بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 11 يونيو 2011

تربية الطفل في الاسلام/5

المطلب الرابع : الزكاة: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا } (2)

الآثار التربوية لفريضة الزكاه على الفرد والجتمع :

الزكاه هي " منهاج تربوي وعلاج عملي أصيل لضعف النفس، وتطهيرها من داء الشح والأثره وعبادة المال " (5)

*والمساهمة بثروتة في تنمية ثروة الجماعة ومالها ، واسثماره وترشيده فيها يعود بالخير على الجماعة كلها ، ويحول دون تكدس الأموال وتخزينها، لأنَّ في ذلك تعطيلاً لوظيفتها التي خصها الله تعالى بها،

*ومن شأن الزكاه كتشريع رباني حكيم اذا رُسِخت في نفس الناشئ منذ طفولته من خلال عملية التربية والتنشئة الإجتماعية ، أن تؤدي الى خلق مجتمع عادل رحيم تسوده المحبة بدل الحقد ، والتعاطف بدل التقاطع والتعاون بدل الإستغلال والتكافل بدل الصراع والسعاده بدل الشقاء وتقوى فيه روح الانتماء الاجتماعي بين أفراده جميعاً ، فيتعاونون على البر والتقوى والإحسان،

المطلب الخامس : الحج

الحج : "هو التعبد لله-عز وجل - بأداء المناسك على ما جاء في سنه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في مكان مخصوص وفي زمان مخصوص " (2)

قال تعالى : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ {96} فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } (3)

عن أبي هريره – رضي الله عنه- ، قال : سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول – ( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) (4)

حكم حج الصغير :

" إذا أحرم الصبي بالحج صح نقلاً ، فإن كان مميزاً فعل كما يفعل البالغ من الرجال والنساء، وإن كان صغيراً عَقد عنه الإحرام وليه، ويطوف ويسعى به ، ويرمي عنه الجمرات ،

والأفضل أن يؤدي ما قدر عليه من مناسبك الحج أو العمره ، وإذا بلغ فيما بعد لزمه أن يحج حجه الإسلام ، ومن حج به فهو مأجور" (1)عن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال:رفعت إمرأة صبياً لها فقالت:" يا رسول الله ألهذا حج"؟ قال:(نعم ولك الأجر). (2)

محاسن وأسرار الحج :

(1) الحج مظهر عملي للأخوة الإسلامية ، ووحدة الأمه الإسلاميه حيث تذوب في الحج فوارق الأجناس والألوان واللغات والأوطان والطبقات، وتبرز حقيقة العبوديه والأُخوّه، فالجميع بلباس واحد يتجهون لقبله واحده ويعبدون إلهاً واحداً

(2) والحج مدرسة يتعود فيها المسلم على الصبر ويتذكر فيها اليوم الآخر وأهواله ويستشعر فيه لذة العبودية ، ويعرف عظمة ربه ، وافتقار الخلائق كلها اليه

(3) والحج موسم كبير لكسب الأجور ، تضاعف فيه الحساب وتكفر فيه السيئات ،...، فيرجع من الحج نقياً من الذنوب كيوم ولدته أمه.

(4) تذكير بأحوال الأنبياء والرسل –عليهم الصلاة والسلام- ودعوتهم ، وأخلاقهم وتعويد النفس على فراق الأهل والولد .

(5) الحج ميزان يعرف به المسلمون أحوال بعضهم وما هم عليه من علم أو جهل أو غنى " ومما تقدم يتضح لنا أن فلسفة التربية الإسلامية في القرآن والسنة ترتكز على العبادات كمصدر حيوي وهام للعملية التربوية المستمرة والمتصلة بالنسبة للفرد والجماعة معاً، فالصلوات الخمس تربيه يوميه، وصلاة الجمعة تربيه اسبوعيه، وصلاه العيدين وصوم رمضان وايتاء الزكاه والحج ، تربيه سنويه فكأنَّ التربيه الإسلاميه هي بحق تربية حياة متواصله من مهد الإنسان إلى لحده، تحمل في طياطها اسباب السعاده في الدارين لمن اتقى ربه وتمسك بالفرائض وحرص علي ادائها في اوقاتها المعلومه ووفق شروطها واحكامها الشرعيه

المبحث الثالث: البناء الأخلاقي

المطلب الأول: خلق تاديب الأطفال

" إنِّ التربيه الخُلقيه هي روح التربيه الأسلاميه وعنايتها بالتربيه الخُلقيه لا يعني إهمال الجوانب الأخري

. فالنبي- صلي الله عليه وسلم- قد بلغ القمه في الأخلاق وافضل طريق للوصول الي مكارم الأخلاق هو طريق رسول الله- صلي الله عليه وسلم- والذي خاطبه تعالى بقوله { وانك لعلى خلق عظيم }." (1) (2)

الخُلق : " حال للنفس راسخه تصدر عنها الأفعال من خير او شرمن غير حاجه إلى فكر ورويه.

وعلم الأخلأق : هو علم موضوعه أحكام قيميه تتعلق بالأعمال التي توصف بالحسن او القبيح." (3)

اما الأدب فقال عنه أمير المؤمنين : " يا بني احرز حظك من الأدب وفرغ له قلبك، فإنه أعظم أن يخالطه دنس، واعلم انك اذا اقتربت عشت به، وان تغربت كان لك كالصاحب الذي لا وحشه معه، يا بني الأدب لقاح العقل وذكاء القلب وعنوان الفضل" (4)

" لتكوين الخلق السوي في الطفل ينبغي أن تعلمه الواجبات التي ينبغي عليه القيام بها وهذا التعليم يتم بالقدوة والتربية والتوجيه

المطلب الثاني: أنواع الآداب النبوية للأطفال :

(1) الأدب مع الوالدين

قال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {23} وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } (2)

عن عبد الله بن مسعود قال : سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – : "أي العمل أحب الى الله تعالى" ؟ قال: ( الصلاة على وقتها) ، قلت ثم اي قال : ( بر الوالدين " وعلى الأولاد أن يتخيروا في مخاطبة آباءهم أجمل الكلمات وألطف العبارات ،وأن يكون قولهم كريماً لا يصحبه شيء من العنف (7)

(2) أدب الاحترام والتوقير:

" من الإتجاهات الخُلقيه التي يجب على البيت مراعاتها وغرسها في نفس الولد الاحترام والتوقير للكبير والصغير ، وفائدة هذه الخصال أنها بمرور الأعوام لا ينحصر هذا الاحترام للأشخاص فقط، بل يتناول المثل العليا والمبادئ المُثلى والقيم الروحية ، فيحترم نفسه ومن ثمَّ يحترم ويوقر الآخرين، ثم يحترم الحياة والكرامة الشخصية والقانون وغير ذلك " (1)

فعلى المربين أن يعلموا أطفالهم احترام وتوقير الكبار والعلماء ، وتقدمهم في الكلام، والعطف على الصغار.

(3) أدب الأخوة :

من الإتجاهات الخلقية التي يعمل البيت على بثها وغرسها في نفوس أولادهم الحب والوّد والاحترام بين الإخوه جميعاً كباراً وصغاراً، وقد نهى الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن الإشارة بالسلاح الى مسلم لإلقاء الرعب في قلبه .

عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( من أشار إلى أخيه بحديده فإن الملائكة تلعنه حتى إن كان أخاه لأبيه وأمه ) (2)

قال الإمام النووي : " فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه " (3)

" واجب الأسرة أن تعمل داخل البيت على بث روح التعاون والثقة والمودة والاحترام بين أفراده جميعاً ،فيشعر الولد بأنَّ إخوانه أصدقاء له ، يتبادل معهم الحب والاحترام ، ومن ثمَّ يشع داخل البيت أنهم كلهم أفراد متفاهمين متعاضدين " (4)

(4) أدب إحترام المعلم :

" للعلماء درجات رفيعه، فَهُم قادة الأمة ورواد البحث ، وهم ورثة الأنبياء الذين تناط بهم مواجهة الإنحلال والفساد ، وتحقيق العدل ونشر العلم " (1)

عن أبي أمامة الباهلي قال ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلان أحدهما عابد والآخر عالم فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فضل العالِم على العابد كفضلي على أدناكم) ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم –( إنَّ الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير ) (2)

وقد وجه الحسن البصري ابنه الى مجالسة العلماء فقال له : " يابني إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص على أن تقول ، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام ،ولا تقطع على أحد حديثاً وأن طال حتى يمسك " (3)

" من الحقوق الإجتماعية الهامة التي يجب ان يتبين المربون لها تربية أولادهم على احترام المعلم وتوقيره، بالقيام له والسلام ،وعدم رفع الصوت وحسن الجلوس، وعدم فعل ما يكره والمبادرة الى خدمته فيما يطلبه ويريده .

ونعلم أولادنا أن ينظروا الى معلمهم بعين الإجلال مع إظهار فضائله ومحاسنه وعدم التحدث في مجلسه بالإصغاء اليه ، وعدم التلهي والإنصراف عنه ،والإستفهام منه بلطف " (4)

(5) أدب الجار :

المجتمع المسلم كيان واحد مترابط هكذا يريد الله -سبحانه وتعالى -للمجتمع أن يكون ،ولذا فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) (5)

(5) صحيح، سبق تخريجه ص

" والجار في الإسلام مكرم أيّما إكرام ، محترم أيّما إحترام ، فقد أوصى الرسول – صلى الله عليه وسلم – به وندب الأطفال الصغار لاحترامه، كما طالب الإسلام الآباء أن يورثوا حب الجار لأطفالهم وأن يتجنبوا أذاهم على نحو مقصود وغير مقصود بأي صورة من الصور."(1)

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( مازال جبريل يوصيني بالجار ، حتى ظننت أنه سيورثه ) (2)

" وعلى الجار كف الأذى عن الجار كالزنى والسرقة والشتام وعليه حماية جاره بالإحسان له ورفع الضرر عنه، واحتمال أذى الجار والصفح والحلم اليه " (3)

(6) أدب الإستئذان

" أدب اجتماعي رفيع وهو واجب الكبير والصغير ، وله مكانة خاصة في التشريع الإسلامي حتى خصه الله تعالى بآيات مباركات كريمات" (4) إذ قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}(5)

إن الإستئذان يبدأ على مراحل:

قبل الإحتلام يستأذن في ثلاث أوقات قبل صلاة الفجر ووقت القيلولة وبعد صلاة العشاء ليلاً .

بيد أن الطفل إذا بلغ مرحلة الحلم والبلوغ ، كان التوجيه القرآني بوجوب استئذانه دائماً قال تعالى : { وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } (6) "

" من يريد الإستئذان لا يواجه الباب بكليلته إنما يقف على يمينه أو شماله ، فإذا أذن له دخل وإلا انصرف دون انزعاج أو احتجاج " (1)

يجب على المربين أن يرشدوا أولادهم ألى أدب الإستئذان في الزيارة بأن يسلم ثمَّ يستأذن، بأن يعلن عن أسمه أو كنيته ، وأن يستأذن ثلاث مرات ،وأن نعلم الطفل لا يدق الباب بعنف بل يقرع الباب قرعه خفيفه تدل على أدبه ولطفه ، وإذا طلب منه رب المنزل أن يرجع فيعلموه الرجوع دون حرج ولا تذمر " (2)

(7) أدب الحديث والسلام:

*الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يترك أمراً صغيراً كان أم كبيراً يتعلق بسلوك الإنسان إلا وجعل له حكماً ورأيا ، كآداب الكلام وسلوك الحديث.

الحديث وسيلة التفاهم الأساسية بين الناس وهو مفتاح الشخصية وعنوانها والكاشف عنها ، فإذا عرف الطفل أسلوب الحديث والحوار منذ الصغر فإنه سوف يكبر ويعرف كيف يُحدِّث الناس على الطريق المُثلى والتي تحمل المضمون القيّم الراقي.

أما آداب الحديث فهي على التالي :

(1) التمهل بالكلام أثناء الحديث حتى يفهم المستمع المراد ،منه وأن يكون الحديث منظوماً مرتباً واضح المعنى ليفهم من كان جالسا. "

(2) " أن يحسن اختيار الألفاظ والكلمات المناسبة حتى لا ينفر المستمعين ولا يزعج الحاضرين ،.... وأن يبتعد عن التصنع في الكلام والتكليف في فصاحة اللسان قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله -عز وجل- يبغض البليغ من الرجال ، الذي يتخلل بلسانه كما تخلل البقرة بلسانه ) (1)

(3) المخاطبة على قدر التفهم : يجب أن لا يخاطب الناس إلا على قدر عقولهم بأسلوب يتماشى وثقافة من يخاطبهم ويتفق مع عقولهم وعلى قدر فهمهم وأعمارهم.

(4) يجب أن لا يتكلم كثيراً وان لا يقاطع كلام غيره ، وإن سبقه أحد الى الحديث فعليه أن لا يتدخل إلا بعد أن ينتهي ، وعلى من أراد الكلام أن يستوثق من وضوح الفكرة في ذهنه ، وعلى المرء أن لا يتكلم إلا اذا دعت الضرورة الى ذلك .

من آداب السلام :

(1) أن يرسخ في نفسه أن التحية من شأنها أن تؤلف القلوب وتقوي الصلات ، وهي مظهر من مظاهر المدنيّة السليمة ، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) (2)

(2) أن يعلمه صيغة السلام ، وهي ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) فهي تجلبُ المحبة وتقوي عُرى المودة

(3) أن يعلمه أن السلام سنة مؤكدة ، وأمّا ردّه فهو فرض لازم " (4) لقوله تعال: { وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } (3)

(4) " أن يُسلم القادم على من يقدم عليه، والراكب على الماشي، والماشي على القاعد ، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير ) (1)

(5) أن نعلمه إذا دخل على أهل بيته ، أن يلقي عليهم السلام " (2)

عن أنس بن مالك قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم، يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك ) (3)

(8) أدب مظهر الطفل:

" مظهر يتعلق بشعر الطفل وحلاقته ومظهر لباسه ولونه وخروجه به في الطريق

بالنسبة للولد نهى الرسول – صلى الله عليه وسلم – عن حلق بعض الشعر وترك بعضه .

قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن وصل الشعر :( لعن الله الواصلة والمستوصلة)(4)

كما استحب الرسول-صلى الله عليه وسلم تسريح الشعر وتمشيطه ليكون زينه وجمالاً ويضفي الاحترام والوقار على صاحبه ، فلا يتشبه بأهل الموضات وأهل العبث واللهو.

[ أما بالنسبة لِلِباس الأطفال فقد] دعا الإسلام الى لبس الجميل من الثياب دون تكبر ولا مفاخره ، كما يستحب أن تكون الثياب بيضاء نظيفه ،" (5) قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم ) (6)

(9) آداب المشي والجلوس ومنها :

1) " على المربي أن يتقيد بصفات مشية عباد الرحمن ليربي أولاده بالفعل على ذلك قال تعالى : { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما } (1)

2) أن يسيروا سيراً متوازناً لا سرعه فيها ولا بطء.

3) أن يغض الطرف وقت المشي ، والنظر الى الأرض ، وأن يترك الأكل وقت المشي

4) نعلم الطفل اذا كان في جلسه مع جماعه عدم التثاؤب والتمطي ولا يمد رجليه ولا يفرقع أصابعه.

5) ألا يبصق على الأرض وإذا اضطر يضعها في ورقه." (3)

(10) آداب الطعام والشراب

عن عمر بن أبي سلمه يقول : كنت غلاماً في حجر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكانت يدي تطيش في الصحفه فقال لي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل ممّا يليك) فما زالت تلك طعمتي بعد

يمكن تلخيص آداب الطعام على النحو التالي :

1) " ألا يأخذ الطعام إلا بيمينه بعد ذكر اسم الله تعالى ويأكل مما يليه .

2) لا يبادر الى الطعام قبل غيره ولا يحدق الى الطعام ولا الى من يأكل.

3) لا يسرع في الأكل بل يمضع الطعام مضغاً جيداً ولا يوالي بين اللقم.

4) لا يلطخ ثوبه ولا يديه بالطعام.

5) يقبح له كثرة الأكل ويجب عليه الإيثار بالطعام اذا طلبه أطفال آخرون.

6) ان يأكل الموجود المتوفر من الطعام، وأن لا تلبي كل طلباته وأن يحمد الله بعد الطعام.

من آداب الشراب :

التسمية قبل الشراب والحمد لله بعده ولا يشرب قائماً ولا مضجعاً ويقسم الكوب الذي يشرب به الى ثلاثة أقسام يتنفس خلالها ويقول الحمد لله. " (1)

عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه نهى أن يشرب الرجل قائماً " (2)

(11) آداب الإنصات أثناء تلاوة القرآن :

قال تعالى : { وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون } (3)

" فالاستماع له والإنصات واجب إسلامي وهو الجدير بجليل الكلام وعظمة المتكلم ،فعندئذ تتنزل الرحمه. فحيثما قرأ القرآن وحيثما تلاه المؤمنون تنزلت الرحمات وصفت النفوس وزكت القلوب لأن في القرآن الذكر والأحكام والعبادة والتشريع." (2)

" وعلينا ألا ننسى أثر العقيدة الطيبة في استجابة الطفل، فالمربي الذي يوقر القرآن ويجله ويُحسن الاستماع اليه، سيكون له أكبر الأثر في نفس الطفل وعظيم تقديره لكلام الله تعالى"(3)

(12) خلق الحياء :

" قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( الحياء من الإيمان) (4)

والحياء ليس هو التغير والإنكسار الذي يعتري الإنسان من خوف يندم عليه، ولكن يتمثل في أمور : حفظ الحواس ، حفظ البطن من الشراهه ، ترك ما حرم الله من زينة الدنيا ، لذا يجب على الآباء والمربين أن يأخذوا أبناءهم بهذا الخلق ،وأن يتخيروا لهم الأصدقاء مما اتصفوا بصفة الحياء والأخلاق الحسنة ، وعلى المربي أن يكون حكيماً ؛فلا يبالغ في أخذ الناشئين لهذا الخلق الى حد يصل بهم الى الخجل وضعف الشخصية

(13) خلق الصدق والتحرز من الكذب :

الصدق : صدق فلان في الحديث : أخبر بالواقع (1)

والكذب : خلاف الصدق (2)

قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } (4)

والصدق " يولِد في النفوس الطمأنينه والسكينه ، بينما الكذب فإنه يورث القلق والإضطراب"(5)

والصدق يهدي الى البِر والجنة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي الى البر وإن البر يهدي الى الجنه ) (6)

" وإذا كانت التربية الفاضلة في نظر المربين تعتمد على القدوه الصالحة فجدير بكل مرب مسؤول ألا يكذب على أطفاله بحجة إسكاتهم من بكاء ، أو ترغيبهم في أمر أو تسكيتهم من غضب ، فإنهم إن فعلوا ذلك يكونون قد عودوهم عن طريق الإيحاء والمحاكاه والقدوة السيئة على أقبح العادات ،وأرذل الأخلاق ألا وهي رذيلة الكذب " (7)

وعلينا أن نغرس فيهم أنه لا يوجد كذبه بيضاء وكذبه نيسان ، فالكذب هو الكذب ، إلاّ في ثلاثة حالات معينة قد نصّ عليها الشرع منها الكذب على الأعداء إن أدى ذلك لمصلحة عامة للإسلام .

لماذا يكذب الأطفال :

- " قد يكذب الطفل تحدّياً لوالديه اللذين يعاقبانه بشده ، فهو يكذب هرباً من العقاب.

- وقد يكذب مازحاً مع أصدقائه بُغية الفكاهه.

- وقد يكذب الطفل الذي يشعر بالنقص لكي يستدرّ عطف المحيطين به .

- وقد يدعي انه مريض ، لأنه لا يريد الذهاب الى المدرسه. " (1) وغير ذلك

ولكي نُخلص الأبناء من عادات الكذب :

- " نحدثه عن الصدق وأهميته دون إكراه أو ضغط ، نشعره بالعطف والمحبة ونشجع فيه الثقة بالنفس ونُبصّره بأهمية الأمانه والصدق فيما يقوله ويفعله ونذكر له أحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – التي تحث على الصدق

- ومن أخطر الأمور أن يعترف الطفل بخطئه ثم يعاقبه بعد اعترافه فكأننا نعاقبه على الصدق ، وندفع الطفل دفعاً الى الكذب " (2)

(14) الأمانة والإحتراز من الخيانه :

الأمانة : الوفاء (3)

قال تعالى : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها } (5)

ومن مجالات الأمانة :

1) يقول سيد قطب : " والأمانات كثيرة في عنق الفرد وفي عنق الجماعة وفي أولها أمانة الفطرة وقد فطرها الله مستقيمة،...، والمؤمنون يرعون تلك الأمانة الكبرى، فلا يدعون فطرتهم تنحرف عن استقامتها فتظل قائمة بأمانتها شاهدة بوجود الخالق ووحدانيته ثم تأتي سائر الأمانات تبعاً لتلك الأمانة الكبرى " (1)

2) أمانة إحسان معاملة أفراد الأمة : كأن تكون أميناً على الودائع المستودعه لديك من الأموال أو حفظ أسرار المجتمع فلا تهتك ستره ولا تفشي سره " (2) وبالتالي في غرس هذا الخلق في أولادنا

3) أمانة المنصب : فإسناد المناصب العامة يجب ان يكون الى الأقوياء ، والأكفاء المخلصين . وجميع الحقوق المشروعة للحكومة أمانة في عنق الحاكم وهو مسؤول عن حمايتها وتمكينهم منها ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : (كلكم راع وسئول عن رعيته ، فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته ) (3)

(15) خلق حفظ السر :

" لقد عني رسو ل الله – صلى الله عليه وسلم – بحفظ السر لدى الأطفال، لأن هذا الخلق يسهم في تكوين إرادة الطفل الواعية الفاعلة ، لأن الطفل يريد أن يتكلم بما يملك من معارف أو معلومات ،فعندما تدربه على حفظ السر فإنه يتدرب على بذل جهد نفسي مخالف لطبائع الطفولة الفطرية ، فإذا نما [جعل] حفظ السر فيه، وإنَّ عدداً من الصفات والسجايا تنمو مع هذا الخُلق مثل قوة الإراده وانضباط اللسان ورباطه الجأش ،مما يتسبب في غرس الثقة الإجتماعية ونمو بذرة القوة في نفس الناشئة ." (1)

(16) العفو والتواضع :

خلق العفو والتواضع والتسامح واحد من هذه الركائز التي اذا ما اعتمد عليها انتصر المرء بها على أهوائه ونزاوته ، ونمت فيه نوازع الرحمة والخير والصفح والمغفره "(2)

إن العفو من الآداب التي اتصف بها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال تعالى : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } (3)

" إن المتواضعين هم أهل الله والمتكبرين ليس لهم من بره حظ ولا نصيب ، لأن الكبرياء صفه مختصه بالله وحده " (4)

" فعلينا تنظيف الصدر من الأحقاد لأن الحقد يعني دوام العداوة بين الناس وهذا يخالف هدى الإسلام . والتواضع يُجَّذر خلق الحب والود والتراحم " (5)

المبحث الرابع: البناء البدني

المطلب الأول: أهداف التربية البدنية :

1) " تنمية الجسد وتوجيه نموه باتجاه تحصيل الصحة والقوة فتزداد مقاومته للأمراض ،واتقاؤه من الإصابة بالعاهات قال رسول الله – صلى الله صلى الله عليه وسلم- (المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) (1) كما أن الأسلوب الرياضي ينمي العضلات ويزيد من مقاومتها

2) تساعد على النضج الإنفعالي ، فالتربية الرياضية تعلم الصبر والتحكم بالإنفعال والعواطف.

3) تساعد على إنماء الوظائف الفكرية ، فالعناية بالجسد وتحسين صحته ونموه؛ يساعد على تنشيط العملية الفكرية *تسهم في تحسين التكيف الإجتماعي عن طريق تنمية العادات الإجتماعية التكيفية ،كالتعامل مع الآخرين وتقبلهم أصدقاء كانوا أم خصوماً ، إذ تنمو العادات ممن خلال الألعاب الجماعية والمؤهلات.

4) تحقيق تربية خلقيه، فالتدرب على التعب، وتقبل النجاح أو الفشل في المباريات ينمي الصبر ، وتمرينات الجرأة والمهارة تنمي الشجاعة والعزم والألعاب الجماعية تنمي روح التعاون والصدق.

.

5) تنمي حاجات الأطفال للحركة واللعب والنشاط." (2)

المطلب الثاني: بعض الممارسات الرياضية في الإسلام

1) تعليم السباحة والرماية وركوب الخيل : (1)

تحقيقاً لقوله تعالى : { واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل } (2)

عن النبي – صلى الاله عليه وسلم – :( الخيل معقود في نواصيها الخير الى يوم القيامه ) (3)

قال النبي – صلى الله عليه وسلم –: ( ارموا فأنا معكم كُلِّكُم ) (4)

أثر عن عمر -رضي الله عنه- : ( علموا أولادكم السباحة ، والرماية ومروهم فليثبوا على ظهور الخيل وثبا ) (5)

وهناك بعض الحدود لمثل هذا النوع من الرياضة في الإسلام منها :

1) " إيجاد التوازن، أن يكون الارتباط الرياضي للولد في حدود الوسط والإعتدال والتوازن مع سائر الواجبات الأخرى دون أن يطغى جانب على آخر

2) مراعاة حدود الله في أن يكون اللباس ساتر للعورة ، ومراعاة حدود الله في جميع التصرفات.

3) تحرير النية الصالحة، أن يكون هذا التدريب كله بنية التقوية الجسمية لتلبية

4) أن لا تشغله الرياضةعمن واجباته الدينية. " (6)

1) إجراء المسابقات الرياضية بين الأطفال

" وهذا الأسلوب من الأساليب المشجعة لإجراء التنافس المحمود بين الأطفال لما فيه من الفائدة لأجسامهم النامية ، فقد كان رسول الله –صلى الله عيله وسلم – يجري المسابقات في الجري بين الأطفال . " (1)

2) لعب الكبار مع الصغار والأطفال:

" إذا أراد الأطفال اللعب مع الكبار ؛ وجب على الكبار تلبية ذلك، وأثناء اللعب يجب أن يخضع لزعامة الصغار ، نتقبل الفكرة أو الخطة التي يرسمونها، ولا نفرض عليهم ما نود نحن في اللعب ، وفي أثناء اللعب معهم نستطيع أن نوجه لعبة ونشاطه في لباقة وفهم، ونحاول غرس وتوجيه الطفل الى ما نريده ،وكان الرسول –صلى الله عليه وسلم – حريصاً على اللعب مع الصغار ونَوَّع في اللعب معهم فمرّةً لعبهم بالجري ومره بالحمل على الظهر وغير ذلك. " (2)

3) لعب الأطفال مع الأطفال

" عندما ينهمك الوالدان في خضم الحياة ، ويبتعدون عن التعايش مع رغبات أطفالهم أو يكونوا ليسوا منتبهين لتلبية رغبة أطفالهم ،في هذه الحال ينصرف الأولاد للعب ، غير أن الوالدين يختارين لأولادهم من يلعبون معهم كي لا يتأثروا بأولاد غير مهذبين." (3)

المطلب الثالث : فوائد اللعب وقيمته

يمكن تلخيص فوائد اللعب وقيمه على النحو التالي :

1) " القيمة التوبوية : حيث يعرف الطفل من خلال اللعب الأشكال المختلفة والألوان والأحجام

2) القيمة الإجتماعية : إذ يتعلم من خلال اللعب كيف يبني علاقات مع الآخرين بنحو ناجح.

3) القيمة الخُلقيه : حيث يتعلم الطفل مفهوم الخطأ والصواب والعدل والصدق.

4) القيمة الإبداعية : حيث يجرّب أفكاره وينمي أساليبه

5) القيمة الذاتية : إذ يحدد الطفل خلال اللعب إمكاناته وطاقاته

6) القيمة العلاجيه النفسيه : حيث يصرف عن ذاته الشعور بالتوتر، كما يصرف ويتحرر من بعض القيود " (2)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"