بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 مارس 2010

نبذ من المدونة الكبرى/17

طلاق المكره والسكران
قال : وأخبرني ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن عبيد بن عمير ومجاهد وطاوس وغيرهم من أهل العلم أنهم كانوا لا يرون طلاق المكره شيئا وقال ذلك عبدالرحمن بن القاسم ويزيد بن قسيط وقال عطاء : قال الله تبارك وتعالى : ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) ( آل عمران : 28 ) وقال ابن عبيد الليثي إنهم قوم فتانون ابن وهب عن حيوة عن محمد بن العجلان أن عبد الله بن مسعود قال : ما من كلام يدرأ عني سوطين من سلطان إلا كنت متكلما به وقال عمرو بن عبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز في طلاق المكره إنه لا يجوز وقال مالك : وبلغني عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما سئلا عن طلاق السكران إذا طلق امرأته أو قتل فقالا : إن طلق جاز طلاقه وإن قتل قتل
ابن وهب عن مخرمة بن بكيرعن أبيه قال عبد الله بن مقسم : سمعت سليمان بن يسار يقول طلق رجل من آل البحتري امرأته قال : حسبت أنه قال : عبد الرحمن وقد قيل لي أنه هو المطلب بن أبي البحتري طلق امرأته وهو سكران فجلده عمر بن الخطاب الحد وأجاز طلاقه
ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن القاسم بن محمد وسالم وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح ومكحول ونافع وغير واحد من التابعين مثل ذلك يجيزون طلاق السكران وقال بعضهم وعتقه ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال : لا نرى طلاق الصبي يجوز قبل أن يحتلم قال : وإن طلق امرأته قبل أن يدخل بها فإنه قد بلغنا أن في السنة أن لا تقام الحدود إلا على من احتلم أو بلغ الحلم والطلاق حد من حدود الله قال الله تبارك وتعالى : ( فلا تعتدوها ) فلا نرى أوثق من الاعتصام بالسنن ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عباس وربيعة مثله وأن عقبة بن عامر الجهني كان يقول لا يجوز طلاق الموسوس ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب وربيعة ومكحول أنه لا يجوز طلاق المجنون ولا عتاقه وقال ابن شهاب : إذا كان لا يعقل فلا يجوز طلاق المجنون ولا المعتوه وقال ربيعة المجنون الملتبس بعقله الذي لا تكون له إفاقة يعمل فيها برأي وقال يحيى بن سعيد ما نعلم على مجنون طلاقا في جنونه ولا مريض مغمور لا يعقل إلا أن المجنون إذا كان يصح من ذلك ويرد إليه عقله فإنه إذا عقل وصح جاز عليه أمره كله كما يجوز على الصحيح وقال ذلك مكحول في المجنون

في الأمة تحت المملوك تعتق
قلت لعبدالرحمن بن القاسم : أرأيت لو أن أمة أعتقت وهي تحت مملوك أو حر ؟ قال : قال مالك : إذا عتقت تحت حر فلا خيار لها وإذا كانت تحت عبد فلها الخيار ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد أن عائشة أخبرته أن بريرة كانت
تحت مملوك قال لها رسول الله
صلى الله عليه وسلم : [ أنت أملك بنفسك إن شئت أقمت مع زوجك وإن شئت فارقته ما لم يمسك ] ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفرعن الفضل بن حسن الضمري قال : سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ إذا اعتقت الأمة وهي تحت العبد فأمرها بيدها فإن هي قرت حتى يطأها فهي امرأته لا تستطيع فراقه ] وقال ربيعة ويحيى بن سعيد وإن مسها ولم تعلم بعتقها فإنها بالخيار حتى يبلغها قلت : فإن اختارت نفسها أيكون فسخا أم طلاقا ؟ قال : قال مالك : يكون طلاقا وقال مالك : إن طلقت نفسها واحدة فهي واحدة بائنة وإن طلقت نفسها اثنتين فهما اثنتان بائنتان وهي في التطليقتين تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره لأن ذلك جميع طلاق العبد قال : وذكر مالك عن ابن شهاب أن زبراء طلقت نفسها ثلاثا
قلت : ولم جعل مالك خيارها تطليقة بائنة ؟ قال : لأن كل فرقة من قبل السلطان فهي تطليقة بائنة عند مالك وإن لم يأخذ عليها مالا ألا ترى أن الزوج إذا لم يستطع امرأته فضرب له أجل سنة ففرق بينهما أنها تطليقة بائنة يونس عن ابن شهاب أنه قال : إن خيرت فقالت قد فارقته أو طلقته فهي أملك بأمرها وقد بانت منه وأخبرني رجال من أهل العلم عن ربيعة ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح مثله وقال يحيى وعطاء وإن عتق زوجها قبل أن يحل أجلها لم تكن عليها رجعة إلا أن تشاء المرأة ويخطبها مع الخطاب
قلت : أرأيت إذا قالت هذه الأمة حين أعتقت قد اخترت نفسي أتجعل هذا الخيار واحدة أم اثنتين أم ثلاثا إذا لم تكن لها نية ؟ قال : أما إذا لم تكن لها نية فهي واحدة بائنة لأن مالكا كان مرة يقول ليس لها أن تطلق نفسها أكثر من واحدة وكان يقول خيارها واحدة ثم رجع إلى القول الذي قد أخبرتك فأرى إذا لم يكن لها نية أنها واحدة بائنة إلا أن تنوي اثنتين أو ثلاثا فيكون لها ذلك قال ابن القاسم : وقد سألت مالكا عن الأمة يطلقها العبد تطليقة ثم تعتق فتختار نفسها قال : هما تطليقتان ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره قلت : أرأيت الأمة إذا اعتقت وهي تحت عبد فاختارت فراقه عند غير السلطان أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ويكون فراقها تطليقة ؟ قال : ذلك إلى الجارية إن فارقته بالبتات فذلك لها وإن فارقته تطليقة فذلك لها قلت : لم قال مالك لها أن تفارقه بالبتات ؟ قال : لحديث زبراء حين عتقت وهي تحت عبد فقالت لها حفصة : إن لك الخيار ففارقته ثلاثا قلت : أرأيت إذا أعتقت الأمة وهي تحت عبد فلم تخبر حتى أعتق زوجها أيكون لها الخيار في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا خيار لها إذا أعتق زوجها قبل أن تختار يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الأمة تكون تحت العبد فيعتقان جميعا قال : لا نرى لها شيئا من أمرها وقاله مجاهد وقاله ابن شهاب في المكاتب والمكاتبة يعتقان جميعا بكلمة واحدة قال ليس لها خيار إن أعتقهما بكلمة واحدة معا ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال : ما نعلم الأمة تخير وهي تحت الحر إنما تخير الأمة فيما علمنا إذا كانت تحت عبد ما لم يمسها وأخبرني رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح والأوزاعي وغيرهم من أهل العلم مثله
قلت : أرأيت الأمة إذا أعتقت وهي حائض فاختارت نفسها أيكره لها ذلك أم لا ؟ قال : لا أقوم على حفظ قول مالك فيها وأكره ذلك لها إلا أن تختار نفسها فيجوز ذلك لها قلت : أرأيت الأمة تكون تحت العبد فأعتقت فلم يبلغها إلا بعد زمان وقد كان العبد يطؤها بعد العتق ولم تعلم بالعتق أيكون لها الخيار في قول مالك ؟ قال : نعم كذلك قال مالك قلت : والخيار لها إنما هو في مجلسها الذي علمت فيه بالعتق في قول مالك ؟ قال : نعم لها الخيار ما لم يطأها من بعدما علمت قلت : وإن مضى يوم أو يومان أو شهر أو شهران فلها الخيار في هذا كله إذا لم يطأها من بعد العلم في قول مالك ؟ قال : نعم إذا وقفت في هذا الذي ذكرت لك وقوفا للخيار فيه ومنعته نفسها وكذلك قال مالك
قال ابن القاسم : وإن كان وقوفها ذلك وقوف رضا بالزوج كانت قد رضيت به فلا خيار لها بعد أن تقول رضيت بالزوج قلت : أرأيت إن وقفت سنة فلم تقل قد رضيت ولم تقل إنما وقفت للخيار ولم يطأها الزوج في هذا كله أيكون لها أن تختار ؟ قال : يسئل عن وقوفها لماذا وقفت فإن قالت وقفت لأختار كان القول قولها ؟ وان كانت وقفت وقوف رضا بالزوج فلا خيار لها قلت : وتحلف أنها لم تقف لرضاها لزوجها ؟ قال : لا لأن مالكا قال لي في النساء لا يحلفن في التمليك قلت : أرأيت إن كانت أمة جاهلة لم تعلم أن لها الخيار إذا أعتقت وهي تحت عبد فكان يطؤها وقد أعلمت بالعتق إلا أنها تجهل أن لها الخيار إذا أعتقت أيكون لها أن تختار في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا خيار لها إذا علمت فوطئها بعد علمها بالعتق جاهلة كانت أو عالمة وقال مالك في الأمة تحت العبد يعتق بعضها لأنه لا خيار لها وقال أبو الزناد في الأمة تكون تحت العبد فيعتق بعضها قال : لا خيار لها مخرمة بن بكير عن أبيه عن عبدالرحمن بن القاسم وابن قسيط أنهما قالا لو أن أمة أعتقت تحت عبد فلم تشعر بعتقها حتى أعتق العبد لم تستطع أن تفارقه وأخبرني يونس أنه سأل ابن شهاب عن الأمة تعتق تحت العبد قبل أن يدخل بها وقد فرض لها فتختار نفسها قال : لا أرى لها الصدق والله أعلم من أجل أنها تركته ولم يتركها وإنما قال الله : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } ( البقرة : 237 ) فليس هو مفارقا لها ولكن هي فارقته بحق لحق فاختارت نفسها عليه فليست عليها عدة ولا نرى لها شيئا ولا نرى لها متاعا وكان الأمر إليها في السنة وقال ربيعة ويحيى بن سعيد مثله

طلاق المريض
قلت : أرأيت إذا طلق رجل امرأته وهو مريض قبل البناء يها ؟ قال : قال مالك : لها نصف الصداق ولها الميراث إن مات من مرضه ذلك قلت : فهل يكون على هذه عدة الوفاة أو عدة الطلاق ؟ قال : قال مالك : لا عدة عليها لا عدة وفاة ولا عدة طلاق قال مالك : وإن طلقها طلاقا بائنا وهو مريض وقد دخل بها كان عليها عدة الطلاق ولها الميراث وإن كان طلاقا يملك رجعتها فمات وهي في عدتها من الطلاق انتقلت إلى عدة الوفاة وإن انقتضت عدتها من الطلاق قبل أن يهلك فهلك بعد ذلك فلها الميراث ولا عدة عليها من الوفاة قلت : هل ترث امرأة أزواجا كلهم يطلقها في مرضه ثم تتزوج زوجا والذين طلقوها كلهم أحياء ثم ماتوا من قبل أن يصحوا من مرضهم ذلك وهي تحت زوج أتورثها من جميعهم أم لا في قول مالك ؟ قال : لها الميراث من جميعهم قال مالك : وكذلك لو طلقها واحدة البتة وهو مريض وتزوجت أزواجا بعد ذلك كلهم يطلقها ورثت الأول إذا مات من مرضه ذلك
قلت : أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته وهو مريض ثلاثا أو واحدة يملك الرجعة فيها ثم بر أو صح من مرضه ذلك ثم مرض بعد ذلك فمات من مرضه الثاني قال : قال مالك : إن طلقها واحدة ورثته إن مات وهي في عدتها وإن كان طلاقه إياها البتة لم ترثه إن مات في عدتها إذا صح فيما بين ذلك صحة بينة معروفة قال : وإن طلقها واحدة وهو مريض ثم صح ثم مرض ثم طلقها وهو مريض في مرضه الثاني طلقة أخرى أو البتة لم ترثه إلا أن يموت وهي في عدتها من الطلاق الأول قال : قال مالك : لأنه في الطلاق ليس بفار قال مالك : إلا أن يرتجعها ثم يطلقها وهو مريض فترثه وإن انقضت عدتها لأنه قد صار بالطلاق الآخر فارا من الميراث لأنه حين ارتجعها صارت بمنزلة سائر أزواجه اللائي لم يطلق
قلت : أرأيت إن طلقها في مرضه ثلاثا ثم ماتت المرأة والزوج مريض بحاله ثم مات الزوج بعد موت المرأة من مرضه ذلك أيكون للمرأة من الميراث شيء أم لا في قول مالك ؟ قال : لا شيء للمرأة من الميراث في قول مالك لأنها هلكت قبله فلا ميراث للأموات من الأحياء ولا يرثها إن كان طلقها البتة أو واحدة فانقضت عدتها قلت : أرأيت إذا قال لامرأته وهو صحيح أنت طالق إذا قدم فلان فقدم الرجل يحلف بطلاق امرأته إن دخلت بيتا فتدخله هي وهو مريض فتطلق ثم يموت من مرضه ذلك أترثه ؟ قال مالك : نعم ترثه قال : فقلت لمالك إنما هي التي دخلت قال : وإن لأن كل طلاق يقع والزوج مريض فيموت من مرضه ذلك أنها ترثه قلت : أرأيت إن مرض رجل فقال : قد كنت طلقت امرأتي في صحتي ؟ قال : قال مالك : إنها ترثه وهو فار وعليها العدة عدة الطلاق من يوم أقر بالطلاق إذا أقر بطلاق بائن وإن أقر بطلاق يملك فيه الرجعة فمات قبل انقضاء العدة انتقلت إلى عدة الوفاة وورثت وإن انقضت عدتها من يوم أقر بما أقر به فلها الميراث ولا عدة عليها
قلت : أرأيت إذا قرب الرجل لضرب الحدود أو لقطع يد أو رجل أو لجلد الفرية أو لجلد حد في الزنا فطلق امرأته فضرب أو قطعت يده فمات من ذلك أترثه في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال في الرجل يحضر الزحف أو يحبس للقتل إن ما صنع في تلك الحال في ماله أنه بمنزلة المريض قال ابن القاسم : فأما ما سألت عنه من قطع اليد والرجل وضرب الحدود فلم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أنه ما كان من ذلك يخاف منه الموت على الرجل كما خيف على الذي حضر القتال فأراه بمنزلة المريض قلت : أرأيت إن طلق رجل امرأته وهو في سفينة في لج البحر أو النيل أو في الفرات أو الدجلة أو بطائح البصرة ؟ قال : سئل مالك عن أهل البحر إذا غزوا فيصيبهم النوء والريح الشديدة فيخافون الغرق فيعتق أحدهم على تلك الحال أتراه في الثلث ؟ قال مالك : ما أرى هذا يشبه الخوف ولا أراه في الثلث
وأراه من رأس المال وكذلك قال مالك قال سحنون وقد روى عن مالك أن أمر راكب البحر في الثلث
قلت : أرأيت إن طلقها وهو مقعد أو مفلوج أو أجذم أو أبرص أو مسلول أو محموم حمى ربع أو به قروح أو جراحة ؟ قال : سئل مالك عن أهل البلايا مثل المفلوج والمجذوم وما أشبه هؤلاء في أموالهم إذا أعطوهم وتصدقوا بها في حالاتهم قال : ما كان من ذلك أمر يخاف على صاحبه منه فلا يجوز له إلا في الثلث وما كان من ذلك لا يخاف على صاحبه منه فرب مفلوج يعيش زمانا ويدخل ويخرج ويركب ويسافر ورب مجذوم يكون ذلك منه جذاما يابسا يقبل ويدبر ويسافر فهؤلاء وما أشبههم يجوز قضاؤهم في أموالهم من جميع المال ومنهم من يكون ذلك منه قد أضناه فيكون ذلك مرضا من الأمراض قد ألزمه البيت والفراش يخاف عليه منه فهذا لا يجوز قضاؤه إلا في ثلثه وفسر لي مالك هذا القول شبيها بما فسرت لك فكل من لا يجوز قضاؤه في جميع ماله فطلق في حاله تلك فلامرأته الميراث منه إن مات من مرضه ذلك
قلت : أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته في مرضه فزوجت أزواجا وهو مريض فلما حضرته الوفاة أوصى إليها بوصايا أيكون لها الميراث والوصية جميعا ؟ قال : أرى لها الميراث ولا وصية لها لأنه لا وصية لوارث في قول مالك وهذه وارثه قلت : أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته في مرضه فقتلته امرأته خطأ أو عمدا ؟ قال : أرى إن قتلته خطأ أن لها الميراث في ماله ولا ميراث لها من الدية والدية على عاقلتها وإن قتلته عمدا فلا ميراث لها من ماله وعليها القصاص إلا أن يعفو عنها الورثة فإن عفا عنها الورثة على مال أخذوه منها فلا ميراث لها منه أيضا قلت : أرأيت لو أن رجلا نكح امرأة في مرضه ثم طلقها ثم مات من مرضه ذلك ؟ قال : قال مالك : لا يقر على نكاحه ولا ميراث لها وإن لم يطلقها فلا صداق لها إلا أن يكون دخل بها فإن كان دخل بها فلها الصداق في ثلث ماله مبدأ على الوصايا ولا ميراث لها
قلت : أرأيت إن كان سمى لها من الصداق أكثر من صداق مثلها أيكون لها الصداق الذي سمى في قول مالك أم صداق مثلها ؟ قال : يكون لها صداق مثلها ويكون مهرها مبدأ على الوصايا وعلى العتق قلت : أفتضرب به مع الغرماء ؟ قال : جعله مالك في الثلث فكل شيء يكون في الثلث فالدين مبدأ عليه في قول مالك قلت : أرأيت لو
أن مريضا ارتد في مرضه عن الإسلام فقتل على ردته أترثه امرأته وورثته أم لا ؟ قال ابن القاسم : لا يرثه ورثته المسلمون قال مالك : ولا يتهم أحد عند الموت أن يفر بميراثه عن ورثته بالشرك بالله تعالى قلت : أرأيت إن قذفها في مرضه فلاعن السلطان بينهما فوقعت الفرقة فمات من مرضه ذلك أترثه في قول مالك ؟ قال : لم أسمعه من مالك وأرى أنها ترثه

في طلاق المريض أيضا
قلت : أرأيت المريض إذا طلق امرأته في مرضه قبل البناء بها ثم تزوجها في مرضه ذلك ؟ قال : لا أرى له نكاحا إلا أن يدخل بها فيكون بمنزلة من نكح وهو مريض ودخل قال ابن شهاب : فحدثني طلحة بن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن عاش حتى حلت تماضر وهو حي فورثها عثمان بن عفان من عبد الرحمن بعدما حلت للأزواج قال ابن شهاب : وحدثني طلحة أنه قال لعثمان بن عفان بم ورثتها من عبد الرحمن بن عوف وقد عرفت أن عبد الرحمن لم يطلقها ضرارا ولا فرارا من كتاب الله ؟ قال عثمان : أردت أن تكون سنة يهاب الناس الفرار من كتاب الله قال ابن شهاب : وبلغنا أن عثمان أمير المؤمنين قد كان ورث أم حكيم بنت قارظ من عبد الله بن مكمل وطلقها في وجعه ثم توفي بعدما حلت مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف وكان أعلمهم بذلك وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن طلق امرأته وهو مريض فورثها عثمان بعد انقضاء عدتها مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنها كانت آخر ما
بقي له من الطلاق عمرو بن الحرث عن يحيى بن سعيد بذلك قال : قيل لعثمان : أتتهم أبا محمد ؟ قال : لا ولكن أخاف أن يستن به رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وربيعة وابن شهاب بذلك قال ربيعة وإن نكحت بعده عشرة أزواج ورثتهم جميعا وورثته أيضا سفيان بن سعيد عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم بن يزيد أن عمر بن الخطاب قال في الرجل يطلق امرأته وهو مريض قال : ترثه ولا يرثها وقال ربيعة مثله والليث أيضا مثله يزيد بن عياض عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن مجاهد بن جبير أنه كان يقول إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض قبل أن يدخل بها فلها ميراثها منه وليس لها إلا نصف الصداق مخرمة بن بكير عن أبيه قال : يقال إذا طلق الرجل امرأته ثلاث تطليقات قبل أن يمسها وقد فرض لها فطلقها وهو وجع أنها تأخذ نصف صداقها وترثه قال : قال ربيعة : إذا طلق وهومريض ثم صح صحة يشك فيها قال : إن صح صحة حتى يملك ماله انقطع ميراثها وإن تماثل ونكس من مرضه ورثته امرأته يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل يكون به مرض لا يعاد منه رمد أو جرب أو ريح أو لقوة أو فتق أيجوز طلاقه ؟ قال ابن شهاب : إن أبت الطلاق فيما ذكرت من الوجع فإنها لا ترثه قال يونس ثم قال ربيعة إنهما يتوارثان إذا كان مرض مخوف يونس عن ربيعة أنه قال في رجل أمر امرأته أن تعتد وهو صحيح ثم مرض وهي في عدتها ثم مات قبل أن صح وقد انقضت عدتها قيل أن يموت وكيف إن أحدث لها طلاقا في مرضه أو لم يحدث أترثه وتعتد منه ؟ قال : لا ميراث لها إلا أن يكون راجعها ثم طلقها فإن راجعها ثم طلقها في مرضه فلها الميراث وإن انقضت عدتها إذا مات من ذلك المرض وليس عليها عدة إلا ما حلت منه من الطلاق
وقال عبدالرحمن بن القاسم : بلغني عن بعض أهل العلم في رجل تزوج امرأة ودخل بها ثم تزوج أخرى فلم يدخل بها فطلق إحداهما تطليقة ثم هلك الرجل قبل أن تنقضي عدتها ولم يعلم أيتهما المطلقة المدخول بها أم التي لم يدخل بها قال : أما التي قد دخل بها فصداقها لها كاملا ولها ثلاثة أرباع الميراث وأما التي لم يدخل بها فلها ثلاثة أرباع الصداق وربع الميراث لأنها إن كانت التي لم يدخل بها هي المطلقة فلها نصف الصداق ثم تقاسم الورثة النصف الصداق الآخر بالشك لأنها تقول صاحبتي المطلقة ويقول الورثة بل أنت المطلقة فتنازعا النصف الباقي فلا بد من أن يقتسما بينهما وأما الميراث فإن التي قد دخل بها تقول لصاحبتها أرأيت لو كنت أنا المطلقة حقا واحدة ألم يكن لي نصف الميراث فأسلميه إلى فيسلم إليها ثم يكون النصف الباقي بينهما نصفين لأنه لا يدري أيتهما طالق ولأنهما يتنازعانه بينهما فلا بد من أن يقسم بينهما وإن كان طلقها البتة فإنه يكون للتي قد دخل بها الصداق كاملا ونصف الميراث ويكون للأخرى التي لم يدخل بها ثلاثة أرباع الصداق ونصف الميراث لأن الميراث إنما وقع بطلاق البتة وقالت كل واحدة منهما هو لي وأنت المطلقة ولم تكن للورثة الحجة عليها لأن الميراث أيتهما حلت به فهو لها كله وكانت أحق به من الورثة فلا بد من أن يقسم بينهما وأما الصداق فإن التي قد دخل بها قد استوجبت صداقها كلها وأما التي لم يدخل بها فلها النصف إن كالت هي المطلقة لا شك فيه وتقاسم الورثة الباقي بالشك فكلما يرد عليك من هذا الوجه فقسه على هذا وهو كله رأي وان طلقها واحدة فانقضت عدتها التي دخل بها قبل أن يموت فهو مثل ما وصفت لك في البتة
قلت : أرأيت إن تزوج امرأة وأمها في عقدة مفترقة ولا يعلم أيتهما أول وقد دخل بهما أو لم يدخل بهما حتى مات ولا يعلم أيتهما أول ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن كان قد دخل بهما فلا بد من الصداق الذي سمى لكل واحدة منهما ولا ميراث لهما وإن كان لم يدخل بهما فلا بد من صداق واحدة فيما بينهما يتوازعانه بينهما والميراث فيما بينهما وإن كان صداقهما الذي سمى مختلفا صداق واحدة أكثر من صداق أخرى لم يعط النساء أقل من الصداقين ولا أكثر الصداقين ولكن النصف من صداق كل واحدة الذي سمى لها لأن المنازعة في الأقل من الصداقين أو الأكثر من الصداقين صار بين النساء وبين الورثة قلت : وكذلك إن مات وترك خمس نسوة ولا يعلم أيتهن الخامسة ؟ قال : نعم

في الشهادات
قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلين شهدا على رجل أنه طلق إحدى نسائه هؤلاء الأربع وقالوا نسيناها ؟ قال : أرى شهادتهما لا تجوز إذا كان منكرا ويحلف بالله ما طلق واحدة منهن قلت : أرأيت إن قالوا نشهد أنه قال إحدى نسائي طالق ؟ يقال للزوج إن كنت نويت واحدة بعينها فذلك لك وإلا طلقن عليك كلهن قال : ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي قلت : أرأيت إن شهد شاهد على رجل بتطليقة وشهد آخر على ثلاث ؟ قال : قال مالك : يحلف على البتات فإن حلف لزمته تطليقة وإن لم يحلف سجن حتى يحلف وكان مرة يقول إذا لم يحلف طلقت عليه البتة وسمعته منه ثم رجع إلى أن قال : يسجن حتى يحلف قلت : واحدة لازمة في قول مالك إن حلف وإن لم يحلف ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن شهد أحدهما على رجل أنه قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار وأنه قد دخل الدار وشهد الآخرأنه قال لامرأته أنت طالق إن كلمت فلانا وأنه قد كلمه أتطلق عليه أم لا ؟ قال : قال مالك : لا تطلق عليه وفي قول مالك يلزم الزوج اليمين أنه لم يطلق ويكون بحال ما وصفت لك إن أبى اليمين سجن وفي قوله الأول إن أبى اليمين طلقت عليه قال مالك : وكذلك هذا في الحرية مثل ما وصفت لك في الطلاق وأيمانه اليمين في الحرية وفي الطلاق سواء يسجن قال مالك : وإن شهد عليه واحد أنه طلقها يوم الخميس بمصر في رمضان وشهد الآخر أنه طلقها يوم الجمعة بمكة في ذي الحجة أنها طالق وكذلك هذا في الحرية قال : وإذا شهد عليه أحدهما أنه قال في رمضان إن دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي طالق وشهد الآخر أنه قال في ذي الحجة : إن دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي طالق وشهدا عليه أنه قد دخلها من بعد ذي الحجة فهي طالق ولا تبطل شهادتهما لاختلاف المواضع التي شهدا فيها على يمينه وتطلق عليه امرأته إذا شهدا عليه بالدخول أو شهد عليه بالدخول غيرهما إذأ كان دخوله بعد ذي الحجة لأن اليمين إنما لزمته بشهادتهما جميعا
فإن شهدا عليه جميعا في مجلس واحد أنه قال إن دخلت دارعمرو بن العاص فامرأتي طالق وشهد أحدهما أنه دخلها في رمضان وشهد الآخر أنه دخلها في ذى الحجة ؟ قال : لم أسمع في هذا من مالك شيئا وأرى أن تطلق عليه لأنهما قد شهدا على دخوله وإنما حنثه بدخوله فقد شهدا على الدخول فهو حانث وإنما مثل ذلك عندى مثل ما لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته أن لا يكلم إنسانا فاستأدت عليه امرأته فزعمت أنه كلم ذلك الرجل فأقامت عليه شاهدين فشهد أحدهما أنه رآه يكلمه في السوق وشهد الآخر أنه رآه يكلمه في المسجد فشهادتهما جائزة عليه وكذا هذا في العتاقة وإنما الطلاق حق من الحقوق وليس هو حدا من الحدود قلت : أرأيت إن شهد عليه أحدهما أنه قال لامرأته أنت طالق البتة وشهد الآخر أنه قال لامرأته : أنت علي حرام ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى شهادتهما جائزة وأراها طالقا لأنهما جميعا شهدا على الزوج بكلام هو طلاق كله وإنما مثل رجل شهد فقال : أشهد أنه قال لامرأته أنت طانق ثلاثا وقال الشاهد الآخر أشهد أنه قال لامرأته أنت طالق البتة فذلك لازم للزوج وشهادتهما جائزة قلت : أرأيت إن شهد أحدهما بخلية وشهد الآخر ببريئة أو بائن ؟ قال : ذلك جائز على الزوج وتطلق عليه قال : وقال مالك : وقد تختلف الشهادة في اللفظ ويكون المعنى واحدا فإذا كان المعنى واحدا رأيتها شهادة جائزة
قلت : أرأيت لو أن شاهدا شهد فقال : أشهد أنه طلق ثلاثا البتة وقال الآخر : أشهد أنه قال : إن دخلت الدار فهي طالق وأنه قد دخلها وشهد معه على الدخول رجل آخر ؟ فقال : لا تطلق هذه عليه هذا شاهد على فعل وهذا شاهد على إقرار ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل شهد عليه رجل أنه طلق امرأته بإفريقية ثلاثا وشهد آخر أنه طلقها بمصر ثلاثا وشهد آخر أنه طلقها بالمدينة ثلاثا لا يشهد رجل منهم على شهادة صاحبه هل يفعل بهم شيئا ؟ قال : لا قلت : فهل تنتزع منه امرأته ؟ قال : نعم يونس عن ربيعة أنه قال في نفر ثلاثة شهدوا على رجل بثلاث تطليقات يشهد كل رجل منهم على واحدة ليس معه صاحبه فأمر الرجل أن يحلف أو يفارق فإن أبى أن يحلف وقال إن كانت على شهادة تقطع حقا فأنفذها قال : أرى أن يفرق بينه وبينها وأن تعتد عدتها من يوم يفرق بينهما وذلك لأني لا أدري عن أي شهادات النفر نكل فعدتها من اليوم الذي نكل فيه يونس عن أبي الزناد وابن شهاب في رجل شهد عليه رجال مفترقون على طلاق واحد بثلاث وآخر باثنين وآخر بواحدة قالا : ذهبت منه بتطليقتين
قلت : أ تجوز الشهادة على الشهادة في الطلاق في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وتجوز شهادة الشاهد في قول مالك ؟ قال : لا تجوز إلا شاهدان على شاهد قول مالك ولا يجوز أن يشهد شاهد على شاهد ويحلف المدعي مع الشاهد على شهادة ذلك الشاهد الذي أشهده ؟ قال : لا يحلف في قول مالك لأنها ليست بشهادة رجل تامة إنما هي بعض شهادة فلا يحلف معها المدعي قلت : وتجوز الشهادة على الشهادة في قول مالك في الحدود والفرية ؟ قال : قال لي مالك الشهادة على الشهادة جائزة في الحدود والطلاق والفرية وفي كل شيء من الأشياء الشهادة على الشهادة فيه جائزة في قول مالك وكذلك قال لي مالك قلت : فهل تجوز شهادة الأعمى في الطلاق ؟ قال : نعم إذا عرف الصوت قال ابن القاسم : فالرجل يسمع جاره من وراء حائط ولا يراه يسمعه يطلق امرأته فيشهد عليه وقد عرف صوته قال : قال مالك شهادته جائزة وقال ذلك علي بن أبي طالب والقاسم بن محمد وشريح الكندي والشعبي وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد وربيعة وإبراهيم النخعي ومالك والليث قلت : أرأيت المحدود في القذف أتجوز شهادته في الطلاق ؟ قال : قال مالك : نعم تجوز شهادته إذا ظهرت توبته وحسنت حاله قال : وأخبرني بعض إخواننا أنه قيل لمالك في الرجل الصالح الذي هو من أهل الخير يقذف فيجلد فيما يقذف أتجوز شهادته بعد ذلك وعدالته وقد كان من أهل الخير قبل ذلك ؟ قال : إذا ازداد درجة إلى درجته التي كان فيها قال : ولقد كان عمر بن عبد العزيز عندنا ههنا رجلا صالحا عدلا فلما ولي الخلافة ازداد وارتفع وزهد في الدنيا وارتفع إلى فوق ما كان فيه فكذلك هذا
يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : أجاز عمر بن الخطاب شهادة من تاب من الذين جلدوا في المغيرة بن شعبة وأجازها عبد الله بن عبيد وعمر بن عبد العزيز والشعبي وسليمان بن يسار وابن قسيط وابن شهاب وربيعة ويحيى بن سعيد وسعيد بن المسيب وشريح وعطاء بن أبي رباح
قلت : أرأيت أهل الذمة هل تجوز شهادة بعضهم على بعض في شيء من الأشياء في قول مالك ؟ قال : لا وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وعطاء بن أبي رباح والشعبي لا تجوز شهادة ملة على ملة وقال عبد الله بن عمر لا تجوز شهادة أهل الملل بعضهم على بعض وتجوزشهادة المسلمين عليهم قلت : أتجوز شهادة نساء أهل الذمة في الولادة في قول مالك ؟ قال : لا قلت : أرأيت لو أن رجلين شهدا على رجل أنه أمرهما أن يزوجاه فلانة وأنهما قد زوجاه وهو يجحد ؟ قال : قال مالك : لا تجوز شهادتهما عليه لأنهما خصمان في قول مالك قلت : وكذلك إن شهدا أنه أمرهما أن يبيعا له بيعا وأنهما قد فعلا والرجل ينكر ذلك قال : نعم لا تجوز شهادتهما عليه في قول مالك لأنهما خصمان قلت : أرأيت إن قال : قد أمرتهما أن يبتاعا لي عبد فلان وأنهما لم يفعلا وقالا : قد فعلنا قد ابتعناه لك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن القول قولهما أنهما قد ابتاعا العبد لأنه قد أقر أنه أمرهما بذلك فالقول قولهما قلت : أرأيت إن شهد أحدهما أنه قالت له امرأته طلقني على ألف درهم وأنه قد طلقها وشهد الآخر أنها قالت له طلقني على عبدي فلان وأنه قد طلقها ؟ قال : قد اختلفا فلا تجوز شهادتهما في قول مالك قلت : أرأيت شهادة النساء في الطلاق ؟ قال : قال مالك : لا تجوز شهادة النساء في شيء من الأشياء إلا في حقوق الناس الديون والأموال كلها حيث كانت وفي القسامة إذا كانت خطأ لأنها مال وفي الوصايا إذا كن إنما يشهدن على وصية مال قال : ولا تجوز على العتق ولا على شيء إلا ما ذكرت لك مما هو مال مما يغيب عليه النساء من الولادة والاستهلال والعيوب وآثار هذا مكتوب في كتاب الشهادات قلت : أرأيت الاستهلال أتجوز فيه شهادة النساء أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : شهادة امرأتين في الاستهلال جائزة قلت : أرأيت كم يقبل في الشهادة على الولادة من النساء ؟ قال : قال مالك : شهادة امرأتين قلت : ولا تقبل شهادة المرأة الواحدة على الولادة ؟ قال : قال مالك : لا تقبل امرأة واحدة في شيء من الأشياء مما تجوز فيه شهادة النساء وحدهن
قلت : أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه أعتق عبده هذا والعبد ينكر والسيد ينكر ؟ قال : لا أقوم على حفظ قول مالك وأراه حرا لأنه ليس له أن يرق نفسه

في السيد يشهد على عبده بطلاق امرأته
قال عبدالرحمن بن القاسم في الرجل يشهد على عبده أنه طلق امرأته أيجوز شهادة سيده والعبد ينكر ؟ قال : لا تجوز شهادته لأنه يفزع عبده ويزيد في ثمنه وهو متهم ولم أسمعه من مالك قلت : وسواء إن كانت الأمة للسيد أو لغير السيد ؟ قال : نعم سواء قال : وقال مالك في رجل شهد على عبده أنه طلق امرأته هو ورجل آخر والعبد ينكر أن شهادته لا تجوز لأنه زيد في ثمنه فهو متهم فلا تجوز شهادتهما ولم أسمعه من مالك
قلت : وسواء كانت الأمة له أو لغيره أو كانت حرة ؟ قلت : أرأيت رجلا قال لامرأته أنت طالق إن كنت دخلت دار فلان ثم أقر بعد ذلك عند شهود أنه قد دخل دار فلان ثم قال : قد كنت كاذبا فشهد عند القاضي عليه به الشهود قال يطلقها عليه بذلك السلطان
قلت : ولا ينفعه إنكاره بعد الإقرار ؟ قال : نعم لا ينفعه إنكاره بعد الإقرار قال : وقال لي مالك لو أن رجلا أقر أنه قد فعل شيئا أو فعل به ثم حلف بعد ذلك بطلاق امرأته البتة أنه ما فعل ذلك ولا فعل به ثم قال : كنت كاذبا وما أقررت بشيء فعلته صدق وحلف ولم يكن عليه شيء ولو أقر بعدما شهد عليه الشهود بأنه فعله لزمه الحنث
قلت : أرأيت إن لم يشهد عليه الشهود وكفوا عن الشهادة عليه أيسعه فيما بينه وبين الله أن تقيم معه امرأته وقد كان كاذبا في مقالته قد دخلت دار فلان ؟ قال : نعم يسعه أن يقيم عليها فيما بينه وبين خالقه قلت : وهذا كله قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن لم يسمع هذا الإقرار منه أحد إلا امرأته ثم قال لها كنت كاذبا أيسعها أن تقيم معه ؟ قال : لا أرى أن تقيم معه إلا أن لا تجد بينة ولا سلطانا يفرق بينهما وهي بمنزلة امرأة قال لها زوجها أنت طالق ثلاثا وليس لها عليه شاهد فجحدها قلت : أرأيت إذا قال لها أنت طالق ثلاثا فجحدها ؟ قال : قال مالك : لا تتزين له ولا يرى لها شعرا ولا صدرا ولا وجها إن قدرت على ذلك ولا يأتيها إلا وهي كارهة ولا تطاوعه قلت : فهل ترفعه إلى السلطان ؟ قال : قال مالك : إذا لم يكن لها بينة ما ينفعها أن ترفعه إلى السلطان قلت : لا ينفعها أن ترفعه إلى السلطان وليس لها أن تستحلفه ؟ قال : قال مالك : لا يستحلف الرجل إذا ادعت المرأة الطلاق عليه إلا أن تقيم شاهدا واحدا فإذا أقامت شاهدا حلف الزوج على دعواها وكانت امرأته وقال مالك في الرجل يطلق امرأته في السفر ثم يشهد عليه بذلك رجال ثم يقدم قبل قدوم القوم فيدخل على امرأته فيصيبها ثم يقدم الشهود فيسألون عنه فيخبرون بقدومه ودخوله على امرأته فيرفعون ذلك إلى الإمام ويشهدون عليه فينكر ذلك وهم عدول ويقر بالوطء بعد قدومه قال : قال مالك : يفرق بينهما ولا شيء عاليه
الليث عن يحيى بن سعيد مثله قال يحيى ولا ضرب جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الأزدي عن شريح الكندي مثله ولم يحدهما يونس عن ربيعة مثله قلت لابن القاسم : ولم لم يحلفه مالك إذا لم يكن لها شاهد ؟ قال : لأن ذلك لو جاز للنساء على أزواجهن لم تشأ امرأة أن تتعلق بزوجها بشهرة في الناس إلا فعلت ذلك قلت : وإذا أقامت شاهدا واحدا لم لا تحلف المرأة مع شاهدها ويكون طلاقا في قول مالك ؟ قال : لا ولا تحلف المرأة في الطلاق مع شاهدها قال : قال مالك : لايحلف من له شاهد فيستحق بيمينه مع الشاهد في الطلاق ولا في الحدود ولا في النكاح ولا في الحرية ولكن في حقوق الناس يحلف مع شاهده وكذلك في الجراحات كلها خطئها وعمدها يحلف مع شاهده بيمين واحد فيستحق ذلك إن كان عمدا اقتص وإن كان خطأ أخذ الدية وفي النفس تكون القسامة مع شاهده خطأ كان القتل أو عمدا ويستحق مع ذلك القتل أو الدية ولا يقسم في العمد إلا الاثنان فصاعدا من الرجال
يونس عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلق امرأته البتة عند رجلين وامرأته حاضرة ثم أقبلا فوجداه عندها فأتيا السلطان فأخبراه وهما عدلان فأنكر الرجل وامرأته ما قالا قال ابن شهاب نرى أن يفرق بينهما بشهادة الرجلين ثم تعتد حتى تحل ثم لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره عقبة بن نافع قال سئل يحيى بن سعيد عن الرجل يطلق امرأته ويشهد على طلاقه ثم يكتم هو والشهود ذلك حتى تنقضي عدتها ثم تحضره الوفاة فيذكر الشهداء طلاقه إياها قال : يعاقبون ولا تجوز شهادتهم إذا كانوا حضورا ولامرأته الميراث قلت : أرأيت إن ادعى رجل قبل امرأة النكاح وأنكرت المرأة أيكون له عليها اليمين وإن أبت اليمين جعلته زوجها ؟ قال : لا أرى إباءها اليمين مما يوجب له النكاح عليها ولا يكون النكاح إلا ببينة لأن مالكا قال في امرأة تدعي على زوجها أنه قد طلقها قال : لا أرى أن يحلف إلا أن تأتي بشاهد واحد قلت : فإن أتت بشاهد واحد فأبى أن يحلف أتطلق عليه أم لا ؟ قال : لا ولكن أرى أن يسجن حتى يحلف أو يطلق ؟ فقلنا لمالك فإن أبى أن يحلف قال فأرى أن يحبس أبدا حتى يحلف أو يطلق ورددناها عليه في أن يمضى عليه الطلاق فأبى قال ابن القاسم : وقد بلغني عنه أنه قال : إذا طال ذلك من سجنه خلي بينه وبينها وهو رأيي وإن لم يحلف فلما أبى مالك أن يحلف الزوج إذا ادعت المرأة قبله الطلاق إلا أن تأتي المرأة بشاهد واحد فكذلك النكاح عندى إذا ادعى قبلها نكاحا لم أر له عليها اليمين
قلت : أرأيت إن أقام الزوج على المرأة شاهدا واحدا أنها امرأته وأنكرت المرأة ذلك أيستحلفها له مالك ويحبسها كما صنع بالزوج في الطلاق ؟ قال : لا أحفظها عن مالك ولا أرى أن تحبس ولا أرى إباءها اليمين وإن أقام الزوج شاهدا واحدا أنه يوجب له النكاح عليها ولا يوجب له النكاح عليها إلا بشاهدين قلت : أرأيت إن ادعت المرأة على زوجها أنه طلقها وقالت استحلفه لي ؟ قال مالك : لا نحلفه لها إلا أن تقيم المرأة شاهدا واحدا قلت : أرأيت إذا لم يكن لها شاهد أتخليها وإياه في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت المرأة تدعي طلاق زوجها فتقيم عليه امرأتين أيحلف لها أم لا ؟ قال : قال مالك : إن كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه أي في الحقوق رأيت أن يحلف الزوج وإلا لم يحلف قلت : أرأيت إن أقامت شاهدا واحدا على الطلاق ؟ قال : قال مالك : يحال بينه وبينها حتى يحلف قلت : فالذي وجبت عليه اليمين في الطلاق يحال بينه وبين امرأته حتى يحلف في قول مالك أم لا ؟ قال : نعم في قول مالك

كتاب النكاح الأول

نكاح الشغار
قلت لعبدالرحمن بن القاسم : أرأيت إن قال : زوجني مولاتك وأزوجك مولاتي ولا مهر بينهما أهذا من الشغار عند مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قال : زوجنى ابنتك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بمائة دينار ؟ قال : سئل مالك عن رجل قال :
زوجني ابنتك بخمسين دينارا على أن أزوجك ابنتي بمائة دينار فكرهه مالك ورآه من وجه الشغار قلت : أرأيت إن قلت لرجل زوجني أمتك بلا مهر وأنا أزوجك أمتي بلا مهر ؟ قال : قال ما مالك : الشغار بين العبيد مثل الشغار بين الأحرار وأرى أن يفسخ وإن دخل بها فهذا يدلك على أن مسألتك شغار ألا ترى أنه لو قال : زوجني أمتك بلا مهر على أن أزوجك أمتي بلا مهر أو قال : زوج عبدي أمتك بلا مهر على أن أزوج عبدك أمتى بلا مهر أن هذا كله سواء وهو شغار كله قلت : أرأيت نكاح الشغار إذا وقع فدخلا بالنساء وأقاما معهما حتى ولدتا أولادا أيكون ذلك جائزا أم يفسخ ؟ قال : قال مالك : يفسخ على كل حال قلت : وإن رضي النساء بذلك فهو شغار عند مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت نكاح الشغار أيقع عليها طلاقه قبل أن يفرق بينهما أم يكون بينهما الميراث أم يكون فسخ السلطان نكاحهما طلاقا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وقد أخبرتك أن كل ما اختلف الناس فيه من النكاح حتى أجازه قوم وكرهه قوم فإن أحب ما فيه إلي أن يلحق فيه الطلاق ويكون فيه الميراث وقد روى القاسم وابن وهب وعلى بن زياد عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته لرجل على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق ابن وهب عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ لا شغار في الإسلام ] بن وهب عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال : كان يكتب في عهود السعاة أن ينهوا أهل عملهم عن الشغار والشغار أن ينكح الرجل امرأة وينكحه الآخر امرأة بضع إحداهما ببضع الأخرى بغير صداق وما يشبه ذلك قال ابن وهب وسمعت مالكا يقول في الرجل ينكح الرجل المرأة على أن ينكحه الآخر امرأة ولا مهر لواحدة منهما ثم يدخلا بهما على ذلك قال مالك : يفرق بينهما قال : وقال مالك : وشغار العبدين مثل شغار الحرين لا ينبغي ولا يجوز
قال سحنون والذي عليه أكثر رواة مالك أن كل عقد كانا مغلوبين على فسخه ليس لأحد إجازته فالفسخ فيه ليس بطلاق ولا ميراث فيه وقد ثبت من نهي رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن الشغار وما لا يحتاج فيه إلى حجة
قلت : أرأيت لو قال : زوجني ابنتك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بمائة دينار أن دخلا أيفرق بينهما ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا يفرق بينهما إن دخلا وأرى أن يفرض لكل واحدة صداق مثلها لأن هذين قد فرضا والشغار الذي نهى عنه هو الذي لا صداق فيه قلت : أرأيت إن كان صداق كل واحدة أقل مما سميا ؟ قال : يكون لهما الصداق الذي سميا إن كان الصداق أقل مما سميا قلت : ولم أجزته حين دخل كل واحد منهما بامرأته ؟ قال : لأن كل واحد منهما تزوج امرأته بما سميا من الدنانير وبضع الأخرى والبضع لا يكون صداقا فلما اجتمع في الصداق ما يكون مهرا وما لا يكون مهرا أبطلنا ذلك كله وجعلنا لها صداق مثلها ألا ترى أنه لو تزوجها بمائة دينار وثمر لم يبد وصلاحه إن أدركته قبل أن يدخل بها فسخت هذا النكاح فإن دخل بها قبل أن يفسخ كان لها مهر مثلها ولم يلتفت إلى ما سمياه من الدنانير والثمرة التي لم يبد وصلاحها وجعل لها مهر مثلها إلا أن يكون مهرمثلها أقل مما نعدها فلا ينقص منه شيئا ألا ترى لو أن رجلا تزوج امرأة بمائة دينار نقدا وبمائة دينار إلى موت أو فراق ثم كان صداق مثلها أقل من المائة لم ينقص من المائة فهذا مثله عندي ألا ترى أن الرجل إذا خالع امرأته على حلال وحرام أبطل الحرام وأجيز منه الحلال ولم يكن للزوج غير ذلك فإن كان إنما خالعها على حرام كله مثل الخمر والخنزير والربا فالخلع جائز ولا يكون للزوج منه شيء ولا يتبع المرأة منه بشيء وإن كان خالعها على ثمر لم يبد صلاحه أو عبد لها آبق أو جنين في بطن أمه أو البعير الشارد جاز ذلك وكان له أخذ الجنين إذا وضعته أمه وأخذ الثمر وطلب العبد الآبق والبعير الشارد وكذلك بلغني عن مالك وهو رأيي
قلت : أرأيت إن قال : زوجني ابنتك بمائة دينارعلى أن أزوجك ابنتي بلا مهر ففعلا ووقع النكاح على هذا ودخل كل واحد منهما بامرأته ؟ قال : أرى أن يجاز نكاح الذي سمى لها المهر ويكون لها مهر مثلها ويفسخ نكاح التي لم يسم لها صداق دخل بها أو لم يدخل بها قال : وقال مالك : والشغار إذا دخل بها فسخ النكاح ولا يقيم على النكاح على حال دخل لها أو لم يدخل ويفرض لها صداق مثلها ويفرق بينهما قال مالك : وشغار العبيد كشغار الأحرار قال : فقلنا لمالك : فلو أن رجلا زوج ابنته رجلا بصداق مائة دينارعلى أن زوجه الآخر ابنته بصداق خمسين دينار ؟ قال مالك : لا خير في ذلك ورآه من وجه الشغار قال ابن القاسم : ويفسخ هذا النكاح ما لم يدخلا فإن دخلا لم يفسخ وكان للمرأتين صداق مثلهما قلت : أرأيت هاتين المرأتين أيجعل لهما الصداق الذي سميا أم يجعل لهما صداق مثلهما لكل واحدة منهما صداق مثلها ؟ قال : قال لي مالك في الشغار يفرض لكل واحدة منهما صداق مثلها إذا وطئها فأرى هذا أيضا من الوجه الذي يفرض لهما صداق مثلهما ولا يلتفت إلى ما سميا قال سحنون : إلا أن يكون ما سميا أكثر فلا ينقصا من التسمية

إنكاح الأب ابنته بغير رضاها
قلت : أرأيت إن ردت الرجال رجلا بعد رجل تجبر على النكاح أم لا ؟ قال : لا تجبر على النكاح ولا يجبر أحد أحدا على النكاح عند مالك إلا الأب في ابنته البكر وفى ابنه الصغير وفي أمته وعبده والولي في يتيمه قال : ولقد سأل رجل مالكا وأنا عنده فقال له : إن لي ابنة أخ وهي بكر وهي سفيهة وقد أردت أن أزوجها من يحصنها ويكفلها فأبت قال مالك : لا تزوج إلا برضاها قال : إنها سفيهة في حالها قال مالك : وإن كانت سفيهة فليس لك أن تزوجها إلا برضاها قلت : أرأيت إذا زوج الصغيرة أبوها بأقل من مهر مثلها أيجوز ذلك عليها في قول مالك ؟ قال : سمعت مالكا يقول يجوز عليها إنكاح الأب فأرى أنه إن زوجها الأب بأقل من مهر ومثلها أو بأكثر فإن ذلك جائز إذا كان إنما زوجها على وجه النظر لها قال : ولقد سألنا مالكا امرأة ولها ابنة في حجرها وقد طلق الأم زوجها عن ابنة له منها فأراد الأب أن يزوجها من ابن أخ له فأبت فأتت الأم إلى مالك فقالت له إن لي ابنة وهي موسرة مرغوب فيها وقد أصدقت صداقا كثيرا فأراد أبوها أن يزوجها من ابن أخ له معدما لا شيء له افترى أن أتكلم ؟ قال : نعم إني لأرى لك في ذلك متكلما قال ابن القاسم : فأرى أن إنكاح الأب إياها جائز عليها إلا ن يأتي من ذلك ضرر فيمنع من ذلك
قلت : أرأيت لو أن رجلا زوج ابنته بكرا فطلقها زوجها قبل أن يبني بها أو مات عنها أيكون للأب أن يزوجها البكر في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وإن بنى بها فطلقها أو مات عنها ؟ قال : قال مالك : إذا بنى بها فهي أحق بنفسها قال ابن القاسم : ولها أن تسكن حيث شاءت إلا أن يخاف عليها الضيعة والمواضع السوء أويخاف عليها من نفسها وهواها فيكون للأب أو للولي أن يمنعها من ذلك قلت : أرأيت إن زنت فحدت أو لم تحد أيكون للأب أن يزوجها كما يزوج البكر في قول مالك ؟ قال : نعم في رأيي قلت : فإن زوجها تزويجا حراما فدخل بها زوجها فجامعها ثم طلقها أو مات عنها ولم يتباعد ذلك أيكون للأب أن يزوجها كما يزوج البكر في قول مالك ؟ قال : أرى أنه ليس له أن يزوجها كما يزوج البكرلأنها إنما افتضها زوج وإن كان نكاحا فاسدا ألا ترى أنه نكاح يلحق فيه الولد ويدرأ به الحد ؟ قال مالك : وتعتد منه في بيت زوجها الذي كانت تسكن فيه وجعل العدة فيه كالعدة في النكاح الحلال فهذا يدلك على خلاف الزنا في تزويج الأب إياها قلت : أرأيت الجارية يزوجها أبوها وهي بكر فيموت عنها زوجها أو يطلقها بعدما دخل بها فقالت الجارية ما جامعني وكان الزوج أقر بجماعها أيكون للأب أن يزوجها كما يزوج البكر ثانية أم لا في قول مالك ؟ قال : سألت مالكا عن الرجل يتزوج المرأة ويدخل بها ويقيم معها ثم يفارقها قبل أن يمسها فترجع إلى أبيها أهي في حال البكر في تزويجه إياها ثانية أم لا يزوجها أبوها إلا برضاها ؟ قال : قال مالك : أما التي قد طالت إقامتها مع زوجها وشهدت مشاهد النساء فإن تلك لا يزوجها إلا برضاها وإن لم يصبها زوجها وأما إذا كان الشيء القريب فإني أرى له أن يزوجها قال : فقلت لمالك فالسنة ؟ قال : لا أرى أن يزوجها وأرى أن السنة طول إقامة فمسألتك هكذا إذا أقرت أنه لم يطأها وكان أمرا قريبا جاز إنكاح الأب عليها لأنها تقول أنا بكر وتقر بأن صنيع الأب جائز عليها ولا يضرها ما قال الزوج من وطئها وإن كان قد طالت إقامتها فلا يزوجها إلا برضاها أقرت بالوطء أو لم تقر
قلت : أرأيت المرأة الثيب التي قد ملكت أمرها إذا خاف الأب عليها الفضيحة من نفسها أو الولي أيكون له أن يضمها إليه وإن أبت أن تنضم إليه ؟ قال : نعم تجبر على ذلك وللولي أو الأب أن يضماها إليهما وهذا رأيي قلت : أرأيت إذا احتلم الغلام أيكون للوالد أن يمنعه أن يذهب حيث شاء ؟ قال : قال مالك : إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء وليس للوالد أن يمنعه قال ابن القاسم : إلا أن يخاف من ناحيته سفها فله أن يمنعه

في رضا البكر والثيب
قلت : أرأيت البكر إن قال لها : أنا أزوجك من فلان فسكتت فزوجها وليها أيكون هذا رضا منها بما صنع الولي ؟ قال : قال مالك : نعم هذا من البكر رضا وكذلك سمعت من مالك قال سحنون : وقال غيره من رواة مالك وذلك إذا كانت تعلم أن سكوتها رضا قلت : فالثيب أيكون إذنها سكوتها ؟ قال : لا إلا أن تتكلم وتستخلف الولي على إنكاحها قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : نعم هذا قول مالك قلت : أرأيت الثيب إذا قال لها والدها إني مزوجك من فلان فسكتت فذهب الأب فزوجها من ذلك الرجل أيكون سكوتها ذلك تفويضا منها إلى الأب في إنكاحها من ذلك الرجل أم لا ؟ قال : تأويل الحديث الأيم أحق بنفسها إن سكوتها لا يكون رضا والبكر تستشار في نفسها وإذنها صماتها وإن السكوت إنما يكون جائزا في البكر إن قال الولي إني مزوجك من فلان فسكتت ثم ذهب فزوجها منه فأنكرت أن التزويج لازم لها ولا ينفعها إنكارها بعد سكوتها وكذلك قال مالك في البكرعلى ما أخبرتك
ابن وهب قال : أخبرني السري بن يحيى عن الحسن البصري أنه حدثه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم زوج عثمان بن عفان ابنتيه ولم يستشرهما ابن وهب وأخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال : لا يكره على النكاح إلا الوالد فإنه يزوج ابنته إذا كانت بكرا قال ابن القاسم : ولقد سمعت أن مالكا كان يقول في الرجل يزوج أخته الثيب أو البكر ولا يستأمرها ثم تعلم بذلك فترضى فبلغني أن مالكا مرة كان يقول إن كانت المرأة بعيدة عن موضعه فرضيت إذا بلغها لم أر أن يجوز وإن كانت معه في البلد فبلغها ذلك فرضيت جاز ذلك فسألنا مالكا ونزلت بالمدينة في رجل زوج أخته ثم بلغها فقالت : ما وكلت ولا أرضى ثم كلمت في ذلك ورضيت قال مالك : لا أراه نكاحا جائزا ولا يقام عليه حتى يستأنف نكاحا جديدا إن أحبت
قال : وسألنا مالكا عن الرجل يزوج ابنه الكبير المنقطع عنه أو الابنة الثيب وهي غائبة عنه أو هو غائب عنها فيرضيان بما فعل أبوهما قال مالك : لا يقام على ذلك النكاح ولو رضيا لأنهما لو ماتا لم يكن بينهما ميراث قلت : أرأيت الجارية البالغة التي حاضت وهي بكر لا أب لها زوجها وليها بغير أمرها فبلغها فرضيت أو سكتت فيكون سكوتها رضا ؟ قال : لا يكون سكوتها رضا ولا يزوجها حتى يستشيرها فإن فعل وزوجها بغير مشورتها وكان حاضرا معها في البلد فأعلمها حين زوجها فرضيت رأيت جائزا وإن كان على غير ذلك من تأخير إعلامها بما فعل من تزويجه إياها أو بعد الموضع عنه فلا يجوز ذلك وإن أجازته قال سحنون : فهذا قول مالك الذي عليه أصحابه ابن القاسم وابن وهب وعلي بن زياد عن مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : [ الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها ] قال مالك : وذلك الأمر عندنا في البكر اليتيمة وقالوا عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها أن ذلك لازم لها وقالوا عن مالك إنه بلغه أن القاسم وسالما كانا ينكحان بناتهما الإبكار ولا يستأمرانهن قال مالك : وذلك الأمر عندنا في الإبكار ابن نافع عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبي الزناد عن السبعة أنهم كانوا يقولون الرجل أحق بإنكاح ابنته البكر بغير أمرها وإن كانت ثيبا فلا جواز لأبيها في إنكاحها إلا بإذنها وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن شهاب وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل
ابن وهب عن شبيب بن سعيد التميمي عن محمد بن عمرو بن علقمة يحدث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ اليتيمة تستأمر في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها ] قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز وابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ كل يتيمة تستأمر في نفسها فما أنكرت لم يجز عليها وما صمتت عليه وأقرت جاز عليها وذلك إذنها ] وقال مالك لا تزوج اليتيمة التي يولى عليها حتى تبلغ ولا يقطع عنها ما جعل لها من الخيار وأمر نفسها أنه لا جواز عليها حتى تأذن للحديث الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وكيع عن الفزاري عن الأشعث بن سوار عن ابن سيرين عن شريح قال : [ تستأمر اليتيمة في نفسها فإن معصت لم تنكح وإن سكتت فهو إذنها ] قال سحنون ويدل على أن اليتيمة إذا شوورت في نفسها أنها لا تكون إلا بالغا لأن التي لم تبلغ لا إذن لها فكيف يشاور من ليس له إذن

في وضع الأب بعض الصداق ودفع الصداق إلى الأب
قلت : أرأيت إن زوج ابنته وهي بكر ثم حط من الصداق أيجوز ذلك على ابنته في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يجوز للأب أن يضع من صداق ابنته لبكر شيئا إذا لم يطلقها زوجها ؟ قال ابن القاسم : وأرى أن ينظر في ذلك فإن كان ما صنع الأب على وجه النظر مثل أن يكون الزوج معسرا بالمهر فيخفف عنه وينظره فذلك جائز على البنت لأنه لو طلقها ثم وضع الأب النصف الذي وجب لابنته من الصداق إن ذلك جائز على البنت فأما أن يضع من غير طلاق ولا وجه النظر لها فلا أرى أن يجوز ذلك له ابن وهب عن مالك عن يونس وغيرهما عن ربيعة أنه كان يقول الذي بيده عقدة النكاح هو السيد في أمته والأب في ابنته البكر ابن وهب قال مالك : وسمعت زيد بن أسلم يقول ذلك ابن وهب عن مالك ويونس قال ابن شهاب الذي بيده عقدة النكاح فهي البكر التي يعفو وليها فيجوز ذلك ولا يجوز عفوها هي قال ابن شهاب وقوله تبارك وتعالى : { إلا أن يعفون } فالعفو إليها إذا كانت امرأة ثيبا فهي أولى بذلك ولا يملك ذلك عليها ولي لأنها قد ملكت أمرها فإن أرادت أن تعفو فتضع له من نصفها الذي وجب لها عليه من حقها جاز ذلك لها وإن أرادت أخذه فهي أملك بذلك ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي مثل قول ابن شهاب في المرأة الثيب قال ابن وهب وقال ابن عباس مثل قول ابن شهاب في البكر وقال مالك : لا أراه جائزا لأبي البكر أن يجوز وضيعته إلا إذا وقع الطلاق وكان لها نصف الصداق ففي ذلك تكون الوضيعة فأما قبل الطلاق فإن ذلك لا يجوز لأبيها وكذلك فيما يرى موقعه من القرآن
قلت : أرأيت الثيب إذا زوجها أبوها برضاها فدفع الزوج الصداق إلى أبيها أيجوز ذلك أم لا ؟ قال : سئل مالك عن رجل زوج امرأته وهي ثيب فدفع الزوج الصداق إلى أبيها ولم ترض فزعم الأب أن الصداق قد تلف من عنده قال : قال مالك : يضمن الأب الصداق قلت : أرأيت إن كانت بكرا لا أب لها زوجها أخوها أو جدها أو عمها أو وليها برضاها فقبض الصداق أيجوز ذلك على الجارية أم لا ؟ قال : لا يجوز ذلك على الجارية إلا أن يكون وصيا فإن كان وصيا فإنه يجوز قبضه على الجارية لأنه الناظر لها ومالها في يديه ألا ترى أنها لا تأخذ مالها من الوصي وإنما هو في يديه وإن كانت قد طمثت وبلغت فذلك في يد الوصي عند مالك تتزوج ويؤنس منها الرشد والإصلاح لنفسها في مالها قلت : وما سألتك عنه من أمر البكر أهو قول مالك ؟ قال : نعم قال ابن القاسم : إنما رأيت مالكا يضمن الصداق الأب الذي قبض في ابنته الثيب لأنها لم توكله بقبض الصداق وأنه كان متعديا حين قبض ولم يدفعه إليها حين قبضه فيبرأ منه بمنزلة مال كان لها على رجل فقبضه الأب بغير أمرها فلا يبرأ الغريم والأب ضامن للمرأة أن تتبع الغريم

في إنكاح الأولياء
قلت : أكان مالك يقول إذا اجتمع الأولياء في نكاح المرأة أن بعضهم أولى من بعض ؟ قال : قال مالك : إن اختلف الأولياء وهم في القعدد سواء نظر السلطان في ذلك قال وإن كان بعضهم أقعد من بعض فالأقعد أولى بإنكاحها عند مالك قلت : فالأخ أولى أم الجد ؟ قال : الأخ أولى من الجد عند مالك قلت : فابن الأخ أولى أم الجد في قول مالك ؟ قال : ابن الأخ أولى قلت : فمن أولى بإنكاحها الابن أم الأب ؟ قال : قال مالك : الابن أولى بإنكاحها وبالصلاة عليها
ابن وهب عن ابن شهاب أنه سأله عن المرأة لها أخ وموالي فخطبت فقال : أخوها أولى بها من مواليها قلت : فمن أولى بإنكاحها والصلاة عليها ابن ابنها أم الأب قال : الابن أولى قلت : أرأيت ما يذكر من قول مالك في الأولياء أن الأقعد أولى بإنكاحها أليس هذا إذا فوضت إليهم فقالت زوجوني أو خطبت فرضيت فاختلف الأولياء في إنكاحها وتشاحوا على ذلك ؟ قال : نعم إنما هذا إذا خطبت ورضيت وتشاح الأولياء في إنكاحها فإن للأقرب فالأقرب أن ينكحها دونهم قلت : أرأيت المرأة يكون وألياؤها حضورا كلهم وبعضهم أقعد بها من بعض منهم العم والأخ والجد وولد الولد والولد نفسه فزوجها العم فأنكر ولدها وسائر الأولياء تزويجها وقد رضيت المرأة ؟ قال : ذلك جائز على الأولياء عند مالك قال : وقال مالك في المرأة الثيب لها الأب والأخ فيزوجها الأخ برضاها وأنكر الأب ذلك أذلك له ؟ قال مالك : ليس للأب ههنا قول إذا زوجها الأخ برضاها لأنها قد ملكت أمرها قال : وقال لي مالك : أرأيت المرأة لو قال الأب لا أزوجها لا يكون ذلك له قلت : أرأيت البكر إذا لم يكن لها أب وكان لها من الأولياء من ذكرت لك من الأخوة والأعمام والأجداد وبني الأخوة فزوجها بعض الأولياء وأنكر التزويج سائر الأولياء أيجوز هذا النكاح في قول مالك ؟ قال : سألت مالك عن قول عمر بن الخطاب أو ذي الرأي من أهلها من ذو الرأي من أهلها ؟ قال مالك : الرجل من العشيرة أو ابن العم أو المولى وإن كانت المرأة من العرب فإن إنكاحه إياها جائز قال مالك : وإن كان ثم من هو أقعد منه فإنكاحه إياها جائز إذا كان له الصلاح والفضل إذا أصاب وجه النكاح فكذلك مسألتك
قال سحنون وقال ابن نافع عن مالك إن ذا الرأي من أهلها الرجل من العصبة قال سحنون : وأكثر الرواة يقولون : لا يزوجها ولي وثم أولى منه حاضر فإن فعل وزوج نظر السلطان في ذلك وقال آخرون للأقرب أن يرد أو يجيز إلا أن يتطاول مكثها عند الزوج وتلد منه أولادا لأنه لم يخرج العقد من أن يكون وليه ولي وهذا في ذات المنصب والقدر والولاة وقال بعض الرواة ويدل على ذلك من الكتاب ومن سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ) ( البقرة : 231 ) فالعضل من الولي وأن النكاح يتم برضا الولي المزوج ولا يتم إلا به ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم [ الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها ] وقال أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ واليتيمة تستأذن في نفسها ] وقال عليه السلام في الحديث المحفوظ عنه : [ أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ] فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له فكان معناه من لا ولي له ويكون أيضا أن يكون لها ولي فيمنعها إعضالا لها فإذا منعها فقد أخرج نفسه من الولاية بالعضل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا ضرر ولا ضرار ] فإذا كان ضرر حكم السلطان أن ينفي الضرر ويزوج فكان وليا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت : أرأيت إن كان في أولياء هذه الجارية وهي بكر أخ وجد وابن أخ أيجوز تزويج ذي الرأي من أهلها إياها ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا إذا أصاب وجه النكاح قلت : أرأيت البكر أيجوز لذي الرأي أن يزوجها إذا لم يكن الأب ؟ قال : قال مالك : في تأويل حديث عمر ما أخبرتك فتأويل حديث عمر يجمع البكر والثيب ولم يذكر لنا مالك بكرا من ثيب ولم نشك أن البكر والثيب إذا لم يكن للبكر والد ولا وصي سواء قلت : أرأيت الرجل يغيب عن ابنته البكر أيكون للأولياء أن يزوجوها ؟ قال : قال مالك : إذا غاب غيبة منقطعة مثل هؤلاء الذين يخرجون في المغازي فيقيمون في البلاد التي خرجوا إليها مثل الأندلس أو إفريقية أو طنجة قال : فأرى أن يرفع أمرها إلى السلطان فينظر لها ويزوجها ورواه علي بن زياد عن مالك قلت : أفيكون للأولياء أن يزوجوها بغير أمر السلطان ؟ قال : هكذا سمعت مالكا يقول يرفع أمرها إلى السلطان
قلت : أرأيت إن خرج تاجرا إلى إفريقية أو إلى نحوها من البلدان وخلف بنات أبكارا فأردن النكاح ورفعن ذلك إلى السلطان أينظر السلطان في ذلك أم لا ؟ قال : إنما سمعت مالكا يقول في الذي يغيب غيبة منقطعة فأما من خرج تاجرا وليس يريد المقام بتلك البلاد فلا يهجم السلطان على ابنته البكر فيزوجها وليس لأحد من الأولياء أن يزوجها قال : وهو رأيي لأن مالكا لم يوسع في أنه تزوج ابنة الرجل إلا أن يغيب غيبة منقطعة
قلت : أرأيت إن كانت ثيبا فخطب الخاطب إليها نفسها فأبى والدها أو وليها أن يزوجها فرفعت ذلك إلى السلطان وهو دونها في الحسب والشرف إلا أنه كفء في الدين فرضيت به وأبى الولي ؟ قال : يزوجها السلطان ولا ينظر إلى قول الأب والولي إذا رضيت به وكان كفؤا في دينه قال : وهذا قول مالك قلت : أرأيت إن كان كفؤا في الدين ولم يكن كفؤا في المال فرضيت به وأبى الولي أن يرضى أيزوجها منه السلطان أم لا ؟ قال : لم أسمع منه في ذلك شيئا إلا أني سألت مالكا عن نكاح الموالي في العرب فقال : لا بأس بذلك ألا ترى إلى ما في كتاب الله تبارك وتعالى : { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ( الحجرات : 13 )
قلت : أرأيت إن رضيت بعبد وهي امرأة من العرب وأبى الأب أو الولي أن يزوجها وهي ثيب أيزوجها منه السلطان أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك
قال : ولقد قيل لمالك إن بعض هؤلاء القوم فرقوا بين عربية ومولى فأعظم ذلك إعظاما شديدا وقال أهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء لقول الله في التنزيل { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم } وقال غيره ليس العبد ومثله إذا دعيت إليه إذا كانت ذات المنصب والموضع والقدر مما يكون الولي في مخالفتها عاضلا لأن للناس مناكح قد عرفت لهم وعرفوا بها
قلت : أرأيت البكر إذا خطبت إلى أبيها فامتنع الأب من إنكاحها أول ما خطبت إليه وقالت الجارية وهي بالغة زوجني فأنا أحب الرجال ورفعت أمرها إلى السلطان أيكون رد الأب الخاطب الأول إعضالا لها وترى للسلطان أن يزوجها إذا أبى الأب ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى إن عرف عضل الأب إياها وضرورته إياها لذلك ولم يكن منعه ذلك نظرا إليها رأيت السلطان إن قامت الجارية بذلك وطلبت نكاحه أن يزوجها السلطان إذا علم أن الأب إنما هو مضار في رده وليس بناظر لها لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : [ لا ضرر ولا ضرار ] وإن لم يعرف فيه ضررا لم يهجم السلطان على ابنته في إنكاحها حتى يتبين له الضرر قلت : أرأيت البكر إذا رد الأب عنها خاطبا واحدا أو خاطبين وقالت الجارية في أول من خطبها للأب زوجني فإني أريد الرجال وأبى الأب أيكون الأب في أول خاطب رد عنها معضلا لها ؟ قال : أرى أنه ليس يكره الآباء على إنكاح بناتهم الأبكار إلا أن يكون مضارا أو معضلا لها فإن عرف ذلك منه وأرادت الجارية النكاح فإن السلطان يقول له إما أن تزوج وإما زوجتها عليك قلت : وليس في هذا عندك حد في قول مالك في رد الأب عنها الخاطب الواحد أو الاثنين ؟ قال : لا نعرف من قول مالك في هذا حد إلا أن نعرف ضرورته وإعضاله

في إنكاح المولى
قلت : أرأيت مولى النعمة أيجوز أن يزوج ؟ قال : نعم في قول مالك قال : وقال مالك : يزوجها من نفسه ويلي عقد نكاح نفسه إذا رضيت قلت : فإن كان إنما أسلم على يديه والدها أو جدها أو أسلمت هي على يديه أيجوز له أن يزوجها ؟ قال : أما التي أسلمت على يديه فإنها تدخل فيما فسرت لك في قول مالك في إنكاح الدنيئة فيجوز إنكاحه إياها قال : وأما إذا سلم أبوها وتقادم ذلك حتى يكون لها من القدر والغنى والآباء والإسلام وتنافس الناس فيها فلا يزوجها وهو والأجنبي سواء
قلت : أرأيت ولي النعمة يزوج مولاته ولها ذو رحم أعمام أو بنو أخوة أو أخوة إلا أنه لا أب لها فزوجها وهي بكر برضاها أو ثيب برضاها ؟ قال : هذا عندي من ذي الرأي من أهلها أله أن يزوجها إذا كان له الصلاح والحال لأن مالكا قال المولى الذي له الحال في العشرة له أن يزوج العربية من قومه إذا كن له الموضع والرأي قال مالك : وأراه من ذوي الرأي من أهلها إذا لم يكن لها أب أو وصي
قال سحنون : وقد بينا قول الرواة في مثل هذا قبل هذا من قول مالك قال ابن وهب وأخبرني الضحاك بن عثمان عن عبد الجبار عن الحسن أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : [ لا يحل نكاح المرأة إلا بولي وصداق وشاهدي عدل ] ابن وهب عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق الهمذاني عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ لا نكاح لامرأة بغير إذن ولي ] ابن وهب عن عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء في الولي ابن وهب عن أبي جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ لا تنكح امرأة بغير إذن وليها فإن نكحت فنكاحها باطل ثلاث مرات فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ] ابن وهب عن ابن جريج أن عبد الحميد بن جبير بن شيبة حدثه أن عكرمة بن خالد حدثه قال : جمع الطريق ركبا فولت امرأة أمرها غير ولي فأنكحها رجلا منهم ففرق عمر بن الخطاب بينهما وعاقب الناكح والمنكح
ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن يزيد بن حبيب حدثه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أيوب بن شرحبيل أيما رجل نكح امرأة بغير إذن وليها فانتزع منه المرأة وعاقب الذي أنكحه ابن وهب عن ابن لهيعة عن محمد بن زيد بن المهاجر التيمي أن رجلا من قريش أنكح امرأة من قومه ووليها غائب فبنى بها زوجها ثم قدم وليها فخاصم في ذلك إلى عمر بن عبد العزيز فرد النكاح ونزعها منه ابن وهب عن ابن لهيعة وعمر بن الحارث عن بكير بن الأشج أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : قال عمر بن الخطاب لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان ويذكر مالك عمن حدثه عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مثله قال ابن وهب قال مالك في المرأة يفرق بينها وبين زوجها دخل بها أو لم يدخل إذا زوجها بغير ولي إلا أن يجيز ذلك الولي أو السلطان إن لم يكن لها ولي فإن فرق بينهما فهي طلقة وأما المرأة الوضيعة مثل المعتقة والسوداء والمسالمة فإذا كان نكاحها ظاهرا معروفا فذلك أخف عندي من المرأة لها الموضع
قلت : أرأيت الوصي أوصى أيجوز أن يزوج البكر إذا بلغت والأولياء ينكرون والجارية راضية ؟ قال : قال مالك : لا نكاح للأولياء مع الوصي والوصي ووصي الوصي أولى من الأولياء قلت : أرأيت إن رضيت الجارية ورضي الأولياء والوصي ينكر ؟ فقال : قال مالك : لا نكاح لها ولا لهم إلا بالوصي فإن اختلفوا في ذلك نظر السلطان فيما بينهم قلت : أرأيت المرأة الثيب إن زوجها الأولياء برضاها والوصي ينكر ؟ قال : ذلك جائز عند مالك ألا ترى أن مالكا قال لي في الأخ يزوج أخته الثيب برضاها والأب ينكر أن ذلك جائز على الأب قال مالك : وما للأب ومالها وهي مالكة أمرها والوصي أيضا في الثيب أن أنكح برضاها والأولياء ينكرون جاز إنكاحه إياها وليس الوصي أو وصي الوصي فيها بمنزلة الأجنبي قال لي مالك : ووصي الوصي أولى ببضع الأبكار أن يزوجهن برضاهن إذا بلغن من الأولياء
قلت : أرأيت إن كان وصي وصي وصي أيجوز فعله بمنزلة الوصي ؟ قال : نعم في رأيي وإنما سألنا مالكا عن وصي الوصي ولم نشك أن الثالث مثلهما والرابع أكثر من ذلك قلت : فإن زوجها ولي ولها وصي زوجها أخ أو عم برضاها وقد حاضت ولها وصي أو وصي وصي ؟ قال : نكاح العم والأخ لا يجوز وليس للأولياء في إنكاحها مع الأوصياء قضاء وإن لم يكن لها وصي ولا ولي فحاضت واستخلفت وليها فزوجها فذلك جائز وهذا كله قول مالك وما لم تبلغ المحيض فلا يجوز لأحد أن يزوجها إلا الأب وهذا قول مالك ابن وهب عن يونس عن ربيعة أنه قال : لا ينبغي للولي أن ينكح دون الوصي فإن أنكحها الوصي إذا رضيت دون الولي جاز وإن أنكحها الولي دون الوصي ورضيت لم يجز دون الإمام وليس للولي مع الوصي قضاء ابن وهب عن معاوية بن صالح أنه سمع يحيى بن سعيد يقول الوصي أولى من الولي ويشاور الولى في ذلك قال : فالوصي العدل مثل الوالد
ابن وهب عن أشهل بن حاتم عن شعبة عن سماك بن حرب أن شريحا أجاز إنكاح وصي والأولياء ينكرون وقال الليث بن سعد مثله الوصي أولى من الولي قلت : أرأيت الصغار أينكحهم أحد من الأولياء ؟ قال : قال مالك : أما الغلام فيزوجه الأب والوصي ولا يجوز أن يزوجه أحد إلا الأب أو الوصي ولا يجوز أن يزوجه أحد من الأولياء غير الوصي أو الأب ووصي الوصي أيضا قال مالك : إنكاحه الغلام الصغير جائز وأما الجارية فلا يجوز أن يزوجها إلا أبوها ولا يزوجها أحد من الأولياء ولا الأوصياء حتى تبلغ المحيض فإذا بلغت المحيض فزوجها الوصي برضاها جاز ذلك وكذلك إن زوجها وصي الوصي برضاها فذلك جائز وهذا قول مالك وقال مالك : لا يجوز للقاضي ولا لأحد أن يزوج صغيرة لم تحض إلا الأب فأما الغلام فللوصي أن يزوجه قبل أن يحتلم ابن وهب عن مخرمة عن أبيه قال : سمعت ابن قسيط واستفتي في غلام كان في حجر رجل فأنكحه ابنته أيجوز إنكاحه وليته قال نعم وهما يتوارثان ابن وهب وقال ذلك نافع مولى ابن عمر أنه جائز وهما يتوارثان ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال : أرى هذا جائزا وإن كره الغلام إذا احتلم
قلت : أرأيت الولي أو الوالد إذا استخلف من يزوج أيجوز هذا في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أيجوز للأم أن تستخلف من يزوج ابنتها وقد حاضت ابنتها ولا أب للبنت ؟ قال : قال مالك : لا يجوز إلا أن تكون وصية فإن كانت وصية جاز لها أن تستخلف من يزوجها ولا يجوز لها هي أن تعقد نكاحها قلت : وكذلك لو أوصي إلى امرأة أجنبية كانت بمنزلة الأم في إنكاح هذه الجارية في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ولا يجوز للأم وإن كانت وصية أن تستخلف من يزوج ابنتها قبل أن تبلغ الابنة المحيض في قول مالك ؟ قال : نعم لا يجوز ذلك في قول مالك قلت : أرأيت لو أن امرأة زوجها الأولياء برضاها فزوجها هذا الأخ من رجل وزوجها هذا الأخ من رجل ولم يعلم أيهما أولى ؟ قال : قال مالك : إن كانت وكلتهما فإن علم أيهما كان أولى فهو أحق بها وإن دخل بها أحدهما فالذي دخل بها أحق بها وإن كان آخرهما نكاحا وأما إذا لم يعلم أيهما أولى ولم يدخل بها واحد منهما فلم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يفسخ نكاحهما جميعا ثم تبتدىء نكاح من أحبت منهما أو من غيرهما
قلت : أرأيت إن قالت المرأة هذا هو الأولى ولم يعلم ذلك إلا بقولها ؟ قال : لا أرى أن يثبت النكاح وأرى أن يفسخ ابن وهب عن معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد أنه قال : إن عمر بن الخطاب قضى في الوليين ينكحان المرأة ولا يعلم أحدهما بصاحبه أنها للذي دخل بها وإن لم يكن دخل بها أحدهما فللأول ابن وهب عن يونس أنه سال ابن شهاب عن رجل أمر أخاه أن ينكح ابنته وسافر فأتى رجل فخطبها إليه فأنكحها ثم إن عمها أنكحها بعد ذلك فدخل بها الآخر منهما ثم إن الأب قدم والذي زوج ومعه قال ابن شهاب نرى أنهما ناكحان لم يشعر أحدهما بالآخر فنرى أولاهما بها الذي أفضى إليها حتى استوجبت مهرها تاما واستوجبت ما تستوجب المحصنة من نكاح الحلال ولو اختصما قبل أن يدخل بها كان أحدهما أحق فيما نرى الناكح الأول ولكنهما اختصما بعدما استحل الفرج بنكاح حلال لا يعلم قبله نكاح
ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن يحيى بن سعيد وربيعة وعطاء ومكحول بذلك قال يحيى فإن لم يعلم أيهما كان قبل فسخ النكاح إلا أن يدخل بها فإن دخل بها لم يفرق بينهما قلت : أرأيت أمة أعتقها رجلان من وليها منهما في النكاح ؟ قال : قال مالك : كلاهما وليان قال : فقلنا لمالك فإن زوجها أحدهما بغير وكالة الآخر فرضي الأخر بعد أن زوجها هذا قال : قال مالك : نكاحها جائز رضي الآخر أو لم يرض قلت : أرأيت الأخوين إذا زوج أحدهما أخته وردا الآخر نكاحها أيكون له أن يرد ؟ قال : لا يكون ذلك له عند مالك وقد أخبرتك من قول مالك أن الرجل من الفخذ يزوج وإن كان ثم من هو أقرب منه فكيف بالأخ وهما في القعدد سواء قال : وسمعت مالكا يقول في الأمة يعتقها الرجلان فيزوجها أحدهما بغير أمر صاحبه إن النكاح جائز قلت : أرأيت إن لم يرض أحدهما ؟ قال : ذلك جائز عليه على ما أحب أو كره وقال علي بن زياد قال مالك في الأخ يزوج أخته لأبيه وثم أخوها لأمها وأبيها أن إنكاحه جائز إلا أن يكون أبوها أوصى بها إلى أخيها لأبيها وأمها فإن كان ذلك فلا نكاح لها إلا برضاه وإنما الذي لا ينبغي لبعض الأولياء أن ينكح وثم من هو أولى منه إذا لم يكونوا أخوة وكان أخ أو عم وابن عم ونحو هذا إذا كانوا حضورا قلت : أرأيت الولي إذا رضي برجل ليس لها بكفء فصالح ذلك الرجل امرأته فبانت منه ثم أرادت المرأة أن تنكحه بعد ذلك فأبى الولي وقال لست لها بكفء ؟ قال : قال مالك : إذا رضي به مرة فليس له أن يمتنع منه إذا رضيت بذلك المرأة وقال ابن القاسم : إلا أن يأتي منه حدث من فسق ظاهر أو لصوصية أو غير ذلك مما يكون فيه حجة لذلك غير الأمر الأول فأرى ذلك للولي قلت : وكذلك إن كان عبدا ؟ قال : نعم : ولم أسمع العبد من مالك وهو رأيي قلت : أرأيت الثيب إذا استخلفت على نفسها رجلا فزوجها ؟ قال : قال مالك : أما المعتقة والمسالمة والمرأة المسكينة تكون في القرية التي لا سلطان فيها فإنه رب قرى ليس فيها سلطان فتفوض أمرها إلى رجل لا بأس بحاله أو يكون في الموضع الذي يكون فيه السلطان فتكون دنيئة لا خطب لها كما وصفت لك قال مالك : فلا بأس أن تستخلف على نفسها من يزوجها ويجوز ذلك قال : فقلت لمالك : فرجال من الموالي يأخذون صبيانا من صبيان العرب من الأعراب تصيبهم السنة فيكفلون لهم صبيانهم ويربونهم حتى يكبروا فتكون فيهم الجارية فيريد أن يزوجها قال : أرى أن تزويجه عليها جائز قال مالك : ومن أنظر لها منه فأما كل امرأة لها مال وغنى وقدر فإن تلك لا ينبغي أن يزوجها إلا الأولياء أو السلطان قال : فقيل لمالك : فلو أن امرأة لها قدر تزوجت بغير ولي فوضت أمرها إلى رجل فرضي الولي بعد ذلك أترى أن يثبتا على ذلك النكاح فوقف فيه قال ابن القاسم : وأنا أراه جائزا إذا كان قريبا
قلت : أرأيت إن كان دخل بها ؟ قال ابن القاسم : دخوله وغير دخوله سواء إذا أجاز ذلك الولي جاز كما أخبرتك وإن أراد فسخه وكان بحدثان دخوله رأيت ذلك له ما لم تطل إقامته معها وتلد منه أولادا فإذا كان ذلك وكان ذلك صوابا جاز ذلك ولم يفسخ وكذلك قال مالك قال سحنون وقد قال غير عبد الرحمن وإن أجازه الولي لم يجز لأنه عقدة غير ولي وقد قال غير واحد من الرواة مثل ما قال عبد الرحمن إن أجازه الولي جاز قلت : أرأيت إن استخلفت امرأة على نفسها رجلا فزوجها ولها وليان أحدهما أقعد بها من الآخر فلما علما أجاز النكاح أبعدهما وأبطله أقعدهما بها ؟ قال : لا تجوز إجازة إلا بعد وإنما ينظر إلى الأقعد وإلى قوله لأنه هو الخصم دون الأبعد قلت : أسمعته من مالك ؟ قال : لا قلت : لم أبطلت هذا النكاح وقد أجازه الولي الأبعد وأنت تذكر أن مالكا قال في عقدة النكاح إن عقدها الولي الأبعد وكره ذلك الولى الأقعد أن العقدة جائزة قال : لا يشبه هذا ذلك لأن ذلك كان نكاحا عقده الولي فكانت العقدة جائزة وهذا نكاح عقده غير ولي فإنما يكون فسخه بيد أقعد الأولياء بها لا ينظر في هذا إلى أبعد الأولياء وإنما ينظر السلطان إلى قول أقعدهما إن أجازه أو فسخه وهو قول مالك
قلت : أرأيت إن تزوجت بغير ولي استخلفت على نفسها ولها ولي غائب وولي حاضر والغائب أقعد بها من الحاضر فقام يفسخ نكاحها هذا الحاضر وهو أبعد إليها من الغائب ؟ قال : ينظر السلطان في ذلك فإن كان غيبة الأقعد قريبة انتظره ولم يعجل
وبعث إليه وإن كانت غيبته بعيدة نظر فيما ادعى هذا فإن كان من الأمور التي كان يجيزها الولي إن لو كان ذلك الغائب حاضرا أجازه وإن كان من الأمور التي لو كان الغائب حاضرا لم يجزه أبطله السلطان قلت : وجعلت السلطان مكان ذلك الغائب وجعلته أولى من هذا الولي الحاضر ؟ قال : نعم قلت : وهذه المسائل قول مالك ؟ قال : منها قول مالك وهو رأيي كله قلت : أرأيت لو أن وليا قالت له وليته زوجني فقد وكلتك أن تزوجني ممن أحببت فزوجها من نفسه أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يزوجها من نفسه ولا من غيره حتى يسمي لها من تريد أن يزوجها منه وإن زوجها أحدا قبل أن يسميه لها وأنكرت كان ذلك لها وإن لم يكن بين لها أن يزوجهما من نفسه ولا من غيره إلا أنها قالت له زوجني ممن أحببت ولم تذكر له نفسه ولم يذكر لها نفسه فزوجها من نفسه أو من غيره فلا يجوز ذلك وهو قول مالك إذا لم تجز ما صنع
قال سحنون : وقد قال ابن القاسم : أنه إذا زوجها من غيره ولم يسمه لها فهو جائز قلت : فإن زوجها من نفسه فبلغها فرضيت بذلك ؟ قال : أرى ذلك جائزا لأنها قد وكلته بتزويجها قلت : أرأيت المرأة إذا لم يكن لها ولي فزوجها القاضي من نفسه أو ابنه برضاها أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم يجوز في رأيي لأن القاضي ولي من لا ولي له ويجوز أمره كما يجوز أمر الولي قلت : أرأيت إذا كان لها ولي فزوجها القاضي من نفسه أو ابنه ففسخ الولي نكاحه أيكون ذلك أم لا ؟ قال : لا يكون ذلك للولي في رأيى لأن الحديث الذي جاء عن عمربن الخطاب أنه قال : لا ينكح المرأة إلا وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان فهذا السلطان فإذا كان أصاب وجه النكاح ولم يكن ذلك منه جورا رأيته جائز قلت : أفليس الحديث إنما يزوجها السلطان إذا لم يكن لها ولي ؟ قال : لا ألا ترى في الحديث وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان فقد جعل إليهم النكاح بينهم في هذا الحديث قال ابن القاسم : ولقد سألت مالكا عن المرأة الثيب يزوجها أخوها وثم أبوها فأنكر أبوها قال مالك : ما لأبيها وما لها إذا كانت ثيبا وأرى أن النكاح جائز ابن وهب عن أبي ذئب قال : أرسلت أم قارظ بنت شيبة إلى عبد الرحمن بن عوف وقد خطبت فقال لها عبد الرحمن قد جعلت إلي أمرك ؟ فقالت : نعم فتزوجها عبد الرحمن مكانه وكانت ثيبا فجاز ذلك ابن وهب عن يونس عن ربيعة أنه قال : وولي المرأة إذا ولته بضعها فأنكح نفسه وأحضر الشهداء إذا أذنت له في ذلك فلا بأس به قال مالك : وذلك جائز من عمل الناس

إنكاح الرجل ابنه الكبير والصغير وفي إنكاح الرجل الحاضر الرجل الغائب
قلت : أرأيت إن زوج رجل ابنه ابنة رجل والابن ساكت حتى فرغ الأب من النكاح ثم أنكر الابن بعد ذلك وقال : لم آمره أن يزوجني ولا أرضى ما صنع وإنما صمت لأني علمت أن ذلك لا يلزمني ؟ قال : أرى أن يحلف ويكون القول قوله وقد قال مالك في الرجل الذي يزوج ابنه الذي قد بلغ فينكر إذا بلغه قال : يسقط عنه النكاح ولا يلزمه من الصداق شيء ولا يكون على الأب من الصداق شيء فهذا عندي مثل هذا وإن كان حاضرا رأيته أو أجنبيا من الناس في هذا سواء إذا كان الابن قد ملك أمره في هذا
قلت : أرأيت الصبي الصغير إذا أعتقه الرجل فزوجه وهو صغير أيجوز عليه ما عقد عليه مولاه من النكاح وهو صغير أم لا ؟ قال : لا يجوز ذلك رأيي قلت : وكذلك إن أعتق صبية فزوجها ؟ قال : نعم لا يجوز عند مالك أو الجارية التي لا شك فيها لأن الوصي لا يزوجها إن كانت صغيرة حتى تبلغ وأما الغلام فإن الوصي يزوجه وإن كان صغيرا قبل أن يبلغ فيجوز ذلك عليه عند مالك على وجه النظر له لأنه يبيع له ويشترى له فيجوز ذلك له قلت : فالصغيرة قد يجوز بيع الوصي وشراؤه عليها فلم يجيز مالك إنكاحه إياها ؟ قال : لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : [ الأيم أحق بنفسها والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها ] فإذا كان لها المشورة لم يجز للوصي أن يقطع عنها المشورة التي جهلت لها في نفسها قال : وكذلك قال لي مالك
قلت : أرأيت الوصي أيجوز له أن ينكح إماء الصبيان وعبيدهم ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إنكاحه إياهم جائزا على وجه النظر لليتامى وطلب الفضل لهم
قلت : أرأيت الرجل هل يجوز له أن ينكح عبيد صبيانهم وإمائهم بعضهم من بعض أو من الأجنبيين في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يجوز أن ينكحهم أنفسهم وهم صغار ويكون ذلك جائزا فأرى إنكاحه جائزا على عبيدهم وإمائهم إذا كان ذلك يجوز في ساداتهم ففي عبيدهم وإمائهم يجوز إذا كان على ما وصفت لك من طلب الفضل لهم قلت : هل يكره الرجل عبده على النكاح ؟ قال : قال مالك : نعم يكره الرجل عبده على النكاح ويجوز ذلك على العبد وكذلك الأمة قلت : أرأيت لو أن رجلا أتى إلى امرأة فقال : إن فلانا أرسلني يخطبك وأمرني أن أعقد نكاحه إن رضيت فقالت قد رضيت ورضي وليها فأنكحه وضمن له الرسول الصداق ثم قدم فلان فقال ما أمرته ؟ قال : قال مالك : لا يثبت النكاح ولا يكون على الرسول شيء من الضمان الذي ضمن وقال غيره يضمن الرسول وهو علي بن زياد قلت : أرأيت إن أمر رجل رجلا أن يزوجه فلانة بألف درهم فذهب المأمور فزوجه بألفي درهم فعلم بذلك قبل أن يبني بها ؟ قال : قال مالك : يقال للزوج رضيت بالألفين وإلا فلا نكاح بينكما إلا أن ترضى بألف فيثبت النكاح قلت : فتكون فرقتها تطليقة أم لا ؟ قال : نعم يكون طلاقا قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم هو قوله إلا ما سألت عنه من الطلاق فإنه رأيي وقال غيره لا يكون طلاقا قلت : فإن لم يعلم الزوج بما زاد المأمور من المهر ولم تعلم المرأة أن الزوج لم يأمره إلا بألف وقد دخل بها ؟ قال : بلغني أن مالكا قال لها : الألف على الزوج ولا يلزم المأمور شيء لأنها صدقته والنكاح ثابت فيما بينهما وإنما جحدها الزوج تلك الألف الزائدة
قلت : أرأيت إن قال الرسول : لا والله ما أمرني الزوج إلا بألف وأنا زدت الألف الأخرى قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ذلك لازما للمأمور والنكاح ثابت فيما بينهما إذا كان قد دخل بها قلت : لم جعلت الألف الزائدة على المأمور حين قال : لم يأمرني بهذه الزيادة الزوج ؟ قال : لأنه أتلف بضها بما لم يأمره به الزوج فما زاد على ما أمره به الزوج فهو ضامن لما زاد قلت : فلم لا يلزم الزوج الألف الأخرى التي زعم المأمور أنه قد أمره بها وأنكرها الزوج ؟ قال : لأن المرأة التي هي تركت أن تبين للزوج المهر قبل أن يدخل بها ولوأنه جحد ذلك قبل أن يدخل بها لم يلزمه الألف إن رضيت أقامت على الألف وإن سخطت فرق بينهما ولا شيء عليها وكذلك قال مالك قلت : أرأيت إن علم الزوج بأن المأمور زوجه على ألفين فدخل على ذلك وقد علمت المرأة أن الزوج إنما أمر المأمور على الألف فدخلت عليه وهي تعلم ؟ قال : علم المرأة وغير علمها سواء أرى أن يلزم الزوج في رأيي إذا علم فدخل بها الألفان جميعا ألا ترى لو أن رجلا أمر رجلا يشتري جارية فلان بألف درهم فاشتراها بألفي درهم فعلم بذلك فأخرها ووطئها وخلا بها ثم أراد أن لا ينقد فيها إلا ألفا لم يكن له ذلك وكانت عليه الألفان جميعا وإن كان قد علم سيدها بما زاد المأمور أو لم يعلم فهو سواء وعلى الآمر الألفان جميعا قلت : أرأيت الرسول لم لا يلزمه مالك إذا دخل بها الألف الذي يزعم الزوج أنه زاد على ما أمره به ؟ قال : لأنها أدخلت نفسها عليه ولو شاء تبينت على الزوج قبل أن يدخل بها والرسول ههنا لا يلزمه شيء وإنما هو شيء جحده الزوج المأمور ورضيت المرأة بأمانة المأمور وقوله في ذلك قلت : وسواء إن قال زوجني فلانة بألف أو قال زوجني ولم يقل زوجني فلانة بألف قال هذا كله سواء في رأيي قلت : أرأيت إن قال الرسول : أنا أعطي الألف التي زدت عليك أيها الزوج وقال الزوج : أنا لا أرضى إنما أمرتك أن تزوجني بألف ؟ قال : لا يلزم الزوج النكاح في رأيي لأنه يقول : إنما أمرتك أن تزوجني بألف درهم فلا أرضى أن يكون نكاحي بألفين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"