يضرب الحد ولحقه ذلك الولد ويجعل سكوته ههنا إقرارا منه بالحمل ؟ قال : نعم قلت : فإن رآه يوما أو يومين فسكت ثم انتفى بعد ذلك ؟ قال : إذا أثبتت البتة أنه قد رآه فلم ينكره وأقر ثم جاء بعد ذلك ينكر لم يكن له ذلك قلت : أرأيت الصبية التي يجامع مثلها إلا أنها لم تحض إذا قذفها زوجها أيلاعن في قول مالك ؟ قال : قال مالك : من قذف صبية مثلها يجامع وإن لم تبلغ المحيض فإن قاذفها يحد فكذلك زوجها إذا قذفها فإنه يلاعن ليدفع بذلك عن نفسه الحد قلت : وتلتعن وهي صغيرة إذا كان مثلها يجامع وإن لم تبلغ المحيض ؟ قال : لا لأنها لو زنت لم يكن عليها حد وإنما اللعان على من عليه الحد لأنها لو أقرت بما قال لم يكن عليها حد وقد قال الله تبارك وتعالى : { ويدرأ عنها العذاب } النور : 8 وهي ممن لا عذاب عليها في إقرارها ولا زناها قلت : أرأيت إن قذف رجل امرأته فقال : رأيتها تزني الساعة ولم أجامعها بعد ذلك إلا أني قد كنت جامعتها قبل ذلك وقد جامعتها اليوم قبل أن أراها تزني وأما منذ رأيتها تزني اليوم فلم أجامعها أيلتعن أم لا في قول مالك ؟ قال : قال لي مالك في هذه المسألة بعينها إنه يلتعن ولا يلزمه الولد إن جاءت بولد قال مالك : وإن أقر أنه كان يطؤها حين رآها تزني فلا ينفعها وإن الولد لا يلزمه إذا التعن بإقراره أنه كان يطؤها حين رآها تزني
قلت : فإن جاءت بالولد من بعدما التعن بشهرين أو ثلاثة أو بخمسة أيلزم الأب أم لا ؟ قال : نعم لأن الابن إنما هو من وطء هو به مقر وأنه يزعم أنه رآها تزني منذ خمسة أشهر والحمل قد كان قبل أن يراها تزني
قلت : أفيلحق به الولد في قول مالك ؟ قال : قد أختلف في قول مالك فيما سمعنا منه وفيما بلغنا عنه مما لم نسمعه وأحب ما فيه إلي أنه إذا رآها تزني وبها الحمل ظاهر لا شك فيه فإنه يلحق به الولد إذا التعن على الرؤية
قلت : أرأيت اختلاف قول مالك في هذه المسألة ما هو قال ألزمه مرة ومرة لم يلزمه الولد ومرة يقول ينفيه وإن كانت حاملا وكان المخزومي يقول في الذي يقول رأيتها تزني وهو مقر بالحمل قال : يلاعنها بالرؤية فإن ولدت ما في بطنها قبل ستة أشهر من ادعائه بالولد منه وإن ولدته لستة أشهر فصاعدا فالولد للعان : فاعترافه به ليس بشئ فإن اعترف به بعد هذا ضربته الحد وألحقت به الولد قلت : أرأيت إن ولدت ولدين في بطن واحد فأقر بالأول ونفي الآخر أيلزمه الولدين جميعا ويضربه الحد أم لا ؟ قال : يضرب الحد ويلزمه الولدان جميعا ولم أسمعه من مالك قلت : أرأيت لو أن امرأة ولدت ولدا ثم ولدا آخر بعد ذلك بخمسة أشهر أيجعله بطنا واحدا ؟ قال : نعم قلت : فإن وضعت الثاني لستة أشهر فصاعدا أيجعله بطنين أو بطنا واحدا ؟ قال : بل بطنين قلت : أرأيت إن قال لم أجامعها بعدما ولدت الولد الأول ؟ قال : يلاعنها وينفي الثاني إذا كانا بطنين قلت : فإن قال : لم أجامعها من بعدما ولدت الولد الأول ولكن هذا الولد الثاني ابني
قال : يلزمه الولد الثاني لأن هذا الولد للفراش قلت : فهل يجلده الحد حين قال لم أجامعها من بعدما ولدت الولد الأول وهذا الولد الثاني ولدي قال : أرى أن يسأل النساء فإن كان الحمل يتأخر عندهن هكذا لم أر أن يجلد وإن قلن إنه لا يتأخر إلى مثل هذا جلدته الحد ولا أجلده وإن كان يتأخر عندهن وكان عندهن بطنا واحدا وقد سمعت غير واحد يذكر أن الحمل واحدا ويكون بين وضعهما الأشهر ولا يشبه هذا أن يقول الرجل لامرأة تزوجها ولم يبن بها فجاءت بولد بعدما عقد نكاحها بستة أشهر فقال : هذا بني ولم أطأها من حين عقدت نكاحها فهذا يكون ابنه ويجلد الحد لأنه حين قال هو ابني ولم أطأها فكأنه إنما قال حملت به من غيري ثم أكذب نفسه بقوله إنه ابني فهذا يدلك على أن الحد قد وجب عليه
قلت : أرأيت إذا قدم رجل من سفر فولدت امرأته ولدا فلاعنها ثم ولدت بعد ذلك بشهر أو أقل ولد آخر أيلتعن له أيضا أم لا يلتعن ؟ قال : يجزئه اللعان الأول ولم أسمعه من مالك ؟ قلت ولم ؟ قال : لأنه حين التعن بالولد الأول فقد التعن وقطع عن نفسه كل ولد يكون لهذا الحمل قلت : فإن ادعى الولد الثاني ؟ قال : يلحق به الولد الأول والثاني ويجلد الحد قلت : أرأيت إن ولدت امرأته ولدا فمات ولم يعلم الرجل بذلك أو كان غائبا فلما قدم انتفى منه أيلاعن الولد ميت أم لا ؟ قال : يلاعن لأنه قاذف قلت : وكذلك لو ولدته ميتا فنفاه فيلتعن ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الرجل يقذف امرأته وقد كانت زنت وحدت فقال : إني رأيتها تزني ؟ فقال : إذا قذفها برؤية ولم يقذفها بالزنا الذي حدت فيه لاعن
قلت : أرأيت إن أكذب نفسه وقد قذفها برؤية ولم يقذفها بالزنا الذي حدت به أتضر به لها الحد أم لا في قول مالك ؟ قال : لا حد عليه وعليه العقوبة قلت : فإن قذفها زوجها وقد غصبت نفسها أتلتعن ؟ قال : نعم وقال غيره إن كان قذفه إياها برؤية سوى الذي اغتصبت فيه فإنه يلتعن ثم يقال لها ادرئي عن نفسك ما أحق عليك بالتعانه وخذي مخرجك الذي جعله الله لك بأن تشهدي أربع شهادات بالله وتخمسي بالغضب فإن لم يقذفها وإنما غصبت ثم استمرت حاملا فنفاه لم يسقط نسب الولد إلا باللعان فإن التعن دفع الولد لأنه قد يمكن أن يكون من وطء الفاسق ولم يكن عليها أن تلتعن للشبهة التي دخلت لها بالاغتصاب لأنها تقول أنا ممن قد تبين لكم أنه إن لم يكن منه فقد كان من الغاصب
قلت : أرأيت من أبى اللعان من الزوجين أيجلده مالك بإبائه أم حتى يكذب نفسه ؟ قال : إذا أبى اللعان أحد الزوجين أقيم عليه الحد إن كان الزوج أقيم عليه حد القدف وإن كانت المرأة أقيم عليها حد الزنا قلت : أرأيت إذا التعن الرجل فنكلت المرأة عن اللعان أيحدها أم يحبسها حتى تلتعن أو تقر على نفسها بالزنا فيقيم عليها الحد ؟ قال : قال لي مالك إذا نكلت عن اللعان رجمت لقول الله تبارك وتعالى : { ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله } النور : 8 قال : فإذا تركت المخرج الذي جعل الله لها برد قوله جلدت إن كانت بكرا ورجمت إن كانت ثيبا لأنه أحق عليها الزنا بالتعانه وصدق به قوله حتى صار غير قاذف لها فإن خرجت من صدقه عليها وإلا أقيم عليها الحد قلت : أرأيت إن نكل الزوج عن اللعان أتحده في قول مالك مكانه ؟ قال : نعم قال مالك : إذا نكل عن اللعان جلدته الحد
قلت : أرأيت إن ادعت المرأة أن الزوج قذفها والزوج منكر فأقامت البينة ؟ قال : إذا قامت البينة جلد الحد إلا أن يدعي رؤية فيلتعن قلت : ويقبل قوله إذا ادعى رؤية بعد جحوده القذف ؟ قال : نعم لأنه يقول كنت أريد أن أكتم فإما إن قامت البينة فأنا ألتعن وقال بعض كبار أصحاب مالك إنه يحد ولا يلاعن لأنه لما جحد ثم أقرأ وقامت عليه بينة أنه قال : قد رأيتها تزني وهو يجحد كان إذا جحد ترك المخرج الذي كان له لأنه لما ثبت أنه قاذف فكان مخرجه اللعان كما قال الله جل وعز : { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } النور : 4 وكأنه قال حين جحد أن يكون قال قد رأيتها تزني ثم قال لم أرها فكان مكذبا لنفسه وقع عليه الحد بإكذابه لنفسه ثم قال : أنا صادق فلا يقبل منه
قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلا قذف امرأته ثم طلقها فبانت منه وتزوجت الأزواج ثم رفعته إلى السلطان أيحده أم ماذا يصنع به ؟ قال ابن القاسم : لم أسمع فيه شيئا إلا أني أرى أن يلتعن لأن القذف إنما كان في موضع اللعان فليس تركها إياه بالذي يوجب عليه الحد ولكنه إن دعى إلى اللعان فلم يلتعن فقد أكذب نفسه وإنما أمرته أن يلتعن لأن اللعان كان حده يوم قذفها وإنما دفع عنه العذاب إذا لاعن
قلت : أرأيت المرأة هل يلزمها لعان الزوج وقد انقضت عدتها من النكاح الذي قذفها فيه وتزوجت ثم قامت عليه بالقذف ؟ قال : نعم يلاعن لأني إذا رأيت عليه اللعان إذا لم تكن تحته فدرأت عنه العذاب لما التعن رجع عليها اللعان فإما أبرت نفسها وإما حدت قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته هذا الولد الذي ولدته ليس هو مني فقالت المرأة صدقت ليس هو منك ؟ قال : قال مالك : والليث لا يلزمه الولد إذا تصادق الزوجان أن الصبي ليس بابن له ولا ينتسب إليه قلت : أفتحد الأم ؟ قال : قال مالك : نعم تحد قلت : وينقطع نسب هذا الصبى بغير لعان من الزوجين ؟ قال : نعم كذلك قالا وقاله مالك غير مرة فيما بلغني قلت : فإن كانت تحته قبل أن تلد هذا الولد بعشرين سنة أو أدنى من ذلك مما يلحق به الحمل قال : فهو عندي واحد قال ابن القاسم : وسمعت الليث بن سعد يقول مثله وقد قال أكثر الرواة عن مالك أنه لا ينفيه إلا اللعان ولا يخرجه من الفراش المعروف والعصبة والعشيرة إلا اللعان قال : وقد روى ما قال ابن القاسم وأكثر الرواة يرون ما قال مالك أنه لا ينتفي إلا بلعان قال ابن القاسم وقال مالك لا يكون للرجل أن ينفي ولده إذا ولدته امرأته وهو مقيم معها ببلد يرى حملها إلا أن يكون غائبا عن الحمل فقدم وقد ولدته فله أن ينفيه فإن أقام مقرا به فليس له أن ينفيه بعد ذلك
قلت : أرأيت إن قال وجدت مع امرأتي رجلا في لحافها أو وجدتها وقد تجردت لرجل أو وجدتها مضاجعة لرجل في لحافها عريانة مع عريان أتلتعن أم لا في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه لا لعان بين الزوج وبين امرأته إلا أن يرميها بالزنا برؤية أو ينفي حملها فإن رماها بالزنا ولم يدع رؤية ولم يرد أن ينفي حملا فعليه الحد لأن هذا مفتر وقاله المخزومي وابن دينار وقالا في الحمل إن نفاه ولم يدع استبراء جلد الحد قال ابن القاسم : فأرى مسألتك إن لم تكن له بينة على ما ذكرت من تجريدها له ومضاجعتها إياه كما ذكرت رأيت عليه الأدب ولا حد عليه قال : وجل رواة مالك على أن اللعان لا يكون إلا بأحد وجهين إما برؤية لا مسيس بعدها أو ينفي حملا يدعي قبله استبراء وإما قاذف لا يدعي هذا فإنه يحد وقد قاله ابن القاسم
وقال ابن القاسم أيضا غير هذا إذا قذف أو نفى حملا لم يكن به مقرا لاعن ولم يسأل عن شئ وقاله ابن نافع معه قال ابن أبي الزناد عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى وقال زوجها والله ما قربتها منذ عفرنا النخل والعفر أن يسقى النخل بعد أن يترك من السقى بعد الآبار بشهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم بين فجاءت بغلام أسود وكان الذي رميت به ابن السمحاء قال مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رجلا لاعن امرأته في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بأمه قال ابن وهب : وأخبرني عبد الله بن عمر أنه سأل عبدالرحمن بن القاسم ما يوجب اللعان بين المرأة وزوجها ؟ قال : لا يجب اللعان إلا بين رؤية واستبراء قال الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال : التلاعن بين الزوجين لا يكون إلا بإنكار الولد فإنه يقول إن شاء ما وطئتها منذ كذا وكذا أو يقول رأيت معها رجلا ففي ذلك التلاعن فإن قال هي زانية ولم أر معها رجلا جلد الحد قال يونس عن ربيعة بذلك قال عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه بنحو ذلك
قلت : أرأيت من لاعن امرأته فنفى ولدها عنه ثم قذفها رجل أيضرب الحد لها أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يضرب قاذفها الحد ومن قذف ابنها فقال له يا ابن الزانية ضرب الحد أيضا كذلك قال مالك قال مالك : ومن قال لابنها ليس فلان أبوك على وجه المشاتمة ضرب الحد أيضا قال مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال : من دعا ابن ملاعنة لزانية ضرب الحد قال يونس وقال ابن شهاب من نفى ولدها جلد الحد قال مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان بن يسار قال : من دعاها زانية ضرب الحد وقال علي بن أبي طالب من قذف ابن ملاعنة جلد الحد قال يونس عن ربيعة أنه قال في الرجل يلاعن امرأته ثم يقذفها بعد ذلك يجلد الحد وقاله نافع مولى ابن عمر والقاسم ابن محمد ذكره مخرمة بن بكير عن أبيه عنهما
قلت : أرأيت أن شهد الشهود على هذا الذي لاعن أنه قد أقر بابنه بعد اللعان وهو ينكر ذلك ؟ قال : يلحق به الولد ويضرب الحد قلت : أرأيت إذا لاعنها بولد فنفاه ثم زنت المرأة بعد ذلك فادعى الملاعن ولده أتضربه الحد أم لا تضربه لأنها قد زنت ؟ قال : لم أسمع في هذه المسألة بعينها شيئا ولكنه لا حد عليها إذا ادعاه لأنها قد صارت زانية قال : وقال ربيعة في رجل يزعم أنه رأى على امرأته رجلا يسميه باسمه قال : يلاعنها ويجلد الحد في الرجل فأما التلاعن فدفع عن نفسه شيئا لا يعرفه وأما الحد فيكون عليه في تسمية رجل لو لم يسمه لم يضربه وقاله مالك : قلت : أرأيت المرأة إذا ضرب رجل بطنها فألقت جنينها ميتا فانتفى منه الزوج والتعن لمن تكون الغرة ؟ قال : للأم ومن ورث الجنين مع الأم وهذا مثل ابن الملاعنة إذ مات عن مال ورثته أمه وعصبته قلت : أرأيت لو أن رجلا أنكر ولده فنفاه بلعان ثم مات الولد عن مال فادعى الملاعن الولد بعدما مات ؟ قال : لا أدري أسمعته من مالك سماعا أو بلغني عن مالك أنه قال : إن كان لولده ولد ضرب الحد ولحق به لأنه له نسب يلحقه قال ابن القاسم : وإن لم يكن له ولد فلا يقبل قوله لأنه يتهم بوراثته ويجلد الحد ولا يرثه وقال ابن وهب وقال مالك : من أنكر لون ولده فإنه لا يكون في ذلك لعان وإنما هو عرق نزعه قال يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن أعرابيا أتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي ولدت غلاما أسود وإني أنكرته ثم ذكر الحديث وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له هل لك من إبل قال : نعم قال : ما ألوانها قال : حمر قال : هل فيها من أورق قال : إن فيها لورقا قال : فأنى ترى ذلك جاءها فقال : يا رسول الله عرق نزعها قال فلعل هذا عرق نزعه ولم يرخص له في الانتفاء منه
قلت لابن القاسم : أرأيت إن لاعن السلطان بينهما فلما التعن الرجل ماتت المرأة ؟ قال : قال مالك يرثها قلت : فإن التعن الرجل والتعنت المرأة فلما بقي من لعانها مرة أو مرتان ماتت المرأة ؟ قال : أرى أن الزوج وارثها ما لم يتم اللعان من المرأة قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ربيعة أنه قال يرثها إن ماتت وإن مات هو لم ترثه قلت : أرأيت إن مات الزوج وبقيت المرأة وقد التعن الزوج ما يقال للمرأة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يقال للمرأة التعني وادرئي العذاب عن نفسك ولا ميراث لك فإن أبيت اللعان وأكذبت نفسك أقيم عليك الحد وكان لك الميراث

في لعان الأعمى
قلت : أرأيت الأعمى إذا قذف امرأته أيلتعن في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : لم وهو لا يجوز له أن يدعي رؤية قلت : أرأيت إن قلت : أنه يدعي الاستبراء في الحمل فيجوز له أن يلتعن في الحمل فهو يجوز له أن يلتعن إذا ادعى الرؤية قال غيره بعلم يدله على المسيس وغيره من أسباب العلم وأما رؤية فلا قاله غيره وكذلك ينبغي قال ابن القاسم هو من الأزواج وقد قال الله تبارك وتعالى : { والذين يرمون أزواجهم } النور : 6 والأعمى عند مالك هو زوج فلا بد من اللعان وهو قول مالك قال مالك : جعل ذلك إليه ويحمله في دينه

في لعان الأخرس
قلت : أرأيت الأخرس هل يلتعن إذا قذف بالإشارة أو بالكتاب ؟ قال : نعم إن فقه ما يقال له وما يقول وسألته عن الذي يدعي الرؤية في امرأته فيلتعن فتأتي بولد لأدنى من ستة أشهر من يوم ادعى الرؤية قال : الولد ولده لا ينفي بوجه من الوجوه إذا زعم أنه لم يكن استبرأ قبل أن يرى لأن اللعان قد مضى ولأنا قد علمنا أنه ابنه لأنه رآها يوم رآها وهي حامل منه قلت : فإن ادعى الاستبراء حين ولدته لأدنى من ستة أشهر ؟ قال : فالولد لا يلحقه ويكون اللعان إذا قال ذلك الذي كان نفيا للولد قلت : فإن لم يدع الاستبراء إلا أنه قال : لم أزل أطؤها وهذا الولد ليس مني وإنما ألتعن بالرؤية وقد جاءت بالولد لأدنى من ستة أشهر فألحقته بأبيه ألا يثبت أن يكون قاذفا ويجلد الحد ؟ قال : لا قلت : فإن قال حين ولدته بعد الرؤية لخمسة أشهر هذا ليس مني قد كنت استبريت فنفيت الولد وتم اللعان أرأيت إن قال الولد لي ولم أكن استبرأت يومئذ وأنا كاذب في الاستبراء أيلحق به الولد ولا يكون عليه حد لأن اللعان قد كان برؤية ؟ قال : أرى عليه الحد لأنه صار قاذفا لأن اللعان الذي كان لما ادعى الاستبراء أنه كان بعدما وضعته بعد كان نفيا للولد فلما استحلقه وأكذب نفسه في الاستبراء صار قاذفا قلت : أرأيت المرأة يشهد عليها أربعة بالزنا أحدهم زوجها ؟ قال : يلاعن الزوج ويجلد الثلاثة قال يونس عن أبي الزناد في المرأة يشهد عليها أربعة بالزنا أحدهم زوجها ؟ قال : أبو الزناد كان القاذف زوجها أو غيره يأتي بأربعة شهداء أو يلاعن الزوج ههنا ويجلد الآخرون قال يونس وقال ابن شهاب لا يرجم ولا يرى زوجها تجوز شهادته عليها من أجل أن الله رد شهادته عنها بالملاعنة ونرى أن يجلد الحد إذا ردت شهادة الزوج حد الفرية ثمانين جلدة ونرى أن يلاعنها زوجها فإن نكص عن ملاعنتها جلد الحد وإن لاعنها فرق بينه وبينها قال : وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن عباس وعبد الرحمن بن القاسم وابن قسيط مثله قال ابن عباس يلاعن الزوج ويجلد الآخرون وقال إبراهيم النخعي مثله وقال ابن شهاب في رجل قذف امرأته وجاء بثلاثة فلاعن الزوج ويجلد الثلاثة ثم جاء برجلين يشهدان ؟ قال : يجلدان

ترك رفع اللعان إلى السلطان
قلت : أرأيت إن قذف رجل امرأته فلم ترافعه إلى السلطان أيكون على الزوج شئ أم لا ؟ قال : لا شئ على الزوج قال : وكذلك سمعت مالكا يقول فيها وقال مالك في رجل قذف رجلا فلم يرفعه المقذوف إلى السلطان قال : لا شئ على القاذف

لعان امرأة بكر لم يدخل بها جاءت بولد
قلت : أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فلم يبن بها ولم يختلها حتى جاءت بولد فأنكره الزوج أيلاعن أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يلاعن إذا ادعت أنه منه وأنه كان يغشاها وكان ما قالت يمكن وجاءت بالولد لستة أشهر فأكثر من يوم تزوجها ولها نصف الصداق ولا سكنى عليه ولا متعة قلت : وكذلك إن طلقها قبل البناء فجاءت بالولد لمثل ما تلد له النساء أيلزم الزوج الولد أم لا وهل له أن يلاعن ؟ قال : قال مالك : يلزمه الولد إلا أن يلاعن فإن لاعنها لم يلزمه الولد وهذا إذا كان ما ادعت من إتيانه إياها يمكن فيما قالت قال يونس إنه سأل ابن شهاب عن رجل تزوج بكرا فلم يجمعها إليه حتى حملت فقالت هو من زوجي كان يغشاني في أهلي سرا فسئل زوجها فقال : لم أغشها وإني من ولدها لبريء فقال : سنتها سنة الملاعنة يتلاعنان ولا ينكح حتى تضع حملها قال يونس وقال ربيعة إذا تكلمت بذلك وعرف منها لاعنها وإن مضت سنون وقاله يحيى بن سعيد وابن قسيط أنه يلاعنها إن تمت نكرته

نفقة الملاعنة وسكناها
قلت : أرأيت هذا الذي لاعن امرأته وانتفى من حملها فولدت ولدا ثم ادعاه الزوج بعدما ولدته فجلدته الحد وألحقت به الولد أيجعل لها على الزوج نفقة الحمل إذا طلبت ذلك المرأة أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن ينظر إلى حال الزوج يومئذ حين كانت المرأة حاملا فإن كان الزوج يومئذ موسرا لزمته النفقة وإن كان يومئذ معسرا فلا نفقة لها قلت : فإن كان في بعض الحمل معسرا وفي بعض الحمل عديما ؟ قال : يلزمه من النفقة بقدر ما كان فيه موسرا ويسقط عنه من النفقة بقدر ما كان معسرا وإنما قلته عن قول مالك في الرجل يطلق امرأته البتة وهي حامل أن عليه النفقة إن كان موسرا وإن كان معسرا فلا نفقة عليه قلت : أرأيت الملاعنة أيكون لها السكنى وهي بمنزلة المبتوتة ؟ قال : قال مالك : للملاعنة السكنى قال مالك : ولا متعة لها
قلت : أرأيت إن كانت هذه الملاعنة غير مدخول بها ولم يسم لها صداقا فالتعن أيكون عليه المتعة والسكنى ؟ قال : قال مالك : لا يكون للملاعنة متعة مدخولا بها أو غير مدخول بها سمى لها صداقا أو لم يسم لها صداقا لا تكون المتعة على حال من الحالات قلت : أرأيت الملاعنة لم جعل لها مالك السكنى وهو لا يلحقه منها الولد ؟ قال : لأنها في عدة منه وهي مبتوتة فلا بد من أن يكون لها السكنى ألا ترى أنها لا يحل لها أن تنكح حتى تنقضي عدتها

ملاعنة الحائض
قلت : أرأيت الرجل يقذف امرأته وينتفي من ولدها ويدعي الاستبراء وهي في دم نفاسها أو حائض ؟ قال : لا أحفظ قول مالك فيه ولا يلاعن السلطان بينهما حتى تطهر إلا أني سمعت منه في الذي لا يجد ما ينفق يضرب له أجل فيأتي الأجل وهي حائض أنه لا يطلق عليه حتى تطهر وفي الذي لا يقدر على مسيس امرأته في قول مالك كذلك إلا المولى وحده فإني سمعت مالكا غير مرة وأخبرني به غير واحد من أصحابنا أنه قال : إذا وقفه السلطان وهي حائض فلم يف طلق عليه وقد روى أشهب عن مالك أنه لا يطلق عليه في الحيض

متعة الملاعنة
قلت : ولم قلتم في الملاعنة أنه لا متعة لها وهي ليست كالمختلعة لأنها لا تعطي الزوج شيئا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال لي لا متاع للملاعنة قال ابن القاسم : إلا أن الذي يقع في قلبي لأن الفراق جاء من قبلها حين أنكرت ما قال فلما وقع اللعان بينهما والتعنت وقعت الفرقة ولم يكن لها متاع لأن الفراق لم يكن من قبل الزوج

كتاب الاستبراء

في استبراء الأمة المستحاضة
قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلا اشترى أمة مستحاضة يعلم ذلك بكم يستبرئها في قول مالك ؟ قال : يستبرئها بثلاثة أشهر إلا أن لا يبرئها ذلك أو تشك فيرفع بها إلى تسعة أشهر قال : وقال مالك : وهذه والتي رفعتها حيضتها بمنزلة سواء قال ابن القاسم لأن استبراءها عنده إنما كانت حيضة فلما رفعت هذه حيضتها واستحيضت هذه كانت عنده بمنزلة واحدة لا حيضة لها إلا أن مالكا قال في العدة من طلاق أو موت في المستحاضة إذا جاءها دم لا تشك فيه ولا يشك النساء أنه دم حيضة للونه وتغيره رائحته بمعرفة النساء به رأيته قرأ وتكف عن الصلاة فهذه الأمة المشتراة المستحاضة كذلك إذا جاء منها في دمها دم لا تشك ولا يشك النساء أنه دم حيضة رأيت ذلك استبراء وتحل لسيدها مثل ما قال مالك في العدة قال : وإنما جعل مالك المستحاضة في الاستبراء بمنزلة التي ترفعها حيضتها إذا لم يعرف النساء ولا هي حيضتها فإذا عرفت كانت كما وصفت لك يونس بن بريد عن ربيعة أنه قال في الأمة العذراء أو غيرها حاضت أو لم تحض أو قعدت قال ربيعة : ينتظر بها ثلاثة أشهر لا نعلم براءتها إلا براءة الحرة ههنا قال يحيى : فالتي تباع منهن تعتد ثلاثة أشهر إلا أن تحيض حيضة من الإماء اللاتي لم يحضن

استبراء المغتصبة والمكاتبة
قلت : أرأيت إن كان غصبها منه رجل فردها عليه أعليه أن يستبرئها في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن كانت أمته ثم عجزت أعليه أن يستبرئها ؟ قال : لم أسمع من مالك فيها شيئا وأحب إلي أن يستبرئها لأنه قد حرم عليه فرجها وقد أطلقها تدور ولو كانت في يده لم تخرج لم يكن عليه استبراء قلت : فلو أن رجلا غصب جارية أجنبية فوطئها ثم اشتراها أيكون عليه الاستبراء بعد الشراء ؟ قال : نعم قلت : فإن غصبها رجل فردها علي أيجب علي أن استبرئها في قول مالك ؟ قال : إذا غاب عليها الذي غصبها وجب عليك الاستبراء لأن مالكا قال في الرجل يبتاع الجارية الحرة فينقلب بها ويغلق عليها بابه فتستحق أنها حرة فتقوم على ذلك البينة فيقر بأنه لم يطأها وتقر المرأة بأنه لم يمسها قال : ما أرى أن تتزوج حتى يستبرىء رحمها بثلاث حيض لأنها قد أغلق عليها بابه وخلا بها قال : فقيل لمالك فإن كان وطئها أترى عليه في وطئها شيئا حين خرجت حرة صداقا أو غيره ؟ قال : لا لأنه وطئها وهي عنده ملك له قال مالك : وإن كان وطئها وهو يعلم أنها حرة رأيت أن يقام عليها الحد قلت : أفيجب عليه الصداق مع الحد في قول مالك ؟ قال : نعم

استبراء الأمة يسبيها العدو
قلت : أرأيت إن أسر العدو جارية لي أو مدبرة أو أم ولد أو حرة فرجعن إلي أيكون علي الاستبراء في قول مالك أم لا ؟ قال : نعم عليك الاستبراء قلت : فبكم تستبرئهن ؟ فقال : الحرة بثلاث حيض والأمة والمدبرة وأم الولد بحيضة حيضة قلت : فإن قلن لم توطأ واحدة منا ؟ قال : لا يصدقن وعليهن الاستبراء لأن أهل الحرب قبضوهن على وجه الملك لهن لاعلى وجه الوديعة فالاستبراء لازم

استبراء الموهوبة والمرهونة
قلت : أرأيت إن رهنت جارية فافتككتها أيكون علي استبراؤها في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا يكون على سيدها استبراء لأنها بمنزلة ما لو استودعها رجلا قلت : أرأيت إن وهبت لرجل جارية فعاب عليها ثم ارتجعتها أيكون علي أن استبرئها في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ولا يكون هذا مثل البيع ؟ قال : لا لأن هذا حين غاب عليها غاب عليها وهو حائز لها فعلى الذي وهب إذا ارتجع أن يستبرىء لنفسه والبيع يتواضعانها فإذا رجعت إليه قبل أن تدخل في الحيضة ويذهب عظم حيضتها فلا استبراء على البائع إذا رجعت إليه وإن كان في البيع قد قبضها المشتري وحازها لنفسه ليس على المواضعة عنده ولكن على الحيازة لنفسه فعلى البائع إن استقاله أن يستبرئها وأن ذلك بعد يوم إذا غاب عليها فكذلك الهبة
قلت : أرأيت إن وهبت لابن لي صغير في حجري جارية أو لابن لي كبير وهو في عيالي فارتجعت هبتي اعتصرتها أعلي أن أستبرئها أم لا ؟ قال : الصغير والكبير بمنزلة واحدة إن كانا في يد الأب لم يكونا يخرجان فلا استبراء عليه وإن كان يخرجان أو قبضها الكبير وغاب عليها فالاستبراء عليه فإن وطئها الابن فلا اعتصار للأب فيها وكذلك قال مالك ليس عليه اعتصار قال : وقال مالك : لو أن رجلا استودع رجلا جارية فحاضت عند المستودع ثم اشتراها المستودع أجزتها تلك الحيضة من الاستبراء قلت : أرأيت إن اشتريت جارية أو وهبت لي أو تصدق بها علي أو صارت لي من مغنم أو من غيره أوصى لي بها أو ورثتها أو صارت لي بوجه من الوجوه أيجب علي أن استبرئها في قول مالك ؟ قال : نعم

استبراء الأمة تباع فتحيض عند البائع قبل أن يقبضها المبتاع
قلت : أرأيت إن اشتريت جارية فمنعني صاحبها من أن أقبضها حتى أدفع إليه الثمن فحاضت عند البائع بعد استبرائي إياها قبل أن أقبضها ثم دفعت إليه الثمن وقبضت الجارية أتجزء تلك الحيضة من الاستبراء في قول مالك أم لا ؟ فقال : إن أخذها في أول حيضتها أجزأه ذلك وإن كانت في آخر حيضتها أو بعد أن طهرت لم يجزه ذلك حتى تحيض حيضة مستقبلة وعلى البائع المواضعة قلت : أرأيت إن لم يمنعه القبض فلم يقبضها المشتري حتى حاضت عند البائع أيجزىء المشتري هذه الحيضة من الاستبراء أم لا ؟ قال : إن كان المشتري لم يسأله القبض والبائع لم يمنعه إلا أن المشتري ذهب ليأتي بالثمن فأبطأ عن القبض حتى حاضت الجارية عند البائع ثم جاء ليقبضها فإن كانت من وخش الرقيق فأرى أن يستبرئها بحيضة مستقبلة وإن كانت من علية الرقيق رأيت أن يتواضعاها وكذلك إن كان البائع منعها من المشتري حتى يقبض الثمن فحاضت عند البائع فإن كانت من علية الرقيق تواضعاها وإن كانت من وخش الرقيق قبضها المشتري وكان عليه أن يستبرئها بحيضة مستقبلة إلا أن يكون أمكنه منها وتركها عنده فإن حيضتها استبراء للمشتري لأن ضمانها كان منه لأنه بمنزلة أن لو وضعها عند غيره
قلت : أرأيت من اشترى جارية وهي حائض أتجزئه هذه الحيضة في قول مالك من الاستبراء ؟ قال مالك : إن كانت في أول حيضتها أجزأه ذلك من الاستبراء وإن كانت في آخر الحيضة لم يجزه مثل اليوم وما أشبهه وإن كانت قد أتت على آخر حيضتها استقبلت حيضة أخرى قلت : فإن كانت هذه الأمة المشتراة قد حاضت عند بائعها فلما اشتراها رأت الدم عنده يوما أو يومين بعد خمسة أيام من حيضتها التي حاضتها عند البائع أيكون هذا استبراء أم لا ؟ قال : لا يكون هذا استبراء قلت : وتدع الصلاة قال : نعم قلت : ولم لا تجعله استبراء ؟ قال : لا يكون الدم التي تراه استبراء حتى يكون بين الدمين من الأيام ما يعلم أن الدم الثاني حيض فإذا وقع بين الدمين من الأيام ما يعلم أن الدم الثاني حيضة كانت حائضا قلت : فإن لم تر هذا الدم الذي يعلم أنه حيض مستقبل إلا يوما واحدا ثم انقطع عنها أتجعله حيضا ويجزئها من الاستبراء ؟ قال : يسأل النساء عن ذلك فإن قلن إن الدم يوم أو بعض يوم يكون حيضا كان هذا استبراء وإلا فلا أراه استبراء حتى تقيم في الدم ما يعرف ويستيقن أنه استبراء لرحمها ولا يكون هذا الدم استبراء إذا لم أجعله حيضة تامة وإن كنت أمنعها من الصلاة قلت : أرأيت ما بين الدمين من الطهر كيف يعرف عدد ما بين الدمين حتى يجعل الدم الثاني حيضا ؟ قال : قال مالك : الثلاثة الأيام والأربعة الأيام والخمسة إذا طهرت فيها ثم رأت الدم بعد ذلك إن ذلك من الحيضة الأولى قال : وما قرب من ذلك فهو كذلك قال : وسألنا مالكا عن امرأة طلقت فقالت قد حضت في شهر ثلاث حيض ؟ قال : يسأل النساء فإن كن يحضن كذلك ويطهرن صدقن وإلا فلا ويسأل النساء عن عدد أيام الطهر فإن قلن هذه الأيام تكون طهرا فيما بين الحيضتين وجاء هذه الأمة بعد هذه الأيام من الدم ما يقلن النساء إنه دم حيضة ولا يشككن أنها حيضة أجزأه ذلك من الاستبراء وإلا فلا

في استبراء الجارية تباع ثم يستقيلها البائع
قلت : أرأيت إن اشتريت جارية فقبضتها ثم استقالني البائع فأقلته قبل أن نفترقا أيجب على البائع أن يستبرىء في قول مالك ؟ قال : لا لأنهما لم يفترقا ولم يغب على الجارية قلت : أرأيت إن انقلبت بها ثم استقالني ؟ قال : إن كان لم يكن في مثل ما غاب عليها المشتري أن تحيض فيها لأنها لم تقم عنده قدر ما يكون في مبلغ الاستبراء فليس على المشتري مواضعة لأنها لو هلكت في مثل ذلك كانت على البائع ولا يطأ البائع حتى يستبرىء لنفسه وإن كانت من وخش الرقيق فهلاكها من المشتري إن كان البائع لم يضعها عند المشتري على وجه الاستبراء وإنما قبضها على وجه الاشتراء وحازها لنفسه فالمشتري لم يستبرىء فتحل له فهي وإن لم تحل له حتى ردها إلى البائع فلا يطؤها البائع أيضا حتى يستبرئها لنفسه احتياطا لأنه قد دفعها إلى المشتري وغاب عليها إلا أن يكون دفعها إلى المشتري وأتمنه البائع على الاستبراء فلا يكون على البائع استبراء إذا ارتجعها قبل أن تحيض عظم حيضتها وإن كان إنما دفعها البائع إلى المشتري قبضا لنفسه فقد وصفت لك ذلك ولو وضعاها على يدي رجل أو امرأة للاستبراء ما كان على البائع إذا استقاله ورجعت إليه فيها استبراء فإن طال مكثها في الموضع الذي تواضعاها فيه للاستبراء إذا لم تحض فإذا كانت قد حاضت في الموضع الذي جعلاها فيه للاستبراء وخرجت من الحيضة فقد حلت للمشتري فإن استقال البائع بعد هذا فعليه الاستبراء لأنها حلت للمشتري قبل أن يستقيله البائع وصارت عليه العهدة ووجبت عليه المواضعة وصار المشتري إنما هو تاركها في موضعها لم يكن للمستقيل بد من الاستبراء إلا أن يستقيل البائع المشتري في الجارية والجارية في أول دمها أو في عظم دمها فإذا فعل لم يكن عليه استبراء إلا أن يستقيل في آخر دمها فيكون عليه الاستبراء
قلت : أرأيت إن استقاله في آخر دمها ؟ قال : فعلى البائع المستقيل أن يستبرىء لنفسه وله المواضعة على المقيل قلت : ولم وهي لم تحل للمشتري حتى تخرج من دمها ؟ قال : لأنها إذا دخلت في الدم من أول ما تدخل في الدم فمصيبتها من المشتري وقد حل للمشتري أن يقبل وأن يصنع بها ما يصنع الرجل بجاريته إذا حاضت وإن أقال المشتري البائع في الدم أو في عظمه رأيته بمنزلة رجل اشترى جارية في أول دمها أو في عظمه فإن أقاله في آخر دمها كان بمنزلة رجل اشترى جارية في آخر دمها بلا تجزئه تلك الحيضة قلت : لم أمرت البائع حين استقاله في آخر دمها أن يستبرىء والمشتري لم يحل له وطئها ؟ قال : لأن الجارية قد تحمل في آخر الدم إذا وطئت فيه فلا أدري ما أحدثت الجارية وهي لو اشتريت في هذه الحال لم تجز من اشتراها هذه الحيضة فإنما يحمل هذا محمل الاشتراء الحادث قال : وقال مالك في الذي يشتري الجارية في آخر دمها أنه لا تجزئه من الاستبراء وعليه أن يستبرىء استبراء آخر وله المواضعة وعهدته قائمة
ابن وهب عن عقبة بن نافع المعافري عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال في الرجل يشتري الجارية وهي حائض هل تبرئها تلك الحيضة ؟ قال يحيى : أدركنا الناس وهو أمرهم إلى اليوم أن الوليدة إذا اشتريت فإنما يبرئها ويسلم للذي اشتراها إذا حاضت حيضة واحدة قال ابن وهب وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال : يقال أيما رجل ابتاع وليدة تحيض فوضعت على يدي رجل حتى تحيض فماتت فهي من صاحبها حتى تحيض وكل عهدة على ذلك قال بكير : ويقال أيما رجل ابتاع وليدة فأراد أن يخاصم فيها لم يحل له أن يطأها وفي نفسه خصومة صاحبها فيها قال ابن وهب : وأخبرني ابن لهيعة عن أبي جعفر عن زيد بن إسحق الأنصاري أن عمر بن الخطاب قضى في جارية وضعت على يدي رجل حتى تحيض فماتت بأنها من البائع أخبرني يونس عن ابن شهاب مثله قال ابن شهاب : وإن كانت حاضت فهي من المبتاع قال يونس عن ابن شهاب في رجل اشترى جارية من آخر فدعاه إلى ثمنها فقال : سوف فماتت الوليدة عند البائع قال : إن كانت الوليدة ماتت في العهدة قبل أن تحيض فهي من البائع وإن كانت حاضت فهي من المبتاع وإن وضعاها على يدي عدل فكذلك أيضا

استبراء الجارية يباع شقص منها
قلت : أرأيت إن بعت شقصا من جاريتي أيأمرني مالك أن نتواضعاها للاستبراء إن كانت من علية الرقيق ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن بعت شقصا منها ثم استقلته فأقالني بعدما تواضعاها فحاضت أو كانت من وخش الرقيق فبعته شقصا منها فاستقلته بعدما أمكنته منها أيجب علي الاستبراء ؟ قال : نعم يجب عليك فيها الاستبراء لأنها قد حرمت على البائع حين حاضت وله على المقيل المواضعة لأن الضمان قد كان وجب عليه وبرىء منه البائع الأول فلما استقال كان بمنزلة ما لو اشتراها من المشتري أجنبي من الناس فله المواضعة فكذلك يكون للمستقيل على المقيل وإن كانت من وخش الرقيق فلا يطؤها حتى يستبرىء لأن المشتري قد غاب عليها إذا كان قابضا لها وأخذها على القبض وهي لو أصيبت كانت من المشتري فكان المستقيل أجنبي من الناس اشتراها من المشتري الذي قبضها على الإيجاب فلذلك صار ضمانها منه وأنها إذا كانت من وخش الرقيق يجوز بيعها بالبراءة من الحمل وأنه لا يتقي فيها من الخطر ما يتقي من التي تباع على المواضعة وللسنة فيها

استبراء أم الولد والمدبرة إذا بيعتا
قلت : أرأيت لو أن رجلا باع أم ولده أو مدبرته فقبضها المشتري أيكون على البائع إذا ردت إليه الاستبراء في قول مالك ؟ قال : نعم عليه الاستبراء إذا كان قد دفعها على الحيازة ولم يتواضعاها للاستبراء

استبراء الجارية يشتريها الرجل من عبده
قلت : أرأيت إن اشترى رجل من عبد له تاجر جارية أيجب عليه الاستبراء ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وعليه الاستبراء قلت : وكذلك إن انتزعها السيد كان عليه الاستبراء ؟ قال : نعم ويكون هذا مثل البيع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"