كتاب الصيد من المدونة الكبرى
قلت لابن القاسم : صف لي الباز المعلم والكلب المعلم في قول مالك ؟ قال : قال مالك : هو الذي يفقه إذا زجر ازدجر وإذا أشلى أطاع قلت : أرأيت إذا أرسل كلبه ونسي التسمية ؟ قال : قال مالك : كله وسم الله قلت : وكذلك في الباز والسهم ؟ قال : نعم كذلك هذا عند مالك قلت : أرأيت إن ترك التسمية عمدا في شيء من هذا ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولقد سألته عن تفسير حديث عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي حين قال لغلامه : سم الله ويحك مرتين أو ثلاثا فيقول الغلام قد سميت ولا يسمعه التسمية ؟ فقال مالك : لا أرى ذلك على الناس إذ أخبر الذابح أنه قد سمى الله قال ابن القاسم : ومن ترك التسمية عمدا على الذبيحة لم أر أن تؤكل الذبيحة وهو قول مالك قال : والصيد عندي مثله قال : وأما الرجل يذبح خاصة نفسه فياخذ بحديث عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ائمخزومي فلا أرى به بأسا قلت : أرأيت المسلم والمجوسي إذا أرسلا الكلب جميعا فأخذ الصيد فقتله أيؤكل في قول مالك ؟ قال : ما سمعت منه فيها شيئا إلا أني سمعت مالكا يقول في كلب المسلم : إذا أرسله المجوسي فأخذ فقتل أنه لا يؤكل وأرى هذا أنه لا يؤكل قلت : أرأيت إن أرسلت كلبي على صيد فتواريا مني جميعا فأخذه الكلب فقتله ثم وجدته أ اكله أم لا ؟ قال : قال مالك : إذا أصابه ميتا وفيه أثر كلبه أو أثر سهمه أو أثر بازه وقد أنفذت هذه الأشياء مقاتله فليأكله إذا لم يفرط في طلبه ما لم يبت قال مالك : فإن بات فلا يأكله وإن كان الذي به قد أنفذ مقاتله فلا يأكله لأنه قد بات عنه وإن أدركه من يومه ميتا وفيه أ ثر كلبه فليأكله قلت : أرأيت إن توارى الصيد والكلب أو الباز عنه فرجع الرجل إلى بيته ثم طلبه بعد ذلك فأصابه من يومه ذلك أيأكله أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكن أرى أن لا يأكله لأنه قد تركه ورجع إلى بيته ألا ترى أنه لا يدري لعله لوكان في الطلب ولم يفرط أنه كان يدرك ذكاته قبل أن يموت فهو لما رجع إلى بيته فقد فرط فلا يأكله لموضع ما فرط في ذكاته ألا ترى أنه لوأدركه ولم ينفذ الكلب مقاتله فتركه حتى يقتله الكلب لم يأكله فهذا حين رجع إلى بيته بمنزلة هذا الذي أدرك كلبه ولم ينفذ مقاتل الصيد فتركه حتى قتله الكلب فلا يأكله لأنه لعله لوكان في الطلب أدركه قبل أن ينفذ الكلب مقاتله ولعله إنما أنفذ الكلب مقاتله بعد أن جرحه وبعد أن أخذه فلوكان هو في الطلب لعله كان يدركه قبل أن ينفذ الكلب مقاتله قال : ولقد سئل مالك عن الرجل يرسل كلبه أو بازه على الصيد فيدركه وبه من الحياة ما لو شاء أن يذكيه ذكاه ولم ينفذ الكلب أو الباز مقاتله فيشتغل بإخراج سكينه من خرجه أو لعلها أن تكون مع رجل خلفه فينتظره حتى يأتيه أو مع غلامه فلا يخرج السكين ولا يدركه من كان معه السكين حتى يقتل الكلب الصيد أو الباز أو يموت وإن عزل الكلب أو البازي عنه ؟ قال مالك : لا يأكله لأنه قد أدركه حيا ولو شاء أن يذكيه ذكاه إلا أن يكون أدركه وقد أنفذت الكلب أو البزاة مقاتله فلا باس بأن يأكله لأن ذكاته فهنا ليست بذكاة قال : ولقد سألت مالكا عن الصيد يدركه الرجل وقد أنفذت الكلاب مقاتله أو الباز فيفرط في ذكاته ويتركه حتى يموت أيأكله ؟ قال مكالك : نعم لا بأس بذلك وليأكله قلت : أرأيت الذي توارى عني فأصبته من الغد وقد أنفذت مقاتله بسهمي أو أنفذت مقاتله بزاتي أو كلابي لم قال مالك لا يأكله إذا بات وقال كله ما لمن يبت ؟ قال : لم أر لمالك حجة فهنا أكثر من أنها السنة عنده قلت : أرأيت السهم إذا أصبته فيه قد أنفذ مقاتله إلا أنه بات عني لم قال مالك لا يأكله ؟ قال : في السهم بعينه سألنا مالكأ أيضا إذا بات وقد أنفذ السهم مقاتله فقال : لا يأكله قلت : أرأيت إن أرسل كلبه فأخذ الصيد فأكل منه أكثره أو أقله فأصاب بقيته أيأكله في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : يأكله ما لم يبت قلت : أرأيت الكلب إذا كان كلما أرسله على صيد أخذه فأكل منه أو جعل أن يأكل ما أخذ أهذا معلم في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن أدركه وقد أنفذ الكلب مقاتله أو سهمه أو الباز فأدركه على تلك الحال يضطرب أيدعه حتى يموت أو يذكيه ؟ قال : يفري أوداجه فذلك أحسن عند مالك وإن تركه حتى يموت أكله ولا شيء عليه ولقد سئل مالك عن الرجل يدرك الكلب أو الباز على صيده فيريد أن يذكيه فلا يستطيع ؟ فقال مالك : إن هو غلبه عليه ولم يأت التفريط فه حتى فات بنفسه فليأكله وإن هو لو شاء أن يعزله عزله عنه فذكاه فلم يعزله حتى مات فلا يأكله قلت : أرأيت إن كنت لا أقدر أن أخلص الصيد من كلبي أو من بازي وأنا أقدر على أن أذكيه تحته أ أتركه أم أذكيه ؟ قال : قال مالك : ذكه قلت : أرأيت إن لم أذكه في مسألتي هذه أ آكله أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا تأكله قلت : أرأيت إن أدركته وقد فرى الكلب أوداجه أو فراه سهمي أو بازي ؟ قال : هذا قد فرغ من ذكاته كلها وكذلك قال مالك قلت : أرأ يت إن أدرك الصيد والكلاب تنهشه وليس معه ما يذكيه به فتركه حتى قتلته الكلاب أيأكله أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يأكله قلت : أرأيمت إن أدركه حيا فذهب أن يذبحه من غير أن يفرط ففات بنفسه أيأكله أم لا في قول مالك ؟ قال : نعم يأكله عند مالك
في صيد الطير المعلم
قلت : أرأيت الفهد وجميع السباع إذا علمت أهي بمنزلة الكلاب في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنها عندي بمنزلة الكلاب قلت : أرأيت جميع سباع الطير إذا علمت أهي بمنزلة البزاة ؟ قال : لا أدري ما مسألتك هذه ولكن البزاة والعقبان والزمامجة والشذانقات والسفاة والصقور وما أشبه هذا فلا بأس بهذا عند مالك قلمت : أرأيت الرجل يرسل كلبه على الصيد فيأخذ غيره أيأكله أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يأكله قلت : أرأيت إن نسي التسمية عند الإرسال أيأكل ؟ قال : قال مالك يسمي الله إذا أكل قلت : أرأيت إن ترك التسمية عمدا ؟ قال : هذا بمنزلة الذبيحة إذا نسي التسمية فهو كمن نسي التسمية على الذبيحة وإذا ترك التسمية عامدا عند الإرسال فهو كمن ترك التسمية عامدا عند الذبيحة لا يأكله قلت : أرأيت إن أرسك كلبه على جماعة صيد ولم يرد واحدا منها دون الآخر فأخذها كلها أو أخذ بعضها قال : سألنا مالكا عن الذي يرسل بازه على جماعة من الطير وهو ينوي ما أخذ منها فياخذ أحدها أو يرمي جماعة من الطير ينو بها فيصيب واحدا منها ؟ قال مالك : يأكله فهذا يدلك على أنه إن أرادها كلها فلا بأس بأكلها كلها وإن أصاب واحدا فلا بأس بأكله قال : وقال مالك : إذا أصاب في رميته اثنين منها أكلهما قال : ولقد سألناه عن الجماعتين من الطير تكونان في الهواء بعضها فوق بعض فيرمي وهو يريد الجماعتين جميعا يريد ما أصاب منهما أكله ؟ قال : قال لي مالك : ما أصاب من الجماعتين جميعا أكله قال : وقال مالك : وإن أرسل كلبه على جصاعة من الصيد ونوى واحدا منها بعينه فأصاب غيره فلا يأكله قلت : أرأيت الكلاب غير السلالقة إذا علمت أهي بمغزلة السلالقة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : السلالقة وغيرها إذا علمت فهي سواء قلت : أرأيت الكلب غير المعلم إذا أرسلته فصاد أ آكله أم لا ؟ قال : لا تأكله إلا أن يكون معلما أو تدرك ذكاته فتذكيه وهو قول مالك قلت : أرأيت إن أرسلت كلبي من يدي وكان معي أو كان يتبعني فأثرت الصيد فأشليت الكلب عليه وليس الكلب في يدي ولكنه بحال ما وصفت لك فانشلى الكلب فأخذ الصيد فقتله أآكله أم لا ؟ قال : كان مالك مرة يقول إذا كان الكلب معه وأثار الرجل الصيد فأشلى الكلب فخرج الكلب في طلب الصيد بإشلاء الرجل ولم يكن الكلب هو الذي خرج في طلب الصيد ثم أشلاه سيده بعد ذلك ؟ قال مالك : لا بأس قال : وأما إن كان الكلب هو الذي خرج في طلبه ثم أشلاه سيده بعد ذلك قال مالك : فلا يأكله قال : وكان هذا قوله الأول ثم رجع عن ذلك فقال : لا يأكله إلا أن يكون في يده ثم أرسله بعد أن أثار الصيد قال : وقوله الأول أحب إلي واذا كان الكلب إنما خرج في طلب الصيد بإشلاء سيده أكله وإن كان في غير يده لأن الكلب فهنا إذا خرج بإشلاء سيده فكان السيد هو الذي أرسله من يده قلت : أرأيت صيد الصبي إذا لم يحتلم أيؤكل إذا قتلت الكلاب صيده ؟ قال : قال مالك : ذييحة الصبي تؤكل إذا أطاق الذبح وعرفه فكذلك صيده عندي بمنزلة الذبح قلت : أرأيت إن أرسلت كلبآ معلما على صيد فأعانه عليه كلب غير معلم أ اكله أم لا ؟ قال : قال مالك : إذا أعانه عليه غير معلم لم يؤكل قلت : أرأيت إن أرسلت بازي على صيد فأعانه عليه باز غير معتم ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل قلت : أرأيت إن أرسلت كلبي على صيد ونويت ما صاد من الصيد سوى هذا الصيد ولست أرى شيئا من الصيد غير هذا الواحد فأخذ الكلب صيدا وراء ذلك لم أره حين أرسلت الكلب فقتله أ آكله أم لا ؟ قال : قال مالك في الرجل يرسل كلبه على جماعة من الصيد ونوى إن كان وراءها جماعة أخرى فما أخذ منها فقد أرسله عليها ذلك نيته ولا يعلم أن وراء هذه الجماعة جماعة أخرى من الصيد فأصاب صيدا وراء ذلك من الجماعة التي لم يكن يراها حين أرسل الكلب قال : قال مالك : يأكله وإن كان إنما أرسله على هذه الجماعة ووراءها جماعة أخرى لم ينو الجماعة التي وراءها فلا يأكله إن أخذ من الجماعة التي لم ينوها وإن رآها أو لم يرها قلت : أرأيت إن أفلت الكلب من يدي على صيد فزجرته بعدما انفلت من يدي ؟ قال : قال مالك في الكلب يرى الصيد فيخرج فيعدو في طلبه ثم يليه صاحبه فينشلي : أنه لا يؤكل لأنه خرج بغير إرسال صاحبه قلت : أرألت الكلب إذا أرسلته على الصيد فأدركه فقطع يده أو رجله فمات من ذلك أو قتله الكلب بعد ذلك أيؤكل اليد والرجل وجميع انصيد أم لا ؟ قال : سئل مالك عن الرجل يدرك الصيد فيضرب عنقه فيخزله أو يضرب وسطه فيخزله نصفين ؟ قال مالك : يؤكل هذا كله فقيل لمالك : فإن قطع يدا أ و رجلا ؟ قال : لا يأكل اليد ولا الرجل وليذك ما بقي منه وليأكله فإن فات بنفسه قبل أن يذكيه من غير تفريط فليأكله ولا يأكل اليد ولا الرجل فكذلك مسألتك في الكلاب إذا قطعت والبزاة مثل هذا قلت : أرأيت إن ضرب عجزه فأبان العجز أيأكل الشقين جميعا في قول مالك ؟ قال : نعم قال : وكذلك الباز إذا ضرب الصيد فأطار جناحه أو رجله لم يؤكل ما أبان من الطير من جناح بم و رجل بحال ما وصفت لك فإن خزلهما أكلهعا جميعا ؟ قال : نعم على قول مالك في الضرب الذي وصفت لك قلت : أرأيت النصراني واليهودي أيؤكل صيدهما في قول مالك إذا قتلت الكلاب الصيد ؟ قال : قال مالك : تؤكل ذبائحهما وأما صيدهما فلا يؤكل وتلا هذه الآية { تناله أيديكم ورماحكم } ( المائدة : 94 ) ولم يذكر الله بهذا اليهود ولا النصارى قال ابن القاسم : ولا يؤكل صيدهما قال سحنون : قال ابن وهب : لا بأس بأكل صيدهما وقاله علي بن زياد فأنا لا أرى به بأسا لأن الله تبارك وتعالى قال : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } ( المائدة : 1 ) قلت : أرأيت ما صاد المجوسي من البحر أيؤكل في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت ما صاد في البر أيؤكل في قول مالك ؟ قال : لا إلا أن تدرك ذكاة ما اصطاده إذا لم ينفذ المجوسي مقاتله
في الدواب تخرج من البحر فتحيا الثلاثة الأيام ونحوها أتؤكل بغير ذكاة
قلت : أرأيت الدواب التي تخرج من البحر فتحيا اليوم واليومين والثلاثة والأربعة أتؤكل بغير ذكاة ؟ قال : بلغني أن مالكا سئل عن ترس البحر أيذكى ؟ فقال مالك : وإني لأعظم هذا من قول من يقول لا يؤكل إلا بذكاة
في صيد المرتد وذبح النصارى لأعيادهم
قلت : أرأيت النصراني إذا ذبح وسمى باسم المسيح أو أرسل كلبه أو بازه أو سهمه وسمى بأسم المسيح أيؤكل أم لا ؟ قال : سمعت مالكا يكره كل ما ذبحوا لأعيادهم وكنائسهم إذا ذبحوا لكنائسهم قال مالك : أكره أكلها قال : وبلغني عنه أنه تلا هذه الآية { وما أهل به لغير الله } وكان يكرهها كرأهية شديدة قال : وما سمعت من مالك في مسألتك إذا سموا المسيح شيئا قال : وأراهم إذا سموا المسيح بمنزلة ذبحهم لكنائسهم فلا أرى أن تؤكل قلمت : أرأيت كلب المجوسي إذا علمه المجوسي فأخذه مسلم وأرسله أيأكل ما قتل ؟ قال : نعم قالت وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت أرأيت الغلام إذا كان أبواه من أهل الذمة أحدهما مجوسي والآخر نصراني أتؤكل ذبيحته وصيده أم لا ؟ قال : قال مالك : الولد تبع للأب في الحرية فأرى الوالد إذا كان نصرانيا أن تؤكل ذبيحته ولا يؤكل صيده إلا أن يكون قد تمجس وتركه على ذلك فلا تؤكل ذبيحته قلت : أرأيت ما قتلت الحبالات من الصيد أيؤكل أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل إلا ما أدركت ذكاته من ذلك قال : فقيل لمالك : فإن كانت في الحبالات حديدة فأنفذت الحديدة مقاتل الصيد ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل منه لا ما أدركت ذكاته قلت : فهذا الذي قد أنفذت الحبالات مقاتله إن أدركه لم يكن له ذكاة في قول مالك ؟ قال : نعم لا ذكاة له قلت : أرأيت الصيد صيد المرتد أيؤكل ؟ قال : قال مالك : ذبيحته لا تؤكل فكذلك صيده مثل قول مالك في ذبيحته أنها لا تؤكل قلت : أرأيت صيد السمك أيحتاج فيه إلى التسمية كما يحتاج في صيد البر إلى التسمية عند الإرسال ؟ قال : لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن صيد البحر مذكى كله عند مالك فإنما يحتاج إلى التسمية ما يذكى ألا ترى أن المجوسي يصيده فيكون حلالا قلت : أرأيت ماطفا على الماء من حيتان البحر ودواب البحرأيؤكل فى قول مالك ؟ قال : لا أدري ما الدواب ولكني لم أسمع مالكا يكره شيئا من دواب البحر ولم يكن يرى بالطافي بأسا
قلت : أرأيت الرجل يأخذ الطير من طير الماء فيذبحه فيجد في بطنه حوتا أيأكله أم لا ؟ قال : قال مالك في الحوت يوجد في بطنه الحوت : لأ بأس بأكله فكذلك ما في بطن الطيرلابأس به
ما جاء في أكل الجراد
قلت : أرأيت الجراد إذ وجدله ميتا يتوطؤه غيري أو أتوطؤه فيموت أيؤكل أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل قلت : فإن صدت الجراد فجعلته في غرارة فيموت في الغرارة أيؤكل أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل إلا ما قطعت رأسه وتركته حتى تطبخه أو تقليه أو تسلقه وإن أنت طرحته في النار أو سلقته أو قليته وهو حي من غير أن تقطع رأسه فذلك حلال أيضا عند مالك ولا يؤكل الجراد إلا بما ذكرت من هذا قلت : أرأيت إن أخذ الجراد فقطعا أجنحتها وأرجلها فرفعها حتى تسلقها أو تقليها فتموت أيأكلها أم لا في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه إذا قطع أرجلها وأجنحتهافتموتت فلا بأس باكلها لأنها قد تموتت من قبل فعله بها من قطع أرجلها وأجنحتها فهو بمنزلة قطع رؤوسها قلت : فحين أخذها وأدخلها غرائره أليس إنما ماتت من فعله ؟ قال : لم أر عند مالك القتلة إلا بشيء يفعله بها بحال ما وصفت لك قال ابن القاسم : ولقد سألنا مالكا عن خنزير الماء فلم يكن يجيبنا فيه ويقول أنتم تقولون خنزير قال ابن القاسم : إني لأتقيه ولوأكله رجل لم أره حراما
في الرجل يدرك الصيد وقد أخذته الكلاب فيذكيه وهي تنهشه حتى يموت
قلت : أرأيت الرجل يدرك كلإبه وقد أخذت الصيد وهو يقدر على أن يخلصه منها فتركها تنهشه ويذكيه وهو فى أفواهها فتنهشه وهو يذكيه حتى يموت أيؤكل أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل لأني أخاف أن يكون إنما مات من نهشها قال ابن القاسم : إلا أن يكون قد استيقن أنه قد ذكاه وحياته فيه مجتمعة قبل أن تنفذ مقاتله الكلاب فلا باس بأكله لأن مالكا قال في الذي يذبح ذبيحته فتسقط في الماء بعدما ذبحها أوتتردى من جبل أنه لا بأس بأكلها قال : وقال لي مالك فئ الذي يذبح ذبيحته فيقطع منها بضعة قبل أن تزهق نفس الذبيحة قال مالك : بئس ما صنع وأكل تلك البضعة حلال فهذا يدلك على أن الذي ترك الكلاب تصنع بصيدها ما صنعت أنه بئس ما صنع وأكلها حلال إذا كان ذكاه وهو يستيقن بحياته قبل أن تنفذ الكلاب مقاتله قلت : أرأيت الرجل يرسل كلبه أو بازه على الصيد فيطلبه ساعة ثم يرجع الكلب ثم يعود في الطلب فيأخذ الصيد فيقتله أيؤكل أم لا وهل ترى رجوعه عن صيده قطعآ لإرسالي أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان إنما ضل عنه صيده فعطف الكلب أو الباز كما تصنع الجوارح إذا ضل عنها صيدها طلبته يمينا وشمالا وعطفت كل ذلك في الطلب فهي على إرسالها ما دامت بهذه الحال فأما إن مر الكلت بكلب مثله فوقف يشمه ومر على جيفة فوقف يأكل منها أو ما أشبه هذا أو يكون الطير عجز عن صيده فيسقط على موضع أو عطف راجعا لما عجز عن صيده فهذا تارك لما أرسل فيه وقد خرج من الإرسال الأول فإن كان لما عطف راجعأ تاركآ للطلب أبصر ذلك الصيد فطلبه أو لما رجع عاجزا عن صيده تاركا للطلب نظر إليه بعد ذلك فطلبه فهذا ابتداء منه وليس بإرسال وكذلك هذا في الكلاب ولم أسمع هذا من مالك قلت : أرأيت الصيد إذا رماه رجل فأثخنه حتى صار لا يستطيع الفرار فرماه آخر بعد ذلك فقتله أيؤكل أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل قلت : فقد صار هذا عندك بمنزلة الشاة لا تؤكل إلا بذكاة ؟ قال : نعم لأن هذا قد صار أسيره قلت : فهل يضمنه هذا الذي رماه فقتله للأول أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا أو أراه ضامنأ قلت : أرأيت الرجل يرمي الصيد وهو في الجو فيصيبه فيقع إلى الأرض فيدركه ميتا فينظر فإذا سهمه لم ينفذ مقاتله أيأكله في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يأكله لأنه لا يدري من أي ذلك مات أمن السقطة أم من السهم ؟ قال : وقال مالك : وكذلك الصيد يكون في الجبل فيرميه الرجل فيتردى من الجبل فيموت قال : قال مالك : لا يأكله إلا أن يكون قد أنفذ مقاتله بالرمية قلت : أرأيت الرجل يطلب الصيد فيخرجه حتى يدخله دار قوم فيأخذه أهل الدار أو ياخذه الذي طلبه في دار القوم لمن يكون ؟ وكيف إن قال رب الدار دخل الصيد داري قبل أن يقع لي ملكك أيها الطالب فقد صار ما في داري لي وقال الطالب أخذته قبل أن يقع في ملكك يا صاحب الدار لأن ما دخل دارك ليس بملك لك وإن كان لا مالك له ما القول في هذا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى إن كان الكلاب أو الرجل هو الذي اضطره ورهقه لأخذه فأراه له وإن كان لم يضطره وذلك بعيد لا يدري أتأخذه الكلاب و الطارد في مثل ذلك أم لا وهو من الصيد بعيد فأرى الصيد لصاحب الدار ولا أرى لصاحب الكلب ولا للطارد شيئا وقد سمعت مالكأ يقول في الحبالات التي تنصب : أن ما وقع فيها فأخذه
رجل أجنبي أن صاحب الحبالات أحق به قلت : أرأيت إن تعمدت صيدا فرميته وسميت وأصبت غيره اكله أم لا ؟ وكيف إن أنفذت الذي سقيت عليه وأصبت آخر وراءه لم أتعمده ؟ قال : قال مالك : لا تأكل إلا الذي تعمدت وحده قلت : أرأيت إن رميت صيدا وتعمدته ونويت آخر إن كان وراءه فأصابه سهمي أنه مما أرمي ولست أرى وراءه شيئا أو أصبت هذا الذي رميت فأنفذته وأصاب السهم آخر وراءه أو أصاب سهمي الذي وراءه وأخطأه أآكله أم لا ؟ قال : قد أخبرتك أن مالكا شئل عن الرجل يرسل كلبه على جماعة من الصيد فيطلبها فيكون خلفها جماعة أخرى فيأخذ من تلك التي كانت من وراءه ولا يأخذ من الجماعه الأولى فيقتله ؟ قال مالك : إن كان حين أرسله ينوى إن كان خلفها جماعة أخرى فيأخذ من تلك التي كانت وراء ولا يأخذ من الجماعة الأولى فليأكله والآ فمسألتك وهذه سواء
في الرجل يرمى الصيد بمعراض أو حجر أو عصا أو غير ذلك فأنفذ مقاتله أو لم ينفذه
قلت : أرأيت ما أصاب بحجر أو ببندقة فخرق أو بضع أو بلغ المقاتل أيؤكل أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل وقال مالك : ليس ذلك بخرق وإنما ذلك رض قلت : أرأيت ما كان من معراض أصاب به فخرق ولم ينفذ المقاتل فمات أيؤكل أم لا في قول مالك ؟ قال : نعم وهو بمنزلة السهم إذا لم يصبه به عرضا قال : وقال مالك : إذا خرق المعراض اكل قلت : أرأيت إن رميت صيدا بعود أو بعصا فخرقته أيؤكل أم لا ؟ فقال : هو مثل المعراض إنه يؤكل قلت : وكذلك إن رمى برمحه أو بطرده أو بحربته فخرق أيأكله ؟ قال : نعم هذا كله سواء
في الإنسية من الإبل وغير ذلك لم يقدر على أخذها فرماها فذكاها
قلت : أرأيت ما ند من الإنسية من الإبل والبقر والغنم فلم يستطع أن يؤخذ أيذكى بما يذكى به الصيد من الرمي وغيره في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل ما ند منها إلا أن يؤخذ فيذكى كما تذكى الابل والبقر والغنم قلت : أرأيت ما أخذ من الصيد فدجن فى أيدى الناس ثم استوحش وند أيذكى بما يذكى به الصيد من الرمى وغير ذلك ؟ قال : نعم إذا ند ولحق بالوحش صار منها قال مالك : وتذكى بما يذكى به الصيد قلت : فلم قال مالك في هذا أنه يذكى بما يذكى به الصيد وقال فيما ند من الإنسي أنه لا يذكى بما يذكى به الإنسي أرأيت هذا الصيد أليس قد كان إذا كان داجنا سبيله في الذكاة سبيل الإنسي فلما استوخر جعلت سبيله سبيل الوحشي في الذكاة فلم لا يكون أيفما سبيل ما ند من الإنسية واستوحش في الذكاة سبيل الوحشي ؟ قال : قال مالك : هذا الإنسي إذا استوحش فإنما على أصله وأصله لا يؤكل إلا بالذبح أو النحر والوحشي إذا استوحش فهو على أصله وأصل الصيد أنه يذكى بالرمي والذبح وغير ذلك
في رجل رمى صيدا بسكين أو غير ذلك فبضع منه وقتله
قلت : أرأيت إن رميت صيدا بسكين أو بسيف فأصبته فقتلته وقد بضع السيف أو السكين منه إلا أنه لم ينفذ مقاتله آكله في قول مالك أم لا ؟ قال : إن مات قبل أن يدركه بغير تفريط فكله عند مالك قال : وقال مالك : من رمى صيدا بسكين فقطع رأسه قال : إن كان رماه حين رماه ونيته اصطياده فلا أرى بأكله بأسا وإن كان رماه حين رماه وليس من نيته اصطياده فلا يأكله قلت : أرأيت إن رميت حجرا وأنا أظنه حجرا فإذا هو صيد فأصبته وأنفذت مقاتله آكله أم لا ؟ قال : لا ألا ترى أن مالكا قال في الذي يرمي الصيد بسكين فيقطع رأسه وهو لا ينوي اصطياده : إنه لا يأكله فهذا الذي رمى حجرا لم ينو اصطياد هذا الصيد الذي أصاب فلا يأكله قلت : وكذلك إن رمى صيدا وهو يظنه سبعا أو خنزيرا فأصاب ظبيا أنه لا يأكله ؟ قال : نعم مثل ما أخبرتك لأنه حين رمى لم يرد برميته الاصطياد فلا يأكله قلت : لم كره مالك هذا الذي رمى ظبيا وهو يظنه سبعا ؟ فقال : لا يأكله أرأيت لو أن رجلاا أتى إلى شاة له فضربها بالسكين وهو لا يريد قتلها ولا ذبحها فأصاب حلقها ففرى الحلق والأوداج أيأكلها في قول مالك ؟ قال : لا يأكلها لأنه لم يرد بها الذبح لأن مالكا قال : لا تؤكل الإنسية بشيء مما يؤكل به الوحشي من الضرب والرمي فهذا والذي سألت عنه من إرساله على الصيد وهو يظن أنه سبع فهو سواء لا يؤكل واحد منهما لأنه إذا لم يرسله على صيد فلم يرد الذكاة وكذلك إذا ضرب شاته بسيفه وهو لا يريد ذكاتها ففرى أوداجها فلا يأكلها قلت : أرأيت إن طلب الكلاب الصيد أو البزاة فلم تزل في الطلب حتى مات من غير أن تأخذه الكلاب أو البزاة مات قبل أ ن يأخذه أيؤكل ؟ قال : لا يؤكل قلت : أرأيت إن أخذته الكلاب فقتلته ولم تدمه أيؤكل أم لا في قول مالك ؟ وكيف إن صدمته الكلاب فقتلته ولم تدمه أيؤكل أم لا ؟ وكيف إن أدركت الصيد فجعلت أضربه بسيفي ولا يقطع السيف حتى مات من ذلك أيؤكل أم لا ؟ وهل السيف في هذا إذا لم يقطع والكلاب إذا لم تنيب وتدمي بمنزلة واحدة لا يؤكل شيء من ذلك في قول مالك ؟ قال : لا يؤكل شيء من ذلك كله في قول مالك لأن السيف إذا لم يقطع فهو عندي بمنزلة العصا لا تأكله وأما الكلاب إذا صدمت فقتلت ولم تنيحب فهوعندي بمنزلة العصا ولا أرى أن يجوز من قتل الكلاب إلا ما يجوز من قتلك بيدك وما مات من الصيد من طلب الكلاب أو مات من عضها ولم تنيبه فلا يؤكل وهذا قول مالك فلت : أرأيت إذا ند صعد قد كان دجن عندي فهرب مني فصاده غيري لمن يكون ؟ قال : قال مالك : إذا أخذه هذا الآخر بحدثان ما هرب من الأول ولم يلحق بالوحش ولم يستوحش فهو للأول وإن كان قد استوحش ولحق بالوحش ولم يأخذه الاخر بحدثان ما هرب من الأول فهو لمن أخذه قلت : وكذلك البزاة والصقور والظباء وكل شيء ؟ قال : كذلك قال لي مالك في البزاة والصقور والظباء وكل شيء قلت : أرأيت إن ضربت فخذ الصيد أو يده أو رجله فتعلقت فمات ؟ قال : قال مالك : إن كان قد أبانها أو كانت متعلقة بشيء من الجلد أو اللحم لا يجري فيها دم ولا روح ولا تعود لهيئتها أبدا فلا يؤكل ما تعلق منها على هذه الصفة وليذكه وليأكله وليطرح ما تعلق به إلا أ ن يكون مما لو ترك عاد لهيئته يومآ فلا بأس بأكله قلت : أرأيت إن ضرب عنق الصيد فابانه أيأكله أم لا ؟ قال : قال مالك : يأكل الرأس وجميع الجلد قلت : فإن ضرب خطمه فأبانه أيأكله أم لا ؟ فال : هو مثل اليد والرجل عندى لا يأكله ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يؤكل الخطم قلت : أرأيت لو أن رجلا ضرب عنق شاة بالسيف فأبانها وهو يريد الذكاه أيأكلها أم لا ؟ قال : قال مالك فى رجل ذبح شاه وهو يريد المذبح فأخطا فذبح من العنق أو من القفا : إنها لا تؤكل قال : فكذلك هذا الذي ضرب عنقها وهو يريد الذبح فأخطأ لا يؤكل قلت : فهل يكره مالك أكل شىء من الطير ؟ قال : لا قلت : أرأيت الأرنب والضب ما قول مالك فيهما ؟ قال : قال مالك : لا بأس بأكل الضب والأرنب والوبر والظرانيت والقنفذ قلت : أرأيت الضبع والثعلب والذئب هل يحل مالك أكلها ؟ قال : قال مالك : لا أحب أكل الضبع ولا الذئب ولا الثعلب ولا الهر الوحشي ولا الإنسي ولا شيئا من السباع قال : وقال مالك : ما فرس وأكل اللحم فهو من السباع ولا يصلح أكله لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال سحنون : كان ابن القاسم يكره صيد النصراني وأنا لا أرى بأكل صيد النصراني بأسا
كتاب الذبائح
قلت لابن القاسم : أرأيت اليربوع والخلد هل يحل أكله في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا إذا ذكى وهو عندي مثل الوبر وقد قال مالك في الوبر : إنه لا بأس به قلت : أرأيت هوام الأرض كلها خشاشها وعقاربها ودودها وحياتها وما أشبه هذا من هوامها أيؤكل في قول مالك ؟ قال : سمعت مالكا يقول في الحيات إذاذكيت في موضع ذكاتها : إنه لا بأس بأكلها لمن احتاج إليها قال : ولم أسمع من مالك في هوام الأرض شيئا إلا أني سمت مالكا يقول في خشاش الأرض كله : أنه إذا مات في الماء أنه لا يفسد الماء والطعام وما لم يفسد الماء والطعام فليس بأكله بأس إذا أخذ حيا فصنع به ما يصنع بالجراد وأما الضفادع فلا بأس بأكلها وإن ماتت لأنها من صيد الماء كذلك قال مالك قال : ولقد سئل مالك عن شيء يكون في المغرب يقال له الحلزون يكون في الصحارى يتعلق بالشجر أيؤكل ؟ قال : أراه مثل الجراد ما ئم خذ منه حيا فسلق أو شوي فلا أرى بأكله بأسا وما وجد منه ميتآ فلا يؤكل قلت : أرأيت الحمار الوحشي إذا دجن وصار يعمل عليه كما يعمل على الأهلي ؟ قال : قال مالك : إذا صار بهذه المنزلة فلا يؤكل قال ابن القاسم : وأنا لا أرى بأسا قلت : أ رأيت الجلالة من الإبل والبقر والغنم هل يكره مالك لحومها ؟ قال : قال مالك : لو كرهتها لكرهت الطير التي تأكل الجيف قال مالك : لا بأس بالجلالة قلت : أرأيت الطير كله أليس لا يرى مالك بأكله بأسا الرخم والعقبان والنسور والحدأ والغربان وما أشبهها ؟ قال : نعم قال مالك : لا بأس بأكلها كلها ما أكل الجيف منها وما لم يأكل ولا بأس بأكل الطير كله قلت : أرأيت الرجل يذبح بالمروة أو بالعود أو بالحجر أو بالعظم ومعه السكين أيجوز ذلك ؟ قال : قال مالك : إذا احتاج الرجل إلى الحجر والعود والعظم وما سواه من هذه الأشياء فذبح بها إن ذلك يجزئه قال ابا القاسم : فإذا ذبح بها من غير أن يحتاج إليها إن معه سكينا فليا إكله إذا فرى الاوداج قلت : ويجيز مالك الذبح بالعظم ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن ذبح فقطع الحلقوم ولم يقطع الأوداج وفرى الأوداج ولم يقطع الحلقوم أيأكله ؟ قال : قال مالك : لا ياكله إلا باجتماع منهما جميعا لا يأكل إن قطع الحلقوم ولم يفر الأوداج وإن فرى الأوداج ولم يقطع الحلقوم فلا يأكله أيضا ولا يأكله حتى يقطع جميع ذلك الحلقوم والأوداج قلت : أرأيت المريء هل يعرفه مالك ؟ قال : لم أسمع مالكا يذكر المريء قلت : هل ينحر أويذبح ما ينحر في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا ينحر ما يذبح ولا يذبح ما ينحر قلت : قال ابن القاسم : فقلت لمالك : فالبقر إن نحرت أترى أن تؤكل ؟ قال : نعم وهي خلاف الإبل إذا ذبحت فال مالك : والذبح فيها أحب إلي لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } ( البقرة : 67 ) قال : فالذبح أحب إلي فإن نحرت أكلت قال : والبعير إذا ذبح لا يؤكل إذا كان من غير ضرورة لأن سنته النحر قلت : وكذلك الغنم إن نحرت لم تؤكل في قول مالك ؟ قال : نعم إذا كان ذلك من غير ضرورة قلت : وكذلك الطير ما نحر منه لم يؤكل في قوله ؟ قال : لم أسأله عن الطير وكذلك هوعندي لا يؤكل قلت : أرأيت إن وقع في البئر ثور أو بعير أو شاة ولا يستطيعون أن ينحروا البعير ولا يذبحوا البقرة ولا الشاة ؟ قال : قال مالك : ما اضطروا إليه في مثل هذا فإن ما بين اللبة والمذبح منحر ومذبح فإن ذج بجائز وإن نحر فجائز قلت : ولا يجوز في غير هذا قال ابن القاسم : قلنا لمالك : فالجنب والجوف والكتف ؟ قال : قال مالك : لا يؤكل إذا لم يكن في الموضع الذي ذكرت لك ما بين اللبة والمذبح ويترك يموت قلت : أرأيت مالكا هل كان يأمر أن تؤجه الذبيحة إلى القبلة ؟ قال : قال مالك : نعم توجه الذبيحة إلى القبلة قال مالك : وبلغني أن الجزارين يجتمعون على الحفره يدورون بها فيذبحون الغنم حولها قال : فبعثت فى ذلك لينهى عن ذلك وأمرت أن يأمروهم أن يوجهوا بها إلى القبلة قلت : هل كان مالك يكره أن يبدأ الجزار بسلخ الشاة قبل أن تزهق نفسها ؟ قال : نعم كان يكره ذلك ويقول : لا تنخع ولا تقطع رأسها ولا شيء من لحمها حتى تزهق نفسها قلت : فإن فعلوا بها ذلك ؟ قال : قال مالك : لا أحب لهم أن يفعلوا ذلك بها قال : فإن فعلوا ذلك بها أكلت وأكل ما قطع منها قلت : أرأيت النخع عند مالك أهو قطع المخ الذي في عظام العنق ؟ قال : نعم قلت : وكسر العنق من النخع ؟ قال : نعم إذا انقطع النخاع في قول مالك قلت : أرأيت إن سبقته يده في ذبيحته فقطع رأسها أياكلها أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يأكلها إذا لم يتعمد ذلك قلت : فإن تعمد ذلك لم يأكله في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان أضجعها ليذبحها فذبحها فأجاز على الحلقوم والأوداج وسمى الله ثم تمادى فقطع عنقها فأرى أن تؤكل لأنها بمنزلة ذبيحة ذكيت ثم عجل فاحترز رأسها قبل أن تموت فلا بأس بأكلها وكذلك قال لي مالك في التي تقطع رأسها قبل أن تموت قال سحنون : أختلف قول ابن القاسم فيها فمرة قال لا تؤكل إذا تعمد ثم رجع فقال لي تؤكل وإن تعمد قلت : أرأيت إن وجه ذبيحته لغير القبلة أيأكل ؟ قال : نعم يأكل وبئس ما صنع قلت : كيف التسمية عند مالك على الذبيحة ؟ قال : باسم الله والله أكبر قلت : هل كان مالك يكره أن يذكر على الذبيحة صلى الله على رسول الله بعد التسمية أو يقول محمد رسول الله بعد التسمية ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وذلك موضع لا يذكر هنالك إلا اسم الله وحده قلت : أرأيت الضحايا هل يذكر عليها اسم الله ويقول بعد التسمية اللهم تقبل من فلان قال : قال مالك : يقول على الضحايا باسم الله والله أكبر فإن أحب قال : اللهم تقبل في وإلا فإن التسمية تكفيه قال : فقلت لمالك : فهذا الذي يقول الناس اللهم منك وإليك ؟ فأنكره وقال : هذا بدعة قلت : أرأيت المرأة تذبح من غير ضرورة أتؤكل ذبيحتها في قول مالك ؟ قال : نعم تؤكل قال : ولقد سألت مالكا عن المرأة تضطر إلى الذبيحة وعندها الرجل النصراني أتأمره أن يذبح لها ؟ قال : لا ولكن تذبح هي قلت : أفتحل ذبائح نساء أهل الكتاب وصبيانهم ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن إذا حل ذبائح رجالهم فلا بأس بذبائح نسائهم وصبيانهم إذا أطاقوا الذبح قلت : أرأيت ما ذبحوا لأعيادهم وكنائسهم أيؤكل ؟ قال : قال مالك : أكرهه ولا أحرمه وتأول مالك فيه أو فسقا أهل لغير الله به وكان يكرهه كراهية شديدة من غير أن يحرمه قلت : أرأيت مالكا هل كان يكره للمسلم أن يمكن أضحيته أو هديه من أحد من النصارى أو اليهود أن يذبحه ؟ قال : كان مالك يكره أن يمكن أضحيته أو هديه من أحد من الناس أن يذبحه له ولكن يليها هو بفسه قال مالك : وإن ذبح النصراني أضحية المسلم بأمر المسلم أعاد أضحيته قال ابن القاسم : واليهودي مثله قيل لابن القاسم : فهل يباع لحمها ؟ قال : لا لأنها ذبحت على نسك فلا يباع النسك وإن لم يجز كمثل الهدي الذي يعطب قبل أن يبالغ محله فينحر لا يباع منه شيء وإن كان عليه بدله لأنه نسك قلت : فإن ذبحها من يحل ذبحه من المسلمين أيجزئه في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يجزئه وبئسما صنع والشأن أن يليها هونفسه أعجب إلى مالك قلت : أرأيت ما ذبحت اليهود من الغنم فأصابوه فاسدا عندهم لا يستحلونه لأجل الرئة وما أشبهها التي يحرمونها في دينهم أيحل أكله للمسلمين ؟ قال : كان مالك مرة يجيزه فيما بلغني ثم لم أزل أسمعه يكرهه بعد فقال : لا يؤكل قال ابن القاسم : ورأيت مالكا يستثقل ذبائح اليهود والنصارى ولا يحرمها قال ابن القاسم : ورأيي أن ما ذبحت اليهود مما لا يستحلونه أن لا يؤكل قلمت : هل كان مالك يكره ذبائح اليهود والنصارى من أهل الحرب ؟ قال : أهل الحرب والذين عندنا من النصارى واليهود عند مالك سواء في ذبائحهم وهو يكره ذبائحهم كلهم من غير أن يحرمها ويكره شراء اللحم من مجازرهم
ولا يراه حراما قال مالك : وبلغني أن عمر بن الخطاب كتب إلى البلدان ينهاهم أن يكون النصارى واليهود في أسواقهم صيارفة أو جزارين وأن يقاموا من الأسواق فإن الله تبارك وتعالى قد أغنانا بالمسلمين قال : فقلت لمالك : ما أراد بقوله يقامون من الأسواق ؟ قال : لا يكونون صيارفة ولا جزارين ولا يبيعون في أسواق المسلمين في شيء من أعمالهم قال مالك : وأرى أن يكلم من عندهم من الولاة في ذلك أن يقيموهم قلت : أرأيت الرجل المسلم يرتد إلى اليهودية أو النصرانية أتحل ذبيحته في قول مالك ؟ قال : لا قلت : أرأيت ذبيحة الأخرس أتؤكل ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى بها بأسا قلت : إذا تردت الذبيحة من جبل أو غير ذلك قاندق عنقها أو اندق منها ما يعلم أنها لا تعيش من ذلك أتؤكل أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ما لم يكن قد نخعها ذلك قال فلا بأس به قال : وقال لي مالك في الشاة التي تخرق بطنها فتشق أمعاؤها فتموت : إنها لا تؤكل لأنها ليست تذكيه لأن الذي صنع السبع بها كان قتلا لها وإنما الذي فيها من الحياة خروج نفسها لأنها لا تحيا على حال قلمت : أرأيت الأزلام هل سمعت من مالك فيها شيئا ؟ قال : قال مالك : الأزلام قداح كانت تكون في الجاهلية قال : في واحد أفعل وفي الآخر لا تفعل والآخر لا شيء فيه قال : فكان أحدهم إذا أراد سفرا أو ألم حاجه ضرب بها فإ ن خرج الذى فيه افعل فعل ذلك وخرج وإن خرج الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ولم يخرج لى ان خرج الذي لا شيء فيه أعاد الضرب
كتاب الضحايا
قلت لابن القاسم : أرأيت ما دون الثني من الإبل والبقر والمعز هل يجزىء في شيء من الضحايا والهدايا في قول مالك ؟ قال : لا إلا الضان وحدها فإن جذعهما يجزىء قلت : أرأيت الضحية هل تجزىء من ذبحها قبل أن يصلي الإمام في قول مالك ؟ قال : لا
قلت : أرأيت أهل البوادي وأهل القرى في هذا سواء ؟ قال : سمعت مالكا يقول في أهل القرى الذين ليس لهم إمام : إنهم يتحرون صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه قال ابن القاسم : فإن تحرى أهل البوادي النحر ؤأخطؤوا فذبحوا قبل الإمام لم أر عليهم إعادة إن تحروا ذلك ورأيت ذلك مجزئا عنهم قلت : أرأيت إن ذبحوا بعد الصلاة قبل أن يذبح الإمام أيجزئهم ذلك في قول مالك ؟ قال : لا يجزئهم ذلك ولا يذبحون إلا بعد ذبح الإمام عند مالك وهذأ في المد ائن قلت : أرأيت إن كانت مكسورة القرن هل تجزىء في الهدايا والضحايا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : نعم إن كانت لا تدمى قلت : ما معنى قوله إن كانت لا تدمى أرأيت إن كانت مكسورة القرن قد بدا ذلك وانقطع الدم وجف أيصلح هذا أم لا في قول مالك ؟ قال : نعم إذا برأت إنما ذلك فيما إذا كانت تدمى بحدثان ذلك قلت : لم كرهه مالك إذا كانت تدمى ؟ قال : لأنه رآه مرضا من الأمراض
قلت : أرأيت الإمام أينبغي له أن يخرج أضحيته إلى المصلى فإن صلى ذبحها مكانه كيما تذبح الناس ؟ قال : قال مالك : هذا أوجه الشأن أن يخرج أضحيته إلى المصلى فيذبحها في المصلى قلت : أرأيت الجرباء هل تجزىء ؟ قال : إنما قال : مالك في المريضة البين مرضها أنها لا تجزىء قال : وقال مالك : في الحمرة أنها لا تجزىء قلت : لابن القاسم وما الحمرة ؟ قال : البشمة قال : لأن ذلك قد صار مرضا فالجرب إن كان مرضا من الأمراض لم تجز قلت : أرأيت الهدي التطوع أيجزىء أن أسوقه عن أهل بيتي في قول مالك قال : قال مالك : لا يشترك في الهدي وإن كان تطوعا قلت : أرأيت الرجل يشتري الأضحية فيريد أن يبدلها ؟ أيكون له ذلك في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يبدلها إلا بخير منها قلت : فإن باعها فاشترى دونها ما يصنع بها وما يصنع بفضلة الثمن ؟ قال : قال مالك : لا يجوز أن يستفضل من ثمنها شيئا وذكرت له الحديث الذي جاء في مثل هذا فأنكره وقال : يشتري بجميع الثمن شاة واحدة قلت : فإن لم يجد بالثمن شاة مثلها كيف يصنع ؟ قال : أرى أن يزيد من عنده حتى يشتري مثلها قال : ولم أسمعه من مالك قلت : هل سألت مالكا عن الرجل يتصدق بثمن أضحيته أحب إليه أم يشتري أضحية ؟ قال : قال مالك : لا أحب لمن كان يقدر علىأن يضحي أن يترك ذلك قال : فقلت لمالك أفتجزىء الشاة الواحدة عن أهل البيت ؟ قال : نعم قال مالك : ولكن إذا كان يقدر فأحب إلي إلى أن يذبح عن كل نفس شاة وإن ذبح شاة واحدة عن جميعهم أجزأه قال : وسألته عن حديث أبي أيوب الأنصاري وحديث ابن عمر فقال : حديث ابن عمر أحب إلي لمن كان بقدر قلت : هل على الرجل أن يضحي عن امرأته في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ليس ذلك عليه قال ابن القاسم : وسمعت مالكا يقول : ليس الأضحية بمنزلة النفقة قلت : أرأيت الأضحية إذا ولدت ما يصنع بولدها في قول مالك ؟ قال : كان مرة يقول : إن ذبحه فحسن وإن تركه لم أر ذلك عليه واجبا لأن عليه بدل أمه إن هلكت فلما عرضته على مالك قال : امح واترك منها إن ذبحه معها فحسن قال ابن القاسم : ولا أرى ذلك عليه بواجب قلت : أرأيت البدنة إذا أشعرت ثم نتجت أيذبح سخلها معها ؟ قال : نعم وإنما فرق بين البدنة والضحية أن البدنة لو أصابها عوار أو نقص لم يكن عليه بدلها وأن الشاة لو أصابها عوار أو نقص لم يجزه أن يضحي بها ومع ذلك أيضا أن الشاة هو يبيعها ويبدلها ويذبح غيرها وأن البدنة لم يجز له أن يبيعها ولا أن يحبسها ولا أن يبدلها فهذا فرق ما بينهما
قلت : أرأيت الأضحية أيصلح له أن يجز صوفها قبل أن يذبحها ؟ قال : قال مالك : لا قلت : أرأيت جلد الضحية أو صوفها أو شعرها هل لم يشتري به متاعا للبيت أو يبيعه فى قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يشتري به شيئا ولا يبيعه ولكن يتصدق به أو ينتفع به ولقد سألناه عن الرجل يبدل جلد أضحيته بجلد آخر أجود منه قال مالك : لا خير فيه قال : ولو أجزت له هذا لأجزت له أن يبدله بقنسية أو ما أشبهها قلت : أرأيت لبن الأضحية ما يصنع به ؟ قال : سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قد كره لبن البدنة وقد جاء في الحديث ما علمت أنه لا بأس أن يشرب منها بعد ري فصيلها قال ابن القاسم : وأرى إن كانت الضحية ليس لها ولد أن لا يأكله إلا أن يكون ذلك مضرا بها فليحلبه وليتصدق به : ولو أكله لم أر عليه بأسأ وإنما رأيت أن يتصذق به لأن مالكا قال لا يجز صوفها وصوفها قد يجوز أن ينتفع به بعد ذبحها فهو لا يجوز له جزه قبل ذبحها وينتفع به فكذلك لبنها عندي ما لم يذبحها لا ينبغي له أن ينتة به قلت : أرأيت العين إذا كان فيها نقص هل يجوز في الضحايا والهدايا ؟ قال : قال مالك : إذا كان البياض أو الشيء اليسير ليس على الناظر وإنما هو على غيره فلا بأس بذلك قلت : أرأيت الأذن إذا قفع منها ؟ قال : قال مالك : إذا كان إنما قطع منها الشيء اليسير أو أثر ميسم أو شق في الاذن يكون يسيرا فلا بأس به وإن كان قد جذعها أو قطع جل أذنيها فلا أرى ذلك قلت : ولم يوقت لكم في الأذن نصفا من ثلث ؟ قال : ما سمعته قلت : أرأيت العرجاء التي لا تجوز ؟ صفها لي في قول مالك قال : العرجاء البين عرجها هذا الذي سمعت من مالك وكذلك جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ففي هذا ما يدلك على ما يجوز منها قال : قال مالك : إلا أن يكون الشيء الخفيف الذي لا ينقص مشيها ولا تعب عليها فيه وهي تسير بسير الغنم من غيرتعب فأرى ذلك خفيفا كذلك بلغني عن مالك قلت : أرأيت إن اشتريت أضحية وهي سمينة فعجفت عندي أو أصابها عمى أو عور أيجزئني أن أضحي بها في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يجزئك وقال مالك : إذا اشترى أضحية فأصابها عنده عيب أو اشتراها بذلك العيب لم يجزه فهي لا تجزئه إذا كان أصابها ذلك بعد الشراء
قلت : لم قال مالك هذا في الضحايا ؟ وقال في الهدي إنه يجزئه إذا اشتراها صحيحة ثم عميت أن ينحرها ولا شيء عليه في الهدي الواجب والتطوع قلت : فما فرق ما بين الضحايا والهدي قال : لأن الأضحية لم تجب عليه كما وجب عليه الهدي ألا ترى أن الهدي إذا ضل منه ثم أبدله بغيره ثم وجده بعد ذلك نحره ولم في ما أبدل مكانه يضع عنه نحره قال : وإن الضحية لو ضلت منه ثم أبدلها بغيرها ثم أصابها لم يكن عليه ذبحها وكانت مالا من ماله فهذا فرق ما بينهما قلت : أرأيت إن لم يبلإل أضحيته هذه التي ضاعت حتى مضت أيام النحر ثم أصابها بعد أيام النحر كيف يصنع بها في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكن أرى أن لا شيء عليه فيها لأن مالكا قال إذا وجدها وقد ضحى ببدلها : إنه لا شيء عليه فيها فلو كانت واجبة عليه لكان عليه أن يذبحها إذا أصابها وإن كان قد أبدلها وقد مضت أيام النحر فليس على أحد أن يضحي بعد أيام النحر وهو بمنزلة رجل ترك الأضحية
قلت : وكذلك لو اشتراها فلم يضح بها حتى مضت أيام النحر ولم تضل منه ؟ قال : هذا والأول سواء وهذا رجل قد أثم حين لم يضح بها قلت أرأيت إن سرقت أضحيته أو ماتت أعليه البدل ؟ قال : قال مالك : إذا ضلت أو ماتت أو سرقت فعليه أن يشتري أضحيةء أخرى قلت : أرأيت إن أراد ذبح أضحيته فاضطربت فانكسرت رجلها أو اضطربت فأصاب السكين عينها فذهب عينها أيجزئه أن يذبحها وإنما أصأبها ذلك بحضرة الذبح ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا إلا ما أخبرتك وأرى أن لا يجزىء عنه
قلت : أرأيت الشاة تخلق خلقا ناقصا ؟ قال : قال مالك : لا يجزىء إلا أن تكون جلحاء أو سكاء والسكاء التي لها أذنان صغيران قال ابن القاسم : ونحن نسميها الصمعاء قال : وأما إن خلقت بغير أذنين خلقا ناقصا فلا خير في ذلك قلت : أرأيت إن ذبح رجل أضحيتي عني بغير إذني أيجزئني ذلك أم لا ؟ قال : ما سمعت من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى إن كان مثل الولد وعياله الذين إنما ذبحوها له ليكفوه مؤونتها فأرى ذلك مجزئآ عنه وإن كان على غير ذلك لم يجز قلت : أرأيت إن غلطنا فذبح صاحبي أضحيتي وذبحت أنا أضحيته أيجزىء عنا في قول مالك أم لا ؟ قال : بلغني أن مالكا قال لا يجزىء ويكون كل واحد منهما ضامنآ لأضحية صاحبه قلت : أرأيت المسافر هل عليه أن يضحي في قول مالك ؟ قال : قال مالك : المسافر والحاضر في الضحايا واحد
قلت : أفعلى أهل منى أن يضحوا في قول مالك ؟ قال : قال لي مالك : ليس على الحاخ أضحية وإن كان من ساكن مني بعد أن يكون حاجآ قلت : فا لناس كلهم عليهم الأضاحي في قول مالك إلا الحاج ؟ قال : نعم قلت : فهل على العبيد أضاحي في قول مالك ؟ قال : سئل مالك عن الأضحية عن أمهات الأولاد فقال : ليس ذلك عليهن فالعبيد أحرى أن لا يكون ذلك عليهم والعبيد مما لا اختلاف فيه أنه ليس عليهم أضحية قلت : أرأيت ما في البطن هل يضحى عنه في قول مالك ؟ قال : لا قلت : أرأ يت أيام النحر كم هي ؟ قال : ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده وليس اليوم الرابع من أيام الذبح وإن كان الناس بمنى فإنه ليس من أيام الذبح قلت : أفيضحى ليلا ؟ قال : قال مالك : لا يضحى ليلا ومن ضحى ليلا في ليالي أيام النحر أعاد أضحيته قلت : فإن نحر الهدايا ليلا أيعيدها أم لا ؟ قال : قال مالك : من نحر هديه ليلة النحر أعادها ولم تجزه قلت : فإن نحرها في ليالي أيام النحر أيجزئه ذلك ؟ قال : أرى عليه الإعادة وذلك أن مالكا قال لي واحتج بهذه الآيه { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } ( الحج : 28 ) فإنما ذكر الله الأيام ولم يذكر الليالي قال : ابن القاسم : إنما ذكر الله هذا في كتابه في الهدايا في أيام منى قلت : أرأيت كل من تجب عليهم الجمعة أعليهم أن يجمعوا في صلاة العيدين في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فأهل منى لا جمعة عليهم ولا صلاة عيد قال : نعم لا جمعة عليهم وليس عليهم صلاة العيد عند مالك قلت : أرأيت الأبرجة هل يصاد حمامها أو ينصب لها أو يرمى ؟ قال : سئل مالك عن حمام الأبرجة إذا دخلت حمام هذا البرج في حمام هذا البرج أو حمام هذا في حمام هذا قال مالك : إن كان يستطاع أن يرد حمام كل واحد منهما إلى برجه رد وإن كان لا يستطاع لم أر عليهم شيئا فأرى أن لا يصاد منها شيء ومن صاده فعليه أن يرده أو يعرفه ولا ياكله قلت : أرأيت الأجباح إذا نصبت في الجبال فيدخلها النحل لمن يكون النحل ؟ قال : فال مالك : هي لمن وضع الأجباح قلت : أرأيت إن صاد طيرا في رجليه سباقان بازا أو عصفورا أو غير ذلك أو صاد ظبيا في أذنه قرط أو في عنقه قلادة ؟ قال : يعرفه وينظر فإن كان إنما كان هروبه من صاحبه ليس بهروب انقطاع ولا توحش فعليه أن يرده إلى صاحبه وإن كان هروبا قد ند وتوحش فليس لصاحبه الأول عليه سبيل وهو لمن أخذه وكذلك قال مالك غير مرة ولا مرتين قلت لابن القاسم : فإن اختلفا فقال الذي صاده : لا أدري متى ذهب منك ؟ وقال الذي هو له : إنما ذهب منذ يوم أو يومين فإن القول قول الذي صاده وعلىالذي هوله البينة قلت : أرأيت إن قتلت بازا معلما ما علي في الغرم لصاحبه أو في الكفارة فيما بيني وبين خالقي إذا كنت محرما ؟ قال : يكون عليك لصاحبه قيمته معلما ويكون عليك في الندية قيمته غير معلم ولكن عدله في كثرة لحمه كما يقوم غيره من الوحشية ولا يكون عليك قيمته مقطعا
قلمت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الكلاب هل يجيز مالك بيعها ؟ قال مالك : لا يجوز بيعها
قلت : ولا السلالقة ؟ قال : نعم لا يجيز بيعها سلوقية ولا غيرها
قلت : أفيجيزمالك بيع الهر ؟ قال : نعم قلت : أفيجيز بيع السباع أجاء النمور والفهود والأسد والذئاب وما أشبهها ؟ قال : ما سمعت من مالك فيها شيئا ؟ ولكن إن كانت تشترى وتزكى لجلودها فلا أرى بأسا لأن مالكآ قال : إذا زكيت السباع فلا أرى بالصلاة على جلودها ولا بلبسها بأسا قال ابن القاسم : وإذا زكيت لجلودها لم يكن ببيع جلودها بأس قلت : أرأيت كلب الدار إذا قتله رجل أيكون عليه قيمته ؟ قال : قال مالك : كلاب الدور تقتل ولا تترك فكيف يكون على هذا قيمة ؟ قلت : فكلب الزرع وكلب الماشية وكلب الصيد إن قتلها أحد أيكون عليه القيمة ؟ قال : نعم قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول في نصراني باع خمرا بدينار إنه كره للمسلم أن يتسلف ذلك الدينار منه وكره أن يبيعه بذلك الدينار شيئا أو يعطيه فيه دراهم ويأخذ ذلك الدينار منه قال مالك : ولا يأكل من طعام اشتراه النصراني بذلك الدينار قال مالك : ولا بأس أن تقتضي ذلك الدينار من دين لك عليه قلت : فما فرق بين الدين إذا قضاني الدينار وإذا وهبه لي أو اشتريته منه لم يجز ؟ قال : قال مالك : لأن الله تبارك وتعالى قد أمر أن تؤخذ الجزية منهم قلت : أرأيت صيد الحرم حمامه وغير حمامه إذا خرج من الحرم أيصاد أم لا ؟ قال : ما سمعت أن مالكا كان يكره في حمام مكة أنه إذا خرج من الحرم أنه يكرهه ولا أرى أنا به بأسا أن يصيده الحلال في الحل قلت : أرأيت إن رمى صيدآ في الحل وهو في الحرم فأصابه ققتله أيأكله أم لا ؟ قال : قال مالك لا يأكله
قلت : وكذا إن كان الرجل في الحل والصيد في الحرم ؟ قال : هذا لا شك فيه أنه لا يؤكل عند مالك وعليه جزاؤه قلت : والأول الذي رمى من الحرم والصيد في الحل أيكون عليه الجزاء في قول مالك أم لا ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى عليه الجزاء
قلت : أرأيت ما صيد في الحل فأدخل الحرم أيؤكل في قول مالك أم لا ؟ قال : نعم
قلت : أرأيت الشجرة يكون أصلها في الحرم وغصونها في الحل فيقع طير على غصنها الذي في الحل فرماه رجل أيأكله أم لا ؟ قال : سئل مالك عنها فأبى أن يجيب فيها قال ابن القاسم : ولا أرى أنا به بأسا ويؤكل ذلك الصيد إذا كان الغصن الذي عليه الطير واقعا قد خرج من الحرم فصار في الحل قال سحنون : أنا أحرم أكله ولا أرى أن يؤكل لأن أصله في الحرم ولأنه مستانس به
كتاب العقيقة
ما جاء في العقيقة بالعصفور
قال : وقال ابن القاسم سئل مالك عن العقيقة بالعصفور فقال : ما يعجبني ذلك وما تكون الذبائح إلامن الأنعام قال : والعقيقة مستحبة لم تزل من عمل المسلمين وليست بواجبة ولا سنة لازمة ولكن يستحب العمل بها وقد عق عن حسن وحسين ابني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يجزىء فيها من الذبائح إلا ما يجزىء في الضحية لا يجزىء فيها عوراء ولا عرجاء ولا جرباء ولا مكسورة ولا ناقصة ولا يجزصوفها ولا يبيع جلدها ولا شيئا من لحمها يتصدق منها وسبيل العقيقة في جميع وجوهها وقت ذبحها وقت ذبح الضحية ضحى في اليوم السابع من مولد الصبي الذكر والأنثى فيه سواء يعق عن كل واحد بشاة شاة
وقد سئل مالك عن الرجل يولد له الولدان في بطن واحد أيعق عنهما بشاة واحدة ؟ فقال : بل شاة شاة عن كل واحد منهما
كتاب النذور الأول
في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله ثم يحنث
قلت لابن القاسم : أرأيت الرجل يقول على المشي إلى بيت الله إن كلمت فلانا فكلمه ما عليه في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا كلمه فقد وجب عليه أن يمشي إلى مكة قلت : ويجعلها في قول مالك إن شاء حجة وإن شاء عمرة ؟ قال : نعم قلت : فإن جعلها عمرة فحتى متى يمشى ؟ قال : حتى يسعى بين الصفا والمروة
قلت : فإن ركب قبل أن يحلق بعدما سعى في عمرته التي حلف فيها أيكون عليه شيء في قول مالك ؟ قال : لا وإنما عليه المشي حتى يفرغ من السعي بين الصفا والمروة عند مالك قلت : فإن جعلها حجة فإلى أىالمواضع يمشى فى قول مالك ؟ قال : حتى يطوف طواف الافاضة كذلك قال مالك : قلت : فإذا قضى طواف الإفاضة أيركب راجعا إلى منى في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن فعل المشي الذي وجب عليه في حجه فمشى حتى لم يبق عليه إلا طواف الإفاضة فأخر طواف الإفاضة حتى يرجع من منى أيركب في رمي الجمار وفي حوائجه بمنى في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يركب في رمي الجمار قال مالك : ولا بأس أن يركب في حوائجه
قال ابن القاسم : وأنا لا أرى به بأسا وإنما ذلك عندي بمنزلة ما لو مشى فيما قد وجب عليه من حج أو عمرة فأتى المدينة فركب في حوائجه أو رجع من الطريق في حاجة له ذكرها فيما قد مشى قال فلا بأس أن يركب فيها وهذا قول مالك الذي نحب ونأخذ به
قال : وحدثني عبد الله بن لهيعة عن عمارة بن غزية أنه سمع رجلا يسال سالم بن عبد الله عن رجل جعل على نفسه المشي مائة مرة إلى الكعبة فقال سالم : ليمش مائة مرة قال ابن وهب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله عشرمرات من إفريقية قال : أرى أن يوفي بنذره وذلك الذي كان يقوله الصالحون ويأمرون به ويجدون في أنفسهم إذا قالوا غير ذلك لمن نذر نذرا أوجبه على نفسه غير وفاء الذي جعل على نفسه قال ابن وهب : وسئل مالك عن الذي يحلف بنذور مسماة إلى بيت الله أن لا يكلم أخاه أو أباه بكذا وكذا نذرا لشيء لا يقوى عليه ولو تكلف ذلك كل عام لعرف أنه لا يبلغ عمره ما جعل على نفسه من ذلك فقيل له هل يجزئه من ذلك نذر واحد أو نذور مسماة ؟ فقال : ما أعلمه يجزئه من ذلك إلا الوفاء بما جعل على نفسه فليمش ما قدر عليه من الزمان وليتقرب إلى الله بما استطاع من الخير وقاله الليث بن سعد قال ابن وهب وقال مالك : سمعت أهل العلم يقولون في الرجل والمرأة يحلفان بالمشي إلى بيت الله الحرام إنه من مشى لم يزل يمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة فإذا سعى فقد فرغ إن كان معتمرا وإن كان حاجا لم يزل يمشي حتى يفرغ من المناسك كلها وذلك الذي عليه فإذا فرغ من الإفاضة فقد فرغ وتم نذره قال الليث : ما رأيت الناس إلا على ذلك قلت : ما قول مالك فيه إذا هو خرج ماشيا في مشي وجب عليه أله أن يركب في المناهل في حوائجه ؟ قال : قال مالك : نعم قال : وقال مالك : لا باس أن يركب في حوائجه قال ابن القاسم : لا أرى بذلك باسآ وليس حوائجه في المناهل من مشيه قلت له : ما قول مالك إذا ذكر حاجة نسيها أو سقط بعض متاعه أيرجع فيها راكبا ؟ قال : لا باس بذلك قلت له : ما قول مالك إذا ذكر حاجة نسيها أو سقط بعض متاعه أيرجع فيها راكبا ؟ قال : لا بأس بذلك
قلت : وهل يركب إذا قضى طواف الإفاضة في رمي الجمار بمنى ؟ قال : نعم وفي رجوعه من مكة إذا قضى طواف الإفاضة إلى منى قلت : أرأيت إن هو ركب في الإفاضة وحدها وقد مشى في حجه كله أيجب عليه لذلك في قول مالك دم أو تجب عليه العودة ثانية حتى يمشي ما ركب ؟ قال : أرى أن يجزئه ويكون عليه الهدي قال : لأن مالكا قال لنا : لو أن رجلا مرض في مشيه فركب الأميال أو البريد أو اليوم ما رأيت عليه الرجوع ثانية لركوبه ذلك ورأيت أن يهدي هديا ويجزىء عنه قال : وقال مالك : لو أن رجلا دخل مكة حاجا في مشي عليه فلما فرغ من سعيه بين الصفا والمروة خرج إلى عرفات راكبا وشهد المناسك وأفاض راكبا قال مالك : أرى أن يحج الثانية راكبا حتى إذا دخل مكة وطاف وسعى خرج ماشيا حتى يفيض فيكون قد ركب ما مشى و مشى ما ركب قيل لمالك : أفترى عليه أن يهدى ؟ قال : أني أحب ذلك من غير أن أوجبه عليه ولم أره مثل الذي ركب في الطريق الأميال من مرض قال ابن وهب : وأخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهيري وحفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال : إذا قال الإنسان علي المشي إلى الكعبة فهذا ندر فليمش إلى الكعبة قال : وقال الليث مثله قال : وأخبرني مالك عن عبد الله بن أبي حبيبه قال : قلت لرجل وأنا يومئذ حديث السن : ليس على الرجل يقول علي المشي إلى بيت الله ولا يسمي نذرا شيء فقال لي رجل : هل لك أن أعطيك هذا الجرو لجرو قثاء هو في يده وتقول : على مشي إلى بيت الله ؟ فقلت : فمكثت حينا حتى عقلت فقيل لي إن عليك مشيا فجئت سعيد بن المسيب فسألته عن ذلك فقال : عليك مشي فمشيت قال ابن وهب قال : وأخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود إن أهل المدينة يقولون ذلك قال ابن وهب عن يونر عن ربيعة مثله قال ابن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد عن إبراهيم قال : وسألته عن رجل قال : إن دخلت على أبي كذاوكذا شهرا فعلىالمشي إلى الكعبة فاحتمله أصحابه فادخلوه على أبيه فقال : احتملنى أصحابى قال : ليمشى إلى الكعبه قال سحنون : وإنما ذكرت لك هذا حجة على من زعم أن من حلف على شيء بالمشى أن لايفعله من طاعة أو معصية ففعله أنه لا شىءعليه وإنى لأقول إن فعل المكره ليس بشىء وإنه ليس بحانث قال سحنون وقد ذكر سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبى خالد قال : سئل إبراهيم عن رجل حلف بالمشي أن لا يدخل على رجل فاحتمل فأدخل عليه قال عليه يعني المشي قال سحنون : وإنما كتب هذا أيضا حجة ولا ناخذ به
في الرجل يحلف بالمشي فيحنث من أين يحرم ومن أين يمشي أو يقول إن كلمته فأنا محرم بحجة أو بعمرة
قال : وقال مالك في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله فيحنث قال مالك : يمشي من حيث حلف إلا أن ئكون له نية فيمشي من حيث نوى قال ابن مهدي عن عبد الرحس بن إسحاق قال : سألت سالم بن عبد الله عن امرأة نذرت أن تمشي إلى بيت الله ومنزلها بمران فتحولت إلى المدينة ؟ قال : لترجع فلتمش من حيث حلفت قال ابن وهب عن الليت عن يحيى بن سعيد كتب إليه يقول ما نرى الإحرام على من نذر أن يمشي من بلد إذا مشى من ذلك البلد حتى يبالغ المنهل الذي وقت له قلت : أرأيت رجلا قال : إن كلمت فلانا فأنا محرم بحجة أو بعمرة ؟ قال : قال مالك : أما الحجة فإن حنث قبل أشهر الحج لم تلزمه حتى تأتي أشهر الحج فيحرم بها إذا أدخلت أشهر الحج إلا أن يكون نوى في نفسه أنا محرم من حين أحنث فأرى ذلك عليه حين يحنث وإن كان ذلك في غير أشهر الحج قال مالك : وأما العمرة فإني أرى الإحرام يجب عليه فيها حبن يحنت إلا أن لا يجد من يخرج معه ويخاف على نفسه ولا يجد من يصحبه فلا أرى عليه شيئا حتى يجد إنسأ وصحابة في طريقه فإذا وجدهم فعليه أن يحرم بعمرة قلت : فمن أين يحرم أمن الميقات أم من موضعه الذي حلف فيه في قول مالك ؟ قال : من موضعه ولا يؤخر إلى الميقات عند مالك ولو كان له أن يؤخر إلى الميقات في الحج لكان له أن يؤخر ذلك في العمرة ولقد قال لي مالك يحرم بالعمرة إذا حنث إلآ أن لا يجد من يخرج معه ولا من يستأنس به فإن لم يجد أخرحتى يجد فهذا يدلك الحج أنه من حيث حلف إذ جعله مالك في العمرة غير مرة من حيث حلف إلاأن يكون نوى من الميقات أوغيرذلك فهوعلى نيته قلت : أرأيت إن قال رجل حين أكلم فلانا فأنا محرم يوم أكلمه فكلمه ؟ قال : أرى أن يكون محرما يوم يكلمه قلت : أرأيت إن قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا أحرم بحجة أهو مثل الذي قال يوم أ فعل كذا وكذا فانا محرم بحجة ؟ قال : نعم هو سواء عند مالك
قلت : أرأيت إن قال : إن فعلت كذا وكذا فانا أحج إلى بيت الله ؟ قال : أرى قوله فأناأحج إلى بيت الله أنه إذا حنث فقد وجب عليه الحج وهو بمنزلة قوله فعلي حجة إن فعلت كذا وكذا وهو مثل قوله إن فعلت كذا وكذا فانا أمشي إلى مكة أو فعلي المشي إلى مكة فهما سواء وكذلك قوله فأنا أحج أو فعلي الحج هو مثل فأنا أمشي أو فعلى المشي إلى مكة قال : وقال مالك : من قال علي المشى إلى بيت الله إن فعلت أو أنا أمشي إلى بيت الله إن فعلت فحنث إن عليه المشي وهما سواء قال : وكذلك قوله فأنا أحج أوفعلي الحج قلت : أرأيت قوله على حجة أو لله علي حجة أهما سواء وتلزمه الحجة ؟ قال : نعم قال ابن مهدي عن يزيد بن عطاء عن مطرف عن فضيل عن إبراهيم قال : إذا قال إن فعلت كذا وكذا فهو محرم فحنث فإذا دخل شوال فهو محرم وإذا قال يوم أفعل كذا وكذا فهو محرم فيوم يفعله فهو محرم قال ابن مهدي عن المغيوة عن إبراهيم قال : إذا قال : فعل كذا وكذا فهو محرم بحجة فليحرم إن شاء من عامه وإن شاء متى تيسرعليه وإن قال يوم أفعل ففعل ذلك فهو يومئذ محرم قال ابن مهدي عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي مثله
في الذي يحلف بالمشي فيعجز عن المشي
قلت : أرأيت إن مشى هذا الذي حلف بالمشي فحنث فعجز عن المشي كيف يصنع في قول مالك ؟ قال : يركب إذا عجز فإذا استراح نزل فمشى فإذا عجز عن المشي ركب أيضا حتى إذا استراح نزل ويحفظ المواضع التي مشى فيها والمواضع التي ركب فيها فإذا كان قابلا خرج أيضا فمشى ما ركب وركب ما مشى وإهراق لما ركب دما قلت : فإن كان قد قضى ما ركب من الطريق ماشيا أيكون عليه الدم في قول مالك ؟ قال : قال مالك : نعم عليه الدم لأنه فرق مشيه قلت : فإن لم يتم المشي في المرة الثانية أعليه أن يعود في الثالثة في قول مالك ؟ قال : ليس عليه أن يعود في المرة الثالثة وليهرق دما ولا شييء عليه قلت : فإن كان حين مضى في مرته الأولى إلى مكة مشى وركب فعلم أنه إن عاد قي الثانية لم يقدر على أن يتم ما ركب ماشيا ؟ قال : إذا علم أنه لا يقدر أن يمشي في المواضع التي ركب فيها في المرة الأولى فليس عليه أن يعود ويجزئه الذهاب في الأولى إن كانت حجة فحجة وإن كانت عمرة فعمرة ويهرق لما ركب دما وليس عليه أن يعود قلت : فإن كان حين حلف بالمشي فحنث يعلم أنه لا يقدرعلى أن يمشي الطريق كله إلى مكة في ترداده إلى مكة مرتين أيركب في أول مرة ويهدي ولا يكون عليه شيء غير ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم قال : وقال مالك : يمشي ما أطاق ولوشيئا ثم يركب ويهدي ويكون بمنزلة الشيخ الكبير والمرأة الضعيفة قلت : أرأيت إن حلف بالمشي فحنث وهو شيخ كبير قد يئس من المشي ما قول مالك فيه ؟ قال : قال مالك : يمشي ما أطاق ولو نصف ميل ثم يركب ويهدي ولا شيء عليه بعد ذلك قلت : فإن كان هذا الحالف مريضأ فحنث كيف يصنع في قول مالك ؟ قال : أرى إن كان مريضا قد يئس من البرء فسبيله سبيل الشيخ الكبير وإن كان مرضه مرضا يطمع بالبرء منه وهوممن لو صح كان يجب عليه المشي ليس بشيخ كبير ولا امرأة ضعيفة فلينتظر حتى إذا صح وبرأ مشى إلا أن يكون يعلم أ نه إن برم وصح لا يقدر على أن يمشي أصلا الطريق كله فليمش ما أطاق ثم يركب ويهدي ولا شيء عليه وهذا رأيي قلت : أرأيت إن عجز عن المشي فركب كيف يحصي ما ركب في قول مالك ؟ أعدد الأيام أم يحصي ذلك في ساعات النهار والليل أم يحفظ المواضع التي يركب فيها من الأرض فإذا رجع ثانية مشى ما ركب وركب ما مشى ؟ قال : إنما يأمره مالك بأن يحفظ المواضع التي ركب فيها من الأرض ولا يلتفت إلى الأيام والليالي فإن عاد الثانية مشى تلك المواضع التي يركب فيها من الأرض قلت : ولا يجزئه عند مالك أن يركب يوما ويمشي يوما أ و يمشي أياما ويركب أياما فإذا أعاد الثانية قضى عدد الأيام التي ركب فيها ؟ قال : لا يجزئه عند مالك لأن هذا إذا كان هكذا يوشك أن يمشي في المكان الواحد المرتين جميعا ويركب في المكان الواحد مرتين جميعا فلا يتم المشي إلى مكة فليس معنى قول مالك على عدد الأيام وإنما هو على عدد المواضع من الأرض
قلت : والرجال والنساء في المشي سواء في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن هو مشى حين حنث فعجز عن المشي فركب ثم رجع من قابل ليقضي ما ركب فيه ماشيا فقوي على مشي الطريق كله أ يجب عليه أن يمشي الطريق كله أم يمشي ما ركب ويركب ما مشى ؟ قال : ليس عليه أن يمشي الطريق كله ولكن عليه أن يمشي ما ركب ويركب ما مشى قال : وهذا قول مالك قلت : أرأيت إن حنث فلزمه المشي فخرج فمشى فعجز ثم ركب وجعلها عمرة ثم خرج قابلا ليمشي ما ركب ويركب ما مشى فاراد أن يجعلها قابلا حجة أله ذلك أم ليس له أن يجعلها إلا عمرة أيضا في قول مالك لأنه جعل المشي الأول في عمرة ؟ قال : قال لي مالك نعم يجعل المشي الثاني إن شاء حجة وإن شاء عمرة ولا يبالي وإن خالف المشي الأول إلا أن يكون نذر المشي الأول في حج فليس له أن يجعل المشي الثاني في عمرة وإن كان نذر الأول في عمرة فليس له أن يجعل المشي الثاني في حج وهذا الذي قال لي مالك قلت : وليس له أن يجعل في قول مالك المشي الثاني ولا المشي الأول في فريضة ؟ قال : نعم ليس ذلك له قال ابن وهب عن مالك بن أنس عن عبروة بن أذينة قال : خرجت مع جدة لي كان عليها مشي حتى إذا كنا ببعض الطريق عجزت فارسلت مولى لها إلى ابن عمر يسأله وخرجت معه فسأل ابن عمر فقال : مرها فلتركب كذا ثم لتمش من حيت عجزت قال مالك وقاله سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن قال ابن وهب عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن ابن عباس مثل قول ابن عمر قال ابن عباس : وتنحر بدنة قال ابن وهب عن سفيان الثوري عن المغيرة عن إبراهيم مثل قول ابن عباس قال : ولتهد قال سفيان والليت : ولتهد مكان ما ركبت قال ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال : يمشي فإذا عجز ركب فإذا كان عام قابل حج فمشى ما ركب وركب ما مشى قال ابن مهدي عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن ابن عباس مثل ذلك وذكر غيره عن إسماعيل عن ابن عباس قال : الهدي بدنة قال ابن وهب عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم في رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله فمشى ثم أعيا قال : ليركب وليهد لذلك هديا حتى إذا كان قابلا فليركب ما مشى وليمش ما ركب فإن أعيا في عامه الثاني ركب وقال سعيد بن جبيريركب ما مشى ويمشي ما ركب فبلغ الشعبي قول سعيد فاعجبه ذلك وقال علي بن أبي طالب يمشي ما ركب فإذا عجز ركب واهدى بدنة وقال الحسن وعطاء مثل قول علي لانما ذكرت قول علي والحسن وعطاء حجة لقول مالك لأنه لم ير إن عجز في الثانية أن يعود في الثالثة مع قول إبراهيم أنه إن عجز في الثانية ركب ولم يذكر أنه يعود في الثالثة وقد قال يعود في الثانية بقول مالك الذي ذكرت لك ولم يقولوا إن عجز في الثانية أن يمشي في الثالثة
في الرجل يحلف بالمشي حافيا فيحنث
قلت : أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله حافيا راجلا أعليه أن يمشي وكيف إن انتعل ؟ قال : قال مالك : ينتعل وإن أهدى فحسن وإن لم يهد فلا شيء عليه وهو خفيف قال ابن وهب عن عثمان بن عطاء الخراسافي عن أبيه أن امرأة من أسلم نذرت أن تحج حافية ناشرة شعر رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم استتر بيده منها وقال : ما شأنها قالوا : نذرت أن تحج حافية ناشرة رأسها فقا ل رسول الله صلى الله عليه وسلم : مروها فلتختمر ولتنتعل ولتمش قال : ونظر النبي E في حجه الوداع إلى رجلين نذرا أن يمشيا في قران فقال لهما : حلا قرانكما وامشيا إلى الكعبة وأوفيا نذركما قال : ونظر النبي E إلى رجل يمشي القهقرى إلى الكعبة فقال : مروه فليمش لوجهه وقال ربيعة : لوأن رجلا قال علي المشي إلى الكعبة حافيا لقيل له إلبس نعلين وامش فليس لله حاجة بخفائك وإذا مشيت منتعلا فقد وفيت نذرك وقاله يحيى بن سعيد
في الرجل يحلف بالمشي فيحنث فيمشي ليحج فيفوته الحج
قال : وقال مالك قي رجل حلف بالمشي إلى بيت الله فحنث فمشى في حج ففاته الحج قال مالك : يجزئه المشي الذي مشى ويجعلها مرة ويمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة وعليه قضاء الحج عاما قابلا راكبا والهدي لفوات الحج ولا شيء عليه غير ذلك
في الرجل يحلف بالمشى فيحنث فيمشى في حج ثم يريد أن يمشي في حجة الإسلام من مكة أو يجمعهما جميعا عند الإحرام
قلت : هل يجوز لهذا الذي حلف بالمشي فحنث فمشى فجعلها عمرة أن يحج حجة الإسلام من مكة ؟ قال مالك : نعم يحج من مكة ويجزئه من حجة الإسلام
قلت : ويكون متمتعا إن كان اعتمر في أشهر الحج ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قرن الحج والعمرة يريد بالعمرة عن المشي الذي وجب عليه وبالحج حجة الفريضة أيجزئه ذلك عنهما جميعا ؟ قال : لا يجزئه ذلك من حجة الإسلام قلت : ويكون عليه دم القران ؟ قال : نعم قلت : ولم لا يجزئه من حجة الإسلام ؟ قال : لأن عمل العمرة والحج في هذا واحد فلا يجزئه من فريضة ولا من مشي أوجبه على نفسه قال : ولقد سئل مالك عن رجل كان عليه مشي فمشى في حجة وهو ضرورة يريد بذلك وفاء نذر يمينه وأداء الفريضة عنه فقال لنا مالك : لا يجزئه من الفريضة وهو نلنذر الذي كان عليه من المشي وعليه حجة الفريضة قابلا وقالها غير مرة قال سحنون قال المخزومي ؟ يجزئه من الفريضة وعليه النذر
في الرجل يقول أنا أحج بفلان إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث
قلت : ما قول مالك في الرجل يقول أنا أحج بفلان إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث ؟ قال : قال مالك : إذا قال الرجل أنا أحمل فلانا إلى بيت الله فإني أرى أن ينوي فإن كان أراد تعب نفسه وحمله على عنقه فأرى أن يحج ماشيا ويهدي ولا شيء عليه في الرجل ولا يحجه وإن لم ينو ذلك فليحج راكبا وليحج بالرجل معه ولا هدي عليه فإن أبى الرجل أن يحج فلا شيء عليه في الرجل وليحج هو راكبا قالى سحنون : وروى علي بن زياد عن مالك وإن كان نوى أن يحمله إلى مكة يحجه من ماله فهو ما نوى ولا شيء عليه هوإلا إحجاج الرجل إلا أن يأبى
قال ابن القاسم : وقوله أنا أحج بفلان إلى بيت الله عندي أوجب عليه من الذي يقول أنا أحمل فلانا إلى بيت الله لا يريد بذلك على عنقه لأن إحجاجه الرجل إلى بيت الله من طاعة الله فأرى ذلك عليه إلا أن يأبى الرجل فلا يكون عليه في الرجل شيء
قال : قال لنا مالك في الرجل يقول أنا أحمل هذا العمود إلى بيت الله أو هذه الطنفسة أو ما أشبه هذا من الأشياء إنه يحج ماشيا ويهدي لموضع ما جعل على نفسه من حملان تلك الأشياء وطلب مشقة نفسه فليضع المشقة عن نفسه ولا يحمل تلك
الأشياء وليهد
قال ابن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال في امرأة قالت في جارية ابنها إن وطئها فأنا أحملها إلى بيت الله فوطئها ابنها قال : تحج وتحج بها وتذبح ذبحا لأنها لا تستطيع حملها قال ابن مهدي خلاف قول مالك عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال : إذا قال أنا أهدي فلانا على أشفار عيني قال : يحجه ويهدي بدنة
الاستثناء في المشي إلى بيت الله
قلت : أرأيت من قال علي المشي إلى بيت الله إلا أن يبدو إلي أو إلا أن أرى خيرا من ذلك ما عليه ؟ قال : عليه المشى وليس استثناؤه هذا بشيء لأن مالكا قال لا استثناء في المشي إلى بيت الله وهو قول أشهب قلت : أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله إن شاء فلان ؟ قال : هذا لا يكون عليه المشي إلا أن يشاء فلان وليس هذا باستثناء وإنما مثل ذلك مثل الطلاق أن يقول الرجل امرأتي طالق إن شاء فلان أوغلامي حر إن شاء فلان فلا يكون عليه شيء حتى يشاء فلان ولا استثناء في طلاق ولا في عتاق ولا في مشي ولا صدقة
في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله وينوي مسجدا
قلت : أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله ونوى مسجدا من المساجد أتكون له نيته في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الله وليست له نية ما عليه في قول مالك ؟ قال : عليه المشي إلى مكة إذا لم يكن له نية قلت : أرأيت إن قال علي المشي ولم يقل إلى بيت الله ؟ قال : إن كان نوى مكة مشى وإن كان لم ينوذلك فلا شيء عليه قلت : أرأيت إن قال علي المشي إلى بيت الة ونوى مسجدا من المساجد كان له ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم قال ابن وهب عن يونس عن يزيد وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن في الذي يحلف بالمشي إلى بيت الله وينوي مسجدا من المساجد أن له نيته وروى ابن وهب عن مالك مثل قول ربيعة وقال الليث مثله
في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت المقدس أو المدينة أو عسقلان
قال ابن القاسم وقال مالك : من قال علي المشي إلى مسجد الرسول أو مسجد بيت المقدس قال : فليأتهما راكبا ولا مشي عليه ؟ ومن قال علي المشي إلى بيت الله فهذا الذي يمشي قال : ومن قال علي المشي إلى غير هذه الثلاثة مساجد فليس عليه أن ياتيه مثل قوله قي المشي إلى مسجد البصرة أو مسجد الكوفة فأصلي فيها أربع ركعات قال : فليس عليه أن ياتيهما وليصل في موضعه حيت هوأربع ركعات قال ابن القاسم قال مالك : فيمن قال : علي المشي إلى مسجد بيت المقدس فعليه أن يأتي مسجد بيت المقدس راكبا فليصل فيه قال ابن القاسم : ومن قال علي المشي إلى بيت المقدس أو إلى المدينة فلا يأتيهما أصلا إلا أن يكون أراد الصلاة في مسجديهما فيأتهما راكبا ومن قال من أهل المدينة أو من أهل مكة ومن أهل بيت المقدس لله علي أن أصوم بعسقلان أو الإسكندرية شهرا فعليه أن ياتي عسقلان أو الاسكندرية فيصوم بها شهرا كما نذر قال : وكل موضع يتقرب فيه إلى الله بالصيام فإني أرى أن ياتيه وإن كان من أهل المدينة أو مكة قال ابن القاسم : ومن نذر أن يرابط فذلك عليه وإن كان من أهل المدينة ومكة قال وهو قول مالك قال : وقال مالك : من قال : لله علي أن آتي المدينة أو بيت المقدس أو المشي إلى المدينة أو المشي إلى بيت المقدس فلا شيء عليه إلا أن يكون نوى بقوله ذلك أن يصلي في مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس فإن كانت تلك نيته وجب عليه الذهاب إلى المدينة أو إلى بيت المقدس راكبا ولا يجب عليه أن يمشى وإن كان حلف بالمشي ولا دم عليه قال : وقال مالك : وإن قال : للة على المشي إلى مسجد بيت المقدس أو مسجد المدينة وجب عليه الذهاب إليهما وأن يصلي فيهما قال : وإذا قال : علي المشى إلى مسجد المدينة ومسجد بيت المقدس فهذا مخالف لقوله : علي المشي إلى المدينة أو علي المشي إلى بيمت المقدس هذا إذا قال : علي المشي إلى بيت المقدس لا يجب عليه الذهاب إلا أن ينوي الصلاة فيه وإذا قال : علي المشي إلى مسجد المدينة أو إلى مسجد بيت المقدس وجب عليه الذهاب راكبا والصلاة فيهما وإن لم ينو الصلاة وهو إذا قال : على المشي إلى هذين المسجدين فكانه قال : لله علي أن أصلي في هذين المسجدين
في الرجل يحلف بالمشي إلى الصفا والمروة أو منى أو عرفة أو شيء من الحرم ثم يحنث
قلت : أرأيت إن قال : علي الصضي إلى الصفا والمروة ؟ قال : لا أحفظ عن مالك فيه ضيئا ولا يلزمه المشي قلت : أرأيت إن قال : علي المشي إلى منى أو إلى عرفات أو إلى ذي طوى ؟ قال : إن قال : علي المشي إلى ذي طوى وإلى منى أو إلى عرفات أو إلى غير ذلك من مواضع مكة رأيت أن لا يكون عليه شي قلت : أرأيت الرجل يقول : علىالمشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى الحرم أو إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى الحطيم أو إلى الحجر أو إلى المسجد أو إلى قعيقعان أو إلى جبال الحرم أو إلى بعض مواضع مكة فحنث أيجب ذلك عليه أم لا ؟ قال : لا أدري ما هذا كله إنما سمعت من مالك يقول : من قال : علي المشي إلى بيت الله أو علي المشى إلى مكة أو المشي إلى الكعبة إن هذا يجب عنيه وأنا أرى أن من حلف بالمشى إلى غير مكة أو الكعبة أو المسجد أو البيت أن ذ لك لا يلزمه مثل قوله : على المشي إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى غير ذلك من جبال مكة أو إلى الحرم ونحو هذا أو إلى منى أو إلى المزدلفة أو إلى عرفات فإن ذلك لا يلزمه قلمط : أرأيت إن قال : علي المشي إلى الحرم ؟ قال : ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى فيه عليه شيئا قلت : أرأيت إن قال : علي المشي إلى المسجد الحرام ؟ قال : قال مالك : عليه المشي إلى بيت الله قال ابن القاسم : ولا يكون المشي إلا على من قال : مكة أو بيت الله أوالمسجد الحرام أو الكعبة فما عدا أن يقول : الكعبة أو البيت أو المسجد أو مكة أو الحجر أو الركن أو الحجر فذلك كله لا شيء عليه فإن سمى بعض ما سميت لك من هذا لزمه المشي
في الرجل يحلف إن فعلت كذا وكذا فعلى أن أشر أو أذهب أو انطلق إلى مكة
قلت : أرأيت إن قال : إن كلمتك فعلى أن أسير إلى مكة أو قال : علي الذهاب إلى مكة أو علي الانطلاق إلى مكة أو علي أن آتي مكة أو علي الركوب إلى مكة ؟ قال : أرى أن لا شيء عليه إلا أن يكون أراد بذلك أن ياتيها حاجا أو معتمرا فيأتيها راكبا إلا أن يكون نوى أن ياتيها ماشيا وإلا فلا شيء عليه أصلا قال : وقد كان ابن شهاب لا يرى بأسا أن لدخل مكة بغير حج ولا عمرة ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلها غير محرم قلت : أرأيت إن قال علي الركوب إلى مكة ؟ قال : أرى ذلك عليه
قال سحنون وقد اختلف في هذا القول وكان أشهب يرى عليه في هذا كله إتيان مكة حاجا أو معتمرا قال ابن القاسم في كتاب الحج في الذي قال : علي الركوب إلى مكة خلاف هذا إنه لا شيء عليه وهذا أحسن من ذلك
في الرجل يقول للرجل أنا أهديك إلى بيت الله
قال : وقال مالك من قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا فحنث فعليه أن يهدي عنه هديا قال : وقال مالك : إن قال لرجل : أنا أهديك إلى بيت الله إن فعلت كذا وكذا خنث فإنه يهدي عنه هديا ولم يجعله مالك مثل يمينه إذا حلف بالهدي في مال غيره قال ابن القاسم : فأخبرني بعض من أثق عن ابن شهاب أنه قال فيها مثل قول مالك قال ابن وهب عن سفيان الثوري عن منصور عن الحكم بن عيينة عن علي بن أبي طالب قال في رجل قال لرجل أنا أهديك إلى بيت اللة قال علي بن أبي طالب : يهدي قال ابن وهب عن سفيان عن عبد انكريم الجزري عن عطاء قال يهدي شاة
في الرجل يحلف بهدي مال غيره
قلت : أرأيت الرجل يحلف بمال غيره فيقول : دار فلان هذه هدي أو عبد فلان هدي أو يحلف بشيء من مال غيره من الأشياء أنه هدي فيحنث ؟ قال : قال مالك : لا شيء عليه قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال : إذا قال الرجل لعبده أو لأمته أو داره أنت هدي ثم حنث أنه يشتري بثمنه هديا ثم يهديه ولا يراه فيما سوى ذلك فيما لا يملك بيعه ولا يصلح أن يقول فيه ذلك القول قال : ابن مهدي عن بشربن منصورعن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال : سرقت إبل للنبي : وطردت وفيها امرأة فنجت على ناقة منها حتى أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني جعلت على نفسي نذرأ إن الله أنجاتي على ناقة منها حتى آتيك أن أنحرها قال : [ بئس ما جزيتها لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن ادم ] قال ابن مهدي عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا وفاء لنذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم ]
في الرجل يحلف بالهدي أو يقول على بدنة
قلت : أرأيت إن قال علي الهدي إن فعلمت كذا وكذا فحنث ؟ قال : قال مالك : عليه الهدي قلت : أمن الإبل أم من البقر أم من الغنم ؟ قال : قال لي مالك : إن نوى شيئا فهو ما نوى وإلا فبدنة فإن لم يجد بدنة فبقرة فإن لم يجد وقصرت نفقته فأرجو أن يجزئه شاة قلت : لم أو ليس الشاة بهدي ؟ قال : كان مالك يزحف بالشاة كرها قال مالك : والبقر أقرب شيء إلى الإبل قال ابن مهدي عن حماد عن قتادة عن حلاس بن عمرو عن ابن عباس قال بدنة أو بقرة أوكبش قال ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس قال : لا أقل من شاة قال : وقال سعيد بن جبير البقر والغنم من الهدي قلت : أرأيت إن حلف فقال علي بدنة فحنث ؟ قال : قال مالك : البدن من الإبل فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فسبع من الغنم قال : وقال مالك : من قال لله علي أن أهدي بدنة فعليه أن يشتري بعيرا فينحره فإن لم يجد بعيرا فبقرة فإن لم يجد بقرة فسبعا من الغنم قلت : أرأيت إن كان يجد الإبل فاشترى بقرة فنحرها وقد كانت وجبت عليه بدنة أيجزئه في قول مالك ؟ قال : قال لنامالك : فإن لم يجد الإبل اشترى البقر قال مالك : والبقر أقرب شيء إلى الإبل قال ابن القاسم : وإنما ذلك عندي إن لم يجد بدنة أي إذا قصرت النفقة فإن لم يبلغ نفقته بدنة وسع له أن يهدي من البقر فإن لم تبلغ نفقته البقر اشترى الغنم قال : ولا يجزئه عند مالك أن يشتري البقر إذا كانت عليه بدنة إلا أن لا تبلغ نفقته بدنة لأنه قال : فإن لم يجد فهوإذا بلغت نفقته فهويجد قال ابن القاسم : وكذلك قال سعيد بن المسيب وخارجة بن زيد وقطيع من العلماء منهم أيضا سالم بن عبد الله قال : وقالوا : فإن لم يجد بدنة فبقرة قلت : فإن لم يجد الغنم أيجزئه الصيام قال : لا أعرف الصيام فيما نذر على نفسه إلا أن يجب أن يصوم فإن أيسر يوما ما كان عليه ما نذر على نفسه فإن أحب الصيام فعشرة أيام قال : ولقد سألت مالكا عن الرجل ينذر عتق رقبة إن فعل الله به كذا وكذا فاراد أن يصوم إن لم يجد رقبة قال لي مالك : ما الصيام عندي بمجزىء إلا أن يشاء أن يصوم فإن أيسر يوما ما أعتق فهدا عندي مثله قال ابن وهب عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : ليست البدن إلا من الإبل وقال طاوس والشعبي وعطاء ومالك بن أنس وخارجة بن زيد بن ثابت وسالم بن عبد الله وعبد الله بن محمد البدنة تعدل سبعا من الغنم
في الرجل يحلف بالهدي أو ينحر بدنة أو جزورا
قلت : أرأيت من قال : علي أن أنحر بدنة أين ينحرها ؟ قال : بمكة قلت : وكذلك إذا قال : لثه علي هدي ؟ قال : ينحره أيضا بمكة قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن قال : لله علي أن أنحر جزورا أين ينحرها ؟ أو قال لله علي جزور أين يعحرها ؟
قال : ينحرها في موضعه الذي هو فيه قال مالك : ولو نوى موضعا لم يكن عليه أ ن يخرجها إليه ولينحرها بموضعه ذلك قال ابن القاسم : كانت الجزور بعينها أو بغير عينها فذلك سواء قال : فقلنا لمالك : وإن نذرها لمساكين أهل البصرة أو أهل مصر فلينحرها بموضعه وليتصدق بها على المساكين من عنده إذا كانت بعينها أو بغير عينها أو نذر أن يشتريها من موضعه فيسوقها إلى مصر قال : وسوق البدن إلى غير مكة من الضلال قال ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال : من نذر بدنة فليقلدها وليشعرها ولا محل له دون مكة قال ابن مهدي عن قيس بن الربيع عن جابر الجعفي عن عطاء عن ابن عباس في رجل جعل عليه بدنة قال : لا أعلم مهراق الدماء إلا بمكة أو منى قال : وقال الحسن والشعبي وعطاء مكة وقال سعيد بن المسيب البدن من الإبل ومحلها إلى البيت العتيق
في الرجل يحلف بهدي الشيء من ماله بعينه وهو مقا يهدى أو لا يهدى
قال : وقال مالك : من حلف فقال : داري هذه هدي أو بعيري هذا أو دابتى هذه هدي فإن كان ذلك الذي حلف عليه مما يهدى أهداه بعينه إن كان يبلغ وإن كان مما لا يهدى باعه واشترى بثمنه هديا قال : وقال مالك : وإن قال : لا بل له هي هدي إن شلت كذا وكذا فحنت أهداها كلها وإن كانت ماله كله قال مالك : وإن قال لشيء مما يملك من عبد أو دابة أو فرس أو ثوب أو عرض من لعروض هو يهديه فإنه يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه وإن قال لما لا يملك من عبد غيره أو مال غيره أو دار غيره فلا شيء عليه ولا هدي عليه فيه قال ابن القاسم وأخبرني من أثق به عن ابن شهاب أنه كان يقول في هذه الأشياء مثل قول مالك سواء
قلت : أرأيت من قال : على أن أهدي هذا الثوب أي شيء عليه في قول مالك ؟ قال : يبيعه ويشتري بثمنه هديا يهديه قلت له : فما قول مالك في هذا الثوب إذا كان لا يبلغ أن يكون في ثمنه هدي ؟ قال : بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال : يبعث بثمنه فيدفع إلى خزان مكة ينفقونه على الكعبة قال ابن القاسم : وأحب إلي أن يتصدق بثمنه ويتصدق به حيت شاء ألا ترى أن ابن عمر كان يكسو بجلأل بدنه الكعبة فلما كسيت الكعبة هذه الكسوة تصدق بها قلت : فإن لم يبيعوه وبعثوا بالثوب بعينه ؟ قال : لا يعجبني ذلك لهم ويباع هناك ويشتري بثمنه هدي قال : ألا ترى أن مالكا قال : يباع الثوب والحمار والعبد والفرس وكل ما جعل من العروض هكذا ؟ قال : وقال مالك : إذا قال : ثوبي هذا هدي فباعه واشترى بثمنه هديا وبعثه ففضل من ثمنه شيء بعث بالفضل إلى خزان مكة إذا لم يبلغ الفضل أن يكون فيه هدي قال ابن القاسم وأحب إلي أن يتصدق به قلت : أرأيت ما بعث به إلى البيت من الهدايا من الثياب والدراهم والدنانير والعروض أيدفع إلى الحجبة في قول مالك ؟ قال : بلغني عن مالك فيمن قال لشيء من ماله هو هدي قال : يبيعه ويثتري بثمنه هديا فإن فضل شيء لا يكون في مثله هدي ولا شاة رأيت أن يدفع إلى خزان الكعبة يجعلونه فيما تحتاج إليه الكعبة قال : ولقد سمعت مالكا وذكروا له أنهم أرادوا أن يشركوا مع الحجبة في الخزانة فأعظم ذلك قال : وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي دفع المفاتيح إلى عثمان بن طلحة رجل من بني عبد الدار فكأنه رأى هذه ولاية من النبي صلى الله عليه وسلم فأعظم أن يشرك معهم قلت : أرأيت لو أن رجلا قال : إن فعلت كذا وكذا فعلي أن أهدي دوري أو رقيقي أو دوابي أو غنمي أو أرضي أو بقري أو إبلي أو دراهمي أو دنانيري أو ثيابي أو عروضي لعروض عنده أو قمحي أو شعيري فحنث
كيف يصنع في قول مالك ؟ وهل هذا عند مالك كله سواء إذا حلف أم لا ؟ قال : هذا عند مالك كله سواء إذا حلف فحنث أخرج ثمن ذلك كله فبعث به فاشترى له به هديا إلا الدراهم والدنانير فإنها بمنزلة الثمن بيعت بذلك فيشترى به بدن كما وصفت لك والإبل والبقر والغنم إن كانت من موضع تبلغ وإلآ فهي عندي تباع قال ابن مهدي عن سلام بن مسكين قال : سألت جابر بن زيد عن امرأة عمياء كانت تعولها امرأة تحسن إليه فآذتها بلسانها فجعلت على نفسها هديا ونذرا أن لا تنفعها بخير ما عاشت فندمت المرأة فقال : مرها فلتهد مكان الهدي بقرة وإن كانت المرأة معسرة فلتهد ثمن شاة ومرها فلتصم مكان النذر قال ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن إبراهيم في رجل نذر أن يهدي داره قال : يهدي بثمنها بدنا وقال عطاء يشتري به ذبائح فيذبحها بمكة فيتصدق بها وقال ابن جبير يهدي بدنا من حديث عبد الله بن المبارك وقال ابن العباس في امرأة جعلت دارها هديا تهدي ثمنها من حديت عبد الله بن المبارك عن مسعر عن ابن هبيرة قال ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد وغيره عن ابن شهاب أنه قال : إذا قال الرجل لعبده أو لأمته أو داره أنت هدي ثم حنث أنه يشتري بثمنه هديا ثم يهديه ولا يراه فيما سوى ذلك فيما لا يملك بيعه ولا يصح فيه ذلك القول قلت لابن القاسم : أرأيت إن قال : أنا أهدي هذه الشاة إن فعلت كذا وكذا فحنث أيكون عليه أن يهديها في قول مالك ؟ قال : نعم عليه أن يهديها عند مالك إذا حنث إلآ أن يكون بموضع بعيد فيبيعها ويشتري بثمنها بمكة شاة يخرجها إلى الحل ثم يسوقها إلى الحرم عند مالك إذا حنث قلت : فإن قال : لله علي أن أهدي بعيري هذا وهو بإفريقية أيبيعه ويبعت بثمنه يشترى به هديأ من المدينة أو من مكة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : الإبل يبعث بها إذا جعلها الرجل هديا يقلدها ويشعرها ولم يقل لنا من بلد من البلدان بعد ولا قرب ولكنه إذا قال بعيري أو إبلي هدي أشعرها وقلدها وبعث بها قال ابن القاسم : فأنا أرى ذلك له لازما من كل بلد إلآ من بلد يخاف بعده وطول السفر والتلف في ذلك فإذا كان هذا هكذا رجوت أن يجزئه أن يبيعها ويعت بأثمانها فيشترى له بها هدي من المدينة أو من مكة أو من حيث أحب قلت : فإن لم يحلف على إبل باعيانها ولكن قال : لله علي أن أهدي بدنة إن فعلت كذا وكذا فحنث ؟ قال : يجزئه عند مالك أن يبعث بالثمن فيشترى له البدنة من المدينة أو من مكة فتوقف بعرفة ثم ينحرها بمنى وإن لم توقف بعرفة أخرجت إلى الحل إن كانت اشتريت بمكة ونحرت بمكة إذا أردت من الحل إلى الحرم قال مالك : وذلك دين عليه وإن كان لا يملك ثمنها قلت : فلو قال : لله علي أن أهدي بقري هذه فحنث وهو بمصر أم و بإفريقية ما عليه في قول مالك ؟ قال : البقر لا تبالغ من هذا الموضع فعليه أن يبيع بقره هذه ويبعث بالثمن فيشتري بثمنها هدي من حيث يبلغ ويجزئه عند مالك أن يشتري له من المدينة أو من مكة أو من حيث أحب من البلدان إذا كان الهدي الذي يشتري يبلغ من حيث اشترى قلت : أرأيت إن قال : لله علي أن أهدي بقري هذه وهو بإفريقية فباعها وبعث بثمنها أيجزئه أن يشتري بثمنها بعيرا في قول مالك ؟ قال : نعم يجزئه أن يشتري بها إبلا فيهديها قال لأني لما أجزت له البيع لبعد البلد صارت البقر كأنها دنانير أو دراهم فلا أرى باسا أن يشترى بالتمن بعيرا وإن قصر عن البعير فلا أرى باسا أن يشتري بقره قال : ولا أحب له أن يشتري غنما إلا أن يقصر الثمن عن البعير والبقرة قلت : فلو قال : لله على أن أهدي غنمي هذه أو بقري هذه فحنث وذلك في موضع يبلغ الغنم والبقر وجب عليه أن يبعثها بأعيانها هديا ولا يبيعها ويشتري في مكانها في قول مالك ؟ قال : نعم
في الرجل يحلف بهدي جميع ماله أو بشيء بعينه وهوجميع ماله
قال : وقال مالك : إذا قال الرجل : إن فعلت كذا وكذا فلله على أن أهدي مالك فحنث فعليه أن يهدي ثلث ماله ويجزئه ولا يهدي جميع ماله قلت : وكذلك لو قال : لله علي أن أهدي جميع مالي أجزأه من ذلك الثلث في قول مالك ؟ قال : نعم قال : وقال مالك : إذا قال الرجل : إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أهدي بعيري وشاتي وعبدي وليس له مال سواهم فحنث وجب عليه أن يهديهم ثلاثتهم بعيره وشاته وعبده فيبيعهم ويهدي ثمنهم وإن كان جميع ماله قلت : فإن لم يكن له إلا عبد واحدا ولا مال له سواء فقال : لله علي أن أهدي عبدي هذا إن فعلت كذا وكذا فحنث ؟ قال مالك : عليه أن يهدي عبده يبيعه ويهدي ثمنه وإن لم يكن له مال سواه قلت : فإن لم يكن له مالى سوى هذا العبد ؟ فقال : إن فعلت كذا وكذا فلله على أن أهدي جميع مالي ؟ قال مالك : يجزئه من ذلك الثلث قلت : فإذا سماه فقال : لله علي أن أهدي شاتي وبعيري وبقرتي فعد ذلك حتى سمى جميع ماله فعليه إذا سمى أن يهدي جميع ما سمى وإن أتى ذلك على جميع ماله في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن لم يسم ولكن قال لله علي أن أهدي جميع مالي فحنث فإنما عليه أن يهدي ثلت ماله في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فما فرق بينهما عند مالك إذا سمى فأتى على جميع ماله أهدى جميعه وإن لم يسم فقال : جميع مالي أجزأه من ذلك الثلت قال : قال مالك : إنما ذلك عندي بمنزلة الرجل يقول : كل امرأة أنكحها فهي طالق فلا شيء عليه وإذا سمى قبيلة أوامرأة بعينها لم يصلح له أن ينكحها فكذلك إذأ سمى لزمه وكان أوكد في التسمية قلت : فلو قال : إن فعلت كذا وكذا فأنا أهدي عبدي هذا وأهدي جميع مالي فحنث ما عليه في قول مالك ؟ قال ابن القاسم : يهدي ثمن عبده وثلث ما بقي من ماله قلت : وكذلك هذا في الصدقة في سبيل الله ؟ قال : نعم قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال : من قال مالي صدقة كله فليتصدق بثلث ماله قال ابن شهاب : ولا نرى أن يتصدق الرجل بماله كله فينخلع مما رزقه الله ولكن بحسب المرء أن يتصدق بثلث ماله
في الرجل يحلف بصدقة ماله أوشيء بعينه هوجميع ماله في سبيل الله أو المساكين
قال : وقال مالك : إذا حلف بصدقة ماله فحنت أو قال : مالي في سبيل الله فحنث أجزأه من ذلك الثلث قال : وإن كان سمى شيئا بعينه وإن كان ذلك الشيء جميع ما له فقال : إن فعلت كذا وكذا فلله علي أن أتصدق على المساكين بعبدي هذا وليس له مال غيره أو قال فهو في سبيل الله ولير له مال غيره فعليه أن يتصدق به إن كان حلف بال صدقة وإن كان قال فهو في سبيل الله فليجعله في سبيل الله قلت : ويبعث به في سبيل الله في قول مالك أويبيعه ويبعث بثمنه ؟ قال : بل يبيعه ويدفع ثمنه إلى من يغزو به في سبيل الله من موضعه إن وجد وإن لم يجد فليبعث بثمنه قلت : فإن حنث ويمينه بصدقته على المساكين أيبيعه في قول مالك ويتصدق بثمنه على المساكين ؟ قال : نعم قلت : فإن كان فرسا أو سلاحا أو سرجا أو أداة من أداة الحرب فقال : إن فعلت كذا وكذا فهذه الأشياء في سبيل الله يسميها بأعيانها أيبيعها أم يجعلها في سبيل الله في قول مالك ؟ قال : بل يجعلها في سبيل الله باعيانها إن وجد من يقبلها إن كانت سلاحا أو دواب أو أداة من أداة الحرب إلا أن يكون بموضع لا يبلغ ذلك الموضع الذي فيه الجهاد ولا ؟ يجد من يقبله منه ولا من يبلغه له فلا باس بان يبيعه كله ويبعث بثمنه فيجعل ذلك الثمن في سبيل الله قلت : ويجعل ثمنه في مثله أم يعطيه دراهم في سبيل الله في قول مالك ؟ قال : لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أن يجعلها في مثلها من الأداة والكراع قلت : ما فرق ما بين هذا وبين البقر إذا جعلها هديا جاز له أيبيعها ويشتري بأثمانها إبلأ إذا لم تبلع ؟ قال : لأن البقر والإبل إنما هي كلها للأكل وهذه إذا كانت كراعأ أو سلاحا فإنما هي قوة على أهل الحرب ليست للأكل فينبغي أن يجعل الثمن في مثله في رأيي قلت : فإن كان حلف بصدقة هذه الخيل وهذه السلاح وهذه الأداة باعه وتصدق به في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وكذلك إن كانت يمينه أن يهديه باعه وأهدى ثمنه في قول مالك ؟ قال : نعم قال : وقال مالك : إذا حلف بالصدقة أو في سبيل الله أجزآه من ذلك الثلث أو بالهدي فهذه الثلاثة الأيمان سواء إن كان لم يسم شيئا من ماله بعينه صدقة أو هدي أو في سبيل الله أجزأه من ذلك الثلت قلت : وإن سمى وأتى في التسمية على جميع ماله وجب عليه أن يبعث بجميع ماله كان في سبيل الله أو في الهدي وإن كان في صدقة تصدق بجميع ماله قلت : أرأيت إن قال : مالي في المساكين صدقة كم يجزئه من ذلك في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يجزئه الثلث قلت : وإذا قال : داري أو ثوبي أو دوابي في سبيل الله صدقة وذلك الشيء ماله كله ؟ قال : قال مالك : يتصدق به وإن كان ذلك الشيء ماله كله ولا يجزئه بعضه من بعض ولا يجزئه منه الثلث وقال مائك : من سمى شيئا بعينه وإن كان ذلك الشيء ماله كله فقال : هذا صدقة أو في سبيل الله أو في المساكين فليخرجه كله قلت : أرأيت إن قال : فرسي في سبيل الله أيضا مع ذلك ومالي في سبيل الله ؟ قال : يخرج الفرس في سبيل الله وثلت ما بقي من ماله بعد الفرس قلت : ولم جعل مالك ما سمي بعينه جعله أن ينفذه كله ومالم يسمء بعينه جعل الثلث يجزئه ؟ قال : كذلك قال مالك : قلت : أرأيت إن قال : ثلت مالي في ائمساكين صدقة ؟ قال : يخرج ما قال يتصدق به كله قلت : أرأيت إن قال : نصف مالي في المساكين صدقة ؟ قال : يخرج نصف ماله أو قال نصف مالي أو ثلائة أرباع مالي أو أكثر يخرجه ما لم يقل مالي كله وذلك أن مالكا قال : من قال : الشيء من ماله بعينه هو صدقة إن فعلت كذا وكذا أو جزء من ماله أخرج ذلك الجزء وما سمى من ماله بعينه قلت : وإذا حلف الرجل فقال إن فعلت كذا وكذا فمالي في سبيل الله فإنما سبيل الله عند مالك موضع الجهاد والرباط ؟ قال : وقال مالك : سبل الله كثيرة وهذا لا يكون إلا في الجهاد قال مالك : فليعط في
السواحل والثغر قال : فقلنا لمالك : أيعطى في جدة ؟ قال : لا ولم ير جدة مثل سواحل الروم والشام ومصر قال : فقيل له أنه قد كان في جدة أي خوف فقال : إنما كان ذلك مرة ولم يكن يرى جدة من السواحل التي هي مرابط قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبد الله بن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن أن رجلا تصدق بكل شيء له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ قد قبلت صدقتك ] فاجاز الثلث قال ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمروبن شعيب أنه قال : أعطى رجل ماله في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول اللة صلى الله عليه وسلم : [ أبقيت للوارث شيئا فليس لك ذلك ولا يصلح لك أن تستوعب مالك ]
في الرجل يقول مالي قي رتاج الكعبة أو حطيم الكعبة
قال : وسألت مالكا عن الرجل يقول : مالي في رتاج الكعبة قال : قال مالك : لا أرى عليه في هذا شيئا إلا كفارة يمين ولا يخرج فيه شيئا من ماله قال : وقال مالك : والرتاج عندي هو الباب قال : فأنا أراه خفيفا ولا أرى عليه فيه شيئا وقاله لنا غير عام
قلت : أرأيت من قال : مالي في الكعبة أو في كسوة الكعبة أو في طيب الكعبة أو في حطيم الكعبة أو أنا أضرب به حطيم الكعبة أو أنا أضرب به الكعبة أو أنا أضرب به أستار الكعبة ؟ قال : ما سمعت من مالك في هذا شيئا وأراه إذا قال : مالي في ورة الكعبة أو في طيب الكعبة أن يهدي ثلت ماله فيدفعه إلى الحجبة وأما إذا قال : مالي في حطيم الكعبة أو في الكعبة أو في رتاج الكعبة قال : لا أرى عليه شيئا لأن الكعبة لا تنتقض فتبنى بمال هذا ولا ينقض الباب فيجعل مال هذا فيه قال : وسمعت مالكا يقول رتاج الكعبة هو الباب قال : وكذلك إذا قال : مالي في حطيم الكعبة لم يكن عليه شيء وذلك أن الحطيم لا يبنى فيجعل نفقة هذا في بنيانه قال ابن القاسم : وبلغني أن الحطيم ما بين الباب إلى المقام أخبرني بذلك بعض الحجبة قال : ومن قال : أنا أضرب بمالي حطيم الكعبة فهذا يجب عليه الحج أو العمرة ولا يجب عليه في ماله شيء قال : وكذلك لو أن رجلا قال : أنا أضرب بكذا وكذا الركن الأسود أنه يحج أؤ يعتمر ولا شيء عليه إذا لم يرد حملان ذلك الشيء على عنقه قال ابن القاسم : وكذلك هذه الأشياء
قال ابن وهب عن ابن لهيعة وعمروبن الحرث عن بكيربن الأشج عن سليمان بن يسارأن دجلا قال : علي نذرإن كلمتك أبدا وكل شيء لي في رتاج الكعبة فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال : كه لم أخاك فلا حاجة للكعبة في شيء من أموالكم قال ابن مهدي عن إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة وسألها رجل وقال : إني جعلت مالي في رتاج الكعبة إن أنا كلمت عمي فقالت له : لا يجعل مالك في رتاج الكعبة وكلم عمك
الرجل يحلف أن ينحر ابنه عند مقام إبراهيم أو عند الصفا والمروة
قلت : أرأيت من يحلف فيقول : أنا أنحر ولدي إن فعلت كذا وكذا فحنث ؟ قال : سمعت مالكا بعد عنها فقال : إفي أرى أن آخذ فيه بحديث ابن عباس ولا أخالفه والحديث الذي جاء عن ابن عباس أنه يكفر عن يمينه مثل كفارة اليمين بالله ثم سئل مالك بعد ذلك عن الرجل أو المرأة تقول أنا أنحر ولدي قال مالك : أنا أرى أن أنويه فإن كان أراد بذلك وجه الهدى أن يهدي ابنه لله رأيت عليه الهدي وإن كان لم ينو ذلك ولم يرده فلا أرى عليه شيئا لا كفارة ولا غيره وذلك أحب إلي من الذي سمعت أنا منه قلت : والذي سمعت أنت من مالك أنه قال : إذا قال : أنا أنحر ولدي لم يقل عند مقام إبراهيم أنه يكفر يمينه فإن قال أنا أ نحر ولدي عند مقام إبراهيم أن عليه هديا مكان ابنه قال : نعم قلت : وإنما فرق مالك بينهما عندك في الذي سمعت أنت منه لأنه إذا قال عند مقام إبراهيم أنه قد أراد الهدي وإن لم يقل عند مقام إبراهيم فجعله مالك في الذي سمعت أنمت منه يمينا لأنه لم يرد الهدي وفي جوابه ما يشعر أنه نواه ودينه فإن لم تكن له نية لم يجعل عليه شيئا وإن كانت له نية في الهدي جعل عليه الهدي قال : نعم قلت : أرأيت إن قال : أنا أنحر ابني بين الصفا والمروة ؟ قال : مكة كلها منحر عندي وأرى عليه فيه الهدي ولم أسمعه من مالك ولكن في هذا كله يراد به الهدي أ لا ترى ليس هو عندي مقام إبراهيم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم : عند المروة هذا المنحر وكل طرق مكة وفجاجها منحر فهدا إذا ألزمه لقوله عند المقام الهدي فهو عند المنحر أ حرى أن يلزمه قلت : أرأيت قال : إن أنا أنحر ابني بمنى ؟ قال : قد أخبرتك عن مالك بالذي قال عند مقام إبراهيم أن عليه الهدي فمنى عندي منحر وعليه الهدي قلت : أرأيت إن قال : أنا أنحر أبي أوأمي إن فعلت كذا وكذا ؟ قال : هو عندي مثل قول مالك في الابن سواء
قال : ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن قتادة بن دعامة عن عكرمة عن ابن عباس في رجل نذر أن ينحر ابنه عند مقام إبراهيم أنه سئل عنه فقال رضي الله عن إبراهيم يذبح كبش قال ابن وهب قال مالك : قال ابن عباس في الذي يجعل ابنه بدنة قال : يهدي ديته مائة من الإبل قال : ثم ندم بعد ذلك فقال ليتي كنت أمرته أن يهدي كبشأ قال الله تبارك وتعالى في كتابه : { وفديناه بذبح عظيم } ( الصافات : 07 1 ) قلت : أرأيت من يجب عليه اليمين فيفتدي من يمينه بمال أيجوز هذا ؟ قال : قال لي مالك : كل من لزمته يمين فافتدى منها بمال فذلك جائز
الرجل يحلف بالله كاذبا
قال ابن القاسم : قلت لمالك إن حلف فقال : والله ما لقيت فلانا أمس ولا يقين له في لقيه ليس في معرفته حين حلف أنه لقيه بالأمس أولم يلقه ثم فكربعد في يمينه فى أنه لقيه بالأمس أ تكون عليه كفارة الميمين في قول مالك : قال : قال مالك : ليس عليه كفارة اليمين في هذا قلت : لم وهذا قد أيقن أنه لقيه وقد حلف أنه لم يلقه ولم يحلف حين حلف على أمر ظنه إنما حلف بيمينه التي حلف بهاعلى غير يقين كان في نفسه ؟ فقال : هذه اليمين التي تصف أعظم من أن يكون فيها كفارة أو يكفرها كفارة عند مالك إن هذه اليميز لا يكون فيها لغو اليمين لأنه لم يحلف على أمريظنه كذلك فينكشف على غير ذلك فيكون ذلك لغو اليمين وانما حلف هذا بهذه اليمين جرأة وتفخمأ على اليمين على غير يقين منه لشيء فهوإن انكشفت له يمينه أنه كما حلف بها بروإن انكشفت يمنه أنه على غيرما حلف به فهوآثم ولم يكن لغو اليمين فكان بمنزلة من حلف عامدا للكذب فليستغفر الله فإن هذه اليمين أعظم من أن يكون فيها كفارة أو يكفرها شيء وقد قال رسول الله عليه السلام : [ من اقتطع حق امرىء مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة ] قال سحنون : وقال ابن عباس في هذه الآية إن الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة فهذه اليمين في الكذب واقتطاع الحقوق فهي أعظم من أن يكون فيها كفارة قال ابن مهدي عن العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى في رجلا حلف على سلعة فقال : والله لقد أعطي بها كذا وكذا ولم يعط فنزلت هذه الآية : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } ( آل عمران : 77 )
في لغو اليمين واليمين التي تكون فيها الكفارة
قلت : أرأيت قول الرجل لا والله وبلى والله أكان مالك يرى ذلك من لغو اليمين ؟ قال : لا وإنما اللغو عند مالك أن يحلف على الشيء يظن أنه كذلك كقوله : والله لقد لقيت فلانا أمس وذلك يقينه وإنما لقيه قبل ذلك أو بعده فلا شيء عليه وهذا اللغو قال مالك ولا يكون اللغو قي طلاق ولا عتاق ولا صدقة ولا مشي ولا يكون اللغو إلا في اليمين بالله ولا يكون الاستثناء أيضا إلا في اليمين بالله قال مالك : وكذلك الاستثناء لا يكون في طلاق ولا عتاق ولا مشي إلا في اليمين بالله وحدها أو نذر لا يسمى له مخرجا فمن حلف بطلاق أو عتاق أو مشي أو غير ذلك من الأيمان سوى اليمين بالله وذلك يقينه ثم استيقن أنه على غير ما حلف فإنه حانت عند مالك ولا ينفعه قال : وكذلك إن استثنى في شيء من هذافحنث لزمه ماحلف عليه قال ابن وهب عن الثقة أن ابن شهاب ذكر عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تتأول هذه الآية { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } ( البقرة : 225 ) فتقول : هو الشيء يحلف عليه أحدكم لم يرد فيه إلا الصداق فيكون على غيرما حلف عليه فليى فيه كفارة وقاله مع عائشة عطاء وعبيدبن عمير بن وهب وقال مثل قول عائشة ابن عباس ومحمد بن قيس ومجاهد وربيعة ويحيى بن سعيد ومكحول وقاله إبراهيم النخعي من حديث المغيرة قال سحنون وقاله الحسن البصري من حديث الربيع بن صبيح قال سحنون وقاله عطاء بن أبي رباح من حديث أيوب بن أبي ثابت وقال : قال مالك : إنما تكون الكفارة في اليمين في هاتين اليمينين فقط في قول الرجل والله لأفعلن كذا وكذا فيبدو له أن لا يفعل فيكفر ولا يفعل أو يقول والله لا أفعل كذا وكذا فيبدو له أن يفعل فيكفر يمينه ويفعله وأما ما سوى هاتين اليمينين من الأيمان كلها فلا كفارة فيها عند مالك وإنما الأيمان بالله عند مالك أربعة أيمان لغو اليمين ويمين غموس وقوله والله لا أفعل ووالله لأفعلن وقد فسرت لك ذلك كله وما يجب فيه شيئا شيئا
قال ابن مهدي عن حماد بن زيد عن غيلان بن جرير وعن أبي بردة عن أبي موسى قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله فقال : والله لا أحملكم والله ما عندي ما أحملكم عليه ثم أتى بابل فامر لنا بثلاث ذود فلما انطلقنا قال : أتينا رسول الله عليهه السلام نستحمله فحلف أن لا يحملنا ثم حملنا والله لا يبارك لنا ارجعوا بنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتيناه فاخبرناه فقال : ما أنا حملتكم بل الله حملكم إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى خيرا منها إلا أتيت الذي هوخير قال : وكان أبو بكر لا يحلف على يمين فيحنث فيها حتى نزلت رخصة الله فقال : لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلآ تحللتها وأتيت الذي هو خير وقال مثل قول مالك إن الأيمان أربعة يمينان تكفران ويمينان لا تكفران قال إبراهيم النخعي من حديث سفيان الثوري عن أبي معشر وذكره عبد العزيز بن مسلم عن أبي حصين عن أبي مالك قال مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه ويفعل الذي هو خير ] قال ابن لهيعة عن يزيد بز أبي حبيب عن سنان بن سعد الكندي عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليفعل الذي هوخير وليكفر عن يمينه قال مالك : والكفارة بعد الحنث أحب إلي قال ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع قال : كان عبد الله بن عمرو بما حنث ثم كفر وربما قدم الكفارة ثم يحنث
في الحالف بالله أو اسم من أسماء الله
قلت : أرأيت إن حلف الرجل باسم من أسماء الله أتكون أيمانا في قول مالك مثل أن يقول والعزيز والسميع والعليم والخبير واللطيف هذه وأشباهها في قول مالك كل واحدة منها يمين ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قال : والله لا أفعل كذا وكذا هذه يمين ؟ قال : نعم هي يمين عند مالك قلت : أرأيت إن قال : تالله لا أفعل كذا وكدا أو لأفعلن كذا وكذا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيها شيئا وهي يمين يكفرها قلت : أرأيت إن قال : وعزة الله وكبرياء الله وقدرة الله وأمانة الله ؟ قا ل : هذه عندي أيمان كلها وما أشبهها ولم أسمع من مالك فيها شيئا قلت : أرأيت إن قال لعمر الله لا أفعل كذا وكذا أتكون هذه يمينا في قول مالك ؟ قال : نعم أراها يمينا ولم أسمع من مالك فيها شيئا قال ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن غير واحد عن الحسن قال : بالله وتالله يمين واحدة
الرجل يحلف بعهد الله وميثاقه
قلت : أرأيت إن قال على عهد الله وذمته وكفالله وميثاقه ؟ قال : قال مالك : هذه أيمان كلها إلا الذمة فإني لا أحفظها من قوله قال مالك : إذا حلف بهذه فعليه في كل واحدة يمين قال : قال مالك : فإن قال عنى عشر كفالات كان عليه عشرة أيمان قال مالك : وكذلك لو قال علي عشرة مواثيق أو عشرة نذور أو أكثر من ذلك أوقل لزمه عند مالك عدد ما قال إن قال عشرا فعشر كفارات وإن قال أكثر من ذلك فاكثر وإن قال أقل فأقل قلت : أرأيت قوله على عهد الله أو ميثاق الله وقوله ميثاق الله وعهد الله أيكون هذا في الوجهين جميعا في قول مالك أيمانا ؟ قال : نعم قال : وأخبرني ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه قال : من عاهد الله على عهد فحنث فليتصدق بما فرض الله في اليمين وقاله ابن عباس وعطاء بن أبي رباح ويحى بن سعيد قال ابن وهب عن سفيان الثوري عن فراس عن الشعبي قال : إذا قال على عهد الله فهي يمين قال ابن مهدي عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن إبراهيم مثل ذلك
الرجل يحلف يقول أقسم أو أحلف أو أشهد أو أعزم
وليكلمه ابن القاسم : إلا أن يكون أراد بقوله أشهد أي أشهد بالله يمينا مثل ما يقول أشهد بالله فهي يمين قلت : أرأيت إن قال أحلف أن لاأكلم فلانأ أتكون هذه يمينا في قول مالك ؟ قال : سألت مالكا عن الرجل يقول أقسمت أن لا أفعل كذأ وكذا قال مالك : إن كان أراد بقوله أقسمت أي بالله فهي يمين لأن المسلم لا يقسم إلا باللة وإلآ فلا شيء عليه فهذا الذي قال : أحلف أن لا أكلم فلانا إن كان إنما أراد أي أحلف بالله فذلك عليه وهي يمين وإلا فلا شيء عليه لأن مالكا قال في قوله أقسمت إن لم يرد بالله فلا يمين عليه قلت : أرأيت إن قال : أشهد أن لا أفعل كذا وكذا أتكون هذه يمينا في قول مالك ؟ قال : لا إلا أن يكون أراد أشهد أي أشهد بالله فإن كان أراد بها اليمين فهي يمين قلت : أرأيت إن قال : أعزم أن لا أفعل كذا وكذا أتكون هذه يمينا في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك في شيئا وليست بيمين قلت : أرأيت إن قال : أعزم بالله أن لا أفعل كذا وكذا ؟ قال : هذا لا شك فيه أنه يمين عندي قلت : أرأيت إن قال الرجل أعزم عليك بالله إلا ما أكلت فأبى أن يأكل أيكون على العازم أو المعزم عليه كفارة في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني لا أرى على كل واحد منهما شيئا قال : لأن هذا بمنزلة قوله أسالك بالله لتفعلن كذا وكذا فيابى فلا شيء على واحد منهما
قال ابن مهدي عن إسرائيل عن جابر عن رجل عن محمد بن الحنفية قال : إذا أقسم الرجل ولم يذكر الله فليس بشيء حتى يذكر الله قال ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن قال : أقسمت وحلفت ليستا بيمين حتى يحلف يقول بالله قال ابن مهدي عن إسرائيل عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم قال : إذا قال : أقسمت عليك فليس بشيء وإذا قال الرجل : أقسمت بالله فهي يمين يكفرها قال ابن وهب عن عبد اللة بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يرى القسم يمينا يكفرها إذا حنث قال ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن القاسم بن محمد مثله قال ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله وأقسموا بالله جهد أيمانهم قال : هي يمين قال ابن مهدي عن يزيد بن إبراهيم قال : سمعت الحسن سئل عن رجل قال : أشهد أن لا أفعل كذا وكذا قال : ليس بيمين قال ابن مهدي عن همام عن قتادة أنه قال في أشهد قال : أرجوأن لا تكون يمينا
الرجل يحلف يقول على نذر أو يمين
قلت : أرأيت إن قال : علي نذر ؟ قال : هي يمين عند مالك قلت : وسواء في قول مالك إن قال : لله علي نذر أو قال : علي نذر هوسواء عند مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قال : علي نذر إن فعلت كذا وكذأ فحنث وهو ينوي بنذره ذلك صوما أو صلاة ؟
حجا أو عمرة أو غير ذلك أوعتقا ؟ قال : قال مالك : ما نوى بنذره مما يتقرب به إلى الله فذلك له لازم وله نيته قال : وقال مالك : وإن لم تكن له نية فكفارته كفارة يمين قلت : أرأيت إن قال : علي نذر ولم يقل كفارة يمين أيجعلها كفارة يمين في قول مالك ؟ قال : نعم كذلك قال مالك قلت : أرأيت إن قال : علي يمين إن فعلت كذا وكذا ولم يرد اليمين حين حلف ولا غير ذلك لم يكن له نية في شيء ؟ قال : أرى عليه اليمين وما سمعت من مالك فيه شيئا وإنما قوله علي يمين كقوله على عهد الله أو على نذر قال ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن إسماعيل بن رافع عن خالد بن يزيد عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين وقال مالك والليث إن كفارته كفارة يمين إذا لم يسم لنذره مخرجا من صوم أو حج أو صلاة قال سحنون وقاله ابن عباس وجابر بن عبد الله ومحمد بن علي والقاسم بن محمد وعطاء والشعبي ومجاهد وطاوس والحسن وقال ابن مسعود يعتق رقبة وأبو سعيد الخدري والنخعي كفارة يمين
الذي يحلف بما لا يكون يمينا
قلت : أرأيت إن قال : هو يهودي أو مجوسي أو نصراني أو كافر بالله أو بريء من الإسلام إن فعل كذا وكذا أتكون هذه أيمانا في قول مالك ؟ قال : لا ليست هذه أيمانا عند مالك وليستغفر الله مما قال قلت : أرأيت إن قال : على حرام إن فعلت كذا وكذا أ ترى هذا يمينا ؟ قال : لا تكون في الحرام يمين قال لي مالك : لا يكون الحرام يمينا في شيء من الأشياء لا في طعام ولا في شراب ولا في أم ولد إن حرمها على نفسه ولا خادمه ولا عبده ولا فرسه ولا في شيء من الأشياء إلآ أن يحرم امرأته فيلزمه الطلاق إنما ذلك في امرأته وحدها قلت : أرأيت قوله لعمري أتكون هذه يمينا ؟ قال : قال مالك : لا تكون يمينا قلت : أرأيت إن حلف الرجل بحد من حدود الله كقوله هوزان هو سارق إن فعل كذا وكذا ؟ قال : ليس عليه في هذا شيء عند مالك قلت : أرأيت إن حلف شيء من شرائع الإسلام كقوله والصيام والصلاة والحج لا أفعل كذا وكذا فيفعله أتكون هذه أيمانا في قول مالك ؟ قال : ما سمعت عن مالك فيها شيئا ولا أحد يذكره عنه ولا أرى في شيء من هذه يمينا قلت : أرأيت إن قال الرجل أنا كافر بالله إن فعلت كذا وكذا أتكون هذه يمينا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا تكون هذه يمينا ولا يكون كافرا حتى يكون قلبه مضمرا على الكفر وبئسما قال قلت : أرأيت إن قال : هو ياكل الخنزير أو لحم الميتة أو يشرب الدم أو الخمر إن فعل كذا وكذا أيكون شيء من هذا يمينا عند مالك أم لا ؟ قال : لا يكون ذلك يمينا لأن مالكا قال : من قال أنا أكفر بالله فلا يكون يمينا فكذلك هذا قال : ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال : الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعوتب في التحريم فأمر بالكفارة في اليمين قال مالك عن زيد بن أسلم قال : حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أم إبراهيم فقال : أنت علي حرام ووالله ما أمسك فانزل الله في ذلك ما أنزل قال ابن لهيعة عن عبد ربه عن سعيد عن داود بن أبي هند عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم وحلف فامره الله أن يكفر عن يمينه قال ابن مهدي عن عبد الواحد بن زياد عن عبيد المكتب قال : سألت إبراهيم النخعي عن رجل قال : الحلال علي حرام أن آكل من لحم هذه البقرة قال : أله امرأة ؟ قال : قلت له نعم قال : لولا امرأته لأكل من لحمها قلت : أرأيت لو أن رجلا قال عليه لعنة الله أو عليه غضب الله إن فعل كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك أم لا ؟ قال مالك : لا يكون يمينا قلت : أرأيت إن قال : أحرمه الله الجنة وأدخله النار إن فعل كذا وكذا أيكون هذا يمينأ في قول مالك ؟ قال : لا يكون هذا يمينا قلت : أرأيت الرجل يقول للرجل وابي وأبيك وحياتي وحياتك وعيشي وعيشك ؟ قال مالك : هذا من كلام النساء وأهل الضعف من الرجال فلا يعجبني هذا وكان يكره الأيمان بغير الله تعالى قلت : فهل كان مالك يكره للرجل أن يحلف بهدا أن يقول والصلاة لا أفعل كذا وكذا أو شيئا مما ذكرت لك ؟ قال : كان يكره ذلك لأنه كان يقول من حلف فليحلف بالله وإلا فلا يحلف وكان يكره اليمين بغير الله قال : ولقد سالنا مالكا عن الرجل يقول رغم أنفي لله فقال : مايعجبني ذلك قال ابن القاسم قال مالك : ولقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال رغم أنفي لله الحمد لله الذى لم يمتني حتى قطع مدة الحجاج بن يوسف قال مالك : وما يعجبني أن يقول أحد رغم أنفي لله قال مالك : من كان حالفا فليحلف بالله قال ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل قال عليه لعنة اللة إن لم يفعل كذا وكذا قال : لا أرى عليه يمينا قال مالك : وقال عطا في رجل قال : أخزاه الله إن فعل كذا وكذا ثم فعله قال : ليس عليه شيء قال الشعبي في رجل قال قطع الله يده أورجله أو صلبه يحلف بالشيء يدعوبه على نفسه فحنث قال : ليس عليه كفارة قال ابن مهدي عن يزيد بن أبي عطا عن أبي إسحاق عن مصصب بن سعد عن أبيه قال : حلفت باللات والعزى فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : إني حديث عهد بالجاهلية فحلفت باللات والعزى قال : قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثلاثا واستغفر الله ولا تعد قال ابن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن ابن أبي ذئب عس سمع ابن المسيب جاءه رجل فقال : إني حلفت بيمين قال : ما هي ؟ قال : قلت : الله لا إله إلا هوقلت : لا قال : قلت : علي نذر قلت : لا قال : قلت : أكفرت بالله ؟ قال : نعم قال : فقل آمنت بالله فإنها كفارة لما قلت قال : ابن مهدي عن عبد الله بن أبي جعفر الزهري عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة الزهري أن المسور دخل فالزمه جعفر يقول كفرت بالله أو أشركت بالله فقال المسور بن مخرمة : سبحان الله لا أكفر بالله ولا أشرك بالله وضربه وقال : استغفر الله قل آمنت بالله ثلاث مرات قال ابن مهدي عن أبي عوانة عن ليت عن عطاء وطاوس ومجاهد في الرجل يقول على غضب الله قال : لم يكونوا يرون عليه كفارة يرون أنه أشد من ذلك قال : رجال من أهل العلم إن نافعا حدثهم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع عمر يقول لا ؟ أبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن الله ينهكم أن تحلفوا بابائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ] قال : وقال ابن عباس لرجل حلف بالله والله لأن أحلف بالله مائة ثم آثم أحب إلي من أن أحلف بغيره مرة ثم أبر قال ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن مسعر بن كرام عن وبرة عن همام بن الحارث أن عبد الله بن مسعود كان يقول : لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا
الاستثناء في اليمين
قلت : أرأيت إن قال رجل علي نذر إن كلمت فلانا إن شاء الله ؟ قال مالك في هذه الأشياء عليه وهذا مثل الحلف بالله عند مالك قال ابن القاسم : الاسثناء في اليمين بالله جائز وهي يمين كفارتها كفارة اليمين بالله فأراها بمنزلة اليمين بالله وألاستثناء فيها جائز ولغو اليمين يكون أيضا فيها وكذلك العهد والميثاق الذي لا شك فيه قلت : أرأيت إن قال : والله لا أفعل كذا وكذا إن شاء الله ثم فعله ؟ قال : قال مالك : إن كان أراد بذلك الاستثناء فلا كفارة عليه وإن كان أراد قول الله في كتابه ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ولم يرد الاستثناء فإنه يحنث قلت : أرأيت إن حلف على يمين ثم سكت ثم استثنى بعد السكوت ؟ قال : لا ينفعه وكذلك قال لي مالك إلا أن يكون الاستثناء نسقا متتابعا فقلنا لمالك : فلوأنه لم يذكر الاستثناء حين ابتداء اليمين فلما فرغ من اليمين ذكر فنسقها بها وتدارك اليمين بالاستثناء بعد انقضاء يمينه إلا أنه قد وصل الاستثناء باليمين قال مالك : إن كان نسفها بها فذلك لها استثناء وإن كان بين ذلك صمات فلا شيء له ونزلت بالمدينة فأفتى بها مالك قال ابن وهب وقال مالك : وإن استثنى في نفسه ولم يحرك لسانه لم ينتفع بذلك
قال مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال : من قال : والله ثم قال : إن شاء الله ولم يفعل الذي حلف عليه لم يحنث قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن مسعود وابن عباس وابن قسيط وعبد الرحمن بن القاسم وزيد بن أسلم وابن شهاب وطاوس وعطاء بن أبي رباح ومجاهد مثله وقال عطاء : ما لم يقطع اليمين وتبرك قال ابن مهدي عن أبي عوانة عن الأعمش عن إبراهيم قال : إذا حلف الرجل فله أن يستثني ما كان الكلام متصلا قال ابن سهدي عن المغيرة عن إبراهيم في رجل حلف واستثنى في نفسه قال : فليس بشيء قال ابن مهدي عن أبي عوانة عن الأبرش عن إبراهيم في رجل حلف واستثنى في نفسه قال : ليس بشيء قال ابن مهدي عن هشيم عن محمد الضبي قال : سألت إبراهيم في رجل حلف واستثنى في نفسه قال : لا حتى يجهربالاستثناء كما جهر باليمين قلت : أرأيت لو أن ذميا حلف بالله أن لا يفعل كذا وكذا فحنث بها بعد إسلامه أتجب عليه الكفارة أم لا في قول مالك ؟ قال : لا كفارة عليه عند مالك
النذور في معصية أو طاعة
قال ابن القاسم في النذر : إنه من نذر أن يطيع الله في صلاة أو صيام أو عتق أو حج أو غزو أو رباط أو صدقة أو ما أشبه ذلك وكل عمل يتقرب به إلى الله فقال : علي نذر أن أحج أو أصلي كذا وكذا أو أعتق أو أتصدق بشيء يسميه في ذلك فإن ذلك عليه ولا يجزئه إلا الوفاء لله به كان ذلك النذرتطوعا جعله على نفسه أو يمينا فحنث في ذلك فذلك واجب قال : وإن كان حلف فقال على نذر إن لم أعتق رقبة أو إن لم أحج إلى بيت الله أو ما أشبه ذلك مما سميت لك حلف به فقال : إن لم أفعل كذا وكذا فعلي نذر إن لم أعتق رقبة فهو مخير إن أحب أن يفعل ما نذر من الطاعة فليفعل ولا كفارة عليه وان أحب أن يترك ذلك ويكفر عن يمينه كفر وإن كان لنذره ذلك أجل مثل أن يقول علي نذر إن لم أحج العام أو علي نذر إن لم أغز العام أو إن لم أصم رجب في هذا العام أو إن لم أركع في هذا اليوم عشر ركعات فإن فات الأجل في هذا كله قبل أن يفعله فعليه الحنث ويكفر عن يمينه بكفارة اليمين إلا أن يكون جعل لنذره مخرجا فعليه ذلك المخرج إذا حنث وتفسير ذلك أ ن يقول علي نذر صدقة دينار أو عتق رقبة أ و صيام شهر إن لم أحج العام أو إن لم أغز العام أو ينوي ذلك وما أشبه ذلك فإن فات الأجل الذي وقت إليه ذلك الفعل فقد يسقط عنه ذلك الفعل ووجب عليه ما نذر له مما سمى و إن لم يجعل لنذره مخرجا فهوعلى ما فسرت لك يكفركفارة يمين
قال : ومن نذر في شيء من معاصي الله تبارك وتعالى فقال : علي نذر إن لم أشرب الخمر أو إن لم أقتل فلانا أو إن لم أزن بفلانة أو ما كان من معاصي الله فإنه يكفر نذره في ذلك إذا قال : إن لم أفعل فالكفارة كفارة اليمين إن لم يجعل لنذره مخرجا يسميه ولا يركب معاصي الله وإن كان جعل لنذره مخرج شيء مسمى من مشي إلى بيت الله أو صيام أو ما أشبه ذلك فإنه يؤمر أن يفعل ما سمى من ذلك ولا يركب معاصي الله فإن اجترأ على الله عزوجل وفعل ما قال من المعصية فإن النذر يسقط عنه كان له مخرج أو لم يكن وقد ظلم نفسه والله حسيبه قال : وقوله لا نذر في معصية مثل أن يقول علي نذر أن أشرب الخمر أو قال علي نذر شرب الخمر فيها بمنزلة واحدة فلا يشربها ولا كفارة عليه لأنه لا نذر في معصية وقد كذب ليس شرب الخمر مما ينذر لله ولا يتقرب به إلى الله قال : فإن قال : علىنذر أن أشرب الخمر فلا يشربها ولا كفارة عليه وهو على بر إلآ أن يجترىء على الله فيشربها فيكفر يمينه بكفارة يمين إلا أن يكون جعل له مخرجا سماه وأوجبه على نفسه من عتق أو صدقة أو صيام أو ما أشبه ذلك فيكون ذلك عليه مع ما سمى من ذلك إن كان شربها قال : وإن قال : علي نذرأن أفعل كذا وكذا بشيء ليس لله بطاعة ولا معصية مثل أن يقول : لله علي أن أمشي إلى السوق أو إلى بيت فلان أو أن أدخل الدار أو ما أشبه ذلك من الأعمال التي ليست لله بطاعة ولا لله في فعلها معصية وإنه إن شاء فعل وإن شاء ترك فإن فعل فلا وفاء فيه وإن لم يفعل فلا نذرفيه عليه ولا شيء لأن الذي ترك من ذلك ليس لله فيه طاعة فيكون ما ترك من ذلك حقا لله تركه فهدا كله قول مالك قال ابن وهب عن مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه ] قال ابن وهب : قال : وأخبرني رجال ضلآ أهل العلم وابن عمرو بن العاصي وطاوس وزيد بن أسلم ومصعب بن عبد الله الكناني وعمرو بن الوليد بن عبدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد يوم الجمعة فخطب فجاءت منه التفاتة فإذا هو بأبي إسرائيل رجل من بني عامر بن لؤي قائما في الشمس فقال : ما شأن أبي إسرائيل فاخبروه فقال : ( استظل وتكلم واقعد وصل وأتم صومك ) وقال طاوس في الحديت فنهاه عن البدع وأمره بالصيام والصلاة
قال ابن وهب عن مالك بن أنس عن حميد بن قيس وثوربن زيد الديلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائما في الشمس فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : نذر أن لا يتكلم ولا يستظل ولا يجلس وأن يصوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ مروه فليتكلم وليجلس وليستظل وليتم صيامه ] قال مالك : ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة وقد أمره أن يتم ما كان لله طاعة وأن يترك ما كان لله معصية قلت : أرأيت الرجل يقول : والله لأضربن فلانا أو لأقتلن فلانا ؟ قال : يكفر يمينه ولا يفعل فإن فعل ما حلف عليه فلا كفارة عليه قلت : أرأيت إن حلف فقال : امرأته طالق أو عبده حر أو عليه المشي إلى بيت الله إن لم أقتل فلانا أو إن لم أضرب فلانا ؟ قال : أما المشي فليمش ولا يضرب فلانا ولا يقتله وأما العتق والطلاق فإنه ينبغي للإمام أن يعتق عليه ويطلق ولا ينتظر فيه وهذا قول مالك وإن قتله أو ضربه في هذا كله قبل أن يطلق عليه الإمام أويعتق أويحنث نفسه بالمشي إلى بيت الله فلا حنث عليه قلت : أرأيت الرجل يقول لامرأته والله لأطلقنك إن طلق فقد بر وإن لم يطلق فلا يحنث إلآ أن يموت الرجل أو المرأة وهو بالخيارإن شاء طلق وإن شاء كفر عن يمينه قلت : ويجبر على الكفارة وأن يطلق في قول مالك ؟ قال : لا قلت : ولا يحال بينة وبين امرأته في قول مالك قبل أن يكفر ؟ قال : لا قلت : أفيكون بهذا موليا في قول مالك ؟ قال : لا قال ابن مهدي عن حماد بن زيد عن ابن لعبد الله بن قتادة عن معمر عن الزهري قال : سألت سعيد بن المسيب عن رجل نذر أن لا يكلم أخاه أو بعض أهله قال : يكلمه ويكفر عن يمينه قال ابن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري قال : سمعت ابن المسيب ورجالأ من أهل العلم يقولون إذا نذر الرجل نذرا ليس فيه معصية اللة فليس فيه كفارة إلآ الوفاء به قال ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن أبي جمرة قال : قالت امرأة لابن عباس : إني نذرت أن لا أدخل على أخي حتى أبكي على أبي فقال : قال ابن عباس : لا نذر في معصية الله كفري عن يمينك وادخلي عليه قلت : وما كفارته ؟ قال : كفارة يمين قال ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن أبي جمرة أن رجلا أتى ابن عباس وفي أنفه حلقة فضة فقال : إني نذرت أن أجعلها في أنفي فقال : ألقها ولم يذكر فيها سفارة قال ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني قال : سألت ابن عمر قلت : إني نذرت أن لا أدخل على أخي فقال : لا نذر في معصية كفر عن يمينك وادخل على أخيك
قال ابن مهدي عن هشيم عن المغيرة عن إبراهيم في رجل حلف أن لا يصل رحمه قال : يكفر عن يمينه ويصل رحمه قال ابن مهدي عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال : كل يمين في معصية الله فعليه الكفارة
الرجل يحلف على أمر أن لا يفعله أو ليفعلنه
قلت : أرأيت إن قال : والله لأضربن فلانا ولم يوقت لذلك أجلا أو وقت في ذلك أجلا قال : أرى إذا لم يوقت في ذلك أجلا فليكفر عن يمينه ولايضرب فلانا وان وقت لذلك أجلا فلا يكفر حتى يمضي الأجل لأني سألت مالكا عن الذي يقول لامرأته أنت طالق واحدة إن لم أتزوج عليك فأراد أن لا يتزوج عليها قال مالك : يطلقها تطليقة ويرتجعها ولا شيء عليه ولأني سمعت مالكا يقول في الذي يقول لامرأته أنت طالق تطليقة إن لم أتزوج عليك إلى شهر قال مالك : هو على بر فليطأها فإذا كان على بر فليس له أن يحنث نفسه قبل أن يحنث لأنه إنما يحنث حين يمضي الأجل وإن الذي لم يوقت الأجل إنما هو على حنث من يوم يحلف ولذلك قيل له كفر قلت : أرأيت إن قال : والله لا أضرب فلانا ؟ قال : هذا لا يحنث حتى يضرب فلانا وأصل هذا كله في قول مالك أن من حلف على شيء ليفعلنه فهوعلى حنث حتى يفعله لأنا لا ندري أيفعله أم لا قال : ألا ترى أنه لو قال لامرأته : أنت طالق إن لم أدخل دار فلان أو إن لم أضرب فلانا فإنه يحال بينه وبين امرأته ويقال له : افعل ما حلفت عليه وإلا دخل عليك الإيلاء فهدا يدلك على أنه حنث حتى يبر لأنا لا ندري أيفعل ما حلف عليه أم لا قال : ومن حلف على شيء أن لا يفعله فهوعلى برحتى يفعله ألا ترى أنه لو حلف بالطلاق أن لا يدخل دار فلان أنه لا يحال بينه وبين امرأته وكذلك قال مالك : فهذا يدلك على أنه على بر حتى يحنث وهذا كله قول مالك
الرجل يحلف في الشيء الواحد يردد فيه الأيمان
قلت : أرأيت لو أنه قال لأربع نسوة له والله لا أجامعكن فجامع واحدة منهن أيكون حانثا في قول مالك ؟ قال : نعم قلت له : فله أن يجامع البواقي قبل أن يكفر ؟ قال : قد كان له أن يجامعهن كلهن قبل أن يكفر وإنما تجب عليه كفارة واحدة عند مالك في جماعهن كلهن أو في جماع واحدة منهن
قلت : أرأيت إن قال : والله لا أدخل دار فلان والله لا أكلم فلانا والله لا أضرب فلانا ففعل ذلك كله ماذا يحب عليه في قول مالك ؟ قال : يجب عليه ثلاثة أيمان في كل واحدة كفارة يمين قلت : فإن قال : والله لا أدخل دار فلان ولا أكلم فلانا ولا أضرب فلانا ففعلها كلها ؟ قال : عليه كفارة واحدة عند مالك قلت : فإن فعل واحدة من هذه الخصال ؟ قال : إذا فعل واحدة من هذه الخصال الثلاث فقد حنث وليس عليه فيما فعل منها بعد ذلك شيء قلت : لم أحنثه في الشيء الواحد من هذه الأشياء في قول مالك ؟ قال : لأنه كانه قال : والله لا أقرب شيئأ من هذه الأشياء قلت : أرأيت إن قال والله لا أجامعك والله لا أجامعك أيكون عليه كفارة يمين واحدة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الرجل يحلف أن لا يدخل دار فلان ثم يحلف بعد ذلك في مجلس آخر أن لا يدخل دار فلان لتلك الدار بعينها التي حلف عليها أول مرة ؟ قال : قال مالك : إنما عليه كفارة واحدة قلت : فإن نوى يمينين أو لم تكن له نية ؟ قال : إذا لم تكن له نية فهي يمين واحدة وإن كانا يمينين فكفارتان مثل ما ينذرهما لله عليه فارى ذلك عليه ولم أسمع هذا هكذا من مالك قلت : أرأيت ألرجل يحلف بالله أن لا أفعل كذا وكذا ثم يحلف على ذلك الشيء بعينه أيضا بحج أوعمرة أن لا يفعله ثم يفعله ؟ قال : يحنث في ذلك ويلزمه ذلك كله قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قال : والله لا أكلم فلانا والله لا أكلم فلانا والله لا أكلم فلانا وفلان هذا إنما هو في أيمانه رجل واحد ثم قال : إنما أردت ثلاثة أيمان أيكون عليه كفارات ثلاث أم كفارة واحدة في قول مالك ؟ قال : إنما قال مالك : من حلف مرارا بالله فليس عليه إلا كفارة واحدة قال ابن القاسم : فإن قال : أردت بايماني هذه ثلاث أيمان لله علي كالنذور ورأيت ذلك عليه لأن مالكا قال : من قال : لله علي نذور ثلاثة أو أربعة فهذه ثلاثة أيمان أو أربعة فكذلك هذا إذا قال : أردت ثلاثة أيمان لله علي كالنذور فيكون ذلك عليه قلت : أرأيت إن قال : أردت ثلاثة أيمان ولو لم يقل : لله على أيكون ذلك عليه ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن نوى باليمين الثانية غير اليمين الأولى وباليمين الثالثة غير اليمين الأولى والثانية أيكون عليه ثلاثة أيمان ؟ قال : لا يكون عليه أبدا إلا يمين واحدة لا أن يريد بها مجمل النذور ثلاثة أيمان يكون ذلك عليه كما وصفت لك قال : ابن مهدي عن هشام عن قتادة عن الحسن قال : إذا حلف على يمين واحدة في شيء في مقاعد شتى فعليه كفارة واحدة قال ابن مهدي : عن عبد الله بن المبارك عن عبد الله عن عطاء في رجل حلف عشرة أيمان ثم حنث قال : إن كان في أمر واحد فكفارة واحدة قال ابن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن هشام بن عروة عن أبيه في رجل حلف في أمر واحد مرتين أو ثلاثا قال عروة : فعليه كفارة واحدة قال أبن مهدي عن عبد الواحد بن زياد عن ابن جريج عن عطاء في الرجل يحلف على الشيء الواحد أيمانا شتى قال : عليه لكل يمين كفارة قال ابن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن ابن جريج قال : إذا حلف على أمر واحد لقوم شتى وحلف عليه أيمانا ينوي يمينا واحدة بالله ففي ذلك كفارة واحدة وإن حلف على أمر واحد أيمانا شتى فكفارتهن شتى إن حنث
الكفارة قبل الحنث
قلت : أرأيت إن حلف بالله فاراد أن يكفر قبل الحنث أيجزىء ذلك عنه أم لا ؟ قال : أما قولك يجزىء عنه فإنا لم نوقف مالكا عليه إلآ أنه كان يقول : لا تجب عليه الكفارة إلآ بعد الحنث قال مالك : ولا أحب لأحد أن يكفر قبل الحنث فاختلفتا في الإيلاء أيجزىء عنه إذا كفر قبل الحنث فسالنا مالكا عن ذلك فقال : أعجب إلى أن لا يكفر إلآ بعد الحنث فإن فعل أجزأ ذلك عنه واليمين بالله أيسر من الإيلاء وأراها مجزئة عنه إن هو كفر قبل الحنث قلت : أرأيت إن حلف فصام وهو معسر قبل أن يحنث فحنث وهو موسر ؟ قال : إنما سالنا مالكا فيمن كفر قبل الحنت فرأى أ ن ذلك مجزىء عنه وكان أحب إليه أن يكفر بعد الحنث والذي سألت عنه مثله وهو مجزىء عنه وإنما وقفنا مالكا عن الكفارة قبل الحنث في الإيلاء فقال : بعد الحنت أحب إلي وأراه مجزئا عنه إن فعل فاما الأيمان بالله في غير الإيلاء فلم نوقف مالكا عليه وقد بلغني عنه أنه قال : إن فعل رجوت أن يجزىء عنه قال مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل ] قال ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع قال : كان عبد الله بن عمر ربما حنث ثم يكفر وربما قدم الكفارة ثم حنث قال ابن وهب وسمعت مالكا يقول : الحنث قبل الكفارة أحب إلي وإن كفر ثم حنث لم أر عليه شيئا
الرجل يحلف أن لا يفعل شيئا حينا أو زمانا أو دهرا
قلت : أرأيت إن قال : والله لأقضينك حقك إلى حين كم الحين عند مالك ؟ قال : قال مالك : الحين سنة قلت : وكم الزمان ؟ قال : سنة قلت : وكم الدهر ؟ قال : بلغني عنه في الدهر ولم أسمعه منه أنه قال أيضا سنة وقال ربيعة الحين سنة والزمان سنة قال : وذكر ابن وهب عن مالك أنه شك في الدهر أن يكون سنة فأما الحين والزمان فقال : سنة وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك قال : الله تبارك وتعالى : { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس } ( إبراهيم : 25 ) فهو سنة قال ابن مهدي عن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن رجل منهم قال : قلت لابن عباس : إني حلفت أن لا أكلم رجلا حينا فقال ابن عباس : تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها الحين سنة
كفارة العبد عن يمينه
قلت : أرأيت العبد إذا حنث في يمينه بالله أيجزئه أن يكسو عنه السيد أو يطعم ؟ قال : قال مالك : الصوم أحب إلي وإن أذن له سيده فأطعم أو كسا أجزأه وما هو عندي بالبين وفي قلبي منه شيء والصيام أحب إلي قال ابن القاسم : وأرجوأن يجزىء عنه إن فعل وما هو عندي بالبين وأما العتق فإنه لا يجزئه قلت : كم يصوم العبد في كفارة اليمين قال : مثل صيام الحر قلت : والعبد في جميع الكفارات مثل الحر فى قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت من حلف فحنث في اليمين بالله وهو عبد فأعتق فأيسر فأراد أن يعتق عن يمينه أيجزئه أم لا ؟ قال : ومجزىء عنه ولم أسمعه من مالك وإنما منع العبد أن يعتق وهو عبد لأن الولاء كان لغيره قال ابن مهدي عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي أسلم عن مجاهد قال : ليس على العبد إلا الصوم والصلاة
كفارة اليمين أو إطعام كفارة اليمين
قال ابن القاسم : وسئل مالك عن الحنطة في كفارة اليمين أتغربل ؟ قال : إذا كانت نقية من التراب والتبن فأراها تجزىء وإن كانت مغلوثة بالتبن فإنها لا تجزىء حتى يخرج ما فيها من التبن والتراب قلت : أرأيت كم إطعام المساكين في كفارة اليمين ؟ قال : قال مالك : مد مد لكل مسكين قال مالك : وأما عندنا فهنا فليكفر بمد النبي E في اليمين بالله مد مد وأما أهل البلدان فإن لهم عيشا غير عيشنا فأرى أن يكفروا بالوسط من عيشهم يقول الله : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } ( المائدة : 89 ) قلت : ولا ينظر فيه في البلدان إلى مد النبي صلى الله عليه وسلم فيجعله مثل ما جعله في المدينة قال : هكذا فسر لنا مالك كما أخبرتك وأنا أرى إن كفر بالمد مد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يجزىء عنه حيثما كفر به قلت : وما يظن أن مالكا أراد بهذا في الكفارة ؟ قال : أراد به القمع قلت : ولا يجزىء أن يعطي العروض مكان هذا الطعام وإن كان مثل ثمنه ؟ قال : نعم لا يجزىء عند مالك قلت : أيجزىء أن يغديهم ويعشيهم في كفارة اليمين بالله ؟ قال : قال مالك : إن غذى وعشى أجزأه ذلك قال : وسالنا مالكا عن الكفارة أغداء أوعشاء أم غداء بلا عشاء وعشاء بلا غداء ؟ قال : بل غداء وعشاء قلت : كيف يطعم أيطعمهم قفارا أو يطعمهم الخبز والملح أو الخبز والإدام ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال : الخبز والزيت قلت : أرأيت إن غدى الفطيم من الكفارة أيجزىء عنه ؟ قال : سألت ابن وهب عن مالك هل يعطى الفطيم من الكفارة ؟ قال : نعم قال مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين منهم مد من حنطة قال : وكان يعتق المرار إذا وكد اليمين قال ابن وهب : وأخبرني رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وزيد بن ثابت ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم في إطعام المساكين مد من حنطة لكل مسكين قال : وقال ذلك أبوهريرة وابن المسيب وابن شهاب قال ابن وهب وقال مالك بن أنس : سمعت أن إطعام الكفارات في الأيمان مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم لكل إنسان فإن إطعام الظهار لا يكون إلا شبعا لأن إطعام الأيمان فيه شرط ولا شرط في إطعام الظهار قال مالك : عن يحيى بن سعيد عن سليم بن يسار أنه قال : أدركت الناس وهم إذا أعطوا المساكين في كفارة اليمين بالمد الأصغر أو أن ذلك مجزىء عنهم وقال ابن القاسم وسالم مد مد قال ابن مهدي عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي مرثد المدني عن ابن عباس قال : مد من حنطة فإن في ربعه ما يأتدمه قال ابن مهدي عن ابن المبارك عن عبد الله بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما فقالا : غداء وعشاء قال ابن مهدي عن زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن أبيه قال قدرما يمسك أهل بيته غداءوعشاء قال ابن مهدي عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال : إذا اجتمع عشرة مساكين فأطعمهم خبزأ مأدومأ بلحم أو بسمن أو بلبن وقال الحسن وابن سيرين : وإن شاء أطعمهم خبزا ولحما أو خبزا ولبنا أو خبزا وزيتا قال ابن وهب عن مالك بن أبي عمران إنه سال القاسم فقال : غداء وعشاء
قلت : أرأيت الرجل يحلف باليمين بالله في أشياء شتى فيحنث أيجزئه أن يطعم غرة مساكين عن هذه الأيمان كلها في قول مالك ؟ قال : سئل مالك وأنا أسمع عن رجل كان عليه كفارة يمينين فيطعم عشرة مساكين عن يمين واحدة ثم أراد من الغد أن يطعم عن الأخرى فلم يجد غيرهم أيطعمهم عن اليمين الأخرى ؟ قال : ما يعجبي ذلك وليلتمس غيرهم قلت : فإن لم يجد غيرهم حتى مضت أيام ؟ قال : وإن مضت لهم أيام فهوالذي سالنا مالكا عنه فلا يفعل قال ابن مهدي عن سفيان الثوري عن جابر قال : سألت الشعبي عن الرجل يردد على المسكينين أو الثلاثة فيكرهه ابن مهدي عن محمد بن عبد الله عن يعقوب بن قيس الشعبي في رجل ظاهر من امرأته فسئل هل يعطي أهل البيت فقراءهم عشرة إطعام ستين مسكينآ قال : لا إطعام ستين مسكينآ كما أمركم الله الله أعلم بهم أرحم
إعطاء الذمى والغني والعبد وذوي القرابة من الطعام قلت : أرأيت أهل الذمة أيطعمهم من الكفارة ؟ قال : لا يطعمهم منها ولا من شيء من الكفارات ولا العبيد وإن أطعمهم لم يجز عنه قلت : أرأيت إن أكسى أو أطعم عبد رجل محتاج أيجزىء عنه أم لا في قول مالك ؟ قال : لا يجزىء عنه لأن مالكا قال : لايجزىء أن يطعم عبدا قلت : ويجزىء أن يطعم في الكفارات أم ولد رجل فقير ؟ فقال : لا يجزىء لأنها بمنزلة العبد قلت : أرأيت إن أطعم غنيا وهو لا يعلم ثم علم ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا يجزئه لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه عشرة مساكين ؟ هذا الغني ليس بمسكين فقد تبين له أنه أعطاه غير أهله الذين فرض الله لهم الكفارة فهو لا يجزئه قلت : أرأيت من له المسكن والخادم أيعطي من كفارة اليمين أم لا ؟ فقال : سألت مالكا عن الرجل يعير منها من له المسكن والخادم فقال : أما من له المسكن الذي لا فضل في ثمنه والخادم التي تكف وجه أهل البيت التي لا فضل في ثمنها فأرى أن يعطي من الزكاة وأرى كفارة اليمين بهذه المنزلة لأن الله تبارك اسمه قال في الإطعام في الكفارة عشرة مساكين فالأمر فيهما واحد في هذا وقال في الزكاة : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } { التوبة : 60 } فهم هاهنا مساكين وهاهنا مساكين قلت : أرأيت إن أطعم ذا رحم محرم أيجزئه في الكفارة في قول مالك ؟ قال : سألنا مالكا عن الرجل تجب عليه الكفارة أيعطيها ذا قرابة إليه ممن لا تلزمه نفقتهم ؟ قال : ما يعجبني ذلك قلت : فإن أعطاهم أيجزئه ذلك أم لا ؟ قال : أرى إن كان فقيرا أجزأه قلت : وجميع الكفارات في هذا سواء قال : الذي سأ لت مالكا إنما هو عن كفارة اليمين وأراها كلها هي والزكاة سواء لأنه محمل واحد قال : وأخبرني ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن نافع أنه قال : لا يطعم نصراني في كفارة يمين قال : وقال ربيعة وغيره من أهل العلم : إنه لا يعطى منها يهودي ولا نصراني ولا عبد شيئا وقال الليث مثله قال ابن مهدي عن إسرائيل عن مهدي عن ليث عن مجاهد قال : لا يتصدق إلآ على أهل دينه قال ابن مهدي عن إسرائيل عن جابر عن الحكم لال : لا يتصدق عليهم وقال الحكم : لا يجزىء إلا مساكين مسلمين قال ابن مهدي عن حماد بن زيد قال : سألت أيوب عن الأخ أيعطيه من كفارة اليمين ؟ قال : أمن عياله ؟ قلت : لا قال : نعم قلت : فما تعلم أحدا من القرابة لا يعطى ؟ قال الغني قلت : فالأب ؟ قال : لا يعطي قال سحنون : وقد كره ابن المسيب ومالك إعطاء القريب من الزكاة
تخيير التكفير في كفارة اليمين
قلت ؟ أرأيت من حنث في اليمين بالله أهومخير في أن يكسوأويطعم أو يعتق في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن لم يقدرعلى شيء صام ؟ قال : نعم قلت : وهل يجوز له أن يصوم وهو يقدر على أن يطعم أو يكسو أو يعتق ؟ قال لا يجزئه أن يصوم وهو يقدر على شيء قال : وأخبرني ابن وهب عن عثمان بن الحكم الجذامي عن يحيى بن سيد أنه قال في كفارة الأيمان إن شاء أطعم وإن شاء أعتق وإن شاء كسا فإن لم يجد شيئا من هذه الثلاث صام ثلاثة أيام وقال ابن شهاب مثله وقال ابن المسيب مثله وغيره من أهل العلم وقالوا كل شيء في القرآن أوأو فصاحبه مخير أفي ذلك شاء فعل قال ابن مهدي عن سفيان عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال : كل شيء في القرآن أو فهو مخير وما كان فمن لم يجد يبدأ بالأول فالأول وقاله عطاء بن أبي رباح وقال أبو هريرة إنما الصيام لمن لم يجد في كفارة اليمين
الصيام في كفارة اليمين
قلت : أرأيت الصيام في كفارة اليمن أمتتابع في قول مالك أم لا ؟ قال : إن تابع فحسن وإن لم يتابع أجزأ عنه عند مالك قلت : أرأيت إن أكل في صيام كفارة اليمين أو شرب ناسيا ؟ قال : قال مالك : يقضي يوما مكانه قلت : أرأيت إن صامت امرأة في كفارة اليمين فحاضت ؟ قال : تبني عند مالك قلت : أرأيت إن صام في كفارة اليمين في أيام التشريق ؟ قال : لا يجزىء عنه إلآ أن يصوم اخر يوم منها فعسى أن يجزئه وما يعجبني أن يصومه فإن صامه أجزأ عنه لأني سمعت مالكا يقول فيمن نذر صيام آخر يوم من أيام التشريق فليصمه ومن نذر صيام أيام النحر فلا يصمها قال مالك : ولا أحب لأحد أن يبتدىء صياما وإن كان واجبا عليه في آخر أيام التشريق قال مالك عن حميد عن مجاهد عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ فصيام ثلاثة أيام متتابعات قال سفيان عن ليث عن مجاهد قال : كل صيام فى لقرآن متتابع إلا قضاء رمضان قال ابن مهدي عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال : في قراءة عبد الله فصيام ثلاثة أيام متتابعات قال ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال : سئل طاوس عن صيام كفارة اليمين قال : تفرق فقال مجاهد : يا أبا عبد الرحمن - في قراءة ابن مسعود - فصيام ثلاثة أيام متتابعات قال : فهى متتابعات قال ابن مهدي عن الحجاج عن عطاء إنه كان لا يرى بتفريقهن باسا وقال إبراهيم النخعي إذا كان على المرأة شهران متتابعان فأفطرت من حيض فلا بد من الحيض فإنها تقضي ما أفطرت
كفارة الموسر بالصيام
قلت : أرأيت من كان ماله غائبا عنه أيجزئه أن يكفر كفارة اليمين الصيام ؟ قال : لا ولكن يتسلف قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا قلت : أرأيت إن حنث في يمينه فاراد أن يكفر وله مال وعليه دين مثله أيجزئه أن يصوم فى قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إذا كان عليه من الدين مثل جميع ما في يديه ولا مال له غيره أجزأه الصوم قلت : أرأيت إن كانت له دار يسكنها أو خادم أيجزئه الصوم في قول مالك في كفارة اليمين ؟ قال : لا يجزئه قلت : أرأيت من كان عليه ظهار وله دار أو خادم أيجزئه الصوم أم لا ؟ قال : لا يجزئه وإنما جعل الله الصوم لمن لم يجد كفارة اليمين كما جعل الصيام في الظهار لمن يجد رقبة قال ابن مهدي عن سفيان عن جابر عن الحكم في رجل عليه رقبة وله رقبة ليس له غيرها قال : يعتقها
كفارة اليمين بالكسوة
قلت : أرأيت الرجال كم يكسوهم في قول مالك ؟ قال : ثوبا ثوبا قلت : فهل تجزىء العمامة وحدها ؟ قال : لا يجزىء إلا ما تحل فيه الصلاة لأن مالكا قال في المرأة : لا يجزىء أن يكسوها في كفارة اليمين إلا ما يحل لها الصلاة فيه الدرع والخما ر قال ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال : ثوبا لكل مسكين في كفارة اليمين قال ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن مجاهد وسعيهد بن المسيب ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم مثله قال ابن مهدي عن سفيان وشعبة عن المغيرة وإبراهيم قال : ثوبا جامعا قال سفيان عن يونس عن الحسن قال : ثوبان قال ابن مهدي عن سفيان عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال : عمامة يلف بها رأسه وعباءة يلتحف بها قال سحنون : إذا كتبت هذا كقول مالك ثوبان للمرأة لأنه أدنى ما يصلى به
كفارة اليمين بالعتق
قلت : أرأيت المولود والرضيع هل يجزيان في عتق كفارة اليمين ؟ قال : وقال مالك : من صلى وصام أحب إلي وإن لم يجد غيره وكان ذلك من قصر النفقة رأيت أن يجزىء ؟ قال مالك : والأعجمي الذي قد أجاب الإسلام عندي كذلك وغيره أحب إلي فإن لم يجد غيره أجزأ عنه قلت : وما وصفت لي من الرقاب في كفارة الظهار هو يجزىء في اليمين بالله ؟ قال : سألت مالكا عن العتق في الرقاب الواجبة وما أشبهها فمحملها كلها عندي سواء كفارة اليمين وكفارة الظهار وغيرهما سواء يجزىء في هذا ما يجزىء في هذا قلت : أرأيت أقطع اليد والرجل أيجزئه عند مالك ؟ قال : سئل مالك عن الأعرج فكرهه مرة وأجازه مرة وآخر قوله أنه قال : إذا كان عرجا خفيفا فإنه جائز وإن كان عرجا شديدا فلا يجزىء وإلا قطع اليد لا شك فيجه أنه لا يجزئه قلت : أرأيت المدبر والمكاتب وأم الولد والمعتق إلى سنين هل تجزىء في الكفارة قال : لا يجزىء عند مالك في الكفارة شيء من هؤلاء قلت : فإن اشترى أباه أو ولده أو ولد ولده أو أحدا من أجداده أيجزىء أحد من هؤلاء في الكفارة ؟ قال : سألت مالكا عنه فقال : لا يجزىء في الكفارة أحد ممن يعتق عليه إذا ملكه من ذوي القرابة لأنه إذا اشتراه لا يقع له عليه ملك إنما يعتق باشترائه إياه قال مالك : ولا أحب له أن يعتق في عتق واجب إلا ما كان يملكه بعد ابتياع ولا يعتق عليه قلت : أرأيت الرجل يقول للرجل أعتق عني عبدك في كفارة اليمين أو كفر عني فيعتق عنه أويطعم عنه أويكسو ؟ قال : ذلك يجزئه عند مالك قلت : فإن هوكفر عنه من غير أن يامره ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا أو أراه يجزىء ألا ترى أن الرجل يموت وعليه كفارة من ظهار أو غير ذلك فيكفر عنه أهله أو غيرهم فيجوز ذلك قلت : وهذا قول مالك أن هذا يجزئه في الميت ؟ فال : نعم في الميت هو قوله قلت : أرأيت إن اشترى الرجل امرأته وهي حامل منه أتجزىء عنه في شيء من الكفارات إذا أعتقها قبل أن تضع حملها في قول مالك ؟ قال : لا تجزىء عنه لأن مالكأ جعلها أم ولد بذلك الحمل حين اشتراها قال ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في المدبر لا يجزىء قال ابن وهب وقال عبد الجبار عن ربيعة لا يجزىء المكاتب ولا أم الولد في شيء من الرقاب الواجبة وقاله الليث وقال ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء في الموضع تجزىء في الكفارة قال ابن وهب عن مالك وسفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رجلا من الأنصار أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوليدة سوداء فقال : يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ قالت : نعم قال : أتشهدين أن محمدا رسول الله ؟ قالت : نعم قال : فتوقنين بالبعث بعد الموت ؟ قالت ؟ نعم قال : أعتقها قال ابن وهب عن مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار كل عن عمر بن الحكم أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي جارية كانت ترعى غنما فقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت : أكلها الذئب فاسفت وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفاعتقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أين الله ] ؟ فقالت : هو في السماء ثم قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله قال : فأعتقها قال ابن وهب وقال مالك : أحسن ما سمعت في الرقبة الواجبة أنه لا يشتريها الذي يعتقها بشرط على أن يعتقها لأن تلك ليست برقبة تامة وفيها شرط يوضع عنه من ثمنها للشرط قال ابن وهب : قال مالك : ولا باس أن يشرط للتطوع قال ابن وهب : قال مالك : وبلغني أن عبد الله بن عمر سئل عن الرقبة الواجبة هل تشترى بشرط ؟ فقال : لا وقال الحسن والشعبي : لا يجزىء الأعمى وقاله النخعي أيضا وقال عطاء : لا يجزىء أشل ولا أعرج ولا صبي لم يولد في الإسلام من حديث بشربن منصورعن جريج عن عطاء قال ابن مهدي وقال سفيان عن المغيرة عن إبراهيم وجابر عن الشعبي قال : لا تجزىء أم ولد في الواجب قال ابن مهدي عن ابن المبارك عن الأوزاعي قال : سألت إبراهيم النخعي عن المرضع أتجزئه في كفارة الدم قال : نعم قال ابن وهب عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال : لا يجزىء عنه إلا مؤمنة وقال عطاء : لا تجزىء إلا مؤمنة صحيحة وقال يحيى بن سعيد لا يجوز أشل ولا أعمى وقال ابن شهاب لا يجوز أعمى ولا أبرص ولا مجنون
تفريق كفارة اليمين
قلط أرأيت إن كسا وأعتق وأطعم عن ثلاثة أيمان ولم ينو الإطعام عن واحدة من الأيمان ولا الكسوة ولا العتق إلآ أنه نوى بذلك الأيمان كلها ؟ قال : يجزئه عند مالك لأن هذه الكفارات كلها إنما هي عن الأيمان التي كانت بالله فذلك يجزئه قلت : وكذلك إذا أعتق رقبة ولم ينو به عن أي أيمانه يعتقها إلا أنه نوى بعتقها عن إحدى هذه الأيمان وليست بعينها وقد كانت أيمانه تلك كلها بأشياء مختلفة إلا أنها كلها بالله أتجزئه في قول مالك ؟ قال : نعم
قلت : أرأيت إن أطعم خمسة مساكين وكسا خمسة أيجزئه ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يجزئه لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه : { إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } ( المائدة : 89 ) فلا يجزىء أن يكون بعض من هذا وبعض من هذا لا يجزىء إلآ أن يكون نوعا واحدا
الرجل يعطي المسكين قيمة كفارة يمينه
قلت : أرأيت إن أعطى المساكين قيمة الثياب أيجزىء أم لا ؟ قال : لا يجزىء عند مالك قال ابن مهدي عن سفيان عن جابر قال : سألت عامر الشعبي عن رجل حلف على يمين فحنث هل يجزىء عنه أن يعطي ثلاثة مساكين أربعة دراهم ؟ قال : لا جزىء عنه إلا أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم
بنيان المساجد وتكفين الأموات من كفارة اليمين
قلت : أرأيت إن أعطى من كفارة يمينه في ثياب أكفان الموتى أو في بناء المساجد أو في قضاء دين أو في عتق رقبة أيجزئه في قول مالك ؟ قال : لا يجزئه عند مالك ولا يجزئه إلا ما قال الله : { إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة } { المائدة : 89 } فلا يجزىء إلآ ما قال الله ثم قال : { وما كان ربك نسيا } { مريم : 64 } قلت : أرأيت إن وهبت له كفارته أو تصدق بها عليه أو اشتراها أكان مالك يكره له ذلك ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن مالكا كان يكره للرجل أن يشتري صدقة التطوع فهذا أشد الكراهية وذلك رأيي قلت : وقد كان يكره أن يقبل الرجل صدقة التطوع ؟ قال : نعم وقد جاء ذاعن عمربن الخطاب وهذا مثلث في كتاب الزكاة
الرجل يحلف أن لا يكل طعاما فيأكل بعضه أو يشتريه أو يحوله عن حاله تلك إلى حال آخر فيأكله
قلت : أرأيت إن قال : والله لا آكل هذا الرغيف فاكل نصفه أيحنث في قول مالك قال : قال مألك : نعم قلت : أرأيت إن حلف لياكل هذه الرمانة فاكل نصفها وترك نصفها أحنث أم لا قال : يحنث قلت : وهذا قول مالك قال : نعم قلت : أرأيت إن حلف لياكلن هذا الرغيف اليوم فاكل اليوم نصفه وغدا نصفه قال : أراه حانثا ولم أسمع من مالك في هذه الأشياء شيئا ولكنا نحمل الحنث على من وجدنا حانثا في حال قلت : أرأيت الرجل يحلف أن لا ياكل هذا الدقيق فاكل خبزا خبز من ذلك الدقيق أيحنث أم لا في قول مالك أو حلف أن لا ياكل هذه الحنطة أو من هذه الحنطة فاكل سويقا عمل من تلك الحنطة أوخبزا خبز من تلك الحنطة أو الخطة بعينها صحيحة أو أكل الدقيق بعينه أحنث أم لا في هذا كله في قول مالك قال : ابن القاسم هذا حانث في هذا كله لأن هذا كهذا يؤكل قلت : أرأيت إن حلف أن لا ياكل من هذا الطلع فاكل منه يسرا أو رطبا أو تمرا أيحنث في قول مالك ؟ قال : إن كان نيته أن لا ياكل من الطلع بعينه وليس نيته على غيره فلا شيء عليه وإن لم تكن له نية فلا يقربه قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا قلت : أرأيت إن حلف أن لا ياكل من هذا اللبن فاكل من جبنه أو من زبده ؟ قال : هذا مثل الأول إن لم تكن له نية كما أخبرتك فهو حانث قلت : أرأيت إن حلف فقال : والله لا آكل من هذه الحنطة فزرعت فاكل من حب خرج منها ؟ قال : قال مالك في الذي حلف أن لا ياكل من هذا الطعام فبيع فاشترى من ثمنه طعاما آخر قال مالك : لا يأكل منه إذا كان على وجه المن وإن كان بكراهية الطعام لخبثه ورداءته أو سوء صنعته قال مالك : فلا أرى باسا فقس مسألتك في الزرع على هذا إن كان على وجه المن فلا يأكل مما يخرج منه بان كان لرداءة الحب فلا باس أن يأكل مما يخرج منها قلت : أرأيت إن حلف أن لا يشرب هذا السويق فاكله أيحنث ؟ قال : إن كان إنما كره شربه لأذى يصيبه منه مثل المغص يصيبه عليه أو النفخ أو الشيء فلا أراه حانثا إن هوأكله وإن لم تكن له نية فإن أكله أو شربه حنث قلت : أرأيت إن قال والله لا آكل هذا اللبن فشربه أيحنث في قول مالك أم لا ؟ قال : قد أخبرتك في هذه الأشياء إن لم تكن له نية حنث وإن كانت له نيه فله نيته قلت : أرأيت إن حلف أن لا ياكل سمنا فاكل سويقا ملتوتا بسمن فوجد فيه طعم السمن أو ريح السمن ؟ قال : هذا مثل ما أخبرتك إن كانت له نية في ذلك السمن الخالص وحده بعينه فله نيته ولا يحنث وإن لم تكن له نية فهوحانث وقد فسرت لك قلت : فإن لم يجد ريح السمن ولا طعمه في السويق ؟ قال : لا يراد من هذا ريح ولا طعم وهو على ما أخبرتك وفسرت لك قلت : أرأيت إن حلف أن لا ياكل خلافا فاكل مرقا فيه خل ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى فيه حنثا إلا أن يكون أراد أن لا ياكل طعاما داخله الخل قال ابن مهدي عن المغيرة عن إبراهيم قال : سئل عن رجل قال : كل شيء يلبسه من غزل امرأته فهو يهديه أيبيع غزلها ويشتري به ثوبا فيلبسه ؟ قال : إبراهيم : لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها
الرجل يحلف أن لا يهدم البئر فيهدم منها حجرا أو يحلف أن لا يأكل طعامين فيأكل أحدهما
قلت : أرأيت الرجل يحلف أن لا يهدم هذه البئر فيهدم منها حجرا واحدا ؟ قال : قال مالك : هوحانث إلآ أن يكون له نية في هدمها كلها قلت : أرأيت إن قال : والله لا آكل خبزا وزيتآ أو قال : والله لا أكلت خبزا وجبنا فاكل أحدهما أيحنث في قول مالك أم لا ولا نية له ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلآ أن مالكا قال : من حلف أن لا يأكل شيئين فاكل أحدهما أو قال : لا أفعل فعلين ففعل أحدهما حنث فإن كان هذا الذي قال : لا آكل خبزأ وزيتا أو خبزا أو جبنا لم تكن له نية فقد حنث وإن كانت له نية أن لا ياكل خبزا بزيت أو خبزا بجبن وإنما كره أن يجمعهما لم يحنث
الذي يحلف أن لا يأكل طعاما فذاقه أو أكل ما يخرج منه
قلت : أرأيت إن حلف أن لا يأكل طعامآ فذاقه ولا يشرب شراب كذا وكذا فذاقه أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال ابن القاسم : إن لم يكن يصل إلى جوفه لم يحنث قلت : أرأيت إن قال : والله لا أكلت من هذه النخلة بسرا أو قال : والله لا أكلت بسر هذه النخلة فاكل من بلحها أيحنث أم لا ؟ قال : لا يحنث قلت : أرأ يت إن قال : والله لا آكل لحما ولا نية له فاكل حيتانا قال : بلغني عن مالك أنه قال : هوحانث لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : { وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا } ( النحل : 4 ا ) قال مالك : إلا أن يكون له نية فله ما نوى قلت : أرأيت إن حلف أن لا ياكل رؤوسا فاكل رؤوس السمك أو حلف أن لا ياكل بيضا فاكل بيض السمك أو بيض الطير سوى الدجاج أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال ابن القاسم : إنما ينظر إلى الذي جرت يمينه ما هو فيحمله عليه لأن للأيمان بساطا فيحمل الناس على ذلك فإن لم يكن ليمينه كلام يستدل به على ما أراد بيمينه ولم تكن له نية لزمه في كل ما يقع عليه ذلك الاسم الحنث وقد أخبرتك في اللحم أنه إن أكل الحيتان حنث إن لم تكن له نية وإنما اللحم عند الناس ما قد علمت قلت : أرأيت إن حلف أن لا ياكل لحما فأكل شحما أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال : من حلف أن لا ياكل لحما فاكل شحما فإنه يحنث قلت : فشحم الثروب وغيرها من الشحوم سواء في هذا ؟ قال : الشحم كله عند مالك من اللحم إلا أن يكون له نية أن يقول إنما أردت اللحم بعينه قال مالك : ومن حلف أن لا ياكل شحما فأكل لحما فلا شيء عليه ومن حلف أن لا ياكل اللحم فاكل الشحم حنث فلا ياكل الشحم لأن الشحم من اللحم قال ابن مهدي عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال : من حلف أن لا ياكل الشحم فلياكل اللحم ومن حلف أن لا ياكل اللحم فلا ياكل الشحم لأن الشحم من اللحم
الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فسلم عليه في صلاة أو غير صلاة وهو لا يعلم أو علم
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فصلى الحالف يقوم والمحلوف عليه فيهم فسلم من صلاته عليهم أيحنث أم لا ؟ قال : لا يحنث قال : وقد بلغني ذلك عن مالك قلت : أرأيت لو صلى الحالف خلف المحلوف عليه وقد علم أنه أمامهم فرد عليه السلام حين سلم من صلاته ؟ قال : قال مالك : وهذا لاحنث عليه وليس مثل هذا كلاما قلت : أرأيت إن حلف أن لا يكلم فلانا فمر بقوم وهو فيهم فسلم عليهم وقد علم أنه فيهم أو لم يعلم ؟ قال : قال مالك : هوحانث إلا أن يحاشيه قلت : علم أو لم يعلم ؟ قال : نعم قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فسلم على قوم وهو فيهم ؟ قال : قال مالك : يحنث إلا أن يكون حاشاه قال مالك : وإن مر في جوف الليل فسلم عليه وهولا يعرف حنث
الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فيرسل إليه رسولا أو يكتب إليه كتابا
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فارسل إليه رسولا أو كتب إليه كتابا ؟ قال : قال مالك : إن كتب إليه كتابا حنث وإن أرسل إليه رسولا حنث إلا أن يكون له نية على مشافهته قلت : أرأيت إن كان في الكتاب له نية على المشافهة ؟ قال : قال مالك : في هذا مرة إن كان نوى فله نيته ثم رجع بعد ذلك فقال : لا أرى أن أنويه في الكتاب وأراه في الكتاب حانثا قال مالك : وإن كتب إليه فاخذ الكتاب قبل أن يصل إلى المحلوف عليه فلا أرى عليه حنثا وهو آخر قوله
الرجل يحلف أن لا يساكن رجلا
قلت : أرأيت الرجل يحلف أن لا يساكن فلانا فسكنا في دار فيها مقاصير فسكن هذا في مقصورة وهذا في مقصورة أيحنث أم لا ؟ قال : إن كانا في دار واحدة وكل وأحد منهما في منزله والدار تجمعهما فاراه حانثا في مسألتك وكذلك سمعت مالكا يقول : وإن كانا في بيت واحد رفيقين فحلف أن لا يساكنه فانتقل عنه إلى منزل في الدار يكون مدخله ومخرجه ومرافقه في حوائجه ومنافعه على حدة فلا حنث عليه إلآ أن يكون نوى الخروج من الدار لأني سمعت مالكا يقول وسأله رجل عن امرأة له وأخت له كانتا ساكنتين في منزل واحد وحجرة واحدة فوقع بينهما ما يقع ين النساء من الشر فحلف الرجل بطلاق امرأته أن لا يساكن إحداهما صاحبتها فتكارى منزلا سفلا وعلوا ولكل منزل منهما مرفقه على حدة مرحاضه ومغتسله ومطبخه ومدخله ومخرجه على حدة إلا أن سلم العلوي في الدار يجمعهما باب الدار يدخلان منه ويخرجان منه قال مالك : لا أرى عليه خثا إذا كانا كذا معتزلين هكذا قلت : أرأيت إن قال : والله لا أساكنك فسكنا في قرية أيحنث أم لا ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أراه يحنث إلا إن كان معه في دار قلت : وكذلك لو ساكنه في مدينة من المدائن ؟ قال : نعم لا حنث عليه إلا أن يساكنه في دار قلت : أرأيت إن حلف أن لا يساكنه فزاره ؟ قال : قال مالك : ليست الزيارة سكنى قال مالك : وينظر في ذلك إلى ما كانت عليه أول يمينه فإن كان إنما ذلك لما يدخل بين العيال والصبيان والنساء فذلك عندي أخف لان كان إنما أراد التنحي عنه فهو عندي أشد
الرجل يحلف أن لا يسكن دار رجل
قلت : أرأيت إن حلف أن لا يسكن هذه الدار وهو فيها ساكن متى يؤمر بالخروج في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يخرج ساعة يحلف فإن كانت يمينه في جوف الليل قال : قال مالك : فارى أن يخرج تلك الساعة فراجعه ابن كناية فيها فقال له : ألا ترى له أن يمكث حتى يصبح ؟ قال مالك : إن كان نوى ذلك وإلآ انتقل تلك الساعة فرأيته حين راجعه ابن كنانة راجعه فيها مرارا فلم يجبه على هذا ولم يساله إن أقام حتى يصبح فرأيته يراه حانثا إن أقام حتى يصبح إن لم يكن له نية أنه حانث وذلك رأيي فقلت لمالك : فإن كانت له نية حتى يصبح أيقيم يلتمس مسكنا بعد ما أصبح ؟ قال : قال مالك : يتعجل ما استطاع قيل له أنه لا يجدمسكنا قال : هو يجده ولكنه لعله أن لا يجده إلا بالغلاء أو الموضع الذي لا يوافقه فلينتقل ولا يقم لان كان إلى مثل هذه المواضع فلينتقل إليه حتى يجد على مهل فإن لم ينتقل رأيته حانثا قلت : أرأيت إن ارتحل بعياله وولده وترك متاعه ؟ قال مالك : لا يترك متاعه قلت : فان ترك متاعه أيحنث في قول مالك أم لا ؟ قال : نعم قلت والرحلة عند مالك أن ينتقل بكل شيء له ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن حلف أن لا يسكن دار فلان هذه فباعها فلان أيحنث إن سكن أم لا ؟ قال : أرى أن لا يسكن هذه الدار إذا سماها بعينها وإن خرجت من ملك واحد بعد واحد إلا أن يكون أراد ما دامت في ملك المحلوف عليه فإن سكن حنث فهذا حين حلف أن لا يسكن دار فلان هذه فإن كان أراد أن لا يسكن هذه الدار فلا يسكنها أبدا فإن سكنها حنث قال : وإن كان إذا أراد ما دامت لفلان فإن خرجت من ملك فلان فلا باس عليه في سكناها قلت : فإن قال والله لا أسكن دار فلان فباعها فلان ؟ قال : أرى أنه لا يحنث إن سكنها إلا أن يكون نوى أن لا يسكنها وإن خرجت من ملكه قلت : أرأيت إن حلف أن لا يسكن دار فلان فسكن دارا بين فلان ورجل آخر أيحنث أم لا ؟ قال : نعم يحنث لأنى سمعت مالكا يقول في رجل قال لامرأته أنت طالق إن كسوتك هذين الثوبين ونيته أن لا يكسوها إياهما جميعا فكساها أحدهما أنها قد طلقت عليه قلت : أرأيت إن قال لامرأته إن سكنت هذه الدار وهي فيها ساكنة فأنت طالق ؟ قال : تخرج فإن تمادت في سكناها يحنث فكذلك اللباس والركوب إذا كانت راكبة أو لابسة فإن هي ثبتت على الدابة أو لم تنزع اللباس مكانها من فزرها فهي طالق
الرجل يحلف أن لا يدخل بيتا أولا يسكن بيتا
قلت : أرأيت إن قال : والله لا أسكن بيتا ولا نية له وهو من أهل القرى أو من أهل الحاضرة فسكن بيتا من بيوت الشعر أتراه حانثا في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه إن لم تكن له نية فهو حانث لأن الله تبارك وتعالى يقول : { بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم } ( النحل : 80 ) فقد سماها الله بيوتا قال : ولقد سألت مالكا عن الرجل يحلف بطلاق امرأته ماله مال ولا مال له يعلمه فيكون قد وقع له ميراث بارض قبل يمينه قال مالك : إن كان لم ينوحين حلف أنه ماله مال يعلمه فارى أنه قد حنث وإن كان نوى حين نوى أنه ماله مال يعني ما لا يعلمه لم يحنث
الرجل يحلف أن لا يدخل على رجل بيتا
قلت : أرأيت رجلا حلف أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل عليه في المسجد أيحنث أم لا ؟ قال : لا يحنث قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قد بلغني عن مالك أنه قال : لا حنث على هذا وليس على هذا حلف قلت : أرأيت لوأن رجلا حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل الحالف على جار له بيته فإذا فلان المحلوف عليه في بيت جاره ذلك أيحنث أم لا ؟ قال : نعم يحنث
قلت : أرأيت ان حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل بيتا فدخل عليه فلان ذلك البيت ؟ قال : قال مالك : لا يعجبي في هذا بعينه قال ابن القاسم : وأرى إن دخل عليه فلان ذلك البيت أن لا يكون حانثا إلآ أن يكون نوى أن لا يجامعه في بيته ذلك فإن كان نوى ذلك فقد حنث قلت : أرأيت قول مالك في هذه المسالة لا يعجبنى أخاف الحنث في ذلك ؟ قال : نعم يخاف مالك الحنث
الرجل حلف أن لا يدخل دارا بعينها أو بغير عينها قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت حتى صارت طريقا أو خربة من الخرائب يذهب الناس فيها يخرقونها ذاهبين وجائين ؟ قال : أرى إذا تهدمت وخربت حق تصير طريقا فدخلها لم يحنث قلت : فلو بنيت بعد ذلك دارا ؟ قال : لا يدخلها لأنها حين بنيت بعد فقد صارت دارا قلت : أرأيت إن كان حلف أن لا يدخل دار فلإن فدخل بيت فلان المحلوف عليه وإنما فلان ساكن في ذلك البيت بكراء أيحنث أم لا ؟ قال : أرى المنزل منزل الرجل بكراء كان فيه أو بغير كراء ويحنث هذا الحالف إن دخلها قلت : أرأيت إن حلف أن لا يدخل دار فلان فقام على ظهر بيت منها أيحنث أم لا ؟ قال : يحنث قلت : أرأيت إن قال : والله لا أدخل من باب هذه الدار فحول بابها فدخل من بابها هذا المحدث أيحنث أم لا ؟ قال : يحنث قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا وهورأي إلا أن يكون كره الدخول من ذلك الباب لضيق أو لسوء ممر أو ممر على أحد ولم يكره دخول الدار بعينها فإن هذا إذا حول الباب ودخل لم يحنث قلت : أرأيت إن قال : والله لا أدخل من هذا الباب فاغلق ذلك الباب وفتح له باب آخر فدخل من ذلك الباب الذي فتح أيحنث أم لا ؟ قال : يحنث إلا أن يكون نوى أن لا يدخل من هذا الباب وإنما أراد ذلك الباب بعينه ولم يرد دخول الدار فإن لم تكن هذه نيته فهو حانث لأن نيته فهنا إنما وقعت على أن لا يدخل هذه الدار قلت : أرأيت من حلف أن لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان فادخله أيحنث أم لا ؟ قال : قال مالك وغيره من أهل العلم : إنه لا يحنث قلت : أرأيت إن قال احتملوني فأدخلونى ففعلوا ؟ قال : هذا حانث لا شك فيه
الرجل يحلف أن لا يأكل طعام رجل
قلت : أرأيت إن قال : والله لا آكل من طعام فلان فباع فلان طعامه ثم أكل من ذلك الطعام ؟ قال : فإنه لا يحنث إلآ أن يحلف لا أكلت من هذا الطعام بعينه فإنه لا ياكل منه وإن خرج من ملك فلان ذلك الرجل إن أكل منه حنث وإن انتقل من ملك رجل إلى ملك آخر إلا أن يكون نوى ما دام في يده قلت : أرأيت إن قال : والله لا آكل من طعام فلان ولا ألبس من ثياب فلان ولا أدخل دار فلان فاشترى هذا الحالف هذه الأشياء من فلان فاكلها أو لبسها أو دخلها بعد الاشتراء ؟ قال : ليس عليه شيء إلا أن يكون نواه بعينه أن لا ياكله قلت : فإن وهب هذا المحلوف عليه هذه الأشياء للحالف أو تصدق بها عليه فقبلها وأكلها أو لبس أو دخل الدار أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : ما يعجبني وما سمعت من مالك فيه شيئا ولكني إنما كرهته لك لأن هذأ إنما يكره لوجه المن
قال ابن القاسم : ألا ترى أنه إذا وهب له الهبة من الواهب عليه وإن اشترى منه فلا منة للبائع عليه ولا يعجبني هذا وأراه حانثا إن كان إنما كره منه إن فعل قال ابن القاسم : وبلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حلف أن لا ياكل لرجل طعاما فدخل ابن الحالف على المحلوف عليه فاعطاه خبزا ثم خرج به الصبى إلى إلىأبيه فتناوله أبوه منه فاكل منه وهو لا يعلم فسئل مالك عن ذلك فقال : أراه حانثا قلت : أرأيت إن حلف أن لا ياكل من طعام يشتريه فلان فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : أراه حانثا قلت : أرأيت إن حلف أن لا يأكل هذا الرغيف فأكره عليه فأكله ؟ قال : لا يحنث في رأيي قلت : فإن أكره فحلف أن لا ياكل كذا وكذا فاكله أيحنث أم لا ؟ قال : لا يحنث عند مالك والمكره عند مالك على اليمين ليس يمينه بيمين
الرجل يحلف أن لا تخرج امرأته إلآ بإذنه أو لا ياذن لامرأته أن تخرج
قلت : أرأيت إن حلف أن لا تخرج ابرأته من الدار إلا برأيه فاذن لها حيث لا تسمع فخرجت بعد الإذن أيحنث أم لا ؟ قان : بلغني أن مالكا سئل عن رجل حلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه فسافر فخاف أن تخرج بعده فقال : اشهدوا أني قد أذنت لها إن خرجت فهي على إذني فخرجت قبل أن ياتيها الخبر قال مالك : ما أراه إلآ قد حنث وقال مالك : ليس الذي أراد ولم أسمعه أنا من مالك إلكن بلغني ذلك عنه وهو رأيي وكذلك مسألتك
قلت : أرأيت إن حلف رجل أن لا ياذن لامرأته أن تخرج إلا في عيادة مريض فاذن لها فخرجت في عيادة مريض ثم عرضت لها حاجة غير العيادة وهي عند المريض فذهبت فيها أيحنث الزوج أم لا ؟ قال : لا يحنث قلت : أرأيت إن حلف لامرأته أن لا تخرج إلا في عيادة مريض فخرجت من غير أن ياذن لها إلى الحمام أو إلى غير ذلك أيحنث أم لا ؟ قال : لا يحنث في رأيي لأن الزوج لم ياذن لها إلى حيث خرجت إلا أن يعلم بذلك فيتركها فإن هوحين يعلم بذلك لم يتركها فإنه لا يحنث قلت : وإن لم يعلم حتى فرغت من ذلك ورجعت ؟ قال : لا حنث عليه في رأيي قال سحنون : وقد ذكر عن ربيعة شيئا مثل هذا أنه حانث في العيادة إذا أقرها لأنه قد كان يقدر على ردها فلما تركها كانه أذن لها في خروجها
الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه غدأ أو ليأكلن طعاما غدا
قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لرجل : والله لأقضينك حقك غدا فعجل له حقه اليوم أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يحنث إن عجل له حقه قبل الأجل وإنما يحنت إذا أخر حقه بعد الأجل قلت : فإن قال : والله لأكلن هذا الطعام غدا فأكله اليوم أيحنث أم لا ؟ قال : نعم هو يحنث قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا قلت : لم أحنثته في هذا ولم تحنثه في الأول ؟ قال : لأن هذا حلف على الفعل في ذلك اليوم والأول إنما أراد القضاء ولم يرد ذلك اليوم بعينه إنما أراد أن لا يتأخر ذلك اليوم وكذلك قال مالك فيه
الرجل يحلف أن لا يشتري ثوبا فاشترى ثوب وشيء
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يشتري ثوبا فاشترى ثوب وشيء أو غيره ؟ قال إن كانت له نية فله نيته فيما بينه وبين الله وإن كانت عليه بينة واشترى ثوبا حنث إن كان حلف بالطلاق أو بالعتاق أو بشيء مما يقضي عليه القاضي به قال ابن القاسم : لو أن رجلا حلف أن لا يدخل دارا سماها فدخلها بعد ذلك وقال : إنما نويت شهرأ قال : إن كانت عليه بينة لم يقبل قوله وإن كان فيما بينه وبين الله وجاء مستفتيا فله نيته فمسألتك مثل هذه
الرجل يحلف أن لا يلبس ثوبا
قلت : أرأيت إن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فتركه عليه بعد اليمين ؟ قال : بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال في رجل حلف أن لا يركب هذه الدابة وهو عليها قال : أرى إن كان نزل عنها مكانه وإلآ فهو حانث فمسألتك مثل هذا قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يلبس غزل فلانة فليس ثوبا غزلته فلانة وأخرى معها ؟
قال : أراه حانثا في رأيي قلت : أرأيت إن حلف أن لا يلبس هذا الثوب ؟ فقطعه قباء أو قميصا أو سراويل أو جبة ؟ قال : هو حانث إلا أن يكون إنما حلف لضيق فيه كره أن يلبسه على ذلك الحال أو لسوء عمله فكره لبسه لذلك فحوله فهذا له نية فإن لم تكن له نية حنث قلت : أرأيت لوأن رجلا حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو قميص أو قباء أو ملحفة فاتزر به أو لف به رأسه أو طرحه على منكبيه أيكون حانثا في قول مالك ؟ وهل يكون هذا لبسا عند مالك ؟ قال : سال رجل مالكا عن رجل حلف بطلاق امرأته البتة أن لا يلبس لها ثوبا فأصابته هراقة الماء فقام من الليل فتناول ثوبا عند رأسه فإذا هو ثوب امرأته وهو لا يعلم فوضعه بيديه على مقدم فرجه فقال مالك : لا أرى هذا لبسا فقيل لمالك : فلو أداره عليه ؟ فقال مالك : لو أداره عليه لرأيته لبسا فأما مسألتك فأراه لباسا وأراه حانثا وما سمعت من مالك فيه شيئا قلت : أرأيت إن حلف أن لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا غزلته فلانة وأ خرى معها ؟ قال : أراه حانثا في رأيي
الرجل يحلف أن لا يركب دابة رجل فيركب دابة عبده
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يركب دابة رجل فركب دابة لعبده أيحنث أم لا ؟ قال : سمعت مالكا يقول في العبد يشتري أرقاء لو اشتراهم سيده لعتقوا عليه قال مالك : يعتقون على سيدهم فإن كان العبد هو الذي اشتراهم لنفسه فإنهم أحرار على السيد إذا كانوا ممن يعتقون على السيد فمسألتك مثل هذا عندي أنه حانث إلآ أن يكون للحالف نية لأن ما في يدي العبد لسيده ألا ترى أن ما في يديه من الأرقاء الذين يعتقون على السيد أنهم أحرار قبل أن ياخذهم منه السيد وقال أشهب لا حنث عليه في دابة عبده ألا ترى أنه لو ركب دابة لابنه كان يجوز له اعتصارها لم يحنث فكذلك هذا الرجل يحلف ما له مال وله دين وعروض قلت : أرأيت رجلآ حلف ماله مال وله دين على الناس وعروض وغير ذلك ولا شيء له غيرذلك الدين أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : يحنث عند مالك لأني سمعت مالكا وسئل عن رجل أعاره رجل ثوبا فحلف بطلاق امرأته أنه لا يملك إلاثوبه وله ثوبان مرهونان أترى عليه حنثا ؟ قال : إن كان في ثوبيه المرهونين كفاف لدينه فلا أرى عليه حنثا وكانت تلك نيته مثل أن يقول ما أملك ما أقدر عليه يريد بقوله ما أملك ما أقدر إلا على ثوبي هذين فإن لم تكن له نية هكذا أوكان في الثوبين فضل رأيت أن يحنث فمسألتك مثل هذا قال ابن القاسم : لان لم تكن له نية وليس في الثوبين وفاء فارى أنه يحنث قلت : أرأيت ان حلف بالله ما له مال وليست له دنانير ولا دراهم ولا شيء من الأموال التي تجب فيها الصدقة وله شوار بيته وخادم وفرس أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك في هذا شيئا وما أشك أنه حانث لأني لا أحصي ما سمعت من مالك يقول من قال : ما لي مال وله عروض ولا قرض له أنه يحنث فهذا يدلك على أنه قد جعل العروض كلها أموالا إلآ أن يكون للحالف نية فتكون له نيته ألا ترى أن في الحديث الذي ذكروا عن النبي عليه السلام يوم خيبر أن فيه لم يغنم ذهبا ولا ورقا إلا الأموال المتاع والخرثي
الرجل يحلف أن لا يكلم رجلا أياما فيكلمه فيحنث ثم يكلمه أيضا
قلت : أرأيت لو إن رجلا حلف لرجل والله لا أكلمك عشرة أيام فكلمه في هذه العشرة فاحنثه ثم كلمه بعد ذلك مرة أخرى ؟ قال : لا حنث عليه عند مالك بعد الحنث الأول لان كلمه في العشرة الأيام قال : وكذلك إن كان كلمه في هذه العشرة أيام قبل أن يكفر مرارا لم يكن علمه إلا كفارة واحدة في قرل مالك ؟ قال : نعم
الرجل يحلف للرجل إن علم أمرا ليخبرنه فعلماه جميعا
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف لرجل إن علم أمر كذا وكذا ليخبرنه أو ليعلمنه ذلك فعلماه جميعا أترى الحالف إن لم يعلم المحلوف له أو يعلمه حانثا في قول مالك أو يقول إذا علم المحلوف له فلا شيء على الحالف ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه وأنا أرى أن علمهما لا يخرجه من يمينه حتى يخبره أو يعلمه ولقد سئل مالك عن رجل أسر إليه رجل سرا فاستحلفه على ذلك ليكتمنه ولا يخبر به أحدا فاخبر المحلوف له رجلأ بذلك السر فانطلق ذلك الرجل فاخبر الحالف فقال : إن فلانا أخبرني بكذا وكذا فقال الحالف : ما كنت أظن أخبر بهذا غيري ولقد أخبرني به فظن الحالف أن يمينه لا شيء عليه فيها إن أخبر هذا لأن هذا قد علم قال : قال مالك : أراه حانثا قلت : أرأيت ان حلف إن علم كذا وكذا ليعلمن فلانا وليخبرنه فعلم بذلك فكتب إليه بذلك أو أرسل إليه رسولا أيبرأ أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك شيئا وأراه بارا
الرجل يحلف أن لا يتكفل بمال أو برجل
قلت : أرأيت إن حلف أن لا يتكفل بمال أبدا فتكفل بنفس رجل أتحنثه أم لا ؟ قال : الكفالة عند مالك بالنفس هي الكفالة بالمال إلآ أن يكون قد اشترط وجها بلا مال فلا يحنث قلت : أرأيت إن حلفت أن لا أتكفل لرجل بكفالة أبدا فتكفلت لوكيل له بكفالة عن رجل ولم أعلم أنه وكيل للذي حلفت له ؟ قال : إذا لم تعلم بذلك ولم يكن هذا الذي تكفلت له من سبب الذي حلفت له مثل ما وصفت لك قبل في صدر الكتاب فلا حنث عليك
الرجل يحلف ليضربن عبده مائة
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف ليضربن عبده مائة سوط فجمعها فضربه بها ضربة واحدة ؟ لا قال مالك : لا يجزئه ذلك ولا يخرجه من يمينه قلت : أرأيت إن قال : والله ليضربن عبده مائة ضربة فضربه ضربا خفيفا ؟ قال : ليس الضرب إلآ ما هو الضرب الذي يؤلم قلت : أرأيت هذا الذي حلف ليضربن عبده مائة جلدة أن أخذ سوطا له رأسان أو أخذ سوطين فجعل يضربه بهما فضربه خمسين بهذا السوط الذي له رأسان أو بهذين السوطين أيجزئه من يمينه ؟ قال : سألت مالكا عن الرجل الذي يجمع سوطين فيضرب بهما قال : قال مالك : لا يجزئه ذلك
الرجل يحلف أن لا يشتري عبدا أو لا يضربه أو لا يبيعه سلعة
قلت : أرأيت إن حلف أن لا يشتري عبدا فامره غير فاشترى له عبدا أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : نعم يحنث عند مالك قلت : أرأيت إن حلف أن لا يضرب عبده فأمر غيره فضربه أيحنث أم لا ؟ قال : هذا حانث إلا أن يكون له نية حين حلف أن لا يضربه هو نفسه قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي قلت : أرأيمت إن حلف ليضربن عبده فامر غيره فضربه ؟ قال : هذا باز إلا أن يكون يمينه أن يضربه هو نفسه قلت : وكذلك لو حلف أن لا يبيع سلعة فامر غيره فباعها أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ولا تدينه في شيء من هذا في قول مالك ؟ قال : ما سمعت مالكا يدينه ولا أرى ذلك له
الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة رجل فاعطاه إياها غير الرجل
قلت : أرأيت لو أن رجلأ حلف أن لا يبيع لفلان شيئا وأن المحلوف عليه دفع إلى رجل سلعة ليبيعها فدفعها هذا الرجل إلى الحالف ليبيعها له ولم يعلم الحالف أنها للمحلوف عليه فباعها أيحنث أم لا في قول مالك ؟ قال : إن كان الذي دفع السلعة إلى الحالف من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فإني أرى أنه قد حنث لأني سمعت مالكا يقول في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعته من رجل فباعها من غيره فإذا هذا المشتري إنما اشتراها للمحلوف عليه قال : قال مالك : إن كان المشتري من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فاراه حانثا وإلا فلا حنث عليه قال : فقيل لمالك : إنه لمد يقدم إليه وقال له الحالف : إن علي يمينا أن لا أبيع من فلان فقال المشتري : إنما اشتريت لنفسي فباعه على ذلك فلما وجب البيع قال المشتري : ادفع السلعة إلى فلان المحلوف عليه فإني إنما اشتريتها له قال : قال مالك : لزمه البيع قلت : فإن الحالف يقول : فإني قد تقدمت إليه في ذلك ؟ قال : لا ينفعه ذلك قال : فقيل لمالك أترى عليه الحنث ؟ قال : قال مالك : إن كان المشتري من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فقد حنث ولم ير ما يقدم إليه ينفعه قال : فقلت لابن القاسم ما معنى قوله من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته ؟ قال : الصديق الملاطف أو من هو في عياله أو هو من ناحيته ولم يفسره لنا هكذا ولكنا علمنا أنه هو كذا
الرجل يحلف لغريمه ليقضينه حقه فيقضيه نقصا
قلط : أرأيت الرجل يحلف أيدفعن إلى فلان حقه وهو دراهم فقضاه نقصا ؟ قال : قال مالك : لو كان فيها درهم واحد ناقص لكان حانثا قال : وإن كان فيها شيء بار لا جوز فإنه حانث قلت : أرأيت إن حلف رجل لغريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه فاخذ منه حقه فلما افترقا أصاب بعضها نحاسا أو رصاصا أو نقصا بين نقصانها أيحنث في قول مالك أم لا ؟ قال : هوحانث لأني سألت مالكا عن الرجل يحلف بطلاق امرأته ليقضينه حقه إلى أجل فيقضيه حقه ثم يذهب صاحب الحق بالذهب فيجد فيها زائفا أو ناقصا بين نقصانها فيأتي به بعدذلك وقد ذهب الأجل قال مالك : أراه حانثا لأنه نم يقضه حقه حين وجد فيما اقتضى نقصانا أو زائفا قلت : وكذلك إن استحقها مستحق ؟ قال : نعم يحنث في رأيي قلت : أرأيت إن أخذ بحقه عرضا من العروض ؟ قال مالك : إذا كان عرضه ذلك يساوي ما أعطاه به وهو قيمته لو أراد أن يبيعه باعه لم أر عليه شيئا ثم استثقله وقوله الأول أعجب إلي إذا كان يساوي
الرجل يحلف أن لا يفارق غريمه حتى يقضيه فيفر منه
قلت : أرأيت إن حلفت أن لا أفارق غريمي حتى أستوفي حقي فيفر مني أو أفلت أ أحنث في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : إن كان إنما غلبه غريمه وإنما نوى أن لا يفارقه مثل أن يقول : لا أخلي سبيله ولا أتركه إلآ أن يفرمني فلا شيء عليه قال : وسمعت مالكا يقول في رجل قال لامرأته : أنت طالق إن قبلتك فقبلته من خلفه وهو لا يدري قال : لا شيء عليه إن كانت غلبته ولم يكن منه في ذلك استرخاء فتكلم مالك في ذلك فقال : ومثل ذلك أن يقول الرجل لامرأته : إن صافحتك فأنت طالق فينام فتصافحه وهو نائم أنه لا شيء عليه ولو قال : إن ضاجعتني أو قبلتني فهذا كله خلاف للقول الأول وهوحانث والذي حلف لغريمه أن لا يفارقه فغصب نفسه فربط فهذا يحنث إلا أن يقول : نويت إلا أن أغلب عليه أو أغصب عليه قال : والذي حلف لغريمه أن لا أفارقه حتى أستوفي حقي منه فاحاله على غريم له قال : لا أراه يبر في ذلك
الرجل يحلف لغريمه ليقضينه رأس الهلال حقه
قلت : أرأيت إن حلف لأقضين فلانا ماله رأس الهلال أو عند رأس الهلال ؟ قال : قال مالك : ليلة ويوم من رأس الهلال قال : قلت لمالك : وإلى رمضان ؟ قال : أ ذا انسلخ شعبان ولم يقضه حنث لأنه إنما جعل القضاء فيما بينه وبين رمضان قال : وقال مالك : عند رأس الهلال وإذا استهل الشهر بمنزلة واحدة له ليلة ويوم من أول الشهر وإلى استهلال الشهر مثل قوله إلى رمضان وإن لم يقضه ما بينه وبين استهلال الشهر حنث
الرجل يحلف ليقضين فلانا فيهبه له أو يتصدق به
قلت : أرأيت إن حلف ليقضين فلانا حقه رأس الهلال فوهب له فلان ذلك دينه للحالف أو تصدق به عليه أو اشترى صاحب الدين به من الحالف سلعة من السلع ؟ قال : قال مالك في هذه المسالة بعينها : إن كانت تلك السلعة هي قيمة ذلك الدين أن لو أخرجت إلى السوق أو أصاب بها ذلك الثمن فقد بر ولا شيء عليه ثم سمعته بعد ذلك يكرهه ويقول لا ولكن ليقضينه دنانيره قال مالك : إذا كانت السلعة تساوي ذلك فلم لا يعطيه دنانيره قال ابن القاسم وقوله الأول أعجب إلي قال : لانما رأيت مالكا كرهه خوفا من الذريعة قال : والهبة والصدقة لا تخرج الحالف من يمينه ولا وضيعة الذي له الدين إن وضع ذلك عن الذي عليه الدين لم يخرجه ذلك عن يمينه قال : قلت : وإن حلف ليقضينه دنانيره أو ليقضينه حقه فإن ذلك سواء ويخرجه من يمينه أن يدفع فيه غرضا إذا كان ذلك الغرض يساوي تلك الدنانير إذا كانت نيته على وجه القضاء ولم تكن على الدنانير باعيانها فإذا كانت يمينه على الدنانير باعيانها فهو حانث إلا أن يدفع إليه الدنانير بأعيانها قلت : أرأيت إن مات هذا المحلوف عليه كيف يصنع الحالف ؟ قال : قال مالك : يدفع ذلك إلى ورثته ويبر في يمينه أو إلى وصيه أو إلى من يلي ذلك منه أو إلى السلطان فلا شيء عليه إذا أدى ذلك إلى أحد من هؤلاء
الرجل يحلف أن لا يهب لرجل شيئا فيعيره أو يتصدق عليه
قلت : أرأيت إن حلف رجل أن لا يهب لفلان هبة فتصدق عليه بصدقة أيحنث أم لا ؟ قال : قال مالك : في كل ما ينفع به الحالف المحلوف عليه أنه يحنث كذلك قال مالك : وكل هبة كانت لغير الثواب فهي على وجه الصدقة قلت : أرأيت إن حلفت أن لا أهب لرجل هبة فاعرته دابة أ أحنث في قول مالك أم لا ؟ قال : نعم في رأيى إلآ أن تكون تلك نيتك لأن أصل يمينك فهنا على المنفعة
الرجل يحلف أن لا يكسو امرأته
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكسو امرأته فاعطاها دراهم اشترت بها ثوبا أيحنث أم لا ؟ قال : نعم يحنث عند مالك وقد بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل حلف أن لا يكسو امرأته فافتك لها ثيابا كانت رهنا قال مالك : أراه حانثا قال ابن القاسم : وقد عرضت هذه المسالة على مالك فانكرها وقال امحها وأبى أن يجيب فيها بشيء قال ابن القاسم : ورأيي فيها أنه ينوي فإن كانت له نية أن لا يهب لها ثوبا ولا يبتاعه لها فلا أرى عليه شيئا وإن لم يكن له نية رأيته حانثا وأصل هذا عند مالك إنما هو على وجه المنافع والمن ولقد قال مالك في الرجل يحلف أن لا يهب لفلان ديخارا أو لرجل أجنبي فكساه ثوبا فقال مالك : أرى هذا حانثا لأنه حين كساه فقد وهب له الدينار فقيل لمالك : أفرأيت إن كانت له نية ؟ قال : لا أنويه في هذا ولا أقبل له نيته قيل لمالك : فلو حلف أن لا يهب لامرأته دينارا فكساها ؟ قال : قال مالك : كنت أنويه فإن قال : إنما أردت الدنانير بأعيانها رأيت ذلك له وإن لم تكن له نية حنث ورأيت محمل ذلك عنده حين كلم في ذلك لأن الرجل قد يكره أن يهب لامرأته الدينار وهو يكسوها ولعله إنما يكره أن يعطيه إياها من أجل الفساد أو يخدع فيه فهذا يدلك على محمل هذه الأشياء عند مالك على وجه النفع والمن قلت : وهل الذي حلف أن لا يعطي فلانا دنانير إن أعطاه فرسا أو عرضا من العروض أهو بمنزلة الكسوة عند مالك يحنثه في ذلك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت محمل
هذه الأيمان عند مالك على المن والنفع كيف تاويل المن ؟ قال : لو أن رجلا وهب لرجل شاة وقال له الواهب : ألم أفعل بك كذا وكذا فقال : إياي تريد امرأته طالق البتة إن شربت من لبنها أوأكلت من لحمها قال : قال مالك : إن باعها فاشترى من ثمنها شاة أخرى أو طعاما كائنا ما كان فاكله حنث قلت : فإن اشترى بثمن تلك الثاة كسوة أيحنث أيضا في قول مالك ؟ قال : نعم يحنث لأن هذا على وجه المن فلا ينبغي له أن ينتفع من ثمن الشاة بقليل ولا كثير لأن يمينه إنما وقعت جوابا لما قال صاحبه فصارت على جميع الشاة ولم يرد اللبن وحده لأن يمينه على أن لا ينتفع منها بشيء لأن يمينه إنما جرها من صاحبه عليه قلت : فإن أعطاه شاة أخرى أو عرضا من العروض من غير ثمن تلك الشاة ؟ قال : لا بأس به إذا لم يكن ثمنأ لها يبدلها به فلا بأس بذلك إلا أن يكون نوى أن لا ينتفع منه بشيء أبدا قلت : فإن حلف أن لا يكسو فلانا ثوبا فاعطاه دينارا أيحنث أم لا ؟ قال : قد أخبرتك عن مالك أنه إذا حلف أن لا يعطي فلانا دينارا فكساه أنه حانث فالذي حلف أن لا يكسو فلانا ثوبا فاعطاه دينارا أبين أنه حانث وأقرب في الحنث وقد بلغني ذلك عن مالك
الرجل يحلف أن لا يفعل أمرا حتى يأذن له فلان
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف بالله أن لا يدخل دار فلان لرجل سماه إلا أن ياذن له فلان لرجل سماه اخر أو حلف بالعتق أو بالطلاق فيموت فلان المحلوف عليه فيدخل الحالف دار فلان المحلوف عليه بإذن أيحنث أم لا ؟ قال : يحنث قلت : أينتفع بإذن الورثة إذا أذنوا له ؟ قال : لا لأن هذا ليس بحق يورث قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يعطي فلانا حقه إلا أن ياذن له فلان فمات الذي اشترط إذنه المحلوف عليه أيورث هذا الإذن أم لا ؟ قال : لا يورث قلت : أفتراه حانثا ؟ قال : إن قضاه فهو حانث قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا إنما الذي سمعت من مالك أنه يورث ما كان حقا للميت وخلفا له فهذا يورث لأنه كان حقا للميت
الرجل يحلف للسلطان أن لا يرى أمرا إلا رفعه إليه فيعزل السلطان أو يموت
قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف لأمير من الأمراء أنه لا يرى كذا وكذا إلا رفعه إليه تطوع باليمين فعزل ذلك الأمير أو مات كيف يصنع في يمينه ؟ قال : سئل مالك عن الوالي ياخذ على القوم الأيمان أن لا يخرجوا إلآ بإذنه فيعزل قال : أرى لهم أن لا يخرجوا حتى يستاذنوا هذا الذي بعده فما كان من هذه الوجوه من الوالي على وجه النظر ولم يكن من الوالي على وجه الظلم فذلك عليهم أن يرفعوه إلى من بعده إذا عزل
الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه إلى أجل فيموت المحلوف له أو الحالف قبل الأجل
قلت : أرأيت من حلف لأقضين فلانا حقه رأس الشهر فغاب فلان عنه ؟ قال : قال مالك : يمضي وكيله أو السلطان فيكون ذلك مخرجا له من يمينه قال مالك : وربما أتى السلطان فلم يجده أو يحجب عنه أو يكون بقرية ليس فيها سلطان فإن خرج إلى السلطان سبقه ذلك الأجل قال مالك : فإذا جاء مثل هذا فارى إن كان أمرا بينا يعذر به فارى إن ذهب به إلى رجال عدول فاشهدهم على ذلك والتمسه فعلموا ذلك واجتهد في طلبه فلم يجده بان تغيب عنه أو سافر عنه وقد بعد عنه السلطان أو حجب عنه فإذا شهد له الشهود العدول على حقه أنه جاء به بعينه على شرطه لم أر عليه شيئا قلت : أرأيت لو أن رجلا حلف ليوفين فلانا حقه إلى أجل كذا وكذا فحل الأجل وغاب فلان ولفلان المحلوف عليه وكيل في ضيعته ولم يوكله المحلوف له يقبض دينه فقضاه هذا الحالف أترى ذلك يخرجه من يمينه ؟ قال : قال لي مالك : ذلك يخرجه من يمينه لان لم يكن مستخلفا على قبض الدين إلا أنه وكيل المحلوف له فذلك يخرجه قال ابن القاسم : ولقد سألت مالكا عن الرجل يحلف للرجل بالطلاق أو بالعتاق في حق عليه ليقضينه إلى أجل يسميه إلآ أن يشاء أن يؤخره فيموت صاحب الحق قبل أن يحل الأجل فتريد الورثة أن يؤخروه بذلك أترى ذلك له مخرجا ؟ قال : نعم ونزلت هذه بالمدينة فقال فيها مالك مثل ما قلت لك قال مالك : ولو كان له ولد صغار لم يبلغ أحد منهم فأوصى إلى وصي وليس عليه دين فاخره الوصي قال : ذلك جائز قال مالك : فإذا كان عليه دين أو كان له ولد كبار لم أر ذلك للوصي لأنه حينئذ إنما يؤخره في مال ليس يجوز قضاؤه فيه قلت : أيجوز أن يؤخر الغرماء ولا يحنث ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا أرى فيه ذلك جائزا إذا كان دينهم لا يسعه مال الميت وابرؤوا ذمة الميت قلت : أرأ يت إن حلف لياكلن هذا الطعام غدا أو ليلبسن هذه الثياب أو ليركبن هذه الدواب غدا فماتت الدواب وسرق الطعام والثياب قبل غد ؟ قال : لا يحنث لأن مالكا قال لي : لو أنه حلف بطلاق امرأته ليضربن غلامه إلى أجل سماه فمات الغلام قبل الأجل لم يكن عليه في امرأته طلاق لأنه مات وهو على بر فكذلك مسألتك في الموت وأما لسرقة فهو حانث إلا أن يكون نوى ألا أن يسرق أو يؤخذ قلت : أرأيت إن حلف ليقضين فلانا حقه غدا وقد مات فلان وهو لا يعرفه أيحنث أم لا ؟ قال : لا يحنت لأن هذا إنما وقعت بمينه على الوفاء وقال لي مالك في الذي يحلف ليوفين فلانآ حقه فيموت أنه يعطي ذلك ورثته قلت : ولم لا يكون هذا على بر وإن مضى الأجل ولم يوف الورثة ولم لا يكون على بر كما قلت عن مالك في الذي يحلف بالطلاق ليضربن عبده إلى أجل يسميه فيموت العبد قبل الأجل ؟ قلت : هو على برولا شيء عليه من يمينه فلم لا يكون هذا الذي حلف ليوفين فلانا حقه بهذه المنزلة ؟ قال : لأن هذا أصل يمينه على الوفاء والورثة فهنا في الوفاء مقام الميت ألا ترى أنه إذا وكل وكيلا بقبض المال أو غاب عنه الذي له الحق فدفع ذلك إلى السلطان أن ذلك مخرج له والذي حلف ليضربن غلامه لا يجوز له أن يضرب غير عبده قال ابن القاسم : وأخبرني ابن دينار أن رجلا كان له يتيم وكان يلعب الحمامات وأن وليه حلف بالطلاق وليذبحن حماماته وهو في المسجد أو في موضع من المواضع فقام مكانه حين حلف ومعه جماعة إلى موضع الحمامات ليذبحها فوجدها ميتة كلها كان الغلام قد سجنها فماتت وظن وليه حين حلف أنها حية فأخبرني أنه لم يبق عالم بالمدينة إلا رأى أنه لا حنث عليه لأنه لم يفرط وإنما حلف على وجه إن أدركها حية ورأى أهل المدينة أن ذلك وجه ما حلف عليه قال ابن القاسم : وهو رأيي قلت : أرأ يت إن حلف ليضربن فلانا بعتق رقيقه فحبست عليه الرقيق ومنعته من البيع ليبرأ ويحنث فمات المحلوف عليه والحالف صحيح ؟ قال : إن لم يضرب لذلك أجلا فالرقيق أحرار في قول مالك حين مات المحلوف عليه من رأس المال إن كان المحلوف عليه فد حيي قدر ما لوأراد أن يضربه ضربه قلت : فإن مات المحلوف عليه وقد كان حيا قدر ما لو أراد أن يضربه ضربه فمات المحلوف عليه والحالف مريض فمات الحالف من مرضه ذلك قال : أرى أنهم يعتقون من الثلث لأن الحنث وقع والحالف مريض وكل حنث وقع في مرض فهو من الثلث إن مات الحالف من ذلك الي رض وكل حنث وقع في الصحة عند مالك فهو من رأس المال وقال مالك : إذا مات الحالف قبل الأجل فلا حنث عليه لأنه كان على بر قال لي مالك : لان حلف رجل بعتق رقبه أو طلاق امرأته ليقضين فلانا حقه إلى رمضان فمات في رجب أو في شعبان الحالف قال مالك : فلا حنث عليه في رقيقه ولا في نسائه لأنه مات على بر قال : وأخبرني من أثق به وهو سعيد بن عبد الله بن عبد العزيزبن أبي سلمة أنه قال مثله قلت : فإن لم يقض ورثة الميت ذلك الحق إلا بعد الأجل أيكون الميت حانثا في قول مالك ؟ قال : لا يحنث وهو حين مات حل أجل الدين قال : لانما اليمين فهنا على التقاضي عجل ذلك أو أخره فقد سقط الأجل وليس على الورثة يمين ولاحنث في يمين صاحبهم ولقد سألت مالكا عن الرجل يقول لامرأته غلامي حر لوجه الله إن لم أضربك إلى سنة فتموت امرأته فبل أن توفي السنة هل عليه في غلامه حنث أم لا ؟ قال : لا لأنه على بر إذا ماتت امرأته قبل أن توفي الأجل قال : قلت : ويبيع الغلام وإن مضى الأجل وهو عنده ولم يعتق في قول مالك ؟ قال : نعم
كتاب طلاق السنة
طلاق السنة
قال سحنون قلت لعبدالرحمن بن القاسم : هل كان مالك يكره أن يطلق الرجل امرأته ثلاث تطليقات في مجلس واحد ؟ قال : نعم كان يكرهه أشد الكراهية ويقول : طلاق السنة أن يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة طاهرا من غير جماع ثم يتركها حتى يمضي لها ثلاثة قروء ولا يتبعها في ذلك طلاقا فإذا دخلت في الدم من الحيضه الثالثة فقد حلت للأزواج وبانت من زوجها الذي طلقها
قلت : فإن أراد أن يطلقها ثلاث تطليقات عند كل طهر أوحيضة تطليقة ؟ قال : قال مالك : ما أدركت أحدا من أهل بلدنا يرى ذلك ولا يفتي به ولا أرى أن يطلقها ثلاث تطليقات عند كل طهر طلقة ولكن تطليقة واحدة ويمهل حتى تنقضي العدة كما وصفت لك قلت : فإن هوطلقها ثلاثا أو عند كل طهر واحدة حتى طلق ثلاث تطليقات أيلزمه ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : هل كان مالك يكره أن يطلق الرجل امرأته في طهر قد جامعها فيه أم لا ؟ قال : نعم كان يكرهه ويقول : إن طلقها فيه فقد لزمه قلت : وتعتد بذلك الطهر الذي طلقها فيه ؟ قال : نعم قلت : وإن لم يبق منه إلا يوم واحد ؟ قال : نعم إذا بقي من ذلك الطهر شيء ثم طلقها فيه وقد جامعها فيه اعتدت به في إقرائها في العدة كذلك قال مالك يعتد به ولا يؤمر برجعتها كما يؤمر الذي يطلق امرأته وهي حائض ؟
قال ربيعة ويحيى بن سعيد في امرأة طلقت ثم حاضت قالا : يعتد بذلك الطهر وإن لم تمكث إلا ساعة أو يوما حتى تحيض
قال يونس وقال ابن شهاب نحوه أشهب عن بعض أهل العلم عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود أنه قال : من أراد أن يطلق للسنة فليطلق امرأته طاهرا في غير جماع
تطليقة ثم ليدعها فإن أراد أن يرتجعها فذلك له فإن حاضت ثلاث حيض كاتت بائنا وكان خاطبا من الخطاب فإن الله تبارك وتعالى يقول : { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا } ( الطلاق : ا ) وقال ابن مسعود وإن أراد أن يطلقها ثلاثا فليطلقها طاهرا تطليقة في غيرجماع ثم ليدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة أخرى ثم ليدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى فهذه ثلاث تطليقات وحيضتان وتحيض أخرى فتنقضي عدتها أشهب عن القاسم بن عبد الله أن يحيى بن سعيد حدثه عن ابن شهاب أنه قال : إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته للعدة كما أمر الله تعالى فليطلقها إذا طهرت من حيضها طلقة واحدة قبل أن يجامعها ثم لتعتد حتى تنقضي عدتها فتحيض ثلاث حيض فإذا هو فعل ذلك فقد طلقها كما أمره الله فإنه لا يدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وهو يملك الرجعة ما لم تحض ثلاث حيض أشهب عن مالك بن أنس أن عبدالله بن دينار حدثه أنه سمع عمر قرأ { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } ( الطلاق : 1 )
طلاق الحامل
قلت : أرأيت الحامل إذا أراد زوجها أن يطلقها ثلاثا كيف يطلقها ؟ قال : قال مالك : لا يطلقها ثلاثا ولكن يطلقها واحدة متى شاء ويمهلها حتى تضع جميع ما في بطنها قال مالك : وإن وضعت واحدا وبقي في بطنها آخر فللزوج عليها الرجعة حتى تضع آخر ما في بطنها من الأولاد وقد قال مالك في طلاق الحامل للسنة أن يطلقها واحدة ثم يدعها حتى تضع حملا قال ذلك عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وغيرهما وقاله ابن المسيب وربيعة والزهري
قلت : أرأيت إن طلقها ثلاثا وهي حامل في مجلس واحد أو مجالس شتى أي لزمه ذلك أم لا ؟ قال : قال مالك : يلزمه ذلك وكره له مالك أن يطلقها هذا الطلاق وأخبرني عن أشهب عن القاسم بن عبد الله أن يحيى بن سعيد حدثه أن ابن شهاب حدثه أن ابن المسيب حدثه أن رجلا من أسلم طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث تطليقات فقال له بعض أصحابه إن لك عليها رجعة فانطلقت امرأته حتى وقفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي طلقني ثلاث تطليقات في كلمة واحدة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ قد بنت منه ولاميراث بينكما ] وأخبرني سحنون عن ابن وهب عن ابن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه عن ابن عمر أنه سئل عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات في مجلس واحد فقال ابن عمر : عصى ربه وخالف السنة وذهبت امرأته
ابن وهب عن ابن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه عن سليمان بن عبد الملك بن الحرث السلمي أن رجلا أتى ابن عباس فقال له : يا أبا عباس إن عمي طلق امرأته ثلاثا فقال له ابن عباس : إن عمك عصى الله فأندمه الله وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا فقال : أترى أن يحلها له رجل ؟ فقال ابن عباس : من يخادع الله يخدعه الله
عدة الصبية والتي يئست من المحيض والمستحاضة
قلت أرأيت التي لم تبلغ المحيض متى يطلقها زوجها ؟ قال : قال مالك : يطلقها متى شاء للأهلة أو لغير الأهلة ثم عدتها ثلاثة أشهر وكذلك التي يئست من المحيض قال مالك : والمستحاضة يطلقها زوجها متى شاء وعدتها سنة قال ابن القاسم : كان في ذلك يطؤها أو لا يطؤها وله عليها الرجعة حتى تنقضي السنة فإذا انقضت السنة فقد حلت للأزواج إلا أن يكون لها ريبة فتنتظر حتى تذهب الريبة فإذا ذهبت الريبة فقد مضت السنة فليس عليها من العدة قليل ولا كثير وقد حلت للأزواج قال مالك : وهي مثل الحامل يطلقها زوجها متى شاء إلا أن يعرف لها قرء فيتحرى ذلك فيطلقها عنده ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه فال في المرأة تطلق وقد أدبر عنها المحيض أو شك فيه فقال : إن تبين أنها يئست من المحيض فعدتها ثلاثة أشهر كما قضى الله وقد كان يقال يستقبل بطلاقها الأهلة فهو أسد لمن أراد أن يطلق من قد يئس من المحيض فإن طلق بعد الأهلة أو قبلها اعتدت من حين طلقها ثلاثة أشهر ثلاثين يوما كل شهر وإن مضت ثلاثة أشهر قبل أن تحل فقد حلت ابن وهب قال يونس وقال ربيعة تعتد ثلاثين يوما من الأيام
طلاق الحائض والنفساء
قلت : أرأيت إن قال رجل لامرأته وهي حائض أنت طالق للسنة أيقع عليها الطلاق وهي حائض أم حتى تطهر ؟ قال : إذا قال الرجل لامرأته وهي حائض أنت طالق إذا طهرت إنها طالق مكانها ويجبر الزوج على رجعتها فكذلك مسألتك قلت : وكذا لو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا للسنة ؟ قال : قول مالك إنهن يقعن مكانه عليها حين تكلم بذلك كلهن فإن كانت طاهرا أو حائضا فلا سبيل له إليها حتى تنكح زوجا غيره سحنون عن ابن وهب عن مالك ابن أبي ذئب أن نافعا أخبرهما عن عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهرثم إن شاء أمسك بعد ذلك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ] قال ابن أبي ذئب في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي واحدة سحنون عن أشهب عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن طلاق المرء امرأته حائضا قال : لأحدهم أما أنت طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أراجعها ثم أمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن أردت أن أطلقها طلقتها حين تطهر قبل أن أجامعها وإن كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك
طلاق النفساء والحائض ورجعتها
قلت : أرأيت الرجل يطلق امرأته وهي حائض أو نفساء أيجيزه مالك قبل أن يراجعها ؟ قال : قال مالك : من طلق امرأته وهي نفساء أوحائض أجبر على رجعتها إلا أن تكون غير مدخول بها فلا بأس بطلاقها وإن كانت حائضا أو نفسا ابن وهب وأشهب عن ابن لهيعة عن بكير عن سليمان بن يسار أنه قال : إذا طلقت المرأة وهي نفساء لم تعتد بدم نفاسها واستقبلت ثلاثة قروء وقاله ابن شهاب وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد وابن قسيط وأبو بكر بن حزم ونافع مولى ابن عمر قلت : متى يطلقها إن أراد أن يطلقها بعدما أجبرته على رجعتها ؟ قال : يمهلها حتى تمضي حيضتها التي طلقها فيها ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهرثم يطلقها إن أراد وكذلك قال النبي E قلت : والنفساء ؟ قال : يجبر على رجعتها فإن أراد أن يطلقها فإذا طهرت من دم نفاسها أمهلها حتى تحيض أيضا ثم تطهر ثم يطلقها إن أراد ويحسب عليها ما طلقها في دم النفاس أو في دم الحيض قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن طلقها في دم النفاس أوفي دم الحيض فلم يرتجعها حتى انقضت العدة قال : لا سبيل له عليها وقد حلت للأزواج قلت : أرأيت ان طلقها في طهر قد جامعها فيه هل يأمره مالك بمراجعتها كما يأمره بمراجعتها في الحيض ؟ قال : لا يؤمر بمراجعتها وهو قرء واحد وإنما كان الصواب أن يطلق في طهر لم يجامع فيه قال : ولو أن رجلا طلق امرأته في دم حيضتها فأجبرعلى رجعتها فارتجعها فلما طهرت جهل فطلقها الثانية في طهرها من بعدما طهرت قبل أن تحيض الثانية لم يجبر على رجعتها ولو طلقها وهي حائض فلم يعلم بها حتى حاضت حيضتين وطهرت أجبرعلى رجعتها على ما أحب أو كره كما كان يجبر إن لو كانت في دم حيضتها يجبر على ذلك ما لم تنقض عدتها وهذا قول مالك قلت : أرأيت المرأة إذا هي طهرت من حيضتها ولم تغتسل بعد ألزوجها أن يطلقها قبل أن تغتسل أم حتى تغتسل في قول مالك ؟ قال : لا يطلقها حتى تغتسل وإن رأت القصة البيضاء قال : وسألته عن تفسير قول ابن عمر فطلقوهن لقبل عدتهن قال : يطلقهافي طهرلم يمسهافيه قال ابن القاسم : ولا ينبغي أن يطلقها إلا وهو يقدر على جماعها فهي وإن رأت
القصة البيضاء قبل أن تغتسل فهو لا يقدرعلى جماعها بعد ولو طلقها بعدما رأت القصة قبل أن تغتسل لم يجبرعلى رجعتها قلت : أرأيت إن كانت مسافرة ورأت القصة البيضاء ولم تجد الماء فتيممت ؟ ألزوجها أن يطلقها الآن في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ولم وهو لا يقدر على جماعها ؟ قال : لأن الصلاة قد حلت لها وهي قبل أن تغتسل بعدما رأت القصة البيضاء لم تحل لها الصلاة فهي إذا حلت لها الصلاة جازلزوجها أن يطلقها أيضا
في المطلقة واحدة هل تزين لزوجها وتشوف
قلت : أرأيت إن طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة هل تزين له وتشوف له ؟ قال : كان قوله الأول لا بأس أن يدخل عليها ويأكل معها إذا كان معها من يتحفظ بها ثم رجع عن ذلك فقال لا يدخل عليها ولا يرى شعرها ولا يأكل معها حتى يراجعها قلت : هل يسعه أن ينظر إليها أو إلى شيء من محاسنها تلذذا وهو يريد رجعتها في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا وليس له أن يتلذذ بشيء منها وإن كان يريد رجعتها حتى يراجعها وهذا على الذي أخبرتك أنه كره له أن يخلو معها أو يرى شعرها أو يدخل عليها حتى يراجعها ابن وهب عن عبد الله بن عمر ومالك بن أنس عن نافع أن ابن عمرطلق امرأته في مسكن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان طريقه في حجرتها فكان يسلك الطريق الأخرى من أدبار البيوت إلى المسجد كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها قال مالك : وإن كان معها فلينتقل عنها قال مالك : قد انتقل عبد الله بن عمروعروة بن الزبير وقال عبد العزيز إن الرجل إذا طلق امرأته واحدة فقد حرم عليه فرجها ورأسها أن يراها حاسرة أويتلذذ بشيء منها حتى يراجعها
عدة النصرانية والأمة والحرة التي قد بلغت المحيض ولم تحض
قلت : أرأيت المرأة من أهل الكتاب إذا كانت تحت رجل مسلم فطلقها بعدما بنى بها كم عدتها عند مالك وكيف يطلقها ؟ قال : عدتها عند مالك مثل عدة الحرة المسلمة وطلاقها عند مالك كطلاق الحرة المسلمة وتجبر على العدة عند مالك قلت : أرأيت لو أن نصرانية تحت نصراني أسلمت المرأة ثم مات الزوج قبل أن يسلم وهي في عدتها أتنتقل إلى عدة الوفاة في قول مالك ؟ قال : لا تنتقل إلى عدة الوفاة وهي على عدتها التي كانت عليها ثلاث حيض
قلت : كم عدة الأمة المطلقة إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر ومثلها يوطأ وقد دخل بها في قول مالك ؟ قال : ثلاثة أشهر ابن وهب وأشهب عن سفيان بن عيينة أن صدقة بن يسار حدثه أن عمر بن عبد العزيز سأل في امرأته على المدينة في كم يتبين الولد في البطن فاجتمع له على أنه لا يتبين حتى يأتي عليه ثلاثة أشهر فقال عمر لا يبرىء لأمه إذا لم تحض إن كانت قد يئست من المحيض إلا ثلاثة أشهر الليث بن سعد أن أيوب بن موسى حدثه عن ربيعة أنه قال : تستبرأ الأمة إذا طلقت وقد قعدت عن المحيض بثلاثة أشهر والتي تطلق ولم تحض تستبرأ بثلاثة أشهر والأمة التي تباع ولم تحض تستبرأ منه بثلاثة أشهرإذا خشي منه الحمل أو كان مثلها يحمل ابن وهب
قال الليث : حدثني يحيى بن سعيد أن التي لم تحض من الإماء إذا طلقت تعتد بثلاثة أشهر إلا أن تعرك عركتين يعلم الناس أن قد استبرأت رحمها قبل ذلك فإن انقضت الثلاثة الأشهر إلا يسيرا ثم حاضت حيضة اعتدت بحيضة أخرى والتي تباع منهن تعتد ثلاثة أشهر إلا أن تحيض حيضة قبل ذلك والمتوفى عنها زوجها من الإماء اللاتي لم يحضن تعتد أربعة أشهر وعشرا إلا أن تحيض حيضة قبل شهرين وخمسة أيام فذلك يكفيها
قال أشهب عن رشد بن الأوزاعي حدثه عن ابن شهاب أنه قال : عدة الأمة البكر التي لم تحض ثلاثة أشهر وقال سليمان بن بلال سمعت ربيعة ويحيى بن سعيد يقولان عدة الحرة والأمة اللتين لم يبلغا المحيض والتي قد يئست من المحيض ثلاثة أشهر إذا طلقها زوجها أو باعها رجل كان نصيبها
قال ابن وهب وقال عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب وبكير بن الأشج في عدة الأمة التي يئست من المحيض والتي لم تبلغ المحيض ثلاثة أشهر وقال مالك : مثله قلت : أرأيت المرأة إذا بلغت ثلاثين سنة ولم تحض قط أو عشرين سنة ولم تحض قط فطلقها زوجها تعتد بالشهور أم لا وكم عدتها في قول مالك ؟ قال : سألت مالكا عنها فقال تعتد بالشهور وهي ممن دخل في كتاب الله في هذه الآية { فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } ( الطلاق : 4 ) وإن بلغت ثلاثين سنة إذا كانت لم تحض قط
قلت : أرأيت إن بلغت عشرين سنة ولم تحض أتعتد بالشهور ؟ قال : نعم قال : وكل من لم تحض قط طلقها زوجها وهي بنت عشرين سنة أوأقل من ذلك أوأكثر فإنما تعتد بالشهور وهي ممن دخل في كتاب الله في هذه الآية لم يخرج منها بعد قول الله تبارك تعالى واللائي لم يحضن فهي إذا كانت لم تحض قط فهي في هذه الآية حتى إذا حاضت خرجت من هذه الآية فإن ارتفع عنها الدم وقد حاضت مرة أو أكثر من ذلك وهي في سن من تحيض فعليها أن تعتد سنة كما ذكرت لك وهذا قول مالك قلت : أرأيت لو كانت صغيرة لا تحيض فطلقها زوجها فاعتدت شهرين ثم حاضت كيف تصنع في قول مالك ؟ قال : ترجع إلى الحيض وتلغي الشهور قلت : أرأيت إن كانت قد يئست من المحيض فطلقها زوجها فاعتدت بالشهور فلما اعتدت شهرين حاضت ؟ قال مالك : يسئل عنها النساء وينظر فإن كان مثلها تحيض رجعت إلى الحيض وإن كان مثلها لا تحيض لأنها قد دخلت في سن من لا تحيض من النساء فرأت الدم قال مالك : ليس هذا بحيض ولتمض على الشهور ألا ترى إن بنت سبعين سنة وبنت ثمانين سنة وتسعين إذا رأت الدم لم يكن ذلك حيضا قلت : أرأيت الرجل إذا طلق امرأته ولم تحض قط وهي بنت ثلاثين سنة فكانت عدتها عند مالك بالشهور كما وصفت لك قلت : أرأيت إن حاضت بعدما اعتدت بشهرين ؟ قال : تنتقل إلى عدة الحيض قلت : فإن ارتفع الحيض عنها ؟ قال : تنتقل إلى عدة السنة كما وصفت لك تسعة أشهر من يوم انقطع الدم عنها ثم ثلاثة أشهر وعدتها من الطلاق إنما هي الأشهر الثلاثة التي لم بعد التسعة والتسعة إنما هي استبراء قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إذا طلق الرجل امرأته ومثلها تحيض فارتفع حيضتها ؟ قال : قال مالك : تجلس سنة من يوم طلقها زوجها فإذا مضت فقد حلت قلت : فإن جلست سنة فلما قعدت عشرة أشهر رأت الدم ؟ قال : ترجع إلى الحيض قلت : فإن انقطع الحيض عنها قال : ترجع إذا انقطع الدم عنها فتعتد أيضا سنة من يوم ما انقطع الدم عنها من الحيضة التي قطعت عليها عدة السنة قلت : فإن اعتدت أيضا بالسنة ثم رأت الدم ؟ فقال : تنتقل إلى عدة الدم قلت : فإن انقطع عنها الدم ؟ قال : تنتقل إلى السنة قلت : فإن رأت الدم ؟ قال : إذا رأت الدم المرة الثالثة فقد انقطعت عدتها لأنها قد حاضت ثلاث حيض وإن لم تر الحيضة الثالثة وقد تمت السنة فقد انقضت عدتها بالسنة وهو قول مالك قلت : لم قال مالك : عدة المرأة التي طلقها زوجها وهي ممن تحيض فرفعتها حيضتها ؟ قال : تعتد سنة ؟ قال : قال مالك : تسعة أشهر للريبة والثلاثة الأشهر هي بعد الريبة فالثلاثة الأشهر هي العدة التي تعتد بعد التسعة التي كانت للريبة قال : قال مالك : وكل عدة في طلاق فإنما العدة بعد الريبة وكل عدة في وفاة فهي قبل الريبة والريبة بعد العدة وذلك أن المرأة إذا هلك عنها زوجها فأعتدت أربعة أشهر وعشرا فإن استرأبت نفسها أنها تنتظر حتى تذهب الريبة عنها فإذا ذهبت الريبة فقد حلت والعدة هي الشهور الأربعة الأول وعشرة أيام قال مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد ويزيد بن قسيط حدثاه عن ابن المسيب أنه قال : قال عمربن الخطاب أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فإنها تنتظر تسعة أشهر فإن بان بها حمل فذلك وإلا اعتدت بعد التسعة ثلاثة أشهر ثم حلت
ابن وهب عن عمروبن الحارث أن يحيى بن سعيد حدثه أنه سمع سعيد بن المسيب يقول قضى عمربن الخطاب بذلك قال عمرو فقلت ليحيى أتحسب في تلك السنة ما حل من حيضتها ؟ قال : لا ولكنها تأتنف السنة حتى توفي الحيضة ابن وهب عن ابن لهيعة أن ابن هبيرة أخبره عن أبي تميم الجيشاني أن عمربن الخطاب قضى في المرأة تطلق فتحيض حيضة أوحيضتين ثم ترتفع حيضتها أن تتربص سنة تسعة أشهر استبراء للرحم وثلاثة أشهر كما قال الله تبارك وتعالى
في الرجل يشتري الأمة فترتفع حيضتها
قلت : أرأيت لو أن رجلآ اشترى جارية وهي ممن تحيض فرفعتها حيضتها ؟ قال : تعتد ثلاثة أشهر من يوم اشتراها فإن استبرأت قال : ينظر بها تسعة أشهر فإن حاضت فيها وإلا فقد حلت قلت : ولا يكون على سيدها أن يستبرئها بثلاثة أشهر بعد التسعة الأشهر التي جعلها استبراء من الريبة ؟ قال : ليس عليه أن يستبرئ بثلاثة أشهر بعد تسعة أشهر الريبة لأن الثلاثة الأشهر قد دخلت في هذه التسعة ولا تشبه هذه الحرة لأن هذه لا عدة عليها وإنما عليها الاستبراء فإذا أمضت التسعة فقد استبرأت ألا ترى أنه إنما على سيدها إذا كانت ممن تحيض حيضة واحدة فهذا إنما هو استبراء ليعلم به ما في رحمها ليس هذه عدة فالتسعة الأشهر إذا مضت فقد استبرىء رحمها فلا شيء عليه بعد ذلك قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم
في المطلقة يختلط عليها الدم
قلت : أرأيت المطلقة إذا طلقها زوجها فرأت الدم يوما أو يومين أو ثلاثا ورأت الطهر يومين أوثلاثا أوخمسا ثم رأت الدم بعد ذلك يوما أويومين فصارالدم والطهر يختلط عليها بحال ما وصفت لك ؟ قال : قال مالك : إذا اختلط عليها بحال ما وصفت كانت هذه مستحاضة إلا أن يقع ما بين الدمين من الطهرما في مثله يكون طهرا فإذا وقع بين الدمين ما في مثله يكون طهرا اعتدت به قرأ وإن اختلط عليها الدم بحال ما وصفت ولم يقع بين الدمين ما في مثله طهر فإنها تعتد عدة المستحاضة سنة كاملة ثم قد حلت للأزواج قال : فقلت : وما عدة الأيام التي لا تكون بين الدمين طهرا ؟ فقال : سألت مالكا فقال : الأربعة الأيام والخمسة وما قرب فلا أرى ذلك طهرا وإن الدم بعضه من بعض إذا لم يكن بينهما من الطهر إلا الأيام اليسيرة الخمسة ونحوها ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب قال : عدة المستحاضة سنة كاملة ثم قد حلت للأزواج قال ابن لهيعة وقال لي يزيد بن أبي حبيب عدة المستحاضة سنة وحدثني ابن المسيب أنه قال : عدة المستحاضة سنة
في المطلقة ثلاثا أو أربعة يموت زوجها وهي في العدة
قلت : أرأيت إن طلق امرأته ثلاثا وهو في مرضه ثم مات وهي في العدة أتعتد عدة الوفاة تستكمل في ذلك ثلاث حيض أم لا ؟ قال : قال مالك : ليس عليها أن تعتد عدة الوفاة إنما عليها أن تعتد عدة الطلاق ولها الميراث قلت : فإن طلقها واحدة أو اثنين وهو صحيح أو مريض ثم مات وهي في العدة أتنتقل إلى عدة الوفاة ؟ قال : نعم ولها الميراث ابن وهب عن الليث بن سعد أن بكيربن عبد الله حدثه عن سليمان بن يسار أنه قال : يقال إنما آخر الأجلين أن يطلق الرجل المرأة تطليقة أو تطليقتين ثم يموت قبل أن تنقضي عدتها من طلاق فتعتد من وفاته فأما الرجل يطلق امرأته البتة ثم يموت وهي في عدتها فإنما هي على عدة الطلاق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد بذلك قال عمرو وقال يحيى ذلك أمر الناس وهذه المطلقة واحدة أو اثنين ابن وهب عن يزيد بن عياض عن عمربن عبد العزيز مثله وقال : ترثه ما لم تحرم عليه بثلات تطليقات أوفدية فإن كانت حرمت عليه فلا ميراث لها وهذا في طلاق الصحيح ابن وهب قال عمر بن عبد العزيز لا عدة عليها إلا عدة الطلاق أو عدة الفدية قال بكير وقال مثل قول سليمان بن يسار وفي آخرالأجلين عبدالله بن عباس وابن شهاب
في عدة المتوفى عنها زوجها
قلت : أرأيت إذا بلغها وفاة زوجها من أين تعتد أمن يوم يبلغها أم من يوم مات الزوج ؟ قال : قال مالك : من يوم مات الزوج قلت : فإن لم يبلغها حتى انقضت عدتها أيكون عليها من الأحداد شيء أم لا ؟ قال : قال مالك : لا أحداد عليها إذا لم يبلغها إلا من بعدما تنقضي عدتها وقال مالك فيمن طلق امرأته وهو غائب فلم يبلغها طلاقه حتى انقضت عدتها أنه إن ثبت على طلاقه إياها بينة كانت عدتها من يوم طلق وإن لم يكن إلا قوله لم يصدق واستقبلت عدتها ولا رجعة عليها وما أنفقت من ماله بعدما طلقها قبل أن تعلم فلا غرم عليها لأنه فرط ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع أن عبدالله بن عمر قال : تعتد المطلقة والمتوفى عنها زوجها من يوم طلق ومن يوم توفي عنها زوجها ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبدالعزيز وابن شهاب وابن قسيط وأبي الزناد وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد مثله قال يحيى وعلى ذلك عظم أمر الناس ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبد الله بن أبي جعفر عن بكير عن سليمان بن يسار أنه قال : إذا قال الرجل لامرأته قد طلقتك منذ كذا وكذا لم يقبل قوله اعتدت من يوم يعلمها بالطلاق إلا أن يقيم على ذلك بينة فإن أقام بينة كان من يوم طلقها وقاله ابن شهاب
باب الأحداد وأحداد النصرانية
قلت : هل على المطلقة أحداد ؟ قال : قال مالك : لا أحداد على مطلقة مبتوتة كانت أو غيرمبتوتة وإنما الأحداد على المتوفى عنها زوجها وليس على المطلقة شيء من الأحداد سحنون عن ابن وهب عن يونس أنه سأل ربيعة عن المطلقة المبتوتة ما تجتنب من الحلي والطيب قال : لا تجتنب شيئا من ذلك ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عبدالله بن عمر وأبي الزنا وعطاء بن أبي رباح مثله وقال عبد الله بن عمر تكتحل وتتطيب وتتزين تغيظ بذلك زوجها قلت : هل على النصرانية أحداد في الوفاة إذا كانت تحت مسلم في قول مالك ؟ قال : نعم عليها الأحداد كذلك قال لي مالك قلت : ولم جعل مالك عليها الأحداد وهي مشركة ؟ قال : قال مالك : إنما رأيت عليها الأحداد لأنها من أزواج المسلمين فقد وجبت عليها العدة سحنون عن ابن نافع عن مالك لا أحداد عليها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الأخر تحد على ميت فوق ثلاث ] قلت : أرأيت والنصرانية ليست مؤمنة
أحداد الأمة وما ينبغي لها أن تجتنب من الثياب والطيب
قلت : وكذلك أمة قوم مات عنها زوجها أيكون عليها الأحداد في قول مالك ؟ قال : نعم عليها الأحداد وتعتد حيث كانت تبيت عند زوجها وتكون النهار عند أهلها اعتدت في ذلك المسكن الذي كانت تبيت فيه مع زوجها وإن كانت في غير مسكن مع زوجها ولا تبيت معه إنما كانت في بيت مواليها وفيه تبيت إلا أن زوجها يغشاها حيث أحب ولم تكن معه في مسكن فعليها أن تعتد في بيت مواليها حيث كانت تبيت وتكون وليس لمواليها أن يمنعوها تعتد فيه قال : وهذا من الأحداد ولا من المبيت في الموضع الذي تعتد فيه وإن باعوها فلا يبيعوها إلا ممن لا يخرجها من الموضع الذي قول مالك قال يونس قال ابن شهاب تعتد في بيتها الذي طلقت فيه قلت : فهل يكون لهم أن يخرجوها إلى السوق للبيع في العدة بالنهار ؟ قال : نعم قلت : سمعته من مالك ؟ قال ابن القاسم : قال مالك : هي تخرج في حوائج أهلها بالنهار فكيف لا تخرج للبيع ؟ قلت : فإن أرادوا أن يزينوها للبيع ؟ قال ابن القاسم : قال مالك : لا يلبسوها من الثياب المصبغة ولا من الحلي شيئا لا يطيبوها بشيء من الطيب وأما الزيت فلا بأس به ولا يصنعوا بها ما لا يجوز للحاد أن تفعله بنفسها قلت : فلو أن رجلا باع أمة وهي في عدة من وفاة زوجها أو طلاقه ولم يبين أتراه عيبا فيها ؟ قال : نعم هو عيب يجب به الرد قال : ولا بأس أن يلبسوها من الثياب ما أحبوا رقيقه وغليظه فقلنا لمالك في الحاد هل تلبس الثياب المصبغة من هذه الدكن والصفر والمصبغات بغير لورس والزعفران والعصفر ؟ قال : لا تلبس شيئا منه لا صوفا ولا قطنا ولا كتانا صبغ بشيء من هذا إلا أن تضطر إلى ذلك من بردا ولا تجد غيره وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن تتقي الأمة المتوفىعنها زوجها من الطيب ما تتقي الحرة
سحنون عن ابن وهب عن الليث بن سعد وأسامة بن زيد عن نافع أن عبدالله بن عمر قال إذا توفي عن المرأة زوجها لم تكتحل ولم تتطيب ولم تختضب ولم تلبس المعصفر ولم تلبس ثوبا مصبوغا إلا بردا ولا تتزين بحلي ولا تلبس شيئا تريد به الزينة حتى تحل وبعضهم يزيد على بعض رجال من أهل العلم عن ابن المسيب وعروة بن الزبير وعمرة بنت عبدالرحمن وابن شهاب وربيعة وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد أن المتوفى عنها زوجها لا تلبس حليا ولا ثوبا صبغ بشيء من الصباغ وقال عروة : لا أن تصبغه بسواد وقال عطاء : لا تمس بيدها طيبا مسيسا وقال ربيعة : تتقي الطيب كله وتحذر من اللباس ما فيه طيب وتتقي شهرة الثياب ولا تحنط بالطيب ميتا قال ربيعة : ولا أعلم الآن على الصبية المتوفى عنها زوجها أن تجتنب ذلك قلت : فهل كان مالك يرى عصب اليمن بمنزلة هذا المصبوغ بالدكنة والحمرة والخضرة والصفرة أم يجعل عصب اليمن مخالفا لهذا ؟ قال : رقيق عصب اليمن بمنزلة هذه الثياب المصبغة وأما غليظ عصب اليمن فإن مالكا وسع فيه ولم يره بمنزلة المصبوغ سحنون عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن محمد بن عبدالرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي E أنها قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ لا يحل لمؤمنة تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوج فإنها تعتد أربعة أشهر وعشرا لا تلبس معصفرا ولا تقرب طيبا ولا تكتحل ولا تلبس حليا وتلبس إن شاءت ثياب العصب ] قلت : أرأيت الصبية الصغيرة هل عليها أحداد في قول مالك ؟ قال : نعم
بارك الله فيكم
ردحذفالسلام عليكم
ردحذفألفت عنايتكم أن
الخط غير واضح أرجو تصحيح الأمر
وبارك الله فيكم
أختكم في الله
عهد