بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أبريل 2010

إعداد الدكتور عبد الرحمن حللي عضو الهيئة التدريسية بكلية الشريعة- جامعة حلب

محمد الطاهر ابن عاشور مصلحاً وفقيهاً

( سيرته - بعض آثاره وآرائه)

(تونس، 1296/ 1379 هـ /1879-1972م)

إعداد الدكتور عبد الرحمن حللي

عضو الهيئة التدريسية بكلية الشريعة- جامعة حلب

«إن الحجر على الرأي يكون منذراً بسوء مصير الأمة ودليلاً على أنها

قد أوجست في نفسها خيفة من خلاف المخالفين وجدل المجادلين»

محمد الطاهر ابن عاشور

ولادته ونشأته:

ولد الشيخ ابن عاشور بقصر جدّه للأم بالمرسي (ضاحية من ضواحي تونس العاصمة) في جمادى الأولى 1296هـ ، سبتمبر 1879م، وهو محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر، وكان والده الشيخ محمد ابن عاشور رئيس جمعية الأوقاف، وكان جدّه للأم الشيخ الوزير محمد العزيز بوعتور، وترجع جذور الأسرة العاشورية إلى بلاد الأندلس، ومنها انتقلت إلى سلا ببلاد المغرب سنة 1030/1620، ثم إلى تونس في حدود سنة 1060/1648.

تزوج ابنة نقيب الأشراف بتونس سيد محمد محسن. وكان له ثلاثة بنين، هم العلاّمة محمد الفاضل ابن عاشور (توفي في حياة والده) ، والسيدان الجليلان عبد الملك، وزين العابدين رحمهم الله، وبنتان.

درس في جامع الزيتونة ودرَّس فيه وأصبح من شيوخه كما تنقل في مناصب القضاء والإفتاء وغيرها، ارتحل إلى المشرق العربي وأوروبا، وشارك في عدة ملتقيات إسلامية، كان عضوًا مراسلاً لمجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة (1956م)، وبالمجمع العلمي العربي بدمشق سنة (1955م)، ألف عشرات الكتب في التفسير والحديث والأصول واللغة وغيرها.

اشتهر بالصبر والاعتزاز بالنفس والصمود أمام الكوارث، والترفع عن الدنيا، حاول إنقاذ التعليم الزيتوني، ولكن هذه المنارة العلمية ألغيت سنة (1961م)، فتولى العلم بتونس وانزوى حتى توفي بالمرسى عن 94 سنة يوم الأحد 13 رجب 1394/12 أغسطس 1973، ودفن بمقبرة الزلاج بمدينة تونس.

تحصيله العلمي وشيوخه:

أقبل في السادسة من عمره على حفظ القرآن الكريم و المتون العلمية كسائر أبناء عصره من التلاميذ، و التحق بجامع الزيتونة في سنة (1303هـ-1886م) فدرس علوم النحو، والصرف، والبلاغة، والمنطق والتفسير، والقراءات، والحديث ومصطلح الحديث، والكلام وأصول الفقه، والفقه والفرائض، ثم تعلم ما تيسر له من اللغة الفرنسية.

وكان مقبلاً إقبالاً شديداً على مطالعة أمهات الكتب، ومراجعة دواوين العلوم، مشتغلاً بالبحث في مختلف المسائل العلمية، اللغوية منها والشرعية، وثابر على تعليمه به حتى أحرز شهادة التطويع سنة (1317هـ-1899م)، وبعد حصوله على شهادة التطويع عاد إلى حضور دروس شيخه محمد النخلي.وأفاد من شيخه الإمام سالم بوحاجب أدباً وعلماً، وحصل منه على الإجازة العلمية في الخامس والعشرين من رمضان 1323. كما أفاد من جدّه لأمه الوزير الشيخ محمد العزيز بوعتور الذي أجازه بكل مروياته سنة 1321/1904، كما أجازه شيخ الإسلام محمود ابن الخوجة ، والشيخ عمر بن أحمد ابن الشيخ 1325/ 1908.

ومن شيوخ الزيتونة الذين درس عليهم، الشيخ عبد القادر التميمي والشيخ محمد النَّخْلي والشيخ محمد صالح الشريف والشيخ محمد طاهر جعفر وغيرهم، وقد شهد شيوخه بتفوّقه ونبوغه وبقدرته الفائقة على احتواء موضوعات العلوم التي تلفاها. وتميز على أقرانه بتعلمه الفرنسية في ذلك العهد بمساعدة أستاذه الخاص السيد أحمد بن وَنّاس المحمودي.

المناصب والمهام العلمية والإدارية:

تولّى مناصب ومهام كثيرة نجملها مع تواريخها:

- عيّن مدرساً بجامع الزيتونة والمدرسة الصادقية ابتداءً من سنة (1900م) إلى سنة (1932م)

- عيّن عضواً بمجلس إدارة الجمعية الخلدونية سنة 1323/1905.

- سمي نائب الدولة لدى النظارة العلمية سنة 1325/1907.

- عين عضواً في لجنة تنقيح برامج التعليم سنة 1326/1908. وكَتَبَ تقريراً عن حالة التعليم.

- عيّن عضواً بمجلس المدارس، وبمجلس إدارة المدرسة الصادقية سنة 1326/1909.

- التحق بعد ذلك بمجلس إصلاح التعليم الثاني بجامع الزيتونة، فكان عضواً به سنة 1328/1910.

- عيّن عضواً بمجلس الأوقاف الأعلى سنة 1328/1911.

- عيّن عضواً في مجلس الإصلاح الرابع سنة 1348/1930.

- عيّن عضوًا بالمحكمة العقارية سنة (1911م).

- عيّن قاضياً مالكياً بالمجلس الشرعي سنة 1913- 1923.

- عيّن مفتيًا مالكيًا سنة (1923م).

- كبير المفتين سنة (1924م)

- كبير أهل الشورى سنة 1346/ 1927.

- شيخ الإسلام للمذهب المالكي سنة (1932م).

- شيخ جامع الزيتونة وفروعه لأول مرة في سبتمبر (1932م)، ولكنه استقال من مشيخة جامع الزيتونة بعد (سبتمبر:1933م).

- سمي من جديد شيخًا لجامع الزيتونة في سنة (1945م).

- إثر استقلال البلاد عيّن عميداً للجامعة الزيتونية سنة 1375/ 1956-1380/1960، حيث أحيل إلى الراحة بسبب موقفه تجاه الحملة ضد فريضة الصيام في رمضان.

- شارك في إنشاء مجلة السعادة العظمى سنة (1952م)، وهي أول مجلة تونسية مع صديقه العلامة الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله.

- انتخب عضواً بالمجمعين: مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1950، والمجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1955.

إنتاجه العلمي وآثاره:

اعتنى الشيخ ابن عاشور بأمهات العلوم وبرع فيها، فدرّس الشرح المطوّل للتفتازاني، وكتاب دلائل الإعجاز للجرجاني في البلاغة، وشرح المَحَلّي لجمع الجوامع للسبكي في أصول الفقه، ومقدمة ابن خلدون، وديوان الحماسة لأبي تمام، ودرّس أيضاً في الحديث موطأ الإمام مالك، وأقرأ تفسير البيضاوي بحاشية الشهاب.

فكانت هذه العلوم مجال نبوغه وإبداعه، فكتب فيها وأطال، فوصلت إلى الأربعين، ومن أهمها كتابه في التفسير: «التحرير والتنوير» وهو أوسع كتبه وأشهرها وأحبها إلى قلبه وقد مكث في تأليفه تسعاً وثلاثين سنة؛ حيث بدأ فيه سنة 1341 وانتهى منه عام 1380هـ، وكتابه الفريد من نوعه: «مقاصد الشريعة الإسلامية» وقد أحيا فيه البحث المقاصدي، وكتابه «حاشية التنقيح للقرافي»، و«أصول النظام الاجتماعي في الإسلام»، و«الوقف وآثاره في الإسلام»، و«نقد علمي لكتاب أصول الحكم»، و«كشف المغطى في أحاديث الموطأ»، و«التوضيح والتصحيح في أصول الفقه»، و«موجز البلاغة»، و«كتاب الإنشاء والخطابة»، و«شرح ديوان بشار وديوان النابغة»، ولا تزال العديد من مؤلفات الشيخ مخطوطة منها: «مجموع الفتاوى»، وكتاب في السيرة، ورسائل فقهية كثيرة، كما نشر بحوثًا عديدة خصوصًا في مجلة السعادة العظمى (التي أنشأها مع صديقه محمد الخضر حسين) وفي المجلة الزيتونية ومجلات شرقية مثل: هدى الإسلام، والمنار، والهداية الإسلامية، ونور الإسلام، ومجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، كما نشرت له مجلة المجمع العلمي بدمشق، وشارك في الموسوعة الفقهية بالكويت، التي كان يصدرها الشيخ مصطفى الزرقا.

ويمكن أن نلخص عناوين كتبه فيما يلي:

في العلوم الإسلامية:

1- التحرير والتنوير.

2- مقاصد الشريعة الإسلامية.

3- أصول النظام الاجتماعي في الإسلام.

4- أليس الصبح بقريب؟ (ألفه قبل سنة 1905 ونشره سنة 1967 وعلل ذلك بقوله «لم أتمكن من إبراز هاته الآراء التي كنت أمليتها، ونشر الأوراق التي خشيت عليها عواصف الأهواء فطويتها».

5- الوقف وآثاره في الإسلام.

6- كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ.

7- قصة المولد.

8- حواشي على التنقيح لشهاب الدين القرافي في أصول الفقه.

9- رد على كتاب الإسلام وأصول الحكم تأليف علي عبد الرازق.

10- فتاوى ورسائل فقهية.

11- التوضيح والتصحيح في أصول الفقه.

12- النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح.

13- تعليق وتحقيق على شرح حديث أم زرع.

14- قضايا شرعية وأحكام فقهية وآراء اجتهادية ومسائل علمية.

15- آمال على مختصر خليل.

16- تعاليق على العلول وحاشية السياكوتي.

17- آمال على دلائل الإعجاز.

18- أصول التقدم في الإسلام.

19- مراجعات تتعلق بكتابي: معجز أحمد واللامع للعزيزي.

اللغة العربية وآدابها:

1- أصول الإنشاء والخطابة.

2- موجز البلاغة.

3- شرح قصيدة الأعشى.

4- تحقيق ديوان بشار.

5- الواضح في مشكلات المتنبي.

6- سرقات المتنبي.

7- شرح ديوان الحماسة لأبي تمام.

8- تحقيق فوائد العقيان للفتح ابن خاقان مع شرح ابن زاكور.

9- ديوان النابغة الذهبي.

10- تحقيق مقدمة في النحو لخلف الأحمر.

11- تراجم لبعض الأعلام.

12- تحقيق كتاب الاقتضاب للبطليوسي مع شرح كتاب أدب الكاتب.

13- جمع وشرح ديوان سحيم.

14- شرح معلقة امرئ القيس.

15- تحقيق لشرح القرشي على ديوان المتنبي.

16- غرائب الاستعمال.

17- تصحيح وتعليق على كتاب النتصار لجالينوس للحكيم ابن زهر.

- المجلات العلمية التي أسهم فيها :

- السعادة العظمى.

- المجلة الزيتونية.

- هدى الإسلام.

- نور الإسلام.

- مصباح الشرق.

- مجلة المنار.

- مجلة الهداية الإسلامية.

- مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

- مجلة المجمع العلمي بدمشق.

هذا ولم يتح لآثاره العلمية من الانتشار والتداول والاهتمام ما يليق بها، وقد تأخرت معرفة أهل المشرق به وبكتبه، كما لم تحقق الكثير من كتبه وبقيت على طبعاتها القديمة، أما ما لم يطبع فهو الكثير، فالرجل " لم يلق حظه"، كما قال عنه المرحوم الشيخ محمد الغزالي.

هذا ويتولى الدكتور محمد الطاهر الميساوي الأستاذ بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا تحقيق ما تيسر له من آثاره وجمع ما تفرق من بحوثه ومقالاته.

كما تنبه الباحثون المعاصرون لأهميته ومكانته فأنجزت بعض الرسائل الجامعية عن أعماله لاسيما تفسيره.

من آرائه وفتاواه:

ارتبط الشيخ ابن عاشور بشيخيه النخلي وسالم بوحاجب، وطالت ملازمته لهما، وإفادته منهما، وكان يجمعه بهما منهجهما في العمل الإصلاحي، كما كانت بينه وبين رواد الفكر الإصلاحي في عصره ارتباط وصلة، فمنهم الإمام محمد عبده حيث تأثر به عند زيارته لتونس سنة 1321هـ / 1903م.

كما كانت له صلة بالأستاذ محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق، وكذلك الشيخ محمود شكري الآلوسي من كبار علماء العراق، والشيخ محمد بن الحسن بن العربي الحجري الفلالي المغربي، والمصلحان الجزائريان الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ محمد البشير الابراهيمي.

فكانت رؤاه الإصلاحية حلقة ضمن هذه المدارس الإصلاحية المنتشرة، وقد تركزت اهتماماته بالخصوص على إصلاح التعليم الزيتوني، فألف كتابه «أليس الصبح بقريب؟» ضمَّنه رؤيته للإصلاح، وحدد فيه أسباب تخلف العلوم مصنِّفًا كل علم على حدة، واعتبر أن إصلاح حال الأمة لا يكون إلا بإصلاح مناهج التعليم، وقد كتب كتابه هذا وعمره لم يتجاوز خمساً وعشرين سنة.

فاهتم بإصلاح الكتب الدراسية وأساليب التدريس ومعاهد التعليم، وعمل على استبدال كتب كثيرة كانت منذ عصور ماضية تدرّس، كما حرص على خاصتي التعليم الزيتوني: الصبغة الشرعية واللغة العربية، ودعا المدرسين إلى التقليل من الإلقاء والإكثار من الأشغال التطبيقية، حتى تتربى للطالب ملكة بها يستقل في الفهم، ويعول على نفسه في تحصيل ثقافته العامة والخاصة، وقد حث المدرسين على نقد الأساليب والمناهج الدراسية، واختيار أحسنها أثناء الدرس، ومراعاة تربية الملكة بدلاً من شحن العقل بمعلومات كثيرة قد لا يحسن الطالب التصرف فيها، فكانت دعوته للإصلاح نظرية وعملية، وقد عمل على تطبيق رؤيته في الإصلاح عندما تولى التدريس في جامع الزيتونة وأشرف عليه، وإن كان كتابه في ذلك لم ينشر بعد.

ومن الناحية الفقهية كان الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور فقيه ميدان - كما يصفه تلميذه الشيخ محمد الحبيب بن الخوجة- ، لم يعيش بعيداً عن وَعْي الواقع، منصرفاً إلى أوراقه وبحوثه النظرية، دون النظر في كيفية تنزيل الأحكام الشرعية على واقع الناس، وتقويم حياتهم بِقيَم الإسلام، في الكتاب والسنّة، والارتقاء بأدوات الاجتهاد، والتعامل مع النصوص التكليفية في الكتاب والسنّة، تفسيراً، وبياناً، واجتهاداً، وفق منهج علمي أصيل، يظهر ذلك بشكل واضح وجليّ في نشاطه وعمله العلمي، مدرِّساً، وقاضياً، ومفتياً، وشيخاً للجامعة الزيتونية، وتآليفه المتنوعة خاصة في التفسير، حيث يعد كتابه التحرير والتنوير مدرسة في التفسير قائمة بذاتها، بدأت من حيث انتهى المفسِّرون الذين سبقوه، ويأتي كتاب مقاصد الشريعة في مقدّمة كتبه التي تكشف رؤيته لإصلاح الفقه الإسلامي وتطوير أدوات الاجتهاد، فأحيا به البحث المقاصدي ورسم المنهج الذي يمكن من خلال تطوير الاجتهاد والانتقال من البحث الفروعي إلى البحث الكلي، ومن البناء على الجزئيات إلى البناء على الكليات، كما قدم فيه إضافات في توجيه النظر إلى بعض المسائل الفقهية والحكم عليها.

ومن نماذج ما تفرد به من آراء؛ تعليله ما ورد في السنة من أنواع التجمل للنساء كالوصل والنمص والتفلج..، بأن "تلك الأحوال كانت في العرب أمارات رقة حصانة المرأة، فالنهي عنها نهي عن الباعث عليها أو عن التعرض لهتك العرض بسببها" (مقاصد الشريعة، ص 96 ، الطبعة الأولى - تونس) ، ويقول: "وأنا أجزم بأن ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه ة وسلم إذا كان كذلك ورد عنه إنما أراد به ما كان من ذلك شعاراً لرقة عفاف نساء معلومات" (مقاصد الشريعة، ص 111-112) فهو يستند بذلك إلى ما عليه الفقهاء من التفريق بين الأوصاف المقصودة للتشريع وبين الأوصاف المقارنة لها التي لا يتعلق بها غرض الشارع، وأما تغيير الخلق فيكون إثماً إذا ما كان فيه حظ من طاعة الشيطان بأن يجعل لنحلة شيطانية. (تفسير التحرير والتنوير، ج5 ص205). وهذا الرأي نموذج من تفعيله مقاصد الشريعة في استنباط الأحكام والانتقال من القياس على الفروع إلى الاعتماد على كليات التشريع.

وفي علم الحديث يرى أن يسد باب التسامح في إيداع الأحاديث الضعيفة في كتب الحديث ولو كانت في فضائل الأعمال (أليس الصبح بقريب؟، ص195)

شهادات العلماء فيه:

وصفه صديقه الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر بقولـه: «وللأستاذ فصاحة منطق، وبراعة بيان. ويضيف إلى غزارة العلم وقوّة النظر، صفاءَ الذوق، وسعة الاطلاع في آداب اللغة... كنت أرى فيه لساناً لهجته الصدق، وسريرة نقيّة من كل خاطر سيِّئ، وهمّة طمّاحة إلى المعالي، وجِداً في العمل لا يَمَسه كلل، ومحافظة على واجبات الدين وآدابه... وبالإجمال ليس إعجابي بوضاءة أخلاقه وسماحة آدابه بأقل من إعجابي بعبقريته في العلم».

وقد كانت بين ابن عاشور والخضر حسين صداقة عميقة فكانا قرينين في طلب العلم بجامع الزيتونة، وفَرَّق الاستعمار بينهما، حيث حكم على الشيخ الخضر بالإعدام والجلاء، فخرج من تونس عام 1331 هـ وتقلَّب في عدد من البلاد ومات في مصر، واستمرت المراسلات بينهما إلى أن فارق محمد الخضر حسين الحياة عام 1377 هـ، وكانت كثير من هذه المراسلات شعراً طريفاً.

ووصفه العلاّمة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي قائلاً: «عَلَم من الأعلام الذين يعدّهم التاريخ الحاضر من ذخائره. فهو إمام متبحِّر في العلوم الإسلامية، مستقلّ في الاستدلال، واسع الثراء من كنوزها، فسيح الذرع بتحمّلها، نافذ البصيرة في معقولها، وافر الاطلاع على المنقول منها. أقرأ وأفاد، وتخرّجت عليه طبقات ممتازة في التحقيق العلمي."

وقال عنه الداعية الشيخ محمد الغزالي: "هو رجل القرآن الكريم، وإمام الثقافية الإسلامية المعاصرة... الرجل بدأ يتكلم عن اللغة، ويتكلم بها أديباً.. أقرأ كلماته في التحرير والتنوير فأستغرب لأنه وطأ كلمات مستغربة وجعلها مألوفة، وحرر الجملة العربية من بعض الخبات الذي أصابها في أيام انحدار الأدب في عصوره الأخيرة. ولكن الرجل لم يلق حظه... ابن عاشور لا يمثل صورة من اللحم والدم، إنما يمثل تراثاً أدبياً علمياً عقائدياً أخلاقياً ".

من مصادر الترجمة:

- مؤلفات الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور.

- مجلة (رسالة التقريب) العدد 46 /جمادى الأولى- جمادى الآخرة 1425 هـ 2004 م، محور : رواد التقريب/ (إشراقة مغربية) شيخ الإسلام محمد الطاهر ابن عاشور، وهو ملخص ومقتبس من كتاب ألّفه تلميذه الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة.

- لطائف من سيرة العلامة الشيخ الطاهر بن عاشور - رحمه الله - ، محمد بن إبراهيم الحمد، موقع ملتقى أهل التفسير (www.tafsir.net) .

- العلامة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور وإسهامه في تجديد الفكر الديني، أعمال ندوة نظمتها وزارة الشؤون الدينية بتونس، نشر ضمن سلسلة آفاق إسلامية، جويليه 1996.

- كتب التراجم والأعلام.

المصدر : الموقع الرسمي لدار الإفتاء بحلب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"