بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 مارس 2010

نبذ من المدونة الكبرى/20

كتاب النكاح الثالث

الرجل ينكح النسوة في عقدة واحدة
قلت لعبدالرحمن بن القاسم : أيجوز في قول مالك أن يتزوج الرجل امرأتين في عقدة واحدة ؟ قال : لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولا يعجبني ذلك إلا أن يكون سمى لكل واحدة منهما صداقها على حدة قلت : أرأيت إن طلق إحداهما أو مات عنها قبل الدخول كم يكون صداقها أيقوم المهر الذي سمى أم يقسم بينهما على قدر مهريهما ؟ قال : لا أرى أن يجوز إلا أن يكون سمى لكل واحدة صداقها قلت : أرأيت إن تزوج أربع نسوة في عقدة واحدة وسمى مهر كل واحدة منهن أيكون النكاح جائزا في قول مالك أم لا ؟ قال : لا أقوم على حفظ قول مالك فيه الساعة وأراه جائزا إلا أن الذي أخبرتك به أنه بلغني من قول مالك إنما كرهه لأنه لا يدري صداق هذه من صداق هذه قلت : أرأيت إن تزوج حرة وأمة في عقدة واحدة وسمى لكل واحدة صداقها ؟ قال : كان مالك مرة يقول يفسخ نكاح الأمة ويثبت نكاح الحرة ثم رجع فقال إن كانت الحرة علمت بالأمة فالنكاح ثابت نكاحها ونكاح الأمة ولا خيار لها وإن كانت لم تعلم فلها الخيار إن شاءت أقامت وإن شاءت فارقت قال سحنون وقد بينا هذا الأصل في الكتاب الأول

نكاح الأم وابنتها في عقدة واحدة
قلت : أرأيت الرجل يتزوج المرأة وابنتها في عقدة واحدة ويسمي لكل واحدة منهما صداقها ولم يدخل بواحدة منهما ؟ قال : قال مالك : ولم أسمعه أنا منه ولكن بلغني أنه قال : يفسخ هذا النكاح ولا يقر على واحدة منهما فإن قال أنا أفارق واحدة وأمسك الأخرى قال : ليس ذلك له لأنه لم يعقد نكاح كل واحدة منهما قبل صاحبتها قلت : فإذا فرقت بينهما أيكون له أن يتزوج الأم منهما ؟ قال : نعم قلت : أتحفظه عن مالك ؟
قال : لم أسمعه من مالك ولكن هذا رأيي أن له أن يتزوج الأم قلت : ويتزوج البنت ؟ قال : لا بأس بذلك قال سحنون وقد قيل لا يتزوج إلا للشبهة التي في البنت
قلت : أرأيت إن تزوج امرأة وابنتها في عقدة واحدة وللأم زوج ولم يعلم بذلك فعلم بذلك أيكون نكاح البنت جائزا أم لا في قول مالك ؟ قال : ذلك لا يجوز لأن من قول مالك كل صفقة وقعت بحلال وحرام فلا يجوز ذلك عنده في البيوع قال : وقال مالك :
وأشبه شيء بالبيوع النكاح ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمر بن شعيب عن أبيه رفع الحديث إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ أيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها وإن لم يدخل فلينكحها ] رجال من أهل العلم عن زيد بن ثابت وابن شهاب والقاسم وسالم وربيعة مثله إلا أن زيدا قال : الأم مبهمة ليس فيها شرط وإنما الشرط في الربائب

الرجل يتزوج المرأة ثم يتزوج ابنتها قبل أن يدخل بها
قلت : أرأيت إن تزوج رجل امرأة فلم يدخل بها ثم تزوج ابنتها بعد ذلك وهو لا يعلم فدخل بالبنت ؟ قال : يحرم عليه الأم والبنت جميعا قال : وقال مالك : ولا يكون للأم صداق ويفرق بينهما ثم يخطب البنت إن أحب فأما الأم فقد حرمت عليه أبدا لأنها قد صارت من أمهات نسائه وإن كان نكاح البنت حراما فإنه يحمل النكاح الصحيح ألا ترى أن النسب يثبت فيه وأن الصداق يجب فيه وأن الحدود تدفع فيه فلا بد للحرمة أن تقع كما تقع في النكاح الصحيح قلت : أرأيت إن تزوج بنتا وتزوج أمها بعدها فبنى
بالأم ولم يبن بالابنة ؟ قال : يفرق بينه وبينهما عند مالك ولا تحل له واحدة منهما أبدا لأن الأم قد دخل بها فصارت الربيبة محرمة عليه أبدا إذ الأم هي من أمهات نسائه ولا تحل له أبدا ابن وهب عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها ثم تزوج أخرى فإذا هي ابنتها قال : نرى أن يفرق بينه وبين ابنتها فإنه نكحها على أمها فإن لم يكن مس ابنتها أقرت عنده أمها فإن كان مسها فرق بينه وبين أمها لجمعه بينهما وقد نهى الله عن ذلك ولها مهرها بما استحل منها قال يونس وقال ربيعة يمسك الأولى فإن دخل بابنتها فارقهما جميعا لأن هاتين لا تصلح إحداهما مع الأخرى
قلت : ومحمل الجدات وبنات البنات وبنات البنين هذا المحمل في قول مالك ؟ قال : نعم قال : وقال مالك : كل امرأتين لا يحل لرجل أن يتزوج منهما واحدة بعد واحدة في النكاح الصحيح إذا دخل بالأولى فانظر إذا تزوج واحدة بعد واحدة فاجتمعا في ملكه فوطىء الأولى منهما ففرق بينه وبين الآخرة جميعا وإن وطىء الآخرة منهما فرق بينه وبين الأولى والآخرة جميعا ثم إن أراد أن يخطب إحداهما فانظر إلى ما وصفت لك من أمر الأم والبنت فاحملهم على ذلك المحمل فإن كان وطىء الأم حرمت البنت أبدا وإن كان وطىء البنت ولم يطأ الأم لم تحرم عليه الأم فإن كان نكاح البنت أولا ثبت معها وفرق بينه وبين الأم فإن كان نكاح البنت آخرا فرق بينه وبينهما جميعا ثم يخطبها بعد ثلاث حيض أوبعد أن تضع حملها إن كان بها حمل
قلت : أرأيت الرجل يتزوج المرأة فينظر إلى شعرها أو إلى صدرها أو إلى شيء من محاسنها أو نظر إليها تلذذا أو قبل أو باشر ثم طلق أو ماتت إلا أنه لم يجامعها أتحل له ابنتها ؟ وقد قال الله
تعالى : { وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } ( النساء : 23 ) قال : قال مالك : إذا نظر إلى شيء منها تلذذا لم يصلح له أن يتزوج ابنتها قال مالك : وكذلك الخادم إذا نظر إلى ساقيها أو معصميها تلذذا لم تحل له بنت الخادم أبدا ولا تحل الخادم لأبيه ولا لابنه أبدا ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج برفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يتزوج المرأة فيغمزها ولا يزيد على ذلك لا يتزوج ابنتها قال : وكان ابن مسعود يقول : إذا قبلها فلا تحل له الابنة أبدا
قال ابن وهب : وكان عطاء يقول : إذا جلس بين فخذيها فلا يتزوج ابنتها مخرمة عن أبيه عن عبد الله بن أبي سلمة ويزيد بن قسيط وابن شهاب في رجل تزوج امرأة فوضع يده عليها فكشفها ولم يمسها أنه لا يحل له ابنتها قلت : أرأيت إن تزوج الأم فدخل بها ثم تزوج البنت ودخل بها ؟ قال : قال مالك : يحرمان عليه جميعا وكذلك الجدات وبنات بناتها وبنات بنيها هن بهذه المنزلة بمنزلة الأم والابنة في الحرمة قلت : فإن تزوج الأم ودخل بها أو لم يدخل بها ثم تزوج البنت بعد ذلك ولم يدخل بالبنت ؟ قال : قال مالك : يفرق بينه وبين البنت ويثبت على الأم لأن نكاح الأم لا يفسد إلا بوطء الابنة إذا كان وطىء الابنة بنكاح فاسد وكذلك إن كان إنما تزوج البنت أولا فوطئها أو لم يطأها ثم تزوج الأم بعد ذلك لم يفسد نكاح البنت إلا أن يطأ الأم
قلت : أرأيت إن تزوج امرأة في عدتها فلم يبن بها حتى تزوج أمها أو أختها أيقران على النكاح الثاني في قول مالك ؟ قال : لا يثبت على النكاح الثاني في رأيي لأن العقدة الأولى كانت باطلا لأنها لا تحل لابنه وأبيه أن ينكحها قلت : أرأيت إن تزوج امرأة في عدتها فلم يبن بها حتى تزوج أمها أو أختها أيقران على النكاح الثاني قي قول مالك ؟ قال : يثبت على النكاح الثاني في رأيي لأن العقده الأولى عقدة المرأة التي تزوجها في عدتها ليست بعقدة وليس ذلك بنكاح ألا ترى أنه إذا لم يبن بها أو يتلذذ منها بشيء حتى يفرق بينهما أن مالكا قال : لا بأس أن يتزوجها والده أو ابنه فهذا يدلك على مسألتك وعلى قول مالك فيها قلت : أرأيت إن تزوج الأم وابنتها في عقدة واحدة فدخل بهما جميعا ؟ قال : يفرق بينهما ولا ينكح واحدة منهما أبدا وهذا قول مالك قلت : فإن كان إنما دخل بالأم أو بالابنة أو لم يدخل بهما جميعا ؟ قال : سمعت من مالك أنه قال : إن كانت عقدتهما واحدة فدخل بالبنت حرمت عليه الأم ولم يتزوجها أبدا وفسخ نكاح البنت أيضا حتى يستبرىء رحمها ثم يتزوجها بعد ذلك إن أحب بعد ذلك نكاحا مستقبلا قال : وإن كان دخل بالأم ولم يدخل بالبنت فرق بينها ويستبرىء رحم الأم ثم ينكحها بعد ذلك ولا ينكح البنت أبدا وإن كان لم يدخل بواحدة منهما وكانت عقدتهما
واحدة فرق بينهما ويتزوج بعد ذلك أيتهما شاء وهو رأيي لأن عقدتهما كانت حراما فلا يحرمان بعد ذلك حين لم يصبهما ألا ترى أنه لا يرث واحدة منهما إن ماتت ولو طلق واحدة منهما لم يكن ذلك طلاقا قال سحنون وقد بينا هذا الأصل في أول الكتاب
قلت : أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فلم يبن بها حتى تزوج أمها وهو لا يعلم فبنى بالأم أيفرق بينه وين الابنة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ويكون عليه للابنة نصف الصداق في قول مالك أم لا ؟ قال : لا يكون لها عليه من الصداق قليل ولا كثير قلت :
لم وإنما جاءت هذه الفرقة والتحريم من قبل الزوج ؟ قال : لأن هذا التحريم لم يتعمده الزوج وصار نكاح البنت لا يقر على حال فلما فسخ قبل البناء صارت لا مهر لها لا نصف ولا غيره ابن وهب عن مخرمة عن أبيه قال : سمعت سعيد بن عمار يقول : سألت سعيد بن المسيب وعروة بن عثمان عن رجل كانت له وليدة يطؤها ثم أنه باعها من رجل فولدت له أولادا فأراد سيد الجارية الأولى أن ينكح ابنتها من هذا الرجل قال : فكلهم نهاه عن ذلك ورأوا أنه لا يصلح وقاله مالك إن بلغه ذلك إلا أنه قال : فأراد الذي باعها أن يشتري ابنتها فيطأها فسأل عن ذلك أبان وابن المسيب وسليمان بن يسار فنهوه عن ذلك قال وأخبرني الليث عن يحيى بن سعيد مثله

في الرجل يزني بأم امرأته أو يتزوجها عمدا
قلت : أرأيت إن زنى بأم امرأته أو ابنتها أتحرم عليه امرأته في قول مالك ؟ قال : قال لنا مالك يفارقها ولا يقيم عليها وهذا خلاف ما قال لنا مالك في موطئه وأصحابه على ما في الموطأ ليس بينهم فيه اختلاف وهو الأمر عندهم ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن أنه سأل ابن المسيب عن رجل كان يبيع امرأته حراما فأراد أن ينكح ابنتها أو أمها قال فسئل ابن المسيب فقال : لا يحرم الحرام الحلال قال ثم سألت عروة بن الزبير فقال : نعم مثل ما قال ابن المسيب قال ابن أبي ذئب وقال ذلك ابن شهاب وأخبرني رجال من أهل العلم عن معاذ بن جبل وربيعة وابن شهاب قالوا : ليس لحرام حرمة في الحلال قلت : فإن تزوج أم امرأته عمدا وهو يعلم أنها أمها أتحرم عليه الابنة في قول مالك ؟ قال : أخبرتك أنه كره أن يقيم عليها بعد الزنا فكيف بهذه التي إنما تزوجها والتزويج في هذا والزنا في أم امرأته التي تحته سواء لأن الذي يزوج إن عذر بالجهالة فلا حد عليه وهو أحرم من الذي زنا لأنه نكاح ويدرأ عنه فيه الحد ويلحق به النسب
قلت : أرأيت الصبي إذا تزوج المرأة ولم يجامعها أو جامعها وهو صبي هل يحل لآبائه أو لأجداده أو لأولاد أولاده في قول مالك ؟ قال : لا لأن الله يقول في كتابه { وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم } ( النساء : 23 ) فلم تحل زوجة الابن على حال من الحالات دخل بها ابن أو لم يدخل بها وإنما تقع الحرمة عند عقد الابن نكاحها قال وكذلك امرأة الأب إذا عقد الأب نكاحها حرمت على أولاده وإن لم يدخل بها العقدة لنكاح تقع الحرمة ههنا ليس بالجماع إنما تلك الربيبة التي لا تقع الحرمة إلا بجماع أمها ولا تقع الحرمة بعقد نكاح أمها قلت : أرأيت الرجل يفسق بامرأة يزني بها أتحل لابنه أو لأبيه ؟ قال : سمعت مالكا غير مرة وسئل عن الرجل الذي يزني بأم امرأته أو يتلذذ بها فيما دون الفرج فقال أرى أن يفارق امرأته فكذلك الرجل عندي إذا زنى بأم امرأته لم ينبغ لابنه ولا لأبيه أن يتزوجها أبدا وهو رأيي الذي آخذ به قلت : أفيتزوج الرجل المرأة التي قد زنى بها هو نفسه في قول مالك ؟ قال : نعم بعد الاستبراء من الماء الفاسد قلت : ويحل للذي فسق بهذه المرأة أن يتزوج أمهاتها وبناتها ؟ قال : سمعت مالكا وسئل عن الذي يزنى بختنته أو يعبث عليها فيما فوق فرجها فرأى أن يفارق امرأته فكيف يتزوج من ليس تحته فالذي مره مالك أن يفارق امرأته من أجلهما أيسر من الذي قد زنى بها أن يتزوج أمها أو ابنتها وهو رأيي الذي آخذ به
قلت : أرأيت مالكا هل كان يكره أن يتزوج الرجل المرأة قد قبلها أبوه لشهوة أو ابنه أو لامسها أو باشرها حراما ؟ قال : سمعت منه في الذي يعبث على ختنته فيما دون الفرج أمالكا أمره أن يفارق امرأته فهذا مثله وهذا رأيي الذي آخذ به أن لا يتزوجها وأن ما تلذذ به الرجل من امرأة على وجه الحرام فلا أحب لأبيه ولا لابنه أن يتزوجها ولا أحب له أن يتزوج أمها ولا ابنتها وقد أمره مالك أن يفارق من عنده لما أحدث في أمها
فكيف يكون لمن ليست عنده أن يتزوجها
قلت : فإن جامعها أكان مالك يكره لابنه أو لأبيه أن ينكحها ؟ قال : نعم
قلت : أرأيت إن زنى الرجل بامرأة ابنه أو بامرأة أبيه أتحرم على ابنه أو أبيه في قول مالك ؟ قال : الذي آخذ به أنه لا ينبغي لرجل أو ابنه أن ينكح امرأة واحدة كما كره مالك أن ينكح الرجل الواحد المرأة وابنتها قال : وسمعته وسألته عن رجل زنى بأم امرأته قال : أرى أن يفارقها والذي سأله عنها سأله سؤال رجل زنى بأم امرأته نزلت به وأنا أرى إذا زنى الرجل بامرأة ابنه أن يفارقها الابن ولا يقيم عليها مخرمة بن بكير عن أبيه قال : سمعت سليمان بن يسار واستفتي في رجل نكح امرأة ثم توفي ولم يمسها هل تصلح لأبيه ؟ قال : لا تصلح لأبيه قال بكير وقال ذلك ابن قسيط وابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله بذلك يونس قال ابن شهاب لا تحل لأبيه وإن طلقها قال يونس وقال ربيعة لا تحل امرأة ملك بضعها رجل لوالد ولا لولد دخل بها أو لم يدخل بها

في نكاح الأختين
قلت : أرأيت إن تزوج امرأة فلم يبن بها حتى تزوج أختها فبنى بها أيتهما امرأته في قول مالك ؟ قال : الأولى ويفرق بينه وبين الثانية قلت : ويكون للأخت المدخول بها مهر مثلها أو المهر الذي سمى ؟ قال : قال مالك : المهر الذي سمي لها قال مالك :
وكذلك إن تزوج أخته من الرضاعة ففرق بينهما بعد البناء فإن لها المهر الذى سمى قلت : أرأيت لو أن رجلا تزوج في عقدة واحدة أختين لم يعلم بذلك ولهما علمتا بذلك فعلم قبل البناء بهما أو بعد البناء بهما أيكون للزوج الخيار في أن يحبس أيتهما شاء في قول مالك ؟ قال : لا خيار للزوج في أن يحبس واحدة منهما ولكن يفرق بينه وبينهما قال وكل امرأتين يجوز له أن ينكح إحداهما بعد صاحبتها ولا يجوز له أن يجمعهما جميعا تحته وأنه إن كان تزوجهما في عقدة واحدة فبنى بهما أو لم يبن بهما فسخ نكاحه منهما جميعا ولا خيار له في أن يحبس واحدة منهما وينكح أيتهما شاء بعد ذلك بعد أن تستبرئا إن كان قد دخل بهما أو بواحدة منهما وهذا قول مالك
ابن وهب عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها ثم تزوج أخرى بالشام فدخل بها فإذا هي أختها ثم قال لها أنت طالق ثلاثا قال ابن شهاب لا نرى عليه بأسا أن يمسك الأولى منهما فإن نكاحها كان أول نكاح وللتى طلق مهرها كاملا وعليها العدة فإن كانت حاملا فعليه نفقتها حتى تضع حملها قال يونس قال ربيعة أما هو تكون الأولى بيده فهي امرأته وقد فارق الآخرة وأما هو طلق الأولى فالآخرة مفارقة على كل حال قلت : أرأيت إن تزوج أختين واحدة بعد واحدة وقد دخل بهما جميعا ؟ قال : قال مالك : يفرق بينه وبين الآخرة ويثبت مع الأولى وكذلك العمة والخالة مما يحل للزوج أن يتزوج واحدة بعد هلاك الأخرى أو طلاقها

في الأختين من ملك اليمين
قلت : أرأيت الرجل يتزوج المرأة وعنده أختها ملك يمينه وقد كان يطؤها أيصلح له هذا النكاح ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي لا ينبغي لرجل أن يتزوج امرأة إلا امرأة يجوز له أن يطأها إذا نكحها فأرى هذه عندي لا يستطيع إذا تزوجها أن يطأها ولا يقبلها ولا يباشرها حتى يحرم عليه فرج أختها فلا يعجبني أن ينكح الرجل امرأة ينهى عن وطئها أو قبلتها لتحريم أخرى على نفسه ولا يجوز له أن ينكح إلا في الموضع الذي يجوز له فيه الوطء ولو نكح لم أفرق بينه وبين امرأته ووقفته عنها حتى يحرم أيتهما شاء ولم أسمع مسألتك هذه من مالك ولكنه رأيي قال سحنون وقد قال عبد الرحمن أن النكاح لا ينعقد وهو أحسن قوله وقد بينا هذا الأصل في كتاب الاستبراء
قلت : أرأيت لو أن رجلا كان يطأ أمة له فباعها من رجل ثم تزوج أختها ولم يبن بها حتى استبرأ أختها التي كان يطأ أيكون له أن يطأ امرأته وقد عادت إليه الأمة التي كان يطأ أم لا يكون له أن يطأ امرأته حتى يحرم عليه فرج الأمة ؟ قال : نعم له أن يطأ امرأته وليس عليه أن يحرم فرج أمته
قال ابن القاسم وقد قال مالك في الرجل تكون له الأختان من ملك اليمين فيطأ إحداهما قال : قال مالك : لا يطأ الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي وطىء فإن هو باع التي وطىء ثم وطىء التي عنده ثم اشترى التي باع قال : قال مالك : لا بأس أن يقيم على التي وطء لأنه حين باع التي كان وطئها حل له أن يطأ أختها فلما وطىء أختها بعد البيع ثم اشترى أختها اشتراها والتي عنده حلال له فلا يضره شراء أختها في وطء التي عنده قلت لابن القاسم : إن هذا حين باع أختها وطىء هذه التي بقيت في ملكه وليس هكذا مسألتي إنما مسألتي أنه عقد نكاح أختها التي باعها فلم يطأ أختها التي نكح حتى اشترى أختها التي كان يطأ وقول مالك إنه وطىء التي كانت في ملكه بعد بيع الأخرى
قال : الوطء ههنا والعقد سواء لأن التحريم قد وقع بالبيع قلت : أوقع التحريم بالبيع في التي باع وأوقع التحليل في التي بقيت عنده في ملكه فلا يضره وطئها أو لم يطأها إن هو اشترى التي باع فله أن يطأ التي بقيت في ملكه ويمسك عن التي اشترى قال : نعم قلت : ويجعلهما كأنهما اشتريا بعدما وطئهما جميعا ؟ قال : نعم قلت : ولو إن رجلا كان يطأ جارية فباعها وعنده أختها لم يكن وطئها ثم اشترى التي كان باع قبل أن يطأ التي عنده كان مخيرا أن يطأ أيتهما شاء لأن التحليل وقع فيهما قبل أن يطأ التي عنده فله أن يطأ أيتهما شاء ؟ قال : نعم هاتان قد اجتمع له التحليل في أيتهما شاء فإذا وطىء واحدة أمسك عن الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي كان وطىء وهذا رأيي ولو أن رجلا كانت عنده أختان فوطىء إحداهما ثم وثب على الأخرى فوطئها قبل أن يحرم عليه فرج التي وطىء أولا وقف عنهما جميعا حتى يحرم عليه أيتهما شاء
قلت : أرأيت إن تزوج امرأة فلم يطأها حتى اشترى أختها أيكون له أن يطأ امرأته قبل أن يحرم عليه فرج التي اشترى ؟ قال : نعم لا بأس بذلك ألا ترى لو أن رجلا اشترى أختا بعد أخت كان له أن يطأ الأولى منهما وإن شاء الآخرة إلا أن هذا في النكاح لا يجوز له أن يطأ أختها التي اشترى إلا أن يفارق امرأته فهذا في هذه المسألة مخالف للشراء فكذلك النكاح قلت : أرأيت إن تزوج امرأة فاشترى أختها قبل أن يطأ أمرأته فوطىء أختها أتمنعه من امرأته حتى يحرم عليه فرج أمته أم لا ؟ قال ابن القاسم : يقال
له كف عن امرأتك حتى يحرم عليك فرج أمتك قلت : ولا يفسد هذا نكاحه ؟ قال : لا
قلت : لم قال : لأن العقدة وقعت صحيحة فلا يفسده ما وقع بعد هذا من أمر أختها ألا ترى لو أنه تزوج امرأة ثم تزوج أختها فدخل بالثانية أنه يفرق بينه وبين الثانية عند مالك ويثبت على نكاح الأولى فكذلك مسألتك وإن تزوج أختين في عقدة واحدة وإن سمى لكل واحدة مهرا كان نكاحه فاسدا عند مالك فكذلك الذي كانت عنده أمة يطؤها فتزوج أختها بعد ذلك فأرى أن يوقف عنها حتى يحرم عليه فرج أختها التي وطىء ولا أرى أن يفسخ النكاح قلت : أرأيت الرجل يكون عنده أم ولد ثم يزوجها ثم يشتري أختها فيطأها ثم ترجع إليه أم ولده أيكف عن أختها التي وطئها أم يقيم على وطئها ويمسك عن أم ولده قال بل يقيم على وطء هذه التي عنده ويمسك عن أم ولده
قلت : فإن ولدت منه الثانية فزوجها ثم رجعتا إليه جميعا أيكون له أن يطأ أيتهما شاء ويمسك عن الأخرى ؟ قال : نعم ما لم يطأ التي رجعت إليه أولا قبل أن ترجع إليه الأخرى

في وطء الأختين من الرضاعة بملك اليمين
قلت : أرأيت الرجل يملك الأختين من الرضاعة أيصلح له أن يطأهما في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا وطىء إحداهما فليمسك عن الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي وطىء ثم إن شاء وطىء الأخرى وإن شاء أمسك عنها قلت : والرضاع في هذا والنسب في قول مالك سواء ؟ قال : نعم

نكاح الأخت على الأخت في عدتها
قلت : أيصلح للرجل أن يتزوج امرأة في عدة أختها منه من طلاق بائن في قول مالك ؟ قال : نعم وكذلك لو كن تحته أربع نسوة فطلق إحداهن طلاقا بائنا فتزوج أخرى في عدتها قال مالك : ذلك جائز قلت ؟ أرأيت إن طلق امرأته تطليقة فقال : الزوج قد أخبرتني أن عدتها قد انقضت وذلك في مثل ما تنقضي فيه العدة أيصدق الرجل على إبطال السكنى إن كان أبت طلاقها وإن كان لم يبت طلاقها أيصدق على قطع النفقة والسكنى عن نفسه وعلى تزويج أختها ؟ فقال : لا يصدق لأن مالكا قال في العدة القول قول المرأة قلت : أرأيت إن كان قد تزوج أختها فقالت المرأة لم تنقض عدتي وقال الزوج قد أخبرتني أن عدتك قد انقضت ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا وقد أخبرتك بقول مالك إن القول قول المرأة في انقضاء عدتها وأرى أن يفرق بينهما ولا يصدق إلا أن يشهد على قولها أو يأتي بأمر يعرف أن عدتها قد انقضت مخرمة بن بكير عن أبيه قال : سمعت يزيد بن عبد الله بن قسيط استفتي في رجل طلق امرأته فبتها هل يصلح له أن يتزوج أختها وهذه في عدتها منه لم تنقض بعد قال : نعم وقال ذلك عبد الله بن أبي سلمة وأخبرني غير واحد عن ابن شهاب مثله وقال من أجل أنه لا رجعة له عليها وأنه لا ميراث بينهما وقال عبد العزيز بن أبي سلمة مثله مالك عن ربيعة عن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير أنهما سئلا عن رجل تحته أربع نسوة فطلق واحدة البتة أينكح إن أراد قبل أن تنقضي عدتها ؟ فقالا : نعم فلينكح إن أحب وأخبرني رجال من أهل العلم عن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وسالم بن عبد الله وابن شهاب وربيعة وعطاء ويحيى بن سعيد وسعيد بن المسيب مثله وقال عثمان إذا طلقت ثلاثا فإنها لا ترثك ولا ترثها انكح إن شئت وقال عطاء لينكح قبل أن تنقضي العدة وهو أبعد الناس منها

في الجمع بين النساء
قال ابن القاسم وقال مالك فيمن يحل من النساء أن ينكح واحدة بعد واحدة فلا يحل له أن يجمع في ملك واحد مثل العمة وبنت الأخ والخالة وبنت الأخت والأختين فهو إذا تزوج واحدة بعد واحدة وهو لا يعلم ودخل بالآخرة منهما قبل أن يدخل بالأولى أو دخل بهما جميعا فإنه في هذا كله يفرق بينه وبين الآخرة ويثبت مع الأولى لأن نكاحها كان صحيحا فلا يفسد نكاحها ما دخل ههنا من نكاح عمتها ولا أختها وإن كان قد دخل بالآخرة فعليه صداقها الذي سمى لها وإن لم يكن سمى لها صداقا فعليه صداق مثلها والفرقة بينهما بغير طلاق لأنه لا يقر معها على حال وهذا قول مالك كله
قال ابن القاسم : العمة وبنات أخيها وبنات أختها وبنات بناتها وبنات بنيها وإن سفلن بنات الذكور منهن وبنات الإناث فلا يصلح لرجل أن يجمع بينهن بين بنتين منهن لأنهن ذوات محارم وقد نهى أن يجمع بين ذوات المحارم وكذلك هذا في الرضاع سواء
يحمل هذا المحمل وكذلك هذا في الملك عند مالك لأن مالكا قال يحرم من الرضاع في الملك ما يحرم من النسب قلت : أرأيت الخالة وبنت الأخت من الرضاعة أيجمع بينهما الرجل في نكاح أو ملك يمين يطؤهن في قول مالك ؟ قال : قال مالك : الولادة الرضاعة والملك سواء التحريم فيها سواء في النكاح وفي ملك اليمين سواء لا يصلح له أن يتزوج الخالة وبنت أختها من الرضاعة ولا بأس أن يجمعهما في الملك ولا يجمعهما في الوطء إن وطىء واحدة لم يطأ الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي وطىء ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن جمع الرجل بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها ابن لهيعة عن ابن هبيرة عبد الله بن زيد عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله يونس عن ابن شهاب قال : نرى خالة أبيها وعمة أمها بتلك المنزلة وإن كان ذلك من الرضاع يونس عن ابن شهاب قال لا يجمع بين المرأة وخالة أبيها ولا خالة أمها ولا عمة أبيها ولا عمة أمها

وطء المرأة وابنتها من ملك اليمين
قلت : أرأيت لو أن رجلا وطىء جاريته أو جارية ابنه وعنده أمها امرأة له فولدت الأمة أتحرم عليه امرأته وهل تكون الأمة أم ولد له في قول مالك ؟ قال : أرى أن يفارق امرأته وأرى أن يعتق الجارية لأنه لا ينبغي له وطؤها بوجه من الوجوه وليس له أن يتعبها في الخدمة وإنما كان له فيها المتاع بالوطء لأني سمعت مالكا يقول فيمن زنى بأم امرأته أنه يفارق امرأته فكيف بمن وطىء بملك وهو لا حد عليه فيها فمن لا حد عليه فيها أشد في التحريم ممن عليه فيها الحد والحجة في أنها تعتق لأن مالكا سئل عن الذي يطأ أخته من الرضاع وهو يملكها قال : لا حد عليه وأرى أن تعتق عليه إن حملت لأنه لا يصل إلى وطئها ولا منفعة له فيها من خدمة وكل من وطىء من ذوات المحارم فحملت فإنها تعتق عليه ولا يؤخر فالذى وطىء ابنة امرأته مما يملكه بمنزلة أخته من الرضاعة ممن يملك سواء ولو لم تحمل حرمت عليه امرأته لأنه ممن لا حد عليه فيها وهذا مما لا اختلاف فيه ولقد سمعت مالكا غير مرة يقول يفارق امرأته إذا زنى بأمها أو بابنتها فكيف بهذا الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال : لا يصلح لرجل أن ينكح ابنة ابن امرأته ولا ابنة ابنتها ولا شيء من أولادهما وإن بعدن منه قال : وبلغني عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أبي بكر بن حازم يقول : تسألني عن الرجل يجمع بين المرأة وابنتها من ملك اليمين فلا تقرن ذلك لأحد فعله فقد نزل في القرآن النهي يعني عنه وإنما استحل من ذلك من استحله لقول الله تبارك وتعالى : ( إلا ما ملكت أيمانكم ) ( النساء : 24 ) وقد كان بلغنا أن رجلا من أسلم سأل عثمان عن ذلك فقال : لا يحل لك ودخل عليه علي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف في رجال من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فنهوه عن ذلك وقالوا إنما أحل الله لك ما سمى لك سوى هؤلاء ما ملكت أيمانكم

إحصان النكاح بغير ولي
قلت لابن القاسم : أرأيت إن تزوج امرأة بغير ولي استخلفت على نفسها رجلا فزوجها ودخل بها أيكون هذا نكاح إحصان في قول مالك ؟ قال : لا يكون إحصانا

إحصان الصغيرة
قلت : أرأيت الصبية الصغيرة التي لم تحصن ومثلها يجامع إذا تزوجها فدخل بها وجامعها أيكون ذلك إحصانا في قول مالك أم لا ؟ قال : نعم تحصنه ولا يحصنها
قلت : أرأيت المجنونة والمغلوبة على عقلها إذا تزوجها فدخل بها وجامعها هل تحصنه في قول مالك ؟ قال : نعم في رأيي ولا يحصنها هو وقال بعض الرواة يحصنها لأنها بالغ وهي من الحرائر المسلمات ولأن نكاحها حلال

إحصان الصبي والخصي
قلت : أرأيت الصبي إذا لم يحتلم يتزوج المرأة فيدخل بها ويجامعها ومثله يجامع أيحصنها ؟ قال : لا قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت هذا الصبي إذا بنى بامرأة وجامعها هل يجب بجماعها المهر أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك لها ولا عدة عليها إن صالحها أبوه أو وصيه قلت : أرأيت الخصي القائم الذكر هل يحصن ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن قال مالك : هو نكاح وهو يغتسل منه ويقام فيه الحد وإذا تزوج وجامع فذلك إحصان
قلت : أرأيت المجبوب والخصي هل يحصنان المرأة ؟ قال : نعم في رأيي لأن المرأة إذا رضيت بأن تتزوج مجبوبا أو خصيا قائم الذكر فهو وطء يجب فيه الصداق ويجب بوطء المجبوب والخصي الحد فإذا كان هكذا فجماعه في النكاح إحصان وهو نكاح صحيح إلا أن لها أن تختار إن لم تعلم وإن علمت فرضيت فوطئها بعد علمها فهو نكاح قلت : أرأيت المجبوب هل يحصنها ؟ قال : لا يحصنها إلا الوطء عند مالك والمجبوب لا يطأ قلت : أرأيت العبد هل يحصن المرأة الحرة ؟ قال : نعم قلت : أرأيت امرأة تزوجت خصيا وهي لا تعلم أنه خصي فكان يطؤها ثم علمت أنه خصي فاختارت فراقه أيكون وطؤه ذلك إحصانا في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أراه إحصانا له ولا لها ولا يكون الإحصان عند مالك إلا ما يقام عليه ولا خيار قال ابن القاسم : وإن أصابها بعد علمها بأنه خصي انقطع خيارها ووجب عليها الإحصان بذلك الوطء يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه سمع عبد الملك بن مروان يسأل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هل تحصن الأمة الحر ؟ فقال : نعم فقال له عبد الملك عمن تروي هذا ؟ فقال : أدركنا أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقولون ذلك يونس عن ربيعة أنه قال يحصن الحر بالمملوكة وتحصن الحرة بالعبد لأن الله تبارك وتعالى جعل ذلك تزويجا تجري فيه العدة والردة والصداق وعدة ما أحل الله من النساء يونس عن ابن شهاب قال : إن الأمة تحصن الحر لأن الله قال : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله } ( النور : 32 ) فبذلك كان يرى أهل العلم أنه إحصان ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن وبكير بن الأشج عن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار مثله ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد وعبد الرحمن بن الهدير وكان شيخا قديما مرضيا وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وابن قسيط أنهم كانوا يقولون الحر يحصنه نكاح الأمة والعبد يحصن بنكاحه الحرة مخرمة عن أبيه عن القاسم بن محمد وسالم وسليمان بن يسار مثله ابن وهب عن شمر بن نمير عن حصين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب بذلك مالك قال : بلغني عن القاسم بن محمد أنه كان يقول إذا نكح الحر الأمة فأصابها فقد أحصنته قال مالك وقال ذلك ابن شهاب قال ابن وهب وقال مالك : الأمر عندنا أن الحرة يحصنها العبد إذا مسها

إحصان الأمة واليهودية والنصرانية
قلت : هل تحصن الأمة واليهودية والنصرانية الحر في قول مالك ؟ قال : نعم إذا كان نكاحهن صحيحا قلت : فإن كان النكاح فاسدا أيكونان به محصنين إذا كانا حرين مسلمين أو حر مسلم على نصرانية أو أمة والنكاح فاسد ؟ قال : لا يحصن هذا النكاح وإنما يحصن من النكاح عند مالك ما كان منه يقام عليه قلت : أرأيت المسلم يتزوج النصرانية فيطؤها ثم يطلقها أو يموت عنها ثم تزني قبل أن تسلم وهي تحت زوج فيجامعها من بعد الإسلام ؟ قال : فإن جامعها من بعد الإسلام أحصنها وإلا لم يحصنها
قال مالك : وكذلك الأمة لا يحصنها زوجها بجماع كان منه وهي في رقها وإنما يحصنها إذا جامعها بعدما عتقت يونس عن ربيعة أنه قال : لا تحصن نصرانية بمسلم إن جاز له نكاحها ولا يحصن من كان على غير الإسلام بنكاحه وإن كانوا من أهل الذمة بين
ظهراني المسلمين حتى يخرجوا من دينهم إلى الإسلام ثم يحصنون في الإسلام قد أقروا بالذمة على ما هو أعظم من نكاح الأمهات والبنات على قول البهتان وعبادة غير الرحمن يونس عن ربيعة أنه قال : لا يحصن العبد ولا الأمة بنكاح كان في رق فإذا أعتقهما فكأنهما لم يتزوجا قبل ذلك فإذا تزوجا بعد العتاقة وابتنيا فقد حصنا يونس عن ابن شهاب أنه قال في مملوك تحت أمة فعتقا ثم زنيا بعد ذلك قال : يجلد كل واحدة منهما مائة جلدة فإنهما عتقا وهما متناكحان بنكاح الرق يونس عن ابن شهاب أنه قال : لم أسمع أحدا من علمائنا يشك في أنه قد أحصن وأنه قد وجب عليه الرجم إذا نكح المسلم الحر النصرانية مخرمة عن أبيه قال : سمعت عبد الله بن أبي سلمة يقول في رجل تزوج نصرانية ثم زنى عليه من رجم قال : نعم يرجم يونس عن ربيعة أنه قال : إن
جاز للمسلم الحر أن ينكح النصرانية أحصن بها

الدعوى في الإحصان
قلت : أرأيت الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها ثم يطلقها فيقول ما جامعها وتقول المرأة قد جامعني ؟ قال : القول قول المرأة في ذلك قلت : فإن طلقها واحدة ؟ قال : القول قول المرأة في الصداق وعليها العدة ولا يملك الرجعة وهذا قول مالك قال : وبلغني أن مالكا قيل له أفتنكح بهذا زوجا كان طلقها البتة إذا طلقها زوجها ؟ فقال الزوج : لم أطأها وقالت المرأة قد وطئني قال : قال مالك : لا أرى ذلك إلا باجتماع منهما على الوطء
قال ابن القاسم : وأرى أن تدين في ذلك وخلي بينها وبين نكاحه وأخاف أن يكون هذا من الذي طلقها ضررا منه في نكاحها قلت : فهل يكون الرجل محصنا أم لا ؟ قال : لا يكون محصنا ولا تصدق عليه المرأة في الإحصان سحنون وقال بعض الرواة وإن أخذ منه الصداق لأنه إنما أخذ منه الصداق لما مضى من الحكم الظاهر وهو لم يقر بأنه أصابها قلت : أرأيت المرأة تكون محصنة في قول مالك وقد أقرت بالجماع ؟ قال : لا تكون محصنة وكذلك بلغني عن مالك وقال بعض الرواة لها أن تسقط ما أقرت به من الإحصان قبل أن تؤخذ في زنا وبعدما أحدت لادعائها الصداق وأنها لو لم تدعه إذا لم يقر به الزوج لم يكن لها فلما كان إقرارها بالوطء الذي تزعم أنها إنما أقرت به للصداق كان لها أن تلغي الإحصان الذي أقرت به
قلت لابن القاسم : أرأيت العنين أو الرجل الذي ليس بعنين يدخل بامرأة فيدعي أنه قد جامعها وأنكرت هي الجماع ؟ وقالت ما جامعني ثم طلقها البتة ؟ قال : قد أقر لها بالصداق فقال لها خذي إن شئت وإن شئت فدعي قلت : فإن زنت المرأة بعد ذلك أتكون محصنة ؟ قال : لا تكون محصنة إلا بأمر يعرف به المسيس بعد النكاح قلت : أرأيت المرأة تقيم مع زوجها عشرين سنة ثم وجدوها تزني فقال الزوج قد كنت أجامعها وقالت المرأة : ما جامعني أتكون محصنة أم لا في قول مالك ؟ قال ابن القاسم أراها محصنة
قال سحنون وكذلك يقول غيره أنها محصنة وليس لها إنكار لأنها إنما تدفع حدا وجب عليها لم يكن منها فيه قبل ذلك دعوى قلت : أرأيت لو أن امرأة طلقها زوجها البتة قبل البناء بها فتزوجت غيره فلم يدخل بها حتى مات فادعت المرأة أنه قد جامعها ولم يبن بها قالت : طرقني ليلا فجامعني أيحلها لزوجها الأول أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن تصدق في الجماع إن أرادت الرجوع إلى زوجها إلا بدخول يعرف قلت : فإن زنت أتكون عنده محصنة بقولها ذلك أم لا ؟ قال : لا تكون محصنة قال سحنون : وهذا مثل الأولى لها طرح ما ادعت

إحصان المرتدة
قلت : أرأيت المسلم يتزوج المرأة ويدخل بها ثم ترتد عن الإسلام ثم ترجع إلى الإسلام فتزني قبل أن تتزوج من بعد الردة أترجم أم لا ترجم ؟ قال : لا أرى أن ترجم ولم أسمعه من مالك إلا أن مالكا سئل عنها إذا ارتدت وقد حجت ثم رجعت إلى الإسلام يجزئها ذلك الحج ؟ قال : لا حتى تحج حجة مستأنفة فإذا كان عليها حجة الإسلام حتى يكون إسلامها ذلك كأنه مبتدأ مثل من أسلم كان ما كان من زنا قبله موضوعا وما كان لله وإنما تؤخذ في ذلك بما كان للناس من الفرقة والسرقة مما لو عملته وهي كافرة كان ذلك عليها وكل ما كان لله مما تركته قبل ارتدادها من صلاة تركتها أو صيام أفطرته في رمضان أو زكاة تركتها أو زنا زنته فذلك كله عنها موضوع ولتستأنف بعد أن رجعت إلى الإسلام ما كان يستأنف الكافر إذا أسلم
قال ابن القاسم : وهوأحسن ما سمعت وهو رأيي قال ابن القاسم : والمرتد إذا ارتد وعليه إيمان بالعتق أو عليه ظهار أو عليه إيمان بالله قد حلف بها أن الردة تسقط ذلك عنه سحنون وقد قال بعض الرواة إن ردته لا تطرح إحسانه في الإسلام ولا إيمانه بالطلاق ألا ترى أنه لو طلق امرأته ثلاثا في الإسلام ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام أكان يكون له تزويجها بغير زوج ولو نكح امرأة قد طلقها زوجها ثلاثا ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام ما كانت الزوجة تحل لزوجها الذي طلقها ثلاثا بنكاحه قبل أن يرتد ووطئه إياها قلت : أرأيت العبدين إذا أعتقا وهما زوجان فلم يجامعها بعد العتق حتى زنيا أيكونان محصنين أم لا يكونان محصنين ؟ قال : لا يكونان محصنين إلا بجماع من بعد العتق وكذلك قال ابن شهاب وربيعة

في الإحلال
قلت : أرأيت إن تزوج رجل امرأة بغير ولي استخلفت على نفسها رجلا فزوجها ودخل بها أيكون هذا النكاح إحصانا في قول مالك أم لا ؟ قال : لا يكون إحصانا
قلت : فهل يحلها وطء هذا الزوج لزوج كان قبله طلقها ثلاثا في قول مالك ؟ قال : لا إذا فرق بينهما ولا يكون الإحصان إلا في نكاح لا يفرق فيه الولي مع وطء يحل إلا أن يجيزه الولي أو السلطان فيطؤها بعد إجازته فيكون إحصانا بمنزلة العبد إذا وطىء قبل إجازة السيد فليس ذلك بإحصان ولا تحل لزوج كان قبله إلا أن يجيز السيد فيطؤها بعد ذلك فيكون إحصانا وتحل بذلك لزوج كان قبله فكذلك التي تنكح بغير ولى وهو ما لو أراد السلطان أن يفسخه فسخه أو الولي لم يكن إحصانا ولم تحل لزوج كان قبله بهذا النكاح وهذا الذي سمعت من قول مالك ممن أثق به
قلت : فهل يحلها وطء الصبي لزوج كان قبله إذا جامعها ؟ قال : قال مالك : لا يحلها وطء الصبي لزوج كان قبله إذا جامعها لأن وطء الصبي ليس بوطء ولأن مالكا قال لي أيضا لو أن كبيرة زنت بصبي لم يكن عليها الحد ولا يكون وطؤه إحصانا وإنما يحصن من الوطء ما يجب فيه الحد قلت : أرأيت المجنون والخصي القائم الذكر هل تحل المرأة بجماعهما لزوج كان طلقها قبلهما ثلاثا في قول مالك ؟ قال : نعم في رأيي لأن هذا وطء كبير قلت : أرأيت المجبوب هل يحلها لزوج كان طلقها ثلاثا ؟ قال : لا لأنه لا يجامع قلت : أرأيت الصبية إذا تزوجها رجل فطلقها ثلاثا ثم تزوجت آخر من بعده ومثلها يوطأ وذلك قبل أن تحيض فوطئها الثاني فطلقها أيضا أو مات عنها أتحل لزوجها الأول الذي طلقها ثلاثا بوطء هذا الثاني وإنما وطئها قبل أن تحيض ؟ قال : نعم وهذا قول مالك قلت : أرأيت ما لا تجعلها به محصنة هل تحلها بذلك الوطء وذلك النكاح لزوج كان قد طلقها ثلاثا في قول مالك ؟ قال : لا وكذلك بلغني عن مالك في الإحصان
قال ابن القاسم : وقال لي مالك في نكاح العبد وكل نكاح كان حراما يفسخ ولا يترك عليه أهله مثل المرأة تزوج نفسها والأمة تزوج نفسها والرجل يتزوج أخته من الرضاعة أو من ذوات المحارم وهو لا يعلم أو يتزوج أخت امرأته وهو لا يعلم فيدخل
بها أو عمتها أو خالتها أو ما أشبه ذلك فإنه لا يحلها بذلك الوطء لزوج كان قد طلقها قبله ثلاثا ولا يكون ذلك الوطء ولا ذلك النكاح إحصانا وهو رأيي قلت : أرأيت كل نكاح يكون للأولياء إن شاؤوا أثبتوه وإن شاؤوا ردوه وإلى المرأة إن شاءت رضيت وإن شاءت فسخت النكاح مثل المرأة تتزوج الرجل وهو عبد لا تعلم به والرجل يتزوج المرأة وهي جذماء أو برصاء لا يعلم بذلك حتى وطئها فاختارت المرأة فراق العبد واختار الرجل فراق هذه المرأة أيكون هذا النكاح والوطء مما يحلها الزوج كان قبله ؟ قال : قال لي مالك في المرأة تنكح الرجل وهو عبد لا تعلم به ثم علمت به بعدما وطئها فاختارت فراقه أن ذلك الوطء لا يحلها لزوج كان قبله فكذلك مسائلك كلها
قلت : وهل تكون بذلك الوطء محصنة هذه المرأة ؟ قال : لا تكون محصنة به في رأيي وقد أخبرتك أن مالكا كان يقول لا تكون محصنة إلا بالنكاح الذي ليس إلى أحد فسخه فهذا يجزئك لأن مالكا قال : لو تزوج رجل امرأة وقد كان طلقها زوجها ثلاثا فوطئها وهي حائض ثم فارقها لم تحل لزوجها الأول قال ابن القاسم : ولا تكون بمثل هذا محصنة وكذلك الذي تزوج المرأة في رمضان فيطؤها نهارا أو يتزوجها وهي محرمة أو هو محرم فيطؤها فهذا كله لا يحل لزوج كان طلقها ولا يكونان به محصنين وكذلك كل وطء نهى الله مثل وطء المعتكفة وغيرذلك
قال سحنون : وقد قال بعض الرواة وهو المخزومي قال الله
تعالى : { لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } ( البقرة : 230 ) وقد نهى الله عن وطء الحائض فلايكون ما نهى الله عنه يحل ما أمر به يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال : ليس على الرجل إحصان حتى يتزوج ويدخل بامرأته ولا على المرأة حتى يدخل بها زوجها قال ربيعة : الإحصان الإسلام للحرة والأمة لأن الإسلام أحصنهن إلا بما أحلهن به والإحصان من الحرة أن لها مهرها وبضعها لا تحل إلا به والإحصان أن يملك بضعها عليها زوجها وأن تأخذ مهرها ذلك الذي استحل ذلك منها به إن كانت عند زوج أو تأيمت منه وذلك أن تنكح وتوطأ
يونس عن ابن شهاب أنه قال ليس على الذي يتسرر الأمة حين يأتي بفاحشة الرجم ولكن عليه جلد مائة وتغريب عام يونس عن ابن شهاب أنه قال : ترى الإحصان إذا تزوج الرجل المرأة ثم مسها أن عليه الرجم إن زنى قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن نصرانية تحت مسلم طلقها البتة ثم تزوجها نصراني ثم مات عنها أو طلقها النصراني البتة هل تحل لزوجها الأول أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا تحل لزوجها الأول بهذا النكاح قلت : فإن كان هذا النصراني الذي تزوجها بعد هذا المسلم أسلم يثبت على نكاحه ؟ قال : قال مالك : نعم يثبت على نكاحه قلت : فهذا إذا أسلم يثبت على نكاحه وهو إن طلقها قبل أن يسلم لم يجعله مالك نكاحا يحلها به لزوجها الأول ؟ قال : نعم لأنه كان نكاحا في الشرك لا يحلها لزوجها الأول المسلم الذي طلقها البتة وهو إن أسلم وهي نصرانية يثبت على نكاحه الذي كان في الشرك وإن أسلما جميعا ثبتا على نكاحهما الذي كان في الشرك وبهذا مضت السنة قلت : أرأيت إن أسلم وهي نصرانية فوطئها بعدما أسلم وقد كان زوجها المسلم طلقها البتة أيحلها هذا الوطء بعد إسلامه إن هو مات عنها أو طلقها لزوجها الأول في قول مالك ؟ قال : نعم
قلت : أرأيت إن تزوجها عبد بعدما طلقها زوجها البتة بغير أمر سيده فوطئها ثم طلقها أيحلها وطء هذا العبد لزوجها الأول ؟ قال : قال مالك : لا يحلها ذلك لزوجها الأول إلا أن يجيز السيد نكاحه ثم يطؤها بعدما أجاز السيد نكاحه أو يكون السيد كان أمره بالنكاح فنكح ثم وطىء فهذه يحلها نكاح العبد ووطؤه لزوج كان قبله طلقها البتة
قال مالك : وأما إذا تزوج بغير إذن سيده فوطىء فإن وطأها هذا لا يحلها لزوج كان قبله طلقها البتة قلت : أرأيت العبد إذا تزوج بغير إذن سيده فطلقها البتة قبل أن يجيز سيده نكاحه وقبل أن يعلم ذلك أيقع طلاقه عليها في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وكيف يقع الطلاق عليها ؟ قال : لأن مالكا قال في الرجل إذا تزوج فكان إلى أحد من الناس أن يجيز ذلك النكاح إن أحب وإن أحب أن يفسخه فسخه فلم يبالغ ذلك الولي الذي كان ذلك في يده حتى طلق الزوج إن طلاق الزوج واقع لأن الولي لو فسخ ذلك النكاح كان طلاقا فكذلك الزوج إذا طلق وقع طلاقه ولا يحلها وطؤه إياها لزوج كان طلقها قبله ثلاثا وكذلك العبد وقال غيره لا يحلها إلا النكاح التام الذي لا وصم فيه ولا قول مع الوطء الحلال قلت : أرأيت إن تزوج رجل امرأة بغير إذن الولي فدخل بها وقد كانت تحت زوج قبله طلقها البتة ففرق الولي بينها وبين زوجها هذا الآخر بعدما كان وطئها أو مات عنها أو طلقها البتة أو طلقها واحدة فانقضت عدتها أيحلها هذا النكاح للزوج الذي طلقها البتة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يحلها هذا النكاح وإن وطىء فيه لزوج كان قبله طلقها البتة إلا أن يطأ بعد إجازة الأولياء فإن وطئها بعد إجازة الأولياء فإن ذلك يحلها لزوجها الذي كان قبله
قلت : أرأيت كل نكاح فاسد لا يقر على حال فإن دخل بها زوجها وكان ذلك بإذن الأولياء أيحلها ذلك النكاح إذا دخل بها ففرق بينهما لزوج كان قبله طلقها البتة في قول مالك ؟ قال : لا يحلها بذلك لزوجها الذي كان قبله في قول مالك قلت : أرأيت لو أن صبيا تزوج امرأة بإذن أبيه قد كان طلقها زوجها قبل ذلك البتة فدخل بها هذا الصبي فجامعها ومثله يجامع إلا أنه لم يحتلم فمات عنها هذا الصبي أيحلها جماعه إياها لزوجها الذي كان طلقها البتة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يحلها ذلك لزوجها لأن وطء هذا الصبي ليس بوطء وإنما الوطء ما يجب فيه الحدود قلت : أتقع لذلك الحرمة فيما بين آبائه وأولاد هذا الصبي وبين وهذه المرأة ؟ قال : نعم بالعقدة تقع الحرمة في قول مالك قبل الجماع قال : وسمعت مالكا يقول في المسلم يطلق النصرانية ثم يتزوجها النصراني ويدخل بها إن ذلك ليس يحلها لزوجها قال مالك : لأن نكاحهم ليس بنكاح المسلمين قلت : ولم وهم يثبتون على هذا النكاح إن أسلموا ؟ قال : قال مالك : هو نكاح إن أسلموا
قال ابن القاسم : وابن وهب وعلي عن مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير عن أبيه أن رفاعة بن سموال طلق امرأته تميمة بنت وهب على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثلاثا فنكحها عبد الرحمن بن الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الذي كان طلقها قال عبد الرحمن فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن تزويجها وقال : [ لا تحل لك حتى تذوق العسيلة ]
يونس عن ابن شهاب أنه قال : فمن أجل ذلك لا يحل لمن بت طلاق امرأته أن يتزوجها حتى تتزوج زوجا غيره ويدخل بها ويمسها يزيد بن عياض أنه سمع نافعا يقول إن رجلا سأل ابن عمر عن التحليل فقال ابن عمر عرفت عمر بن الخطاب لو رأى شيئا من هذا لرجم فيه
ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم منهم ابن لهيعه والليث عن محمد بن عبد الرحمن المرادي أنه سمع أبا مرزوق التجيبي يقول : إن رجلا طلق امرأته ثلاثا ثم ندما وكان لهما جار فأراد أن يحلل بينهما بغير علمهما قال : فلقيت عثمان بن عفان وهو راكب على فرسه فقلت : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فقف على فقال : إني على عجل فاركب ورائي ففعل ثم قص عليه الأمر فقال له عثمان لا إلا بنكاح رغبة غير هذا السنة يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي جعفر عن شيخ من الأنصار قديم يقال له أبو عامر عن عثمان بهذا قال عبيد الله فحسبت أنه قال : ولا أستهزىء بكتاب الله وأخبرني رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن المسيب وطاوس وعبد الله بن يزيد بن هرمز والوليد بن عبد الملك وغيرهم من التابعين مثله قال ابن المسيب لو فعلت كان عليك إثمهما ما بقيا قال الوليد كنت أسمع يقال إن الزنا ثلاثة الرجل والمحلل والمرأة وقال بعضهم اتق الله ولا تكن مسمار نار في كتاب الله فقلت لمالك : إنه يحتسب في ذلك فقال يحتسب في غير هذا وقال الليث لا ينكح بنكاح رغبة

في نكاح المشركين وأهل الكتاب وإسلام أحد الزوجين والسبي والارتداد
قلت لعبدالرحمن بن القاسم : أرأيت إن تزوج نصراني نصرانية على خمر أو على خنزير أو بغير مهر أو اشترط أن لا مهر لها وهم يستحلون ذلك في دينهم فأسلما ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأحب إلي أن كان قد دخل بها أن يكون لها في جميع هذا صداق مثلها إذا لم تكن قبضت قبل البناء شيئا كان لها صداق مثلها فإن كان قد دخل بها وقبضت قبل البناء بها ما كان أصدقها ولم يكن على الزوج شيء وهم على نكاحهما فإن كان لم يدخل بها حتى أسلما وقد قبضت ما أصدقها أو لم تقبض فأرى أنه بالخيار إن أحب أن يعطيها صداق مثلها ويدخل فذلك له وإن أبى فرق بينهما ولم يكن لها عليه شيء وكانت تطليقة واحدة وقال بعض الرواة إن قبضت ما أصدقها ثم أسلما ولم يدخل فلا شيء لها لأنها قد قبضته في حال هو لها ملك
قلت : أرأيت لو أن ذميا تزوج مسلمة بإذن الولي ودخل الذمي بها ماذا يصنع بهذا الذمي وبالمرأة وبالولي أيقام على المرأة الذمي الحد ويوجع الولي عقوبة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : في ذمي اشترى مسلمة فوطئها قال : أرى أن يتقدم إلى أهل الذمة في ذلك أشد التقدم ويعاقبون على ذلك ويضربون بعد التقدم قال ابن القاسم : فأرى إن كان ممن يعذر بالجهالة من أهل الذمة لم يضرب ولا أرى أن يقام في هذا حد ولكني أرى العقوبة إن لم يجهلوا ابن وهب عن سفيان الثوري عن يزيد بن أبي زياد قال : سمعت زيد بن وهب الجهني يقول : كتب عمر بن الخطاب يقول إن المسلم ينكح النصرانية وينكح النصراني المسلمة
قال يزيد بن عياض وبلغني عن علي بن أبي طالب أنه قال : لا ينكح اليهودي المسلمة ولا النصراني المسلمة يونس عن ربيعة أنه قال : لا يجوز لنصراني أن ينكح الحرة المسلمة مخرمة بن بكيرعن أبيه قال : سمعت عبد الله بن أبي سلمة يسأل هل يصح للمسلمة أن تنكح النصراني ؟ قال : لا قال بكير وقال ذلك ابن قسيط والقاسم بن محمد قالا ولا اليهودي وسليمان بن يسار وأبو سلمة بن عبد الرحمن قالوا : فإن فعلا ذلك فرق بينهما السلطان
يونس عن ربيعة أنه قال في نصراني أنكحه قوم وهو يخبرهم أنه مسلم فلما خشي أن يطلع عليه أسلم وقد بنى بها قال ربيعة يفرق بينهما وإن رضي أهل المرأة لأن نكاحه كان لا يحل وكان لها الصداق ثم إن رجع إلى الكفر بعد الإسلام ضربت عنقه قلت : أرأيت لو أن مجوسيين أسلم الزوج أتنقطع العصمة فيما بينه وبين امرأته أم لا تنقطع العصمة حتى توقف المرأة فإما أن تسلم وإما أن تأبى فتنقطع العصمة بإبائها الإسلام في قول مالك أم كيف يصنع في أمرها ؟ قال : قال مالك : إذا أسلم الزوج قبل المرأة وهما مجوسيان وقعت الفرقة بينهما وذلك إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم قال ابن القاسم : وأرى إذا طال ذلك فلا تكون امرأته وإن أسلمت وتنقطع فيما بينهما إذا تطاول ذلك قلت : كم يجعل ذلك ؟ قال : لا أدري ؟ قلت : أشهرين ؟ قال : قال : لا أحد فيه حدا وأرى الشهر وأكثر من ذلك قليلا وليس بكثير قلت : أرأيت الزوجين المجوسيين إذا أسلمت المرأة أو النصرانيين أو اليهوديين إذا أسلمت المرأة أهم سواء ؟ قال : نعم سواء عند مالك قال : وقال مالك : والزوج أملك بالمرأة إذا أسلم وهي في عدتها فإذا انقضت عدتها فلا سبيل له عليها وإن أسلم بعد ذلك قلت : وهل يكون إسلام أحد الزوجين طلاقا إذا بانت منه في قول مالك ؟ قال : قال : لا يكون إسلام أحد الزوجين طلاقا إنما هوفسخ بلا طلاق
ابن وهب عن مالك وعبد الجبار ويونس عن ابن شهاب قال : بلغنا أن نساء في عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم كن يسلمن بأرضهن غير مهاجرات وأزواجهن حين يسلمن كفار منهن ابنة الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح بمكة وهرب صفوان من الإسلام فركب البحر فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه وهب بن عمير بن خلف برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يقدم عليه فإن أحب أن يسلم أسلم وإلا سيره شهرين قال : عبد الجبار في الحديث فأدركه وقد ركب في البحر فصاح به أبا وهب فقال : ما عندك وماذا تريد فقال : هذا رداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لك فتأتي فتقيم شهرين فإن رضيت أمرا قبلته وإلا رجعت إلى مأمنك قالوا في الحديث فلما قدم صفوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه وهو بالأبطح بمكة ناداه على رؤوس الناس وهو على فرسه راكب فسلم عليه ثم قال يا محمد إن هذا وهب بن عمير أتاني بردائك فزعم أنك تدعوني إلى القدوم عليك إن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ انزل أبا وهب ] قال : والله لا أنزل حتى تبين لي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا بل لك تسير أربعة أشهر ] فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين وسار صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفرق بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان فاستقرت امرأته عنده بذلك النكاح قال مالك : قال ابن شهاب وكان بين إسلام امرأة صفوان وبين إسلام صفوان نحو من شهر قالوا عن ابن شهاب وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن هشام يوم الفتح بمكة وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وهي مسلمة حتى قدمت عليه اليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم فقدمت به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه قال فلم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بينه وبينها واستقرت عنده بذلك النكاح ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تحت أبي العاصي بن الربيع فأسلمت وهاجرت وكره زوجها الإسلام ثم إن أبا العاصي خرج إلى الشام تاجرا فأسره رجال من الأنصار فقدموا به المدينة فقالت زينب أنه يجير على المسلمين أدناهم قال : ومن ذلك ؟ قالت : أبو العاصي
قال قد أجرنا من أجارت زينب فأسلم وهي في عدتها ثم كان على نكاحه
مالك ويونس وقرة عن ابن شهاب أنه قال لم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله وإلى رسوله وزوجها كافر مقيم بأرض الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها الكافر إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي العدة وأنه لم يبلغنا أن أحدا فرق بينه وبين زوجته بعد أن قدم عليها مهاجرا وهي في عدتها قال يونس قال ابن شهاب ولكن السنة قد مضت في المهاجرات اللاتي قال الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } ( الممتحنة : 10 ) قال فكانت السنة إذا هاجرت المرأة أن يبرأ من عصمتها الكافر وتعتد فإذا انقضت عدتها نكحت من بدا لها من المسلمين قلت : أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة في دار الحرب وهو من أهل الحرب ثم خرج إلينا بأمان فأسلم أتنقطع العصمة فيما بينه وبين امرأته أم لا ؟ قال : أرى أنهما على نكاحهما ولا يكون افتراقهما في الدارين قطعا للنكاح
قلت : أرأيت لو أن نصرانيين في دار الحرب زوجين أسلم الزوج ولم تسلم المرأة ؟ قال : هما على نكاحهما في رأيي إلا أني قد أخبرتك أن مالكا كره نكاح نساء أهل الحرب للولد وهذا أكره له أن يطأها بعد الإسلام في دار الحرب خوفا من أن تلد ولدا فيكون على دين الأم قلت : أرأيت إن خرجا إلينا بأمان الرجل والمرأة فأسلم أحدهما عندنا ؟ قال : سبيلهما في الفرقة والاجتماع كسبيل الذميين إذا أسلم أحد الذميين قلت : أرأيت الحربي يخرج إلينا بأمان فيسلم وقد خلف زوجة له نصرانية في دار الحرب فطلقها أيقع الطلاق عليها في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن الطلاق واقع عليها لأن افتراق الدارين ليس بشيء وهي وجته فلما كانت زوجته وقع الطلاق عليها قلت : أرأيت النصراني يكون على النصرانية فيسلم الزوج أتكون امرأته على حالها ؟ قال : نعم قال : قال مالك : هو بمنزلة مسلم تزوج نصرانية أو يهودية
قلت : أرأيت إذا كان نصراني تحته مجوسية أسلم الزوج أيعرض على المجوسية الإسلام في قول مالك أم لا ؟ قال : أرى إنه يعرض على المرأة الإسلام إذا أسلم زوجها فأرى قبل أن يتطاول قلت : ولم تعرض عليها الإسلام وأنت لا تجيز نكاح المجوسية على حال ؟ قال : ألا ترى أن المسلمة لا يجوز أن ينكحها النصراني ولا اليهودي على حال وهي إذا كانت نصرانية تحت نصراني فأسلمت إن الزوج أملك بها ما دامت في عدتها ولو أن نصرانيا ابتدأ نكاح مسلمة كان النكاح باطلا فهذا يدلك على أن المجوسية يعرض عليها الإسلام أيضا إذا أسلم الزوج ما لم يتطاول ذلك قلت : وهذا أيضا لم قلتموه إن النصراني إذا أسلمت امرأته أنه أملك بها ما دامت في عدتها وهو لا يحل له نكاح مسلمة ابتداء وقد قال الله
تعالى : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } ( الممتحنة : 10 ) قال : جاءت الآثار أنه أملك بها ما دامت في عدتها إن هو أسلم وقامت به السنن عن النبي عليه السلام فليس لما قامت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم قياس ولا نظر
قلت : أرأيت لو أن نصرانيا تزوج صبية نصرانية زوجها أبوها فأسلم الزوج قال : هما على النكاح في رأيي
قلت : فإن بلغت الصبية أيكون لها الخيار أم لا في قول مالك ؟ قال : لا خيار لها في قول مالك لأن الأب هو زوجها قلت : أرأيت الصبي الذمي يزوجه أبوه ذمية أو مجوسية فيسلم الصبي أيكون إسلام الصبي إسلاما تقع فيه الفرقة بينه وبين امرأته في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من قول مالك فيه شيئا ولا أرى الفرقة تقع بينهما إلا أن يثبت على إسلامه حتى يحتلم وهو مسلم فتقع الفرقة بينهما إلا أن تسلم عند ذلك لأنه لو ارتد عن الإسلام قبل أن يحتلم لم أقتله بارتداده ذلك قلت : أرأيت المجوسيين إذا أسلم الزوج قبل البناء ففرقت بينهما أيكون نصف الصداق على الزوج أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يكون عليه شيء ألا ترى أن هذا فسخ وليس بطلاق قلت : أرأيت إذا وقعت الفرقة بين الزوجين بإسلام أحدهما وذلك قبل البناء بامرأته أنه لا شيء لها من الصداق وإن كان قد سمى لها داقها ولا متعة لها ؟ قال : نعم لا صداق لها ولا متعة لها وهذا قول مالك قلت : أرأيت إن كان قد دخل بها وهما ذميان فأسلمت المرأة ووقعت الفرقة وقد دخل بهما أو كانا مجوسيين فأسلم الزوج ووقعت الفرقة فرفعتها حيضتها أيكون لها السكنى في قول مالك ؟ قال : نعم لأن المرأة حين أسلمت كان لزوجها عليها الرجعة إن أسلم في عدتها ولأن المجوسي إذا أسلم أتبعه ولده منها فأرى السكنى عليه لها لأنها إن كانت حاملا أتبعه ما في بطنها وإنما حبست من أجله فأرى ذلك عليه لأن مالكا قال في الذي يتزوج أخته من الرضاعة وهو لا يعلم ففرق بينهما إن لها السكنى إن كان قد دخل بها لأنها تعتد منه وإن كان فسخا فكذلك أيضا الذي سألت عنه لها السكنى لأنها تعتد من زوجها والذي سألت عنه أقوى من هذا
قلت : أرأيت لو أن امرأة من أهل الحرب خرجت إلينا فأسلمت وزوجها في دار الحرب أتنكح مكانها أم حتى تنقضي عدتها ؟ قال : قال مالك : إنعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية أسلم نساؤهما قبلهما وهاجرن وهرب عكرمة إلى أرض الشرك ثم أسلم فردها إليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم على نكاحه الأول قال : وقال مالك : قال ابن شهاب ولم يبلغني أن امرأة هاجرت إلى الله وإلى رسوله وزوجها مقيم في دار الحرب ففرقت الهجرة بينهما إذا أسلم وهي في عدتها ولكنها امرأته إذا أسلم وهي في عدتها قال ابن القاسم : وأنا أرى لو أن امرأة أسلمت في دار الحرب وهاجرت إلى دار الإسلام أو خرجت بأمان فأسلمت بعدما خرجت وزوجها في دار الحرب إن إسلامها لا يقطع ما كان لزوجها من عصمتها إن أسلم وهي في عدتها إن أثبت أنه زوجها لأن عكرمة وصفوان قد علم أصحاب النبي عليه السلام أن أولئك النساء كن أزواجهما قلت : أرأيت التي أسلمت وزوجها مقيم في دار الحرب لم جعلت عليها ثلاث حيض في قول مالك ؟ قال : لأن استبراء الحرائر ثلاث حيض ولأن هذه لها زوج وهو أملك بها إن أسلم في عدتها وليست بمنزلة الأمة التي سبيت لأن الأمة التي سبيت صارت أمة فصاراستبراؤها حيضة قال : وقال مالك : إذا أسلم الزوج في عدة امرأته لم يفرق بينهما إذا أثبت أنها امرأته
قلت : أرأيت الزوجين في دار الحرب إذا خرجت المرأة إلينا فأسلمت أو أسلمت في دار الحرب وذلك كله قبل البناء بها أيكون لزوجها عليها سبيل إن أسلم من يومه ذلك أو من الغد في قول مالك ؟ قال : لا سبيل له عليها في رأيي لأن مالكا قال في الذميين النصرانيين إذا أسلمت المرأة قبل أن يدخل بها زوجها ثم أسلم الزوج بعدها فلا سبيل له إليها فالذي سألت عنه من أمر الزوجين في دار الحرب بهذه المنزلة لأن مالكا قال : قال ابن شهاب لم يبلغني أن امرأة أسلمت فهاجرت إلى الله وإلى رسوله وتركت زوجها مقيما بدار الكفر إن أسلم في عدتها إن عصمتها لا تنقطع وإنها كما هي فهذا يدلك على أن مالكا لا يرى افتراق الدارين شيئا إذا أسلم وهي في عدتها وإن فرقتهما الداران دار الإسلام ودار الحرب قلت : أرأيت إن أسلمت المرأة وزوجها كافر وذلك قبل البناء بها أيكون عليه من المهر شيء أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا شيء لها عليه من المهر قلت : فإن كان قد بنى بها ؟ قال : فلها المهركاملا قلت : أرأيت إن أسلمت المرأة وزوجها كافر يعرض على زوجها الإسلام في قول مالك أم لا ؟ قال : لا يعرض عليه الإسلام في رأيي ولكنه أسلم وهي في عدتها فهو أحق بها وإن انقضت عدتها فلا سبيل له عليها قال : وقال مالك في النصرانية تكون تحت النصراني فتسلم فيطلقها في عدتها البتة وهو نصراني قال : قال مالك : لا يلزمها من طلاقه شيء وهو نصراني وإن أسلم وهي في عدتها بعدما طلقها وهو نصراني كانت زوجته وكان طلاقه ذلك باطلا إلا أن يطلقها بعد أن يسلم وإن انقضت عدتها تزوجها بعد ذلك كان نكاحه جائزا وكان الطلاق الذي طلقها وهو نصراني باطلا قلت : أرأيت الزوجين إذا سبيا معا أيكونان على نكاحهما أم لا ؟ فقال عبد الرحمن وأشهب السباء يفسخ النكاح وقال أشهب سبيا جميعا أو مفترقين مخرمة عن أبيه قال : سمعت ابن قسيط واستفتي في رجل ابتاع عبدا من السبي وامرأته جميعا قبل أن يفرق بينهما السهمان أيصلح له أن يفرق بينهما فيطأ الوليدة أو يصلح له إن فرق بينهما السهمان أن يطأها حتى يفارقها فيطلقها العبد فقال : يفرق بينهما إن شاء ويطؤها قال بكير وقال ابن شهاب إذا كانا سبيين كافرين فإن الناس يفرقون بينهما ثم يتركها حتى تعتد عدة الأمة وأخبرني إسماعيل بن عياش أن محمد بن علي قال : السباء يهدم نكاح الزوجين وقال الليث مثل ذلك قال : وقال مالك : في الذين يقدمون علينا من أهل الحرب بالرقيق فيبيعون الرقيق منا فيبيعون العلج والعلجة فيزعم العلج أنها زوجته وتزعم المرأة أنه زوجها قال : إن زعم ذلك ذلك الذين باعوهما أو علم بصدق قولهما ببينة رأيت أن يقرا على نكاحهما ولا يفرق بينهما وإن لم يكن إلا قول العلج والعلجة لم يصدقا وفرق بينهما
قلت : أرأيت إن سبي الزوج قبل ثم سبيت المرأة بعد وذلك قبل أن يقسم الزوج أو بعدما قسم أيكونان على نكاحهما أو تنقطع العصمة بينهما حين سبي أحدهما قبل صاحبه وهل يجعل السبي إذا سبي أحدهما قبل صاحبه هدما للنكاح أم لا في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن الذي أرى أن السبي يفسخ النكاح
قال : وقال مالك في الرجل يتزوج الأمة ثم يطلقها واحدة فيسافر عنها أو يرتجعها في سفره وتنقضي عدتها ولا تبلغها رجعته ولا يبلغ سيدها فيطؤها بعد انقضاء عدتها ثم يقدم زوجها فيقيم البينة أنه كان ارتجعها في عدتها قال : لا سبيل للزوج إليها إذا وطئها سيدها بالملك وإنما وطؤها بالملك كوطئها بالنكاح قلت : لو أن نصرانيين في دار الحرب زوجين أسلم الزوج ولم تسلم المرأة ؟ قال : هما على نكاحهما في رأيي إلا أني قد أخبرتك أن مالكا كره نكاح نساء أهل الحرب للولد وهذا أكره له أن يطأها بعد الإسلام في دار الحرب خوفا من أن تلد له ولدا فيكون على دين أمه قلت : أرأيت إن غزى أهل الإسلام تلك الدار فسبوا امرأته هذه أتكون رقيقا ؟ قال : نعم تكون رقيقا وكذلك قال لي مالك قال : قال مالك : لو أن رجلا من أهل الحرب أتى مسلما أو بأمان فأسلم وخلف أهله على النصرانية فى دار الحرب فغزى أهل الإسلام تلك الدار فغنموها وغنموا أهله وولده ؟ قال مالك : هي وولده في أهل الإسلام قال : وبلغني عن مالك أنه قال وماله أيضا في أهل الإسلام فكذلك مسألتك
سحنون وقال بعض الرواة إن ولده تبع لأبيهم إذا كانوا صغارا وكذلك ماله هو له لم يزل ملكه عليه فإن أدركه قبل القسم أخذه وإن قسم فهو أحق به بالثمن قلت : فهل تنقطع العصمة فيما بينهما إذا وقع السبي عليهما أم لا في قول مالك ؟ قال : لا أقوم على حفظ قول مالك الساعة ولكن في رأيي أن النكاح لا ينقطع فيما بينهما وهي زوجته إن أسلمت وإن أبت الإسلام فرقت بينهما لأنها لا تكون زوجة لمسلم وهي أمة نصرانية على حالها لما جرى فيها من الرق بالسبي ولا تنقطع عصمتها بالسبي فإن كان في بطنها ولد لذلك المسلم قال ابن القاسم : رأيته رقيقا لأنه لو كان مع أمه فسبي هو وأمه لكان فيئا وكذلك قال لي مالك فكيف إذا كان في بطنها قلت : ويكون لها الصداق على زوجها الذي سمى لها وهي مملوكة لهذا الذي صارت إليه في السبي ؟ قال : أرى مهرها فيئا لأهل الإسلام ولا يكون المهر لها ولا لسيدها لأنها إنما قسمت في السبي لسيدها ولا مهر لها وإنما مهرها فيء لأنه حين سبيت صار مهرها ذلك فيئا ولم أسمع ذلك من مالك وهو رأيي قلت : وتجعل المهر فيئا لذلك الجيش أم لجميع المسلمين ؟ قال : بل هو فيء لذلك الجيش
قلت : أرأيت المرأة تسبى ولها زوج ما عليها أعليها الاستبراء أم العدة ؟ قال : لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى عليها الاستبراء ولا عدة عليها ابن وهب عن حيوة بن شريح عن أبي صخر عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } سبي أهل الكتاب السبية التي لها زوج بأرضها يسبيها المسلمون فتباع في المغانم فتشتري ولها زوج قال : فهي حلال رجال من أهل العلم عن ابن مسعود ويحيى بن سعيد مثله قال ابن وهب : وبلغني عن أبي سعيد الخدري أنه قال : أصبنا سبيا يوم أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن فسألنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تبارك تعالى { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } ( النساء : 24 ) فاستحللناهن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"