بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 12 يوليو 2010

معتقد الشيعة والرافضة في الإمامة والأئمة

معتقد الشيعة والرافضة في الإمامة والأئمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً -أيها الأحبة الفضلاء!- وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً. وأسأل الله جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى، في جنته ودار مقامته؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! لا زلنا نواصل حديثنا في دروس العقيدة عن الركن الخامس من أركان الإيمان بالله جل وعلا، ألا وهو الإيمان باليوم الآخر، ولا زال حديثنا متواصلاً وممتداً أيضاً عن الفتن التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوعها بين يدي الساعة، كعلامة من العلامات الصغرى. وقد تحدثت قبل عن فتنة الخوارج وعن فتنة الروافض، وأختم اليوم الحديث -إن شاء الله تعالى- عن الروافض؛ وقد كنت بينت معتقد الشيعة الروافض في كتاب الله جل وعلا، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوف أجمل في هذا اليوم معتقد الشيعة الروافض في عقائدهم الأخرى التي شذوا بها عن أهل السنة والجماعة، وسأتحدث عن الشيعة الروافض في نقاط محددة، وسأبين أولاً: معتقدهم في الإمامة. ثانياً: في عصمة الإمام. ثالثاً: في التقية. رابعاً: في الرجعة. خامساً: في البداء. سادساً: في الغيبة. وأكون بذلك -ولله الحمد- قد بينت معتقد الشيعة مجملاً، ولن أتوقف فيما يخالف فيه الشيعة أو الروافض أهل السنة في المسائل الفقهية، وإلا لاحتجنا إلى عشرات المحاضرات بلا مبالغة، وإنما يكفي أن أبين مجمل معتقد القوم؛ ليكون كل مسلم على بصيرة، وهذا الكلام لا يستغني عنه مسلم أو مسلمة، لا سيما ونحن نعلم يقيناً أن الروافض والشيعة قد انتشرت انتشاراً ساحقاً الآن في الأرض، نسأل الله عز وجل أن يثبتنا على الحق، وأن يتوفانا عليه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. وأرجو أن تركزوا معي في هذا الموضوع الذي سأنهي به الحديث -إن شاء الله تعالى- عن الروافض أو الشيعة، وسيتبين للجميع مجمل معتقد القوم، بعدما وقفنا على معتقدهم في القرآن وفي سنة النبي عليه الصلاة والسلام. أولاً: معتقد الشيعة أو الروافض في الإمامة: تحدثت قبل عن مجمل معتقد الشيعة أو عن إشارات في معتقد الشيعة أو الروافض في الإمامة، والإمامة لها -عند الشيعة أو عند الروافض- مفهوم خاص، ينفردون به عن سائر المسلمين على ظهر الأرض، فهم يتعقدون أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة تماماً، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة، ويؤيده بالمعجزات التي تبين أن هذا النبي أو الرسول مرسل من عند الله جل وعلا، فهم يعتقدون كذلك أن الله تبارك وتعالى كما يختار الأنبياء والرسل يختار الأئمة، ويأمر الله عز وجل نبيه بالنص على الإمام، وأن ينصبه -أي: النبي صلى الله عليه وسلم- إماماً للناس من بعده. هذا كلام الشيعة أو الروافض في قضية الإمامة، فهم لا يفرقون بين الرسول والنبي والإمام تفريقاً ظاهراً. وتدبر معي -مثلاً- هذا النص من كلام الكليني في (الكافي) في كتاب الحجة، في باب: الفرق بين الرسول والنبي والمحدث، المجلد الأول (ص:176 )، يقول: أما الفرق بين الرسول والنبي والإمام عندهم، فقد سئل الرضا : ما الفرق بين الرسول والنبي والإمام؟ فقال: الفرق بين الرسول والنبي والإمام أن الرسول هو الذي ينزل عليه جبريل فيسمع -أي: الرسول صلى الله عليه وسلم- كلامه ويراه -أي: يرى جبريل عليه السلام- وينزل عليه الوحي، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو الذي ينزل عليه جبريل فيراه ولا يسمع منه -وهذا تقسيم عقيم جداً- وأما الإمام فهو الذي يسمع الكلام ولا يرى جبريل عليه السلام. وهذا النص لا شك أنكم تقفون من خلاله على أنهم لا يفرقون إطلاقاً بين الرسول والنبي والإمام في قضية نزول الوحي، فهم يرون نزول الوحي على الإمام كنزوله على النبي والرسول، فهم يقرون بأن الإمام من أئمتهم هو الذي يسمع الوحي من جبريل عليه السلام، ولكنه لا يراه رأي العين. مع أن هناك روايات تؤكد تحقق رؤية الإمام للملائكة، حتى قال عالمهم الشهير المجلسي الذي عقد في (البحار) -الكتاب المشهور الذي نقلت عنه كثيراً- باباً بعنوان: باب أن الملائكة تأتيهم -أي: تأتي الأئمة- وتطأ فرشهم، وأنهم يرونهم. أي: وأن الأئمة يرون الملائكة.

منزلة الإمامة والأئمة عند الشيعة والرافضة

بل وستعجبون إذا ذكرت لكم بأن منزلة الإمامة عند الشيعة قد تجاوزت منزلة النبوة، ويكفي أن تقف فقط -بإيجاز شديد جداً- مع بعض عناوين الأبواب في كتاب (الكافي) أو (البحار) للمجلسي ، أو في كتاب (الشيعة وأصولها)، أو (البرهان) كتفسير من التفاسير أو في أي مرجع من مراجعهم؛ لتقف على أن الإمامة عندهم إنما هي في منزلة أعلى من منزلة النبوة، وتدبر معي بعض هذه العناوين من كتاب (البحار) للمجلسي : يقول في فضائل الأئمة: باب: أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام، وروى في هذا الباب ثلاثة عشر حديثاً. وفيه: باب بعنوان: تفضيل الأئمة على الأنبياء وعلى جميع الخلق. وفيه: باب: أن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بالأئمة. يعني: ما استجاب الله دعاء الأنبياء إلا لأن الأنبياء توسلوا واستشفعوا إلى الله بالأئمة. وفيه: باب: أنهم يقدرون على إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وجميع معجزات الأنبياء. وفيه: باب: أنهم لا يحجب عنهم علم السماء والأرض، والجنة والنار، وأنه عرض عليهم ملكوت السماوات والأرض، ويعلمون علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وروى في هذا الباب اثنين وعشرين حديثاً. وفيه: باب: أنهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق، وعندهم -أي: عند الأئمة- كتاب فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء شيعتهم وأعدائهم، وروى في هذا الباب أربعين حديثاً. وفيه: باب: أن الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا. وفيه: باب: أن الأئمة يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم. وفيه: باب: أنهم لا يحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم، وما تحتاج إليه الأمة من جميع العلوم، وأنهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا، ويصبرون عليها، ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا، وأنهم يعلمون ما في الضمائر، وعلم المنايا والبلايا، وفصل الخطاب والمواليد، وذكر في هذا الباب ثلاثة وأربعين حديثاً. هذا نقلاً عن (البحار) للمجلسي المجلد رقم (26 ) ابتداء من (ص:137 إلى 153 )، وهذا كله عناوين أبواب، ولو سردت بعض الأحاديث المروية تحت هذه الأبواب لسمعتم العجب العجاب، ويكفي فقط أن نقف مع رءوس هذه العناوين، وأختم بهذا الباب الذي يقول فيه: إن عند الأئمة اسم الله الأعظم، وبه -أي: بهذا الاسم- يظهر منهم الغرائب. هذه أمثلة لما يصفون به أئمتهم، وهي دعاوى في غاية الغرابة، وتحتاج إلى رجل صاحب عقل فقط؛ ليقف على بطلانها وعلى ضلالها، فهم يخرجون الأئمة -بمثل هذه الروايات والنصوص- من منزلة البشرية إلى منزلة النبوة، بل إلى مرتبة الألوهية، فهم يدعون أنهم يعلمون ما في الغيب، ويعلمون مكنون الضمائر، بل ويعلمون ما تحتاج إليه الأمة، بل ويعلمون ما في قلوب الناس، فيعلمون أن هذا مؤمن وأن هذا منافق، وهذا كله علم خاص بالله، لأنه متعلق بألوهية الرب، فلا يعلم الغيب إلا الله، بل لقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى فقال: إن رءوس الطواغيت في الأرض خمسة -ومعلوم أن الطاغوت صيغة مشتقة من الطغيان، فالطاغوت هو: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع- منها: الشيطان، وهو الطاغوت الأكبر الذي زين للناس عبادة الطاغوت من دون الله جل وعلا، وما بعث الله نبياً ولا رسولاً إلا وقد أمر هذا النبي والرسول قومه أول ما أمر أن يكفروا بالطاغوت ويؤمنوا بالله؛ إذ لا يصح إيمان إلا بالكفر بالطاغوت ابتداء، ثم بعد ذلك بالإيمان بالله جل وعلا، فقدم الله الكفر بالطاغوت على الإيمان به سبحانه، فقال: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:256]. ثم قال: ثم الحاكم المغير المبدل لشرع الله، ثم الذي يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعلم، ثم الذي يدعي علم الغيب من دون الله جل وعلا، فمن ادعى علم الغيب من دون الله فهو طاغوت من الطواغيت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! فهم يخرجون الأئمة بمثل هذه الروايات والنصوص من مرتبة الإمامة ومرتبة النبوة إلى مرتبة لا يمكن أبداً أن تنسب مثل هذه المرتبة إلا لله تبارك وتعالى، وهذه الروايات هي -في الحقيقة- الأرضية والقاعدة والمنطلق للأفكار الباطنية المنتشرة الآن في الأرض، وهذه الدعاوى الخطيرة باب للزندقة والإلحاد، إذ لم يقلها نبي مرسل ولا ملك مقرب، وهي محاربة لله جل وعلا ولرسوله ولكتابه ولدينه وللمسلمين.


أعلى الصفحة

اعتقاد الشيعة والرافضة في قبور أئمتهم

ومكمن الخطر أن هذه المزاعم قد انتقلت لتتحول إلى ترجمة عملية واقعية في دنيا الناس، فهم يلوذون الآن بقبور أئمتهم، ويفعلون بها ما لا يصدقه عاقل، بل لقد اعتبر الروافض أن أماكن قبور أئمتهم أماكن مقدسة، كالحرم في مكة ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وتدبر معي ما قال في (الوافي): إن الكوفة حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم وحرم أمير المؤمنين، وإن الصلاة فيها -أي: في الكوفة- بألف صلاة، والدرهم فيها بألف درهم. انظر إن شئت كتاب (الوافي) باب: فضل الكوفة ومساجدها، المجلد الثاني (ص:215 ). ويروون عن الصادق : أن لله حرماً هو مكة، ولرسوله حرماً هو المدينة، ولأمير المؤمنين -أي: علي - حرماً هو الكوفة، ولنا حرماً وهو قم. وقم: بضم القاف وتشديد الميم، مدينة مقدسة في إيران، وقالوا: إنها ما استمدت قداستها إلا من قبر فاطمة بنت موسى بن جعفر الصادق ، و موسى بن جعفر الصادق هو إمامهم السابع من الأئمة الإثني عشر!! وكربلاء -وهي الموطن الذي قتل فيه الحسين رضي الله عنه وأرضاه- عندهم أفضل من الكعبة، ففي كتاب (البحار) للمجلسي ، الجزء الأول (ص:107 ) عن أبي عبد الله أنه قال: إن الله أوحى إلى الكعبة: لولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا من تضمنته أرض كربلاء ما خلقتك، ولا خلقت البيت الذي به افتخرت، فقري واستقري، وكوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء، وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم!! وزيارة قبور الأئمة أفضل عندهم من حج بيت الله الحرام، كما في (الكافي) أتى رجل أبا عبد الله فقال له: إني رجل قد حججت تسعة عشر حجة، فادع الله لي أن يرزقني تمام العشرين، فقال له: هل زرت قبر الحسين رضي الله عنه؟ قال: لا، فقال له: لزيارته خير من عشرين حجة. وجاء هذا أيضاً في الوافي المجلد الثاني (ص: 219 ). وقد يقول قائل: يا أخي! أنت تزعم أو تذكر بأنهم يتوسلون بقبور أئمتهم، وهذا أيضاً موجود عند أهل السنة؟ فأقول: نعم، لا أنكر، ولكن الفارق الكبير بين ما عليه الشيعة أو الرافضة وما عليه أهل السنة: أن الشيعة يفعلون ذلك بقبور أئمتهم كمعتقد، لكن ما يفعله بعض أهل السنة عند قبور الصالحين إنما يفعل من خلال الجهل، وليس من خلال المعتقد، ولو تبين للناس الحق لأذعنوا للحق، ولذلك أنا أوصي شبابنا أنه لا ينبغي أن يتعجل بالحكم بالتكفير على من يذهب إلى قبور الصالحين والأولياء في بلادنا، ولا ينبغي أن نتعجل بإصدار حكم التكفير على أمثال هؤلاء؛ لأن جل هؤلاء لا يعلم الحق، ولم يتعلم، ولم تقم عليه الحجة. وقد يقول قائل: إن الحجة قد قامت عليهم. فأقول: هناك فرق بين نوعين من أنواع الحجة: بين الحجة الرسالية العامة، التي أقيمت ببعثة النبي على الناس جميعاً، وبين الحجة الرسالية الخاصة، لا سيما وأن كثيراً من هؤلاء يرى أناساً ممن يشار إليهم بالبنان على أنهم من العلماء -والذين تنقل محاضراتهم ودروسهم من أمثال هذه المساجد، بل حتى من علماء الحديث- يذهبون إلى مثل هذه الأماكن، فيغتر الناس بهذا العمل، فإن جاء واحد مثلك أو مثلي ليذكر الناس ربما التبس عليهم الأمر، فلا ينبغي أن نحكم عليهم بكفر إلا بعد أن نقيم الحجة عليهم، وشتان شتان -يا أيها الشباب- بين إقامة الحجة وفهم الحجة، فإن أقمت الحجة فواجب عليك أن تفهم من أقمت الحجة عليه حجتك، وإلا فما أقمت الحجة عليه، وأرجو ألا يفهم مخلوق من كلامي هذا أنني أقول: إنك لا تنكر على من رأيته يطوف بقبر من القبور، لا، فالفعل فعل شرك، ولكن لا ينبغي أن يتسرع في إطلاق الأحكام التكفيرية، وأنا وضحت قبل ذلك أنه ليس كل من فعل الشرك يحكم عليه بالشرك المطلق، وليس كل من قال الشرك يحكم عليه بالشرك المطلق، فقد يقول الرجل قولة الكفر وليس بكافر، وقد يفعل الرجل فعل الكفر ولا يحكم عليه بالكفر المطلق المخرج من الملة، وهذا أصل كبير من أصول أهل السنة، ينبغي أن لا نتجاهله أو نغفل عنه، حتى لا نقع في هذا المحظور؛ فلأن أخطئ في عدم تكفير مسلم أحب إلي من أن أخطئ في تكفيره، فلن يسألني الله يوم القيامة: لمَ لم تكفر فلاناً؟ وإنما سيسألني: لمَ كفرت فلاناً؟ فالله الله في التعجل في إصدار الأحكام على خلق الله. ومن أعجب وأروع ما قرأت في حياتي ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب -الذي يتهم بأنه من أكبر من كفر في عصرنا الحديث، وهو والله بريء- في كتاب: (الدرر السنية) -وهو كتاب ماتع طيب قيم- قال بالحرف: وإن كنت لا أكفر من يطوف حول الصنم الذي على قبر البدوي ، فكيف أكفر من هو دونه؟! هذا كلام في غاية النفاسة، فلا ينبغي أن نتعجل بإصدار الأحكام بالتكفير والتفسيق والتبديع على الناس إلا بعد أن نقيم الحجة عليهم، وبعد أن يفهم الناس الحجة التي أقيمت عليهم، فشتان شتان بين إقامة الحجة وبين فهم الحجة، وليتنا تحركنا إلى الناس لنعلمهم التوحيد الخالص، بدلاً من أن نجلس في مساجدنا وبيوتنا لنكتفي بإصدار الأحكام عليهم فقط، وما أروع قول الشافعي رحمه الله إذ يقول: والله! ما ناظرت أحداً إلا ودعوت الله أن يكون الحق معه. فتحرك إليه وأنت تتمنى من الله أن يفتح الله صدره للهداية وللسنة، ونسأل الله أن يرد أهلنا وآباءنا ونساءنا وأمهاتنا إلى الحق رداً جميلاً؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. وأنا أقول هذا الكلام من باب تجربة عملية خضتها أنا بنفسي، فإنني أعلم أسماء مجموعة من آبائنا الكرام ممن كانوا يأخذون في كل عام أكثر من رأس جاموس، ويذهبون به إلى قبر الشبراوي في القاهرة، وأحدهم -أعرفه جيداً- فقير لا يجد لقمة الخبز، لكنه يأخذ النذر في كل عام لولي من الأولياء على حد زعمه، وهو الآن -ولله الحمد والمنة- من أهل السنة، ويصلي خلف إمام من أهل السنة، وهذا فضل الله جل وعلا، ولما أقمت عليه الحجة وبينت له، كاد والله أن يصعق؛ لأن الرجل ما سمع مثل هذا، واحتج علي ببعض الرموز الدعوية العلمية المشهورة المعروفة، فلما تبين له الحق أذعن للحق، فشتان شتان بين أن يذهب رجل يتوسل بصاحب القبر وهو يعتقد فيه اعتقاداً جازماً، وبين رجل يقول: أنا ما أذهب إلى هذا القبر إلا لأتقرب إلى الله جل وعلا، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنا ما أفعل هذا إلا من باب القربى، فلما تبين له أن هذا الفعل من أفعال الشرك ومن أفعال الكفر، وأنه لا ينبغي أن تسأل إلا الله، وألا تستغيث إلا بالله، وألا تلجأ إلا إلى الله، وألا تنذر إلا لله، وألا تذبح إلا لله، وألا تسأل إلا الله.. إلخ. وأعطي له الدليل بأدب ورحمة وحكمة وتواضع شرح الله صدره للحق، أسأل الله أن يثبتنا على الحق. والقصد: أن الرافضة فهم يعتقدون أن زيارة قبر إمام من أئمتهم أفضل من حج بيت الله الحرام، وأنا أسأل: هل يوجد من جهال المسلمين من يعتقد ذلك؟ الجواب: لا، والله! ولا أقول ذلك على سبيل المجاملة للمسلمين ولإخواننا، فإني والله! لا أرى جاهلاً من جهال المسلمين يعتقد أن زيارته لقبر السيد البدوي -مثلاً- أفضل من أن يحج بيت الله الحرام، ومن أن يزور مسجد النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، لا، ثم لا، ثم لا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"