بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 أبريل 2010

العلم/2

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

Text Box: كل إنسان على وجه الأرض له عند الله مكانة بحجم عمله :

أيها الأخوة الكرام ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

(( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية ، أو علم يُنْتَفَعُ به أو ولد صالح يدعو له )) .

[الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ] .

أول شيء أيها الأخوة أن الإنسان في جبلته طموح ، وأن الإنسان في جبلته يحب الأفضل ، والأكبر ، والأجمل ، والأكمل ، والأعلى ، والأرقى ، هذه جبلته .

وشيء آخر هو أن كل إنسان على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة له عند الله مكانة بحجم عمله تماماً ، قال تعالى :

( سورة الأنعام الآية : 132 ) .

فالإنسان العاقل يسعى في الدنيا إلى عمل ليس له سقف .

أضرب لكم مثلاً : إنسان اشترى صفقة وباعها وربح ، ربحه محدود ، أما إنسان معه وكالة ، كل من يشتري من هذه الشركة في هذه المنطقة لوكيل هذه الشركة ربح ثابت ، من دون جهد ، من دون حركة ، من دون أن يتحرك حركة ، من دون أن يرسل فاكس ، يأتي الربح جاهزاً ، عندما صار وكيل شركة أرباحه أصبحت غير محدودة ، هناك أعمال كثيرة فيها طبيعة التفجر ، التوالد .

فالنبي عليه الصلاة والسلام ينصحنا أنه إذا مات الإنسان انتهى عمله ، له عدة أعمال قام بها في الدنيا ، يسعد بها لا شك ، لكن لأن الجنة غير محدودة ، لها درجات لا تنتهي ، فهناك أعمال في الدنيا تستطيع أن تصل بها إلى أعلى درجات الجنة ، هذه الأعمال هي التي لا تنتهي عند موت صاحبها ، إنسان أسس معهداً شرعياً ومات ، هذا المعهد خرّج عشرات بل مئات بل ألوف الطلاب ، وكل طالب استلم منبراً ، وألقى خطبة ، ونصح الناس ، وعمل عملاً طيباً ، فكل هؤلاء الذين تخرجوا من هذا المعهد ، ونفعوا الناس ، ودعوا إلى الله، وبينوا الحق ، ورسخوا قيم الإسلام ، في صحيفة هذا الذي أنشاه .

Text Box: الله عز وجل يريدنا أن نربح عليه :

إذا كان الإنسان طموحاً ، وإذا كان غيوراً على مصالحه ، وإذا كان يحب الجنة في أعلى مرتبة ، فسبيل بلوغ أعلى الدرجات أن يكون لك عمل متوالد ، هناك عمل منقطع ، وهناك عمل متوالد ، من هذه الأعمال المتوالدة ، الصدقة الجارية ، ساهم إنسان ببناء مسجد ، لكن هذا بيت الله ، كل صلاة تعقد فيه ، كل ذكر يعقد فيه ، كل مجلس ذكر يعقد فيه ، كل توبة تنعقد فيه ، في صحيفة كل من ساهم في البناء فيه ، وأرسى بنيانه ، ويسر أموره .

النقطة الدقيقة : الله عز وجل يريدنا أن نربح عليه ، الآن عقليتنا كلها تجارية يقول لك : هنا بالـ% 30 أربح لي ، هنا بالـ%15 قليل ، بالـ% 28 كثير ، فالإنسان إذا أراد أن يستثمر ماله يبحث عن جهة تعطيه أعلى ربح ، الله عز وجل يريدنا أن نربح عليه.

والله أيها الأخوة ، أتكلم ولا أجد لهذا الكلام تطابقاً مع ما أتمنى أن أقوله ، هناك بنك يعطي على الليرة مليون و كل سنة ؟ لا ، كل شهر ؟ لا ، كل يوم ؟ لا ، كل ساعة ؟ لا، كل دقيقة ؟ لا ، مليون ، هل من الممكن أن تستثمر مالك بالمئة ثلاثة أو أربعة أو خمسة ، وتترك البنك الذي يعطيك كل دقيقة على الليرة مليون ؟ شيء مستحيل ، كلام فلكي ، أرقام فلكية ، هكذا الله عز وجل .

( سورة الصف ) .

تاجر مع الله .

Text Box: من ابتغى بعمله وجه الله عز وجل و ترفع عن الدنيا أعطاه  الله فوق ما يستحق :

أحياناً الإنسان يعمل عملاً يبتغي به وجه الله ، يترفع عن أجر في الدنيا ، هذا يعطيه الله :

(( ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ )) .

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ] .

مرة حدثني أخ كان مقطوعاً بطريق ، يبدو أن الطريق أول صعود حاد ، وكل السيارات تنطلق تأخذ مجالاً لتنطلق بأعلى سرعة ، قال لي : ساعة ، ساعتين ، لا أحد يقف لي ، معه أهله ، بعدها توقف إنسان و أعطاني رافعة كنت بحاجة لها وعندما أعطاني الرافعة وأنا أستخدمها حدثت نفسي بهذا الإنسان العظيم الذي وقف وعطل وقته ، وغلب عليه روحه الإنسانية ، بعدما انتهينا ، قال : أريد خمس ليرات ، هذه قصة قديمة ، قال : والله لو طلبت مئة ليرة لأعطيتك ، لكن لا ليتك لم تطلب هذه الخمس ليرات ، بين أن يكون لك عمل صالح له عند الله أجر ليس له حدود ، بين من استنفذه بخمس ليرات .

لي قريبة مقعدة ، ولها مبلغ بدائرة حكومية ، والوكالة قدر المبلغ ، فذهبت إلى الموظف ، وقلت له : هل من الممكن أن تأتي معي إلى البيت ؟ قال لي : على عيني ، أنا استغربت ! قلت : أنا آتي وآخذك ، قال : لا ، أنا آتي لوحدي ، أعطني عنوان البيت ، ما قبل أن آتي وآخذه بالسيارة ، أخذ عنوان البيت ، أذكر أن الحادثة كانت في رمضان ، طرق الباب عند العصر ، وسلم المبلغ ، وأخذ التوقيع ، قال لي : أريد أن أصلي العصر عندك ، صلى ، ثم قلت له : هل من الممكن أن أوصلك ؟ قال : لا تنزع علي عملي ، أنا ابتغيت بهذا العمل وجه الله .

فالإنسان إذا كان له عمل لوجه الله لا يريد شيئاً ، هذا أغنى إنسان ، وأقوى إنسان، وأرفع إنسان عند الله ، فأنت اختار ، هناك أعمال أجرها محدود ، لماذا هناك أناس لا يحبون الوظيفة ، دخلها محدود ، لها سقف ، لماذا يحبون التجارة ؟ ليس لها سقف ، فالإنسان إذا توفق فيها ليس لها سقف ، يربح أرباحاً كثيرة جداً .

يقولون الآن : هناك إنسان في أمريكا يملك ثلاثة و عشرين مليار دولار ، شاب عمره اثنتان و أربعون سنة ، يملك الميكرو سوفت ، لو موظف يلحقهم ؟ لا يلحقهم .

Text Box: الأعمال الصالحة لا تعد و لا تحصى :

تاجر مع الله ، النبي يقول :

(( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية )) .

بناء ، فرش ، كهرباء ، مرافق عامة ، تدريس ، الحياة متكاملة ، فيجب على الإنسان أن يسعى للجنة ، الذي يتكلم بالجامع له أجر ، والذي بنى له أجر مثله ، والذي أسس له أجر ، والذي جاء لك برخصة له أجر ، والذي نظف له أجر ، نحن بتفكيرنا الساذج نصنف الناس أن هذا كبير عند الله ، كبير ؟ لا ، الذي ينظف المسجد له أجر كبير عند الله ، وإذا كان مخلصاً بعمله لعله يسبق الذي يتكلم ، لا تعرف ، عند الله مقاييس نحن لا نعرفها ، و منها مقياس الإخلاص .

أنا أعرف مسجداً ، شيء يحير العقول ، لو عملت مسابقة بين بيوت دمشق من حيث النظافة لا تجد بالشام بيتاً نظافته كهذا المسجد ، إن دخلت إلى مرافقه شيء عجيب كأن الرخام رُكب الآن ، يعمل ليلاً نهاراً ، مرة التقيت معه ، كبر بالسن ـ توفي رحمه الله ـ قال لي : أنا أستمد الحماس في تنظيف المسجد من قوله تعالى :

( سورة البقرة الآية : 125 ) .

النبي الكريم قال : ﴿ طَهِّرَا بَيْتِيَ ﴾ .

الذي نظف المسجد ، الذي زينه ، الذي فرشه ، الذي دفأه ، الذي هواه ، كل من ساهم في بنائه ، بتأسيسه ، بمرافقه العامة ، بتنظيفه ، بالتدريس فيه ، نحن أسرة ، كل إنسان يقوم بعمل لا ينافس فيه الآخر ، مسجد ، ميتم ، دخلنا لميتم مثل بيوتنا ، النظافة ، والترتيب، والفرش ، والأسرّة ، والطعام الطيب ، والنظام ، والتوجيه الديني ، خمسمئة طالب ، هؤلاء الذين ساهموا بالميتم ماتوا ؟ لا لم يموتوا ، لم يموتوا أبداً لأنهم تركوا عملاً مستمراً ، معهداً شرعياً ، ميتماً ، مسجداً ، أحياناً مستشفى الغاية منها خدمة المجتمع لا ابتزاز الأموال ، أي عمل صالح .

فأي حلّ مشكلة ، زوج شاباً ، شاب في أول حياته ، عندما تزوج انضبط ، لزم مسجداً ، أنجب ذرية صالحة ، وجهها توجيهاً دينياً ، الذي زوجه وربطه بالدين هذا له أجر كبير .

يقول لي شخص : دخلت لمسجد و كان أبي قد اشترى لي حذاء جديداً ، فسرق ، فخرجت هائماً على وجهي ، ومتألماً أشد الألم ، رآني رجل أخذني واشترى له حذاء جديداً ، يقول لي هذا الرجل : والله منذ هذا الحادث لم أترك الصلاة أبداً ، لأنه صلى سُرق حذاءه ، جاء شخص قدر فيه هذه الصلاة ، فأمن له حذاءً جديداً .

Text Box: من ترك علماً يُنتفع به فله أجر عظيم عند الله عز وجل :

هناك أعمال صالحة كبيرة جداً أيها الأخوة تبدأ من المسجد ، من المعاهد الشرعية، من المياتم ، مستشفيات ، خدمات عامة ، أعمال متواردة ، أنت أغنى الأغنياء .

(( صدقة جارية ، أو علم يُنْتَفَعُ به )) .

مرة فتحت تفسير القرطبي وجدت فيه آية جميلة جداً ، مشروحة شرحاً رائعاً ، عملتها خطبة فتأثر الناس تأثراً بالغاً ، وبعدما انتهت هذه الخطبة ، صاحب هذا التفسير جالس بالقبر ، لكن انظر نفعه إلى أين وصل ، أنا قرأت الموضوع وتأثرت ، وعملته خطبة ، وقد تأثر الناس به كثيراً .

الإمام الغزالي ترك الإحياء ، كم إنسان قرأ الإحياء ؟ كم خطيب قرأ الإحياء ؟ كم أستاذ قرأ الإحياء ؟ كم إنسان قرأ الإحياء واستفاد منه ؟ .

والغزالي كان بعصره عالماً كبيراً ، وداعية كبيراً ، له دروس ، وبدرسه كان أربعمئة لفة ، لكن الإحياء أهم من دروسه كلها ، هو بالإحياء لم يمت ، مهما كان عظيماً ، فألّف كتب تفسير ، كتب حديث ، كتب فقه ، وهناك كتب مشهورة جداً .

الإمام النووي ، عاش أقل من خمسين سنة ، ترك رياض الصالحين وهو من أفضل الكتب في حياتنا ، ترك الأذكار ، ترك المحتاج ، ترك شرح صحيح مسلم ، ترك كتب أعمدة في العلم و قد عاش أقل من خمسين سنة .

الإمام السيوطي من المفسرين الكبار .

القدماء تركوا كتباً و خيرات لا يعرفها إلا الله ، فالإنسان لا يعرف قيمة التأليف الذي له تأثير كبير جداً ، وله أثر الديمومة والاستمرار ، فالشريط له دور ، والكتاب له دور ، فهذا ترك علماً ينتفع به .

مرة كنا بالجامع الأموي ، أحد علماء دمشق توفي ـ رحمه الله ـ هو خطيب الأموي ، اجتمع بالتعزية نخبة البلد ، وأنا جالس قام أحد عرفاء الحفل وقدم ابن هذا الخطيب ليلقي كلمة رائعة ، ارتجالية ، لغة ، حكمة ، و كان أبوه قد تعب عليه كثيراً ، الوزير كان موجوداً ، قال : أنا سوف أعين فلاناً ابن المرحوم في الأموي مكان والده ، ظهرت مني كلمة معنى هذا أن الأب لم يمت ، لأن العمل استمر من بعده .

Text Box: التعليم والدعوة إلى الله على خطين ؛ إما أن تؤلف القلوب  وإما أن تؤلف الكتب :

الذي عنده ابن بقدر ما يعتني به فله أجر ، هذا الابن يحتاج إلى جهد ، والتربية صعبة جداً ، تأمين الطعام سهل ، تأمين اللباس على العيد سهل ، تؤمن له الطعام ، والشراب، واللباس ، القضية سهلة جداً ، يفعلها الناس جميعاً ، أما تخرجه عالماً ؟ هذا عمل كبير جداً ، يأتي معك إلى المسجد ، تعتني به ، تجلس معه ، تقنعه ، تعرف من رفقائه ، أين يذهب ؟ يلتزم بالشرع ، إن رأيته وهو شاب يصلي ، إن رأيته يقرأ القرآن ، يدخل على قلبك من السرور ما لا يوصف ، هذا الولد استمرار لك ، جزء منك ، الذي عنده ولد رباه تربية إسلامية لن يموت .

فالحديث هو :

(( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية ، أو علم يُنْتَفَعُ به أو ولد صالح يدعو له )) .

[الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ] .

مرة كنت بحفل ألقى أخ كريم كلمة أعجبتني جداً ، قال : إما أن تكون داعية و إما أن تتبنى داعية ، شاب علمه على حسابك ، طالب علم أجنبي أم عربي ، هذا عمل عظيم جداً، إنسان جاءك ضيف ، قدم له شيئاً ، اعتنِ به ، يشعر أنه جالس ضمن أهله ، فإذا علمته ، وذهب إلى أهله ، دعا إلى الله ، تسلم منبراً ، كل أعماله بصحيفتك ، عطاء ليس له حدود ، وثلاث قنوات ، صدقة جارية ، وعلم ينتفع به ، وولد صالح يدعو له ، والعلم ليس له نهاية ، أو تطلب العلم وتعلم ، أو تطلب العلم وتؤلف ، والتعليم والدعوة إلى الله على خطين ، إما أن تؤلف القلوب وإما أن تؤلف الكتب ، تأليف القلوب أعمق أثراً وأقصر أمداً ، تنتهي الدعوة بموت صاحبها ، تأليف الكتب طبعاً أقل أثراً وأطول أمداً ، فحياتنا محدودة أخواننا الكرام ، انظر إلى النعوات ، مات انتهى ، انتهى بيته ، انتهت مركبته الفخمة ، انتهت زوجته ، انتهى أولاده ، انتهى كل شيء ، له مكتب مكيف ، له مكانة اجتماعية ، الموت ينهي كل شيء ، إلا إذا كنت من أصحاب هذا الحديث ، ما انتهى شيء ، بالعكس ، الآن يبدأ التوالد .

أنا سمعت عن شيخ الأزهر السابق مشى في جنازته ستة ملايين إنسان ، دخل الناس إلى بيته بعد الوفاة و اجتمعوا على طول مئة متر ، ومعه التهاب مفاصل ، كتبه بالصناديق لأنه لا يملك مكتبة ، طاولته عادية جداً ، وتحت يده مئات الملايين ، بحسب التصور لم يدخل له جنيه واحد ، وفتواه صحيحة ، وموقفه جريء ، ستة ملايين ، انتهى ، مات .

وسمعت عن إنسان آخر وهو على فراش الموت يرفع يديه متبرئاً من كل فتوى أفتاها ، هناك فرق .

Text Box: كل شيء في الحياة لا قيمة له إلا صدقة جارية أو علم  يُنْتَفَعُ به أو ولد صالح يدعو لك :

كل شيء ماض ، نظرت إلى هذه الجلسة من باب الاحتياط بعد خمسين سنة ، بعد مئة سنة ، لا يوجد أي واحد منا ، فكل شيء ماض ، ماذا أكلت ؟ ماذا شربت ؟ أين سكنت ؟ ماذا ركبت ؟ كله ماض ، يبقى هذا .

(( صدقة جارية ، أو علم يُنْتَفَعُ به ، أو ولد صالح يدعو له )) .

فكلما كنت أعقل تبحث عن عمل يتوالد ، تحتاج وكالة لا تحتاج صفقة ، ليس لها قيمة ربحها محدود ، ربحت ، وأنفقت الربح ، وانتهى الأمر ، أما وكالة كل من يشتري من هذه البضاعة لك منه نصيب .

(( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية ، أو علم يُنْتَفَعُ به أو ولد صالح يدعو له )) .

[الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ] .

فالإنسان إذا كان عاقلاً يتحرك على الخطوط الثلاثة ، يعتني عناية بالغة بأولاده ، فإذا أنفقت كل إمكانيتك ، وكل وقتك ، وكل طاقاتك ، وكل مالك على أولادك حتى يصبحوا دعاة إلى الله أنت أعقل إنسان ، هناك إنسان يبخل على ابنه ، هذا بضعة منك ، هذا جزء منك.

أنا أعرف أخاً من أخواننا ، كل شيء يملكه دفعه في سبيل تزويج أولاده الثلاثة ، كل واحد أخذ له بيتاً ، هو تاجر متوسط أو أقل ، لكنه أمّن أولاده كلهم ، فلاحظت أن أولاده أمامه كجندي أمام لواء ، فأنت عندما أمنت له بيتاً ، زوجته ، سررته ، ارتبط بك ، و لا يتمنى وفاتك ، يتمنى بقاءك ، هناك فرق كبير ، الأب البخيل يتمنى أقرب الناس وفاته ، إذا جاء الطبيب وقال لهم : الحالة عرضية إن شاء الله ينزعجون كثيراً ، لا نريدها عرضية نريدها خطيرة ، إياك أن تجعل أولادك يتمنون موتك ، هم بضعة منك ، كما قال النبي عليه الصلاة و السلام :

(( إن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويغضبني ما أغضبها )) .

[ المعجم الكبير عن ابن الزبير] .

Text Box: كل متاعب الإنسان أو ملذاته تنسى أمام النتائج التي يحصل  عليها :

الابن ولد صالح ، لا نريد ولداً لا يعرف الله ، غني فقط ، الآن هناك أشخاص يقولون لك : ابني يعمل بالمنصب الفلاني ، دخله كذا ، بيته في المكان الفلاني ، ليس هذا القصد ، نريد ابناً عالماً ، نريد ابناً داعية إلى الله ، نريد ابناً يخدم الناس ، فالابن أحد أكبر أسباب الجنة ، الجنة التي ليس لها حدود ، والعلم ، والصدقة الجارية ، والأعقل أن تعمل على كل الخطوط معاً ، هناك جهد كبير ، وهناك بذل لكن الله يعوض و يكرم .

مثلاً إذا أمضى الشخص كل وقته في دراسة جادة ، لم يسهر مع رفقائه ، و لم يذهب نزهة حتى إنه لم يجلس مع أهله ، عندما يأخذ درجة عالية في الثانوية العامة ، و يدخل إلى الجامعة بفرع مرموق ينسى كل تعبه ، والذي أمضى أوقاته في السهر مع أصدقائه عندما يرسب ، ينسى أيضاً كل ملذاته ، الملذات تنسى والمتاعب تنسى أمام النتائج .

فنحن يهمنا أن يكون هذا الحديث شعاراً لنا :

(( صدقة جارية ، أو علم يُنْتَفَعُ به ، أو ولد صالح يدعو له )) .

تَبَنى داعية ، تبنى طالب علم ، ارعَ طالب علم ، أنا أقول لكم : من أعظم الأعمال على الإطلاق أن تتبنى طالب علم ، أحياناً هو بحاجة للكتب ، بحاجة للمساعدة ، بحاجة للرعاية ، بحاجة إلى تدريس ، بحاجة إلى أن ينضم إلى جامع ، إلى معهد ، أعن طالب علم ، وبناء مسجد ، وتوابع المسجد :

(( أو ولد صالح يدعو له )) .

والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"