بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 مارس 2010

نبذ من كتاب أشرف المسالك/2

كتاب الأيمان ( 1 )

- وهي لاغية كالحلف على غلبة الظن ( 2 ) وغموس ( 3 ) كالكذب عمدا ومعتقدة على ما يمكنه فعله وهي بالله وأسمائه وصفاته وقوله أقسم أو أعزم إن أراد بالله لا بالنبي والكعبة أو هو يهودي ونحوه أو بريء من الله ويستغفر الله لذلك فلو قال أقسمت لأفعلن إن قصد عقد اليمين على نفسه لزمته لا مجرد مسألة وهو في لأفعلن وإن لم أفعل على حنث وفي لا فعلت وإن فعلت على بر ويتحقق الحنث بفوت المحلوف عليه كقوله لأدخلن اليوم فغربت الشمس ولم يدخل وتعتبر النية ثم الباعث ثم العرف ثم الوضع فمن حلف لا شربت لفلان ماء يريد عدم الانتفاع بمائه أو قطع منته حنث ولو بسلك يحيط به أو قال لا سكنت مع فلان لزمه الانتقال بأهله ومتاعه بدار فإن أراد في بلده فإلى فوق ثلاثة أميال أو لايلبس ثوبا وهو لابسه أو لا يركب دابة وهو راكبها أو لا يدخل بيتا وهو فيه لزمه المبادرة إلى الترك إلا أن يريد الاستئناف أو حلف لا يأكل شيئا بعينه فانتقل عن صفته فإن أراد ما دام على تلك الصفة وإلا حنث أو على شيء أو أشياء ففعل البعض حنث ويستوي العمد والسهو ويلغى تحريم الحلال إلا في الزوجة والأمة فيلزمه الطلاق والعتق
_________
( 1 ) الأيمان جمع يمين واليمين والحلف والايلاء والقسم ألفاظ مترادفة واليمين وردت مؤنثة وفي الحديث في قوله
صلى الله عليه وسلم ( من اقتطع مال مسلم بيمين كاذبة أدخله الله النار ) فقيل له ولو شيئا قلايلا قال ولو قضينا من أراك تجمع اليمين على أيمان وعلى أيمن وهي في اللغة مأخوذة من اليمين الذي هو العضو لأنهم كانوا إذا تحالفوا وضع أحدهم يمينه في صاحبه فسمي الحلف يمينا لذلك وقيل اليمين القوة ويسمى العضو يمينا لوفور قوته على اليسار . ولما كان الحلف يقوي الخبر سمي يمينا وإذا وردت اليمين مذكرة فذلك على معنى الامتناع من فعل المعلق عليه أو الحض على فعله نحو إن دخلت الدار فزوجتي طالق أو إن لم أدخل الدار فزوجتي طالق والثاني القسم بالله تعالى أو بصفته من صفاته على تحقيق خبر أو نفيه على أمر إثباتا أو نفيا بقصد الامتناع عن الشيء المحلوف عليه أو الحث إلى فعله نحو والله لأسافرن أو لا أسافرن : أو والله لقد سافر خالد أو لم يسافر خالد
( 2 ) في الموطأ عن عائشة أنها كانت تقول لغو اليمين قول الانسان لا والله وبلى والله . قال مالك أحسن ماسمعت في هذا أن اللغو حلف الانسان على الشيء يستبن أنه كذلك ثم يوجد الناس وتجاوزهم : وهذا اختيار أبي بكر الأبهري قال الناجي : ووجهه أنها أيمان جارية على اللسان من غير اعتقاد ولا قصد إلى عقد اليمين اه . وهو مذهب الشافعية
( 3 ) سميت هذه اليمين غموسا لأنها تغمس حالفها في النار

( فصل ) الاستثناء

- الاستثناء يمنع الانعقاد ( 1 ) وهو بمشيئة الله إن قصده وبإلا وأخواتها نطقا متصلا إلا أن ينقطع بسعال ونحوه وتلزم الكفارة بالحنث وهي إطعام عشرة مساكين وسطا من الشبع ( 2 ) ورطلان خبزا ويستحب شيء من الإدام ( 3 ) والعدد شرط أو كسوتهم ما تجزئ به الصلاة ( 4 ) أو تحرير رقبة صفتها ما تقدم فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام وتتكرر الكفارة بتكرر اليمين إلا أن يريد التأكيد والمشهور إجزاؤها قبل الحنث وفي الصيام خلاف ويكفر العبد بالصيام والله أعلم
_________
( 1 ) في الرسالة ولا ثنيا ولا كفارة إلا في اليمين بالله أو بشيء من أسمائه وصفاته اه . والثنيا الاستثناء قال وظاهر كلام الشيخ أن الثنيا لاينعقد في الطلاق المعلق كما إذا قال أنت طالق إذا دخلت الدار إن شاء الله ولو رده إلى الفعل وهو كذلك عند ابن القاسم وقال ابن الماجشون إن رده إلى الفعل فلاشيء عليه وصوبه ابن رشد لأنه جار على مذهب أهل السنة اه
وهل الاستثناء رافع للكفارة وهو قول ابن القاسم أو يحل اليمين من أصلها وهو قول ابن الماجشون . فلو حلف واستثنى ثم حلف أنه ماحلف حنث على الأول دون الثاني
( 2 ) بأن يغديهم مرتين أو يعشيهم مرتين أو يغديهم ويعشيهم في يوم واحد أو أكثر
( 3 ) الإدام هو مانسميه نحن اليوم الغموس كالحلاوة الطحينية والفول والحلوى كالتمر والزبيب ونحو ذلك
( 4 ) للرجل ثوب يستر جميع بدنه إلى كعبه أو قريب منه لا إزار وعمامة وللمرأة درع سابغ وخمار أي قميص يستر جميع بدنها و ( طرحة ) من وسط كسوة أهله كالطعام وكانت الكسوة من غير وسط أهله كفت لأن المراد منها الستر لا الزينة وعند الشافعية يكفي مايسمى كسوة كالازار والخمار والقلنسوة ونحو ذلك

كتاب النذور ( 1 )

- وهو التزام طاعة مطلقا أو مقيدا بصفة ولو في الغضب وما لا مخرج له فيه كفارة يمين فإن قيده بطاعة وفعلها لزمه أو بمعصية لم يجز فعلها فإن فعلها لزمه والتصدق بالمال ( 2 ) يوجب ثلثه وبجزء ( 3 ) يلزمه ما سماه وإن عين حجا أو عمرة لزمه على صفته فإن التزمه ماشيا لزمه إلى التحلل فإن ركب في أثنائها رجع فيمشي موضع الركوب وأهدى
وفي اليسير يجزيه بعث هدي وإن التزم حافيا ( 4 ) انتعل وإن نذر صلاة بأحد المساجد الثلاثة لزمه وفي غيرها يصلي حيث شاء فإن نذر نحر ولده تقربا لزمه هدي وفيما يهدى بمثله يلزمه وإلا باعه وصرفه في هدي والله أعلم
_________
( 1 ) النذر لغة الالتزام ويجمع على نذور وعلى نذر بضمتين يقال نذرت بفتح الذال في الماضي وبكسرها وضمها في المضارع وشرعا التزام مسلم مكلف قربة ولو بالتعليق على معصية أو عصيان نحو لله على ضحية أو صوم يوم إن حجبت أو إن شفى الله مريضي أو إن جاءني فلان فعلي صوم شهر
( 2 ) يعني إذا نذر الناذر أن يتصدق بجميع ماله فلا يمضي النذر في جميع المال وإنما يلزمه التصدق بثلث المال فقط
( 3 ) يعني إذا نذر التصدق بجزء من ماله لزمه التصدق بالجزء الذي عينه ولو كان أكثر من الثلث فإذا قال ربع مالي أو نصفه أو ثلثاه أو ثلاثة أرباعه لزمه الجزء الذي عينه ولو قال بستاني الفلاني أو عبدي فلان أو فرسي هذه في سبيل الله أو صدقة للفقراء لزمه التصدق بما عينه ولو لم يكن له مال غير ما عينه على المشهور في المذهب وقد روي عن مالك أن الناذر إذا سمى معينا وأتى على جميع ماله لايلزمه إلا ثلث ماله وحكي عن سحنون أنه يلزمه إلا الشيء الذي لا يجحف به ولكن هذه الرواية خلاف المشهور
( 4 ) أي إذا نذر الحج ماشيا حافيا لزمه المشي ولغا شروط الحفاء وكذلك إذا نذر الحج حبوا لزمه المشي ولغا التزام الحبو لأن الله لايرضى عن قربة يكون فيها هلاك لصاحبها أو شبه هلاك

كتاب الأضحية ( 1 ) والعقيقة ( 2 ) والصيد والذبائح

- الأضحية سنة وهي من بهيمة الأنعام جذع الضأن وثني غيرها وأفضلها الغنم والذكر فجذع الضأن ماله ستة أشهر فصاعدا وثني المعز مادخل في السنة الثانية والبقر في الثالثة والإبل في السادسة ووقتها المعلوم يوم النحر بعد صلاة الإمام ( 3 ) وذبحه وثانية وثالثه لا ليلا يجتنب فيها العيوب الفاحشة كالعمى والعور والمرض والعجف والعرج وقطع أكثرش الأذن وكسر القرن إن كان يدمي ولا يجوز الاشتراك فيها بخلاف رب المنزل يضحي عنه وعن أهله واحدة غير مشتركين في ثمنها ويستحب مباشرة ذبحها . ويأكل ويتصدق بغير حد ولا يجوز بيع شيء منها ولا يستأجر به جزرا ولا دباغا
_________
( 1 ) الأضحية بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء فيهما فوزنها أفعولة كأضحوكة ويقال لها ضحية أيضا وسميت بذلك لأنها يذبح يوم الأضحى ووقت الضحى وهي ما يذبح يوم النحر للتصدق به على الفقراء والمساكين وسيذكر المؤلف أحكامها
( 2 ) العقيقة : تطلق على مولود من الناس والبهائم وسميت الشاة التي تذبح عند حلاقة شعر المولود عقيقة باسم الشعر الذي يحلق وسيذكر المؤلف أحكامها
( 3 ) المراد بالإمام إمام صلاة العيد في البلد وقيل المراد به الخليفة أو نائبه والقول الأول هو الرجح ومحل انتظار ذبح الإمام إذا أخرج أضحيته إلى المصلى وأعلن بها فاذا لم يخرج بأن ذبح في منزله أو أعلن أنه لايضحي انتظر بمقدار ذبحه لو كان يذبح في المصلى فإن ذبح قبل الإمام فلا تجزئ أضحية فان تحرى مقدار ذبح الامام فأخطأ وسبقه أجزأت الأضحية ومحل الاختلاف في الامام الذي يذبح المضحي بعد ذبحه هو إمام الصلاة أو الخليفة أو نائبه إذا لم يكن عادة الخليفة ونوابه في البلاد إخراج أضحياتهم إلى المصلى وذبحها فيه فإذا كان الأمر كذلك اعتبر الخليفة ونوابه ولم يعتبر إمام الصلاة لأنه حينئذ يجب عليه أن يتبع الخليفة ونوابه

( فصل ) العقيقة

- العقيقة ذبح شاة عن المولود سابع ولادته والأفضل عن الذكر بشاتين ( 1 ) ويستحب حلق شعره والتصدق بزنته ذهبا أو فضة ولا يلطخ بدمها ويجوز كسر عظامها وهي كالأضحية يجوز ويمتنع
_________
( 1 ) لحديث أم كرز الكعبية أنها سألت النبي
صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال ( نعم عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة لايضركم ذكرانا كن أو إناثا ) رواه أحمد والترمذي وصححه
وعن عائشة قالت قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة رواه أحمد والترمذي وصححه وبهذا أخذ الشافعي وأحمد وداود والجمهور ومال اليه ابن حبيب وابن رشد ومشهور المذهب أن الغلام يعق عنه بشاة لحديث بريدة الأسلمي قال كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران رواه أبو داود والأول أصح

( فصل ) الصيد

- يباح الاصطياد ( 1 ) بالسلاح المحدد والجوارح المكلبة وهي المطيعة بالإغراء الممتنعة بالزجر فيؤكل ما أنفذت مقاتله وإن أكلت منه إذا كانت مرسلة إليه . ويشترط التسمية عند الرمي والإرسال فإن استرسل بنفسه فأنفذ مقاتله لم يجز أكله إلا أن يدركه مستقر الحياة فيذكيه كصيد الشرك والحبالة والبندق ( 2 ) وقبضة اليد وصيد مجوسي أو غير معلم أو متروك التسمية أو مرسل على معين صاد غيره أو انحرف عنه إلى ميتة ثم صاده وما أنفذت الرمية مقاتله فتردى أو سقط في ماء أو غاب ثم وجده جاز أكله ومشاركة كلب مجوسي أو غيره معلم فإن تيقن انفراد كلبه بقتله حل وإلا فلا ولو أرسل على صيود فقتل أحدها أو في غار لا منفذ له لا يعلضم فيه صيدا أو على نوع فإذا هو غيره جاز أكله . ولو ظنه غير مأكول فإذا هو مأكول لم يحل ومشاركة الجوارح توجب شركة أربابها وإذا أفلت صيد ولحق بالصيد فصاده آخر فهو له وإلا فهو للأول
_________
( 1 ) الاصطياد على خمسة أقسام واجب إذ تعين لإحياء نفسه أو غيره ولم يجد غيره وحرام إذا أدى إلى تضيع فرض كالصلاة أو كان يقتل الوحش لايزيد ذكائه لأنه من الفساد في الأرض ومندوب إذا كان لسد خلته والتوسيع على عياله ومباح إذا كان للمعاش بأكله أو الانتفاع بثمنه واختلف في الصيد للهو فقيل مكروه وهو مشهور المذهب وقال محمد بن عبد الحكم جائز وهو مذهب الليث بن سعد وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه استحل الصيد لأهل البادية لأنهم من أهله ولا غنى لهم عنه وكرهه لأهل الحاضرة ورأى خروجهم اليه من السفه والخفة
( 2 ) شبه المؤلف صيد الشرك والحبالة والبندق بصيد الجارح الذي استرسل بنفسه في أنه وجد مستقر الحياة وذكي جاز أكله وإلا فلا والشرك كالشبكة التي ينصبها الصيادون لصيد الطير والحبالة حبال مشتبكة تنصب لصيد الحيوان من طير وغيره والفرق بين الحبالة والشبكة أن الشبكة خيوطها دقيقة وعيونها ضيقة وأما الحبالة فخيوطها غليظة وعيونها واسعة وأما البندق فهو نوعان بندق الطين وكان معروفا قديما يضرب به الحيوان من بعد فقده يقتله وقد لايقتله ولما كان البندق غير محدد فقد منع العلماء جواز أكل الصيد الذي رمي به إلا إذا وجدت به حياة مستقرة وذكي فيجوز أكله كصيد الشبكة والحبالة والنوع الآخر بندق الرصاص المعروف لنا الآن وقد حدث الرمي به بحدوث البارود في وسط المائة الثامنة وليس فيه نص للمتقدمين واختلف فيه المتأخرون فمنهم من قال بالمنع قياسا على بندق الطين ومنهم من قال بالجواز كأبي عبد الله القروي وابن غازي وسيدي عبد الرحمن الفاسي لما فيه من انهار الدم والاجهاز بسرعة وهذا الذي شرعت الذكاة لأجله

( فصل ) الذبائح

- ينحر الإبل ويذبح ما سواها مجهزا عليها فلو رفع المدية قبل تمامها ثم أعاد فاتمها لم تؤكل على المشهور ( 1 ) ولو ذبح البعير ونحر غيره لضرورة تبيحه ولغير ضرورة تحرمه على المشهور كتعمد ترك التسمية وذكاة الجنين ذكاة أمه بشرط تمام خلقه ونبات شعره وعدم انفصاله حيا والمنخنقة والموقوذة وما ذكر معهما إن أدركت مستقرة الحياة فذكيت أكلت وإلا فالمشهور الحرمة وندود ( 2 ) المستأنس ولحوقه بالصيد لا يخرجه عن سنته والمذكي كل مسلم يتعقل وتصح النية منه وتجوز ذكاة الكتابي ما هو مباح لهم غير محرم علينا والآلة كل محدد أنهر الدم إلا الظفر والسن ويستحب توجيه الذبيحة وتركها بعد الذبح حتى تبرد والله أعلم
_________
( 1 ) أطلق المؤلف أن رفع المدية قبل تمام الزكاة وإعادتها لاتمامها أكل الذبيحة وهذا الكلام ليس عى إطلاقه بل فيه تفصيل فانما أن يكون الرفع اضطرارا أو اختيار وإما أن يطول الفصل بين الرفع والعودة أو يقصر وإما أن يكون المذكي أنفذ بعض مقاتل الذبيحة أولا فاذا كن لم ينفذ بعض مقاتلها قبل رفعه فلا يضر الرفع سواء طال الفصل أو قصر كان رفعه اختيارا أو اضطرارا لأن العودة حينئذ ذكاة مستقلة غير أنها تحتاج إلى نية وتسمية جديدتين وإن كان أنفذ بعض مقاتله نظر فان طال الفصل بين الرفع والعودة لم يجز أكل الذبيحة سواء رفع اختيارا و اضطرارا وطول الفصل وقصره يرجع فيه إلى العرف أما إن قصر الفصل فلا يضر الرفع سواء كان اختيارا أو اضطرارا أو الاختيار كان يرفع يده لاستبدال سكين حادة أو لشحذ حد السكين بسرعة أو لرفع ثيابه عن مجرى الدم أو نحوذلك فلا يضر ويجوز أكل الذبيحة ولافرق في كل ما تقدم بين أن يكون العائد للذبح هو الذابح الأول أو غيره إلا في تأكد وجوزب النية والتسمية الجديدتين
( 2 ) ندود المستأنس نفاره وهربه ولحوقه بالحيوان الوحشي فحكم الحيوان والمستأنس المحرم كله نفر وتوحش كحكمه قبل نفارة فلو حمار أهلي ولحق بالحمر الوحشية وصار متوحشا فأكله حرام ولا تعمل فيه الذكاة بل ذبيحته كميتته لا يجوز أكلها فهو باق على نته الأولى وهي التحريم وعدم عمل الزكاة فيه

كتاب الأطعمة والأشربة

- ميته جميع دواب الماء كصيد المجوسي والطير كله وتكره سباعه وروى ابن أبي أويس تحريمها وروى ابن عبد البر تحريم الكلاب والسباع العادية وهو مذهب الموطإ ( 1 ) والبغال والحمير مغلظة الكراهة وروي حرمتها والأظهر في الخيل الكراهة كحمار الوحش يتأنس ويحمل عليه والخنزير حرام ولا يؤكل الفيل والذئب والقرد والنمر والمستقذرات من خشاش الأرض أو ما يخاف ضرره والظاهر أنه لا يؤكل ميتة الجراد ودود الطعام منفردا عنه وتحرم النجاسات والدماء المسفوحة وحبس المجوسي وما يغطي على العقل من النبات وحرم ابن الماجشون الطين وكرهه غيره ويباح للمضطر أكل ما يرد جوعا أو عطشا من المحرمات ولا يشترط صبره ليشرف فإن وجد طعام الغير فأبى بيعه أو مواساته غصبه والظاهر أنه لا يضمنه والمحرم يجتزئ بالميتة عن الصيد إلا أن يخاف ضررها كخوف عقوبة المال ولا يتداوى بنجس شربا وفي طلاء قولان بخلاف إساغة الغصة بخمر ونحوها والمائعات النجسة حرام كالمسكرات لا العصير والسوبيا والفقاع والعقيد المأمون سكره والخل ينقلب عن خمر والظاهر كراهة المخلل كالخليطين ولابأس بمخلل الكتابيين والله أعلم
_________
( 1 ) في الموطأ عن أبي ثعلبة الخشني وعن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال " أكل كل ذي ناب من السباع حرام قال مالك وهو الأمر عندنا اه . وهذا هو الراجح وأما البغال والحمير فهي محرمة على الراجح والخيل مكروهة عند مالك ليست محرمة ولا مباحة على الاطلاق وأباحها الشافعي لورود الحديث الصحيح بذلك والطير كله جائز عند مالك ما له مخلب وما لا مخلب له إلا الوطواط فرجح البناني فيه الحرمة وهو المعتمد وحرم الشافعية والحنفية كل ذي مخلب من الطير لصحة الحديث بتحريمه وكلام مالك يدل على أنه لم يبلغه حديث التحريم وفي شرح زروق على الرسالة ( فرع مهم ) سئل مالك عن جبن الروم فقال ما أحب أن أحرم حلالا وأما أن يكرهه رجل في خاصة نفسه فلا أرى بذلك بأسا وأما أني أحرمه فلا أدري ما حقيقته وقال القرافي بتحريم قديد الروم وجبنهم وصنف فيه الطرطوشي مرجحا تحريمه ووجد كرامة له في ذلك أن ن كانت له حاجة يأتي قبره زائرا ويعاهد الله ألا يأكل جبن الروم فإن الله يقضي حاجته وخصوصا رفع الحى الدائمة كذا سمعته من بعض أهل العلم يحكيه عن تجربة أهل الإسكندرية وصنف ابن العربي في إباحته وإباحة مذكي النصراني بغير وجه ذكائنا . قال خليل والمحققون على تحريه فلا ينبغي أن يشترى من حانوت هو فيه لأنه ينجس الميزان والبائع ويديه اه . قلت شذ ابن العربي بإباحة الدجاجة التي يلوي عنقها النصراني فتموت ولم يوافقه أهل المذهب على ذلك وليس جبن الروم حراما كما فهم خليل والمحققون بل هو حلال لأنه لبن عادي يصنع صنعا متقنا وليس لعدم اشتماله على شيء نجس

كتاب النكاح ( 1 )

- يباح النظر لإرادة النكاح ( 2 ) وخطبة جماعة امرأة فإذا ركنت إلى أحدهم لم يجز لغيره إلا أن يرغب الأول عنها والصحيح أنه لايفسخ ولكن يتحلل منه فإن أبى عليه استغفر الله وينعقد بكل لفظ يدل على تأييد ملك منافع البضع والاستيجاب ويكفي القابل قبلت والولي شرط ( 3 ) وهو المسلم الذكر الحر المكلف الرشيد واختلف في العدالة والأشهر أنها شرط كمال وهي قسمان : نسب وهم العصبات فيقدم أقواهم تعصيبا وللأب إجبار البكر وإن بلغت والثيب الصغيرة وفي العانس قولان ولا تمنعه الثيوبة بسقطة أو زنا كرجوع البكر قبل المسيس وغيره بالإذن في البالغة العاقلة فإذن البكر صماتها والثيب نطق والصحيح بطلان العقد على اليتيمة الصغيرة إلا أن يخاف عليها فإن عقد أحدهم أرشدهم فإن استووا فأحسنهم فإن استووا عقدوا جميعا فإن عقد أحدهم مضى كعقد الأبعد فإن تنازعوا فالسلطان فإن عضل بعضهم عقد غيره كغيبة الأحق ولو أذنت لوليين فزوجها كل جاهلا بعقد الآخر فإن ظهر عليه قبل البناء وجهل السابق فسخا وإن علم ثبت فإن دخل الثاني جاهلا فاتت الأول
الثاني سبب فوصي الأب مقدم في البكر وفي الثيب أسوتهم وذو الولاء عند عدم عصبة النسب والموالاة تستخلف ثم الحاكم ثم العامة وهي ولاية الدين فإن عقد مع وجود المجبر فباطل ومع غيره يمضي الدنية وفي غيرها للأخص الخيار وللولي فيما يباح له تولي طرفي العقد بإذنها ورضاها ومعين المرأة كفؤا أولى من معين الولي والكفاءة الدين فالمنصوص أن المولى والعبد كفؤا للحرة العربية وهو حق للمرأة والولي فيجوز اتفاقهما على تركها لا ولاء لمسلم على كافرة إلا للسيد في أرقائه فله إجبارهم ولا يجبر هو فإن تزوج العبد بغير إذن سيده فله إجازته لا الأمة ثم ليس له منعه الرجعة ولا إجباره على الفرقة ولا يفسخ بيعه
_________
( 1 ) النكاح لغة الضم والجمع ومن ذلك قولهم تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض وشرعا ( غقد لحل تمتع بأنثى غير محرم مجوسية وغير أمة كتابية بصيغة لقادر محتاج أو راج نسلا ) والأصل فيه الندب لقوله
صلى الله عليه وسلم ( تناكحوا تناسلوا فاني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) ولقوله صلى الله عليه وسلم ( من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يسنطع فعليه بالصوم فانه له وجاء ) وغير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في الترغيب في النكاح وقد يجب إذا خشي المسلم على نفسه الزنا ولو أدى الزواج إلى إنفاق الزوج على زوجته من حرام أو أدى إلى عدم الانفاق عليها ارتكابا لأخف الضررين وقد يحرم إذا لم يخش المتزوج الزنا وأدى الزواج إلى الانفاق من حرام أو إضرار بالزوجة أو ترك واجب
( 2 ) لحديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي
صلى الله عليه وسلم " انظر إليها فانه أحرى أن يؤدم بينكما " متفق عليه
ومعنى أن يؤدم تحصل الموافقة والملاءمة بينكما وعن أبي حميدة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لاتعلم " رواه أحمد فقول خليل ونظر وجهها وكفيها فقط بعلم مخالف للحديث
( 3 ) جعل المؤلف الولي شرطا وجعله غيره ركنا والصحيح أنه ركن لأن النكاح عقد والعقد يكون بين اثنين أحدهما الزوج أو وكيله والثاني ولي الزوجة فالولي داخل في حقيقة النكاح وماهيته وهذه صفة الركن والصحيح أن المهر شرط لصحة النكاح وإن لم يذكر في العقد بدليل صحة نكاح التفويض وهو نكاح الذي لا يسمى فيه حال العقد صداق فالممنوع اشتراط عدم المهر فاذا شرط عدمه فلا يصح النكاح وغذا لم يذكر حال العقد وجب ذكره عند الدخول فاذا لم يذكر وجب مهر المثل

( فصل ) محرمات النكاح

- تحرم الأم وإن علت والبنت وإن نزلت ولو من الزنا عند ابن القاسم . وأجازه ابن الماجشون ( 1 ) والأخت وبنات الأخ وبنات الأخت وإن بعدن والعمات والخالات من جميع الجهات وأم الزوجة بالعقد وبناتها بالدخول وتختص الحرمة بعينها أو كونها في حجره وحلائل الآباء وإن علوا والأبناء وإن نزلوا والنكاح المختلف فيه كالصحيح والجمع بين الأختين والمرأة وعمتها أو خالتها بملك أو نكاح والزيادة على أربع زوجات فإن طلق واحدة رجعيا لم تحل له غيرها حتى تنقضي عدتها بخلاف البائن ومعتدة الغير والتصريح بخطبتها لا التعريض كإني فيك لراغب وعليك لحريص ونحوه فإن دخل جاهلا بحرمتها حرمت أبدا وهل العالم مثله قولان والمشهور تداخل العدتين حتى يطأها زوج غيره وطئا مباحا في نكاح صحيح وقصد حلها يمنعها لهما وتصادقهما بالوطء يحلها لا إنكارها
_________
( 1 ) ومشهور المذهب خلافه قال سحنون قال ابن الماجشون خطأ صراح وما علمت من قاله من أصحابنا معه اه ويقول ابن الماجشون قال الشافعي قال ابن عبد السلام وهو الأقرب لأنها لو كانت بنتالحصلت لها أحكام البنت من الميراث وولاية الاجبار ووجوب النفقة وجواز الخلوة بها وحمل الجناية عنها إلى غير ذلك واللازم باطل وأطال تقرير المعنى أما البنت المنفية بلعان فتحرم اتفاقا كما قال زروق

( فصل ) النكاح الباطل : الشغار والمتعة والنهارية

- نكاح الشغار وهو أن يزوج كل وليته من الآخر على أن لا مهر والمتعة وهو المؤقت والسرية وهو المتواصى على كتمانه والنهارية وهو المشترط إتيانها الزوج نهارا باطل ويجب بدخوله المهر ويسقط الحد ويلحق الولد ويشترط في نكاح الحر الأمة عدم طول الحرة وخوف العنت وإسلامها وعدم شبهة ملكها كالحرة للعبد ويفسخ بتملك أحدهما الآخر لا وجود الحرة تحته فإن لم تغنه حل له المزيد ولو إلى أربع وإن تزوج حرة على أمة جاهلة ثبت لها الخيار بين الفسخ والإقامة لا عالمة ويباح حرائر الكتابيات ومن بلغ به المرض حد الحجر منع النكاح فإن صح قبل فسخه ثبت فإن فسخ قبل البناء فلا مهر وبعده يلزمه في ثلثه ولا ميراث للصحيح فلو برئ لورث من الصحيح ثم كل نكاح أجمع المسلمون على بطلانه فالفرقة فيه فسخ وما اختلف فيه فبطلاق

( فصل ) خيار العيب

- يثبت لكل الخيار بجهله بعيب الآخر حال العقد وطروؤه بعده لها دونه وهو الجنون والجذام والبرص والجب والخصاء والحصر والعنة والاعتراض والغرر والرتق والعفل والبخر والإفضاء فإن أمكنته عالمة أو ابتنى بها عالما فلا خيار والفراق فيه بطلاق ولا مهر قبل الدخول ففي الاعتراض لها مرافعته وليؤجل سنة للحر ونصفها للعبد ويخلي بينهما فيصدق إن ادعى الوطء إن كانت ثيبا والبكر ينظرها النساء فإن انقضى ولم يطأ فاختارت الفراق أجبر على طلقة فلو عادت إليه لعاد خيارها بخلاف غيره ولا رد بغير هذه العيوب إلا أن يشترط سلامة في العقد وإذا غرت الكتابية بإسلامها أو الأمة بحريتها ثبت له الخيار فلو ادعاه وأنكره السيد فالقول قوله . ولو تزوج معينة مجهولة الصفة فإذا هي أمة ثبت خيارها ويثبت للأمة بتحريرها تحت عبد لا بعتقه قبلها أو عتقهما معا أو تمكينها عالمة ويلزم باختيارها طلقة بائنة

( فصل ) أحكام من أسلم

- وإن أسلم على أكثر من أربع اختار ( 1 ) أربعا فإن كان تحته غير كتابية فأسلمت بعد أيام أقرت : وروي عن ابن القاسم إن كان بعد شهر وإلا بانت فإن سبقته فقبل الدخول تبين وبعده إن أسلم في عدتها ثبت عليها فلو كانت مبتوتة لحلت بغير محلل ولا نكاح بين المسبيين
_________
( 1 ) لحديث ابن عمر أسلم غيلان الثقفي وتحته عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي
صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعا رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وعن قيس بن الحارث قال : أسلمت وعندي ثمان نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال اختر منهن أربعا رواه أبو داود وابن ماجه والحديثان وإن كانا ضعيفين فقد انعقد الاجماع بمضمونهما إلا ما حكي عن بعض الشيعة وقوم مجاهيل وهو خلاف شاذ لايعتد به ولم يصح عن الظاهرية أنهم أجازوا الزيادة على أربع فحكاية الشوكاني ذلك عنهم غلط

( فصل ) الصداق

- لا حد لأكثر الصداق وأقله نصاب القطع ويجوز عرضا ومنفعة وعلى عبد مطلق وشورة ويلزم الوسط من الرقيق وشورة مثلها واشتراط عدمه مبطل وبما لا يجوز تملكه يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بمهر المثل وهو معتبر بحالها ويسارها وأبويها وأترابها لا بأقاربها ولو جعل عتقها صداقها مضى العتق ولزمه مهر مثلها ولو شرط زيادة على الصداق ولا يجمع البيع والنكاح في عقد ويستحب تعجيله قبل الدخول ولها الامتناع حتى تقبض الحال لا المؤجل ولا بعد تمكينه فإن أعسر قبل البناء فلها الفسخ فإن اختلفا في قدره أو عينه فإن حلفا تفاسخا وأيهما نكل لزمه ما حلف عليه الآخر وبعد الدخول القول قوله وفي قبضه قبل الدخول قولها وبعده قول من شهد له العرف إلا يكون معها كتاب ثابت ويكمل بالموت والبناء ويتشطر بالطلاق قبله ويسقط بكل فرقة تكون من جهتها إلا التمليك والتخيير واختيارها بإعساره فلو وهبته بعضه فلها نصف باقيه ولو وضعت بعضه في العقد لشرط فلم يف لكان لها الرجوع ولو اشترت ما تختص به ضمنت نصفه وما لا يصلح لهما فهو بينهما كزيادته ونقصانه وتلفه ولو دخل فادعت المسيس وأنكره فالقول قولها ولو خلا بها زائرا ففي منزله قولها وفي منزلها قوله

( فصل ) التفويض التوريث النفقة

- يجوز نكاح التفويض ( 1 ) وهو العقد المسكوت فيه عن الصداق فيلزم برضاها بما فرضه إن بذل مهر مثلها أو رضاه بفرضها أو فرض وليها فإن طلق قبل الفرض والبناء فلا مهر . ويثبت التوريث ولو دخل للزم مهر المثل والتحكيم كالتفويض فإن رضيا بما يحكم وإلا خير بين الطلاق ومهر المثل وتلزم النفقة بالدخول أو الدعاء إليه بشرط البلوغ وإطاقتها الوطء وهي معتبرة بحالها فيجتهد الحاكم بفرض كفايتها مما لا غنى لها عنه إن كانت ممن تخدم أخدمها وتسقط بنشوزها لا لوجود عذر شرعي أو حبسه أو سفره ويثبت خيارها بعسره لا إن تزوجته عالمة بفقره فإن اختارت فراقه تطلق رجعية ووقفت رجعته على يسره أو رضاها وعليه إسكانها مسكنا يليق بها وعليها من خدمته ما يخدم مثلها وحفظها في نفسه وماله وله نقلها والسفر بها إذا كان مأمونا عليها محسنا
_________
( 1 ) والأصل فيه قوله تعالى ( لاجناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) قال الباجي : والدليل على صحته الاجماع فلا خلاف بين المسلمين في جوازه وصحته اه . وروى أبو داود والحاكم عن عقبة بن عامر أن النبي
صلى الله عليه وسلم زوج امرأة رجلا فدخل بها ولم يفرض لها صداقها فحضرته الوفاة فقال أشهدكم أن سهمي بخيبر لها . قال ابن ناجي وأعلم أن نكاح التفريض أصل وقيست عليه هبة الثواب قال شفعة المدونة : وإنما جازت هبة الثواب على غير عوض مسمى لأنه على وجه التعويض في النكاح اه

( فصل ) القسم بين الزوجات

- يجب القسم بين الزوجات ولو أمة أو كتابية أو بها عذر يمنع الوطء لكل يوم وليلة ما لم يعجزه مرض فيقيم حيث صار وله تفضيل بعضهن في الإنفاق ما لم يقصد إضرارا ولا يجمعهن في بيت إلا برضاهن فإن أراد سفرا قرع بينهن فإن تزوج عليهن بكرا سبع عندها أو ثيبا ثلث ثم استأنف ولا قضاء ومن وهبته ليلتها لم يختص بها غيرها ولو وهبتها ضرتها اختصت بها ولا يلزم الوطء بل ذلك بحسب رغبته ما لم يقصد إضرارا ولا قسم لملك اليمين ولا يعزل عن حرة إلا بإذنها والأمة بإذن سيدها ويلحق به الولد فإن ادعت ولادته وأدعى التقاطه فالقول قولها والسرية تلزمها البينة وله الاستمتاع بما شاء إلا الإتيان في الدبر ( 1 ) ويؤدب فاعله ويتعلق به جميع أحكام الوطء إلا فيئة المولي وإحلال المبتوتة فإن نشزت وعظها فإن استمرت هجرها فإن تمادت ضربها غير مبرح وإذا قبح ما بينهما أمر المتعدي بإزالته فإن جهل بعث الحاكم حكمين من أهله وأهلها يحكمان بالأصلح من صلح أو فراق فيمضي ما حكماه
_________
( 1 ) فإنه حرام لحديث ابن عباس : جاء عمر إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما الذي أهلكك ؟ قال حولت رحلي البارحة فلم يرد عليه بشيء . فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أقبل وأدبر واتقوا الدبر والحيضة . رواه أحمد والترمذي وحسنه . وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من أتى امرأة في دبرها رواه أحمد وأبو داود . والأحاديث في التنفير عنه كثيرة ونقل عن مالك جوازه في السر وهو باطل

( فصل ) زوجة الغائب

- إذا غاب الزوج غيبة منقطعة فلم تعلم حياته فلها رفع أمرها إلى الحاكم فيؤجلها أربع سنين فإن علم موضعه كاتبه بالمجيء أو نقلها أو الطلاق وإلا أمرها بعدة الوفاة وأبيحت للأزواج فإن ظهر قبل نكاحها فهو على نكاحه وبعده تفوت بالدخول لا بالعقد على الأصح وتقع به طلقة حكما قبل العدة فإن كان قد بنى بها فلها مهرها وإلا فنصفه فإذا ثبت موته كمل لها ولا تقسم تركته إلا بتيقن موته أو مضي ما لا يعيش إلى مثله غالبا قيل تمام سبعين سنة وقيل ثمانون ويجتهد الحاكم في الأسير والمفقود في المعترك من غير تأجيل والله أعلم

كتاب الطلاق

- الاثنان في العبد كالثلاث في الحر وهو بائن فتبين غير المدخول بها بواحدة كالمختلعة إلا أن يزيد أو يرسل أكثر في الفور فيلزم ورجعي وهو إيقاع ما دون نهايته بمدخول بها بغير عوض وهي زوجته ما دامت في عدتها فله ارتجاعها ويصح بالقول كراجعتك وبالفعل كقصده بالاستمتاع وتبين بانقضائها ويقبل قولها فيما يمكن صدقها فيه فلو تزوجت فأقام بينه برجعتها قبل انقضائها فاتت بالدخول لا بالعقد ثم السني منه طلقة في طهر لم يمس فيه ولا تاليا لحيض طلق فيه ثم لا يتبعها حتى تنقضي عدتها والبدعي إرسال الثلاث دفعة ( 1 ) والطلاق في طهر المسيس أو في الحيض فيجبر على ارتجاعها وإمساكها حتى تطهر من الثانية ولا إجبار في الطهر بينهما كطهر المسيس وعار عنهما كالصغيرة واليائسة وظاهرة الحمل وغير المدخول بها ثم صريحه ما يتضمنه لفظه وإطلاقه واحدة إلا أن ينوي أكثر فإن ادعى إرادة طلاق الولادة أو من وثاق وقف على قرينة الحال وكنايته ظاهرة كخلية وبرية وبائن وبتة وبتلة وحرام وحبلك على غاربك والمشهور أنها ثلاث في المدخول بها لا تقبل إرادة دونها ولا عدم إرادة الطلاق ويلزم في غيرها ما نواه كالخلع وقوله الحلال عليه حرام يلزمه به إلا أن يحاشيها لفظا أو نية والمشهور أن السراح والفراق كناية وقيل صريح ومحتملة كاذهبي واعزبي واخرجي وانصرفي واعتدي والحقي بأهلك . فيقبل ما أراده ولو سألته الطلاق فأجابها بلفظ أو إشارة مفهمة لزمه ككتبه وإنفاذه ويسري بإضافته إلى أبعاضها ويكمل مبعضه والشك في عدده يلزم أكثره على المشهور وكلما عادت إليه بعد زوج وطلقها واحدة لم تحل له إلا بمحلل إلا أن يرسل الثلاث دفعة وقيل تحل بعد ثلاث أنكحه ولا يهدم الثاني ما دون الثلاث فمن طلق زوجته مبهمة لزمه في الجميع فلو كانت أجنبية فادعى إرادة الأجنبية لزمه نادى فلو معينة فأجابته غيرها فقال أنت طالق لزمه فيهما ولا لغو في يمين الطلاق ولو حلف على فعل شيء وطلق قبله ثم عادت إليه عاد اليمين ما بقي طلقة من النكاح الأول ثم المطلق المسلم المكلف المختار وإشارة الأخرس به كالنطق ولو بشهادة عدلين واختلفا في عدده فقال أحدهما ثلاثا والآخر اثنين أو واحدة لزم ما اتفقا عليه ولو أبانها مريضا لزمه وورثته وإن مات بعد العدة أو تزوجت
_________
( 1 ) ما ذكره المؤلف هو المذهب وقال الشافعي موقع الطلاق الثلاث دفعه مطلق السنة واستدل بحديث الملاعن زوجته فقد جاء فيه كذبت عليها يارسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره ثم مع كونه بدعة يلزم إن وقع وبه قال جماعة الفقهاء ونقل أبو الحسن المغربي في كتاب الحج عن ابن سيرين قال ما ذبحت قط ديكا بيدي ولو وجدت من يرد المطلقة ثلاثا لذبحته بيدي وهذا منه مبالغة كما قال ابن ناجي وقال ابن مغيث ومحمد ابن ناصر ومحمد عبد السلام وابن زناع وغيرهم يقع طلقة واحدة وأخذوا ذلك من مسائل متعددة من المدونة ونقل عن المازري أنه كان يقول نصرهم ابن مغيث لا أغاثه الله قال ابن ناجي في دعائه عليه نظر لأنه
رحمه الله لم يذكر ما ذكره بالتشهي بل بما ظهر من الاجتهاد فهو مأجور أصاب أو أخطأ ثم أخذ ابن ناجي يرد كلام ابن مغيث بما يعلم من مراجعته في شرح الرسالة

( فصل ) تنجيز الطلاق وتعليقه

- ينجز بتعليقه على متحتم كطلوع الفجر والشمس ورأس الشهر وهو المشهور في غالب الوقوع كطهر الحائض وعكسه ولو علقة على موته فروايتان باللزوم منجزا أو نفيه كتعليقه على مشيئة ما لا مشيئة له ( 1 ) ويتنجز بمشيئة الله تعالى ويصح استثناء أكثره وأقله لا المستغرق وقوله أنت طالق أربعا إلا ثلاثا مستغرق ولو علقة في امرأة على نكاحها للزم بالعقد وله نكاحها إلا أن يقول كلما ولو عمم لم يلزمه بخلاف تعليقه بقبيلة أو بلد أو نوع بعينه
_________
( 1 ) وهو المشهور

( فصل ) الخلع

- الخلع طلاق بعوض ( 1 ) تبذله هي أو غيرها فيلزم ويجب دفع العوض إلا أن تبذله لتتخلص من شره فيحرم رده ويصح على صداق وأكثر وأقل وعلى المجهول والغرر فإن سلم فهو له وإلا لزم الطلاق دونه كالمحرم ومن المريضة قدر ميراثه وقيل قدر ثلثها
_________
( 1 ) الأصل فيه قوله تعالى ( فان خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) وحديث حبيبة بنت سهل الأنصاري فانها اختلعت من زوجها ثابت بن قيس بن شماس بكل ما صدقها وأقرها رسول الله
صلى الله عليه وسلم كما في الموطأ والصحيحين وهو بائن لا رجعة فيه إلا بعقد جديد وفي قول للشافعي هو فسخ إذا لم يذكر طلاقا فتنحل به اليمين المعلقة كما في الاكليل للأمير

( فصل ) تفويض الطلاق

- يفوض إلى المرأة طلاقها تمليكا ( 1 ) فإن أجابت بقبول أو رد عمل عليه وإظهارها بالسرور اختيار وتمكينها رد فإن أوقعت واحدة فلا مقال له وإن طلقت ثلاثا فله إنكارها على الفور بشرط إرادة الطلاق وما دون الثلاث وإلا لزم ما أوقعت فإن تفارقا قبل إجابتها أو أبهمت الجواب فله مرافعتها لتجبر على الطلاق أو الإسقاط فإن أبت أسقطه الحاكم أو تخييرا فاختيارها نفسها مدخولا بها ثلاث ولا مناكرة له فإن أوقعت دونها لم يلزم وغير المدخول بها اختيارها واحدة فإن زادت فله مناكرتها ولو نص على عدد لغا الزائد أو توكيلا وله عزلها ما لم تطلق
_________
( 1 ) الأصل في التمليك ما رواه مالك في المؤطأ عن ابن عمر قال إذا ملك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت به إلا أن ينكر عليها فيقول لم أرد إلا واحدة على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها وآثار مرؤية في الموطأ أيضا وأما التخيير فثابت بالقرآن في قصة تخيير أمهات المؤمنين

( فصل ) الإيلاء

- الإيلاء ( 1 ) الشرعي حلف بيمين يلزم بالحنث حكما على ترك وطء زوجته زيادة على أربعة أشهر فلها مراجعته ليؤجل تمام أربعة أشهر منذ الحلف فإن فاء وإلا لم يلزمه طلاق بل يوافقه ليأمره بالفيئة أو الطلاق إن اختارته فإن أبى طلق عليه رجعية فإن فاء بعد ارتجعها وإلا بانت بانقضاء العدة وفي تارك الوطء ضرارا روايتان بتأجيله منذ المراجعة وأمره بالفرقة ( 2 )
_________
( 1 ) الإيلاء : اليمين قال الأعشى يمدح النبي
صلى الله عليه وسلم : فآليت لا أرثي لها من كلالة ... ولا من نجي حتى تلاقي محمدا
نبي يرى ما لا يرون وذكره ... أغارلعمري في البلاد وأنجدا
وخص في الشرع بما ذكره المصنف وعرفه ابن عرفة بقوله حلف زوج على عدم وطء زوجته يوجب خيارها في طلاقه وهو ثابت بالقرآن والسنة
( 2 ) أرجحهما أنه لا يؤجل بل يؤمر بالفرقة أو الفيئة في الحال لأن المولى إنما ضرب له الأجل لأجل اليمين التي لزمه يمين فلم يكن لتأجيله معنى

( فصل ) الظهار

- الظهار تشبيه مباحة بمؤبدة التحريم تشبيه الجملة بالجملة أو البعض بالبعض أو الجملة بالبعض ذكر الظهر أو غيره والتشبيه بالأجنبية ظهار عند مالك طلاق عند غيره وقوله ظهرك كظهر ابني أو غلامي ظهار فيحرم به الاستمتاع حتى يكفر وهي مشروطة بالعود وهو العزم على الوطء وقيل مع الإمساك وهي مرتبة فيعتق رقبة ليس لها شركة صفتها ما تقدم ( 1 ) فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن قطع ولو باستمتاع ليلا استأنف إلا أن يجد الرقبة فيلزمه فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا على ما قدمناه ولا يجزئ التلفيق ولا يكفر العبد بالعتق ويصح تعليقه على النكاح فإذا عقد لم يجز له الاستمتاع بها حتى يكفر
_________
( 1 ) في كفارة الأيمان

( فصل ) اللعان

- اللعان يثبت بين كل زوجين مسلمين بالقذف برؤية الزنا أو بنفي النسب فيبدأ الرجل أربعا : أشهد بالله لقد رأيتها تزني وإني لمن الصادقين وهل يلزمه الوصف كالشهود قولان ويخمس بأن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فينتفي عنه الحد والولد ثم تشهد هي أربع شهادات بالله ما زنيت وإنه لمن الكاذبين وتخمس بأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فينتفي الحد وتثبت الفرقة وتحرم أبدا ولا يبدل اللعن بالغضب وليكن بمشهد من المؤمنين بموضع يعظم وأيهما نكل حد وأقر لكن حد الزوج يقف على كونها يحد قاذفها ويشترط للنفي الاستبراء وعدم الوطء بعده ويلتعن هو دونها فإن وطئ بعده حد للقذف ولحقه كاعترافه به في ادعاء رؤية الزنا ولو أكذب نفسه أو استلحقه لحق به وحد ولم تحل ويلاعن زوجته الأمة والكتابية لنفي النسب وفي القذف بالزنا قولان ( 1 ) ويصح من الأعمى لنفي النسب ومن الأخرس إذا فهم والمشهور الالتعان بمجرد القذف والله أعلم
_________
( 1 ) يعني إذا قذف بالزنا الأمة أو الكتابية فهل يلاعنها أو لا قولان أظهرهما يلاعن وقوله الآتي والمشهور الالتعان بمجرد القذف محمول على ما إذا قذف زوجته الحرة بالزنا ولم يدع رؤية

كتاب العدة والاستبراء

- الحامل يبرئها وضع الحمل ما كان وضعته مخلفا أو غير مخلق وتعتد الحرة غير الحامل للوفاة أربعة أشهر وعشرا ولو بكرا أو صغيرة أو يائسة وعلى المدخول بها حيضة إلا أن تكون عادة طهرها أكثر من الشهور فتقتصر عليها والأمة بشهرين وخمس والكتابية تحت المسلم كالمسلمة وقيل تستبرأ بثلاث حيض إن كانت مدخولا بها وإلا فلا شيء عليها وتسنبرأ أم الولد لموت سيدها بحيضة وتعتد لموت زوجها قبله كالأمة وبعده كالحرة وتنتقل الرجعية لموت زوجها إلى عدة الوفاة كالأمة المطلقة يموت زوجها بعد عتقها في العدة وعلى المتوفى عنها الإحداد مدة العدة وهو الامتناع من الطيب والتزين بالحلي والثياب والكحل والحناء ولا تنتقل من منزل الوفاة إلا أن تخاف عورة فتلازم الثاني وهي أحق بالسكنى من الورثة والغرماء ولا تخرج إلا لضرورة ولا تبيت بغيره ولا نفقة لها وإن كانت حاملا ونفقة الطفل من ماله فإن لم يكن له مال أو لم يقبل ثدي غيرها لزمها إرضاعه وأما المطلقة فلا عدة لها قبل البناء وتعتد الحرة المدخول بها بثلاثة أطهار وإن طلقها في آخر طهر أو مسها فيه ولو كتابية والأمة بطهرين واليائسة والتي لم تحض بثلاثة أشهر فإن طلقها في بعض شهر أكملته ثلاثين من الرابع وفي بعض يوم تلغيه والمرتابة بتسعة أشهر فإن حاضت في أثنائها انتظرت الثانية كذلك وإلا استأنفت ثلاثة أشهر فإن حاضت فكذلك وإلا حلت فإن ارتفع برضاع لم تستبرأ إلا بأقراء وبمرض كالمرضع وقيل كالمرتابة والمستحاضة إن كانت مميزة عملت عليه وإلا فسنة ومن بلغها موت زوجها أو طلاقه فعدتها منا الموت والطلاق لا البلوغ وللمبتوتة السكنى وللحامل نفقتها ( 1 ) حتى تضع ولا يثبت بدعواها حتى يظهر فتجمل لها النفقة فإن انعش فله الرجوع وأكثر مدة الحمل أربع سنين
_________
( 1 ) مع السكنى والرجعية مثلها فيهما

( فصل ) تجديد الملك والاستبراء

- تجديد الملك يوجب الاستبراء الحامل بالوضع وذات القرء بالأقراء واليائسة بثلاثة أشهر والمرتابة بتسعة والمملوكة في عدة بانقضائها إلا من تيقن براءتها ومن وطئ أمة لم يبعها حتى يستبرئها فإن اتفقا على استبراء واحد جاز فلو ردها لفساد عقد أو خيار استحب للبائع استبراؤها وبإقالة يجب استبراؤها فإن باعها قبل استبرائها فوطئها المشتري كذلك فأتت بولد لأكثر من ستة أشهر حكم فيه بالقافة ولسنة من وطء الأول يلحق به . ولا يحكم بالقائف في ولد زوجة ولا ميت ولا اعتبار بشبه غير الأب

( فصل ) النفقة

- تلزم الموسر نفقة أبويه المعدمين العاجزين عن الكسب ولو كافرين وإعفاف الأب ونفقة زوجته وزوج الأم إن أعسر لا إن تزوجته عديما وصغار الأولاد الفقراء الذكر حتى يبلغ صحيحا عاقلا والأنثى حتى تلزم الزوج ولا تعود بخلوها إلا أن تكون صغيرة ونفقة الأرقاء كفايتهم بالمعروف أو بيعهم أو عتقهم ولا يكلفون من العمل ما لا يطيقون وعلوفة الدواب أو رعيها أو بيعها فإن أبى بيع عليه ولا تلزم الأم نفقة ولدها ولو يتيما وعليها إرضاعه ما دامت زوجة أبيه فإن كانت لا ترضع لشرف أو مرض أو قلة لبن فعلى الأب إلا لفقره أو لا يقبل ثدي غيرها فيلزمها أما المطلقة فلا يلزمها إلا أن لا يجد من يرضعه أو لا يقبل ثدي غيرها فإن استأجر له فأمه أحق وهي أحق بحضانته ما لم تنكح ويدخل بها ولو أمة أو مستولدة واختلف في الكتابية ولا تعود لخلوها كتركه وقتا لا لضرورة . ثم أمها ثم أم الأب ثم الأخت ثم العمة ثم بنت الأخ فإن عدمن فعصباته ويشترط في الحاضنة خلوها أو كونها زوجة لولي السفل أو محرمه والوصي أحق بحضانة الذكر من عصبته فأما الأنثى فإن كان مأمونا وله أهل وإلا فلا ولوليه الرحلة به في سفر النقلة لا غيره لا لها وحضانة الصبي الإثغار والصبية حتى يدخل بها الزوج

( فصل ) الرضاع

- الرضاع ما وصل من اللبن إلى جوف الرضيع في الحولين قبل فصاله وإن قل من أي منفذ كان وإن خلط بما لا يستهلكه نشر الحرمة بينه وبين الزوج وأصوله وفروعه والزوج الثاني مع بقاء اللبن كالأول ولو در لبكر أو يائسة لا لرجل أو بهيمة ولا ما رضعه بعد فصاله ومحارم الرضاع كالنسب ( 1 ) والله أعلم
_________
( 1 ) لحديث الصحيحين عن عائشة يحرم " من الرضاعة ما يحرم من النسب " وفي الموطأ عنها أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال " إن الرضاعة تحرم ماتحرم الولادة "

كتاب البيوع ( 1 )

- وهو يلزم بالقول الدال على الرضا الباطن وبالاستيجاب والمعاطاة غير موقوف على قبض ولا خيار مجلس فما كان فيه حق توفية أجبر البائع على إقباضه وغيره على التخلية بينه وبينه متمكنا منه وله حبسه رهنا بالثمن وتلفه قبل قبضه منه فإن قبضه وتركه عنده فهو وديعة ويشترط في الصرف المناجزة وإن اختلف الجنس والمماثلة في الجنس مراطلة ( 2 ) أو بصنجة وتمنع فيه الحوالة الحمالة والرهن والخيار جيد الجنس ورديه وتبره ومضروبه وصحيحه ومكسورة سواء ويجوز تطارح ما في ذمتيهما صرفا بشرط خلولهما وتماثلهما واقتضاء أحدهما من الآخر بشرط الحلول وقبض الجميع في الفوز وبيع الحلي جزافا بخلاف جنسه كتراب المعادن لا الدراهم والدنانير وإبدال الناقص بالوزن معروفا فإن وجد أحدهما زائفا فرضي وإلا بطل إلا أن يسميا لكل دينار ثمنا فيبطل فيه فإن زاد المردود عليه ففي ثان وقيل يبطل فيما قابل الزائف فقط لا بيعهما بأحدهما ولا أعلى وأدنى بدينارين ولا وسطا ولا درهم وصاع بدرهمين أو صاعين ولا يضم إلى أحدهما غيره إلا أن يعجز يسيرا ولا كسور لهم ولا يمكن كسر السكة فيدفع عوضه عرضا ومن ثبت في ذمته نقد معين فبطل التعامل به لزمه مثله فإن عدم فقيمته ومن دفع درهما ليأخذ ببعضه سلعة ويأخذ باقيه جاز في نصفه فدونه إذا لم يمكن كسره فإن كان يتعامل بالفلوس فلأولى التنزه والمنصوص كراهة التفاضل والنساء في الفلوس
_________
( 1 ) البيوع جمع بيع وهو نقل ملك إلى ملك بعوض معين على وجه صحيح وهذا بناء على رأي ابن يونس والمازري من تخصيص تعريف الحقائق الشرعية بصحيحها دون الفاسد منها وحلية البيع معلومة من الدين بالضرورة كحرمة الربا أيضا فمن حرم مطلق البيع أو أحل الربا فهو كافر بلا خلاف ثم أن البيع أنواع أربعة بيع مساومة وبيع مزايدة وهما جائزان وبيع استرسال وهو جائز في قول الأكثر وسمع عيسى عن ابن القاسم من قال لبائع يعني كما تبيع من الناس فانه لا يصح وينفسخ إن كان قائما ويرد مثله إن كان مثليا وإلا رد قيمته كذا في شرح ابن ناجي على الرسالة وبقيت أنواع أخرى من البيع أيضا يضيق المقام عن ذكرها
( 2 ) المراطلة هي جعل كل منهما في كفه حتى إذا استويا أخذ كل واحد منهما ما باع به والوزن بالصنجة معروف

( فصل ) الربا

- يحرم الربا جميع المطعومات حتى الملح والأبازير إلا ما يتداوى به كالصبر والسقونيا ونحوهما ويشترط في بيع بعض من التماثل والتناجز ما تقدم في النقد والصحيح أن الماء ليس ربويا فالبر والشعير والسلت جنس كالقطاني والتوابل والدخن والذرة والأرز أجناس والتمر جنس ( 1 ) ولحوم ذوات الأربع جنس إنسيها ووحشيها كالطير ودواي الماء والجراد جنس والأخبار كلها جنس كالألبان والخلول والزيوت أجناس كأصولها ويجوز التفاضل في البقول إلا البصل والمشهور منع الدقيق بالدقيق متفاضلا وجوازه متماثلا وزنا لا كيلا ويعتبر التماثل بمعيار الشرع كالمكيال والميزان ويجوز قسمة الخبز واللحم تحريا عند تعذر الميزان ويسهم عليه ويجوز بيع المطعومات كيلا أو وزنا وجزافا لا ملء غرارة فارغة حبا أو قارورة زيتا بخلافها مملوءة ومن ملك طعاما كيلا أو وزنا بمعارضة لم يجز أن يعاوض عليه قبل قبضه ويجوز هبته وصدقته وقرضه ودفعه بدل مقترض كالإقالة والشراكة والتولية بمثل الثمن وصفة عقده كالموروث بعد استيفائه ومستثنى معلوم من ثمره وينزل من صار إليه منزله المتنقل عنه ويجوز بيع المبتاع جزافا قبل نقله وما كانت آحاده مقصودة فلا يجوز بيعه جزافا بخلاف المقصود جملة بشرط جهلهما بكميته فما علمه البائع فكتمه ثبت الخيار فإن أخبره فصدقه ثم وجد نقصا فإن كان يسيرا فلا مقال له وإن كان كثيرا وثبت فله الرجوع واشتراط عدم إخباره مبطل
_________
( 1 ) وكذلك الزعفران ليس زبويا أيضا حتى قال ابن سحنون يسناب مانع بيع الزعفران بطعام إلى أجل لأنه ليس بربوي إجماعا لكن رده ابن عبد السلام وابن عرفة بأن الإجماع غير صحيح لوجود الخلاف فيه خارج المذهب واختلف في الحلبة والمشهور أنها ليست ربوية

( فصل ) البيوع المنهي عنها

- لا يجوز المزابنة ( 1 ) وهي بيع مجهول بمجهول أو معلوم من جنس ومنها رطب كل جنس بيابسه وحب بدهنه ولبن بجبن أو زبد وسمن إلا المخيض ولبن الإبل ودقيق بعجين وحيوان بلحم من جنسه وطري حوت بمالح إلا ما نقلته صنعة كالمطبوخ بالنيء وحنطة مقلوة بنيئة أو سويق أو عجين بخبز والملامسة لزومه باللمس والمنابذة وهي لزومه بالنبذ وبيع الحصاة وهو لزومه بسقوطها من يده أو فيما تسقط عليه وبيعتان في بيعة واحدة وهو لزومه بأحد الثمنين مختلفين في مثمن واحد أو أحد مثمنين مختلفين بثمن واحد ودين بدين وبيع وشرط مناقض وبيع وسلف فإن رد السلف قبل فسخه مضى وبيع العربان وهو دفع بعض الثمن على أنه إذا لم يتم البيع لم يرجع به والنجش وهو أن يزيد ليغر غيره والسوم على سوم أخيه بعد الركون إلى الأول والساج مدرجا والثوب مطويا بخلاف أعدال البرنامج ولا بيع الغرر وهو ما يتعذر تسليمه أو لا ينتفع به كالمشرف ولا مجهول كشاة من شياه وعبد من عبيد ولحم في جلده وحب في سنبله أو مخلط بتبنه ويجوز أذرع من ثوب أو قفيز من صبره معينة ولا بيع حاضر لباد بخلاف شرائه ولا يتلقى الأقوياء الركب ليختصوا بشراء ما جلبوه ويخير أهل البلد في مشاركتهم وفي فسخها خلاف وتمنع العينة وهو أن يقول اشتر لي من مالك بعشرة وهي لي باثني عشر إلى أجل كذا فإن فاتت في يده لزمه ما اشتريت به وسقط الزائد والأجل . ومن باع سلعة إلى أجل لم يجز له شراؤها بأقل من الثمن نقدا أو إلى أجل أدنى أو بأكثر إلى أبعد بخلافه بمثله أو أكثر نقدا ويمنع البيع يوم الجمعة ما بين النداء وانقضائه ممن تلزمه وبيع الملاهي وآلات القمار وأعيان النجس وما لا منفعة فيه ضرر من الخشاش والحيوانات بخلاف الهر وفي الكلب خلاف ( 2 ) ويمنع شراء المصحف أو عبد مسلم ويجبر على إزالة ملكه عنه ولا يفرق بين أمه وولدها ولو مسبية أو من الزنا ويقبل قولها إنه ولدها قيل إلى البلوغ
_________
( 1 ) لحديث ابن عمر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم " نهى عن المزابنة والمزابنة بيع التمر كيلا وبيع الكرم كيلا " رواه مالك في الموطأ قال الباجي : المزابنة اسم بيع التمر والزبيب بالكرم ورطب كل جنس بيابسة ومجهول منه بمعين اه
( 2 ) في كلام المصنف إجمال : وتفصيل المسألة أن الكلب المنهي عن اتخاذه يحرم باتفاق أهل المذهب . وأما الكلب المأذون ككلب الماشية ففيه أقوال أحدها أنه لايجوز بيعه وهو مذهب المدونة ثانيها يجوز قال مالك وابن كنانة وابن نافع وأكد سحنون جوازه بقوله أبيعه وأحج بثمنه ثالثا يكره قاله مالك أيضا رابعها يجوز إن وقع في المغانم أو الدين أو ميراث اليتم ويكره في غير ذلك . خامسها لابأس بشرائه ولا يجوز بيعه نقله ابن زرقون لكن مثل ابن رشد ويكره في بيعه قال الشيخ خليل وشهر بعضهم القول الثاني والأكثرون على المنع اه وعلى المنع لو وقع البيع فإنه يفسخ إلا أن يطول كذا رواه أشهب في المدونة وحكى ابن عبد الحكم أنه يفسخ وإن طال قال ابن ناجي والصواب أنه يمضي بالعقد لقول ممن تقدم بجوازه وهو قول أبي حنيفة أيضا اه
تنبيه
قال ابن ناجي أما بيع الصور التي على قدر البشر يجعل لها وجوه فقال مالك لاخير فيها وليس التجر فيها من عمل الناس وحمله ابن رشد على أنها ليست مصورة بصورة الإنسان وإنما فيها شبه الوجوه بالترويق فصارت كالرقم ومثله قول أصبغ لابأس بها ما لم تكن تماثيل مصورة تبقى ولو كانت فخارا أو عيدانا تنكسر وتبلى خف بيعها وصوب ابن رشد أن ما يبقى كما لا يبقى اه فالعرائس التي تصنع من الحلاوة وتباع في الموالد بيعها جائز والله أعلم

( فصل ) الثمن وشروطه

- الثمن أحد العوضين فيشترط نفي الغرر والجهالة عنه كالآخر ويلزم بإطلاقه نقد البلد فإن اختلفا فالغالب فإن لم يكن لزمه تعيينه فإن اختلفا في جنسه تحالفا وتفاسخا . وأيهما نكل لزمه ما ادعاه الآخر أو في قدره كذلك ما لم يفت المبيع بيد المشتري فيقبل قوله مع يمينه وإن نكل ترادا وقيل يلزم ما ادعاه البائع وإن اختلفا في صفة العقد ففي الخيار قول منكره وفي الصحة قول مدعيها وفي التأجيل يرجع إلى عرف المبيع ولا يجوز البيع إلى أجل مجهول والفاسد لا ينقل الملك فإن فات بيد المشتري ضمن المثلي بمثله والمقوم بقيمته ولا يلزمه رد غلته

( فصل ) العقار وما يتبعه

- يتبع العقار كل ثابت من مرافقة كالأبواب والرفوف والسلالم المؤبدة والأخصاص والميازيب لا منقول إلا المفاتيح والرقيق ثيابه المعتادة لا ماله إلا أن يشترطه ويصح استثناء جلد الشاة وأكارعها وسواقطها ما لم تكثر قيمتها وأرطال معلومة لا تزيد على الثلث وركوب الدابة إلى موضع معين وسكنى شهر أو نحوه

( فصل ) بيع الفضولي ونحوه

- يصح بيع مميز موقوفا على إجازة وليه وبيع الفضولي وابتياعه موقوفا على إجازة المالك فإن جمع ملكه وملك غيره وملك الغير هو المقصود لم يجز وثبت للمشتري الخيار وإلا لزم في ملكه بفسخه وغير المأذون على إجازة سيده فإن أذن له جازت تصرفاته غير موقوفة لكن ليس له فعل ما لا مصلحة للمال فيه وأجاز ابن القاسم قراضه وما أدانه فهو فيما بيده وذمته لا رقبته ولا على سيده إلا أن يحمله فإن عامله فهو أسوة غرمائه وليس له انتزاع ماله وله حجره بعد إذنه

( فصل ) بيع الغائب

- يجوز بيع الغائب على رؤية متقدمة فيما يؤمن تغيره . وعلى رؤية البعض فإن خالف الباقي ثبت الخيار وكالعسل في وعائه وما له صوان ( 1 ) برؤيته كالبطيخ والرمان والجوز واللوز ونحوه والغائب على الصفة فيما يغلب مصادقته عليها ولا يمكن الإطلاع عليه حال العقد فيذكر منها ما يميزه عن غيره وتختلف الأغراض والأثمان بها فإن وافق لزم وإلا ثبت للمبتاع الخيار والتلف قبل مجيئه من البائع إلا أن يعلم أن العقد صادف الصفة فيكون من المبتاع كالمأمون تغيره فإن اختلفا في وجودها حال العقد فالقول قول البائع وفيها القول قول المشتري ويوكل الأعمى إلا أن يعرف الصفة ويجوز بيع المشاع
_________
( 1 ) صوان بكسر الصاد وضمها وصيان بكسر الصاد مع المفتوحة ما يصان فيه الشيء كقشر البطيخ واللوز ونحوهما

( فصل ) المرابحة

- يشترط في المرابحة صدق البائع في إخباره ويلزم من الربح ما يتفقان عليه وما له عين قائمة كالصبغ والطرز ونحوهما كرأس المال وما ليس له عين فله ضمه ولا يشترط الربح له لا نفقته ومسكنه فإن ظهر كذبه ففي قيام السلعة يثبت الخيار إلا أن يحط الزائد وفي فواتها تلزم قيمته ما لم تزد على الكذب وربحه أو تنقص عن الصدق وربحه كما لو ثبت غلطه في نقص رأس ماله إلا أن يكون مثليا فيضمن بالمثل

( فصل ) الخيار

- يجوز اشتراط الخيار لكل من البائعين ولا يتعين له مدة بل بحسب ما يختبر المبيع فيه أو يتفقان عليه فيثبت لمشترطه الرد فإن اختلفا قدم الفسخ ويسقط بإسقاطه ومضي مدته وتصرفه اختيارا لا اعتبارا واشتراط النقد فيه مبطل لا التبرع به . والمبيع في مدته على ملك البائع وما غاب المشتري عليه ضمنه كالتعدي في غيره ومن ابتاع من رجلين ثوبين بالخيار فالتبسا سقط ويثبت الرد بالغبن الفاحش كالجهل بالغيب حال العقد وله الإمساك بجميع الثمن دون الأرش إلا أن يفوت بيده أو يبذله البائع والتأريش أن يقوم سليما ثم معيبا فيلزم ما نقصه العيب وتصرفه مختارا بعد علمه كرضاه وفي بقائه مضطرا روايتان والفوات ما يتعذر رده والأظهر أن البيع فوت وللشريك رد ما يخصه ودعوى عيب ظاهر لا يحدث مثله عنده يثبت له الرد إلا أن يقيم البائع بينه برضاه فإن تعذرت أحلفه أنه لم يرض فإن نكل ثبت الرد وإن أمكن حدوثه عنده وأنكره البائع حلف أنه لم يكن به في حال العقد فإن نكل حلف المشتري وله الرد وغير الظاهر لا يقبل إلا ببينة فإن لم تكن حلف البائع في الظاهر على البت والباطن على العلم فلو حدث آخر فله رده مع أرش الحادث والإمساك وأرش القديم إلا أن يدلس البائع فيرد بغير أرش فإن تلف بمثل ما دلس به فهو منه وإن أمكن حدوث الثاني عنده فله الرد بالقديم ويحلف أن الثاني لم يحدث عنده ثم العيب كل ما نقص الثمن أو المنفعة أو كان علاقة أو مخوف العاقبة وما اختلفا فيه نظره أرباب الخبرة وزواله قبل الرد يسقطه إلا أن لا يؤمن عوده ويلزمه رد غلة بخلاف الأولاد ومال العبد والصوف الكائن حال العقد لا ما حدث عنده واللبن والسمن والثمرة الحادثة أو التابعة بخلاف المشترطة ولا يضن تابعه وله الرجوع بنفقة السفر والعلاج ويحكم بالعهدتين في الرقيق إن كانت عرفا أو اشترطت في العقد فعهدة الثلاث من سائر العيوب والسمنة من الجنون والجذام والبرص ويثبت خيار الرد والتصرية عيب فمن ابتاع مصراة جاهلا فاحتلبها فله إمساكها وردها وصاعا من تمر أو غيره من غالب قوت البلد لا يزاد لكثرة اللبن ولا ينقص لقلته فإن علم تصريتها فاحتلبها ليختبرها أو احتلبها ثانية كذلك فهو على خياره فإن عاود سقط

( فصل ) بيع الثمرة قبل زهوها

- لا تباع الثمرة قبل زهوها إلا مع أصلها أو على القطع والإطلاق مبطل كاشتراط التبقية فزهو النخل الحمرة والصفرة وغيرها طيب أكلها فيباع الجنس بطيب بعضه ولو في أصل واحد إن كان متلاحقا لا بطيب مبكرة ولا شتوي بطيب صيفي والورد ونحوه من النور بظهور بعضه وله إلى آخر إبانه والمقاثي والمباطيح والمغيب كالجزر والفجل إذا أطعم والموز إلى أجل معلوم كالقصب ويجوز جزءا معلوما أو حزما والبقل إذا أمكن جزه والقصيل حزما أو مع الأرض أو بشرط القطع لا على التبقية ولا الحب قبل يبسه واستغنائه عن الماء والثمرة المؤبرة للبائع كالزرع الظاهر وغيرهما تابع والتأبير تشقيق الطلع وتلقيحه وغيره ظهور الثمرة من أكمامها ويجوز بيعها جزافا لا خرصا واستثناء جزء معلوم ما كان وفي كيل أو أرطال أو نخلات ما لا يزيد على الثلث وبيع قدر معلوم من حائط معين فإن نفذت ثمرته قبل استيفائه فهو مخير بين الرجوع ببقية رأس ماله وتكون إقالة في البعض والتراضي على شيء عوضا عنه لا عن ثمره ولا يجوز استثناء ما لا يجوز بيعة كالمجهول صفة وقدرا والمحرم منفعة وعينا ولا احتكاره ( 1 ) ولا يسعر على الناس ومن نقص سعرا أمر أن يلحق بالناس أو يقام من السوق
_________
( 1 ) لورد النهي عن احتكار الطعام انتظارا لغلاته مع حاجة الناس اليه وفي الموطأ بلاغا عن عمر قال لاحكرة في سوقنا لايعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب - جمع ذهب - إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا إلخ وفي الموطأ بلاغا أيضا عن عثمان أنه كان ينهى عن الحكرة وأما نقص السعر ففي الموطأ عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له بالسوق يعني بسعر دون سعر الناس فقال له عمر إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا وأما تسعير السلع والبضائع إذا اقتضته المصلحة فهو جائز بشرط أن يجمع الامام وجوه أهل السوق ويحضر غيرهم استظهارا على صدقهم ويحدد سعرا يكون فيه مصلحة لهم وللجمهور وامتناع النبي
صلى الله عليه وسلم من التسعير بعد قول الصحابة له سعر لنا لا يدل على حرمته بل هو محمول على عدم الحاجة إليه إذ ذاك مع الارشاد إلى سلوك طريق الورع والاحتياط مثل هذا مما لعله لايخلو من إجحاف بالتجار أو بالجمهور بدليل قوله صلى الله عليه وسلم " وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلة في دم ولا مال "

( فصل ) العرايا

- وتجوز العرية ( 1 ) من كل ما ييبس ويدخر من الثمار وللموهوب له بيعها بعد زهوها من معريها بخرصها من متناهي جنسها في خمسة أوسق فدونها يأخذه عند الجذاذ لا معجلا ومن غيره بما شاء من غير جنسها ومعري جماعة يشتري من كل خمسة أوسق كالجماعة الواحدة وسقيها وزكاتها على معريها
_________
( 1 ) على أنها رخصة لما في الموطأعن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها " قال القاضي عبد الوهاب العرية عندنا أن يهب رجل نخلة أو نخلات من حائطه لرجل اه

( فصل ) الجائحة

- الجائحة الآفات السماوية وفي الجيش قولان فإذا أتت على ثلث الثمرة أو الزرع فصاعدا أوجب وضع ما يقابله لا دونها إلا أن يتلفها عطشا فيوضع قليلها وكثيرها كجائحة القول ولا وضع بعد الجفاف

( فصل ) السلم

- يجوز السلم في كل مايضبط بالصفات التي تختلف الأغراض فيه والأثمان باختلافها وشروطه الوصف وتقدير كميته وكونه في الذمة إلى أجل معلوم والقدرة على تسليمه عند حلوله ونقد الثمن ويلزم تسليمه بسوقه إلا أن يعينا غيره ومن أسلم طعاما جاز أن يأخذ على الحلول من جنسه معجلا لا من غيره وقبل حلوله وفي غير المطعومات يأخذ ما شاء معجلا لا من غيره وقبل حلوله وفي غير المطعومات ولا مطالبته قبل حلوله ولا يجوز في زرع قرية أو ثمرة قرام بعينه إلا أن لا يختلف عن مثله غالبا ويجوز إسلام ما عدم التقدير والمطعومات من العروض بعضها في بعض متفاضلا إلى أجل بشرط اختلاف الجنس واختلاف الأغراض والمنافع والألوان فيجوز عبد تاجر أو حاسب في أعبد سذج ونحو ذلك فإن اتحد الجنس منع التفاضل

( فصل ) القرض

- يجوز قرض ما سوى الإماء وأجازة ابن عبد الحكم من محرم ( 1 ) ويلزم قيمتها بالوطء ويحرم اشتراط منفعة أو زيادة لا التبرع بها ( 2 ) ويصح تأجيله ويلزم قبله بموضع القضاء فلو لقيه بغيره لم يلزمه بل يخرج معه أو يوكل من يقضيه ويمنع الوضع على التعجيل وكره العمل بالسفاتج ( 3 ) إلا يكون النفع للمقترض والله أعلم
_________
( 1 ) يذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور الفقهاء إلى تحريم قرض الجواري لأنه يؤدي إلى إحلال ما لا يحل من الفروج المحظورة ولم يزل أهل العلم ينهون عن ذلك ولا يرخصون فيه لأحد كما قال مالك في الموطأ وقال محمد بن عبد الحكم يجوز قرض الجارية إذا كانت محرما للمستقرض كأن تكون أمه أو أخته من الرضاعة أو عمته أو خالته من النسب مثلا لأنه لايؤدي إلى إحلال فرجها حينئذ قال الباجي وعلى هذا يجوز للنساء استقراض الجواري يعني مطلقا وإنما يحرم ذلك على الرجال خاصة اه قول المصنف
وتلزم قيمتها بالوطء أي لو وطئها المستقرض فان الجارية تكون له وتلزمه له قيمتها لسيدها
( 2 ) لحديث أبي رافع مولى النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال استلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل من الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكرة فقلت لم أجد إلا جملا خيارا رباعيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اعطه إياها فإن خير الناس أحسنهم قضاء " رواه مالك وغيره . وفي الموطأ عن مجاهد قال : استلف عبد الله بن عمرو من رجل دراهم ثم قضاه دراهم خيرامنها فقال الرجل يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي التي استلف فقال ابن عمر : قد علمت ولكن نفسي بذلك طيبة قال مالك : لابأس بأن يقبض من أسلف شيئا من الذهب أو الورق أو الطعام أو الحيوان ممن أسلفه ذلك أفضل مما أسلفه إذا لم يكن ذلك على شرط منهما أو وأي - أي وعد - أو عادة اه
( 3 ) جمع سفتجة بفتح السين وضمها أيضا وسكون الفاء وفتح التاء فارسية معربة ومعناها كتاب صاحب المال لوكيله أن يدفع مالا قرضا يأمن به من خطر الطريق

كتاب الإجارة ( 1 )

- وهي عقد لازم على المنافع المباحة ولا تفسخ بالموت بل يقوم وارث كل مقامه ويلزم تعيين المنفعة بالعمل كالخياطة والبناء والصباغة ونحو ذلك أو منتهى مسافة الركوب أو ما يكتريها له ويعين المحمول مشاهدة أو قدرا وحمل الأضر وإركاب غير المماثل وسلوك الأشق أو الأبعد اختيارا يوجب ضمانها إلا أن يختار أخذه الأجرة مع أجرة المثل للتفاوت فإن سلمت معه أجرة المثل للتفاوت وعلى الكري ما تفتقر إليه الدابة من آلة وإعانة المكتري في العكم والحط والركوب وتعيين مدة الخدمة والسكنى ويجب بيان مبدئها وتلزم الأجرة على جميعها لاتعجيلها بل بحسب الاستيفاء أو العرف أو الشرط أو كونها عرضا معينا ويفسد ببقائه أو بتراخي مبدإ المدة على العقد وله الاستيفاء بنفسه أو بغيره وإجارتها من مؤجرها وغيره ويجوز كل سنة بكذا ولكل الترك ويلزم من الأجرة بحسابه وتمكن الاستيفاء يوجب الأجرة فإن لم تستوف حتى انقضت إلا أن تكون مضمونة فعلية أجرة المثل للماضي والإجارة بحالها وكري الحج إن أخلف اكتري الحاكم عليه وإن أخلف المكتري اكترى مكانه والزيادة والنقص له وعليه فإن فات الوقت قبل الحكم انفسخت وتنفسخ بتعذر الاستيفاء كتلف العين وامتناع المؤجر من التسليم وموت الأجير والرضيع والعليل وانسلاخ السن وغرق أرض الزرع في أبانه وانقطاع شربها وتلف زرعها لفسادها لا بجائحته وعدم نباته وفي انقضاء مدة الغرس يخير ربها بين خلعه وأخذه بقيمته مقلوعا . وتركه بأجرتها وتجوز إجارة المشاع لبيعه ولا ضمان على رب السفينة والحمام إلا بالتعدي وهل يلزم من أجرتها بحسب الماضي قولان كتلف الدابة بالمتاع في بعض المسافة ولا الراعي فيما تلف أو ذبحه خوف موته بخلاف أكله
ومن استعان عبدا أو صبيا بغير إذن سيده ضمنه فإن سلم فلوليه أجرة مثله لا في غير متلف كمناولة ثوب ونحوه ويضمن الصانع ما غاب عليه وإن عمل بغير أجر لا ما عمله بحضرة ربه أو صدقة أو قامت به بينة ولا أجرة له وأوجبها ابن المواز وإذا ادعى الإيداع والصانع الاستصناع أو العمل بغير أجرة والصانع الأجرة أو صفة والصانع غيرها فالقول قول الصانع مع يمينه والأجرة كالثمن
ويجوز عينا ومنفعة ويلزم بالفساد أجرة المثل ويجوز إجارة الخادم والظئر بطعامه وكسوته ويلزم المشبه ويلزم من خدمة الطفل مقتضى العرف ويجوز كراء الدابة إلى معين على إن وجد حاجته دونها لزمه بحسابه ولا يجوز كراء أرض الزرع بمطعوم ولا ببعض ما تنبته من المزروعات ويجوز اشتراط النقد فيما لا يختلف ربها غالبا ويجوز اشتراط ثمرة الدار بشرط كون قيمتها ثلث الأجرة فدونها
ولا يجوز لمسلم إجارة نفسه أو عبده أو دابته أو داره في عمل معصية ( 2 )
_________
( 1 ) حكى ابن المنذر وابن المواز الاجماع على جوازها . وقال القاضي عبد الوهاب جواز الاجارة في الجملة مجمع عليه إلا ما يحكى عن ابن علية والأصم وهؤلاء لايعد أهل العلم خلافهم خلافا بدليل قوله تعالى ( فان أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) وقوله تعالى ( على أن تأجرني ثماني حجج ) فنص على جواز الاجارة وأخذ الأجرة وقوله
صلى الله عليه وسلم " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه " أو هذا الحديث رواه ابن ماجه عن ابن عمر وأبو يعلى عن أبي هريرة والطبراني في الأوسط عن جابر . وفي حديث قدسي رواه البخاري قال الله تعالى " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره "
( 2 ) كبناء كنيسة أو محل يباع فيه خمر أو نحو ذلك

( فصل ) الجعل

- الجعل جائز ويلزم بالشروع من جهة الجاعل ولا يجوز إلى أجل فمن قال من جاءني بضالتي فله كذا لزمه بها ولاشيء له إلا بتمام العمل فلو قال لرجل إن جئتني بها فلك مائة وللآخر فلك خمسون فجاءا بها فقيل يقتسمان الأكثر بحسبهما وقيل لكل نصف جعله ومن جاء بضالة ابتداء فله أجرة مثله ويجوز في الحصاد والجذاذ ونفض الزيتون بجزء معين منه لا ما لا يعلمه اليوم ويجوز على علاج المريض على البرء والتعليم على الحذاق ( 1 ) واستخراج المياه بشرط معرفة العامل شدة الأرض وبعد الماء والله أعلم
_________
( 1 ) قال مالك لم يبلغني عن أحد كراهية تعليم القرآن والكتاب بأجر اه
قال ابن رشد إجازة ذلك - يعني الاجارة على تعليم القرآن - هو المذهب وأجمع عليه أهل المدينة وهم الحجة على من سواهم واحتج بحديث ابن عباس " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " رواه البخاري في الصحيح وأما أخذ الأجرة على قراءة القرآن في المآتم كما هو شائع في مصر فمحل نظر . وقد يقال بجوازه لجريان العمل به مع دخوله في عموم الحديث المذكور فيما يظهر والله أعلم والحذاق بكسر الحاء المهملة . المهارة : حذق الصبي القرآن والعمل يحذق وحذاقامهر فيه ويقال لليوم الذي يختم فيه القرآن يوم حذاقة

كتاب القراض ( 1 ) والشركة والمساقاة والرهن والوكالة

القراض

- القراض تنمية العامل المال بالتجارة على جزء من الربح يتفقان عليه ويلزم بشغله المال وهو أمين ما لم يتعد والتلف والخسارة من ربه واشتراطه على العامل مفسد كتأجيله وقصره على ما لا يغلب وجوده وقراضه بعروض ولا يسافر ولا يشارك ويقارض ولا يبيع بدين إلا بإذنه فإن قارض فلربه بشرطه وحصته بينه وبين عامله وله في السفر نفقة مثله وإذا طالبه بالتنضيض إن ائتمنهم أو أتو بأمين وإلا سلموا المال وتجبر وضيعته من ربحه ثانية فإن تفاضلا عليها ثم عمل فرأس المال ما بقي وإن اقتسما ربحا قبل تنضيضه ثم حدثت وضعية جبراها ولكل اشتراط جميع الربح لنفسه ويلزم بفساده قراض المثل وقيل أجرة المثل والربح تابع للأصل في الزكاة ولكل اشتراط زكاة الربح على الآخر للأصل فإن لم يكن العامل أهلا سقطت عن حصته وأوجبها عبد الملك تبعا
_________
( 1 ) القراض بكسر القاف من المقارضة ويقال المضاربة أيضا قال زروق القروض رخصة شرعية مباركة لقوله عليه السلام " ثلاث فيهن البركة : البيع إلى أجل والمقارضة وخلط الشعير بالبر للنبت لا للبيع " رواه ابن ماجه عن صهيب
رضي الله عنهما اه . وإسناده ضعيف لكنه ضعف خفيف وشرط القرائض أن يكون بالنقدين أو بنقار الذهب والفضة إذا تعومل به أما إذا لم يكن متعاملا ففيه ثلاثة أقوال لمنع والكراهة والجواز وكذلك اختلف في القراض بالحلي على الأقوال الثلاثة أيضا فالكراهة رواها ابن المواز والمنع والجواز رواهما ابن الحاجب واختار اللخمي أنه أن كان يتعامل بالحلي كأرض المصامدة - من المغرب - جاز والا كره إن كان يوجد مثله والا منع نقله ابن ناجي

( فصل ) الشركة

- تجوز الشركة بالنقد والعروض ويجعل رأس المال قيمتها ويشترط خلطهما حقيقة أو حكما وهي عنان وهي أن لا ينفرد أحدهما بالتصرف ومفاوضة وهي أن يمضي تصرف كل صاحبه والربح والخسران والعمل توابع فإن زاد أحدهما في العمل فله أجرة مثله إلا أن يتبرع وتجوز بالأبدان بشرط اتحاد الصنعة والمكان لا مال وبدن وما يفتقران إليه من آلة فبينهما وشركة الذمم ( 1 ) باطلة وتجوز الشركة في الزرع بشرط التساوي في البذر والعمل والمؤونة والأرض كانت ملكا أو مكتراة أو حبسا فلو كانت لأحدهما وللآخر البذر للزم ربه نصف أجرتها وربها نصف المكيلة فإن انفرد بالعمل فالزرع له وعليه مكيلة البذر وبالعكس ومن احتمل السيل بذره إلى أرض غيره فالزرع لم له ولاغرم عليه وقيل لربه وعليه أجرة الأرض
_________
( 1 ) وتسمى شركة الوجوه أيضا وصفتها أن يتجرا بوجوههما ويشتريا في ذمتهما ويكون ما حصل من كسب بينهما وما حصل من ضمان عليهما وقال أبو حنيفة تصح ودليلنا أنها شركة بغير مال ولا صناعة فلم تصح
أصله إذا قال يعني عبدك وأنا شريكك في ثمنه وقال القاضي عبد الوهاب في الاشراف

( فصل ) المساقاة

- تجوز المساقاة ( 1 ) على أصول الثمرة ولو قبل ظهورها لا بعد بدو الصلاح وعلى الزرع والبقول بعد ظهورها وهي أن يعمل العامل على جزء من الثمرة وعليه السقي والإبار والجذاذ وقطع الجريد ونفقة العمال وعلوفة الدواب وإصلاح القف ومنافع الشجر لابناء حائط وحفر بئر وغرس شجر وخلف دابة وتجوز سنينن وتنتهي السنة بالجذاذش ولا تنفسخ بالموت والبياض لربه وللعامل اشتراطه من زرعه جزءا موافقا لحصته من الثمرة والله أعلم
_________
( 1 ) عرف ابن عرفة المساقاة بأنها عقد على عمل مؤنة النبات بقدر ما من غلته لابلفظ بيع أو إجارة أو جعل اه
وهي رخصة مستثناة من عدة أمور منوعة وشروطها ثمانية :
- 1 - أن تكون في أصل يثمر أو ما في معناه من ذوات الأزهار والأوراق التي ينتفع بها كالورد والآس
- 2 - أن تكون قبل طيب الثمرة وجواز بيعها
- 3 - أن تكون لمدة معلومة ما لم تطل جدا
- 4 - أن تكون بلفظ المساقاة
- 5 - أن تكون بجزء مشاع مقدر
- 6 - أن تكون بجزء العمل كله على العامل
- 7 - ألا يشترط واحد منهما من الثمرة ولا غيرها شيئا معينا خالصا لنفسه
- 8 - ألا يشترط على العامل عملا خارجاعن منفعة الثمرة ويبقى بعد جذاذها مما له بال وقدر اه من شرح زروق على الرسالة

فصل في الرهن

- الرهن عقد لازم واشتراط غلته مبطل فيصح بالقول ويتم بالقبض ويجبر الراهن عليه واستدامته شرط فإن عاد إليه اختيارا أو بإعارة أو
إجارة أو وديعة بطل كتراضيه على قبضه حتى مات الراهن أو أفلس لابامتناع الراهن مع إقامته على الطلب والمال الباطن مضمون ما لم تقم بينة أو يكن على يد أمين لا الظاهر إلا بالتعدي فإن اختلفا في قيمته واتفقا على صفته قوم عليها فإن اختلفا أيضا حلف المرتهن فإن حلف الراهن قوم عليها فإن جهلاها حلف المرتهن على قيمته وقاصه فإن اتفقا واختلفا في قدر الحق فالرهن شاهد بقدر قيمته ويحلف الراهن لنفي الزائد وفي عين الرهن القول للمرتهن وفي كون المقتضى ما به الرهن يحلفان وتحسب منهما وفي مال العبد معه القول قول الراهن ولا يصح رهن ما لا يجوز بيعه بحال ولا تقبل دعوى المديان رهنا عند غريم إلا ببينة على قبضة رهنا ويصح المشاع فإن كان باقيه له لزمه تسليمه وإن كان لغيره نزل المرتهن معه منزلة الراهن ومن رهن على قدر معين ثم أخذ زيادة عليه صار رهنا بالجميع فلو أراد رهن فائضه عند غير المرتهن وقف على إذنه ويقدم الأول في الاستيفاء ونساؤه لربه ونفقته عليه ونتاجه رهن معه كفراخ النخل لا الصوف واللبن ومال العبد إلا أن يشترطه ولا يتبعض بتبعض القضاء بل ما بقي فهو محبوس به ويجوز اشتراط الانتفاع به في البيع لا في القرض ( 1 ) فإن وكله ببيعه صح ولم يكن له عزله فإن باعه ربه وقف على إجازة المرتهن فإن ادعى أنه أذن ليتعجل حلف ويعجل وفي عتقه موسرا ينفذ ويتعجل وفي عسره يوقف فإن أفاد مالا أنفذ وإلا بيع في الدين كاستيلاده الأمة ووطء المرتهن بغير إذن زنى وبإذنه يبطل وقاصه بقيمتها وتصير أم ولد
_________
( 1 ) لأن الانتفاع به في القر سلف جر نفعا وهو محرم قال زروق ولا يتطوع به بعد عقد البيع لأنه هدية المديان اه

( فصل ) الوكالة

- تجوز الوكالة ( 1 ) في كل ما يقبل النيابة من غير اعتبار برضا الموكل عليه وحضوره وله عزله إلا وكيل الخصومة بعد شروعه ولا يملك الإقرار والصلح والمبارأة إلا بإذنه والإطلاق بالبيع يقتضي الحلول وثمن المثل وبشراء أمة أو ثوب ونحوه المناسب وهو أمين ويقبل قوله في الرد والتلف فأما قبضه من غريم أو قضاؤه فلا يقبل إلا ببينة أو تصديقه وللغريم تحليفه أنه لم يقبض ولم يعلم قبض وكيله ويعزل بموت موكله وعزله وبيع ما أمره ببيعه واستهلاكه وعتقه ولكل من الوكلاء الاستقلال إلا أن يشترط الاجتماع وللمفوض التوكيل والتصرف على وجه المصلحة وإذا اشترى في الذمة بإذنه ثم تلف الثمن بيده فعلى ربه خلفه ولو مرارا ولو دفع من ماله وقبض العوض فتلفه منه والله أعلم
_________
( 1 ) الأصل في الوكالة حديث البخاري عن أبي هريرة كان لرجل على النبي
صلى الله عليه وسلم جمل سن من الإبل فجاء يتقاضاه فقال أعطوه فطلبوا سنه فلم يجدوا له إلا سنا فوقها فقال اعطوه فقال أوفيتني أوفى الله بك قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن خياركم أحسنكم قضاء " قال الكرماني لفظ أعطوه يتناول وكلاء رسول الله حضورا وغيبا اه وقال الحافظ وأما الغالب فيستفاد من هذا الحديث بطريق الأولى لأن الحاضر إذا جاز له التوكل مع اقتداره على المباشرة بنفسه فجوازه للغائب عنه أن يزكي عن أهله الصغير والكبير ذكره البخاري في الصحيح وفي السنن عن عروة البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به أضحية أو شاة فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار فأتاه بشاة ودينار فدعا له بالبركة في بيعه فكان لو اشترى ترابا لربح فيه

كتاب الحجر والصلح والحمالة والحوالة

- يحجر على الصغير أبوه أو وصيه أو الحاكم حتى يبلغ ويؤنس رشده بإصلاحه المال والأنثى مدخولا بها ولا يشترط العدالة والبلوغ بالاحتلام أو بالإنبات أو بلوغ ثماني عشرة سنة وقال ابن وهب خمس عشرة ويزاد في الأنثى الحيض والحمل ويختبر بحسن تصرفه ولايقبل قول الوصي في دفع المال إليه إلا ببينة كدعواه دفع نفقته إلى حاضنته ويوسع عليه بحسب ماله ومألوفه وله تنمية ماله فإن كان فقيرا فله أجرة مثله والسفيه الحاكم ( 1 ) ويفك حجره بإصلاحه المال كالمجنون ولا يتبع بما استدانه حال حجره بغير إذن بخلاف العبد بعد عتقه ما لم يسقطه سيده وهو يملك ملكا مزلزلا لسيده انتزاعه وتبرعات الزوجة في ثلثها وللزوج رد الزائد فإن لم يعلم إلا بعد موتها أو إبانتها مضى وللمريض نفقته من رأس ماله ويمنع من التبرع بما زاد على ثلثه والزاحف في الصف والراكب للجة في الهول والحامل تبلغ ستة أشهر كالمريض وحكم غير المخوف كالجنون والجذام والبرص حكم الصحة
_________
( 1 ) أي ويحجر على السفيه الحاكم

( فصل ) المفلس

- إذا ادعى المديان الفلس وطلب غرماؤه حبسه حبس فإن ثبت عسره أنظره فإن ظهر له شيء أديم حبسه فإن سألوه حجره حجر عليه وانتزع لهم ماله وقسم بينهم بالحصاص ويحل المؤجل عليه لا له ومن وجد عين سلعته أخذها ( 1 ) فإن قبض بعض ثمنها خير بين رده وأخذها أو الحصاص بباقيه وتترك له ثيابه المعتادة وقوته الأيام ويباع عليه ما سوى ذلك من ربع وغيره والتلف قبل البيع منه وبعده من الغرماء وليس لهم ملازمته على الباقي ولا إجارته
_________
( 1 ) لحديث أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال " أيما أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق من غيره " وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء " رواهما مالك وغيره

( فصل ) الصلح

- الصلح جائز ( 1 ) على الإقرار والإنكار إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا فمن علم أنه لا حق له لم يحل له ما أخذه وهو على قسمين مفاوضة وغير مفاوضة والمفاوضة كالبيع فيما يجوز ويمتنع
الثاني تعجيل البعض وإسقاط الباقي فمن وضع بعض حقه فلا رجوع له ومن له بينة فترك القيام بها سقطت ولم يكن له نقض الصلح بخلاف كونها غائبة أو لا يعلمها
_________
( 1 ) لحديث عمرو بن عوف المزني أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما " رواه الترمذي وصححه وله طريق عن أبي هريرة صححه ابن حبان ثم الصلح أنواع : صلح المسلم مع الكافر والصلح بين الزوجين والصلح بين الفئة العادلة والباغية والصلح بين المتغاضبين كالصديق والصلح في الجراح والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة في المشتركات كالشوارع

( فصل ) الكفالة

- الحمالة والكفالة والزعامة ( 1 ) بمعنى فيجوز بكل دين ثابت أو آيل إلى الثبوت لا فيما لا يمكن استيفاؤه من الكفيل ولا يشترط رضا المكفول عنه والصحيح أنه لا يطالب الكفيل إلا أن يتعذر الاستيفاء من الأصل ويبرأ ببراءة الأصل لا بالعكس ويجوز بالوجه ويبرأ بتسليمه متمكنا منه ويلزمه المال إلا أن يموت المكفول أو يشترط البراءة وعن الميت وبالمجهول ويلزم ما ثبت وفي قوله عامل فلانا وأنا كفيله ويلزم المشبه فإن مات قبل الحلول وقف من تركته قدر الدين فإذا حل واستوفى الحق أخذه الورثة وإلا أخذه الغريم وإذا حط عنه شيء رجع بما أداه ولو صالح رجع بأقل ويصح من الجماعة بعضهم عن بعض ومن أدى برئ الباقون ورجع على كل بما ينوبه
_________
( 1 ) وتسمى ضمانا أيضا والأصل فيها قوله تعالى ( ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم ) وأحاديث منها حديث سلمة بن الأكوع ان النبي
صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ليصلي عليها فقال هل عليه من دين فقالوا لا ثم أتي بجنازة أخرى فقال هل عليه قالوا نعم قال فصلوا على صاحبكم قال أبو قتادة على دينه يارسول الله فصلى عليه رواه البخاري ورواه ابن ماجه عن أبي قتادة وفيه فقال أبو قتادة : أنا تكفل به وأما الحولة فهي والضمان متقاربان لأن كلا منها يشتمل على نقل ذمة رجل إلى ذمة رجل آخر والأصل فيها حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مطل الغني ظلم فإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع ) متفق عليه وفي رواية لمسلم ( فإذا أحيل احدكم على مليء فليحتل )

( فصل ) الحوالة

- الحوالة تحويل الحق إلى ذمة تبرأ بها الأولى بشرط رضاهما ورضا المحال عليه إلا أن يكون لا حق له عليه ولا رجوع للمحال لتعذر الاستيفاء إلا أن يغره لا إن علم فرضي به ويشترط حلول المحال به لا عليه وكونهما من جنس ولا يحال على غائب لا يعلم حاله ولا على ميت والله أعلم

كتاب العارية والوديعة ( 1 )

العارية

- العارية تمليك المنفعة المباحة وضمانها كالرهن فإن أعار إلى أجل فلا رجوع قبله وإن أطلق فحتى ينتفع بها انتفاع مثلها وللمستعير أن يعير وإذا عين منفعة لم يكن له مجاوزتها
_________
( 1 ) العارية والوديعة مشروعتان إجماعا . والأصل فيها أحاديث منها حديث أبي أمامة ( العارية مؤداة والدين مقتضى والزعيم غارم ) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي وفي رواية بعضهم زيادة ( والمنيحة مرودة ) واستعار النبي
صلى الله عليه وسلم فرسا من أبي طلحة كما في الصحيحينن وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( على اليد ما أخذت حتى حتى تؤديه ) رواه أحمد والأربعة وصححه الحاكم

( فصل ) الوديعة

- المودع أمين فيقبل في الرد والتلف فإن قبضها ببينة لم يقبل ردها بغيرها وله إيداعها عند زوجته وخادمه ويضمن لغيرهما كالسفر بها إلا أن يتعذر ردها ولا يجد ثقة فإن استودعها فيه فعرضت له إقامة فله إرسالها مع ثقة ولا ضمان كنقلها إلى حرز ولا يجوز للمعدم التصرف فيها ويكره للملي ويقبل قوله في رد المثل وتلفه لا رد القيمة وتلزم المكيلة في خلطها بمثلها والتلف منهما فإن سقطت فانكسرت لم يضمن بخلاف سقوط شيء من يده عليها والله أعلم

كتاب الشفعة ( 1 ) والقسمة

الشفعة

- وهي واجبة بين الشركاء في العقار والرباع دون المنقولات على قدر حصصهم وقارعة الدار والبئر وفحل النخل توابع وفي التمر المعلق روايتان كالحمام وبيت الرحي لا بجوار ومسيل ماء واستطراق ونحو ذلك ويستقل أهل الحيز من الورثة بالشركة فإذا باع أحدهم فلأهل حيزه فإن باعوا فللحيز الآخر فإن باعوا فللعصبة فإن باع بعضهم فللجميع دون الشركاء الأجانب فيأخذ الشفيع بمثلي فإن كان مؤجلا فإلى مثل أجله إن كان مليا وأتى بحميل فإن أظهر أكثر أخذ بالمعقود عليه وقيمة المقوم كالمجهول صداقا أو مخالعا به وعوض دم عمد وأرش جناية وفي الخطإ بالدية ولا شفعة في موروث والظاهر إلحاق المرهون والمتصدق به وإذا ترك الشركاء شفعتهم لم يكن للباقي أخذ ما يخصه بل يأخذ الكل أو يترك كتعدد المشفوع واتحاد الشفيع وإذا قدم غائب فله الأخذ وفي تعدد الصفقات يأخذ بأيها شاء ويبطل ما بعدها وينزل الوارث منزلة موروثة والعهدة على المشتري فترجع في الاستحقاق عليه وتسقط بإسقاطها بعد استحقاقها لا قبله وبشرائه واستئجاره لا بشهادته في العقد والإقالة وبيع الشقص المستشفع به بعد ثبوتها والصحيح أن الحاضر على شفعته إلى سنة وللمشتري مرافعته ليأخذ أو يترك والغائب على شفعته حتى يعلم تركه وإن طال وله أخذ الغرس والبناء بقيمته قائما
_________
( 1 ) لا خلاف بين العلماء في مشروعيته الشفعة إلا ما نقل عن أبي بكر الأصم من إنكارها قال الحافظ في الفتح وفي صحيح البخاري عن جابر أن النبي
صلى الله عليه وسلم ( قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلاشفعة ) وفي صحيح مسلم عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( قضى بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعه أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فان باعه ولم يؤذنه فهو أحق به ) ولا شفعة بالجوار كما سيقول المصنف خلافا لأبي حنيفة لأن قوله قضى بالشفعة في كل شركة ينفيها وكذلك قوله فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة لأنهما بعد التقسيم صار جارين وهذان الحديثان أصح من الأحاديث المثبتة لشفعة الجار على ان لفظ الجار فيها مراد به الشريك لأن كل شيءقارب غيره قيل له جار ومنه قيل لامرأة الرجل لما بينهما من المخالطة

( فصل ) القسمة

- القسمة ( 1 ) ثلاثة أضرب : مهايأة وهي اختصاص كل بمنفعة موضع مع بقاء الرقاب مشتركة الثاني بيع وهي رضا كل بموضع مقابل لما يأخذه الآخر الثالث قسمة تعديل فيضم ما تقاربت منافعه والرغبات فيه إلا أن لا يمكن قسمة كل موضع على حاله يعدل بالقمة على السهام ويسهم عليه تكتب أسماؤهم وتجعل في بناديق فمن خرج اسمه على سهم أخذه وما يليه إلى منتهى حقه فإن طلب أهل حيز جمع سهامهم جمعت ومن أبى قسمة ما لا ضرر في قسمة أجبر وفي قسمة ما تبطل منفعتة روايتان فإن طلب بعضهم البيع أجبر من أباه كالشركاء في العبد والسفينة والحيوان وما يكال أو يوزن يقسم كيلا أو وزنا وتقسم العروض أثمانا إلا أن يتراضوا على غير ذلك وتنتقض لطرو وارث أو دين إلا أن يلتزموا وفاءه أو يرضى الوارث بمشاركتهم أو تكون التركة عينا فيرجع على كل بقسطه والله أعلم
_________
( 1 ) الأصل في القسمة قوله تعالى ( وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى ) الآية وقوله تعالى ( ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ) الآية وفي صحيح البخاري عن رافع ابن خديج قال كنا مع النبي صلى لله عليه وسلم بذي الحليفة وذكر الحديث فقال ( ثم قسم - يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم - فعدل عشرة غنم ببعير ) الحديث

كتاب الاحياء والارتفاق والغصب والاستحقاق

- من أحيا مواتا غير مملوكة فهو له فإن عاد دائرا فلغيره إحياؤه ويقف ما قارب العمارة على إذن الإمام والإحياء بشق الأنهار واستخراج العيون والآبار والغرس والتحجير ونحو ذلك ولا يحفر بئرا حيث يضر بئر غيره ويعتبر ذلك بشدة الأرض ورخاوتها فإن حفر في ملكه فله منع مائها وبيعه إلا بئر الزرع فعليه بذل فضلها لجاره الزارع على ماء ما دام متشاغلا بإصلاح بئره . وفي الصحراء هو أحق بكفايته كالسابق إلى كلإ أو حطب ولا يحدث ما يضر بجاره كالمسبك والحمام ونحو ذلك

( فصل ) الارتفاق

- يندب ( 1 ) إلى إعانة الجار بإعارة مغرز خشبة أو طرحها من جداره فإن أطلق لم يكن له نقلها إلا لإصلاح جداره ولا يلزمه إعادتها بخلاف تعيين مدة وعليه أن يأذن له في الدخول لإصلاح جداره من جهته وله فتح روزنه لمصلحة حيث لا يطلع منه على جاره وإذا تداعيا جدارا ولا بينة فهو لمن إليه وجوه الآجر والطاقات فإذا استويا فهو مشترك فلا يتصرف فيه إلا بإذن الشريك فمن هدمه لغير ضرورة لزمه إعادته فإن انهدم فإن أمكن قسمة عرصته وإلا أجبر على البناء معه فإن أبى وبنى أحدهما فله منع الآخر من الانتفاع ليؤدي ما ينوبه والسقف تابع للسفل وعليه إصلاحها لينتفع الأعلى ولذي جدارين جانبي الطريق اتخاذ ساباط وإشراع أجنحة لا تضر بالمارة وتلعية جداره ماشاء بشرط الامتناع من الاطلاع ولا يجوز أخذ شيء من السابلة والناس مشتركون في الاستطراق والجلوس في المسجد للعبادة ومن سبق إلى موضع لم يقم منه إلا للأحتراف وجعله منسكا
_________
( 1 ) هذا الفصل في الارتفاق وهو الانتفاع والمراد به هنا المنافع العامة التي يستوي فيها الجيران وغيرهم في البيت والطريق العام ونحو ذلك والأصل في الارتفاق قوله
صلى الله عليه وسلم ( لاضرر ولاضرار ) رواه الدار قطني والحاكم وله طرق وقوله صلى الله عليه وسلم ( لايمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ) رواه مالك والبخاري وغيرهما وقوله صلى الله عليه وسلم ( الناس شركاء في ثلاث : في الكلأ والماء والنار ) رواه أحمد وأبو داود ورواته ثقات إلى غير ذلك من الأحاديث

( فصل ) الغصب

- يجب رد عين المغصوب فإن فات ضمن المثلي بالمثل والمقوم بقيمته يوم الغصب وفي نقصه يخير ربه بين أخذه ناقصا وتضمينه وفي بيعة بين إجازته وأخذ الثمن واستعادته وفي جناية الغاصب بين أخذه مع الأرش وتضمينه وجناية الأجنبي بين تضمين الغاصب وأخذه مع الأرش ولو بنى على الساحة أو رفع بالحرفة لزمه الرد لا اللوح في السفينة إلا أن يؤمن غرقها فإن وطئ فهو زان فلو غرم القيمة ثم وجدت العين عنده فهي له إلا أن يكون أخفاها فلربها أخذها وهل يلزمه رد غلته ؟ قال ابن القاسم يلزم في العقار لا الحيوان وقيل في الجميع وقيل لاشيء عليه فيما اغتل أو انتقع ويؤخذ غرسه بقيمته مقلوعا وما لا قيمة لمقلوعه مجانا ويؤمر بقلع زرعه في إبانه وبعده يتركه بأجرة المثل

( فصل ) الإنقاذ

- من أمكنه إنقاذ نفس أو مال من مهلكة فلم يفعل ضمن كإتلافه عمدا أو خطأ والمنفعة المقصودة كالعين وفي اليسير يلزم ما نقص وفاتح القفص وإن تراخى الطيران كقيد عبد أو دابة وتحريق وثقه وكتب شهادة ينوي بها المال وراكب الدابة وقائدها وسائقها ومرافقها حيث سهل له وإمساك الكلب العقور وذو الجدار المخوف سقوطه والعجماء والمعادن والبئر بغير صنع جبار كدفع الصائل وإذا اصطدم فارسان فدية كل على عاقله الآخر وفرسه في ماله لا المركبان وحل أحدهما من الآخر وإلقاء الأمتعة خوف الغرق وتوزع بحسب الأموال ويضمن مؤجج النار في الريح كمرسل الماء وحافر البئر حيث يمنع ومال الذمي كالمسلم ويضمن خمره إلا أن يظهرها وجناية الصبي والمجنون في ماله

( فصل ) الاستحقاق

- من استحق شيء من يده لزمه رده وله الرجوع على بائعه بالثمن ولربه أخذ البناء والغرس بقيمته قائما فإن أبى دفع الآخر قيمة الأرض براحا فإن أبيا اشتركا بالقيمتين ومستولد الأمة إن ابتاعها من غاصب عالما فهو كهو وإلا أخذها ربها وقيمة الولد وهو حر وقيل بل قيمتها وهي أم ولد والله أعلم

كتاب اللقطة ( 1 )

- من التقط ماتشح به الأنفس عادة لزمه تعريفه سنة بحسب إمكانه من غير ملازمة أو رفعه إلى الإمام فإن أعادها ضمن إلا أن يرفعها ليبينها ولا يخاف عليها فإذا جاء من يعرف عفاصها ووكاءها دفعها إليه فإن انقضت المدة حفظها أمانة فإن استهلكها أو تصدق بها ضمنها إلا ما يسرع إليه الفساد فأما ضالة الإبل فلا يعرض لها والغنم بقرب غنم أو عمارة يضمها وإلا يأكلها أو يتصدق بها والبقر كالإبل وقيل كالغنم وله إجارتها في نفقتها والرجوع بما أنفق ويقبل قوله في المشبه ولربها إسلامها وأخذها ودفع النفقة
_________
( 1 ) في الصحيحين عن زيد بن خالد قال سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق فقال ( اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة فان لم تعرف ولتكن وديعة عندك فان جاء طالبها يومامن الدهر فأدهما اليه
وسأله عن ضالة الابل فقال ولها دعها فان معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وترعى الشجر حتى يجدها ربها وسأله عن الشاة فقال خذها فانما هي لك أو خيك أو للذئب ) وفي رواية لمسلم ( فان جاء صاحبها فعرف عفاصها ووكاءها وعددها فأعطها إياه وإلا فهي لك ) وفي الصحيحين عن أنس أن النبي
صلى الله عليه وسلم مر بتمرة في الطريق فقال ( لولا أن أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها ) وفي سنن أبي داود عن جابر قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل واشباهه يلتقط الرجل ينتفع به

( فصل ) المنبوذ

- التقاط المنبوذ فرض كفاية إلا أن يخاف عليه ( 1 ) والنفقة من ماله فإن لم يكن ففي بيت المال فإن لم يكن فعلى ملتقطه ولا رجوع له ولا يرثه ومن استلحقه ببينة لحق به ولو ذميا والأصل حريته وإسلامه إلا أن يوجد بقرية لا مسلم بها وقيل إن الملتقطة في قرية بها مسلم تبعه والطفل لأبيه في دينه ولأمه في الحرية والرق
_________
( 1 ) فيصير التقاطه فرض عين على من وجده

كتاب الإقرار ( 2 ) والهبة والصدقة والعمرى والرقبى

الإقرار

- ومن اعترف بحق لزمه ويرجع في تفسير المجهول إليه وفي دراهم أو دنانير ثلاثة فلو قال كثيرة فقيل أربعة وقيل تسعة وبقوله كذا درهما عشرون وكذا كذا إحدى عشر وكذا وكذا إحدى وعشرون ولو قال ألف ودرهم لم يكن الدراهم بيانا وقيل إن كان جواب دعوى فهو بيان ولو أقر بشيء في وعاء فإن استغنى عنه وإلا لزما ويصح استثناء الأكثر والأقل والمساوي ومن غير الجنس وهو من الإثبات نفي ومن النفي إثبات ولو أقر لزيد بألف مرتين فهي واحدة أو بدينار مجهول لزم نقد البلد فإن اختلف فالغالب فإن لم يكن لزم مسماه ولا يقبل إقرار مريض لمن يتهم عليه ولو اعترف صحيحا بإتلافه مجنونا لزمه كاعترافه بالغا صغرا ولو اعترف بمعين فأنكر المقر له حلف عليه ومن أقر بوارث لزمه ما نقصه الإقرار ولم يثبت نسبه وميراثه فإن كانا اثنين من أهل الشهادة شهدا وثبت نسبه وميراثه
_________
( 1 ) الأصل في الإقرار قوله
صلى الله عليه وسلم لأبي ذر ( قل الحق ولو كان مرا ) صححه ابن حبان في حديث طويل وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث العسيف ( واغد ياأنيس على امرأة هذا فان اعترفت فارجمها ) متفق عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"