تعجيل الزكاة قبل حلولها
قلت : أرأيت الرجل يعجل زكاة ماله في الماشية وفي الإبل أو في المال لسنة أو لسنتين أيجوز ذلك قال : لا قلت : وهذا قول مالك ؟ فقال : نعم قال : وقال لمالك : إلا أن يكون قرب الحول أو قبله بشيء يسير فلا أرى بذلك بأسا وأحب إلي أن لا يفعل حتى يحول عليه الحول قلت : أرأيت الرجل يعجل صدقة ماشيته لسنين ثم يأتيه المصدق أيأخذ منه صدقة ماشيته أم يجزئه ما عمل من ذلك ؟ فقال لي مالك : لا يجزئه ما عمل من ذلك ويأخذ منه المصدق زكاة ما وجب علبه من ماشيته قال أشهب وقال مالك : وإن الذي أداها قبل أن يتقارب ذلك فلا تجزئه وإنما ذلك بمنزلة الذي يصلي الظهر في أن تزول الشمس وقال الليث لا يجوز ذلك قال مالك عن نافع : إن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو بثلاثة قال أشهب عن الليث أن عبد الرحمن بن خالد الفهمي حدثه عن ابن شهاب عن ابن المسيب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن يخرجوا زكاة يوم الفطر قبل أن يخرجوا إلى الصلاة فإذا أمر رسول الله بإخراجها يوم الفطر قبل الخروج إلى الصلاة فلا يخرج يوم الفطرحتى يطلع الفجر
دفع الزكاة إلى الإمام العدل أو غير العدل
قال : وقال مالك : إذا كان الإمام يعدل لم يسع الرجل أن يفرق زكاة ماله الناض ولا غير ذلك ولكن يدفع زكاة الناض إلى الإمام ويدفعه الإمام وأما ما كان حمت الماشية وما أنبتت الأرض فإن الإمام يبعث في ذلك قلت : أرأيت قوما من الخوارج غلبوا على بلدة فأخذوا الصدقات والخراج ثم قتلوا وتؤخذ الجزية والصداقات منهم مرة أخرى ؟ قال : لا أرى ذلك أن تؤخذ منهم ثانية قال ابن وهب عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أن أبا سعيد الخدري وسعد بن مالك وأبا هريرة وعبد الله بن عمر قالوا كلهم : يجزىء ما أخذوا وإن فعلوا قال ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال : يحتسب بما أخذ العاشر قال ابن مهدي عن قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير مثله قال ابن مهدي عن عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن رفيع عن أنس بن مالك والحسن قالا : ما أعطيت في الجسور والطرق فهي صدقة ماضية قال الحسن : ما استطعت أن تحبسها عنهم حتى تضعها حيث أمرك الله تعالى فافعل
في المسافر تحل عليه الزكاة في السفر
قال : وسئل مالك عن المسافر تجب عليه الزكاة وهو في سفره أيقسمها في سفره في غير بلده وإن كان ماله وراءه في بلده ؟ قال : نعم قيل له : إنه قد يخاف أن يحتاج في سفره ولا قوت معه ؟ قال : أرى أن يؤخر ذلك حتى يقدم بلده قيل له : فإن وجد من يسلفه حتى يقدم إلى بلاده أترى أن يقسم زكاله ؟ فقال : نعم هو أحب إلي قال : وسألنا مالكا عن الرجل يكون من أهل مصر فيخرج إلى المدينة بتجارة وهو ممن يدير التجارة وله مال ناض بمصر ومال بالحجاز ؟ فقال : لا أرى بأسا أن يزكي بموضعه الذي هو به ما معه وما خلفه بمصر قال : فقلنا له : فإن كان ماله خلفه بمصر وهو يجد من يسلفه زكاته حيث هو ؟ قال : فلتسلف وليؤد حيث هو قال فقلنا له : فإن كان يحتاج وليس معه قوت ذلك قال : فليؤخر ذلك حتى يقدم بلده وقد كان يقول يقم في بلاده وقد قال بعض كبراء أصحاب مالك وهو أشهب : إن كان ماله وراءه في بلاده وكان يقسم في بلاده عاجلا عند حولها وما أشبه ذلك فلا أرى أن يقسمها قي سفره وأرى أن ذلك أفضل إلا أن يكون بأهل الموضع الذي هو به حاجة مفدحة ونازلة شديدة فأحب إلي له أن يؤدي زكاة ماله في مكانه الذي هو به إن كان يجد ذلك إلا أن يخاف أن تؤدى زكاة ماله ببلده فلا أرى ذلك عليه
إخراج الزكاة من بلد إلى بلد
قلت : أرأيت صدقة الإبل والبقر والغنم وما أخرجت الأرض من الحب والقطنية أو الثمار أتنقل هذه الزكاة من بلد إلى بلد في قول مالك ؟ قال : سئل مالك عن قسم الصدقات أين تقسم ؟ فقال : في أهل البلد التي تؤخذ فيها الصدقة في مواضعها التي تؤخذ منهم فإن فضل عنهم فضل نقلت إلى أقرب البلدان إليهم ولو أن أهل المدن كانوا أغنياء وبلغ الإمام عن بلد آخر حاجة نزلت بهم أصابتهم سنة ذهبت مواشيهم أو ما أشبه ذلك فنقلت إليهم بعض تلك الصدقة رأيت ذلك صوابا لأن المسلمين أسوة فيما بينهم إذا نزلت بهم الحاجة قال : فقلت له : فلو أن رجلا من أهل مصر حلت زكاته عليه وماله بمصر وهو بالمدينة أترى أن يقسم زكاته بالمدينة ؟ فقال : نعم قال : ولو أن رجلا لم يكن من أهل المدينة أراد أن يقسم زكاته فبلغه عن أهل المدينة حاجة فبعث إليهم من زكاة ماله ما رأيت بذلك بأسا قلت : ورأيته صوابا قال : وقال مالك : تقسم الصدقة في مواضعها فإن فضل عنهم شيء فأقرب البلدان إليهم وقد نقل عمر بن الخطاب قال سحنون قال أشهب وابن القاسم ذكر عن مالك : أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر عام الرمادة يا غوثاه ياغوثاه للعرب جهز إلي عيرا يكون أولها عندي وآخرها عندك تحمل الدقيق في العباء فكان عمر يقسم ذلك بينهم على ما يرى ويوكل على ذلك رجالا ويأمرهم بحضور نحر تلك الإبل ويقول : إن العرب تحب الإبل فأخاف أن يستحيوها فلينحروها وليأتدموا بلحومها وشحومها وليلبسوا العباء الذي أتى فيها بالدقيق
زكاة المعادن
قال : وقال مالك في زكاة المعادن : إذا أخرج منها وزن عشرين دينارا أو وزن مائتي درهم أخذت منه الزكاة مكانه ولم يؤخر وما خرج منها بعد ذلك أخذ منه بحساب ذلك مما خرج ربع عشره إلا أن ينقطع نيل ذلك الغار ثم يعمل في طلبه أو يبتدىء في شيء آخر ثم يدرك فلا شيء عليه حتى يكون فيما يصيب وزن عشرين دينارا أو وزن مائتي درهم قال : وإنما مثل ذلك مثل الزرع إذا رفع من الأرض خمسة أوسق أخذ منه فما زاد فبحساب ذلك قلت : أرأيت معادن الذهب والفضة أيؤخذ منها الزكاة ؟ فقال قال مالك : نعم قال : وقال مالك في المعادن : ما نيل منها بعمل ففيه الزكاة فقيل له : فالندرة توجد في المعادن من غير كببر عمل ؟ قال : أرى فيها الخمس فقيل له : إنه قد تكلف فيها عمل ؟ قال : ودفن الجاهلية يتكلف فيه عمل فإذا كان العمل خفيفا ثم وجد هذا الذي وصفت لك من الندرة فإنما القطعة التي تندر من الذهب والفضة فإني أرى فيها الخمس ولا أرى فيها الزكاة قال : وقال مالك : وما نيل من المعدن بعمل يتكلف فيه وكانت فيه المؤنة حتى أصاب مثل الذي وصفت لك من الندرة فإنما فيه الزكاة قال : وقال مالك : ما نيل من المعدن مما لا يتكلف فيه عمل أوتكلف فيه عمل يسير فأصيب فيه مثل هذه الندرة ففيه الخمس وما تكلف فيه العمل والمؤنة والطلب ففيه الزكاة قال أشهب وقال في المعدن : يوجد فيه الذهب النابت لا عمل فيه فقال لي : كلما كان من المعادن ففيها الزكاة إلا ما لم يتكلف فيها من المؤنة ففيها الخمس فكذلك ما وجد فيه من الذهب نابتا لا عمل فيه يكون ركازا ففيه الخمس قلت : أرأيت المعادن تظهر في أرض العرب ؟ فقال : ما زالت المعادن تظهر في أرض العرب ويعمل فيها الناس وتكون زكاتها للسلطان وقد ظهرت معادن كثيرة بعد الإسلام فما رأيت ذلك عند مالك يختلف وما كان منها في الجاهلية قال : ولو اختلف ذلك عند مالك في أرض العرب أو عند أحد منهم لعلمنا ذلك من قوله إن شاء الله وما شأن ما ظهر في الجاهلية وما ظهر في الإسلام إلا شأن واحدة قال : وبلغني عن مالك أنه سئل عن معادن البربر التي ظهرت في أرضهم ؟ فقال : أرى ذلك للسلطان يليها ويقطع بها لمن يليها ويأخذ فيها الزكاة قلت : أرأيت قول مالك تؤخذ الزكاة من المعدن مما خرج منه ؟ فقال : قال مالك : ذلك بعدما يخرج ذهبه أو فضته قلت : فالذي يؤخذ منه خمسه الذي يناله بغير عمل ؟ فقال : ذلك إنما هو فضة كله يؤخذ منه خمسه إذا خرج قال : وقال لي مالك : يؤخذ مما خرج من المعدن وإن كان الذي خرج له عايه دين لم ينظر في دينه وأخذت منه الزكاة إذا كان يبلغ ما يخرج له مائتي درهم أو عشرين دينارا فصاعدا قال : وهو مثل الزرع قلت : أرأيت ما خرج من المعدن لم جعل مالك فيه الزكاة وهو إن كان مغنما إنما كان ينبغي أن يكون فيه الخمس وإن كان إنما فيه الزكاة فإنما هو فائدة فإنه ينبغي أن لا يؤخذ منه شيء حتى يحول الحول عليه من يوم أفاده ؟ فقال : قال مالك : إنما هو مثل الزرع إذا حصد كانت فيه الزكاة مكانه إذا كان فيه ما تجب فيه الزكاة ولا ينتظر به شيئا إذا حصد قال : وكذلك المعدن إذا خرج منه ما يبلغ أن تكون فيه الزكاة زد مكانه ولم ينتظر به حتى يحول عليه الحول من يوم أفاده وقال أشهب : إنها لما كانت ذهبا وفضة وكانت تعتمل كما يعتمل الزرع وكان أصله انبات كنبات الزرع جعلته بمنزلة الزرع وقد قال الله تبارك وتعالى : { وآتوا حقه يوم حصاده } ( الأنعام : 141 ) فكما كان يكون في الزرع زكاته إذا حصد وان لم يحل عليه الحول إذا بلغ ما فيه الزكاة كان في المعدن الزكاة مكانه حين أخرجه وصفاه وإن كان لم يحل عليه الحول من يوم إخراجه أو من يوم عمل فيه إذا بلغ ما تجب فيه الزكاة مع ما فيه من الآثار قلت : أرأيت زكاة المعدن أتفرق في الفقراء كما تفرق الزكاة أم تصير مثل الجزية ؟ فقال : بل تفرق في اشراء كما تفرق الزكاة قلت : وهذا قول مالك قال : لما قال مالك فيما أخرج من المعادن الزكاة ومحمله كمحمل الزرع علمنا أنه في الفقراء وهو مثل الزكاة محمله كمحمل الزكاة قال أشهب وابن وهب ابن القاسم عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن وغير واحد من علمائهم حدثوه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزني معادن من معادن القبلية وهي من ناحية الفرغ فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلآ الزكاة إلى اليوم قال أشهب عن ابن أبي الزناد أن أباه حدثه : أن عمر بن عبد العزيز كان يأخذ من المعادن ربع العشر إلا أن تأتي ندرة فيكون فيها الخمس كان يعد الندرة الركزة فيخمسها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ في الركاز الخمس ] قال أبو الزناد : والركزة أن يصيب الرجل الندرة من الذهب أو الفضة يقع عليها ليس فيها كبير مؤنة قال أشهب عن سفيان قال سمعت عبد الله بن أبي بكر يذكر أن عمر بن عبد العزيز كان يأخذ من المعادن من كل مائتي درهم خمسة دراهم
معادن أرض الصلح وأرض العنوة
قلت : أرأيت المعادن تظهر في أرض صالح عليها أهلها ؟ قال : أما ما ظهر فيها من المعادن فتلك لأهلها لهم أن يمنعوا الناس أن يعملوا فيها وإن أرادوأ أن يأذنوا للناس كان ذلك لهم وذلك أنهم صالحوا على أرضهم فهي لهم دون السلطان قال : وما افتتحت عنوة فظهر فيها معادن فذلك إلى السلطان يصنع فيها ما شاء ويقطع بها لمن يعمل فيها لأن الأرض ليست للذين أخذوا عنوة
في الركاز
قلت : أرأيت لو أن رجلا أصاب ركازا في أرض العرب أيكون للذي أصابه في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت من أصاب ركازا وعليه دين أيخمس أم لا ؟ فقال : أرى أن يخمس ولا يلتفت إلى دينه قال : وقال مالك : ما نيل من دفن الجاهلية بعمل وغير عمل فهو سواء وفيه الخمس قال : وقال مالك : أكره حفر قبور الجاهلية والطلب فيها ولست أراه حرا فما نيل فيها من أموال الجاهلية ففيه الخمس قال : وبلغني عن مالك أنه قال : إنما الركاز ما أصيب في أرض مثل الحجاز واليمن وفيافي البلدان من دفن الجاهلية فهو ركاز وفيه الخمس ولم يجعله مثل ما أصيب في الأرض التي صالح أهلها وأخذت عنوة قلت : أرأيت ما أصيب في أرض العرب أليس إنما فيه الخمس في قول مالك ويأخذوا للذين أصابوه أربعة أخماسه ؟ قال : نعم قلت : أليس الركاز في قول مالك ما قل منه أو كثر من دفن الجاهلية فهو ركاز كله وإن كان أقل من مائتي درهم ؟ قال : نعم قلت : ويخرج خمسه وإن كان الذي وجده فقيرا ؟ قال : نعم قلت : وإن كان فقيرا وكان الركاز قليلا أيسعه أن يذهب بجميعه لمكان فقره ؟ قال : لا
الركاز يوجد في أرض الصلح وأرض العنوة
قال : وبلغني أن مالكا قال : كل كنز وجد من دفن الجاهلية في بلاد قوم صالحوا عليها فأراه لأهل تلك الدار الذين صالحوا عليها وليس هو لمن أصابه وما أصيب في أرض العنوة فأراه لجماعة مسلمي أهل تلك البلاد الذين افتتحوها وليس هو لمن أصابه دونهم قال ابن القاسم : وهو بين لأن ما في داخلها بمنزلة ما في خارجها فهو لجميع مسلمي أهل تلك البلاد ويخمس قلت : وأرض الصلح في قول مالك أن جميعه للذين تصالحوا على أرضهم لا يخمس ولا يؤخذ منهم شيء ؟ فقال : نعم قلت : وأرض العنوة يكون أربعة أخماسه للذين افتتحوها وخمسه يقسم في مواضع الخمس ؟ قال : نعم قال مالك : وذلك أنهم دخلوها بصلح فليس لأحد أن يأخذ منها شيئا مما وجد فيها قلت : وإن أصابه في دار رجل في أرض الصلح أيكون لرب الدار في قول مالك ؟ فقال : قال مالك : هو للذين صالحوا على الأرض قال ابن القاسم : إن كان رب الدار هو الذي أصابه وكان من الذين صالحوا فهو له وإن كان رب الدار من غير الذين صالحوا فهو للذين صالحوا على تلك الأرض وليس لرب الدار من ذلك شيء وما وجد في أرض العنوة فهو لأهل تلك الدار الذين افتتحوها وليس هو لمن وجده ومض يبين ذلك أن عمر بن الخطاب قال في السفطين الذين وجدا من كنز النخير جان حين قدم بهما عليه فأراد عمر أن يقسمهما في المدينة فرأى عمر أن الملائكة تدفع في صدره عنهما في المنام فقال : ما أرى هذا يصلح لى فردهما إلى الجيش الذين أصابوه وقد كان ذلك السفطان إنما هو كنز دل عليه بعدما فتحت البلاد وسكن الناس واتخذوا الأهلين فكتب عمر أن يباعا فيعطاه المقاتلة والعيال قال : وقال مالك : من أصاب في أرض الحرب من دفن الجاهية شيئا فأراه بين جماعة الجيش الذين معه لأنه إنما نال ذلك بهم قال سحنون وفي حديث عمر دليل على أن ما أصيب في أرض العنوة أنه ليس لمن أصابه وإنما هو للذين فتحوا البلاد قال ابن مهدي عن هشيم بن بشير عن مجالد وإسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي : أن رجلا وجد ألفا وخمسمائة درهم في خربة فأتى بها علي بن أبي طالب فقال : إن كانت قرية نحمل خراج تلك القرية فهم أحق بها وإلا فالخمس لنا وسائر ذلك لك وسأطيب لك البقية
في الجوهر واللؤلؤ والنحاس يوجد في دفن الجاهلية
قال ابن القاسم كان مالك يقول في دفن الجاهلية : ما يصاب فيه من الجوهر والحديد والرصاص والنحاس واللؤلؤ والياقوت وجميع الجواهر فيه الخمس ثم رجع فقال : لا أرى فيه شيئآ لا زكاة ولا خمسا ثم كان آخر ما فارقناه عليه أن قال : الخمس فيه قال ابن القاسم : وأحب ما فيه إلي أن يؤخذ منه الخمس من كل شيء يصاب فيها من دفن الجاهلية قال سحنون : وإنما اختلف قوله في الجوهر والحديد والرصاص والنحاس وأما ما أصيب من الذهب والفضة فيه فإنه لم يختلف قوله فيه قط أنه ركاز وفيه الخمس
زكاة اللؤلؤ والجوهر والمسك والعنبر والفلوس ومعادن الرصاص والنحاس
قلت : أرأيت معادن النحاس والرصاص والزرنيخ والحديد وما أشبه هذه المعادن ؟ فقال : قال مالك : لا يؤخذ من هذه المعادن شيء ولا أرى أنا فيها شيئا قال : وليس في الجوهر واللؤلؤ والعنبر زكاة قلت : أرأيت لو كانت عند رجل فلوس في قيمتها مائتا درهم فحال عليها الحول ما قول مالك في ذلك ؟ قال : لا زكاة عليه فيها وهذا مما لا اختلاف فيه إلا أن يكون ممن يدير فتحمل محمل العروض قال : وسألت مالكا عن الفلوس تباع بالدنانير أو بالدراهم نظرة أو تباع الفلس بالفلسين ؟ فقال مالك : إني أكره ذلك وما أراه مثل الذهب والورق في الكراهية قال أشهب عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس كان يقول : ليس في العنبر زكاة إنما هو شيء دسره البحر قال أشهب والزنجي مسلم بن خالد حدث أن عمرو بن دينار حدثه عن ابن عباس أنه كان يقول : ليس في العنبر زكاة قال أشهب عن داود بن عبد الرحمن المكي يقول قال ابن عباس : ليس في العنبر خمس لأنه إنما ألقاه البحر قال أشهب : وقد أخطأ من جعل في معادن الحديد والرصاص والصفر والزرنيخ وما أشبهها من المعادن زكاة أو خمسا لأنه ليس بركاز ولا من دفن الجاهلية وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ في الركاز الخمس ] قال أشهب : أخبرنا به مالك بن أنس والليث بن سعد وسفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الي حمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ في الركاز الخمس ] قال أشهب عن ابن أبي الزناد أن عبد الرحمن بن الحارث حدثه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا من مزينة سأل رسول الله فقال : يا رسول الله الكنز من كنوز الجاهلية تجده في الآرام وفي الخرب ؟ فقال رسول الله فيه : [ وفي الركاز الخمس ] قال أشهب وقال مالك : سمعت أهل العلم يقولون في الركاز إنما هو دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ولم يتكلف فيه كبير عمل فأما ما طلب بحال أوتكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة وأخطىء مرة فليس هو بركاز وهو الأمر عندنا قال ابن وهب عن أسامة بن زيد الليثي أنه سمع القاسم بن محمد يقول : ليس في اللؤلؤ زكاة إلا ما كان منه للتجارة قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في اللؤلؤ والياقوت والخرز مثل ذلك وقال مثل قول ابن شهاب عبد الله بن عمرو بن العاص
زكاة الخضر والفواكه
قال : وقال مالك : الفواكه كلها الجوز واللوز والتين وما كان من الفواكه كلها مما يبس ويدخر ويكون فاكهة فليس فيها زكاة ولا في أثمانها حتى يحول على أثمانها الحول من يوم تقبض أثمانها قال مالك : والخضر كلها القضب والبقل والقرط والقصيل والبطيخ والقثاء ؟ ما أشب هذا من الخضر فليس فيها زكاة ولا في أثمانها حتى يحول على أثمانها الحول قال مالك : وليس في التفاح والرمان والسفرجل وجميع ما أشبه هذا زكاة قال مالك : وليس الزكاة إلا في العنب والتمر والزيتون والحب الذي ذكرت لك والقطنية قال ابن وهب : وأخبرني إسحق بن يحيى بن طلحة عن موسى بن طلحة مثله قال ابن وهب وأخبرني غير واحد عن عطاء بن السائب عن موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ ليس في الخضر زكاة ] قال ابن وهب وأخبرني سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عمربن الخطاب مثله قال ابن وهب وقال عبد الجبار بن عمر عن ربيعة : ليس في الجوز واللوز والجلوز والفاكهة اليابسة
والرطبة والتوابل كلها زكاة قال وأخبرني عن غير واحد من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح وعطاء الخراساني أنه قال : ليس في البقل والبطيخ والتوابل والزعفران والقضب والعصفر والكرسف والأترج والتفاح والخريز والتين والرمان والفرسك والقثاء وما أشبه ذلك زكاة وبعض سمى ما لم يسم بعض وقاله الليث ومالك قال سفيان بن عيينة عن عمروبن عثمان عن موسى بن طلحة : أن معاذ بن جبل أخذ الصدقة من كذا وكذا ولم يأخذ من الخضر صدقة
في قسم الزكاة
قلت : أرأيت زكاة مالي إن لم أجد إلا صنفا واحدا معا ذكر الله في القران أيجزئني أن أجعلها فيهم ؟ فقال قال مالك : إن لم يجد إلا صنفا واحدا أجزأه أن يجعلها فيهم قال مالك : وإذا كنت تجد الأصناف كلها الذين ذكر الله في القرآن وكان منها صنف واحد هم أحوج آثر أهل الحاجة حيث كانت حتى تسد حاجتهم وإنما يتبع في ذلك في كل عام أهل الحاجة حيث كانت وليس في ذلك قسم مسمى قال : وسألناه عن الرجل تكون له الدار والخادم هل يعطي من الزكاة ؟ فقال : إن الدور تختلف فإن كانت دارا ليس في ثمنها فضل إن بيعت اشترى من ثمنها دارا وفضلت فضلة يعيش فيها رأيت أن يعطي ولا يبيع مسكنه وإن كانت داره دارا في ثمنها ما يشتري به مسكنا وتفضل له فضلة يعيش فيها لم يعط منها شيئا أو الخادم كذلك قال : وسألنا مالكا عن الرجل يكون له أربعون درهما أيعطي من الزكاة ؟ فقال : رب رجل يكون له أربعون درهما وهو أهل لأن يعطى من الزكاة يكون له عيال وعدد ورب رجل تكون عياله عشرة أو شبه ذلك فلا تكون له الأربعون درهما شيئا فأرى أن يعطى مثل هذا قلت : أرأيت رجلا له ألف درهم وعليه ألفا درهم دينا وله دار وخادم ثمنها ألفا درهم أيكون من الغارمين وتحل له الصدقة ؟ فقال : لا ويكون دينه في عروضه وخادمه وداره قلت : فإن أدى الألف الذي عنده في دينه وبقيت عليه الألف وبقيت داره وخادمه أيكون من الغارمين والفقراء ؟ فقال : نعم إذا لم يكن في الخادم والدار فضل عن دار تغنيه وخادم يغنيه كان من الغارمين والفقراء قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قال : وقال مالك : أرى أن يؤثر بالزكاة أهل الحاجة حيث كانوا قلت : فهل كان مالك يقول ويرضخ لمن سوى أهل الحاجة من الذين لا يستحقون الزكاة ؟ فقال : ما علمت أنه قال يرضخ لهؤلاء قلت : هل يرفع من الزكاة إلى بيت المال شيء في قول مالك ؟ قال : لا ولكن تفرق كلها ولا يرفع منها شيء وإن لم يجد من يفرق عليه في موضعها الذي أخذها فيه فأقرب البلدان إليه قال ابن القاسم ولقد حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال : كنت مع ابن زرارة باليمامة حين بعثه عمر بن عبد العزيز مصدقا قال : وكتب إليه في أول سنة أن أقسم نصفها ثم كتب إليه في السنة الثانية أن أقسمها كلها ولا تحبس منها شيئا قال : فقلت لمالك : فالشأن أن تقسم في مواضعها إلا أن تكون كثيرة فيصرفها إلى أقرب المواضع إليه ؟ فقال : نعم قال : ولقد بلغني أن طاوسا بعث مصدقا وأعطى رزقه من بيت المال قال فوضعه في كوة في منزله قال : فلما رجع سألوه أين ما أخذت من الصدقة ؟ قال : قسمته كله قالوا : فأين الذي أعطيناك ؟ قال : ها هو ذا في بيتي موضوع في كوة فذهبوا فأخذوه قال ابن القاسم وبلغني أن عمر بن الخطاب بعث معاذا مصدقا فلم يأت بشيء قال مالك : ووجه قسم المال أن ينظر الوالي إلى البلد التي فيها هذا المال ومنها جبي فإن كانت البلدان متكافئة في الحال آثر به أهل ذلك البلد فيقسم عليهم ولم يخرج إلى غيرهم إلا أن يفضل عنهم فضلة فتخرج إلى غيرهم فإن قسم في بلاده آثر الفقراء على الأغنياء قال : وإن بلغه عن بعض البلدان حاجة وفاته نزلت بهم من سنة مستهم أو ذهاب أموالهم وزرعهم وقحط السماء عليهم فإن للإمام أن ينظر إلى أمل ذلك البلد الذين جبى فيهم ذلك المال فيعطيهم منه ويخرج جل ذلك المال إلى أهل ذلك البلد الذين أصابتهم الحاجة وكذلك بلاد الإسلام كلهم حقهم في هذا الفيء واحد يحمل هذا الفيء إليهم من غير بلادهم إذا نزلت بهم الحاجة قال مالك : والصدقات كذلك كلها في قسمتها مثل ما وصفت لك قال أشهب عن مسلم بن خالد الزنجي أن عطاء بن السائب حدثه عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول في هذه الأئمة : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها } ( التوبة : 60 ) الآية كلها إنما هوعلم أعلمه الله فإذا أعطيت صنفا من هذه التسمية التي سماها الله أجزأك وإن كان صنفا واحدا قال أشهب قال الزنجي وحدثني سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس أنه كان يقول مثل ذلك قال ابن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن قول الله : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } ( التوبة : 65 ) قال : لا نعلمه نسخ من ذلك شيء إنما الصدقات بين من سمى الله فأسعدهم بها أكثرهم عدد أو أشدهم حاجة قال ابن وهب عن بونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن الصدقة أيستعمل عليها غني أويخص بها فقير ؟ فقال : لا بأس أن يستعمل عليها من استعمل من أولئك ونفقة من استعمل عليها من أولئك في عمله من الصدقة قال ابن مهدي عن حفص بن غياث عن الحجاج بن أرطأة عن المنهال بن عمرو عن زر بن جيش عن حذيفة قال : إذا وضعتها في صنف واحد أجزأك ابن مهدي عن سليمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال : إذا وضعت الصدقة في صنف واحد أجزأك قال ابن مهدي عن سفيان عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء مثهله قال ابن مهدي عن شعبة عن الحكم قال قلت لإبراهيم : أضع زكاة مالي في صنف من هذه الأصناف قال : نعم قال ابن مهدي عن إسرائيل بن يونس عن جابر عن الشعبي قال : لم يبق من المؤلفة قلوبهم أحد إنما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخلف أبو بكر انقطع الرشا قال : وبلغني عن عمر بن عبد العزيز فيمن له الدار والخادم والفرس أن يعطي من الزكاة
ما لا يقسم الرجل عليه زكاة ماله من أقاربه
قلت : أرأيت زكاة مالي من لا ينبغي لي أن أعطيها إياه في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا تعطيها أحدا من أقاربك ممن تلزمك نفقته قال : فقلت له : فمن لا تلزمني نفقه من ذوي قرابتي وهو محتاج إليها ؟ فقال : ما يعجبني أن يلي ذلك هو بالدفع إليهم وما يعجبني لأحد أن يلي قسم صدقته لأن المحمدة تدخل فيه والثناء وعمل السر أفضل والذي أرى أن ينظر إلى رجل ممن ثق به فيدفع ذلك إليه فيقسمه له فإن رأى ذلك الرجل الذي من قرابته الذي لا يلزمه نفقته هو أهل لها أعطاه كما يعطي غيره من غير أن يأمره بشيء من ذلك ولكن يكون الرجل الذي دفع إليه ليفرق هو الناظر في ذلك على وجه الاجتهاد قلت : فمن تلزمني نفقته في قول مالك ؟ فقال : الولد ولد الصلب دنية تلزمه نفقتهم الذكور حتى يحتلموا فإذا احتلموا تلزمه نققتهم والنساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن فإذا دخل بهن أزواجهن فلا نفقة لهن عليه فإن طلقها بعد البناء أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها ؟ قلت : فإن هو طلقها قبل البناء بها ؟ فقال : هي على نفقتها ألا ترى أن النفقة واجبة على الأب حتى يدخل بها لأن نكاحها في يد الأب ما لم يدخل بها زوجها قلت : فولد الولد ؟ فقال : لا نفقة لهم على جدهم وكذلك لا يلزمهم النفقة على جدهم ولا يلزم المرأة النفقة على ولدها وإنما يلزم الأب وحده النفقة على ولده وإن لم يكن لوالدها مال وهي موسرة لم تلزم النفقة على ولدها ويلزمها النفقة على أبويها وإن كانت ذات زوج وإن كبره ذلك زوجها كذلك قال مالك قال والزوج تلزمه نفقة امرأته وخادم واحدة لامرأته ولا يلزمه من نفقة خدمها أكثر من نفقة خادم واحدة أيلزمه نفقة أخ ولا ذوي قرابة ولا ذي رحم محرم منه قلت : فالذين لا يجوز له أن يعطيهم من زكاة ماله هم هؤلاء الذين ذكرت الذين تلزمه نفهتتهم ؟ فقال : نعم قلت : ومن وراء هؤلاء من قرابته فهم زكاته والأجنبيون سواء ؟ قال : نعم على ما فسرت لك إذا رأى الذي دفع إليه زكاته أن يعطيهم أعطاهم قلت : أتعطي المرأة زوجها من زكاتها ؟ فقال : لا قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا وهذا أبين من أن أسأل مالكا عنه قال وقال مالك : لا يعطي أهل الذمة من الزكاة شيئا قال سحنون وأما قول الله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } فإن ذلك في الضرر على الوارث مثل ذلك أن لا يضار وقد قال ذلك ابن شهاب وقاله مالك قال أشهب : وقد كان ابن عباس وغيره من أهل العلم يرون أن إعطاء المرء قرابته من زكاته بوجه الصحة على وجه ما يعطي غيره من زكاة ماله مجزىء عنه قال : وكان ابن المسيب وطاوس يكرهان ذلك وكان مالك أكثر شأنه فيه الكراهية
في العتق من الزكاة
قال : وقال مالك : من اشترى من زكاة ماله رقبه فأعتقها كما يعتق الوالي أن ذلك جائز ويجزئه من زكاته ويكون ولاؤه لجميع المسلمين قلت : وكان مالك يقول : يشتري الوالي من الزكاة رقابا فيعتقهم فقال : نعم ويكون ولاؤهم لجميع المسلمين قال : وحضرت مالكا يشير بذلك على من يقسم الصدقة قال مالك : ويجوز للمرء أن يعمل في زكاة نفسه كما يجوز للوالي أن يعمل في زكاة المسلمين قلت : فإن اشتراه من زكاة ماله وأعتقه من نفسه ؟ فقال : لا يجزئه ولم أسمع هذا من مالك ولكنه لا يجوز وعليه الزكاة ثانية قال سحنون : لأن الولاء له فكانها زكاة لم يخرجها وإنما إخراجها أن يكون ولاؤها لهم
أعطاء المكاتب وابن السبيل من الزكاة
قال : وقال مالك : لا يعجبني أن يعان بها المكاتبون قال : وما علمت أنه كان في هذا البلد أحد أفتدي به في ديني يفعله أو قال يراه ولا بلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان فعلوا ذلك قال : وقال مالك : يعطى من الزكاة ابن السبيل وإن كان غنيا في بلده إذا احتاج وإنما مثل ذلك مثل الغازي في سبيل الله يعطى منها وإن كان غنيا قلت : فالحاج المنقطع به ؟ فقال : قال مالك : هو ابن السبيل يعطى من الزكاة قلت : والحاج عند مالك ابن السبيل وإن كان غنيا في بلده ؟ فقال : نعم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين إلى الغني ]
تكفين الميت وإعطاء اليهودي والنصراني والعبد من الزكاة
قال : وقال مالك : لا تجزئه أن يعطي من زكاته في كفن ميت لأن الصدقة إنما هي للفقراء والمساكين ومن سمى الله فليست للأموات ولا لبنيان المساجد قال : وقال مالك : ولا يعطى من الزكاة مجوسي ولا نصراني ولا يهودي ولا عبد وكما لا يعتق في الكفارات غير المؤمنين فكذلك لا يطعم فها غير المؤمنين وقد قال : لا يعتق في الكفارات إلا مؤمنة وعطاء مؤمنة صحيحة وقال نافع وربيعة : لا يطعم من الزكاة نصراني ولا يهودي ولا عبد إلا أن نافعا لم يذكر اليهودي ولا العبد
الرجل يعطي مكان زكاة الذهب والورق عرضا
قلت : أرأيت إن أعطى زكاة ماله وقد وجبت عليه وهي ألف درهم كانت عنده حال عليها الحول فأعطى مكان زكاتها حنطة أوشعيرا أو عرضا من العروض قيمته ربع عشر هذه الألف درهم ؟ فقال : قال مالك : لا يعطي عروضا ولكن يعطي ورقا وقيمة ذلك ذهبا قال سحنون قال ابن وهب وقد كره غير واحد اشتراء صدقة ماله منهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وقال يحى : من الناس من يكره اشتراء صدقته
الرجل يكون له الدين على الرجل فيتصدق به عليه ينوي بذلك زكاة ماله
قلت : أرأيت الرجل يكون لي عليه الدين فيجب علي الزكاة فأتصدق عليه بذلك الدين وهومن الفقراء أنوي به أنه من زكاة مالي ؟ فقال : قال مالك : فيما بلغني لا يعجبني ذلك وقال غيره لأنه تاو إذا كان على فقير فلا يجزئه أن يعطي تاويا وهو عليه بعده ولو جاز هذا لجاز للرجل أن يعطي في زكاة ماله أقل من قيمة ما وجب عليه لأن ما على الفقير لا قيمة له وإن كانت له قيمة فقيمته دون
قسم خمس الركاز
قلت : أرأيت لو أن رجلا أصاب ركازا وله أقارب فقراء منهم من يضمنه الحاكم نفقته ومنهم من لا يضمنه الحاكم نفقته أيجعل خمس هذا الركاز فيهم أم لا ؟ فقال : لا يخضهم بذلك ولكن يعطيهم كما يعطي غيرهم من الفقراء فقراء موضه وذلك أن مالكا كره أن يعطي الرجل زكاته أقاربه الذين لا يضمن نفقتهم لمكان محمدتهم إياه وقضاء مذمة كانت عليه ودفع صلات كانوا يرتجونها منه فلو صح ذلك عنده ولم يكن بذلك بأسا قال : وإنما كان يقول لنا مالك : إنما أخاف بذكر هذه الأشياء يحمدونه عليها قال ابن القاسم : فهذا الخمس إن كان لا يدفع به شيئا مما وصفته لك من مدمة ولا يتخذ به محمدة إلا على وجه الاجتهاد لهم اجتهاده في غيرهم فلا أرى بذلك بأسا قال : فأما ولد أو والد فلا يعجبني ذلك لأن نصقتهم تلزمه فهو إذا أعطاهم دفع عن نفسه بعطيتهم نفقتهم وإن كانوا أغنياء فغيرهم أحق بذلك منهم وقد قال غيره : إذا أعطاهم كما يعطي غيرهم من الأباعد على غير إيثار جاز لأن الخمس فيء وليس هو مثل الزكاة التي لا تحل لغني والفيء يحل للغني والفقير إلا أن الفقير يؤثر على الغني قلت لابن القاسم : أرأيت هذا الخمس لم لا يعطيه ولده ولا ولده الذين يضمن نفقتهم فيغنيهم بذلك ويدفع عنهم نفقتهم وهذا الخمس إنما هو عندك فيء وهؤلاء فقراء ؟ فقال : ينبغي له أن ينظر إلى من هو أفقر من هؤلاء الذين يضمن هو نفقتهم فهم أولى بذلك لأن الوالدين لوكانا فقيرين أحدهما له من ينفق عليه والآخر ليس له من ينفق عليه بدأ بهذا الذي ليس له من ينفق عليه فكذلك هذا الرجل وقد سئل مالك وأنا قاعد عنده عن رجل محتاج له أب موسر أترى أن يعطي من القسم شيئا ؟ قال : إن كان لا يناله معروف أبيه فلا أرى به بأسا قال ابن القاسم : وإن كان يناله معروف والده فغيره من أهل الحاجة ممن لا يناله معروف أحد أولى بذلك قلت : أي شيء هذا القسم ؟ قال : هو الزكاة قلت لابن القاسم : ما قول مالك في هذا الفيء أيساوي بين الناس فيه أم يفضل بعضهم على بعض ؟ قال : قال مالك : بفضل بعضهم على بعض ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنموا منه قلت لابن القاسم : أرأيت جزية جماجم أهل الذمة وخراج الأرضين ما كان منها عنوة وما صالح عليها أهلها ما يصنع بهذا الخراج ؟ قال : قال مالك : هذا جزية قال ابن القاسم : والجزية عند مالك فيما يعلم من قوله فيء كله قلت لابن القاسم : فمن يعطي هذا الفيء وفيس يوضع ؟ قال : قال مالك : على أهل كل بلد افتتحوها عنوة أو صالحوا عطيها هم أحق به يقسم عليهم يبدأ بفقرائهم حتى يغنوا ولا يخرج منهم إلى غيرهم إلا أن ينزل بقوم حاجة فينقل إليهم بعدما يعطي أهلها يريد ما يغنيهم على وجه النظر الاجتهاد قال ابن القاسم وكذلك كتب عمر بن الخطاب : لا يخرج في قوم عنهم إلى غيرهم ورأيت مالكا يأخذ بالحديث الذي كتب به عمر إلى عمار بن ياسر وصاحبيه إذ ولاهم العراق حين قسم لأحدهم نصف شاة وللآخرين ربعا ربعا فكان في كتاب عمر بن الخطاب إليهم : إنما مثلي ومثلكم في هذا المال كما قال الله تعالى في والي اليتيم : { ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف } ( النساء : 6 ) قال : وسألته عن الرجل يوصي بالنفقة في سبيل الله قال : يبدأ بأهل الحاجة الذين في سبيل الله قال : وكلمته في غير شيء فرأيت قوله أنه يبدأ في جميع ذلك بالفقراء قال ابن القاسم قال مالك : يبدأ بالفقراء في هذا الفيء فإن بقي شيء كان بين الناس كلهم بالسوية إلا أن يرى الوالي أن يحسبه النوايب تنزل به من نوائب أهل الإسلام فإن كان ذلك رأيت ذلك له قال ابن القاسم : والناس كلهم سواء عربيهم ومولاهم وذلك أن مالكا حدثني أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال : يا أيها الناس إني عملت عملا وأن صاحبي عمل عملا ولئن بقيت إلى قابل لألحقن أسفل الناس أعلاهم قال : وقال مالك : بلغني أن عمر بن الخطاب قال : ما من أحد من الملمين إلا وله في هذا المال حق أعطيه أومنعه حتى لوكان راعيا أوراعية بعدن قال : ورأيت مالكا يعجبه هذا الحديث قال ابن القاسم : وسمعت مالكا يقول : قد يعطي الوالي الرجل المال يجيزه لأمر يراه فيه على وجه الدين أي وجه الدين من الوالي يجيزه لقضاء دينه بجائزة أو لأمر يراه قد استحق الجائزة فلا بأس على الوالي بجائزة مثل هذا ولا بأس أن يأخذها هذا الرجل قلت لابن القاسم : أيعطي المنفوس من هذا المال ؟ قال : نعم قال : وأخبرني مالك إن عمربن الخطاب مر ليلة فسمع صبيا يبكي فقال لأهله : ما لكم لا ترضعونه ؟ قال : فقال أهله : إن عمر بن الخطاب لا يفرض للمنفوس حتى يفطم وإنا فطمناه قال فولى عمر وهو يقول : كدت والذي نفسي بيده أن اقتله ففرض للمنفوس من ذلك اليوم مائه درهم
قلت لابن القاسم : فإن كان المنفوس والده غنيا أيبدأ بكل منفوس والده فقير ؟ قال : نعم قلت له : أفكان يعطي النساء من هذا المال فيما سمعت من مالك ؟ قال : سمعت مالكا يقول : كان عمربن الخطاب يقسم للنساء حتى إن كان ليعطيهن المسك قلت لابن القاسم : ويبدأ بالفقيرة منهن قبل الغنية ؟ قال : نعم قلت : أرأيت قول مالك يستوي بين الناس في هذا الفيء الصغير والكبير والمرأة والرجال فيه سواء قال تفسيره : أنه يعطي كل إنسان قدر ما يغنيه الصغير قدر ما يغنيه والكبير قدر ما يغنيه والمرأة قدر ما يغنيها هذا تفسير قوله عندي يسوي بين الناس في هذا المال قلت له : فإن فضل الآن بعدما استغنى أهل الإسلام من هذا المال فضل ؟ قال : ذلك على وجه اجتهاد الإمام إن رأى أن يحبس ما بقي لنوائب أهل الإسلام حبسه وإن رأى أن يفرقه على أغنيائهم فرقه وهذا قول مالك قلت لابن القاسم : وهذا الفيء حلال للأغنياء ؟ قال : نعم قالت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم ولقد حدثني مالك أنه أتي بمال عظيم من بعض النواحي في زمان عمر بن الخطاب قال فصب في المسجد فبات عليه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في جبته منهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص يحرسونه فلما أصبح كشف عنه انطاع أو مسوح كانت عليه فلما أصابتها الشمس ائتلقت وكان فيها تيجان قال فبكى عمر فقال له عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنيبن : ليس هذا حين بكاء إنما هذا حين شكر فقال : إني أقول إنه ما فتح هذا على قوم قط إلا سفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم ثم قال لابن الأرقم : أرحني منه أي أقسمه فقسمه قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول قال عمر بن الخطاب لابن الأرقم : اكتب لي الناس قال : قد كتبتهم ثم جاءه بالكتاب قال : فقال له : هل كتبت الناس ؟ فقال : نعم قد كتبت المهاجرين والأنصار والمهاجرين من العرب والمحررين يعني المعتقين قال : إرجع فاكتب فلعلك قد تركت رجلا لم تعرفه أراه أن لا يترك أحدا فهذا ما بدلك أن عمر كان يقسم لجميع المسلمين قال ابن القاسم : وسمعت مالكا وهو يذكر : أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر في زمان الرمادة قال فقلنا لمالك : وما زمان الرمادة أكانت سنة أو سنتين ؟ قال : بل سنتين قال ابن القاسم : بلغني أنها كانت ست سنين قال : فكتب إليه واغوثاه واغوتاه واغوثاه قال فكتب إليه عمرو بن العاص : لبيك لبيك لبيك قال : فكان يبعت إليه بالعير عليها الدقيق في العباء فكان يقسمها عمر فيدفع الجمل كما هو إلى أهل البيت فيقول لهم : كلوا دقيقه والتحفوا العباء وانتحروا البعير فائتدموا بشحمه وكلوا لحمه قال ابن القاسم : سمعت مالكا وهو يذكر أن رجلا رأى فيما يرى النائم في خلافة أبي بكر : أن القيامة قد قامت وإن الناس قد حشروا قال فكأنه ينظر إلى عمربن الخطاب قد فرع الناس ببسطه قال فقلت في منامي بم فضل عمر بن الخطاب الناس ؟ قال : فقيل لي : بالخلافة وبالشهادة وبأنه لا يخاف في الله لومة لائم قال : فأتى الرجل حين أصبح فإذا أبو بكر وعمر قاعدان جميعا فقص عليهما الرؤيا فلما فرغ منها انتهره عمر ثم قال له : قم أحلام نائم فقام الرجل فلما توفي أبو بكر وولي عمر أرسل إليه ثم قال له : أعد علي الرؤيا التي رأيتها قال : أو ما كنت رددتها على قال : فقال له : أوما كنت تستحي أن تذكر فضلي في مجلس أبي بكر وهو قاعد ؟ قال : فقصها الرجل عليه فقال بالخلافة قال عمر : هذه أولتهن يريد قد نلتها ثم قال : وبالشهادة فقال عمر : وأنى ذلك لي والعرب حولي ثم قال بلى وإن الله على ذلك لقادر قال : وبأنه لا يخاف في الله لومة لائم فقال عمر : والله ما أبالي إذا قعد الخصمان بين يدي على من دار الحق فأديره قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : اختصم قوم في أرض قرب المدينة فرفعوا ذلك إلى عثمان بن عفان قال : فركب معهم عثمان لينظر فيما بينهم قال فلما ركب وسار قال له رجل من القوم يا أمير المؤمين أتركب في أمر قد قضى فيه عمر بن الخطاب قال فرد عثمان دابته وقال مالك : ما كنت لأنظر في أمر قد قضى فيه عمر قلت لابن القاسم : هل يجبر الإمام أحدا على أخذ هذا المال إذا أبى أخذه ؟ قال : لا قال : وسمعت مالكا يذكر : أن عمر بن الخطاب كان يدعو حكيم بن حزام يعطيه عطاءه قال فيأبى ذلك حكيم ويقول : قد تركته على عهد من هو خير منك يريد النبي صلى الله عليه وسلم فيقول عمر : أني أشهدكم عليه قال ابن القاسم : فلم جبر عمر هذا على أخذ هذا المال قال : وسمعت مالكا : إنما تركه حكيم لحديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث الذي جاء [ إن خيرا لأحدكم أن لا يأخذ من أحد شيئا ] قال : ولا منك يا رسول الله قال : [ ولا مني ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق