كتاب الجنايات
في العبد يقتل رجلا له وليان فيعفو أحدهما على أن يكون له جميع العبد
قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن عبدا قتل رجلا له وليان فعفا أحدهما عن العبد على أن يأخذ جميعه فرضي بذلك سيد العبد ودفعه إليه أيجوز له جميع العبد أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك في شيئا وأرى إن دفع سيده نصف الدية إلى أخيه جاز له ما صنع وإن أبى كان الذي عفا بالخيار إن أحب أن يكون العبد بينهما كان ذلك له وإن أبى رده فإن أحبا أن يقتلا العبد قتلا وإن أحبا أن يعفوا عفوا فإن عفوا كان السيد بالخيار إن شاء أن يفتديه بالدية فعل وإن شاء أن يسلمه إليهما أسلمه وقد قال سحنون : وقد قال ابن القاسم أيضا : إن الولي لم يدخل على أخيه في نصف العبد فيكون بينهما لشركتهما في الدم
في العبد يقتل رجلا وله وليان فيعفو أحدهما على أن يكون له العبد وزيادة عبد آخر
قلت : أرأيت لو أن عبدي قتل رجلا له وليان فعفا أحدهما عن العبد على أن دفعت إليه العبد القاتل وزدته عبد آخر من عندي أيكون للذي لم يعف أن يدخل في هذا العبد الذي لم يجن ؟ قال : يخير السيد فإن دفع إلى الذي لم يعف نصف الدية تم ما صنع وإن أبى خير الذي عفا فإن أحب أن يسلم إلى أخيه نصف العبد القاتل فقط فيكون بينهما تم ذلك وإن أبى رد العبدين وقتل القاتل إن أحب قال سحنون : وقد قيل : إن الولي يدخل على أخيه في العبدين جميعا لأنهما ثمن للدم الذي بينهما وهو قول جل الرواة
في العبد يقتل رجلا اخطأ فيعتقه سيده وقد علم بالقتل
قلت : أرأيت لو أن عبدا لي قتل قتيلا خطأ فأعتقته وأنا أعلم بالقتل أيكون مجبورا على غرم الدية في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : يسئل السيد فإن كان إنما أراد حين أعتقه حمل الجناية عن العبد فذلك له وإن قال ما أعتقته إلا وأنا أظن أن ذلك يخرجه من الرق وتكون الجناية عليه يحملها هو فإنه يحلف على ذلك فإذا حلف على ذلك أنه ما أعتقه إلا وهو يظن أن الجناية على العبد وما أراد أن يحملها عنه رد العتق فإن كان للعبد مال يكون قدر الجناية أخذ المال منه في الجناية وعتق العبد وإن لم يكن له مال وقدر العبد على من يعينه من ذوي قرابته أو غيرهم فإنه لا يرد عتقه إذا أعانوه بمال قدر الجناية قال : وقال مالك في العبد يجرح رجلا حرا ثم يعتقه سيده بعدما جرح فيريد المجروح أن يعقل السيد الجرح فيقول السيد : ما علمت أن دية الجرح تلزمني إذا أعتقته وما أردت إلا حرز رقبته قال : يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما أراد حمل الجناية عنه فإذا حلف رأيت أن ينظر إلى العبد فإن كان له مال يكون فيه كفاف دية الجرح رأيت أن يؤخذ في ذلك ماله ويعتق وإن لم يكن له مال ووجد أحدا يعينه في ذلك ويحمل عنه ذلك تلوم له في ذلك فإن جاء به عتق وإن لم يكن له مال ولا أحد من ذوي قرابته ولا ممن يرجى عونه وكان في رقبته فضل عن الجرح بيع بقدر الجرح وعتق ما بقي وإن لم يكن في ثمنه فضل أسلم إليه كله وبطل العتق فهو الذي فسر لي مالك
في العبد يجني جناية ثم يبيعه سيده وقد علم بجنايته
قلت : أرأيت لو أن عبدا جنى جناية ثم باعه سيده وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم بها ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى لأولياء الجناية إذا أبى السيد البائع بعد أن يحلف بالله ما أراد حمل الجناية أن يدفع إليهم دية الجناية أن يجيزوا البيع ويأخذوا الثمن الذي بيع به وإلا فسخوا البيع وأخذوا العبد إلا أن السيد إن هو افتكه بدية الجناية فإن لم يلزم المشتري البيع إذا كان المشتري قد أعلمه السيد بجناية العبد حين باعه قال : وإن كان لم يعلم يلزمه ذلك قال سحنون وغيره : وهذا إذا كانت الجناية عمدا لأن هذا عيب في العبد فإن كانت خطأ فهو كعيب ذهب قبل أن يرده المشتري وإن لم يجز أولياء الجناية البيع بعد أن يحلف السيد ولم يفتكه السيد وأرادوا فسخ البيع فقال المشتري : أنا أعطي أرش الجناية وأتمسك ببيعتي كان ذلك له وكان له أن يرجع على البائع بالأقل مما افتكه به أو من الثمن وكان رجل من أصحاب مالك يقول : إذا لم يفتكه البائع فالجناية في رقبة العبد والعبد بها مرهون فأهل الجناية أولى بفضلها كالسيد لو أعتقه والجناية فيه وحلف أنه لم يرد حمل الجناية كان للمجني عليهم لأنه رهن لهم بالجناية والسيد لم يكن يلزمه الافتكاك فصارت رقبته وماله لأهل الجناية فهم أولى بفضله وقال عبد الرحمن عن مالك في هذا المعنى : إن أبى السيد افتكاك العبد وقد أعتق أخذ ماله إن كان العبد فيه وفاء للجناية وعتق وإن لم يكن فيه وفاء وكان له أحد يعينه من قرابته أو غيرهم بما يتم به أرش الجناية عتق وإلا بيع منه فإن كان يبقى من رقبته شئ بعد تمام الجناية فيعتق وإن لم يكن له شئ من هذا فهو لأهل الجناية رقيق لهم
في عبد جنى على عبد أو على حر فلم يقم ولي الجناية حتى قتل العبد
قلت : أرأيت إن جنى عبدي على عبد أو على حر فلم يقم ولي الجناية على عبدي حتى قتل عبدي فأخذت قيمته أيكون لهؤلاء الذين جنى عليهم عبدي في هذه القية شئ أم لا ؟ قال : نعم لهم قيمته كلها إلا أن يفتك القيمة قبل الجناية وقيمة العبد المقتول لأن مالكا قال في الرجل يقتل الرجل عمدا ثم يقتل القاتل خطأ ؟ إن أولياء المقتول عمدا أولى بديته من أوليائه
في عبد قتل عبد رجل عمدا فقتل العبد خطأ قتله عبد لرجل
قلت لابن القاسم : أرأيت إن كان عبدي قتل عبد رجل عمدا فقتل عبدي خطأ قتله عبد لرجل قال : سيد العبد الذي قتله عبدك عمدا أولى بقيمة عبدك إلا أن تفتكه بقيمة العبد المقتول عمدا فيكون لك قيمة عبدك وإن كان الذي قتل عبدك قتله عمدا أيضا كان لك أن ترضي سيد العبد الذي قتله عبدك عمدا وتقتل قاتل عبدك إن شئت وإن شئت استحييته وأخذته إلا أن يفتكه سيده بقيمة عبدك فإن أبيت أن تعطي سيد الذي قتله عبدك عمدا قيمة عبده أو أبى هو أن يقبل القيمة كان أولى بقيمة عبدك إن شاء قتله وإن شاء استحياه فإن استحياه كان الأمر إلى عمل الخطأ قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قال مالك في الأحرار : إن الحر إذا قتل رجلا عمدا فقتل القاتل عمدا أيضا : أنه يقال لأولياء القاتل الأول : أرضوا أولياء المقتول الذي قتله وليكم فإن أرضوهم كانوا أولى بقاتل صاحبهم إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استحيوه وإن لم يرضوهم أسلموا قاتل صاحبهم وبرؤوا منه وكان أولياء المقتول الأول أولى به إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استحيوه فهكذا العبيد عندي مثل الأحرار
في العبد يقتل قتيلا عمدا وله وليان فعفا أحدهما والعبد يقتل قتيلين عمدا فعفا أولياء أحد القتيلين
قلت : أرأيت لو أن عبدا قتل قتيلا وله وليان فعفا أحدهما ؟ قال : يقال لسيده : ادفع نصف العبد أو افده بنصف الدية قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي قلت : أرأيت لو أن عبدا في يدي عارية أو وديعة أو رهن بإجارة جنى جناية - ومولاه غائب - ففديته من الجناية ثم قدم مولاه ؟ فقال : يقال لمولاه : إن شئت فادفع إلى هذا جميع ما فدى به وخذ عبدك وإن شئت فأسلمه إليه ولا شئ عليك لأنه لو لم يفده ثم جاء سيده لقيل له هذا القول وهذا رأيي قلت : أرأيت لو قتل عبدي قتيلين عمدا فعفا أولياء أحد القتيلين أي شئ يقال لسيد العبد القاتل ؟ أيقال له ادفع جميع العبد إلى أولياء المقتول الآخر ؟ أم يقال له ادفع نصفه أو افده بالدية كلها ؟ ولا أحفظه عن مالك
في العبد يجرح رجلا حرا فبرأ من جراحته ففداه سيده ثم انتفضت الجراحات فمات
قلت : أرأيت إن جرح عبدي رجلا حرا فبرأ من جراحته ففديت عبدي ثم انتفضت جراحات الرجل فمات من ذلك ؟ قال : إذا مات منها أقسم ورثة المقتول فإذا أقسموا فإن كانت الجراحات عمدا قيل لهم : إن شئتم فاقتلوه وإن شئتم فاستحيوه فإن استحيوه كان بمنزلة ما لو كانت الجراحات خطأ يقال لمولى العبد : إدفع عبدك أو افده فإن دفعه أخذ ما كان دفع إلى المقتول وإن فداه صار له في الفداء بما دفع إلى المقتول قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قاله لي مالك في الحر وهذا في العبد عندي مثله
في عبدين لرجل قتلا رجلا خطأ فقال أنا أدفع أحدهما وأفدي الآخر
قلت : أرأيت لو أن عبدين قتلا رجلا خطأ فقال ؟ أنا أدفع أحدهما وأفدي الآخر ؟ قال : قال مالك في العبيد إذا قتلوا حرا خطأ أو جرحوا إنسانا : إنهم مرتهنون بدية المقتول أو المجروح وتقسم الدية على عددهم ودية الجرح على عددهم فمن شاء من أرباب العبيد أن يسلم أسلم ومن شاء أن يفتك افتك بقدر ما يقع عليه من نصيبه من الدية - كان أقل من ثمنه أو أكثر - لوكانت قيمة العبد خمسمائة والذي وقع عليه عشر الدية غرم عشر الدية وحبس عبده وإن كانت قيمته عشرة دنانير والذي وقع عليه من الدية النصف لم يكن له أن يحبس عبده حتى يدفع نصف الدية ولم يقل لنا مالك في الأرباب - أرباب العبيد - إذا كانوا شتى أو كان ربهم واحدا ولم يختلف ذلك عندنا أنه إن كان أربابهم واحدا : إن له أن يحبس من شاء منهم ويدفع من شاء بحال ما وصفت لك وقد تكلم فيه غير مرة مالك ولم يختلف قوله فيه قط
في العبد تفقأ عيناه أو تقطع يداه
قلت : أرأيت إن فقئت عينا عبدي أو قطعت يداه ما يقال للجارح ؟ قال : يضمنه الجارح ويعتق عليه إذا أبطله هكذا فإن كان جرحا لم يبطله مثل فقء عين واحدة أو جذع أذن أو قطع اصبع أو ما أشبهه كان عليه ما نقص من ثمنه ولم يكن عليه غير ذلك
ولم يعتق عليه قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هو رأيي وقد سمعت أنه قال يسلم إلى الذي صنع به ذلك فيعتق عليه وهذا رأيي إذا أبطله
في الأمة لها ولد صغير فيجني أحدهما جناية
قلت : أرأيت إن كانت عندي أمة وولدها صغير فجنى الولد جناية فأردت أن أدفعه أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم يجوز إلا أنه في قول مالك قال للمجني عليه ولسيد الأمة أن يبقيا الأم والولد جميعا ولا يفرقا بينهما ويكون للمجني عليه قيمة الولد وعلى سيد الأمة قيمة العبد يقسم الثمن على قيمتها قلت فإن كانت لي جارية وولدها صغير فجنى ولدها أو جنت هي جناية فأردت أن أدفع الذي جنى بجنايته ؟ قال : ذلك لك ويجبران على أن يجمعا بينهما كما وصفت لك من الجمع بينهما فيقسمان الثمن على قدر قيمتها قال : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي قلت : أرأيت لو أن عبدي جرح رجلا فقطع يده وقتل آخر خطأ ؟ قال : قال مالك : إن أسلمه سيده فالعبد بينهم أثلاثا قال : قال مالك : وإذا أسلم العبد فهو بينهم على قدر جراحاتهم قلت : فإن استهلك أموالا حاص أهل الجراحات في العبد بقيمة ما استهلك لهم من الأموال ؟ قال : نعم في قول مالك
في عبد قتل رجلا خطأ أوفقأ عين آخر خطأ والعبد يقتل رجلين وليهما واحد
قلت : أرأيت إن قتل عبدي رجلا خطأ أو فقأ عين آخر فقال السيد : أنا أفديه من جنايته في العقل فأدفع إلى صاحب العين الذي يكون له من العبد ولا أفديه ؟ قال : يقال له : ادفع إلى صاحب العين ثلث العبد وافد ثلثي العبد بجميع الدية ويكون شريكا في العبد - هو والمجني عليه - في العين يكون لصاحب العين ثلث العبد ويكون لسيده ثلثا العبد وهو رأيي وقد بلغني عن مالك قلت : أرأيت إن قتل عبدي رجلين - وليهما واحد - فأراد السيد أن يفدي نصفه بدية أحدهما ويسلم نصفه ؟ قال : ليس ذلك له إلا أن يفدي جميعه بالدين أو يسلمه لأن وارث الديتين جميعا واحد فهي كلها جناية واحدة
في العبد يقتل رجلا له وليان وفي أم الولد إذا جنت ثم جني عليها قبل أن يحكم فيها
قلت : أرأيت إن قتل عبدي رجلا له وليان فقلت : أنا أفدي حصة أحدهما وأدفع حصة الآخر أيكون ذلك لي في قول مالك ؟ قال : أرى له أن يفدي نصيب من شاء منهما قلت : أرأيت أم ولدي إذا جنت جناية فجني عليها قبل أن يحكم فيها فأخذت لها أرشا ما يكون علي ؟ أقيمتها معيبة أم قيمتها صحيحة ؟ قال : بل قيمتها معيبة يوم ينظر فيها مع الأرش فإن كانت قيمتها أكثر من أرش الجناية كان عليه أرش الجنايه وإن كان أرش الجناية أكثر كان عليه قيمتها معيبة مع ما أخذ من الأرش ومما يبين ذلك أن العبد إذا جنى ثم جني عليه فأخذ له سيده أرشا إنه يخير في أن يسلمه وما أخذ له أو يفتكه بما جنى فكذلك أم الولد إلا أن أم الولد لا تسلم وإنما يكون عليه الأقل من قيمتها معيبة وأرش الجناية معها أو قيمة الجناية التي في رقبتها بمنزلة العبد سواء لأن أم الولد لا يستطيع سيدها أن يسلمها فيكون عليه الذي هو أقل لأنها لو هلكت ذهبت جناية المجروح وكذلك العبد لو هلك قبل أن يحكم عليه ذهبت جناية المجروح أمرهما واحد قلت : أرأيت لو أن أمة جنت جناية أيمنع سيدها من وطئها حتى ينظر أيدفع أم يفدي ؟ قال : نعم يمنع من وطئها قلت : ولم قلت هذا ؟ قال : لأنها مرتهنة بالجرح حتى يدفعها أو يفديها قلت : أرأيت إن رهن رهنا عبدا له فأقر الراهن أن عبده هذا الرهن قد جنى جناية أو استهلك مالا وهو عند المرتهن والسيد موسر أو مفلس ؟ قال : إن كان معسرا لم يصدق على المرتهن وإن كان موسرا قيل للسيد : ادفع وافد فإن قال : أنا أفديه فداه وكان رهنا على حاله وإن قال : لا أفدي وأنا أدفع العبد لم يكن له أن يدفعه حتى يحل الأجل فإذا حل الأجل أدى الدين ودفع العبد بجنايته التي أقر بها وإن فلس قبل أن يحل الأجل كان المرتهن أولى به من الذين أقر لهم بالجناية ولا يشبه إقراره ههنا البينة إذا قامت على الجناية قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : لا أقوم على حفظه ولكن قد قال مالك في جناية العبد إذا كان رهنا فقامت عليه البينة على الجناية ما قد أخبرتك وهو رأيي
في رجل رهن عبدا فجنى العبد جناية على رجل فقامت على ذلك بينة
قلت : أرأيت إن ارتهنت عبدا بحق لي على رجل فجنى العبد جناية على رجل ؟ قال : قال مالك : يقال لرب العبد : افد عبدك فإن فداه كان على رهنه كما هو وإن أبى أن يفديه قيل للمرتهن : إفده لأن حقك فيه فإن افتداه وأراد سيده أخذه لم يكن له أن يأخذه حتى يدفع ما افتداه به من الجناية مع ديته وإن أبى سيده أن يأخذه بيع بما فداه المرتهن من الجناية فإن قصر ثمنه عن الذي افتداه به المرتهن من الجناية لم يكن للمرتهن على السيد في ذلك شئ إلا الدين الذي ارتهنه به وحده لأنه افتداه بغير أمره وإن زاد ثمنه على ما افتداه به من الجناية قضى بالزيادة في الدين على الرهن وهذا قول مالك قال ابن القاسم : ولا يباع حتى يحل أجل الدين ولم أسمع من مالك في الأجل شيئا قلت : أرأيت إن قالا جميعا - الراهن والمرتهن - : نحن نسلمه فأسلماه أيكون دين المرتهن بحاله في قول مالك كما هو ؟ قال : نعم هو قول مالك قلت : أرأيت إن أبى الراهن أن يفديه وقال للمرتهن : افتده لي ؟ قال : قال مالك : إذا أمره أن يفتدي اتبعه المرتهن بالدين والجناية جميعا قال مالك : وإن أسلماه جميعا وله مال كان ماله مع رقبته في جنايته وإن افتكه المرتهن لم يكن ماله مع رقبته فيما افتكه به ولا يزاد على ما كان في يديه من رهن رقبة العبد إذا لم يكن مال العبد رهنا معه أولا
في العبد يقتل رجلا وله وليان فعفا أحدهما ولم يذكر شيئا
قلت : أرأيت لو أن عبدا قتل رجلا عمدا وله وليان فعفا أحدهما ولم يذكر أنه يعفو على أن نصيبه من العبد له قال : إذا عفا واستحياه ولم يذكر أنه يعفو على أن له نصف العبد إلا أنه قال ذلك إنما أردت أن استحييه على أن آخذه قال : لا يكون القول قوله إلا أن يأتي بأمر يستدل به على ما قال فإن أتى بما يستدل به على قوله كان العبد بينهما نصفين إلا أن يفتديه سيده بجميع الجناية أو يفتدي نصفه من أحدهما بنصف الجناية ويسلم النصف الآخر إلى المولى الآخر قلت : أرأيت إن قتلني عبد عمدا أو خطأ وقيمة هذا العبد أكثر من ثلثي فعفوت على العبد ؟ قال : أما في العمد فعفوك جائز والعبد لمولاه لا ينتزع منه إلا أن يكون المقتول استحياه على أن يكون له فيكون سيد العبد بالخيار إن أحب أن يدفع دية المقتول ويحبس عبده فذلك له وإما أسلمه وأما في الخطأ فإن عفا عنه - وقيمته أكثر من الثلث - لم يجز إلا قدر الثلث قلت : أتحفظ هذا عن مالك ؟ قال : نعم هذا قول مالك قال سحنون : فيه اختلاف ويقال : إنما ينظر إلى الأقل من قيمته ومن الدية فيحسبه في الثلث
في العبد يجني جناية فيبيعه سيده قبل أن يؤدي إلى المجني عليه دية جرحه
قلت : أرأيت العبد يجني الجناية فيبيعه سيده أيجوز بيعه ؟ قال : سمعت مالكا وقد سألناه عن العبد يجني الجناية فيقول سيده : اتركوه في يدي أبيعه وأدفع إليكم دية جنايتكم قال مالك : ليس ذلك له إلا أن يكون ثقة مأمونا فيضمن ذلك أويأتي بحميل ثقة فيؤخر اليوم واليومين وما أشبهه فإن لم يأت بذلك لم يكن ذلك له إلا أن يأتي بدية الجرح أو يسلم عمده ففي البيع إن أعطى المجني عليه دية الجرح جاز بيعه وإلا لم يجز وقد فسرت هذه قبل هذا
في جناية الأمة
قلت : أرأيت لو أن أمة جنت جناية فولدت ولدا من بعد الجناية أيكون ولدها معها ويقال للسيد : ادفعها وولدها أو افدهما جميعا في قول مالك ؟ قال : بلغني عنه أنه قال : لا يدفع ولدها معها وقال : وأنا أرى أن لا يدفع ولدها معها مثل ما بلغني عن مالك قلت : وما حجة من قال : لا يدفع ولدها معها ؟ أليس قد استحقها المجني عليه يوم جنت عليه ؟ قال : لا إنما يستحقها المجني عليه يوم يقضي له بها فالولد قد زايلها قبل ذلك قلت : أرأيت الأمة إذا قتلت ولها مال أتدفع بمالها في قول مالك ؟ قال : نعم تدفع بمالها قال سحنون : وهو قول أشهب في الولد أن الولد ليس معها قال سحنون : وقال المخزومي : إن ولدها معها مرتهن بالجناية إما أن يفتكهما وإما أن يسلمهما وهي عندي كالرهن
في العبد يجني جناية ويركبه الدين من تجارة قد أذن له سيده فيها ثم يأسره العدو فيشتريه رجل من المغنم فيسلمه سيده
قلت : أرأيت العبد يجني جناية ويركبه الدين من تجارة قد أذن له فيها سيده فيأسره أهل الحرب ثم يغنمه المسلمون فيشتريه رجل من المغانم فيسلمه سيده ولا يريد أخذه ؟ قال : إذا أسلمه سيده لم يكن للذين جنى عليهم العبد شئ إلا أن يأخذوه بالثمن الذي صار لهذا الذي أخذه من المغنم فاشتراه من المغانم قلت : لم ؟ قال : لأنه لو أسلمه سيده قبل أن يؤسر لم يكن عليه من الجناية شئ وإنما كان يقال لمن صار له أنت أولى به بالثمن فكذلك هو وإن لم يكن له أخذه قال ابن القاسم : وذلك رأيي وأما الدين الذي على العبد فهو في ذمته وإنما يسقط عن العبد والذي يصير له العبد ما كان قبل أن يؤسر العبد في رقبته وأما ما كان في ذمته فهو ثابت عليه يؤخذ به وهو رأيي
في العبد يجني جناية بعد جناية
قال : وقال مالك في العبد إذا جنى ثم جنى خير سيده : إما أن يدفع قيمة ما جنى لكل واحد منهما وإما أن يسلمه فإن أسلمه تحاصا بقدر جناية كل واحد منهما وإن جنى ثم افتداه ثم جنى بعد ذلك خير أيضا إما أن يفتديه وإما أن يسلمه بجريرته وإنما يجتمع في رقبته ما يتحاصون فيه إذا لم يفتده حتى جنى جناية بعد جنايته الأولى فأما إن افتداه ثم جنى فإن على السيد أن يفتديه ثانية أو يدفعه
في جناية المعتق نصفه
قلت : أرأيت لو أن رجلا أعتق نصف عبد له ثم جنى جناية قبل أن يقوم عليه العبد ؟ قال : قال مالك : من أعتق شقصا له في عبد فمات قبل أن يعتق السلطان عليه النصف الباقي فإن النصف الذي لم يعتقه رقيق لورثته وكذلك قال مالك قال مالك : إذا أعتق الرجل شقصا له في عبد فلحق السيد دين قبل أن يقضي السلطان على السيد بعتق جميعه فإن النصف الذي لم يعتقه السلطان رقيق يباع في الدين فأرى في مسألتك أن تقسم الجناية نصفين فيكون نصفها على النصف الذي أعتق ويكون النصف الباقي في النصف الذي فيه الرق ثم ينظر أي ذلك كان أقل نصف الجناية أو نصف قيمة العبد فيدفع ذلك إلى المجني عليه لأنه إن كانت الجناية أقل أخذه ولم يكن له على سيده إلا نصف الجناية ولأنه إن كانت الجناية أكثر أسلم إليه النصف ولم يكن على سيده أكثر مما أسلم ويقوم عليه في الأمرين جميعا ثم يعتق لأنه إذا أسلم النصف الذي لم يعتق لم يكن له بد من أن يعتق عليه ذلك النصف إذا كان له مال لأنه شريك قلت : فإن أعتق سيده نصفه ثم جنى العبد جناية ثم مات السيد ؟ قال : أرى على النصف الذي أعتق نصف الجناية ونصف الجناية على النصف الذي لم يعتقه السيد ويقال للورثة : افتكوه وهو رقيق لكم أو ادفعوه رقيقا للمجروح وقد أخبرتك من قول مالك ما تستدل به على هذا
في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما حصته وهو موسر فجنى العبد جناية قبل أن يقوم عليه
قلت : أرأيت لو أن عبدا بين رجلين أعتق أحدهما حصته وهو موسر فجنى العبد جناية قبل أن يقوم على المعتق ؟ قال : يقال للمتمسك بالرق : إن شئت فأسلم نصف العبد بنصف دية هذه الجناية وإن شئت فافده بنصف دية الجناية فإن فداه كان له أن يضمن الذي أعتق ويقوم عليه وإن أسلمه كان للذي أسلم إليه العبد بالجناية أن يلزم المعتق بنصف قيمته ويكون نصف الجناية على النصف المعتق من العبد يتبع به وقال : ولا تتبع العاقلة بشئ مما صار على النصف المعتق وإن كان أكثر من الثلث قلت : ولا يضمن المعتق حصة صاحبه ثم يقال للمعتق : ادفع أو افد ؟ قال : لا لأن الجناية كانت في ملك المتمسك بالرق فلزمت رقبة العبد قبل أن يقوم نصيبه على صاحبه فإنما يقوم نصيبه على صاحبه بالعيب الذي لزم نصيبه لأن مالكا قال : ينظر إلى قيمة النصيب يوم يقوم العبد بتمامه ونقصانه قال : وإنما ضمنت المعتق للمدفوع إليه العبد بالجناية لأن هذا لما أعتق كان ضامنا فالمدفوع إليه بالجناية هو بمنزلة شريك المعتق الدافع العبد بجنايته - قال : ولو أن هذا العبد لما أعتق نصفه وهب شريك هذا المعتق نصيبه لرجل لضمنت المعتق للذي وهب له الشقص ولا يشبه هذا الذي قال مالك في البيع إنه يرد ولا يجوز بيع نصيبه إذا كان الذي أعتق موسرا لأن البيع إنما هو غرر وليست الهبة غررا لأن البائع كأنه باعه بكذا وكذا دينارا على أن يأخذ بدنانيره قيمة العبد لأنه قد علم أنه يقوم على المعتق وهذا المشتري لا يدري أيأخذ أقل من الدنانير التي أعطى أو أكثر وإن باعه بعروض كان كذلك أيضا إنما باع عروضه بدنانير لا يدري ما هي
في الجناية على المعتق نصفه
قلت : أرأيت العبد يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا يجرح ؟ قال : قال مالك : نصفه لسيده يأخذه ونصفه للعبد يقر في يديه وكذلك لو جرح العبد كان نصف دية الجرح على العبد ونصفه على السيد قال سحنون : وهو قول أصحاب مالك جميعا وقد كان لمالك فيها قول إذا جرح : إن جرحه للسيد ثم قال : هو بينهما وقال مالك في العبد يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا يجني جناية وفي يديه مال يفتك سيده نصفه : إن ماله يؤخذ منه في نصف الجناية التي وجبت على المعتق منه
في جناية الموصى بعتقه
قلت : أرأيت إن أوصى فقال : هو حر بعد موتي بشهر فمات السيد والثلث لا يحمله ؟ قال : يقال للورثة : أجيزوا الوصية وإلا فاعتقوا ما حمل الثلث بتلا قلت : فإن أجازوا الوصية ؟ قال : إذا خدمهم تمام الشهر خرج جميعه حرا وهو قول مالك قلت : وإن قال السيد : هو حر بعد موتي بشهر فأجازت الورثة الوصية ثم جنى العبد جناية قبل أن يمضي الشهر ؟ قال : يقال للورثة : افتكوا خدمته أو أسلموها قلت : فإن افتكوها أو أسلموها أيعتق العبد بجميعه إذا مضى الشهر ؟ قال : نعم وهو قول مالك قلت : فإن عتق العبد بعد مضي الشهر وقد كانوا أنفذوا ما أوصى به الميت وأسلموه ؟ قال : يكون ما بقي من الجناية في ذمة العبد يتبع بها قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن كان الورثة أفتكوه فخدمهم بقية الشهر ثم عتق هل يتبع بشئ ؟ قال : لا وقد بلغني ذلك عن مالك ممن أرضاه قلت : فإن كانت الورثة - حين مات الميت - لم يجيزوا الوصية فأعتقت عليهم الثلث بتلا ثم جنى جناية ؟ قال : تقسم الجناية أثلاثا فيكون ثلث الجناية على الثلث المعتق ويقال للورثة : افتكوا ثلثيكم بثلثي الجناية أو أسلموه فيكون ثلثاه رقيقا لأولياء الجناية وهو قول مالك قلت : أرأيت إن أعتق رجل عبدا له في مرضه فجنى العبد جناية أيدفع بها أم لا ؟ قال : إذا أوصى بعتقه كان له أن يدفعه أو يفتديه إذا اعتدلت قيمته وجنايته فإن فداه كان على الوصية فأما إذا أبت عتقه في مرضه فإنه يكون مثل المدبر تكون الجناية في ذمته إذا حمله الثلث - وكذلك بلغني عمن أرضى به - ولا تكون في رقبته وإن كان لسيديه أموال مأمونة من دور أو أرضين فهو حر حين أعتقه والجناية على العاقلة إن كانت خطأ وإن كانت عمدا اقتص منه قلت : أرأيت إن أوصى بعتقه إلى شهر ولا يحمله الثلث فجنى العبد جناية قبل أن يجيز الورثة الوصية ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يقال للورثة : اختاروا إما أن أعطيتم أرش الجناية كلها وتكون لكم خدمة العبد فتكونون قد أجزتم وصية صاحبم ويخدمكم إلى الأجل فذلك لكم وإذا انقضت الخدمة خرج العبد حرا بجميعه ولم تتبعوه بشئ وإن أبيتم عتق من العبد ثلثه وقيل لكم : افتدوا الثلثين اللذين صارا لكم بثلثي الدية وإلا فأسلموهما لأولياء الجناية ويكون ثلث الجناية على الثلث الذي عتق منه
في جناية الموصى بعتقه يجني قبل موت سيده
قلت : أرأيت لو أن رجلا أوصى بعتق عبده فجنى قبل أن يموت السيد أتنتقض الوصية فيه أم لا في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن يخير السيد فإن دفعه بطلت الوصية وإن فداه كانت الوصية كما هي وقال مالك : هو عبد بعد فله تغيير وصيته ويبيعه ويصنع به ما شاء فلما قال مالك ذلك علمنا أنه يجوز له أن يسلمه فإن لم يسلمه وفداه فالوصية له ثابتة لأن الوصية تقع بعد الموت إذا لم يغيرها قبل موته وكذلك بلغني عمن أثق به من بعض أهل العلم قلت : أرأيت إن أوصى فقال : إذا مت فهو حر فجنى العبد قبل أن يقوم في الثلث والثلث يحمله ؟ قال : يعتق وتكون الجناية دينا عليه يتبع بها قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هو مثل ما قال مالك في المدبر لأنه عند مالك عبد ما لم يقوم إن كان لثلث يحمله إلا أن تكون أمواله مأمونة من دور أو أرضين بحال ما وصفت لك فيكون ذلك على العاقلة وذلك أن مالكا قال : حدوده وحرمته وقذف بمنزلة العبد حتى يقوم في الثلث ويخرج من الثلث لأن مالكا قال : لو أصيب بشئ قبل أن يقوم في الثلث حتى ينقص ذلك من عتقه نقص من عتقه ورق منه بقدر ما يرق فذلك يدلك على أنه عبد وأن العاقلة لا تحمل عن عبد وإن ما جنى بمنزلة ما جنى عليه وإنما قال لنا مالك هذا في المدبر فإذا أوصى بعتقه بعد موته ثم مات فجنى بعد الموت فسبيله سبيل المدبر سواء لأنه قد ثبت له ما ثبت للمدبر وكذلك بلغني عمن أثق به قال سحنون : وقد أعلمتك باختلافهم في المال المأمون قال سحنون : من أصحابنا من يقول : وإن كان المال مأمونا فهو على حاله حتى يقوم
قلت : أرأيت إن أوصى بعتقه ثم جنى العبد جناية فلم يقم عليه ولي الجناية حتى مات السيد والثلث يحمله أو لم يدع مالا سواه أترى للورثة ما كان لأبيهم من الخيار في أن يسلم العبد أو يفتكه أم ترى الحرية قد جرت فيه لما مات السيد وتجعل سبيله سبيل من جنى بعد الموت ؟ قال : المجروح أولى به وهو في رقبته فإن أسلم كان عبدا للمجروح وإن افتكوه رجع العبد في الوصية إلى مال سيده فأعتق في ثلثه بمنزلة ما لو افتكه سيده قبل أن يموت ويكون الورثة فيه بعد الموت بمنزلة السيد قبل أن يموت لأن الجرح كان في رقبته قبل أن يموت سيده قلت : أرأيت إن أعتقه بتلا في المرض ولا مال له فجنى العبد جناية ثم أفاد أموالا مأمونة في مرضه كثيرة ؟ قال : يعتق العبد حين أفادها وتكون الجريرة في ذمته يتبع بها ولا تحملها العاقلة لأنه يوم جنى كان ممن لا تحمل العاقلة جريرته قلت : أسمعت هذا من مالك ؟ قال : الذي سمعت من مالك في هذا قد أخبرتك به في المسائل الأولى لأن مالكا قال لنا : إذا كانت له أموال مأمونة - ما قد أخبرتك به فهو إذا أفادها في مرضه - صنعت به حين أفادها في العتق مثل ما كنت أصنع به إذا أعتقه وله أموال مأمونة
في رجل أعتق عبدا له في مرضه وبتل عتقه فجرح العبد قبل موت سيده
قلت : أرأيت إن أعتق رجل عبده في مرضه فبتل عتقه فجرح العبد قبل موت سيده ؟ قال : عقله عقل عبد إلا أن تكون للسيد أموال مأمونة لا يخاف عليها مثل الأرضين والدور والنخل فتكون جراحه جراح حر لأن حرمته قد تمت ههنا وهذا قول مالك إنه لا يكون حرا ولا تكون حرمته حرمة حر حتى تكون هذه الأموال مأمونة لا يخاف عليها وإن كانت كثيرة قال : والذي قال لنا مالك في المال المأمون : إنه الأرضون والنخل والدور قلت : أرأيت لو أني أعتقت عبدا لي في مرضي بتلا ثم جنى جناية وبرئت من مرضي ذلك أو مت ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك به في المسائل الأول فإذا كان الجد ممن يوقف إذا كان السيد ممن ليست له أموال مأمونة من الدور والأرضين بحال ما وصفت لك إن من قتل هذا المعتق في المرض فإنما عليه قيمة عبد وجراحه جراحات عبد وحدوده حدود عبد فإذا كان بهذه الحالة فإن العاقلة لا تحمل ما جنى من جنايته لأن جنايته جناية عبد لأنه لا تحمل له جريرة حتى يحمل هو مع العاقلة ما لزم العاقلة من الجرائر فقس على هذا ما يرد عليك من هذه الوجوه قلت : أرأيت إذا أعتقه السيد في مرضه بتلا فجر جريرة ثم مات السيد ولا مال له غيره ؟ قال : يعتق ثلثه ويرق ثلثاه ويكون ثلث الجناية على الثلث العتيق ويقال للورثة : ادفعوا الثلثين أو افتكوه بثلثي الجناية لأن سبيله ههنا سبيل المدبر قال مالك : والمدبر مثل ما وصفت لك في مثل هذا سواء
قلت : فلو أن رجلا أعتق عبده في مرضه بتلا ولا مال للسيد غيره فجنى العبد جناية بعد ما أعتقه قبل أن يموت سيده ؟ قال : يوقف الربد حتى ينظر إلى ما يصير إليه السيد فإن برأ السيد من مرضه وصح كانت الجناية في ذمة العبد ويخرج العبد حرا بجميعه وإن مات السيد من مرضه رق ثلثاه وعتق ثلثه وكانت حاله في الجناية مثل ما وصفت لك في المدبر قلت : فهل يقال للسيد إذا أوقفت العبد في العتق المبتل : أسلمه أو افتده ؟ قال : لا قلت : لم ؟ قال : لأنه ليس له فيه خدمة ولا رق وإنما قيل له في المدبر أسلمه أوافده للخدمة التي له فيه لأن له في المدبر الخدمة إلى الموت قال سحنون : وقال غيره من كبار أصحابنا مثل ما قال : إنه موقوف لأنه ليس للسيد فيه خدمة فيسلمها فكل قول تجده له أو لغيره على خلاف هذا فأصله على هذا فإن هذا أصل قولهم وأحسنه وقد كان عبد الرحمن ربما قال غير هذا ثم قال هذا وتبين له وثبت عليه قلت لابن القاسم : أهذه المسائل التي سألتك عنها في العتق البتل في المرض أسمعتها من مالك ؟ قال : لا وهذا رأيي قلت : أرأيت إن أعتقت عبدي في مرضي بتلا ولا مال لي سواه وللعبد مال كثير أيؤخذ مال العبد أم يوقف ماله معه ؟ قال : يوقف ماله معه قلت : فإن أوقف معه ماله فجنى جناية ما حال ماله ؟ قال : يوقف ماله معه ولا يدفع إلى أولياء الجناية قلت : ولم أوقفت ماله معه ؟ قال : لأنه إن مات السيد ولا مال له غيره عتق ثلثه وكان عليه ثلث الجناية ورق ثلثاه فإن اختارت الورثة أن يفتكوا الثلثين بثلثي الدية لم يكن لهم في مال العبد شئ وكان المال موقوفا مع العبد ليس للورثة أن يأخذوه أيضا لأنهم إن أسلموا الثلثين إلى أهل الجناية لم يكن لأهل الجناية أن يأخذوا من ماله شيئا وكان المال موقوفا معه لأن من دخله شئ من العتق وقف ماله معه ولم يكن لساداته الذين لهم بقية الرق فيه أن يأخذوا المال منه ولا شيئا من المال في قول مالك قال سحنون : وهذه المسألة أصل مذهبهم فلا تعدوها إلى غيرها قلت : لم أوقف مالك جميع مال العبد معه إذا أعتق منه شقصا لأنه شريك في نفسه فكل عبد بين اثنين فليس لأحدهما أن يأخذ من مال العبد بقدر نصيبه إلا أن يرضيا جميعا فيأخذا المال
قلت : فإن كان عبد بين رجلين له مال فقال أحدهما : أنا آخذ حصتي من المال وأذن له صاحبه وأوقف صاحبه ماله في يد العبد أيجوز ذلك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا له لأنها إن كانت هبة منه فهي جائزة وإن كانت مقاسمة فهي
جائزة قلت : أرأيت إذا باعاه كيف يصنع هذا الذي ترك نصيبه في يد العبد وقد اشترط المشتري المال أيضرب بنصف العبد في الثمن وبقيمة المال الذي ترك في يد عبده ويضرب الآخر بنصف العبد ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه بينهما نصفين لأن المال لا يقع عليه حصة من الثمن والمال ملغى قلت : أرأيت إن أعتق عبده في مرضه بتلا وله مال غير مأمون وللعبد مال ؟ قال : سبيل هذا العبد سبيل من لا مال له إذا لم يكن للسيد مال مأمون قلت : أرأيت إن قال : اعتقوا عبدي فلانا بعد موتي فجنى العبد جناية بعد موته وقبل أن يعتقوه أيدفع بالجناية أم تكون الجناية في ذمته ؟ قال : هو بمنزلة المدبر ما جنى بعدما مات سيده فإنما الجناية فيما لم يحمل الثلث من رقبته في رقبته وفيما حمل الثلث في ذمته إن خرج من الثلث وإن لم يحمله الثلث قيل للورثة : ادفعوا ما بقي لكم في العبد بما بقي من الجناية أو افدوه بأرش ما بقي من الجناية قلت : فإن قال : اشتروا عبد فلان - يسميه - فأعتقوه عني - لعبد بعينه - فاشتروه فجنى جناية قبل أن يعتقوه بعدما اشتروه ؟ قال : هذا والذي أوصى بعتقه سواء يكون دينا في ذمته قلت : فإن قال : اشتروا نسمة فأعتقوها عني ولم يذكر عبدا بعينه فاشتروا نسمة عن الميت فجنى جناية قبل أن يعتقوه ؟ قال : هذا لا يشبه عندي ما ذكرت من الرقبة بعينها لأن هذا أن لو أراد الورثة بعدما اشتروه أن لا يعتقوه ويستبدلوا به غيره إذا كان ذلك خير للميت كان ذلك لهم قلت : أتحفظ هذه المسائل كلها عن مالك ؟ قال : نعم منها ما سمعت ومنها ما بلغني عنه
في الرجل يوصي بخدمة عبده لرجل حياته فيجني العبد جناية
قلت : أرأيت لو أن رجلا أوصى له بخدمة عبد حياته فجنى العبد جناية لمن يقال ادفع أو افد ؟ للذين لهم الرقبة أم للموصى له بالخدمة ؟ قال : سألنا مالكا عن الرجل يخدم الرجل عبده سنين معلومة فجرح العبد رجلا جرحا قال : قال مالك : يختر سيده الذي له الرقبة فإن اختار أن يفتديه كان ذلك له ويستكمل هذا المخدم خدمته فإذا قضى الخدمة رجع إلى سيده وإن أبى قيل للمخدم : إن أحببت أن تفتكه فأفتكه فإن افتكه خدمه فإن انقضت سنوه لم يكن للسيد إليه سبيل إلا أن يدفع ما افتكه به المخدم وإلا كان للمخدم بتلا فمسألتك مثل هذا قلت : ولم قال مالك : يبدأ بصاحب الرقبة أولا فيقال له : افتكه ؟ قال : لأن مرجعه إليه قلت : أرأيت إن أوصى لرجل بخدمة عبده سنة وبرقبته لآخر والثلث يحمله إن جنى جناية ما يقال لهما ؟ قال : يقال لصاحب الخدمة : افتكه فإن افتكه خدمه إلى الأجل ثم أسلمه إلى الذي بتل له ولم يكن عليه قليل ولا كثير فإن أبى قيل لصاحب الرقبة : افتك أو أسلم فإن افتكه كان له ولم يكن للمخدم فيه شئ وهذا الذي سمعت وبلغني عن مالك قال سحنون : قد كان منه في هذا الأصل اختلاف وأحسن قوله مما جامعه عليه غيره من كبار أصحاب مالك ؟ أنه إذا أخدم رجل عبدا له رجلا سنين أو أوصى بأن يخدم فلانا سنين ورقبته لآخر والثلث يحمله فجنى العبد جناية في يد المخدم بعد الوصية أوفي العطية في حياة صاحب الرقبة إن العبد جنى يوم جنى والجناية في رقبته ليس في خدمته فالمقدم الذي هو بيده للحق الذي له في الخدمة على صاحب الرقبة وإنه لا سبيل لصاحب الرقبة إليه إلا بعد تمام الخدمة فيقال له : أتفتك أو تسلم ما كان لك فيه مما أنت المقدم فيه فإن أسلم سقط حقه وقيل لصاحب الرقبة : أسلم أو افتك فإن أسلمه صار لصاحب الجناية وإن افتكه صار له وبطل حق المخدم لتركه إياه وإن كان صاحب الخدمة افتكه بالجناية اختدمه فإذا تمت خدمته لم يكن لصاحب الرقبة إليه سبيل حتى يعطيه ما افتكه به لأنه إنما افتك الرقبة والجناية في الرقبة فإن لم يعطه ما افتكه به صار مملوكا للذي افتكه وصار موقفه موقف المجني عليه فكل ما جاءك من هذا الأصل فرده إلى ما أعلمتك فإنه أصح مذهبهم وقد أعلمتك بمجامعة غيره عليه له قلت : أرأيت إن أوصى رجل لرجل بخدمة عبده سنة وبرقبته لآخر والثلث يحمله فمات السيد وقبضه صاحب الخدمة فقتله رجل خطأ فأخرج قيمته لمن تكون القيمة ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال : قيمته للذي أوصى له برقبته بتلا وهو رأيي قال سحنون : وقال بعض أصحابنا : إن قيمة العبد المخدم تؤخذ من القاتل ويشتري بها رقبة فتدفع إلى المخدم تختدمه حتى ينقضي الأمد الذي إليه أخدم العبد ثم يرجع العبد إلى الذي أوصى له بالرقبة وقال بعضهم : بل يؤاجر بقيمة العبد المقتول للمخدم عبد يخدمه إلى انقضاء السنين فإن بقي من القيمة شئ بعد انقضاء السنين دفع إلى الموصى له بالرقبة وهو قول مالك وبه يقول سحنون
فيمن أوصى بخدمة عبده سنين فقتل العبد أو جرح قبل انقضائها
قلت : أرأيت لو أن رجلا أوصى لرجل بخدمة عبده سنين معلومة فقتل العبد قبل انقضاء السنين فأخذ قيمته كيف يصنع بالقيمة ؟ قال : قال مالك : القيمة للذي له الرقبة وليس للموصى له بالخدمة شئ وكذلك لو قطعت يده فأخذ لها دية فإنما ذلك للذي له الرقبة وليس للموصي له بالخدمة شئ قال سحنون : أما مالك فهذا قوله لم يزل واختلف فيه أصحابه فكل ما سمعت خلاف هذا فرده إلى هذا فهو أصل مذهبهم مع ثبوت مالك عليه
في جناية المعتق إلى أجل
قلت : أرأيت المعتق إلى سنين إذا جنى جناية ما يقال لسيده في قول مالك ؟ قال : يقال لسيده : ادفع خدمته أو افتد الخدمة فإن دفع الخدمة خدم حتى إذا حل الأجل عتق العبد ونظر إلى ما بقي من أرش الجناية فيكون ذلك على العبد إذا اعتق - وإن كان قد استوفى قيمة جنايته من الخدمة قبل أجل العتق رجع العبد إلى سيده فإذا حل الأجل عتق العبد وإن افتكه سيده خدمه بقية الأجل ثم عتق ولم يتبعه السيد بشئ مما افتكه به من أرش الجناية
في المدبر يجني على رجل فيدفع إليه يختدمه ثم يجني على آخر
قال : وقال مالك : في المدبر إذا جنى فأسلمه سيده إلى الذي جرحه يختدمه ثم جرح آخر وهو عند الذي أخذه يختدمه دخل معه بقدر جنايته يتحاصون في خدمته هذا بقدر ما بقي له من جنايته وهذا بجميع جنايته وليس يخير صاحب المدبر ولا من أسلم إليه المدبر يختدمه في جنايته كما كان يخير في العبد من أخذه بجريرته ليس إسلامه خدمة المدبر في جنايته بمنزلة إسلام رقبة العبد المدبر كلما جنى يدخلون جميعهم في خدمته والعبد كلما جنى يدفع بجنايته ثم ما جنى بعد ذلك فإنه يدفع بجنايته أيضا لأن العبد إذا أسلم إلى المجروح كان مالا من ماله إن شاء باع وإن شاء وهب قال ابن وهب وابن نافع : وقال مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة في المدبرة : إنها إذا جنت فإن سيدها بالخيار إن شاء أن يخرج ما جنت فيفتدي بذلك خدمتها فعل وإن هو لم يفعل أسلمت بجنايتها فخدمت وحسب ذلك فإن أدت جنايتها رجعت إلى سيدها الذي دبرها فإن مات سيدها فعتقت من ثلثه كان ما بقي من جنايتها دينا عليها قال مالك وعبد العزيز : قضى بذلك عمر بن عبد العزيز ابن وهب قال مالك وعبد العزيز : وإن أدركها دين يرقها إذا مات سيدها فالذي جرحت أحق بها إلا أن يفتدوها بما بقي من جراحه إذا كان الدين والجرح يغترق القيمة فإن لم يغترق القيمة بيع منها للجناية وللدين ثم عتق ثلث ما بقي
في جناية المدبر وله مال وعليه دين
قلت : أرأيت المدبر إذا جنى جناية وله مال ؟ قال : قال مالك : يبدأ بماله فيعطاه أهل الجناية فإن لم يكن فيه وفاء قيل للسيد : أسلم خدمته أو افتد الخدمة بما بقي من أرش الجناية قلت : فإن كان عليه مع هذا دين ؟ قال : قال مالك في العبد يجني جناية وعليه دين إن دينه أولى بماله وجنايته في رقبته يقال للسيد : ادفع أو افد فكذلك المدبر دينه أولى بماله وجنايته أولى بخدمته قلت : أرأيت لو أن مدبرا جنى جناية وعليه دين ؟ قال : فالجناية يدفع بها في خدمته - في قول مالك - والدين يتبعه في ذمته قلت : فلو أن مدبرا مات سيده وعلى السيد دين يغترق قيمة المدبر وعلى المدبر دين ؟ قال : قال مالك : يباع في دين سيده ويكون دينه في ذمته أو في ماله إن كان له مال أو يتبع به في ذمته إن لم يكن له مال
في المدبر يجني جناية وعلى سيده دين يغترق قيمة المدبر أو لا يغترقها
قلت : أرأيت مدبرا جنى جناية وسيده حي لم يمت وعلى السيد دين يغترق قيمة المدبر أو لا يغترق قيمته ؟ قال : يدفع إلى صاحب الجناية فيختدمه بقدر جنايته إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه قدر الجناية ويأخذوا العبد المدبر فيؤاجروه لأنفسهم حتى يوفي دينهم فإن لم يأخذه الغرماء وأسلم إلى أولياء الجناية ثم مات السيد فإنه يصنع في أمره كما إذا كان عليه من الدين وفي رقبته من الجناية ما يغترق رقبة المدبر فقد تسلط البيع على المدبر بعد الموت لأن التدبير وصية ولا تكون الوصية مع الدين فالدين يرد التدبير والجناية أولى من الدين لأنها في رقبة المدبر إلا أن يزيد أهل الدين على أرش الجناية فيحط ذلك عن الميت فيكونون أولى بالعبد لأن أهل الجناية إذا استوفوا جنايتهم فلا حجة لهم قال سحنون : فيكون لهم نماؤه وعليهم نقصانه وليس للميت من نمائه ولا نقصانه شئ والعبد رقيق للغرماء إذا زاد على الجناية زيادة يحط بها عن دين الميت قلت : فلو أن رجلا لا مال له وعليه دين وله مدبر فأراد الغرماء أن يأخذوا المدبر فيؤاجروه حتى يستوفوا دينهم ؟ قال : ذلك لهم في قول مالك قلت : أرأيت عبدا دبره سيده ثم لحق السيد دين يغترق قيمة المدبر فجنى المدبر جناية ثم مات السيد ؟ قال : قال مالك : إن كان الدين يغترق قيمة العبد المدبر فإنه يقال للغرماء : أهل الجناية أولى منكم لأن الجناية في رقبة العبد إلا أن تزيدوا على قيمة الجناية فتأخذوه ويحط عن الميت بقدر الذي زدتم فذلك لكم - وإن أبوا فالجناية أولى يبدأ بها في العبد وإن كان إذا بيع من المدبر قدر جنايته وقدر الدين بعد ذلك ففضل منه فضل بيع منه قدر الجناية ويبدأ بها فيعطى صاحب الجناية حقه ثم يباع لأهل الدين فيعطون حقوقهم ثم يعتق من المدبر ثلث ما بقي بعد ذلك ويكون ثلثا ما بقي بعد ذلك رقيقا للورثة قلت : أرأيت إن كان العبد إذا بيع منه مقدار الجناية ثم بيع منه مقدار الدين
أتى ذلك على جميع قيمته ولم يفضل منه فضلة بعد ذلك ؟ قال : فأصحاب الجناية أولى به إذا لم يكن فيه فضل إلا أن يزيد أهل الدين على حال ما وصفت لك وإنما يباع منه لأهل الجناية ثم لأهل الدين إذا كان فيه فضل يعتق لأنه لو كانت الجناية وحدها ولا دين على سيده عتق ثلثه وكان ثلثاه للورثة رقيقا ثم خير الورثة في ثلثيهم بين أن يسلموه أو يفتدوه بثلثي الدية ولو كان على سيده دين أقل من قيمة رقبته ولم يكن في رقبته جناية بيع منه قدر الدين ثم عتق منه ثلث ما بقي بعد ذلك الدين وكان الثلثان رقيقا للورثة فلما اجتمعت الجناية والدين جميعا وكان فيهما ما يغترف قيمته كان صاحب الجناية أولى فأما إذا كان في قيمته فضل عما يجب لهم جميعا فعل به الذي فسرت لك لأن كل واحدة منهما لو حلت به كان فيه العتق
في المدبر يجني على سيده
قلت : أرأيت مدبرا جنى على سيده فقطع يد سيده ؟ قال : يختدمه سيده في الجناية قلت : أوليس قد كان يختدمه قبل الجناية ؟ قال : أخبرني عبد الحكم بن أعين أنه سأل مالكا عنها فقال مالك : يختدمه ويقضي له في ذلك من الجناية وبطلت خدمة التدبير لأنه قد حدثت خدمة هي أولى من الخدمة الأولى لأنه يختدمه في الجناية حتى يستوفي جنايته فإن مات وبقي على المدبر من الجناية شئ فإنه يعتق منه مبلغ ثلث مال الميت فإن حمل ثلث مال الميت جميعه كان ما بقي من الجناية في ذمته وإن أعتق ثلثاه أتبع ثلثي الجناية وتسقط بقيمتها لأنه رقيق لهم قلت : فما له حين جنى على السيد لم تبطل جنايته على سيده وهو عبد لسيده وحين ورث ورثته الذي صار لهم من العبد بطلت الجناية عن الذي صار لهم من العبد ؟ قال : لأن السيد حين جنى عليه مدبره كان فيه عتق وحين صار للورثة نصفه رجع الذي ورثوا منه رقيقا لا عتق فيه وسقطت الجناية عن الذي ورث منه وما عتق منه كان فيه من الجناية بقدر ذلك يتبع به ألا ترى لو أن عبدا جنى جناية على سيده لم يكن لسيده عليه شئ لأنه لا عتق فيه وإنما جعل ذلك في المدبر لأن الجناية أولى من الخدمة فلا ينبغي أن يختدمه سيده بالجناية ثم يعتق ويتبعونه بجميع الجناية وهو رأيي قال سحنون : وقال غيره : لا يختدمه السيد بجنايته لأن له عظم رقبته ألا ترى أنه إذا جنى جناية على أجنبي ثم افتكه سيده إنه لا يختدمه بما افتكه به ولا يحاسبه به فالجناية على السيد أولى أن لا يحاسب بها الذي لم يجرح فيها شئ وقد كان المجروح لو لم يفتكه منه اختدمه فإن لم يستوف حتى مات السيد وعتق المدبر في الثلث فإنه يتبع المدبر في ذمته بما بقي منه فلم يحل السيد حين فتك المدبر محل المجروح ولم يزل منزلته فكذلك لا يكون ما جرح السيد مثل ما جرح الأجنبي قلت لابن القاسم : أرأيت المدبر إذا جنى على سيده وعلى أجنبي ؟ قال : يختدمانه بقدر جنايتهما وذلك أن مالكا قال : إن جنى على سيده فذلك لازم له وإن جنى على أجنبي فذلك لازم له فلما ألزمه مالك الجنايتين ألزمته إياهما إذا اجتمعتا عليه قلت : فلم لا يلزم عبدي ما جنى علي ؟ قال : لأن عبدك ليس فيه عتق والمدبر فيه عتق قال سحنون : وهذه مثل الأولى
في المدبر ورجل حر يجنيان جناية خطأ
قلت : أرأيت لو أن مدبرا ورجلا حرا قتلا قتيلا خطأ ؟ قال : يلزم المدبر نصف الدية في خدمته ونصف الدية على عاقلة الرجل الحر وهذا قول مالك ابن نافع عن ابن أبي الزناد أن أباه حدثه عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبي بكر بن
عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل وربما اختلفوا في الشئ فأخذ بقول أكثرهم وأفضلهم رأيا فكان الذي وعيت عنهم على هذه الصفة أنهم كانوا يقولون في المدبر يجرح إنه يخير سيده بين أن يسلم ما يملك منه من الخدمة ويين أن يفتكه بدية الجرح فإن أسلمه اختدمه المجروح وقاصه بجراحه في خدمته فإن أدى إليه دية جرحه في خدمته قبل أن يموت سيده رجع إلى سيده على ما كان عليه وإن مات سيده قبل أن يستوفي المجروح دية جرحه عتق المدبر وكان ما بقي من دية الجرح دينا عليه يتبعه به المجروح قال : وقال مالك : إنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى في المدبر إذا جرح أن سيده يسلم ما يملك منه إلى المجروح فيختدمه المجروح ويقاصه بجراحه من دية جرحه فإن أدى قبل أن يتوفى سيده ورجع إلى سيده أشهب عن المنذر بن عبد الله الخزامي عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عمر بن عبد العزيز أنه قال : إذا جرح المدبر جرحا أو قتل خطأ أخذ من سيده فآجره الذي له العقل حتى يستوفي عقله فإن مات سيد المدبر وعتق ولم يستوف صاحب العقل عقله كتب عليه ما بقي من العقل دينا وإن استوفى صاحب العقل عقله - والسيد حي - رجع المدبر إلى سيده فكانت له خدمته حتى يموت قال المنذر : قلت لعبد العزيز : من أين رأى هذا عمر ؟ فقال : رآه لأنه لا يؤخذ من السيد إلا ماله فيه إذ لو كان عبدا ما كان على السيد أن يؤخذ منه إلا هو فإذا لم يكن له الأخذ منه فليس عليه أن يؤخذ منه غيرها
في المدبر يقتل عمدا فيعفى عنه على أن يأخذوا خدمته
قلت : أرأيت المدبر إذا قتل عمدا فعفا أولياء القتل على أن يأخذوا خدمته أيكون ذلك لهم ؟ قال : نعم إلا أن يفتدي السيد خدمته بجميع الجناية قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قال مالك في العبد ما أخبرتك وخدمة المدبر عندي بمنزلة رقبة العبد قلت : أرأيت المدبر يقتل أجنبيا عمدا أيكون لأولياء القتيل الأجنبي أن يستحيوه على أن يأخذوه ؟ قال : لا ولكن لهم أن يستحيوه ويأخذوا خدمته قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم
في المدبر يجني جناية ثم يعتقه سيده
قلت : أرأيت المدبر إذا جنى جناية فأعتقه سيده أيجوز عتقه وتكون الجناية في ذمته يتبع بها ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن يحلف السيد ما أعتقه وهو يريد أن يحمل عنه الجناية وهو عندي مثل العبد إن كان حين أعتقه أراد أن يضمن الجناية وإلا حلف بالله ما أعتقه وهو يريد أن يضمن عنه الجناية فإن حلف ردت خدمة المدبر وخير بين أن يسلمه أو يفتديه مدبرا فإن أسلمه وكان للمدبر مال أخذ من المدبر المال فأعطى المجروح ثم خرج حرا إذا كان في مال المدبر وفاء بجنايته وإن لم يكن في ماله وفاء بجنايته أخذ منه ما كان له وخدم المجروح بما بقي له ثم يخرج حرا وإن لم يكن له مال اختدمه المجروح فإن أدى إليه عقل جرحه - والسيد حي - خرج المدبر حرا وإن مات السيد قبل أن يستوفي المجروح عقل جرحه وترك مالا يخرج المدبر من ثلثه عتق وأتبعه المجروح بما بقي عليه من الجناية وإن لم يترك مالا إلا المدبر وحده عتق ثلثه وأتبعه بثلث ما بقي من الجناية سحنون : فإن كان ما بقي من رقبته مثل ما بقي من الجناية كان ثلثاه رقيقا للمجروح لأنه أسلمه حين كان له الخيار وليس للورثة فيه شئ لأن صاحبه قد تبرأ منه وأعتقه فإن لم يحلف السيد أنه ما أعتقه وهو يريد أن يحمل جنايته جاز عتق العبد وكانت الجناية على السيد إن كان للسيد مال فيه وفاء بجنايته فإن لم يكن له مال رد عتق العبد وأسلم العبد إلى المجروح يختدمه فإن أدى في حياة سيده عتق ولم يلحقه دين إن استحدثه السيد إذا انقضت خدمة المجروح لأن الذي رد عتق العبد من أجله ليس هو هذا الدين وإن لم يؤد حتى مات السيد وعليه دين يغترق قيمة المدبر من دين استحدثه بعد عتقه في الجناية عتق ثلث المدبر وكان عليه ثلث ما بقي من الجناية في ذمته فإن كان ما بقي من رقبته مثل ما بقي من الجناية كان مملوكا للذي جرحه وإن كان الذي بقي من رقبته أكثر مما بقي من أرش عن الجناية فكان له أحد من قرابته أو غيرهم يعينه بأرش الجناية الذي على الثلثين عتق وإلا بيع من ثلثي رقبته بقدر ما بقي من الجناية وعتق منه ما بقي قال سحنون : وقال غيره : يصير الثلثان رقيقا للمجروح - وجد من يعينه أو لم يجد - وكان ما بقي مما يصير على ثلثي الرقبة من الجناية أقل من ثلثي الرقبة أو لم يكن فذلك رقيق للمجروح قال ابن القاسم : وإن
مات سيده وله مال عتق وأتبع مما بقي من الجناية وإن كان يخرج من ثلث سيده وإن لم يترك السيد مالا غيره عتق ثلثه ورق ثلثاه للمجروح بتلا وإن كان دين السيد قبل العتق وقبل الجناية فهو بمنزلة المدبر الذي لم يعجل له عتق سواء لأن ذلك العتق ليس بشئ وليس بعتق حين كان على السيد دين يغترقه وقال غيره : إذا كان عتقه إنما هو بالثلث فالدين المستحدث يرد الثلث وإن كان عتقه قبل الثلث والعتق المستحدث يعد العتق لا يضره له قلت : أرأيت عبدا بين رجلين دبر أحدهما نصيبه فرضي صاحبه بذلك أيكون نصفه مدبرا على حاله ونصفه رقيق ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : كذلك بلغني أن مالكا قال : إنما الكلام فيه للذي لم يدبر فإذا رضي فذلك جائز قلت : أرأيت إن جنى جناية ؟ قال : يقال للمتمسك بالرق : أتدفع نصيبك في نصف الجناية أم تفتدي ؟ ويقال للمدبر : أتدفع خدمة نصف العبد في نصف الجناية أو تفدي ؟
فيما استهلك المدبر
قلت : أرأيت ما استهلك المدبر من الأموال أيكون ذلك في خدمته ؟ قال : قال مالك : ما استهلك العبد من الأموال فذلك في رقبته فالمدبر بمنزلته إلا أن ذلك يكون في خدمته لأن استهلاك الأموال عند مالك والجنايات سواء قلت : أرأيت ما ستهلك المدبر من الأموال أو جنى أهو سواء في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وما يقال للسيد في قول مالك في ذلك ؟ قال : يقال له في قول مالك : ادفع إليهم جنايتهم وما استهلك من أموالهم أو ادفع إليهم خدمته فتكون جنايتهم وما استهلك من أموالهم في خدمته يتحاصون في ذلك فإذا مات السيد فإن حمله الثلث عتق وكان ما بقي لهم عليه دينا يتبعونه به وإن لم يحمله الثلث فضت الجنايات وما استهلك من الأموال على الذي عتق منه وعلى الذي بقي منه في الرق فما أصاب العتق من ذلك اتبعوا به العبد وما أصاب الرق من ذلك خير الورثة بين أن يسلموا ما رق من العبد في الذي أصاب حصة الرق من الجنايات وما استهلك من الأموال وفي أن يدفعوا إليهم قدر ما أصاب الرق من ذلك إن كان نصفا فنصف وإن كان ثلثا فثلث وهذا كله قول مالك
في المدبرة تجني جناية ولها مال
قلت : أرأيت المدبرة إذا جنت ولها مال ما يصنع بمالها ؟ قال : يؤخذ مالها في قول مالك فإن كان فيه وفاء بالجناية رجعت إلى سيدها وإلا خدمته بقية أرش الجناية
في الجناية على المدبر
قلت : أرأيت ما جنى على المدبر لمن هو في قول مالك ؟ قال : للسيد كذلك قال مالك قلت : ولا يكون هذا بمنزلة ماله في قول مالك ؟ قال : لا قلت : لم قلت في مهر المدبرة إنه بمنزلة مالها وجعلتها أحق به إن مات السيد من الورثة ؟ قال : لأنه استحل
به فرج الأمة قال : ومما يدلك على ذلك لو أن رجلا زوج عبده أمته لم يزوجها إلا بصداق يدفع إليها
في مدبر الذمي يجني جناية
قلت : أرأيت مدبر الذمي جنى جناية ؟ قال : إذا كان السيد والعبد ذميين جميعا فإنه يخير سيده النصراني فإن أحب أن يسلمه عبدا أسلمه وكان عبدا لمن جنى عليه وهذا قول مالك لأن النصراني لو أراد بيعه لم يحل بينه وبين ذلك ولم يمنع لأنه قال في عبده الذي أعتق إذا لم يخرجه من يديه فله أن يبيعه وكذلك المدبر وإن افتداه فهو على تدبيره ولكن إن أسلم مدبر الذمي ثم جنى جناية فإنه يسلم خدمته - في قول مالك - أو يفتكه منه الذمي فيؤاجر له قلت : ولم قلت هذا إنه يؤاجر للذمي إذا افتكه أو يسلم خدمته ؟ قال : لأنه إذا أسلم مدبرا الذمي فإني أحكم بين المسلمين والنصارى بحكم الإسلام فلما أسلم العبد كانت سنته سنة مدبر المسلمين إلا أنه يؤاجر للسيد ولا يترك وخدمته قلت : ولا تعتقه عليه ؟ قال : لا ألا ترى لو أن نصرانيا حلف بعتق رقيقه فأسلم ثم حنث لم يعتق عليه رقيقه الذي حلف بعتقهم في نصرانيته في قول مالك ؟ قال : قال مالك : هو بمنزلة طلاقه قلت : فإن حلف بعتق رقيقه وفيهم مسلمون فحنث أكنت تعتقهم عليه ؟ قال : نعم لأن مالكا قال : إذا أعتق النصراني عبده المسلم لزمه ذلك فالحنث عندي بمنزلته وكذا إذا دبر النصراني عبده النصراني ثم أسلم العبد أنفذت تدبيره
في مدبر النصراني يسلم ثم يجرح أو يقتل
قلت : أرأيت مدبر النصراني إذا أسلم - وسيده نصراني - فقتل أو جرح هذا المدبر لمن يكون عقله ؟ قال : لسيده النصراني قال : وهذا رأيي لأن العبد لو مات كان ماله لسيده
في أم الولد تجرح رجلا بعد رجل
قلت : أرأيت لو أن رجلا قتلت أم ولده رجلا خطأ فلم يدفع قيمتها حتى قتلت رجلا آخر خطأ ؟ قال : يدفع قيمتها فيكون ذلك بينهما نصفين وهذا قول مالك فيما بلغني قلت : فإن كان دفع قيمتها ثم قتلت آخر خطأ ؟ قال : يخرج قيمتها ثانية فيدفعها إلى أولياء المقتول الثاني في قول مالك وأصل هذا أنها إذا جنت جناية فأخرج السيد قيمتها ثم جنت بعد ذلك أيضا إن على السيد أن يخرج قيمتها ثانية بمنزلة العبد إذا جنى ثم يفتكه سيده بالدية ثم جنى بعد ذلك إنه يقال للسيد : ادفع أو افد فكذلك أم الولد إذا قتلت قتيلا بعدما أخرج سيدها قيمتها أنه يقال للسيد : اخرج قيمتها إلا أن يكون عقل الجناية أقل من قيمتها فعليه الأقل من قيمتها أو الجناية وهو قول مالك قلت : فإن هي جنت جناية فلم يخرج سيدها قيمتها حتى جنت بعد ذلك فقام عليها أحدهما ولم يقم الاخر - كان غائبا - أيجبر السيد على أن يدفع القيمة أو الأقل من الجناية إلى هذا الذي قام على جنايته ؟ قال : لا ولكن يضرب لهذا الحاضر في ذلك بقدر جنايته في قيمتها لأن مالكا قال : إذا جنت ثم جنت قبل أن يخرج سيدها قيمتها اشترك في قيمتها كل من جنت عليه قلت : كيف يضربون في ذلك أبقدر جناية كل واحد منهم في قول مالك ؟ قال : نعم قال ابن وهب : وقال ربيعة في أم الولد تجرح الحر أيفديها سيدها وتكون عنده على هيئتها ؟ قال ابن وهب : وسمعت رجالا من أهل العلم يقولون ذلك ابن وهب : وقال مالك : الأمر عندنا في أم الولد أنها إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها وليس له أن يسلمها وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها قال : قال مالك : فهذا أحسن ما سمعت قال ابن وهب : قال مالك : وذلك أن رب العبد أو الوليدة إذا أسلم وليدته أو غلامه بجرح أصابه واحد منهما فليس عليه أكثر من ذلك وإن كثر العقل فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها لما مضى في ذلك من السنة فإنه إذا خرج قيمتها فكأنه قد أسلمها وليس عليه أكثر من ذلك ابن وهب : قال مالك : وعقل جراح أم الولد لسيدها
قلت لابن القاسم : فإن جنت على رجل جناية أقل من قيمتها ثم جنت على آخر أكثر من قيمتها قيل للسيد : أخرج قيمتها فإذا أخرج ذلك اشتراكا في ذلك كل واحد منهما بقدر جنايته ؟ قال : نعم وهو قول مالك قال : وقال مالك : والعبد إذا جنى ثم جنى خير سيده إما أن يدفع قيمة ما جنى لكل واحد منهما وإما أسلمه فإن أسلمه تحاصا بقدر جناية كل واحد منهما وإن جنى ثم افتداه ثم جنى بعد ذلك خير أيضا إما أن افتداه وإما إن أسلمه بجريرته وإنما يجتمع في رقبته ما يتحاصون فيه إذا لم يفده حتى جنى جناية بعد جنايته الأولى وأما أن يفديه ثم يجني فإن على السيد أن يفديه ثانية أو يدفعه وقال ابن القاسم : قال مالك في المدبر إذا جنى ثم أسلمه السيد إلى الذي جرحه يختدمه ثم جرح آخر وهو عند الذي أخذه يختدمه دخل معه بقدر جنايته يتحاصون في خدمته هذا بقدر ما بقي له من جنايته وهذا بجميع جنايته وليس يخير صاحب المدبر ولا من أسلم إليه المدبر يختدمه في جنايته كما كان أو يخير في العبد من أخذه بجريرته ليس إسلامه خدمة المدبر في جنايته بمنزلة إسلام رقبة العبد المدبر - كلما جنى يدخلون جميعهم في خدمته والعبد كلما جنى يدفع بجنايته ثم ما جنى بعد ذلك فإنه يدفع بجنايته أيضا إذا أبى أن يفديه الذي هو له بجنايته قلت : أرأيت جناية أم الولد على من هي في قول مالك ؟ قال : على سيدها أن يخرج قيمتها إلا أن تكون الجناية أقل من قيمتها فيخرج الأقل قلت : فإن جنت أم الولد ثم جنت ثم جنت فلم يحكم على السيد بشئ من ذلك حتى قاموا عليه جميعهم وجناية كل واحد منهم مثل قيمة أم الولد أو أكثر من قيمتها ؟ قال : بلغني أن مالكا قال : على السيد أن يخرج قيمتها ليس عليه أكثر من ذلك يتحاصون في قيمتها يضرب كل واحد منهم في قيمتها بقدر ما كان له من الجناية قلت : فإن جنت أم الولد ثم حكم على السيد بالجناية فأخرج قيمتها ثم جنت أيضا ؟ قال : قال مالك : على السيد أن يخرج جنايتها أيضا - عند مالك - مرة أخرى إلا أن تكون الجناية أكثر من قيمتها
قلت : فإن كانت جنت جناية ثم جنت ثم جنت فقام واحد من أهل الجناية فحكم القاضي على السيد بقدر الذي يصير له في قيمة أم الولد مع اشتراكه ثم قام الثاني عليه ؟ قال : يحكم له أيضا يوم يقوم بقدر الذي كان يصير له من قيمة أم الولد يوم تقوم قلت لابن القاسم : وكل جناية كانت جنتها قبل أن يحكم على سيدها بالجناية فجميعهم يشتركون في قيمتها - في قول مالك - وكل جناية كانت جنتها بعدما حكم السلطان بالقيمة على السيد فجنايتها بعد ذلك على السيد أيضا في قول مالك ؟ قال : نعم كذلك هذا عند مالك وقال مالك : ليس على السيد أن يخرج إلا قيمة واحدة ما لم يحكم عليه قلت : أرأيت أم ولدي إذا جنت جناية ثم جنى عليها قبل أن يحكم فيها فأخذت لذلك أرشا ما يكون علي ؟ أقيمتها معيبة أو قيمتها صحيحة ؟ قال : بل قيمتها معيبة يوم يحكم فيها مع الأرش الذي أخذه السيد إلا أن تكون دية الجناية التي جنت أقل من قيمتها معيبة مع الأرش الذي أخذه السيد مما جنى عليها فيكون عليه الأقل كالعبد إذا جنى جناية ثم جنى عليه فأخذ سيده له أرشا إنه يخير في إسلامه وما أخذ من أرشه أو يفتديه بما جنى وهذا إذا كان ما أخذ لها من الأرش أو أخذ في أرش العبد أقل من دية ما جنوا فإن كان ما أخذ لهم من دية جناياتهم مثل ما جنوا أو أكثر من ذلك سقط خيار السيد وقيل للمجنى عليه : خذ من دية جناياتهم مثل دية ما جنى عليك ويبقوا ما بقي من دية جناياتهم لسيدهم رقيقا
في أم الولد تقتل رجلا عمدا فيعفو عنها أولياء العمد على أن يأخذوا القيمة
قلت : أرأيت أم الولد قتلت رجلا عمدا فعفا أولياء الدم عن أم الولد على أن يأخذوا القيمة من السيد ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى لهم على السيد شيئا إذا أبى ذلك لأن مالكا قال في الحر إذا عفى عنه على أن يتبعوه بالجناية فأبى فإن ذلك له فإن أحبوا أن يقتلوه قتلوه وإن أحبوا أن يعفوا عنه عفوا وهذا عندي بمنزلة مسألتك قلت : فإن عفوا عن أم الولد على أن يأخذوا قيمتها من السيد فأبى السيد أن يدفع لهم القيمة أيكون لهم أن يقتلوها في قول مالك أم لا ؟ قال : لا أحفظ قول مالك فيها وأرى لهم أن يقتلوها لأنهم إنما عفوا على أن يعطي السيد قيمتها فلما لم يفعل رجعوا على حقوقهم من الدم قال ابن القاسم : ألا ترى إلى قول مالك في الذين عفوا عن القاتل على أن يدفع إليهم الدية فأبى أن لهم أن يقتلوه قال سحنون : وقال غيره : ليس أم الولد كالحر إنما حكمها حكم العبد فعلى السيد أن يخرج الأقل من قيمتها أو أرش الجناية قال سحنون : وغير أشهب أيضا بقوله وهو رأيى سحنون : وكان أشهب يقول في الحر : إن الدية تلزمه على ما أحب أو كره ولا يقتل
في أم الولد أو المدبرة تجرح رجلا عمدا فيعفوا أولياء الدم على أن يكون لهم رقبتها
قلت : فإن جنت أم الولد أو المدبرة جناية عمدا ثم عفا أولياء الدم على أن يكون لهم رقبة المدبرة أو أم الولد لم يكن لهم ذلك وإن رضي السيد لأن السيد لا يقدر على أن يدفع رقبة المدبر في جنايته ولا رقبة أم الولد ؟ قال : نعم وهذا قول مالك قال ابن القاسم : إلا أن المدبر إذا مات سيده ولم يترك مالا غيره فقد وصفت لك قول مالك فيه قلت : أرأيت المدبر إذا قتل عمدا فعفا أولياء القتيل على أن يأخذوا خدمته أيكون ذلك لهم ؟ قال : نعم إلا أن يفتدي السيد خدمته بجميع الجناية قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قال : قال مالك في العبد ما أخبرتك وخدمة العبد المدبر عندي بمنزلة العبد
في أم الولد تقتل رجلا خطأ ثم تلد بعدما جرحت
قلت : أرأيت أم الولد إذا قتلت قتيلا خطأ فولدت بعدما قتلت ثم قام ولي الجناية أيكون على السيد أن يخرج قيمتها وقيمة ولدها أو قيمتها وحدها ؟ قال : قد أخبرتك بقول مالك في الأمة وولدها والذي بلغنى عنه وهذا عندي مثل الأمة وولدها إنه ليس على السيد إلا قيمة الأم
في أم الولد تجني جناية ثم تموت أو يموت سيدها قبل أن يحكم عليه
قلت : أرأيت أم الولد إذا جنت جناية فماتت قبل أن يحكم على سيدها أيكون على السيد شئ أم لا ؟ قال : لا يكون على السيد من ذلك شئ قلت : أرأيت ما جنت أم الولد من جناية فمات السيد ولا مال له أيكون على أم الولد من ذلك شئ أم لا ؟ قال : قال مالك : لا شئ على أم الولد من ذلك قلت : وكذلك ما غصبت من الأموال ؟ قال : نعم مثل قول مالك في الجنايات إنه لا شئ على أم الولد إذا مات سيدها ولم يدع مالا إنما ذلك شئ وجب على السيد فإن أصابوا للسيد شيئا اقتضوا حقوقهم منه وإلا فلا شئ لهم على أم الولد قال سحنون : إذا مات السيد ولم يحكم عليه وإنما قيم عليها بعد موته فلا شئ على السيد ولا في ماله وكان ذلك على أم الولد إن كان لها مال وإلا اتبعت به قال سحنون : وقد قاله لي ابن القاسم لفظا قال سحنون : فالجناية والغصب واحد وقال غيره : إنما ذلك إذا قاموا على السيد وهو حي وإلا فلا شئ لهم عليه ألا ترى أنه إنما يكون على السيد يوم يقام عليه وهي عنده فلو قاموا وقد ماتت لم يكن لهم عليه شئ فكذلك إذا مات قبل أن يقوموا فلا شئ عليه وعليها هي إذا قاموا بعد الموت لأنها هي الجانية فذلك عليها
في إخراج قيمة أم الولد بأمر القاضي أو بغير أمره
قلت : أرأيت السيد إذا أخرج قيمة أم الولد إن كان أخرجها بأمر القاضي أو بغير أمر القاضي أهو سواء ؟ قال : نعم هو عندي سواء ولم أسمعه من مالك ولم يقل لنا مالك بأمر القاضي أو بغير أمر القاضي وذلك عندنا كله سواء قلت : وكيف يخرج
السيد قيمة أم الولد ؟ قال : قال مالك : يخرج قيمتها أمة قلت : أقيمة أم الولد أم قيمة أمة ؟ قال : بل قيمة أمة إن لو كانت تباع ليس قيمتها أم ولد قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أتقوم بمالها أم بغير مالها ؟ قال : بل تقوم بغير مالها قال : وكذلك بلغني عن مالك أنها تقوم بغير مالها سحنون : ومن أصحابنا من يقول تقوم بمالها وأشهب يقول : إنما تقوم بغير مالها
في إلزام أم الولد ما وطئت بدابتها أو حفرت حيث لا ينبغي لها
قلت : أرأيت أم الولد ما أصابت بيدها أو وطئت بدابتها أو حفرت حيث لا ينبغي لها فعطب بذلك أحد أيكون جميع ذلك على السيد ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا جنت أم الولد فذلك على السيد يخرج قيمتها أو يخرج الأقل منها فهذا كله جناية عند مالك من العبيد فهو من أمهات الأولاد جناية أيضا عندي
في أم الولد تجني جناية وعلى سيدها دين
قلت : أرأيت أم الولد إذا جنت وعلى السيد دين أيتحاصون في مال السيد الذي جنت عليهم أم الولد وغرماء السيد ؟ قال : نعم ولا أقوم على حفظه عن مالك وهو رأيي لأن مالكا قال : ما جنى الرجل الحر فأهل جنايته وأهل دينه يتحاصون في ماله فكذلك أم الولد
في الجناية على أم الولد والمدبر والمدبرة والمكاتبة
قلت : أرأيت جراحات أم الولد إذا جني عليها لمن تكون ؟ ع للسيد وكذلك المدبرة قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت لو أن رجلا غصب أمة رجل نفسها أو أم ولد رجل غصبها نفسها أيجعل على الغاصب الصداق في قول مالك ؟ قال : قال مالك : كل من غصب حرة أو أمة أو أم ولد أو مدبرة أو مكاتبة فعليه صداقها إن كانت حرة وإن كانت أمة فعليه ما نقصها وإن كانت أم ولد أو مكاتبة أو مدبرة فإنما هن محمل الإماء عند مالك عليه ما نقصها قلت : أرأيت ما جعلت على هذا الغاصب من نقصان أم الولد أو المدبرة أو المكاتبة لمن تجعله أللسيد أم لها في قول مالك ؟ قال : للسيد إلا في المكاتبة لأن أم الولد لو جني عليها جناية كل ذلك لسيدها عند مالك وكذلك المدبرة لو جني عليها لكان لسيدها عند مالك فكذلك هذا الذي نقصها من وطء هذا الغاصب إنما يحمل محمل الجناية عليها فيكون ذلك للسيد فإن كانت مكاتبة أخذه سيدها وقاصها به في آخر نجومها وكذلك قال لي مالك فيما جني على المكاتبة إن سيدها يأخذه ويقاصها فيما أخذ في آخر نجم من كتابتها وكذلك المكاتب في الجناية إذا جني عليه وإنما جعل مالك لسيد المكاتب أخذ ما جني عليه لأنه يخاف عليه استهلاكه فيرجع معيبا إلى سيده وقد أتلف ما أخذ من أرش جنايته قال : وقال لي مالك في المدبر إذا قتل أو جرح أو أصابه ما يكون لذلك عقل فإن ذلك يقوم قيمة عبد ولا يقوم قيمة مدبر وكذلك قال مالك في أم الولد وكذلك قال مالك في المعتقة إلى سنين قال : وقال مالك في الأمة إذا غصبها رجل نفسها فلم ينقصها ذلك إنه لا شئ على الغاصب إلا الحد قال : وكذلك أم الولد والمدبرة والمكاتبة مثل ما قال مالك في الأمة لأن مالكا قال : جراح أم الولد والمدبرة والمكاتبة جراح أمة فكذلك هي في كل حالاتها يكون على غاصبهن ما يكون على غاصب الأمة سحنون عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال في عبد افتض أمة فذهب بعذرتها قال : يغرم لأهلها ما بين ثمنها بكرا وثمنها ثيبا وقال أبو الزناد : رأيت عبدا أسود افتض جارية حرة في عهد أبان بن عثمان فقضى أبان بالعبد للجارية
في جناية أم الولد على سيدها والمعتق إلى سنين والمدبر
قلت : أرأيت أم الولد إذا جنت على سيدها ما قول مالك في ذلك ؟ قال : لا أقوم على حفظ قول مالك ولا أرى عليها شيئا قلت : فالمعتق إلى سنين إذا جنى على سيده ؟ قال : سبيله عندي سبيل ما وصفت لك في المدبر ولم أسمعه منه قلت : أرأيت المدبر إذا جنى على سيده وعلى أجنبي ؟ قال : يختدمانه بقدر جنايتهما وذلك أن مالكا قال : إن جنى على سيده فذلك لازم له وإن جنى على أجنبي فذلك لازم له فلما ألزمه مالك الجنايتين ألزمته إياهما إذا اجتمعتا عليه قلت : فلم لا يلزم عبدي ما جنى علي ؟ قال : لأن عبدك ليس فيه عتق والمدبر فيه عتق قلت : فأم الولد فيها عتق فما تقول في جنايتها على سيدها ؟ قال : أم الولد ليست عندي بمنرلة المدبر ألا ترى إن أم الولد إذا جنت على أجنبي إنما يلزم السيد جنايتها والمدبر لا يلزم السيد جنايته إنما يكون ذلك في خدمته وما بقي ففي ذمته إذا عتق قال سحنون : وقد بينا أمر المدبر
فيما استهلكت أم الولد وما جنت
قلت : أرأيت ما استهلكت أم الولد من الأموال وما جنت أهو سواء عند مالك يكون ذلك على سيدها ؟ قال : نعم قلت : أرأيت ما استهلكت من الأموال أم الولد فكان أكثر من قيمتها أو جنت جناية تكون أكثر من قيمتها أيكون الفضل على سيدها أم لا في قول مالك ؟ قال : لا يكون على السيد إلا قيمتها لأن مالكا قال في جناية أم الولد إذا كانت أكثر من قيمتها : لم يلزم السيد إلا قيمتها لأنها لو كانت أمة إنما كان على السيد أن يسلمها فإذا أخرج قيمتها فكأنه قد أسلمها قلت : فهل يكون على أم الولد الفضل إذا أعتقت ؟ قال : لا ليس عليها شئ لأنها لو كانت أمة أسلمت ولم يكن عليها إن أسلمت ثم أعتقت يوما فضل الجناية فكذلك أم الولد إذا أسلم قيمتها فكأنها قد أسلمت فلا شئ عليها من الفضل قلت : أرأيت ما استهلكت أم الولد من الأموال - غصبته أو اختلسته - أيكون ذلك في ذمتها أو في رقبتها ؟ ويقال للسيد : أخرج قيمتها إلا أن يكون ما وجب في رقبتها من ذلك أقل من قيمتها في قول مالك ؟ قال : ذلك في رقبتها - عند مالك - على السيد يقال له : أخرج قيمتها إلا أن يكون ذلك أقل من قيمتها فيخرج الأقل وهذا وجنايتها عند مالك سواء
في جناية ولد أم الولد
قلت : فإن جنى ولد أم الولد جناية أيقال للسيد : أخرج قيمته أيضا ؟ قال : لا وليس هو كأمه ويخير السيد بين أن يفتكه أو يسلمه فيختدم بدية جنايته أو يفتكه فإن أسلمه اختدمه المجروح فإن أدى - وسيده حي - رجع إليه وإن لم يؤد حتى يموت سيده عتق وأتبع بما بقي من دية جنايته قلت : أرأيت أم الولد إذا ولدت ولدا من غير اليد بعدما صارت أم ولد فجنى ولدها جناية ما قول مالك في ذلك ؟ والجناية أكثر من قيمته أو أقل قال : قال مالك : يخير سيده فإن افتكه كان بحالته الأولى فإن أسلمه اختدمه المجروح بدية جرحه وقاصه بخدمته من دية جرحه فإن مات سيده قبل أن يستكمل دية جرحه عتق وكان ما بقي دينا عليه وإن استوفى المجروح دية جرحه رجع إلى سيده فاختدمه بحالته الأولى قال مالك : وليس هو عندي بمنزلة أمه فيما جنت قلت : أرأيت إن قال صاحب الجناية الذي جنى عليه ولد أم الولد : أسلموا إلي خدمة هؤلاء حتى أقتضي حقي أيكون ذلك له في قول مالك أم لا ؟ قال : نعم يسلمهم أو يفتكهم سيدهم بدية الجناية
في جناية أم ولد الذمي
قلت : أرأيت أم ولد الذمي إذا جنت ما القول فيها ؟ قال : أرى أن يعرض عليه أن يفتكها بقيمتها إذا كانت الجناية أكثر من قيمتها وإن كانت أقل لم يكن عليه إلا الذي هو أدنى فإن أبى أسلمها بجنايتها وكانت أمة للذي أسلمت إليه لأنه لو باعها لم أمنعه من بيعها قلت : وتكون رقيقا للذي أسلمت إليه وللذي اشتراها من الذمي ؟ قال : نعم قلت : ويحل له وطؤها ؟ قال : نعم إذا كانت له ملكا حل له وطؤها
في دين أم الولد
قلت : أرأيت إن أذن لأم ولده في التجارة فتجرت فلحقها دين يغترق قيمتها أيكون ذلك على السيد أم في ذمتها في قول مالك ؟ قال : قال مالك : في العبد المأذون له في التجارة ما لحقه من دين في تجارته تلك إن ذلك في ذمته ليس في رقبته فكذلك أم الولد
في القود بين الحر والعبد
وقال مالك : ليس يقاد العبد من الحر ولا تقاد الأمة من الحرة ولا يقاد الحر من العبد ولا الحرة من الأمة إلا أن يقتل العبد الحر فيقتل به إن شاء ولاة الحر وإن استحيوه فسيده بالخيار إن شاء أسلمه وإن شاء فداه بالدية ابن وهب : عن يونس عن ابن شهاب أنه قال : لا قود بين الحر والعبد في شئ إلا أن العبد إذا قتل الحر عمدا قتل به قال يونس : وقال ربيعة : ولا يقاد حر من عبد ولا واحد منهما من صاحبه وأيهما قتل صاحبه قتل حرابة أو تلصص أو قطع سبيل قتل به كان أمر ذلك على منزلة الحرابة محمد بن عمرو عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : العبد يشج الحر أو يفقأ عينه فيريد الحر أن يستقيد من العبد ؟ قال : لا يستقيد حر من عبد قال ابن جريج : وقال ذلك مجاهد وسليمان بن موسى قال ابن أبي الزناد عن أبيه قال : أما الحر فإنه لا يقاد من العبد في شئ إلا أن يقتله العبد فيقتل به قال : ولا يقاد العبد من الحر في شئ من الجراحات الحارث بن نبهان عن سليمان بن عمرو عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى : أنه ليس بين العبد والحر قصاص في الجراح - وإن العبد مال فعقل العبد قيمة رقبته وجراحه من قيمة رقبته وإذا جرح الحر العبد انتظر به حتى يبرأ فيقوم وهو صحيح ويقوم وهو مجروح فيرد الجارح على صاحبه ما نقص من قيمة رقبته يونس عن أبي الزناد أنه قال : أما الحر فإنه لا يقاد من العبد شئ إلا أن يقتل العبد فيقتل به ولا يقاد العبد من الحر في شئ وما جرح العبد الحر من جرح فإن فيه العقل ما بينه وبين أن يحيط برقبة العبد ليس على سيد العبد سوى رقبة عبده شئ وإن جرح العبد العبد خطأ فإن عليه العقل ما بينه وبين أن يحبط برقبة العبد الجارح فإن قتله عمدا فإنا لا نعلم إلا أن سيد المقتول يقتل القاتل إن شاء إلا أن يصطلح هو وسادة العبد على ما رضوا به كلهم قال يونس : وقال ابن شهاب : ولا يقاد العبد من الحر ويقاد الحر من العبد في القتل ولا يقاد الحر من العبد في الجراح ولا يقاد العبد من الحر في الجراح محمد بن عمرو عن ابن جريح قال : أخبرني حسن أن أمة عضت أصبع مولى لبني أبي زيد فضمرت فمات واعترفت الجارية بعضتها إياه فقضى عمر بن عبد العزيز بأن يحلف بنو أبي زيد خمسين يمينا تردد عليهم لمات من عضتها ثم الأمة لهم وإلا فلا حق لهم إن أبوا أن يحلفوا
في الأمة تجني جناية ثم يطؤها سيدها فتحمل بعد الجناية
قلت : أرأيت أمة جنت ثم وطئها سيدها فحملت ولا مال له أو له مال علم بالجناية أو لم يعلم ؟ قال : إن لم يعلم كان على سيدها الأقل من قيمتها أو دية الجرح فإن علم وكان له مال أخذ منه دية الجراح وإن لم يكن له مال أسلمت إلى المجروح ولم يكن عليه في ولدها شئ لأنها لو ولدت من غير سيدها بعدما جرحت لم يتبعها ولدها في دية الجرح ولم يكن للمجروح في الولد قليل ولا كثير وكذلك قال مالك في ولد الأمة إذا جرحت إن ما ولدت بعد الجرح فلا يدخل في جنايتها قلت : أرأيت إن جنت جارية على رجل جناية ثم وطئها السيد بعد ذلك فحملت منه ؟ قال : إن كان علم بالجناية - وكان له مال - غرم قيمة الجناية على ما أحب أو كره وإن كان أكثر من قيمتها لأن ذلك منه رضا فإن لم يكن له مال أسلمت إلى أهل الجناية وكان الولد ولده وإن لم يعلم بالجناية رأيت أن تكون أم ولد ويتبع بقيمتها إلا أن تكون الجناية أقل فيتبع بذلك دينا وذلك لو أن رجلا هلك وعليه دين يغترق ماله وترك جارية وترك ابنا فوطىء الابن الجارية فحملت منه إنه كان علم بدين أبيه وبادر الغرماء رأيت إن كان له مال أن يكون عليه قيمتها في ماله وإن لم يكن له مال أسلمت إلى الغرماء فباعوها وإن لم يعلم بدين أبيه رأيتها أم ولد للابن ورأيت أن يتبع بقيمتها فهذا مثل مسألتك قلت : أرأيت هذه الجارية التي ولدت من سيدها متى تلزمه قيمتها إذا لزمته قيمتها ؟ قال : يوم حملت قال سحنون : وقال غيره : ليس الجارية إذا جنت فكانت مرتهنة بجنايتها لأن الجناية في رقبتها كالجارية التي هلك سيدها وعليه دين إذا وطئها السيد والجناية في رقبتها ولا علم له ولا مال له أن الجناية أملك بها وتسلم إلى المجني عليه لأنها لو بيعت - ولا علم لهم بالجناية - فأعتقها المشتري لم يكن ذلك فوتا يبطل بذلك حق المجني عليه ولو أن الورثة باعوا ولا علم لهم بأن على أبيهم دينا يغترق ماله ففاتت عند المشتري بعتق أو باتخاذها أم ولد لم يكن لهم إلى رد العتق سبيل وإنما لهم الثمن إن وجدوه وإلا اتبعوا به من أخذه
في القصاص في جراح العبد
قال : وقال مالك : الأمر عندنا في القصاص في المماليك بينهم كهيئته في الأحرار نفس الأمة بنفس العبد وجرحها بجرحه قال : وإقادة العبيد بعضهم من بعض في الجراح يخير سيد المجروح إن شاء استقاد وإن شاء أخذ العقل ابن وهب : عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في مملوكين قتلا مملوكا عمدا فأراد ولي المملوك المقتول أن يسترقهما ولا يقتلهما ابن وهب : قال ابن شهاب : إن قتلهما قودا خلي بينه وبين قتلهما وإن أراد استرقاقهما واستحياءهما فليس له فيهما إلا ثمن ما أصاباه ابن وهب : عن الليث قال : كان ربيعة يقول في مائة عبد لرجل وقعوا على رجل آخر فقتلوه جميعا فمنهم الباطش ومنهم الآمر وقد قامت بذلك البينة فدفعوهم إليه ليقتلهم فأراد استحياءهم واسترقاقهم قال ربيعة : إن كان أراد أن يستحييهم فليس له إلا الدية يستوفيها منهم فقط وإن أراد قتلهم فله دماؤهم بما اجتمعوا عليه من قتل صاحبهم وذلك لأن الدم يعلق به من أصابه وإن الدية لا يعلق بها المال كله ولا يكون لمن لم يكن له في دم صاحبه إلا العفو إلا دية معلومة مسماة حدثنا سحنون عن ابن وهب عن شمر بن نمير يحدث عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إذا جنى العبد فليس على سيده غرم فوق رقبته وإن أحب أن يفتديه افتداه وإن أحب أن يسلمه أسلمه ابن وهب عن يزيد بن عياض عن عبد الملك بن عبيد عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقول : العبد لا يغرم سيده فوق نفسه شيئا وإن كانت دية المجروح أكثر من رقبة العبد فلا زيادة له ابن وهب : عن محمد بن عمرو عن ابن جريج قال : كتب عمر بن عبد العزيز : أن بين العبدين قصاصا في العمد أنفسهما فما دون ذلك من جراحهما ابن وهب : وقال ابن جريج : وقال ذلك سالم بن عبد الله بن عمر ابن وهب : قال ابن جريج : وأخبرني عبد العزيز بن عمرو بن عبد العزيز في كتاب لعمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب أنه قال : يقاد المملوك من المملوك في كل عمد يبلغ نفسه فما دون ذلك من الجراح فإن اصطلحوا فيه على العقل فقيمة المقتول على أهل القاتل أو الجارح ابن وهب : عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال : يقاد العبد من العبد في القتل عمدا ويقاد العبد من العبد في الجراح عمدا فإن قبل العقل من العبد كان عقل جراح مملوك كل واحد منهما في ثمنه بقيمة عدل وإن قتل عبد عبدا عمدا أقيد منه في القتل فإن أراد صاحبه أن يستحيي العبد أعطي قيمة عبده المقتول في ثمن العبد القاتل لا يزاد على ذلك إلا أن يحب أهله أن يسلموه بجريرته وأهل العبد القاتل أملك بأن يفتدوه بعقل العبد المقتول أو يسلموا العبد القاتل بجريرته إن شاؤوا ابن وهب عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال في عبد قتل عبدا عمدا إنه يسلم القاتل إلى سيد المقتول فيقتله فإن أراد أن يستحييه فيكون عبدا له لم يكن ذلك له إلا عن طيب نفس سيده
في عبدي الرجل يجرح أحدهما صاحبه أو يقتله
قال : وسمعت مالكا يقول في الرجل يكون له العبدان فيجرح أحدهما صاحبه فيريد أن يقتص من عبده لعبده قال مالك : ذلك له ولكن لا يكون ذلك إلا عند السلطان قال : ولم أسمع مالكا يجيز شيئا من الحدود عند غير السلطان إلا السيد في أمته وعبده إن زنيا أو شربا خمرا فإن سرقا لم يقطعهما إلا السلطان وكذلك قال مالك قال : وسألت مالكا عن الرجل يكون له العبدان فيقتل أحدهما الآخر أله أن يقتص منه ؟ قال : نعم ولكن لا يقتص منه إلا عند السلطان يريد بذلك حتى تثبت البينة وأن القاتل ليس يقتل إلا عند السلطان قال مالك : ولا يقطع إلا السلطان قلت : فإن قطع السيد عبده في سرقة دون السلطان أتعتقه عليه وتراه مثله ؟ قال : لا يعتق عليه إذا كانت له بذلك بينة لأن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض أزواج رسول الله قد قطعوا دون السلطان فلا يعتق العبد وإن قطع دون السلطان وإنما زجر الناس عن ذلك لئلا يمثل أحد بعبده فيدعي السرقة فيجترىء الناس من هذا على شئ عظيم فأرى أن يعاقب عقوبة موجعة إلا أن يعذر بجهالة قال : ولقد سألت مالكا عن الرجل يقتل وليه عمدا فيعدو على قاتله فيقتله قال : إن كان هو الذي له العفو إن عفا أو القتل إن أحب أن يقتل فلا أرى عليه شيئا وأرى للإمام أن يؤدبه لئلا يجترىء الناس على القتل فالقطع بهذه المنزلة
في العبد يقتله العبد أو الحر
قال ابن وهب : قال مالك : وبلغني أن مروان بن الحكم كان يقضي في العبد يصاب بالجراح : إن على الذي أصابه قدر ما نقص منه ابن وهب عن الليث ويونس عن ابن شهاب أنه قال : سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : تقام سلعة من السلع ثم عقله في ثمنه يوم يصاب إن قتل أو جرح وبعضهم يزيد على بعض في الحديث ابن وهب عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله مثله ابن وهب عن مخرمة عن أبيه عن عبدالرحمن بن القاسم وابن قسيط مثله ابن وهب عن الليث ويونس عن ربيعة مثله ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب مثله ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن معاذ بن جبل مثله ابن وهب عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج عن عمر بن عبد العزيز قال : والمتاع مثله ابن وهب عن جرير بن حازم عن الحسن بن عمارة عن علي بن أبي طالب مثله ابن وهب عن شيب بن سعيد التميمي عن يحيى بن أبي أنيسة عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنهم كانوا يقولون : الرقيق مال قيمته بالغة ما بلغت في نفسه وجراحه ابن وهب : وقال ابن غنم فقلت لمعاذ : إنهم كانوا يقولون لا تجاوز دية الحر فقال : سبحان الله إن قتل فرسه كانت قيمته إنما غلامه مال فهو له قيمته ابن وهب عن إسماعيل بن عياش أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قيمته ما بلغت إنما هو مال وإن بلغت ثلاثين ألفا ابن وهب عن الليث بن سعد عن ربيعة أنه قال : يرد على السيد وإن كان الثمن أربعة ألاف دينار أو أكثر من ذلك ابن وهب عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عبد الكريم عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وشريح في دية العبد ثمنه وإن خلف دية الحر ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن ابن المسيب وسليمان بن يسار أنهما قالا : إذا شج العبد موضحة فله نصف عشر ثمنه ابن وهب قال مالك : وبلغني عن الليث وسليمان بن يسار أنهما كانا يقولان في موضحة العبد نصف عشر قيمته ابن وهب : قال مالك : والجائفة والمأمومة والمنقلة والموضحة في ثمن العبد بمنزلتهن في دية الحر ابن وهب : وقال عبد العزيز بن أبي سلمة : وجراح العبد قيمته يقام صحيحا ثم يقام مجروحا ثم ينظر إلى ما بين ذلك فيغرمه الجارح لا نعلم شيئا أعدل من ذلك وذلك من أجل أن اليد من العبد والرجل إذا قطعتا تدخل مصيبتهما بأعظم من نصف ثمنه ثم لا يكون له بعد ثمن وإن أذنه تدخل مصيبتها بأدنى من نصف ثمنه إذا كان غلاما ينسج الديباج أو الطراز وكان عاملا لغير ذلك
مما يرتفع ثمنه فإذا أقيمت المصيبة ما بلغت فلم يظلم السيد ولم يظلم الجاني له إن كانت تلك المصيبة قليلا فقليل وإن كانت كثيرا فكثير لأن موضحة العبد ومنقلته ومأمومته وجائفته لا بد لهن من أن يكون فيهن شئ فإن أخذن بالقيمة لم يكن لهن قيمة
لأنهن لا يرجعن بمصيبة ولا يكون فيهن عيب ولا نقص إلا ما ذكر له ولهما موضع من الرأس والدماغ فربما أفضى من العظم منه إلى النفس فيرى أن يجعل في ثمنه على أقل حسابه من عقل الحر ابن وهب : وقال يونس عن أبي الزناد أنه قال : إذا شج الحر العبد موضحة فلسيد العبد على الحر الجارح نصف عشر قيمة العبد يوم يصاب
في العبد يجرح أو يقذف فيقر سيده أنه قد كان أعتقه
قلت : أرأيت عبدا جرحه رجل أو قذفه فيقر سيده أنه قد كان أعتقه عام الأول قبل الجراحة أو قبل القذف ؟ قال : لا يصدق على الجراح ولا على القذف - عند مالك - ويكون جرحه جرح عبد ويكون دية الجرح للعبد لأن السيد مقر أنه لا شئ له فيه قلت : فإن قامت البينة على أنه أعتقه العام الأول والسيد جاحد وقد جرح العبد أو قذف بعد ذلك ؟ قال : قال مالك : في العبد يجرح أو يقذف فتقوم له بينة إن سيده قد كان أعتقه قبل الجراحة وقبل القذف أن دية جراحاته دية حر وحد قذفه ذلك حد قذف الحر قلت : وإن كان السيد جاحدا للعتق ؟ قال : إنما سمعت من مالك ما أخبرتك ولم أسمعه يقول جاحدا أو غير جاحد وأرى أن لا يلتفت إلى جحود السيد ههنا ولا إلى إقراره وكل ذلك عندنا سواء
في السيد يعتق عبده ثم يكتمه ذلك حتى يستغله ويخدمه ثم يقر بعد ذلك أو تقوم له بينة وهو جاحد
قلت : أرأيت لو أن رجلا أعتق عبدا له فجحده العتق فاستغله أو استخدمه أو كانت جارية فوطئها ثم أقر بذلك بعد زمان أو قامت عليه البينة بذلك ما القول في ذلك ؟ قال : قال مالك : أما الذي قامت عليه البينة وهو جاحد فليس عليه شئ وهذا قول مالك في الذي يجحد وقال مالك في رجل اشترى جارية وهو يعلم أنها حرة فوطئها أنه إن أقر بذلك على نفسه أنه وطئها وهو يعلم بحريتها فعليه الحد فمسألتك مثل هذه أقر وأقام على قوله ذلك ولم ينزع فإن الحد يقام عليه والعلة مردودة على العبد وله عليه قيمة خدمته قلت أرأيت الصداق هل يجب لها عليه مع الحد إذا أقمت الحد عليه إذا أقر أنه وطئها بعد علمه بحريتها ؟ قال : نعم يجب عليه الصداق لها مثل ما قال مالك في المغتصبة لأن المغتصبة عليه لها الصداق مع الحد قلت : أرأيت إن كان السيد نفسه هو الذي جرحه أو قذفه فقامت على السيد البينة أنه أعتقه قبل قذفه إياه أو قبل جراحه إياه والسيد جاحد ؟ قال : لم أسمع من مالك شيئا في جراحة السيد وقذفه إياه ولكن مالكا قال في الجراح إذا استغله فقامت عليه البينة أنه أعتقه قبل أن يستغله إن الغلة للسيد وقد قال مالك : إنه إذا وطىء هذه التي قامت عليه البينة يعتقها وهو جاحد لعتقها أو شهدوا أنه وطئها بعد عتقه إياها وهو جاحد للعتق إنه لا حد عليه فكذلك مسألتك في هذا إنه لا حد عليه في قذفه ولا دية له في الجراح قال : وسئل مالك عن رجل حلف بعتق عبد له في سفر من الأسفار ومعه قوم عدول على شئ أن لا يفعله ففعله فقدم المدينة بعبده ذلك وتخلف القوم الذين كانوا معه فحنث في عبده ثم هلك وقد استغل عبده بعد الحنث وكاتبه ورثته بعد موته وهم لا يعلمون بحنث صاحبهم فأدى نجوما من كتابته ثم قدم الشهود بعد ذلك فأخبروا بالذي كان من فعل الرجل من اليمين وأنه حنث فرفعوا ذلك إلى القاضي فسئل عن ذلك مالك عن عتق العبد وعما استغله سيده وعما أدى ورثته من كتابته فقال مالك : أما عتقه فأمضيه وأما ما استغله سيده فلا شئ على السيد من ذلك وأما الكتابة فلا شئ له من ذلك على ورثة سيده أيضا مما أخذوا منه وإنما ثبت عتقه اليوم قال ابن القاسم : وهذا مما يبين لك ما قلت لك في مسألتك في الذي يطأ جاريته أو يقذف عبده أو يجرحه ثم تقوم على السيد البينة أنه أعتقه قبل ذلك وهو جاحد إنه لا شئ على السيد إذا كان السيد هو الجارح أو هو القاذف ولا شئ عليه في الوطء لا حد ولا غير ذلك قلت : فما فرق ههنا ما بين السيد وبين الأجنبي في قول مالك ؟ قال : لأن السيد إذا جحد أن يكون العبد حرا وقد شهد له بالحرية فإنه إنما يكون فيما بينه وبين سيده حرا في فعله به يوم شهد له وفيما بينه وبين الأجنبي هو حر يوم أعتقه السيد ليس من يوم شهد له بالحرية ألا ترى أنهم إن شهدوا على السيد أنه أعتقها وقد جرحت أو قذفت بعد عتقها أو شهدت كان حالها حال حرة في الحدود والقذف وفي أمورها كلها ؟ وهذا قول مالك وقال غيره من الرواة : إن سيده والأجنبيين سواء وإنه يقاد من السيد في الجراح وفي القذف ويغرم الغلة وقيمة الخدمة قال سحنون : هذا الذي به نقول
في جناية العبد في رقبته أو ذمته
قلت : أرأيت لو أن عبدا غصب حرة نفسها أتجعل الصداق في رقبته أم في ذمته في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ما غصب العبد من حرة أو أمة غصبهن أنفسهن إن ذلك في رقبة العبد في الإماء ما نقصهن كما وصفت لك وفي الحرائر صداق مثلهن يقال للسيد : ادفع العبد أوافده بصداق مثلها أو بما نقص الأمة يفديه بجميع ذلك أو يسلمه قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن باع عبدا سارقا كتمه ذلك وسرق من المشتري الذي ابتاعه أيكون ذلك له في ذمة العبد أم في رقبته إذا رده على سيده بالعيب ؟ قال : يكون في ذمة العبد إن عتق يوما ما لأنه كان مأذونا له في الدخول في بيت المشتري وكان مؤتمنا على ذلك وكذلك قال مالك : إن ذلك في ذمته قلت : فإن كانت سرقته إنما سرقها من أجنبي سرقة لا قطع فيها كان لهذا المشتري أن يرده بالعيب ويقال للسيد البائع ادفع أو افد بحال ما وصفت لك ؟ قال : نعم ولم أسمعه من مالك قال : ولا تشبه سرقته من المشتري سرقة من الأجنبي لأن سرقته من المشتري لا قطع عليه فيها وسرقته من الأجنبي عليه فيها القطع وإنما يلزم المشتري ما حدث من العيوب عنده من غير العيب الذي دلس له به وهذا الآخر قول مالك قال سحنون : كل ما وقعت فيه الدية فدرىء القطع عن العبد والحر فما سرق الحر ففي ذمته وما سرق العبد ففي رقبته وما سرق هذا العبد المدلس له من سيده أو من غير سيده فهو سواء وهو في رقبته بمنزلة الجناية فإذا لزم القطع لم يكن ما سرق الحر في ذمته وما سرق العبد في رقبته وما أصابه فهو من البائع قال ابن القاسم : وما سرق العبد من سيده فليس عليه فيه شئ يتبع به عتق أو ورق - قل ما سرق من ذلك أو كثر - قال : وقال مالك في العبد يجني جناية : إن ماله ورقبته في جنايته ويقال للسيد : ادفعه وماله أو افده بعقل جميع جنايته فقيل لمالك : فإن كان عليه دين ؟ قال : ديته أولى بماله وجنايته في رقبته قال : وقال مالك في العبد يجر الجريرة وله مال وعليه دين : إن ماله في دينه وجريرته في رقبته يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في الذي يقع على الصبية فيفتضها ولعله حر أو مملوك قال ربيعة : إن كان حرا أو مملوكا فعليهما الحد وإن كان الحر محصنا فأرجمه وإن كان بكرا فعليه مع الحد العوض لها مما أصابها به بقدر رأي السلطان فيما أفسد من كفاءتها وموضعها لمن أرادها وإن كان عبدا فهو بعينه لها إلا أن يكون خطرها فيما أصاب منها أيسر من أن يحيط برقبته فيباع بغير أرضها وتعطى من الثمن عوض ما رأى المسلمون لها ويرد على سيد العبد فضل إن فضل من ذلك شئ وكان الحد على الحر والعبد لأنهما أصابا محرما وعلى من أصابه من كبيرة أو صغيرة الحد وكان العوض لها بما استحلا من حرمتها ولما أدخلا من الشين عليها ابن وهب : عن عميرة بن أبي ناجية وغيره عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز أتى بعبد افتض جارية وهي كارهة فجلده عمر ثم باعه بأرض غير أرض المرأة وأعطيت المرأة ثمنه ابن لهيعة : والليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : قضى عمر بن الخطاب فيمن استكره امرأة بكرا بالغرم مع الحد وإن كان عبدا فكان ثمنه أكثر من ذلك فداه أهله إن أحبوا وإن كان ثمنه أقل من ذلك فليس لهم إلا العبد قال ابن أبي الزناد : قال أبو الزناد في عبد افتض أمة فذهب بعذرتها قال : يغرم لأهلها ما بين ثمنها بكرا وثمنها ثيبا
في إقرار العبد على نفسه بالجناية
قلت : أرأيت إن أقر العبد أنه غصب هذه المرأة نفسها فجامعها وهي أمة أو حرة ولا يعلم ذلك إلا بقول العبد أيصدق العبد أم لا في قول مالك ؟ قال : لا يصدق العبد إلا أن تؤتى وهي مستغيثة أو متعلقة به وهي تدمى إن كانت بكرا وإن كانت ثيبا أدركت وهي تستغيث متعلقه به فإنه يصدق إن زعم أنه غصبها لأني سمعت مالكا وسئل عن عبد أتي به وقد قطع أصبع صبي من رجله وأصبع الصبي تدمي فأدرك الصبي وهو متعلق به فأقر العبد أنه وطىء أصبعه قال : قال مالك : أما ما كان مثل هذا إذا أدرك على مثل هذا الحال وأصبع الصبي تدمي بحدثان ما قطعت وهو متعلق به فإني أرى أن يقبل إقراره ويكون ذلك في رقبته يسلمه سيده أو يفتكه بالجناية لأنه لا يتهم أن يكون أقر إلى شئ فكذلك مسألتك في الوطء إن أقر على مثل ما وصفت لك قال مالك : وما كان على غير هذا مما يقر العبد أنه فعله مما يكون في رقبته ولا يدري أحق ذلك أم لا ولم يكن على مثل ما وصفت لك فلا يقبل قوله إلا ببينة تقوم قلت : فإن أعتق العبد يوما ما وكان إقراره إقرارا لم يقم عليه بينة ولم يكن بحال ما وصفت لي من تعلقها به أيكون ذلك دينا على العبد إن أعتق يوما ما في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يكون على العبد شئ من هذا الوطء إن عتق وكذلك قال مالك في رجل حر أقر بقتل رجل خطأ : إن ذلك على عاقلته ولا يكون في ماله خاصة مع قسامة أولياء المقتول إن كان الذي أقر له ممن لا يتهم أن يكون أراد به غنى ولد المقتول فإن كان أراد غنى ولد المقتول لصداقة بينهما أو لقرابة بينهما وهو ممن يتهم أن يكون أراد غناه لم يكن على العاقلة شئ ولا يكون عليه من إقراره شئ فهذا يدلك على أن العبد لا شئ عليه من إقراره بالجناية إذا هي لم تلزم السيد فلا شئ عليه إن عتق بعد ذلك قلت : أرأيت إن أبت الورثة أن تقسم مع إقراري أيبطل إقراري ولا يلزم عاقلتي من الدية شئ في قول مالك ؟ قال : نعم كذلك قال مالك قال ابن القاسم : والذي فسرت لك مما لا يلزم العبد من إقراره إذا عتق يوما ما إنما ذلك فيما غصب من النساء فوطئ أو جرح أو قتل خطأ أقر بذلك كله ولم تكن له بينة ولم يكن بحال ما وصفت لك من التعلق بالعبد بحضرة ذلك فإن ههنا لا يكون عليه شئ إن عتق يوما ما أو أقر العبد باستهلاك مال ولا يعلم ذلك إلا بقوله أو باختلاس مال ولا يعلم ذلك إلا بقوله أو بسرقة لا قطع فيها لا يعلم ذلك إلا بقوله أنه لا يصدق على سيده وإن أعتق يوما ما لم يكن ذلك دينا عليه ولم يتبع منه بعد العتق بشئ وأصل هذا كله أن ينظر إلى كل ما يلزم رقبته من فعله فإذا هو أقر به ولم يكن على ذلك بينة فلم يجز إقراره فإنه لا يتبع من ذلك بقليل ولا كثير لأنه إنما أقر بما كان يلزم السيد فإن ثبت ذلك عليه ثبت على السيد وإن لم يثبت لم يكن على العبد شئ
قلت : أرأيت لو أن عبدا أقر أنه قتل ولي رجل عمدا فقال الذي له الدم : أنا أعفو عن هذا العبد وأستحييه ؟ قال : ليس ذلك له إنما له أن يقتل فإن عفا على أنه يستحييه لم يكن له من رقبة العبد شئ وكذلك بلغني عن مالك قلت : ويكون له أن يقتله بعد ذلك يقول : إذا كنتم لا تجيزون لي هذا فأنا على حقي أقتله ؟ قال : نعم إذا كان ممن يظن أن ذلك له وإنما هو بمنزلة الحر يقتل الحر فيعفو وليه على أن يعطيه الدية فيأبى أن يعطيه الدية فيكون لولي المقتول أن يقتله وكذلك قال مالك قلت : فإن أقر بسرقة فقال المسروق منه : أنا أعفو عن قطع يده ولا أرفعه إلى السلطان وآخذ الدراهم التي أقر لي بها ؟ قال : ليس ذلك له ولا يكون له شئ من ذلك يونس بن زيد : عن أبي الزناد أنه قال في اعتراف العبد على نفسه بالسرقة أو القتل : إن كان استرهب أو امتحن فكان اعترافه بعد ذلك فإنا لا نرى عليه في ذلك قتلا ولا قطعا وأما ما اعترف به طائعا غير مخوف ولا مسترهب فاعترف أنه أتى ذلك عمدا فإنه تقطع يده بسرقته ويقتل بمن قتل إن كان قتل عمدا وإن قال قتلته خطأ فإنا لا نرى أن يصدق بذلك قال يونس : وقال ربيعة : كل معترف لا يرى منه ما يصدق به اعترافه فهو موقوف يستأنى به حتى ينظر فى اعترافه ثم لا يؤخذ بشبهة ولا يترك بعد يقين إلا يكون دما أو جرحا يستحقه أهل الدم مع الاعتراف بأيمانهم أو صاحب الجرح بيمينه فإنه ليس الدم والجرح فيما يدعى عند العبد كالسرقة قال يونس : وقال ابن شهاب في المملوك أو المكاتب يعترف على نفسه بقتل عمد قال : إن جاء بأمر بين يعلم أنه قد صدق أخذ بذلك وأقيم عليه الحد وإن كان اعترف عن امتحان امتحنه أو تفريق فرقه أو أمر زل به لسانه لم يؤخذ في أمر ذلك بشئ حتى يتبين عليه ولم يؤخذ بشئ من ذلك وما اعترف في ذلك على نفسه مما يغرم أهله فيه فهو على نحو ذلك قال : والسرقة مثل ذلك إذا لم يوجد ما قال حقا فلا سبيل عليه إلا أن يوجد ما دل عليه من نفسه واعترف به على ما وصفت لك فيؤخذ بذلك قال ابن وهب : وأخبرني من أثق به قال : سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : مضت السنة على أنه لا يجوز اعتراف المملوك على نفسه بشئ إذا أدخل على سيده غرما حتى تقوم بينة مع قوله إلا الحد يلفظه ثم يقر به فإنه يؤخذ به ويقام عليه واعترافه بالشئ يعاقب به في جسده من قود أو قطع أو قتل في قول مالك
في القضاء في جناية المكاتب
قلت : أرأيت المكاتب إذا جنى جناية أيقضى عليه بالجناية كلها أم بقدر قيمته ؟ قال : يقضى عليه بجنايته كلها لأنه بمنزلة العبد إذا جنى فيقال لسيده : أد الجناية كلها أو أسلمه فكذلك المكاتب إما أن يؤدي جمع الجناية وإلا عجز وخير سيده في أن يفتكه بالجناية أو يسلمه بها قلت : أرأيت المكاتب إذا جنى جناية فقضى القاضي عليه بالجناية أن يؤديها فعجز بعدما قضى عليه القاضي أيكون ذلك وعجزه قبل أن يقضي عليه سواء ؟ قال : نعم ولم أسمع مالكا يذكر القاضي في شئ من هذا إنما قال : يقال للمكاتب : أد وإلا عجزت وإنما يقضي القاضي أن يقول له أد وإلا عجزت قلت : أرأيت مكاتبا جنى على سيده ؟ قال : يقال له : أد الجناية فإن عجز عن ذلك فسخت كتابته قلت : والأجنبي وسيده في هذا سواء ؟ قال : نعم لأن مالكا قال : إذا جنى المكاتب قيل له أد الجناية وإلا فارجع رقيقا
في المكاتب يجني جناية عمدا فيصالحه أولياء الجناية على مال فيعجز قبل أن يؤدي المال
قلت : أرأيت المكاتب إذا جنى جناية عمدا فصالحه أولياء الجناية على مائة دينار فعجز قبل أن يؤدي المائة أيقال للسيد ادفعه أم افده بالجناية ؟ قال : إذا كانت الجناية معروفة فإنه يقال لسيد المكاتب : ادفعه أو افده بالمائة إلا أن تكون المائة أكثر من دية الجرح لأن مالكا قال في المكاتب إذا جنى جناية فإنه يقال له : أد الجناية وأقم على كتابتك فإن هو قوي على ذلك وإلا فسخت كتابته ثم خير سيده فإن شاء فداه بعقل الجناية وإن شاء دفعه قلت : أرأيت إن قال : أنا أقوى على أداء الكتابة ولا أقوى على أداء الجناية أيكون ذلك له في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا قال لا أقوى على أداء الجناية كان عاجزا مكانه ولا ينتظر به في قول مالك قال يونس بن يزيد : قال ربيعة : إن أصاب المكاتب جرحا فعتق فإنما أدى عن نفسه وإن رق فإنما أدى من مال سيده قال يونس : وقال أبو الزناد : إذا جرح هو جرحه فإنا نرى عقله على المكاتب في ماله وإن هو عجز عن ذلك محيت كتابته وخير سيده فإن شاء أن يعقل عنه عقل الجرح الذي جرح وإن شاء أن يسلمه إلى المجروح عبدا له أسلمه قال مالك : أحسن ما سمعت في المكاتب إذا جرح الرجل جرحا يقع عليه فيه العقل أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه وكان على كتابته ولا ينجم عليه كما ينجم على الحر وإن هو لم يقو على ذلك فقد عجز عن كتابته وذلك أنه ينبغي له أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل كتابته وكذلك حقوق الناس أيضا تؤدى قبل الكتابة لأنه لا يؤدي خراجا والكتابة خراج وعليه أموال الناس فإن عجز المكاتب عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبدا مملوكا وإن أحب أن يسلم عبده للمجروح أسلمه وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده قال سحنون : عن ابن شهاب أنه قال : في العبد يكاتبه سيده وعليه دين للناس فكان يقول : يبدأ بدين الناس فيؤدي قبل أن يؤخذ من نجومه شئ إن كان دينه يسيرا بدىء بقضائه وأقر على كتابته وإن كان دينه كثيرا تحبس نجومه وما اشترط من تعجيل منفعته فسيده بالخيار إن شاء أقره على كتابته حتى يقضي دينه ثم يستقبل نجومه وإن شاء محا كتابته يونس عن ربيعة أنه قال : أما دين المكاتب فيكسر كتابته وينزل في دينه بمنزلة العبد المأذون له في التجارة محمد بن عمرو : عن ابن جريح عن عبد الكريم قال : قال زيد بن ثابت : المكاتب لا يحاص سيده الغرماء يبدأ بالذي لهم قبل كتابة سيده قال ابن جريح : قيل لسعيد بن المسيب : كان شريح يقول : يحاصهم بنجمه الذي حل ؟ قال ابن المسيب : أخطأ شريح قال : قال زيد بن ثابت : يبدأ بالذي للديان وكان ابن شهاب ومجاهد وعطاء يقولون : مضت السنة إذا وجب على المملوك عقل فلا يؤخر ولا ينجم كما ينجم المعاقل ولكنه عاجل
في المكاتب يقر بقتل خطأ أو عمد فيصالح من ذلك على مال
قلت : أرأيت لو أن مكاتبا أقر بقتل خطأ أو عمد فصالح من ذلك على مال دفعه من ماله إلى الذي أقر له بالجناية أيجوز هذا في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أنه لا يجوز له إعطاء ماله إلا أن في العمد لهم إن كانت نفسه أن يقتصوا وإن أبوا أن يقتصوا لم يكن لهم في مال المكاتب شئ ولا في رقبته إن عجز قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قال مالك في العبد يقر بأنه قد قتل عمدا ولا بينة عليه قال مالك : إن أحبوا أن يقتلوه قتلوه وإن استحيوه فليس لهم أن يأخذوا العبد فكذلك مسألتك في المكاتب
في المكاتب يقتل رجلا خطأ
قلت : أرأيت المكاتب إذا قتل قتيلا خطأ أي شئ يكون عليه في قول مالك الدية أم الأقل من قيمته ومن الدية ؟ قال : عليه الدية كاملة - في قول مالك - وكذلك الجراحات عليه قيمة ما جرح ولا يلتفت فيه إلى قيمة المكاتب
في المكاتب يقتل رجلا عمدا وله وليان فيعفو أحدهما ويتماسك الآخر
قلت : أرأيت لو أن مكاتبا قتل رجلا عمدا له وليان فعفا أحدهما عن المكاتب وتماسك الآخر ؟ قال : يقال للمكاتب : أد إلى هذا الباقي نصف الدية وأقم علي كتابتك قلت : فإن أدى إلى هذا نصف الدية أيكون للآخر الذي عفا شئ أم لا في قول مالك ؟ قال : لا إلا أن يزعم أنه إنما عفا للدية ويستدل على ما قال بأمر يعرف وإلا فلا شئ له قلت : فإن لم يؤد إلى هذا الذي لم يعف عنه شيئا وعجز فرجع رقيقا ؟ قال : يقال للسيد : ادفع نصف الدية إلى هذا الذي لم يعف أو أسلم إليه نصف العبد قلت : فإن أسلم إليه نصف العبد أو نصف الدية أيكون للأخ الذي عفا عنه شئ أم لا ؟ قال : لاأرى له شيئا قلت : أتحفظه عن مالك قال : لا إلا أن مالكا قال في العبد يجرح الرجلين جميعا عمدا : إن لسيده أن يفتديه بدية جرحهما أو يفتديه من أحدهما بدية جرحه ويسلم إلى الآخر بقدر ما يصيبه فيه من الجناية فكذلك هذا أشهب يقول : يسلمه كله أو يفتديه كله
في المكاتب يجني جناية فيؤدي كتابته قبل أن يقوم عليه ولي الجناية
قلت : أرأيت مكاتبا جنى فأدى كتابته إلى سيده قبل أن يقوم عليه ولي الجناية وخرج حرا ؟ قال : أرى أن يقال للمكاتب : أد عقل الجناية ويمضي عتقك وإلا رد رقيقا ويخير سيده فإن شاء فداءه وإن شاء دفعه إلى أولياء الجناية وما أخذ من نجومه بعد الجناية يردها معه ولا يكون له أن يحبسها إذا أسلمه
في المكاتب يجني جناية ثم يموت عن مال
قلت : أرأيت المكاتب يجني جناية ثم يموت عن مال من أولى بماله ؟ أسيده أم ولي الجناية ؟ قال : قال مالك في العبد يجني جناية : إن مال العبد لصاحب الجناية وهو أولى به من السيد فكذلك المكاتب عندي إلا أن يدفع السيد سيد العبد أو سيد المكاتب - إلى المجني عليه دية بجنايته قلت : أرأيت المكاتب يموت عن مال ليس فيه وفاء بكتابته وعلى المكاتب جناية وليس فى المال وفاء بالجناية ؟ قال : قال مالك في العبد يجني جناية : إن أهل الجناية أولى بماله فكذلك المكاتب عندي لأنه مات عبدا فماله لأهل الجناية دون سيده حتى يستوفوا جنايتهم قلت : أرأيت إن كان للسيد على عبده دين أو على مكاتبه دين من غير الكتابة أيضرب به مع الغرماء ؟ قال : نعم
في المكاتب يجني جناية وله أم ولد فيريد أن يدفعها في جنايته
قلت : أرأيت المكاتب يجني جناية وله أم ولد فأراد أن يدفع أم ولده ؟ قال : إن خاف العجز فله ذلك لأن مالكا قال في المكاتب إذا خاف العجز فله أن يبيع أم ولده فكذلك هو في الجناية إذا خاف العجز
في المكاتب يجني جناية وله أولاد حدثوا في كتابته من أم ولده
قلت : أرأيت المكاتب إذا حدث له ولد في الكتابة من أم ولد له فجنى المكاتب جنايته وعليه دين أيكون على الابن شئ من ذلك أم لا ؟ قال : أما الدين فلا يلزم الابن من ذلك شئ وأما الجناية فإنها تلزمه لأن الأب والابن لا يعتقان إلا بأداء الجناية وقال
مالك : إذا جنى المكاتب قيل له : أد فإن لم يقو قيل للابن : أد فإن لم يقو رجع رقيقا ثم يخير السيد في الذي جنى وحده بين أن يدفعه أو يفديه قلت : أرأيت إن مات المكاتب الجاني أيكون على الابن الذي معه في الكتابة من جنايته شئ أم لا ؟ قال : ما سمعت فيه شيئا ولا أرى عليه من جناية الأب شيئا إذا مات الأب لأنه إنما كانت جنايته في رقبته فإن عجز عنها فقد ذهبت رقبته فلا يكون على الابن شئ قال سحنون : وقال غيره : الجناية والدين لا يعتق المكاتب إلا بعدهما والدين يرق العبد ويبطل كتابته كما تبطلها الجناية فإذا كان على الأب دين فلم يقدر على أداء النجوم لمكان الدين صار الدين كالجرح إذا لم يقدر على أداء النجوم لمكان الجرح قيل للمكاتب وللابن : لا سبيل لكما إلا بحمالة كل واحد منكما بصاحبه إلى أداء غلته والدين والجناية قبلكما فإن قويتما على أداء هذا الدين والجناية فالكتابة قائمة وإلا فسخت الكتابة وخير في الجاني وحده في إسلامه أو افتكاكه بالجناية وفي الدين يصيران رقيقين والدين في ذمة الذي كان في ذمته وحده وإن أديا الدين جميعا أو الجناية جميعا أو أداهما الابن الذي لم يجن ولم يداين ثم أديا الكتابة لم يرجع على أبيه بما أدى عنه من أرش الجناية أو دين لأنه إنما أعتق الأب بما أدى عنه فصار ذلك كالكتابة التي أداها بعضهم عن بعض لأن العتق إنما كان بأدائهما ولو لم يؤديا رقا وكذلك كلما أرقهما من دين أو جناية كما ترقهما الكتابة فإذا أديا الدين والجناية كان كأداء الكتابة قال سحنون : فخذ هذا الأصل على هذا إن شاء الله تعالى
في المكاتب يموت وعليه دين ويترك عبدا فيجني العبد جناية
قلت : أرأيت لو أن مكاتبا مات وترك عبدا - وعلى المكاتب دين حين مات - فجنى العبد جناية بعد موت المكاتب أو قبل موت المكاتب من أولى بهذا العبد الغرماء أم أولياء الجناية الذين جنى عليهم هذا العبد ؟ قال : أولياء الجناية أولى به قال ابن القاسم : ألا ترى لو أن رجلأ حرا جنى عبده جناية - وعلى الحر دين - أن الجناية أولى بالعبد من دين السيد إلا أن يفتكه أهل الدين بدية الجناية لأن الجناية إنما لزمت رقبة العبد ودين السيد إنما هو في ذمة السيد ؟ فهذا يدلك على أن الجناية أولى بالعبد من غرماء السيد وللغرماء أن يفتكوه لأنه مال للسيد وقد كان للسيد أن يفتكه فكذلك غرماؤه ذلك لهم قلت : أرأيت إن كان سيد العبد هو الذي جنى وجنايته مما لا تحمله العاقلة وعليه دين وليس له مال غير ثمن هذا العبد ؟ قال : يضرب في ثمن هذا العبد الغرماء وأولياء الجناية بالحصص لأن الجناية في ذمة السيد والدين في ذمة السيد أيضا وهو قول مالك
في الجناية على المكاتب
قلت : أرأبت لو أني كاتبت عبدي فحدث له أولاد في كتابته من أم ولده ثم قتلته خطأ وعمدا ؟ قال : يقاص الولد السيد بقيمة رقبة المكاتب في آخر نجومهم قلت : فإن كان في قيمة رقبته وفاء بالكتابة وفضل ؟ قال : يكون لهم أن يأخذوا الفضل من السيد فيكون ميراثا بين ولده الذين كانوا في الكتابة - كانوا ممن كاتب عليهم أو ممن حدثوا معه في الكتابة - وهو قول مالك لأن مالكا قال في السيد إذا شج مكاتبه موضحة أنه يقاصه بها المكاتب في آخر نجومه وقال في المكاتب إذا قتل فأخذ السيد قيمته : أن ولده يقاصونه بذلك في آخر كتابتهم فإن كان في قيمته فضل كان لهم فإن بقي شئ سعوا في بقية ذلك وعتقوا فسيده عندي بمنزلة غيره قال : وإنما يكون على السيد في موضحة المكاتب - في قول مالك - نصف عشر قيمته مكاتبا على حاله في أدائه وقوته قلت : أرأيت المكاتبة تلد ولدا في كتابتها فقتله السيد ؟ قال : سمعت مالكا يقول في مكاتب كاتبه سيده فشجه موضحة قال : قال مالك : أرى أن يقاص له من آخر كتابته بنصف عشر قيمته فمسألتك مثل هذا أن السيد يغرم قيمة الولد فإن كان فيه وفاء بالكتابة كان قصاصا وإن كان فيه فضل عن الكتابة أخذت الأم من فضل القيمة قدر مورثها من ذلك قال : وقال مالك : وإذا قتل المكاتب قوم على هيئته في حاله وملائه والحال التي كان عليها قال مالك : وكذلك لو وضع عنه ما عليه عند الموت وضع في الثلث الأقل من قيمته قوم على حاله وهيئته وملائه الذي هو عليها في حسن أدائه وقلة ذلك وكثرته أو الأقل من قيمة ما عليه فأيهما كان أقل وضع في ثلث الميت قلت : أرأيت لو قتلت عبدي أو مكاتب وعليه دين أيلزمني شئ أم لا ؟ قال : قال مالك : الدين في ذمتهم فلما قتل لم يلزم القاتل شئ لأن الذمة قد ذهبت قلت : والعبد إذا كان عليه دين فقتله رجل أجنبي فأخذ السيد قيمته أيكون الدين في هذه القيمة أم لا ؟ قال : لا وقد قال مالك : ليس للغرماء - غرماء العبد - من جراحه شئ فكيف يكون لهم ثمن رقبته لو جعلت لهم في مسألتك قيمة رقبته التي أخذها السيد من القاتل لجعلت لهم الثمن إذا باعه السيد قلت : فإن قتل المكاتب وقد أدى جميع كتابته إلا دينارا واحدا أو أدنى كيف يقوم ؟ قال : يقال : هذا مكاتب كانت قوته على أداء كتابته كذا وكذا فما يسوي عبدا مكاتبا قوته على الأداء كذا وكذا ويلزم قاتله تلك القيمة قال : ولا ينظر في هذا إلى ما أدى المكاتب من الكتابة ولا إلى ما بقي عليه منها قال : ولو أن مكاتبا أدى جميع كتابته إلا درهما واحدا وآخر لم يؤد من كتابته شيئا قتلهما رجل وكانت قوتهما على الأداء سواء وقيمة رقابهما سواء إلا أن أحدهما قد أدى جميع الكتابة إلا دينارا واحدا والآخر لم يؤد من كتابته شيئا قال : لا يلتفت إلى ما أدى من الكتابة التي أدى وقيمتها للسيد على قاتلها سواء قلت : أرأيت إن اختلفت قيمة رقابهما وكانت قوتهما على الأداء سواء فقتلهما رجل ولم يؤديا شيئا بعد ؟ قال : هذان مختلفا القيمة فإنما يقوم على قدر قوته على الأداء مع قيمة رقبته قال : ما يسوي هذا المكاتب قيمة رقبته كذا وكذا وقوته على أداء كتابته كذا وكذا فعلى هذا يقوم المكاتب قلت : وكذلك الذي سألتك عنه في الذي يترك جميع الكتابة لعبده فقلت : يعتق بالأقل من قيمته ومن قيمة الكتابة في ثلث الميت قال : نعم إنما تقوم الكتابة بالنقد وقيمة رقبته على قدر قوته على أداء الكتابة بمنزلة ما وصفت لك في المكاتب إذا قتله رجل يعتق بالأقل من ذلك وهذا الذي قال لي مالك في قيمته إذا قتل وفي كتابته كيف يقوم في الوجهين جميعا كما فسرت لك وقال غيره : لا تقوم الكتابة إنما ينظر إلى الأقل من قيمة رقبته وما بقي عليه من الكتابة فيجعل في الثلث ليس قيمة الكتابة إنما ينظر إلى عدد ما بقي من الكتابة إن كان هو الأقل فيجعل في الثلث وإن كانت قيمة الرقبة أقل جعلت في الثلث
في الأبوين يكاتبان فيولد لهما ولد فاكتسب الولد مالا وجني عليه جناية
قلت : أرأيت إن كاتب الرجل عبده وأمته - وهما زوجان - كتابة واحدة فحدث بينهما ولد فاكتسب الولد مالا وجني على الولد جنايات ؟ قال : أما الجنايات فذلك للسيد - عند مالك - يحسب لهم ذلك في آخر كتابتهم إلا أن يكون في الجناية وفاء كتابته فيكون ذلك للسيد ويعتق هؤلاء كلهم مكانهم فإن كان في الجناية فضل فهو للابن ولا يرجع الولد على الأبوين بما أخذ السيد من جنايته في كتابة الأبوين لأن ذوي الأرحام لا يرجع بعضهم على بعض بما أدوا وأما الذي اكتسب الابن فهو للابن وليس للأبوين أن يأخذا منه ماله عليه أن يسعى معهم ويؤدي الكتابة على قدر قوته وأداء مثله فإذا كان للابن مال وخاف الأبوان العجز كان لهما أن يؤديا الكتابة من مال الولد وكذلك إن كان للأبوين مال فقالا : لا نؤدي وخاف الولد العجز فإن الكتابة تؤدى من مال الأبوين ولا يرجع بعضهم على بعض بشئ مما أدى عن أصحابه لأن مالكا قال : ليس له أن يعجز نفسه إذا كان له مال ظاهر فالأبوان إذا كان لهما مال ظاهر فليس لهما أن يعجزا أنفسهما وكذلك الولد قلت : فإن عدا السيد على الولد فقتله وفي قيمته فضل عن كتابة هؤلاء ؟ قال : يعتق الأبوان ولا يكون عليهما من الكتابة شئ لأن قية الولد تكون قصاصا بالكتابة ويرجع الأبوان المكاتبان على السيد بالفضل فيكون لهما قال : وهذا قول مالك لأن مالكا قال فيمن قتل ولد المكاتب أو المكاتب نفسه فإن السيد يأخذ من ذلك كتابته فإن كان فضل كان لأبويه اللذين معه في الكتابة فإن كان قتل الأبوين فإن السيد يأخذ من ذلك كتابته وما بقي عن كتابتهم فللولد وكذلك السيد إذا قتلهم فهو بمنزلة غيره من الناس إذا قتلهم وقيمتهم قد صارت ههنا بمنزلة أموالهم وقد سمعت مالكا يقول في مكاتب جرحه سيده : إن جرحه على سيده يحسبه من آخر كتابته وقد قال مالك في ابن المكاتب إذا قتل : إن عقله للسيد إن كان فيه وفاء بجميع كتابتهم ويعتقون وإن كانت الجناية ليس فيها وفاء بجميع كتابتهم أخذه السيد وحسب ذلك لهم في آخر كتابتهم والجناية على المكاتب إذا لم يكن فيها وفاء بجميع كتابتهم أخذ ذلك السيد وحسب ذلك لهم في آخر كتابتهم فإن كان فيها وفاء أخذه أيضا وحسب لهم أيضا ذلك في آخر كتابتهم والمال إذا مات أحدهم أخذه السيد إن كان فيه وفاء بكتابتهم وإن لم يكن فيه وفاء بكتابتهم ترك في أيديهم إن كانوا مأمونين وهذا في الولد - في قول مالك - وإن كانوا غير ولد فهذا المال في الموت بمنزلة الجناية يأخذ السيد ما قل منه أو كثر ويحسب ذلك لهم من آخر كتابتهم فإذا عتقوا أتبعهم السيد بما يصير له عليهم مما حسب لهم من مال الميت إلا أن يكونوا إخوة فلا يتبعهم
قال سحنون : وقد كان ربيعة يقول : ذكره يونس عنه إذا كاتب على نفسه وولده وأم ولده ثم توفي وكان فيمن كاتب قوة على الاستعساء - سعوا وسعى الكبير على الصغير - وذلك لأنهم دخلوا معه في الكتابة فليس لهم أن يعجزوا حتى لا يرجى عندهم سعي وإن مات أبوهم وترك مالا ليس فيه وفاء فقد كانت لهم معونة ماله وليس لهم أصله إن قتلوا أو أجرموا جريمة فالمال يدفع إلى سيده فيقاصون به من آخر كتابتهم ولا يدفع إليهم لأنهم ليس أصله لهم وهو لا يؤمن عليه التلف إذا كان بأيديهم وإن صغارا لا يقوون فهم أرقاء ولسيدهم ذلك المال ابن وهب : وكان مالك يقول : إذا كانوا صغارا لا يستطيعون السعي لم ينتظر بهم أن يكبروا وكانوا رقيقا لسيدهم قال مالك : إلا أن يكون فيما ترك أبوهم ما يؤدي عنهم نجومهم إلى أن يبلغوا ويقووا على السعي فيفعل ذلك بهم قال مالك : وإن كان الولد صغارا وكانت معهم أم ولد لأبيهم فأرادت السعي فإنه يدفع إليها مال الميت إذا لم يكن فيه وفاء إذا كان يرى أنها مأمونة على ذلك قوية على السعي لأنهم إن أخذ المال منهم لم يقووا على السعي والأداء وعجزوا وصاروا عبيدا فهم بمنزلة أبيهم لهم ما له وعليهم ماعليه وكذلك إذا كان ولده يحتملون السعي وليس معهم أم ولد أعطوا المال يقوون به على السعي وإن لم تكن مأمونة ولا قوية على ذلك رجعت هي وولد المكاتب رقيقا للسيد إلا أن يكون فيما ترك المكاتب أو في ثمن أم الولد إذا بيعت ما يؤدي عنهم فإنها تباع ويعتقون ويكون فيما ترك وفي ثمنها إذا بيعت ما يؤدي عنهم إلى أن يبلغوا السعي
ابن لهيعة عن بكير أنه سمع سليمان بن يسار يقول : إذا كاتب الرجل على نفسه وبنيه فمات وعليه كتابة فإن أنس منهم رشدا دفع إلى بنيه ماله واستسعوا فيما بقي وإن لم يؤنس منهم رشد لم يدفع إليهم مال أبيهم محرمة بن بكير عن أبيه قال : سمعت عروة بن الزبير واستفتى في مكاتب - توفي وعليه فضل من كتابته وترك مالا وترك بنين له - أيأخذون ماله إن شاؤوا يقضون كتابته ويكونون على نجومه ؟ قال : نعم إن استقلوا بذلك فإن ذلك لهم إن شاؤوا وقال ذلك سليمان بن يسار : إن كانوا صالحين دفع إليهم وإن كانوا أناس سوء لم يدفع إليهم ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن مثل ذلك فقالا : إن ترك مالا قضوا عنه وهم أحرار وإن لم يترك مالا وقد آنس منهم الرشد سعوا في كتابة أبيهم بلغوا من ذلك ما بلغوا وإن كانوا صغارا لم يستأن بالذي للرجل كبرهم يخشى أن يموتوا قبل ذلك فهم له عبيد قال يونس : وقال أبو الزناد : إن كان ولده كلهم صغارا لا قوة لهم على الكتابة ولم يترك أبوهم مالا فإنهم يرقون وإن ترك أبوهم مالا ليس فيه وفاء أدوا نجومهم عاما لعام ابن وهب : وقال مالك : الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح له فيه عقل أو أحد من ولده الذين معه في كتابته فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم وإن ما وجب لهم في عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة يحسب للمكاتب في آخر كتابته ويوضع عنه ما أخذه سيده من دية جرحه ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شئ من دية جرحه فيأكله أو يستهلكه فإن عجز رجع إلى سيده أعورا ومقطوع اليد أو مغصوب الجسد وإنما كاتبه على كسبه وماله ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده ولا ما أصيب من جسده فيستهلكه يونس عن ربيعة أنه قال في المكاتب له عقل جراح : إن أصابته فإن جرح المكاتب فالعقل فيه يأخذه سيده فإذا بقي على المكاتب من آخر كتابته مثل ذلك العقل قاص به سيده وعتق وإن عجز كان ذلك المال لسيده وذلك لأن جرح العبد ليس من ماله إنما هو لسيده وقال ابن شهاب وربيعة : إن أصيب المكاتب بجرح له عقل فعقل ذلك الجرح لسيده يقبضه ويقاصه به من آخر كتابته قال أنس بن عياض : وقال ابن أبي سلمة مثل قول مالك وكلها لابن وهب
في جناية عبيد المكاتب
قلت : أرأيت عبيد المكاتب إذا جنوا أيكون المكاتب فيهم مخيرا بمزلة الحر يفتكهم بعقل الجرح أو يدفعهم ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنه رأيي إذا كان على وجه النظر
في جنايه عبد المكاتب على المكاتب فيريد ولده القصاص ويأبى سيده أو يريد سيده ويأبى الولد
قلت : أرأيت المكاتب إذا قتله عبده ؟ قال : قال مالك في العبدين يكونان للرجل فيقتل أحدهما صاحبه أو يجرحه : إن السيد يقتص من العبد لأن العبدين جميعا عبدان له فأرى هذا مثله إن له أن يقتص إلا أن يكون للمكاتب أولاد معه في الكتابة فإني أرى أنه ليس للسيد أن يقتص إذا أبى الولد لأن المال قد صار لهم يستعينون به في كتابتهم قال : ولا أرى للأولاد أن يقتصوا أيضا إذا أبى السيد لأن السيد يقول : لا تتلفوا علي المال فترجعوا إلي وقد أتلفتم المال وهذا رأيي لأن مالكا قال : ليس لهم أن يتلفوا المال خوفا من أن يرجعوا إلى السيد عبيدا وقد أتلفوا المال فإذا اجتمع السيد وأولاد المكاتب على القتل فإن ذلك لهم مثل ما قال مالك في العبدين لأنهم حين اجتمعوا إن كان العبد للسيد جاز له القتل وإن كان للولد جاز لهم القتل وإن أبى السيد القتل وأراد الولد القتل ثم عتقوا فأرادوا أن يقتلوا بعد العتق كان ذلك لهم وإن كان السيد هو الذي أراد القتل وأبى ذلك الأولاد ثم عجزوا كان ذلك له وإن أبى السيد أن يقتل وأراد الولد القتل ثم عجزوا لم يكن للسيد ههنا قول ولا يقتله لأن ملكه كان عليهم جميعا فلما ترك ذلك لم يكن له أن يرجع إلى قتله وكذلك لو تركوا القتل وأراد السيد القتل ثم أدوا لم يكن لهم القتل وليس لمن ترك منهم القتل ثم رجع العبد إليهم يوما ما أن يقتلوا - لا السيد ولا الولد - ومن لم يترك القتل منهم إذا رجع العبد إليه فله أن يقتل قال : وقال مالك في المكاتب يجني جناية عمدا فيعفوا أولياء الجناية عنه على أن يكون المكاتب لهم رقيقا قال : يقال للمكاتب إذا عفوا عنه : ادفع إليهم الدية فإن عجز عن ذلك قيل لسيده : ادفع إليهم الدية أو أسلم إليهم العبد - وكذلك قال مالك أيضا في العبد يقتل الرجل عمدا فيعفوا عنه أولياء القتيل على أن يكون لهم العبد قال : قال مالك : يقال للسيد : افتكه بجميع الدية أو أسلمه لأنهم حجن عفوا عن العبد على أن يكون لهم صارت الجناية مالا وهو في رقبة العبد والعبد ملك لسيده فيقال للسيد : ادفعه بما صار في رقبته أو افده بجميع الدية قال : وما وجب في رقبة المكاتب من دية جنايته فإنه يقال له : أدها حالة وأقم على كتابتك فإن أبى وعجز كان رقيقا للسيد ثم خير السيد بين افتكاكه بدية الجرح وبين إسلامه إلى أهل الجناية
في جناية المكاتب على عبد سيده أو مكاتب سيده
قلت : أرأيت لو أن مكاتبا جنى على عبد سيده ؟ قال : يكون للسيد على المكاتب قيمة العبد قال : وكذلك لو جنى هذا المكاتب على مكاتب آخر لسيده وليس معه في الكتابة وإنما فرق بين المكاتب يجني على عبد سيده وبين العبد يجني على عبد سيده لأن المكاتب لو استهلك مالا لسيده كان عليه غرمه ولو استهلك عبد مالا لسيده لم يكن عليه غرم لأن المكاتب قد أحرز ماله ورقبته عن السيد وكذلك لو أن هذا المكاتب جنى على مكاتب معه في كتابته فقتله كأن يكون للسيد عليه قيمة المقتول فإن عجز رجع رقيقا وسقط ذلك عنه
في العبدين يكاتبان كتابة واحدة فيجني أحدهما على صاحبه
قلت : أرأيت لو أن آخرين في كتابة واحدة قتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ ؟ قال : للسيد أن يقتص في العمد فإن عفا السيد على أن يأخذ منه قيمة المكاتب المقتول فذلك له ويعتق هذا القاتل فيما أخذ السيد منه من قيمة المقتول قلت : فلو أن رجلين أجنبيين - في كتابة واحدة - قتل أحدهما صاحبه عمدا أو خطأ ؟ قال : يكون في العمد للسيد القصاص إن أحب فإن استحياه على أن يتبعه بقيمة المقتول فإن ذلك له يأخذ منه قيمة المقتول ويعتق هذا القاتل في قيمة هذا المقتول إن كان فيها وفاء بالكتابة ثم يرجع السيد على هذا القاتل بحصته من الكتابة وإن لم يكن في قيمة المقتول وفاء بالكتابة أخذ السيد ذلك وحسب ذلك له من آخر الكتابة فإن أدى وعتق هذا القاتل رجع عليه السيد بما كان يصيب حصة هذا القاتل مما حسب له من قيمة المقتول في الكتابة قلت : أرأيت لو أن مكاتبين كوتبا جميعا كتابة واحدة فجنى أحدهما على صاحبه خطأ أو عمدا كانا ذوي قرابة أو أجنبيين ما حالهما في قول مالك ؟ قال : على القاتل قيمة المقتول ويعتق القاتل فيها ويرجع السيد عليه بحصته من الكتابة ويعتق هذا الباقي ويرجع السيد عليه بحصته قال : وسواء إن قتله هذا الذي معه في الكتابة عمدا أو خطأ كانا ذوي قرابة أو أجنبيين فذلك سواء ويعتق القاتل في قيمة المقتول ويرجع السيد عليهما جميعا بما عتقا به من قيمة المقتول بما ينويه في رأيي لأنه لا تهمة على القاتل أن يكون إنما قتله ليتعجل عتقه وهو قد كان يقدر على أن يتعجل ما أغرمه سيده من قيمة المقتول ويعتق فليس ههنا تهمة أتهمه بها فلذلك أعتقه به وإنما الذي سمعت أنه لا يعتق أن لو كان للمقتول مال يعتق به القاتل فاستحيى لم يعتق إن قتله عمدا في تركته لما اتهم عليه من تعجيل عتقه في مال المقتول وتكون عليه قيمة المقتول فإن كان في ذلك كفافا للكتابة عتق وتبعه السيد بما ينوبه منها وإن لم يكن عنده قيمة المقتول عجز ورجع رقيقا وعتق في المال إن قتله خطأ لأن الحر يرث من المال ولا يرث من الدية فكذلك المكاتب في مال المقتول لا يعتق في ماله إن كان قتله عمدا فيما ترك ويعتق إن كان قتله خطأ فيما ترك لأنه لا تهمة عليه - وهذا أحسن ما سمعت - ويكون عليه قيمة المقتول فكذلك الأجنبيون إلا أن السيد في الأجنبي يتبعه بما أدى عنه من المال الذي تركه المكاتب إذا كان قتله خطأ ويرجع عليه السيد أيضا بقيمة المقتول ولا يتبع السيد في المال إذا كانا أخوين بما أدى عنه من قيمة الكتابة لأن أحدهما لم يكن يتبعه لو أدى عنه وإنما يتبع في الدية السيد من كان يتبعه هو ممن كان معه ويسقط عمن كان لا يتبعه لو أدى عنه في الخطأ ويكون على الأخ قيمة أخيه لأنه لا يرث من القيمة فلذلك يكون عليه
في ذوي القرابة يكاتبون كتابة واحدة ثم يجني بعضهم
قلت : أرأيت جنايات ذوي القرابة إذا جنى أحدهم وجميعهم في الكتابة فعجز الجاني عن أداء تلك الجناية ؟ قال : يقال للذين معه في الكتابة : أدوا الجناية وإلا رجعتم رقيقا فإن رجعوا رقيقا قيل للسيد : ادفع الجاني وحده بجنايته أو افده قلت : أرأيت إن أدى عن الجاني قرابته الذين معه في الكتابة - وهم إخوته أو والده - فعتقوا هل يرجعون عليه بما أدوا عنه من الجناية ؟ قال : لا لأنه ملك افتكوه حين أدوا عنه ألا ترى أنه لو اشتراه وهو مكاتب فعتق لعتق عليه ولم يتبعه بشئ من ثمنه فكذلك ما أفتكه به لا يتبعه بشئ قلت : أرأيت لو أن مكاتبين كوتبا جميعا كتابة واحدة فجنى أحدهما على صاحبه خطأ أو عمدا كانا ذا قرابة أو أجنبيين ماذا عليهما في قول مالك ؟ قال : على القاتل قيمة المقتول ويعتق القاتل فيها ويرجع السيد عليه بحصته من الكتابة قال : وسواء إن قتله الذي معه في الكتابة أو قتله أجنبي كانا ذا قرابة أو أجنبيين فذلك سواء قال سحنون : ويعتق القاتل في قيمة المقتول ولا يتبع الذي عتق بالذي أدى عنه إذا كان ممن لا يجوز له ملكه وكانت الجناية من أجنبي قلت : أرأيت المكاتبين إذا جنى أحدهما جناية ؟ قال : يقال للجاني افتك رقبتك بدية جنايتك فإن عجز قيل لأصحابه : افتكوه بدية الجناية فإن أبوا صاروا رقيقا كلهم وإن لم يحل شئ من نجومهم ثم قيل للسيد : ادفع الجاني وحده لأن الجناية إنما هي في رقبته فحيثما زال زالت معه أو افده بدية الجناية
في جناية المكاتبة على ولدها
قلت : أرأيت مكاتبة حدث لها ولد في الكتابة فقتلت ولدها عمدا فقال السيد : أنا اقتلها أيكون ذلك له ؟ قال : قال مالك في الوالد يقتل ولده : إنه لا يقاد منه إلا أن يكون عمد لقتله مثل أن يضجعه فيذبحه فأما ما رماه أو ضربه به أو حذفه به فإنه لا يقاد منه فكذلك مسألتك على هذا
في عبد المكاتب يجرح فيريد المكاتب أن يقتص ويأبى سيده إلا العفو وأخذ العقل
قلت : أرأيت مكاتبا قتل عبد له عمدا فأراد أن يقتص وأبى سيد المكاتب إلا العفو ويأخذ العقل من القاتل أو قيمة عبده ؟ قال : أرى أن يكون ذلك للسيد لأن السيد يمنعه من هبة ماله ومن صدقته ولو أراد المكاتب أن يعفو عن قاتل عبده في عمد أو خطأ لم يكن ذلك له إذا أبى السيد ولكن يقال لسيد العبد القاتل إذا عفا السيد : ادفع عبدك إلى المكاتب أو افده بقيمة عبد المكاتب المقتول قال : ولقد سألت مالكا عن العبد يجرح العبد عمدا فيقول سيد العبد المجروح : لا أقتصق ولكن آخذ هذا الجاني على عبدي أو يدفع إلي دية جرح عبدي فيقول سيد الجارح : ليس ذلك لك ولكن اقتص أن القول في ذلك قول سيد العبد المجروح ويخير سيد الجارح فإما أسلم عبده بجنايته وإما افتكه بثمن جرح العبد المجروح قال مالك : وكذلك هذا في القتل هو مثل ما وصفت لك فأرى مسألتك تشبه هذا وليس للمكاتب أن يترك مالا قد وجب له من دية عبد كان له لأنه لا يجوز له معروف في ماله إذا منعه سيده - في قول مالك - إلا أن يؤدي المكاتب جميع ما عليه من الكتابة ويكون له أن يعفو أو يقتل وقد كتبنا آثار هذا الأصل قبل هذا
في سيد المكاتب يجني على مكاتب مكاتبه
قلت : أرأيت لو أن مكاتبا كاتب عبدا له فولد للمكاتب الثاني أولاد - حدثوا في الكتابة - ثم قتل السيد الأعلى المكاتب الثاني ؟ قال : يقال للسيد : ادفع قيمة المكاتب الثاني إلى المكاتب الأعلى فإن كان في قيمته وفاء بالكتابة كتابه الثاني عتق أولاد المكاتب الثاني وإن لم يكن فيه وفاء سعى أولاد المكاتب الثاني فيما بقي على أبيهم ويكون المكاتب الأول على حاله يسعى في بقية كتابته قلت : ولا يكون للسيد الأول أن يحبس قيمة المكاتب الثاني عن المكاتب الأول ؟ قال : لا لأن المكاتب الثاني وولده مال للمكاتب الأول وليس هو بمنزلة المكاتب الأول ولا بمنزلة ولده لأن ولد المكاتب الأول مال للسيد لأن المكاتب لا يملك ولده ولأنه لو كان له عبد فجنى عليه أحد جناية كانت الجناية للمكاتب ولم يكن للسيد الأول من ذلك شئ وإنما هذا بمنزلة البيع كأنه باعه وكذلك مكاتب المكاتب إنما هو عبد للمكاتب الأول ألا ترى أن السيد نفسه لو جنى على عبد لمكاتبه كان على سيده قيمة جناية العبد يدفعها إلى المكاتب فكذلك مسألتك قال : وهذا قول مالك
في إقرار المكاتب بالجناية والدين
قلت : أرأيت مكاتبا أقر بجناية خطأ أو أقر بدين أيلزمه ذلك ؟ قال : أما الدين فلازم له - عند مالك - في ذمته وأما الجناية فلا تلزمه لأن مالكا قال : إقرار العبد بالجناية لا يلزمه ذلك فكذلك المكاتب لا يلزمه إقراره بالجناية فإن عجز رجع رقيقا ولم يكن على السيد من إقراره بالجناية شئ ويتبعه أصحاب الدين في ذمته فإن عتق بعدما عجز لم يلزمه إقراره بالجناية قلت : وكذلك لو أن عبدا أقر بجناية فأعتقه سيده لم يلزمه عقل الجناية في قول مالك ؟ قال : لا
في المكاتب يموت وعليه دين وجناية
قلت : أرأيت لو أن مكاتبا مات وترك مالا وعليه دين للناس وجناية خطأ كان جناها ؟ قال : أهل الدين أولى بماله من أهل الجناية لأن الجناية في رقبته والدين ليس في رقبته قلت : فإن مات المكاتب ولا دين عليه وقد جنى جناية خطأ ؟ قال : أهل الجناية أولى بماله من سيده لأن جنايته في رقبته وفي ماله وإن كان جنى وعليه دين فإنما جنايته في رقبته والدين في ماله وقال مالك : في العبد يجني جناية : إن ماله ورقبته في جنايته يقال للسيد : ادفعه وماله أو افده بجميع عقل جنايته فقيل لمالك : فإن كان عليه دين ؟ قال : دينه أولى بماله وجنايته في رقبته قلت : فإن عجز المكاتب عن أداء العقل فأداه عنه سيده أيكون على كتابته أم يكون عبدا في قول مالك ؟ قال : إذا لم يقو على أداء الجناية رد رقيقا وخير سيده فإن شاء افتكه وإن شاء دفعه وقال مالك في العبد يجر الجريرة وله مال وعليه دين : إن ماله في دينه وجريرته في رقبته فكذلك كان ما قال مالك قلت : فإن مات المكاتب وترك ولدا حدثوا معه في الكتابة ولم يترك مالا وعلى المكاتب دين للناس وجنايات كان جناها ؟ قال : قال مالك : الجنايات في رقبة المكاتب والمكاتب إذا مات وليس له مال بطلت الجناية - عند مالك - إذا لم يكن للمكاتب مال وأما دين المكاتب فإن مالكا قال : دينه في ماله فإن مات هذا المكاتب ولا مال له فلا شئ للغريم وقد بطل دينه قلت : أفلا يكون لغريم المكاتب فيما في يدي الابن من المال قليل ولا كثير ؟ قال : نعم لا شئ له مما في يدي الابن إذا لم يكن ذلك مالا للأب ولا يلزمه من دينه قليل ولا كثير لأن مالكا قال : دين المكاتب في ماله والابن ليس بماله فما اكتسب الابن الذي حدث في الكتابة من مال فليس لأبيه أن ينزعه منه إلا أن يعجز ولابنه مال ظاهر فيأخذ من مال الابن الكتابة إذا كانت قد حلت وإلا فما حل منها فهذا يدلك على أن دين المكاتب لا يكون على ابنه وهذا كله منه قول مالك ومنه رأيي ولا يكون على الابن من جناية أبيه شئ وإذا اجتمعت الجناية والدين على المكاتب وقد مات وله مال فديته أولى بماله فإن فضلت فضلة كانت لأهل الجناية حتى يستوفوا الجناية لأن مالكا قال : كل عبد جنى جناية فإن سيده مخير فيها فإذا مات العبد قبل أن يخير السيد بطلت الجناية فالولد في هذا الوجه بمنزلة السيد يخيرون إن كان أبوهم حيا إذا لم يكن فيه قوة على أداء الجناية في أن يؤدوا أو يعجزوا فإذا مات أبوهم سقط عنهم ما كان لأولياء الجناية من الجناية كما يسقط على السيد ما كان لهم من جنايتهم حين مات المكاتب إلا أن يكون له مال ولو قام بذلك ولي الجناية في حياة الأب واختاروا المضي على الكتابة فإنه إن مات الأب قبل أن يؤدي الجناية لم يسقط عنهم منها قليل ولا كثير قال مالك : ولو أن سيد المكاتب عجل له عتقه أو أعتق رجل عبده فكتب السيد عليهما مالا يدفعانه إلى السيد دينا له عليهما وعجل لهما العتق وثبتت حرمتهما ثم ماتا أو فلسا لم يدخل السيد على الغرماء وكان أهل الدين أولى بمالهم من السيد لأن السيد إنما يتبعه بثمن رقبته وليس له فيما في يدي العبد قليل ولا كثير وإن بقي له من ماله بقية بعد تأدية الدين حين فلسوه أخذه السيد الذي عجل له العتق وإن كان مكاتبا لم يكن للسيد أن يدخل على العبد فيما بقي له وكان على نجومه الأولى وليس يقدر السيد أن يفلس مكاتبه إلا إذا عجز عن أداء النجوم فإنه يقوم عند محلها فينظر في حال العبد في العجز والأداء
في المكاتبة تجني جناية ثم تلد ولدا ثم تموت الأم
قلت : وقال ابن القاسم في مكاتبة جنت جناية ثم ولدت ولدا فماتت : إنه لا يكون على الولد من الجناية شئ إذا ماتت الأم قال : وبلغني عن مالك أنه قال في الأمة إذا جنت جناية ثم ولدت بعد الجناية وماتت الأم : إنه لا شئ لولي الجناية على الولد ولا على
السيد وإنما حقهم في رقبة الأم فقد ذهبت الأم قال مالك : والولد ليس بمال لها فيتبعها فيه أولياء الجناية فيكون ذلك في رقبته قال مالك : ولو لم تكن ماتت لم تكن الجناية إلا في رقبتها ولا يكون ولدها في جنايتها وإن كانت الجنابة قبل أن تلد أخبرنيه عن مالك غير واحد ممن أثق به
كتاب الديات
ما جاء في ديات أهل الكتاب ونسائهم والعاقلة تغرم الدية في ثلاث سنين
قلت لابن القاسم : كم ديات أهل الكتاب - في قول مالك - ودية نسائهم ؟ قال : دية أهل الكتاب على النصف من دية المسلمين رجالهم على النصف من دية رجال المسلمين ونساؤهم على النصف من دية نساء المسلمين وأما المجوس فإن ديه رجالهم ثمانمائة درهم ودية نسائهم أربعمائة درهم وجراحاتهم في دياتهم على قدر جراحات المسلمين من دياتهم قال : وهذا كله قول مالك قلت أرأيت المسلم إذا قتل الذمي خطأ هل تحمله العاقلة ؟ قال : نعم تحمله العاقلة قلت : ففي كم تحمله العاقلة : أفي ثلاث سنين أو أقل من ذلك أو أكثر في قول مالك ؟ قال : لم أوقف مالكا على هذا ولكني أرى أن العاقلة تحمله في ثلاث سنين لأن مالكا قال في الدية : تحملها العاقلة في ثلاث سنين قلت : ودية المرأة المسلمة في كم تحملها العاقلة ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال في الدية تحمل على العاقلة في ثلاث سنين وأنا أرى الديات كلها دية الرجل ودية المرأة ودية النصراني ودية النصرانية إذا وقعت : إنها تنجم في ثلاث سنين ثلاث سنين قلت : أرأيت دية المجوسي ودية المجوسية أتنجم أيضا على العاقلة في ثلاث سنين ؟ ودية نساء أهل الكتاب كذلك أيضا ؟ قال : نعم ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك أن مالكا قال : الدية تحملها العاقلة في ثلاث سنين
ما جاء في المسلم يجني على المسلمة ثلث ديتها أو على المجوسي أو على المجوسية
قلت : أرأيت المرأة المجوسية إذا جنى عليها الرجل المسلم جناية خطأ تبلغ ثلث ديتها أتحملها العاقلة ؟ قال : نعم تحمل ذلك العاقلة إذا بلغت الجناية ثلث دية المجني عليه أو ثلث دية الجاني - في قول مالك - لأن مالكا قال في الرجل يجني على المرأة فيبلغ ثلث دية المرأة : إن عاقلة الرجل تحمل ذلك وتفسير ذلك لو أن رجلا قطع من المرأة أصبعين خطأ حملت ذلك عاقلته لأن عشرين من الإبل أكثر من ثلت دية المرأة قلت : فلو أن امرأة جنت على رجل فقطعت من الرجل أصبعين خطأ ؟ قال : قال مالك : تحمله العاقلة لأنه أكثر من ثلث ديتها وإنما ينظر في هذا إلى الجاني إذا جنى فإن كان قد جنى ما يبلغ ثلث ديته فإن ذلك على العاقلة وإن كانت جنايته لا تبلغ ثلث ديته نظرت فإن كانت تبلغ ثلث دية المجني عليه حملته العاقلة أيضا قلت : وأصل هذا إن كانت الجناية تبلغ ثلث دية الجاني أو ثلث دية المجني عليه حملته العاقلة في قول مالك ؟ قال : نعم
ما جاء في المجوسي والمجوسية يجنيان على المسلم ثلث دية والنصراني يجني على المسلم ثلث دية
قلت : فلو أن مجوسية جنت على رجل من المسلمين ما يبلغ ثلث ديتها هي أيحملها أهل خراجها ؟ أو رجلا من المجوس جنى على رجل من المسلمين ما يبلغ ثلث دية المجوس أيحمل أهل خراجه هذه الجناية أم لا ؟ وقد قلت أن مالكا قال ؟ إن لهم عواقل وهم أهل خراجهم قال : أرى في المرأة أن أهل خراجها يحملون ذلك قلت : ويحملون جناية نسائهم إذا جنت المرأة منهم ما يبلغ ثلث ديتها ؟ قال : نعم ويحمل الرجل ذلك منهم ولا يكون من ذلك على النساء شئ قلت لمالك : والنصراني إذا جنى جناية من يحمل ذلك ؟ قال : أهل جزيته وهم أهل كورته الذين خراجه معهم
ما جاء في قيمة عبد النصارى والمجوس
قلت : أرأيت عبيدهم إذا هم قتلوا ما على القاتل ؟ قال : عبيدهم - عند مالك - سلعة من السلع على القاتل مبلغ قيمته ما بلغت وإن كانت مائة ألف بمنزلة عبيد المسلمين على قاتل العبد من عبيدهم قيمته بالغة ما بلغت وإن بلغت مائة ألف لأن العبد سلعة من السلع وهذا قول مالك إلا أن في مأمومته وجائفته في كل واحدة ثلث ثمنه وفي منقلته عشر ثمنه ونصف عشر ثمنه وفى موضحته نصف عشر ثمنه وفيما بعد هذه الأربع الخصال مما يصاب به العبد ما نقص من ثمنه وهو قول مالك
ما جاء في أهل الذمة إذا جنى بعضهم على بعض أتحمله العاقلة ؟
قلت : أرأيت أهل الذمة إذا قتل بعضهم بعضا أتحمله عواقلهم ويحكم السلطان بينهم أم لا ؟ قال : أرى أن ذلك على عاقلته إذا كان خطأ لأن مالكا قال : إذا قتل النصراني رجلا من المسلمين خطأ إن عاقلة النصراني تحمل ذلك وقال مالك : وما تظالموا به بينهم فإن السلطان يحكم بينهم فيه فأرى أنا أن عاقلته تحمل ذلك قال :
وقال مالك : إذا جنى الرجل على المرأة جناية تبلغ ثلث دية المرأة ؟ فإن العاقلة تحمل ذلك أيضا قال مالك : وهذا أبين عندي من المرأة إذا جنت على الرجل جناية تبلغ ثلث ديتها فإن العاقلة تحمل ذلك أيضا قال مالك : والأول أبين عندي قلت : فما قول مالك في الدية أهي على أهل الديوان أم على القبائل ؟ قال : قال مالك : إنما العقل على أهل القبائل أهل ديوان كانوا أو غير أهل ديوان قلت : فلو أن رجلا من قبيلة من قبائل العرب جنى جناية بأرض مصر وليس بمصر من قومه أحد وقومه بالعراق أو باليمن فجنى جناية بمصر أيضم إليه أقرب القبائل إليه من قومه بمصر فيحملون جنايته أم تجعل جنايته على قومه حيث كانوا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا انقطع البدوي إلى الحضر فسكن الحضر عقل معهم ولا يعقل أهل الحضر مع أهل البدو ولا أهل البدو مع أهل الحضر وقال مالك : إن أهل مصر لا يعقلون مع أهل الشام وأهل الشام لا يعقلون مع أهل مصر ولكن إن كان من أهل مصر وهي مسكنه عقل عنه أهل مصر وقال مالك : إذا جرح الرجل الرجل - ولم يكن في قومه من يحمل عقله لقلتهم - ضم إليهم أقرب القبائل إليهم فإن لم يكن فيهم قوم يحملون العقل ضم إليهم أيضا أقرب القبائل منهم حتى يكون فيهم من يحمل العقل قال : قلت لمالك : فكيف تحمل العاقلة العقل ؟ قال مالك : على الغني بقدره وعلى من دونه بقدره قال مالك : وإنما على ذلك قدر طاقة الناس في يسرهم قلت : فهدا الذي تحول إلى مصر فسكنها أهو بمنزلة المصريين ؟ قال : نعم إذا تحول إلى مصر رجل من أهل البادية أو من أهل الشام أو من أهل العراق فسكن مصر وانقطع إليها فهو بمنزلة رجل من أهل مصر قال : وقد قال مالك في البدوي ما أخبرتك أنه يصير مصريا إذا انقطع إلى مصر وقد قاله في الشامي إذا تحول إلى مصر إنه يصير مصريا ويعقل معهم قلت : فإن جنى الرجل الذي تحول إلى مصر جناية - وقومه بالشام ومنهم بمصر - والذين بمصر لا يحملون الجناية لقلتهم ولسعة الدية أيضم إليهم أقرب القبائل منهم أم يحمل قومه الذين بالشام الدية وإنما كان تحول من الشام إلى مصر ؟ قال : إذا تحول إلى مصر فسكنها فهو من أهل مصر كما أخبرتك ولا يحمل أهل الشام جناية أهل مصر ولا أهل مصر جناية أهل الشام فقد قال مالك في أهل الشام : لا يحملون جناية أهل مصر ولا أهل مصر يحملون جناية أهل الشام لأن مالكا قال في أهل البدو : لا يحملون جناية أهل الحضر وأهل الحضر لا يحملون جناية أهل البدو فأرى أن يضم إليه أقرب القبائل فيحملون الدية كما وصفت لك قلت : فإن لم يكن لهذا الرجل بمصر من قومه أحد يحمل جنايته ضمت إليه أقرب القبايل إلى قومه فيحطون جريرته ؟ قال : نعم قلت : لم قال مالك إن أهل البدو لا يحملون مع أهل الحضر وأهل الحضر لا يحملون مع أهل البدو ؟ قال : ابن القاسم : لأنه لا يستقيم أن يكون في دية واحدة إبل ودنانير أو إبل ودراهم أو دراهم ودنانير فهذا تفسيره وما سمعت من مالك فيه شيئا فأما أهل الشام وأهل مصر فهم أجناد وقد جندت فكل جند عليهم جرائرهم دون من سواهم من الأجناد
ما جاء في الصبي والمجنون إذا جنوا وفي دية الجنين إذا كان ذكرا
قلت : أرأيت الصبي والمجنون ما جنيا من عمد أو خطأ بسيف أو غير ذلك أهو خطأ كله ؟ قال : قال مالك : نعم تحمله العاقلة إذا كان مبلغ الثلث فصاعدا وإن كان أقل من الثلث ففي أموالهم وإن لم يكن لهم مال كان ذلك دينا عليهم يتبعون به وإن كان المجنون يفيق ويجن فما أصاب في حال جنونه فهو بمنزلة ما وصفت لك وما أصاب في حال إفاقته فهو والصحيح سواء يقام ذلك كله عليه إن كان عمدا وإن كان خطأ حملته العاقلة إن كان مما تحمله العاقلة قلت : أرأيت المجنون الذي يجن ويفيق
إذا قطع يد الرجل عمدا أو افترى على رجل أو فقأ عينه وذلك في حال إفاقته ثم انتظر به براء الجراح فلما برئت الجراح قدم إلى السلطان وهو معتوه في حال جنونه - وهو يجن في رأس كل شهر ثلاثة أيام - أتقيم عليه جرائره هذه أم تنتظر به حتى يفيق ثم تقيم عليه ما جنى ؟ قال : أرى أن يؤخر حتى يفيق وهو قول مالك
دية الجنين جنين الحرة
قلت : أرأيت الجنين في الدية إن كان الجنين جارية ؟ قال : الذكر والأنثى فيه سواء - عند مالك - في الدية ففيها الغرة جارية كان أو غلاما قلت : أرأيت إن ضربها رجل فألقته ميتا مضغة أو علقة ولم يتببن من خلقه أصبع ولا عين ولا غير ذلك أتكون فيه الغرة أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا ألقته فعلم أنه حمل وإن كان مضغة أو علقة أو دما ففيه الغرة وتنقضي به العدة من الطلاق وتكون به الأمة أم ولد قلت : أرأيت الجنين إذا ضربه رجل فألقته أمه ميتا أتحمله العاقلة أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا تحمله العاقلة وإنما هو في مال الجاني
ما جاء في امرأة من المجوس أو رجل من المجوس ضرب بطن امرأة مسلمة فألقت جنينها ميتا
قلت : فلو إن امرأة من المجوس أو رجلا من المجوس ضرب امرأة من المسلمين فألقت جنينا ميتا أيكون ذلك على عاقلتهم لأنه أكثر من ثلث دية الجارح ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى إن كان خطأ حملته عاقلتهم لأنه أكثر من ثلث دية الجارح وإن كان عمدا كان في مال الجارح لأن مالكا قال في المرأة تجرح رجلا فيبلغ ذلك ثلث ديتها : إن العاقلة تحمل ذلك عنها فكذلك المجوس ما أصابوا مما يكون في ذلك ثلث ديتهم رجلا كان الذي جنى أو امرأة فإن عاقلتهم تحمل ذلك عنهم قلت : أرأيت إن ضرب بطنها فألقت جنينا ميتا أيكون على الضارب الكفارة أم لا ؟ قال : قال مالك : الذي جاء في كتاب الله في الكفارة إنما ذلك في الرجل الحر إذا قتله خطأ ففيه الكفارة قال مالك : وأنا أستحسن أن يكون في الجنين الكفارة قال : قال مالك : وكذلك في الذمي وفي العبد إذا قتلا أرى فيهما الكفارة وأرى في جنينهما الكفارة قلت : أرأيت إن ضربها رجل خطأ فماتت فخرج جنينها من بعد موتها ميتا أيكون في الجنين غرة ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى فيه غرة لأنه إنما خرج ميتا بعد موت أمه فإنما على قاتلها الدية لأنه مات بموت أمه قلت : فكم ترى عليه أكفارتين أو كفارة واحدة ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى عليه كفارة واحدة قلت : فإن ضرب بطنها فألقت جنينها حيا ثم ماتت وفى بطنها جنين آخر ثم مات الجنين الذي خرج حيا بعد موتها أو قبل موتها ؟ قال : في الأم نفسها وفي ولدها الذي لم يزايلها - عند مالك - الدية دية واحدة والكفارة لأن الذي في بطنها لم يزايلها فلا شئ فيه لا دية فيه ولا كفارة ولم أسمع في الذي في بطنها - من مالك - في كفارته شيئا ولا أرى عليه فيه الكفارة وأما الذي خرج حيا فمات فإن كان استهل صارخا ففيه القسامة والدية وإن كان لم يستهل صارخا ففيه ما في الجنين
ما جاء في الرجل يأتي بعبد أو وليدة قيمة دية الجنين هل يجبرون على ذلك ؟
قلت : أرأيت ما جاء في الجنين من الحديث : إن فيه الغرة أرأيت إن جاءهم بعبد أو أمة أيجبرون على أخذ ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم إذا كان قيمة العبد أو الأمة خمسين دينارا أو ستمائة درهم وإن كان ذلك أقل من خمسين دينارا أو ستمائة درهم لم يكن ذلك له إلا أن يشاء المجني عليه أن يأخذ ذلك منه قلت : أرأيت الذي خرج قبل موت أمه ميتا أو حيا فمات قبل موتها ثم ماتت هي بعده أترث الأم من ديته شيئا أم لا ؟ وكيف إن كان حيا فماتت الأم قبله ثم مات هو بعدها وقد استهل صارخا يرث هذا أمه أم لا ؟ قال : نعم يرث بعضهم بعضا في مسائلك هذه قلت : أرأيت إن ضرب رجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا وقد مات أبوه قبل ذلك ولأبيه امرأة أخرى حامل فولدت بعد خروج الجنين ولدا حيا أيرث من دية هذا الجنين شيئا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : دية الجنين موروثة على فرائض الله فأرى لهذا الولد من هذا الأخ الجنين ميراثه منه لأنه كان حيا يوم خروج الجنين ميتا ووجبت فيه الدية ألا ترى أن ميتا لو مات ولأبيه امرأة حامل ولا ابن للميت أن للحمل ميراثه من هذا الميت إذا خرج حيا فكذلك مسألتك في الجنين قلت : وكذلك لو ضرب بطنها فألقت جنينا ميتا ثم خرج آخر حيا فعاش أو استهل صارخا فمات مكانه كان لهذا الذي خرج حيا ميراثه من هذا الذي خرج ميتا في قول مالك ؟ قال : نعم لأن مالكا قال : دية الجنين موروثة على فرائض الله قلت : وسواء إن كان خرج الجنين ميتا قبل أخيه الحي أو بعده ؟ قال : نعم هو سواء وهو يرثه إذا كان خروجه بعده وهو حي قال : وقال مالك : ولو أن الوالد ضرب بطن امرأته فألقت جنينا ميتا فإن الأب لا يرث من دية الجنين شيئا ولا يحجب وهي موروثة على فرائض الله وليس للأب من ذلك شئ قلت : أرأيت جنين الذمية كم فيه ؟ قال : عشر دية أمه أو نصف عشر دية أبيه وهو سواء قلت : الذكر والأنثى في هذا سواء ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الذي ضرب بطن امرأته فألقت جنينا ميتا أعمده وخطؤه سواء في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن ضرب بطنها عمدا فألقت جنينا حيا فمات بعدما استهل صارخا ؟ قال : الذي سألت مالكا عنه إنما هو في الخطأ وأنا أرى فيه الدية بقسامة إذا كانت الأم مسلمة والأب مسلم وإن ضرب رجل بطنها عمدا فألقت جنينا حيا ثم استهل صارخا ثم مات فإن فيه القسامة يقتسمون على من فعل ذلك به ويقتلونه - قال ابن القاسم : لا يكون العمد في المرأة إلا أن يضرب بطنها خاصة تعمدا فذلك الذي يكون فيه القصاص بقسامة قلت : أرأيت إن أسلمت امرأة النصراني وهي حامل فضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا ؟ قال : لا قسامة في هذا وفيه نصف عشر دية أبيه لأن مالكا قال في النصرانية إذا أسلمت وفي بطنها جنين إن في جنينها ما في جنين النصرانية كذلك قال لي مالك قال ابن القاسم : ولو استهل صارخا ثم مات حلف ورثته يمينا واحدة واستحقوا ديته وذلك أن مالكا قال في النصراني يقتل فيأتي ولاته بشاهد من المسلمين عدل : إنهم يحلفون يمينا واحدة ويستحقون الدية على من قتله مسلما كان أو نصرانيا فكذلك جنين النصرانية إذا استهل صارخا فإنما فيه يمين واحدة لمات مما فعل به واستحقوا ديته
ما جاء في قيمة جنين الأمة وأم الولد وفي الأب يجني على ابنه بخطأ
قلت : أرأيت ما جاء في الجنين من الحديث : إن فيه الغرة أرأيت إن جاءهم بعبد أو أمة أيجبرون على أخذ ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم إذا كان قيمة العبد أو الأمة خمسين دينارا أو ستمائة درهم فإن كان ذلك أقل من خمسين دينارا أو ستمائة درهم لم يكن ذلك له إلا أن يشاء المجني عليه أن يأخذ ذلك منه قلت : أرأيت قيمة الغرة في الدراهم إنما هي ستمائة درهم في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الأمة كم في جنينها ؟ قال : في جنينها عشر قيمتها كجنين الحرة من دية أمه وهو قول مالك قلت : أرأيت إن كان لجنين الأمة أب وهو عبد أو حر هل يلتفت إلى قيمته أو يجعل فيه نصف عشر قيمة الأب إذا كان عبدا أم لا ؟ قال : لا يلتفت في جنين الأمة إلى والده عبدا كان أو حرا إنما فيه عشر قيمة أمه وهو قول مالك إلا أن مالكا قال في جنين أم الولد إذا كان من سيدها : إن فيه ما في جنين الحرة قلت : أرأيت إن قتل الأب ابنه خطأ أيكون ذلك على العاقلة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ولا يرث من ديته شيئا ؟ قال : نعم لا يرث من ديته شيئا - عند مالك - ويرث من ماله قلت : وإذا كان عمدا لم يرث من ديته شيئا ولا من ماله ؟ قال : نعم كذلك قال مالك قلت لابن القاسم : ما فرق ما بين الجنين إذا ضربت أمه فألقته ميتا ؟ قال مالك : فيه دية الجنين بغير قسامة خطأ كان أو عمدا وإذا ضربها فألقته حيا فاستهل صارخا ثم مات بعد ذلك قال مالك : فيه القسامة أو ديته على العاقلة قال : بمنزلة رجل ضرب فتكلم وعاش أياما ثم مات ففيه القسامة والذي لم يتكلم حتى مات فلا قسامة فيه وكذلك الجنين إذا خرج ميتا فلا قسامة فيه وأما إذا خرج حيا قد استهل ثم مات فلا يدرى أمن ضربته مات أو من غير ذلك من شئ عرض له بعد خروجه ففيه القسامة قلت : فإن كان ضربها عمدا فألقته حيا فاستهل ثم مات ؟ قال : إنما سألت مالكا عن المرأة إذا ضربها رجل خطأ فألقته حيا فاستهل صارخا ثم مات قال مالك : فيه القسامة والعقل وأرى في العمد في مسألتك القسامة والقود
في رجل وصبي قتلا رجلا عمدا أو ضربه الصبى خطأ والرجل عمدا
قلت : أرأيت إذا اجتمع في قتل رجل صبي ورجل فقتلاه عمدا ؟ قال : قال مالك : على عاقلة الصبي نصف الدية ويقتل الرجل - قلت : ذلك لو كانت رمية الصبي خطا ورمية الرجل عمدا فمات منهما جميعا ؟ قال : الذي أرى وأستحب أن تكون الدية عليهما جميعا لأني لا أدري من أيهما مات وإنما قال مالك إذا كان العمد منهما جميعا قال ابن القاسم : قال مالك : كل من قتل عمدا - فعفى عنه وكان القتل ببينة أثبتت عليه أو بقسامة استحق الدم بها قبله عمدا فعفي عنه - قال مالك : فإنه يجلد مائة ويحبس عاما قال ابن القاسم : وبلغني عن مالك أنه قال : إذا قتل رجل مسلم ذميا عمدا أو عبدا عمدا فإنه يضرب مائة ويسجن عاما قلت : وكذلك لو أنه أقر أنه قتل ولي هذا الرجل عمدا فعفا عنه هذا الرجل أيضرب هذا الرجل مائة ويسجن عاما ؟ قال : نعم كذلك قال مالك : إنه يضرب مائة ويسجن عاما قلت : أرأيت لو أن رجلا من أهل الذمة أو عبد الرجل من المسلمين أو لرجل في أهل الذمة قتلا رجلا من المسلمين أو من أهل الذمة أتضربهما مائة وتحبسهما عاما في قول مالك ؟ قال : قال مالك في
الذي يقتل عمدا فيعفوا أولياء الدم عنه : إنه يضرب مائة ويحبس عاما فأرى في هذا أنهما يضربان مائة ويحبسان عاما كل من قتل عمدا إذا عفي عنهم عبيدا كانوا أو أماء أو أحرارا مسلمين كانوا أو ذميين أو عبيدا لأهل الذمة فهم في ذلك سواء قلت : فإن قتل عبد لرجل وليا لي عمدا فعفوت عنه ولم أشترط أني إنما عفوت عنه على أن يكون لي أو لسيده أيكون لي أو لسيده ؟ قال : سألت مالكا عن الرجل يعفو عن الدم في العمد والقاتل حر ولا يشترط الدية ثم طلب الدية بعد ذلك قال : قال مالك : لا شئ له إلا أن يعرف له سبب أراده فيحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما عفوت عنه إلا على أخذ الدية وما كان عفوي عنه تركا للدية ثم يكون ذلك له وكذلك العبد ليس فيه شئ إلا أن يعرف أنه إنما عفا عنه ليستحييه لنفسه فإن عرف ذلك كان ذلك له وكان سيده بالخيار قلت : فلو عفا ولي الدم إذا كان عمدا من العبد على أن يأخذه وقال سيد العبد : لا أدفعه إليك إما أن تقتل وإما أن تترك ؟ قال : لا ينظر إلى قول سيد العبد ويأخذه هذا الذي عفا عنه على أن يكون له العبد كذلك قال مالك إلا أن يشاء رب العبد أن يدفع إليه الدية ويأخذ العبد فذلك له قلت : أرأيت إن عفوت عن هذا العبد على أن يكون العبد لي - وقد قتل وليي عمدا فأخذته - أيضرب مائة ويسجن عاما في قول مالك ؟ قال : نعم وذلك رأيي
ما جاء في الرجل من أهل البادية ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا
قلت : أرأيت لو أن رجلا من أهل البادية من أهل الإبل ضرب بطن امرأة من أهل البادية فألقت جنينا ميتا أيكون فيه الإبل أم الدنانير - على الضارب - أم الغرة أم الدراهم ؟ قال مالك : في الغرة التي قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمران من الرقيق أحب إلي من السودان إلا أن تكون الحمران من الرقيق قليلة في الأرض التي يقضي فيها بالغرة فيؤخذ من السودان قال : وقال مالك : والقيمة في ذلك خمسون دينارا أو ستمائة درهم وليس القيمة عندنا كالسنة التي لا اختلاف فيها وأنا أرى ذلك حسنا قال ابن القاسم : ففي هذا - من قول مالك - ما يدلك على أن دية الجنين إذا وقعت على أهل الإبل أن عليهم غرة وليست بإبل وقد قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة - والدية يومئذ إبل عند النبي عليه السلام - وإنما قضى بالغرة على أهل الإبل ولم يجعل عليهم الإبل وإنما قوم عمر بن الخطاب رحمه الله الدية من الإبل على أهل الذهب والورق حين صارت أموالهم ذهبا وورقا وترك دية الإبل على أهل الإبل على حالها - والغرة إنما هي سنة من النبي صلى الله عليه وسلم قائمة عبدا أو وليدة - ألا ترى أن مالكا قال : ليس الخمسون دينارا في الغرة ولا الستمائة درهم كالسنة القائمة واستحسنه والدية فيه إنما هو عبد أو وليدة ألا ترى أن في حديث ابن شهاب الذي يذكره عنه مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بالغرة عبدا ووليدة وفي حديث سعيد بن المسيب الذي يذكره عن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبدا ووليدة وفي حديث مالك عن ربيعة أن الغرة تقوم خمسين دينارا أو ستمائة درهم وقال لي مالك في الغرة التي قضى فيها النبي عليه السلام : الحمران أحب إلي من السودان ورخص في السودان على حال ما وصفت لك إذا كان الحمران بتلك البلدة قليلا أن يؤخذ السودان وذكر في التقويم أنه ليس كالسنة فإنما دية الجنين عبدا ووليدة أينما وقعت من بلاد المسلمين وعلى من وقعت ولا يلتفت فيه إلى أهل الإبل من غيرهم وكذلك قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة على أهل الإبل في الجنين ولو كانت على أهل الإبل في الجنين إبل لكان على أهل الورق ورق وعلى أهل الذهب ذهب ولكنها على ما قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : ومما يبين ذلك أن الدية إنما كانت إبلا عندما قضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الأنصاري الذي قتل بخيبر فإنما فداه رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبل وهو بالمدينة وقضى في الغرة بعبد أو وليدة وهو يومئذ بالمدينة
الإقرار بقتل خطأ
قلت : أرأيت إذا أقر الرجل بالقتل خطأ أتجعله في ماله - في قول مالك - أم على العاقلة ؟ قال : سألت مالكا عن الرجل يقر بالقتل خطأ فقال لي مالك : أرى أن ينظر في ذلك فإن كان الذي أقر له ممن يتهم أن يكون إنما أراد غنى ولده - مثل الأخ والصديق - لم أر أن يقبل قوله وإن كان الذي أقر بقتله من الأباعد ممن لا يتهم فيه رأيت أن يقبل قوله إذا كان ثقة مأمونا ولم يخف أن يكون أرشى على ذلك ليحابي به أحدا قال : فقلت لمالك : فعلى من عقله ؟ قال : على عاقلته قال : فقلت لمالك : أفبقسامة أم بغير قسامة ؟ قال : بل بقسامة يقسم ولاة الدم ثم يستحقون الدية قبل العاقلة قلت : فإن أبى ولاة الدم أن يقسموا أتجعل الدية في مال هذا المقر ؟ قال : لا ولا أرى لهم شيئا لأن مالكا سئل عن الرجل يضرب فيقول : فلان قتلني خطأ أترى أن يقبل قوله ؟ قال : قال مالك : نعم قلت : فالعقل على من هو أعلى القاتل في ماله أم على عاقلته ؟ قال : قال مالك : بل على عاقلته إن أقسموا وإلا لم يكن لهم في مال الذي ادعى عليه شئ فكذلك إقرار هذا بالخطأ لأن الدية لا تجب - في قول مالك - على المقر بإقراره إنما تجب على عاقلته ولا تثبت إلا بقسامة وكذلك قال لي مالك : لا شئ عليه في ماله قلت : أرأيت هذا الذي أقر بالقتل خطأ وأقسم الذين أقر لهم فوجبت الدية لهم على عاقلة هذا الذي أقر بها أتجعلها عليهم في ثلاث سنين في قول مالك ؟ قال : نعم إذا وجبت عليهم فإنما هي في ثلاث سنين عند مالك قلت : أرأيت إن اشترك عشرة رجال في قتل رجل خطأ - وهم من قبائل شتى - أتجعل على كل قبيلة عشر الدية في ثلاث سنين ؟ قال : نعم كذلك قال مالك قال : وقال مالك : إذا وقع ثلث الدية على عشرة رجال من قبائل شتى حملته عنهم العاقلة قال مالك : وإن جنى رجل واحد أقل من الثلث لم تحمله العاقله لأن الجناية أقل من الثلث وإنما تحمل العاقلة الجناية إذا كانت الثلث فصاعدا وقعت على واحد أو على جماعة فإن العاقلة تحمله بحال ما وصفت لك قلت : أرأيت إن أقر رجلان بقتل رجل عمدا أو خطأ وقالا : قتله فلان معنا ؟ قال : أما في العمد فلا يقبل قولهما لأنهما غير عدلين لأنهما إنما أقرا ولا تحمل العاقلة اعترافا لا بقسامة من ولاة الدم قلت : أفيقسم ولاة الدم على الذي قالا فيه قتله معنا وهو ينكر ؟ قال : نعم قلت : لم ؟ قال : لأن قول هذين : قتلة فلان معنا لوث بينة ولو كانت شهادة تامة لجعلتها بغير قسامة وأجزتها كلها قلت : أرأيت إن قال ولاة الدم : نحن نقسم عليكما وندع هذا المنكر أيكون ذلك لهم ؟ قال : لا قلت : فإن قالوا : نحن نقسم على ثلثي الدية أيكون ذلك لهم ؟ قال : لا أعرف القسامة تكون إلا في الدية كاملة قال : سحنون : اختلف في هذه المسألة أصحابنا على قولين : المخزومي وغيره قال بعضهم : لا تحمل العاقلة اعترافا ولا إقرارا وتكون الدية على المقرين في أموالهما ولا يقبل قولهما إن فلانا قتله معنا خطأ لأنهما يريدان أن يدفعا عن أنفسهم بعض الغرم بشهادتهما وقال بعضهم : إن العاقلة تحمل الاعتراف من غير قسامة لأن الدية قد ثبتت بشاهدين وقال المخزومي : إذا أقر رجل واحد أنه قتل رجلا خطأ فإنما تكون الدية في ماله ولا يقبل قوله إن فلانا قتله معي فإن كان مع إقراره شاهد واحد يشهد على القتل خطأ أخرجه الشاهد من الغرم والإقرار وكانت القسامة لأولياء المقتول مع الشاهد ابن مهدي عن مبارك بن فضالة أن الحسن قال في قوله تعالى : { ولقاهم نضرة وسرورا } [ سورة الدهر : 11 ] قال نضرة : حسنا في الوجوه وسرورا : في القلوب ابن مهدي عن مهدي بن ميمون عن غيلان بن جرير عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال : صلاح قلت : صلاح عمل صلاح عمل صلاح فيه موسى بن معاوية عن يوسف بن عطية عن قتادة عن أنس بن مالك قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع مناديا ينادي الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ خرج من النار ] فابتدرناه فإذا هو شاب حبشي يرعى غنما له في بطن واد فأدركته صلاة المغرب فأذن لنفسه
ما جاء في أعور العين اليمنى يفقأ عين رجل اليمنى وفي القصاص في اليد وفي الأسنان
قلت : أرأيت أعور العين اليمنى فقأ عين رجل اليمنى خطأ كم يكون عليه ؟ قال : نصف الدية على عاقلته وهذا قول مالك قلت : فإن فقاها عمدا ؟ قال ابن القاسم : سألت مالكا عنها فقال لي : إنما هي عندي بمنزلة اليد والرجل مثل لو أن رجلا أقطع اليمنى قطع يمين رجل أو قطع الرجل اليمنى قطع رجل رجل اليمنى إنه لا قصاص فيه لكن فيه الدية قال : فقلت لمالك : فالعين مثل ذلك ؟ قال : نعم واليد والرجل مما لا اختلاف فيه من قوله إنه لا يقتص لليسرى باليمنى ولا لليمنى باليسرى ففي الذي قال لي مالك دليل على أن العين كذلك أيضا لا يقتص عين يمنى بيسرى ولا يسرى بيمنى والأسنان أيضا كذلك الثنية بالثنية والرباعية بالرباعية والعليا بالعليا والسفلى بالسفلى ولا تقاد سن إلا بمثلها سواء في صفتها ومواضعها لا غير ذلك ويرجع ذلك إلى العقل إذا لم يكن له مثل الذي طرح له فيقتص له منه قلت لابن القاسم : فإذا كان لا قصاص فيه فكم العقل فيه وعلى من العقل ؟ قال : العقل خمسمائة دينار في مال هذا الأعور الجاني وهذا قول مالك
ما جاء في الأعور يفقأ عين الصحيح
قال : سألنا مالكا عن الأعور يفقأ عين الصحيح فقال : إن أحب الصحيح أن يقتص اقتص وإن أحب فله دية عينه ثم رجع بعد ذلك فقال : إن أحب أن يقتص اقتص وإن أحب فله دية عين الأعور ألف دينار وقوله الآخر أعجب إلي إنما هو في الأعور إذا فقأ عين رجل - وعين الأعور الباقية هي مثل تلك العين - تكون عين الأعور اليمنى باقية فيفقأ عين رجل اليمنى أو تكون اليسرى باقية فيفقأ عين رجل اليسرى - فأما رجل أعور العين اليمنى فقأ عين رجل اليمنى فهذا لا قصاص فيه فيما سمعت من مالك وفيما بلغني عنه وليس له إلا دية عينه إن كان المفقودة عينه صحيحة عينه فخمسمائة دينار وإن كان أعور فألف دينار لأنه لا قصاص له في عين الجاني ولأن دية عين الأعور عند مالك ألف دينار قلت : أرأيت لو أن رجلا أعمى فقأ عين رجل عمدا أتحمله العاقلة أم يكون ذلك في ماله في قول مالك ؟ قال : ذلك في ماله عند مالك ولا تحمله العاقلة قلت : أرأيت لو أن رجلا ذهب سمع إحدى أذنيه فضربه رجل فأذهب سمع أذنه الأخرى أتكون عليه الدية كاملة أم نصف الدية في قول مالك ؟ قال : بل عليه نصف الدية عند مالك قال : ولا تكون الدية - عند مالك - في شئ واحد مما هو زوج في الإنسان إلا في عين الأعور وحدها فإن فيها الدية كاملة عند مالك ؟ قلت : فما فرق بين السمع والبصر ؟ وقد قال مالك : إن في عين الأعور الباقية الدية كاملة وقد قال في الذي قد ذهب سمع إحدى أذنيه : إن في سمع أذنه الباقية نصف الدية فما فرق ما بينهما ؟ قال : السنة التي جاءت في عين الأعور وحده أن في عينه الدية كاملة - ألف دينار - وما سوى ذلك هو زوج في الإنسان مثل اليدين والرجلين والسمع وما أشبه هذا فإن في كل واحدة نصف الدية ما ذهب منه أول أو آخر فهو سواء
ما جاء في الرجل يشج موضحة خطأ أو مأمومة أو جائفة
قلت : أرأيت إذا ضرب رجل رجلا فشجه موضحة خطأ لم قلت لا يحكم له بدية الموضحة حتى ينظر إلى ما يصير إليه ؟ ولم قال مالك ذلك لا يقضى له بالدية إلا بعد البئر وهذا المشجوج موضحة يقول : أعطني عقل موضحتي فإن زادت موضحتي زدتني ؟ قال : ألا ترى أنه لو مات منها كانت الدية على عاقلته بعد القسامة عند مالك ؟ فأنت لا تدري على من وجبت دية الموضحة قلت : فإن كانت مأمومة خطأ أليس العاقلة تحمل ذلك ؟ قال : نعم قلت : فإن قال لك : أعطني عتل مأمومتي وتحملها العاقلة فإن مت منها حملت العاقلة تمام الدية ؟ قال : لا يكون له ذلك ألا ترى أن الدية لا تجب إن مات منها إلا بقسامة فلا بد من أن ينتظر بالعاقلة حتى يعرف ما تصير إليه مأمومته قلت : أرأيت هذا المشجوج مأمومة أليس إن مات - وقد انتظرت حتى تعرف ما تصير إليه مأمومته فأبى ورثته أن يقسموا - جعلت على العاقلة ثلث الدية لمأمومته ؟ قال : نعم قلت : فقد أوجبت في الوجهين جميعا إن مات أو عاش على العاقلة ثلث الدية - في قول مالك - فلم تجيبه بذلك ؟ قال : هذا الذي سمعنا وإنما هو الإتباع قلت : أرأيت من قلع سن صبي خطأ ؟ قال : قال مالك : ينتظر به فإن نبتت وإلا كان عليه عقل سن قال مالك : ويؤخذ العقل فيوضع على يدي عدل حتى ينظر ما تصير إليه السن فإن عادت لهيئتها لم يكن فيها شئ قلت : أرأيت هذا الصبي الذي قلعت سنه فانتظرت فمالت قبل أن تخرج سنه أو مات قبل أن يثغر هل يجب عقل السن على الذي قلعها أم لا ؟ قال : نعم قد وجب عقلها وهو قول مالك قلت : أرأيت إن قلع رجل ظفر رجل خطأ ماعليه في قول مالك ؟ قال : إن برأ وعاد لهيئته فلا شئ عليه وإن برأ على عثم كان فيه الاجتهاد قلت : فإن كان عمدا أيقتص منه ؟ قال : نعم
ما جاء في رجل شج رجلا موضحة خطأ أو عمدا فذهب منها سمعه وعقله
قلت : أرأيت إن ضرب رجل رجلا خطأ فشجه موضحة فذهب سمعه وعقله أيكون على العاقلة ديتان ودية الموضحة أيضا في قول مالك ؟ قال : نعم لأن هذا كله في ضربة واحدة فقد صارت جناية في هذه الضربة الواحدة أكثر من الثلث فالعاقلة تحمل ذلك عند مالك ألا ترى أنه لو ضرب رجل رجلا ضربة واحدة فشجه مأمومة وموضحة أن عقل الموضحة والمأمومة جميعا على العاقلة لأن هذا قد زاد على الثلث قلت : فإن ضربه عمدا فشجه مأمومة وموضحة في ضربة واحدة أو ضربه عمدا فشجه موضحة فذهب منها سمعه وعقله كيف يكون هذا في قول مالك ؟ قال : إذا شجه موضحة ومأمومة في ضربة واحدة عمدا اقتص من الموضحة وعقلت العاقلة المأمومة وإن ضربه ضربة فشجه موضحة فأذهب سمعه وعقله فإنه ينتظر بالمضروب فإذا برىء وجب على الضارب القصاص في الموضحة وينتظر به إذا اقتص منه حتى ينظر هل يذهب منها عقله وسمعه فإن برأ المقتص ولم يذهب سمعه وعقله من ذلك كان في ماله عقل سمع الأول وعقله قلت : ويجتمع في قول مالك في ضربة واحدة قصاص وعقل ؟ وذلك أن مالكا قال في الرجل يقطع أصبعه فينزا فيها فتشل من ذلك يده أو أصبع أخرى إنه يقتص منه للأصبع ويستأنى بالمقتص منه فإن برأ المقتص منه ولم تشل يده عقل ذلك في ماله وقال لي مالك : هذا أمر قديم اختلف وهذا الذي استحسنت وهو أحب ما فيه إلي
ما جاء في قياس النقصان في بصر العين وسمع الأذن
قلت : أرأيت العينين أو الأذنين كيف يعرف ذهاب السمع والبصر منهما في قول مالك ؟ قال : قال لي مالك في العين إذا أصيبت فقصر بصرها إنه تغلق الصحيحة وتقاس له التي أصيبت بأمكنة تختبر بها فإذا اتفق قوله في تلك الأمكنة قيست الصحيحة ثم نظر كم انتقصت هذه المصابة من الصحيحة فيعقل له قدر ذلك قال : قال لي مالك : والسمع كذلك قلت : فكيف يقيسون بصره ؟ قال : سمعت أنه توضع له البيضة أو الشئ في مكان فإن أبصرها حولت إلى موضع آخر ثم إلى موضع آخر فإن كان قياس ذلك سواء أو يشبه بعضه بعضا صدق وكذلك قال لي مالك قلت : فالسمع كيف يقاس ؟ قال : يختبر بالأمكنة أيضا حتى يعرف صدقه من كذبه قلت : أرأيت إن ضربه رجل ضربة فادعى المضروب أن جميع سمعه ذهب أو قال قد ذهب بصري ولا أبصر شيئا يتصامم ويتعامى أيقبل ذلك منه ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال : الظالم أحق أن يحمل عليه فأرى إذا لم يعلم ذلك أن القول قول المضروب مع يمينه
ما جاء في الرجل يضرب رجلا ضربة خطأ فقطع يده أو كفه وشل الساعد
قلت : أرأيت إن ضربه ضربة خطأ فقطع كفه فشل الساعد ما عليه في قول مالك ؟ قال : عليه دية اليد ولا شئ عليه غير ذلك لأنها ضربة واحدة فدخل الشلل والقطع جميعا في دية اليد إذا كانت ضربة واحدة قلت : أرأيت إذا كان من أهل الإبل فجنى جناية لا تحملها العاقلة لأنها أقل من الثلث أيكون على الجاني من الإبل شئ أم لا ؟ قال : نعم كذلك قال مالك في الأصبع إن الجناية على الجاني في الإبل في ماله ابنتا مخاض وابنتا لبون وابنا لبون وحقتان وجذعتان قلت : وكذلك لو جنى ما هو أقل من بعير كان ذلك عليه في الإبل ؟ قال : نعم ذلك عليه في الإبل عند مالك قلت : أرأيت إذا قتل قتيلا عمدا - والجاني من أهل الإبل أو من أهل الدنانير - فصالحوه على أكثر من الدية أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ذلك جائز على ما اصطلحوا - كان ذلك ديتين أو أكثر من ذلك - فهو جائز على ما اصطلحوا عليه قلت : أرأيت إن جنى رجل من أهل الإبل جناية خطأ فصالح عاقلته أولياء الجناية على أكثر من ألف دينار ؟ قال : أرى أن ذلك جائز إن قدموا الدنانير ولم يؤخروها لأنه يصير دينا بدين إذا أخروها ولا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن هذا رأيي في الدين بالدين قلت : أرأيت إن كانت الجناية عمدا فصالحوه على مال إلى أجل ؟ قال : هذا جائز لأن هذا ليس بمال وإنما كان دما وهو رأيي قلت : أرأيت إن صالح الذي جنى أولياء الجناية - والجناية خطأ وهي مما تحمل العاقلة - فقالت العاقلة : لا نرضى بهذا الصلح ولكنا نحمل ما علينا من الدية ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وذلك لهم لأن الدية عليهم وجبت
ما جاء في الرجل يقول قتلني فلان خطأ أو عمدا وقالت الورثة خلاف ما قال المقتول
قلت : أرأيت إن قال المقتول : دمي عند فلان قتلني عمدا أيكون لولاة الدم أن يقسموا ويقتلوا في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وكذلك لو قال المقتول : دمي عند فلان قتلني خطأ فلولاة الدم أن يقسموا ويأخذوا الدية من العاقلة في قول مالك ؟ قال : نعم وقد سألت مالكا عن ذلك فقال لي مثل ما قلت لك قلت : فلو قال المقتول : دمي عند فلان قتلني خطأ أو عمدا وقالت الورثة خلاف ما قال المقتول أيكون لهم أن يقسموا على خلاف ما قال المقتول ؟ قال : ليس لهم أن يقسموا إلا على ما قال المقتول ولم أسمعه من مالك قلت : أرأيت ما أصاب النائم من شئ أعلى العاقلة هو ؟ قال : إذا بلغ الثلث فهو على العاقلة عند مالك قال : وسئل مالك عن امرأة نامت على صبيها فقتلته ؟ قال مالك : أرى ديته على العاقلة وتعتق رقبة قلت : أرأيت إن شهد على إقرار رجل أنه قتل فلانا خطأ رجل واحد وشهد عليه رجل آخر أنه قتله خطأ أيكون على المشهود عليه شئ أم لا في قول مالك ؟ قال : سمعت مالكا يقول في الرجل يشهد عليه الرجل الواحد أنه قتل فلانا خطأ إن أولياء القتيل يقسمون ويستحقون الدية قبل العاقلة وكذلك لو أقر أنه قتل فلانا خطأ أن أولياء القتيل يقسمون ويستحقون الدية قبل العاقلة قلت : فإن شهد رجل واحد على إقرار رجل أنه أقر أنه قتل فلانا خطأ أيكون لولاة الدم أن يقسموا ويقتسموا الدية وإنما شهد على إقراره رجل واحد ؟ قال : لا يثبت ذلك من إقراره إلا بشاهدين على إقراره ويقتسمون ويستحقون ولو أن رجلا شهد على رجل أنه أقر لفلان عليه كذا وكذا ثم جحده كان للذي أقر له بذلك أن يحلف مع الشاهد على الإقرار ويستحق حقه وهذا عندي مخالف للدم - دم الخطأ - وهو رأيي قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول في العبد يجرح وله مال : إنه مرتهن بماله في جراحه فإن كان عليه دين فدينه أولى بماله من جرحه لأنه إنما جرحه في رقبته قال ابن القاسم : وسمعت مالكا يقول في المدبر إذا جرح رجلا فأسلم سيده خدمته ثم جرح آخر بعدما أسلم سيده خدمته إنهما جميعا يتحاصان في خدمته بقدر ما بقي للأول وبقدر جراحة الثاني قلت : أرأيت المحدود في قذف إذا حسنت حاله أتجوز شهادته في الدماء في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا حسنت حال المحدود في قذف جازت شهادته وأرى شهادته في الدم وغير الدم جائزة لأنه لم يردها في شئ من الأشياء حين قال إذا حسنت حاله جازت شهادته قلت لابن القاسم : أرأيت شهادات النساء في الجراحات الخطأ والقتل خطأ أتجوز في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن شهد النساء مع رجل على منقلة عمدا أو مأمومة عمدا أتجوز أم لا ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا وأنا أراها جائزا في رأيي لأنه قد أجاز شهادة المرأتين في الخطأ وهو دم ألا ترى أن مآلها أن تكون مالا إذ المأمومة والمنقلة عمدهما وخطؤهما إنما هو مال ليس فيه قود
ما جاء في الرجل يقول : قتلني فلان ولم يقل خطأ ولا عمدا
قلت لأبي القاسم : أرأيت إذا قال المقتول : دمي عند فلان ولم يقل خطأ ولا عمدا ؟ قال : إن قال ولاة الدم كلهم عمدا أو خطأ فالقول قولهم ويقسمون ويستحقون ما ادعوا من ذلك فإن افترقوا فقال بعضهم خطأ وقال بعضهم عمدا فحلفوا كلهم كان لهم
دية الخطأ بينهم كلهم الذين ادعوا العمد والذين ادعوا الخطأ وإن أبى بعضهم أن يحلف ونكل عن اليمين فإن نكل مدعو الخطأ وقال مدعو العمد : نحن نحلف على العمد بطل دعواهم ولم يكن لهم أن يقسموا ولم يكن لهم إلى الدم ولا إلى الدية سبيل فإن قال بعضهم : قتل عمدا وقال بعضهم : لا علم لنا فكذلك أيضا تبطل دعواهم ولا يكون لهم أن يقسموا وإن قال بعضهم : قتل خطأ وقال بعضهم : لا علم لنا أو نكلوا أحلف الذين ادعوا الخطأ وأخذوا نصيبهم من الدية ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي قال : وبلغني أن مالكا قال فيمن قتل قتيلا فادعى بعض ولاته أنه قتل عمدا وقال بعضهم : لا علم لنا به ولا بمن قتله ولا نحلف قال مالك : فإن دمه يبطل وإن قال بعضهم قتل خطأ وقال بعضهم لا علم لنا بذلك لا نحلف كان للذين حلفوا أنصباؤهم من الدية بأيمانهم وليس للذين لم يحلفوا شئ وإن قال بعضهم : قتل عمدا وقال الآخرون : قتل خطأ وحلفوا كلهم كان لهم جميع الدية إن أحب الذين أدعوا العمد أخذوا أنصباءهم فأما القتل فلا سبيل لهم إليه فهذا رأيي والذي بلغني قلت : فما قول مالك إن ادعى بعض ولاة الدم الخطأ وقال بعضهم : لا علم لنا بمن قتله فحلف الذين ادعوا الخطأ وأخذوا حظوظهم من الدية ثم أراد هؤلاء الذين قالوا : لا علم لنا بمن قتله خطأ أن يحلفوا ويأخذوا حظوظهم من الدية أيكون ذلك لهم ؟ قال : قال مالك : إذا نكل مدعو الدم عن اليمين وأبوا أن يحلفوا وردوا الأيمان على المدعى عليهم ثم أرادوا أن يحلفوا بعد ذلك لم يكن ذلك لهم فأرى أنه ليس لهم أن يحلفوا إذا عرضت عليهم الأيمان فأبوها قال : وكذلك قال لي مالك في الحقوق إذا شهد له شاهد فأبى أن يحلف مع شاهده ورد اليمين على المدعى عليه ثم أراد أن يحلف بعد ذلك ويأخذ لم يكن ذلك له قلت : أرأيت إذا أقمت شاهدا واحدا وأبيت أن أحلف معه ورددت اليمين على الذي ادعيت قبله فنكل عن اليمين ما يكون عليه في قول مالك ؟ قال : عليه أن يحلف عند مالك أو يغرم قلت : ولا يرد اليمين على الذي أقام شاهدا واحدا ؟ قال : لا لأنه إذا رد اليمين على المدعى عليه لم يرجع اليمين على المدعي بعد ذلك أبدا أيضا
ما جاء في قسامة الوارث الواحد في القتل عمدا أو خطأ
قلت : والقسامة في هذا والدين سواء في رد اليمين ؟ قال : نعم هما سواء عند مالك قلت : أرأيت إن لم يكن للمقتول إلا وارث واحد أيحلف هذا الوارث وحده خمسين يمينا ويستحق الدية أو القتل إن ادعى العمد في قول مالك ؟ قال : قال مالك : أما في الخطأ فيحلف خمسين يمينا ويستحق الدية كلها وأما في العمد فلا يقتل إلا بقسامة رجلين فصاعدا فإن نكل واحد من ولاة الدم الذين يجوز عفوهم إن عفوا فلا سبيل للقتل وإن كانوا أكثر من اثنين فإن كان ولاة الدم رجلين فنكل أحدهما فلا سبيل إلى الدم قلت : أرأيت إن لم يكن للمقتول الأولى واحد فادعى الدم عمدا ما يصنع به في قول مالك ؟ قال : إن حلف معه أحد من ولاة المقتول وإن لم يكونوا في القعدد مثل هذا قتلوا وإن لم يحلف معه أحد من ولاة المقتول فإن الأيمان ترد على المدعى عليه فإذا حلف خمسين يمينا بطل عنه ما ادعى عليه من الدم قلت : فإن نكل المدعى عليه عن اليمين أيقتله في قول مالك أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي : إذا جرح الرجل رجلا عمدا فأتى المجروح بشاهد على جرحه حلف واقتص فإن نكل عن اليمين قيل للجارح : احلف وابرأ فإن لم يحلف حبس حتى يحلف وكذلك القتل عندي قال : وقال مالك في المتهم في الدم إذا ردت اليمين عليه : إنه لا يبرأ دون أن يحلف خمسين يمينا فأرى أن يحبس حتى يحلف
ما جاء في الرجل يقيم شاهدا واحدا على جرحه عمدا
قلت : أرأيت الذي أقام شاهدا واحدا على جرحه عمدا وأراد القصاص أو أقام شاهدا واحدا على جرحه خطأ وأراد العقل كم يحلف مع شاهده في قول مالك أيمينا واحدة أم خمسين يمينا ؟ قال : يمينا واحدة في قول مالك وإنما تكون خمسون يمينا في النفس وليس في الجراحات خمسون يمينا عند مالك إنما ذلك في الدم قال : وقال لي مالك : ليس في شئ من الجراحات قسامة قلت لابن القاسم : لم أجاز مالك شهادة رجل واحد في جراحات العمد مع يمين الطالب وليست الجراحات عمدا بمال وقد قال مالك : لا تجوز شهادة الرجل الواحد مع يمين الطالب إلا في الأموال لا تجوز في الفرية ؟ وقد قال مالك في الدم إذا كان ولي الدم واحدا وأقام شاهدا واحدا لم يكن له أن يقسم مع شاهده ؟ قلت : فلم قال مالك ذلك في جراحات العمد وما حجته في ذلك ؟ قال : كلمته في ذلك فقال : إنه لأمر ما سمعت فيه شيئا من أحد ممن مضى وإنما هو شئ استحسنته قلت : فلم قال مالك في الدم في العمد : لا يقسم أقل من رجلين ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال : هو الأمر المجتمع عليه ولا أراه أخذه إلا من قبل الشهادة لأنه لا يقتل أحد إلا بشاهدين
ما جاء في الرجل يقتل وله وليان أحدهما كبير والآخر صغير
قلت : أرأيت إن كان لهذا المقتول ولي رجل كبير وله ولي آخر صبي صغير فأراد الرجل أن يحلف وقال : أنا أحلف وأنتظر حتى يكبر الصبي فيحلف ونستحق الدم جميعا ؟ قال : سألت مالكا عن الذي يقتل وله ولد صغار كيف ترى في أمره أينتظر بالقاتل إلى أن يكبر ولده ؟ قال : إذا تبطل الدماء ولكن ذلك إلى أولياء المقتول ينظرون في ذلك فإن أحبوا القتل قتلوا وإن أرادوا العفو عفوا - فإنه بلغني أن ذلك لا يجوز لهم إلا بالدية - عن مالك - ولا يجوز عفوهم بغير دية لأن ولاة الدم هؤلاء الصغار دونهم فكذلك إذا كانوا بنين صغارا وكبارا فقال الكبار : نحن نقسم ونقتل ولا ننتظر الصغار قال مالك : إن كان الكبار اثنين فصاعدا فذلك لهم لأن الصغار منهم ليسوا بمنزلة من نكل عن اليمين وإن استؤني به إلى أن يكبر الصغار بطل الدم قال : قال مالك : فلهؤلاء الأكابر أن يحلفوا ويقتلوا وإن عفا هؤلاء الأكابر بعدما استحقوا الدم جاز عفوهم على أنفسهم وكان للباقين الأصاغر حظوظهم من الدية ومن لم يعف من الأكابر فلهم نصيبهم في مسألتك قال : فأرى إذا كان كبيرا أو صغيرا فأراد الكبير أن يحلف ووجد أحدا من ولاة الدم يحلف معه وإن لم يكن ممن له عفو حلف معه وقتل ولم يستأن بالصغير أن يكبر وإن لم يجد أحدا يحلف معه حلف خمسة وعشرين يمينا وانتظر الصغير حتى يكبر فإن بلغ حلف خمسة وعشرين يمينا أيضا ثم استحق الدم وقتل قلت : وإنما يحلف ولاة الدم في الخطأ على قدر مواريثهم من الميت في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فهل يقسم النساء في قتل العمد في قول مالك ؟ قال : لا قلت : فهل يقسم النساء في قتل الخطأ في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فلو كان القتل خطأ ولم يدع الميت إلا بنتا وليست له عصبة ؟ قال : قال مالك : تحلف هذه البنت خمسين يمينا ثم تأخذ نصف الدية إن جاءت وحدها وإن جاءت مع عصبة حلفت خمسة وعشرين يمينا وأخذت نصف الدية إذا حلفت العصبة خمسة وعثرين يمينا وإن نكل العصبة عن اليمين لم تأخذ نصف الدية حتى تحلف خمسين يمينا وهذا قول مالك قلت : ولم استحلفها مالك ههنا خمسين يمينا وإنما لها نصف الدية ؟ قال : لأنها لا تستحق الدم بأقل من خمسين يمينا قلت : فلو كان للمقتول بنت حاضرة وابن بالمغرب فقالت الابنة : أنا أحلف وآخذ حقي كم تحلف ؟ قال : تحلف خمسين يمينا ثم تأخذ ثلث الدية فإذا قدم الأخ الغائب حلف ثلثي الأيمان وأخذ ثلثي الدية وهذا قول مالك قلت : ومن وقع في حظه كسر يمين جبرت عليه اليمين في قول مالك ؟ قال : وقال مالك : تجبر اليمين على الذي يصيبه من هذه اليمين أكثرها إن كان نصيب أحدهم من هذه اليمين السدس ونصيب الآخر منها الثلث ونصيب الآخر النصف حملها صاحب النصف لأنه أكثرهم حظا في هذه اليمين فتجبر عليه
ما جاء في عفو الحد دون الإخوة عن دم العمد
قلت : أرأيت إن كان للمقتول أخ وجد فأتوا بلوث من بينة وادعوا الدم عمدا أو خطأ ؟ قال : يحلفون ويستحقون لأن مالكا قال : ولاة الدم يحلفون فهؤلاء ولاة الدم قلت : فإن كانوا عشرة إخوة وجد - والدم خطأ - حلف الجد ثلث الأيمان وفرق ثلثا الأيمان على الإخوة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن عفا الجد عن القاتل دون الإخوة ؟ قال : أرى عفوه جائزا وأراه بمنزلة الأخ لأنه مع الإخوة قلت : أرأيت إن كان للمقتول ورثة بنات وبنون فأقسم البنون على العمد أيكون للبنات ههنا عفو ؟ قال : قال مالك : لا عفو لهن ولا يقسمن
ما جاء فيما إذا عفا البنون ولم يعف البنات وتفسير البنات والعصبة
قلت : فإن كان للمقتول ابنان وابنة فأقسم الابنان واستحقا الدم ثم عفا أحدهما هل يكون للابن الذي لم يعف وللابنة شئ ؟ قال : للابن الذي لم يعف خمسا الدية وللابنة خمس الدية ويسقط خمسا الدية حظ الذي عفا إلا أن يكون عفا على أن يأخذ الدية فإن عفا على أن يأخذ الدية كان ذلك له وكذلك قال لي مالك في الذي يقتل عمدا وله ورثة بنون رجال ونساء إن النساء ليس لهن من العفو قليل ولا كثير فإن عفا الرجال على أن يأخذوا الدية فهي موروثة على فراض الله يدخل في ذلك ورثة المقتول نساؤهم ورجالهم فكذلك القسامة أيضا والقتل عمدا ببينة تقوم سواء إذا استحقوا الدم فليس للنساء عفو فإن عفا واحد ممن يجوز عفوه من الرجال صار ما بقي من الدية موروثا على فرائض الله يدخل في ذلك النساء وإنما قال لي مالك : إذا عفا الرجال كلهم وقبلوا الدية دخل في ذلك النساء وأنا أرى إذا عفا واحد منهم فهو بمنزلة عفوهم كلهم قلت : وتدخل امرأته في الدية إذا وقع العفو في قول مالك وإخوته لأمه ؟ قال : نعم لأن مالكا قال : إذا وقع العفو وقبلوا الدية فقد صار ما بقي من الدية موروثة على فرائض الله ويقضي منها دينه قلت : أرأيت إن عفا الرجال من غير أن يشترطوا الدية أيكون للنساء حظوظهن من الدية أم لا ؟ قال : لا إلا أن يعفو بعض الرجال ويبقى بعضهم فإن بقي بعضهم كان للنساء مع من بقي نصيبهن من الدية فإن عفا الرجال كلهم لم يكن للنساء فيه دية وهذا الذي سمعت فيه وهو الذي فسرت لك في هذه المسألة كلها في البنين والبنات والإخوة والأخوات فأما إذا كان بنات وعصبة أو أخوات وعصبة فإنه لا عفو للبنات ولا للأخوات إلا بالعصبة ولا عفو للعصبة إلا بالبنات والإخوات إلا أن يعفو بعض البنات بعض العصبة فيقضى لمن بقي من البنات والعصبة بالدية وكذلك الأخوات والعصبة وهو الذي سمعت واستحسنت قلت : أرأيت دم العمد هل تجوز فيه شهادة على شهادة ؟ قال : قال لي مالك : الشهادة على الشهادة تجوز في الحدود فالقتل عندي حد من الحدود قلت أرأيت الشاهد الواحد إذا شهد لرجل على دم عمدا ودم خطأ أيكون فيه قسامة أم يحلف ولاة الدم مع شاهدهم يمينا واحدة ويستحقون ؟ قال : بل تكون فيه القسامة كذلك قال مالك قلت : أرأيت إن شهد شاهد على القتل خطأ أو عمدا أيحبس هذا المشهود عليه حتى يسأل عن الشاهد ؟ قال : أما في الخطأ فلا يحبس لأنه إنما تجب الدية على العاقلة وأما في العمد فإنه يحبس حتى يسأل عن الشاهد فإذا زكى كانت القسامة وما لم يزك لم تكن فيه قسامة قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يقسم إلا بالشاهد العدل ولا كفالة في القصاص ولا في الحدود قلت : أرأيت القتل خطأ هل فيه تعزير وحبس في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا علمت أن أحدا يعزر في الخطأ ولا يحبس فيه وأرى أنه ليس عليه حبس ولا تعزير
ما جاء في القتيل يوجد في دار قوم أو في محله قوم أو في أرضهم أو في فلوات المسلمين
قلت : أرأيت القتيل إذا وجد في دار قوم أو محلة قوم أو أرض قوم أتكون فيه القسامة أم لا ؟ قال : لا قلت : أرأيت إن وجد قتيل في أرض المسلمين أو في فلوات المسلمين لا يدري من قتله أتكون ديته على المسلمين في بيت مالهم أم لا ؟ قال : الذي قال مالك في كتابه الموطأ : إنه لا يؤخذ به أحد إذا وجد في قرية قوم أو دارهم فإذا قال مالك : لا يؤخذ به أحد فأراه وقد أبطله ولم أوقفه عليه وهذا رأيي أنه يبطل ولا يكون في بيت المال ولا على أحد قلت : فأين الحديث الذي جاء : [ لا يبطل دم المسلم ؟ ] قال : لم أسمع مالكا يذكر في هذا شيئا
ما جاء في المسخوط يقول دمي عند فلان
قلت : أرأيت إن كان المقتول مسخوطا فقال : دمي عند فلان أيقبل قوله أم لا ويكون فيه القسامة أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : فيه القسامة إذا قال المقتول ؟ دمي عند فلان ولم يذكر لنا مالك مسخوطا من غير مسخوط ولكن قال ذلك لنا مجملا وأرى المسخوط وغير المسخوط في ذلك سواء وهذا الذي سمعت من قوله قلت : فما فرق ما بين الشاهد إذا كان مسخوطا وبين المقتول ؟ قال : لأن المقتول لا يتهم قلت : أرأيت إن كانت امرأة فقالت : دمي عند فلان ؟ قال : قال لنا مالك : الرجل والمرأة في هذا سواء وتكون القسامة في هذا العمد والخطأ قال ابن القاسم : وهذا مما يدل أيضا على الفرق بين الشاهد إذا كان مسخوطا وبين المقتول إذا كان مسخوطا وتكون القسامة في هذا العمد والخطأ وقد جعل مالك الورثة يقسمون بقول المرأة - والمرأة ليست بتامة الشهادة - ولا يقسم مع شهادتها في عمد ألا ترى أن المسخوط يأتي بشاهد على حقه فيحلف مع شاهده ولو أتى بشاهد مسخوط لم يحلف معه ولم يثبت له شئ فكذلك الدم قلت أرأيت إن قتل صبي فقال : دمي عند فلان ؟ قال : سمعت مالكا وأنا عنده وأتاه قوم فقالوا : إن صبيين كان بينهما قتال فقتل أحدهما صاحبه فأتي بالمقتول فقالوا : من فعل بك ؟ فقال : فلان للصبي الذي كان معه وشهد على قول الصبي المقتول رجال عدول وأقر الصبي القاتل أنه فعل ذلك به قال مالك : لا أرى أن يؤخذ بقول الصبي الميت ولا بإقرار الصبي الحي القاتل ولا يجوز في ذلك إلا رجلان عدلان على أنه قتله قلت لمالك : ولا تكون في هذا قسامة ؟ فقال : لا قلت : فما فرق ما بين الصبي والمرأة والمسخوط وقد قلت أن مالكا قال في المرأة والمسخوط : إذا قالا دمنا عند فلان إن في ذلك القسامة وقلت لي إن مالكا قال في الصبي لا قسامة فيه فقال : لأن الصبي - في قول مالك - إذا أقام شاهدا واحدا على حقه لم يحلف مع شاهده ولو أن امرأة ومسخوطا أقاما شاهدا على حقهما حلفا ما شاهدهما - عند مالك - وثبت حقهما فهذا فرق ما بينهما قلت : فلو أن نصرانيا أقام شاهدا واحدا له على حق أيحلف مع شاهده ويستحق حقه ؟ قال : نعم قلت : وكذلك العبد ؟ قال : نعم فقلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم
ما جاء في النصراني يقول : دمي عند فلان
قلت : أرأيت إن قتل هذا النصراني فقال : دمي عند فلان أتكون فيه القسمامة أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يقسم النصارى ولا يقسم إلا المسلمون ولا يكون مع قوله قسامة إذا قام لهما شاهد عدل على قتله فإن كان عمدا كانت ديته في مال
القاتل وإن كان خطأ حمل ذلك عاقلة المسلم القاتل وجعل ذلك كدية المسلم التي تحمل قلت : أرأيت إن قال المقتول : دمي عند فلان قصد بدمه قصد رجل هو أورع أهل البلاد ممن لا يتهم في الدماء ولا غير ذلك وليس بمتهم في شئ من الشر ؟ قال : لم أسمع مالكا يحاشي أحدا من أحد فأرى أنه مصدق في كل من ادعى عليه قلت : أرأيت إن قصد بدمه قصد صبي أيكون لورثته أن يقسموا ويأخذوا الدية من عاقلة الصبي ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قصد بدمه قصد ذمي أو ذمية أو عبد أو أمة أيكون لورثته أن يقسموا أو يقتلوا وإن ادعوا الخطأ أقسموا وقيل لسيد العبد : أدفع أو افد وقيل لأهل جزية : هذا الذمي احملوا عقل هذا الرجل ؟ قال : نعم وهو رأيي
ما جاء في ابن الملاعنة يقول : دمي عند فلان
قلت : أرأيت ابن الملاعنة إذا قال : دمي عند فلان كيف يصنع فيه ؟ قال : إن كانت أمه من الموالي فلموالي أمه أن يقسموا ويستحقوا الدم إن كان عمدا أو الدية إن كان خطأ وهو رأيي قلت : فإن كانت أمه من العرب ؟ قال : هو عندي بمنزلة من لا عصبة له ولا ولاء لأنه إذا كان من العرب لم يرثه أحد إلا أمه وإخوته لأمه إذا لم يكن له ولد ولا ولد ولد ويكون ما بقي لبيت المال فهذا بمنزلة من لا وارث له من الرجال ولا عصبة له وماله لبيت المال فسبيل ابن الملاعنة وهذا واحد وما سمعت ذلك إلا أني أرى أن لا يقتل إلا ببينة ولا يكون في هذا قسامة في عمد وإن كان خطأ أقسمت أمه وإخوته لأمه وأخذوا حقوقهم من الدية قال : وأما إخوة ابن الملاعنة لأمه - في قول مالك - فليس لهم من الدم في العمد شئ قلت : أرأيت إن قتل ابن الملاعنة عمدا ببينة قامت أيكون لأمه أن تقتل في قول مالك قاتله ؟ قال : سمعت مالكا وسئل عن رجل قتل وله أم وعصبة فصالحوا العصبة وأبت الأم إلا أن تقتل قال : ذلك لها فقيل لمالك : فإنها قد ماتت ؟ قال : فورثتها على ما كان لها من القتل إن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا عفوا فكذلك ابن الملاعنة
ما جاء في تقسيم اليمين في القسامة
قلت : أرأيت إن شهد شاهدان على رجل بالقتل أتكون في هذا قسامة في قول مالك ؟ قال : لا قلت لابن القاسم : كيف يقسم الورثة في قول مالك ؟ قال : يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو أن فلانا قتله أو لمات من ضربه إن كان بعد ضربه حيا قلت : ولا يذكر مالك في أيمانهم الرحمن الرحيم ؟ قال : نعم لا يرى مالك في الأيمان كلها إلا بالله الذي لا إله إلا هو ولا يبالغ بالحلق أكثر من هذا لا يقال له الرحمن الرحيم وذلك أنا رأينا المدنيين يحلفون عند المنبر فما يزيدون على ماأخبرتك عن مالك فسألنا مالكا عن ذلك فقال الذي أخبرتك عنه قلت : أرأيت القسامة أعلى البتة يحلفون فيها - عند مالك - أم على العلم في قول مالك ؟ قال : على البتة قلت : أرأيت إن كان بعض الورثة غائبا يوم قتل هذا القتيل بأرض إفريقية فأتى بعد ذلك أيقسم على البتة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن كان القتيل مسخوطا فقال : دمي عند فلان - وورثة المقتول كلهم مسخوط - أيكون لهم أن يقسموا ويقتلوا إن كان عمدا وإن كان خطأ أقسموا وأخذوا الدية في قول مالك ؟ قال : نعم ذلك لهم قال : وهذا خلاف الشهادة لا يقسم عند مالك إلا مع الشاهد العدل ولا يقسم مع شاهد مسخوط قلت : أرأيت الأعمى أيكون له أن يقسم في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت ما وجب على العاقلة من الدية إنما هو على الرجال ليس على النساء ولا على الذرية منه شئ عند مالك ؟ قال : نعم لا شئ على الذرية ولا على النساء عند مالك قلت : أرأيت الدية إذا حملتها العاقلة قدر كم يؤخذ من الرجل ؟ قال : قد أخبرتك أن مالكا لم يحد لنا في هذا حدا قال : ولكن الغني على قدره ومن دونه على قدره وقد كان يحمل على الناس في أعطياتهم من كل مائة درهم درهم ونصف
ما جاء في القسامة على الجماعة في العمد
قلت : أرأيت إذا ادعوا الدم على جماعة رجال ونساء ؟ قال : قال مالك : إذا ادعوا على جماعة أقسموا على واحد منهم وقتلوا إذا كان لهم لوث من بينة أو تكلم بذلك المقتول أو قامت بينة على أنهم ضربوه ثم عاش بعد ذلك قلت : فإن للورثة أن يقسموا على أيهم شاؤوا ويقتلوه ؟ قال : نعم عند مالك قلت : فإن ادعوا الخطأ وجاؤوا بلوث من بينة على جماعة أقسم الورثة عليهم كلهم بالله الذي لا إله إلا هو أنهم قتلوه ثم تفرق الدية على قبائلهم في ثلاث سنين ؟ قال : نعم وكذلك سألت مالكا فقال لي مثل ما قلت لك وقال لي مالك : ولا يشبه هذا العمد قلت : فاللوث من البينة أي شئ هو ؟ أيكون العبد أم أم الولد أم المرأة أم الرجل المسخوط لوث بينة ؟ قال : قال مالك : اللوث من البينة الشاهد الواحد إذا كان عدلا الذي يرى أنه حاضر الأمر قلت : أرأيت إن قال : دمي عند فلان - وفلان عبد - أيقسمون ويستحقون دمه في قول مالك ؟ قال : نعم فإن كان عمدا كان لهم أن يقتلوه وإن استحيوه خير سيده فإن شاء فداه بالدية وإن شاء أسلمه قال ابن القاسم : قال مالك في العبد إذا أصيب عمدا أو خطأ فجاء سيده بشاهد واحد حلف مع شاهد يمينا واحدة ثم كان له ثمن عبده : إن كان الذي أصاب عبده حرا لأن العبد مال من الأموال وإن كان الذي أصابه مملوكا خير سيد العبد القاتل فإن شاء أن يسلم عبده أسلمه وإن شاء أن يخرج ثمن العبد المقتول ويمسك عبده فذلك له فإن أسلمه فليس على العبد أن يقتل لأنه لا يقتل عبد بشهادة رجل واحد لأنه ليس في العبيد قسامة إذا قتلوا في عمد ولا خطأ ولم أسمع أحدا من أهل العلم قال ذلك قلت : فإن قتل عبد عبدا عمدا أو خطأ لم يكن لصاحب العبد المقتول أن يحلف ويستحق بقسامة إلا ببينة عادلة فيقتل أو بشاهد واحد فيحلف مع شاهده يمينا واحدة ويستحق العبد القاتل ؟ قال مالك : في العبد يقتل الحر فيأتي ولاة الحر بشاهد واحد يشهد أن العبد قتله قال : قال مالك : إن شاء ولاة الحر المقتول يحلفون خمسين يمينا ويستحقون دم صاحبهم فذلك لهم فإذا حلفوا خمسين يمينا أسلم العبد إليهم فإن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا استحيوه قال : ولا يجب لهم العبد حتى يحلفوا خمسين يمينا فإن قالوا : نحن نحلف يمينا واحدة ونأخذ العبد نستحييه فليس لهم ذلك دون أن يحلفوا خمسين يمينا لأنه لا يستحق دم الحر إلا ببينة عادلة أو شاهد فيحلف ولاة المقتول الحر خمسين يمينا مع شاهدهم قلت : أرأيت إن قال المقتول : دمي عند فلان وشهد شاهد على أنه قتله أيجتزىء ولي الدم بهذا في قول مالك ؟ قال : لا ولكن فيه القسامه عندي
ما جاء في امرأة ضربت فقالت دمي عند فلان فخرج جنينها ميتا
قلت لابن القاسم : أرأيت إن ضربت امرأة فقالت : دمي عند فلان وألقت جنينها ميتا ما تقول في ذلك ؟ قال : في المرأة القسامة وليس في الجنين شئ إلا ببينة تثبت لأن مالكا قال : ليس في الجراح قسامة والجنين جرح من جراحها فلا يثبت إلا ببينة أو بشاهد عدل فيحلف ولاته معه يمينا واحدة ويستحقون ديته قال : وقال مالك : وليس فيمن قتل بين الصفين قسامة قلت : أرأيت إن قالت المرأة : دمي عند فلان فخرج جنينها حيا فاستهل صارخا أتكون في القسامة وفي أمه ؟ قال : أما في أمه ففيها القسامة عند مالك وأما في الولد فما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى في الولد القسامة - عند مالك - لأنها لو قالت : قتلني وقتل فلانة معي لم يكن في فلانة القسامة وكان فيها هي القسامة وكذلك لو قالت وهي حية : ضربني فلان وألقت جنينها فاستهل صارخا ثم مات وعاشت الأم لم يكن فيه قسامة وكذلك لو قالت وهي حية : قتل ابني لم يقبل قولها ولم يكن في ابنها القسامة قلت : أرأيت إن قال : دمي عند أبي ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال : إذا قال : دمي عند فلان كانت فيه القسامة مجملا ولم يذكر لنا مالك الأب في ذلك وأرى أن يقبل قوله وتكون فيه القسامة فإن أقسموا كانت فيه الدية فإن كان خطأ كانت على العاقلة وإن كان عمدا كان ذلك في ماله قلت : أرأيت إن حلف الورثة في القسامة في العمد - وهم رجال عدة - فأكذب واحد منهم نفسه بعدما حلف واستحقوا الدم ما يصنع ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إذا أكذب نفسه قبل أن يقتلوه بمنزلة ما إذا عرضت عليه اليمين فأباها فلا يقتل إذا أكذب واحد من الورثة نفسه بعد اليمين إذا كان ممن لو أبى اليمين لم يقتل المدعى عليه الدم
ما جاء في الرجل يقتل الرجل بالحجر أو بالعصا
قلت : أرأيت إن قتلت رجلا بالحجر بم يقتلني ؟ قال : قال مالك : يقتل بالحجر قلت : فإن قتلني بالعصا ؟ قال : قال مالك : اقتله بالعصا قلت : أرأيت إن خنقه فقتله خنقا أيقتله خنقا ؟ قال : نعم عند مالك قلت : فإن أغرقه ؟ قال : أغرقه أيضا في قول مالك قال : قال مالك : اقتله بمثل ما قتل به قلت : أرأيت إن ضربه عصاوين فمات منهما فضرب القاتل عصاوين فلم يمت ؟ قال : اضربه بالعصا أبدا حتى يموت لأنه إنما قتله بالعصا قلت : وليس في هذا عدد ؟ قال : ليس في هذا عدد قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قال لي مالك : يقتل بالعصا كما قتل بالعصا ولم يذكر لنا العدد قلت : أرأيت إن قطع يديه ثم رجليه ثم ضرب عنقه أتقطع يداه ورجلاه ويضرب عنقه في قول مالك ؟ قال : لا ولكن يضرب عنقه ولا يقطع يداه ولا رجلاه قلت : لم قلت هذا ههنا كذا وقد قال مالك يقتل بالقتلة التي قتل بها ؟ قال : لأن مالكا قال كل قصاص يكون عليه فإن القتل يأتي على ذلك كله فالقتل يأتي على قطع اليدين والرجلين ولا يقاد منه في اليدين ولا في الرجلين قلت : أرأيت إن كتفته وطرحته في نهر وغرق أيكتفني ويطرحني في النهر كما طرحته ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي
ما جاء في دم العمد إذا صالحوا عليه
قلت : أرأيت أولياء دم العمد إذا صالحوا على أكثر من الدية أيجوز في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن رضي أولياء العمد بالدية أيكون ذلك على العاقلة أم في مال القاتل ؟ قال : بل في مال القاتل عند مالك قلت : أرأيت المرأة إذا قتلها الرجل
عمدا أيقتل بها في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن قطع يدها عمدا قطعت يده ؟ قال : نعم في قول مالك قلت : ويقتص للمرأة من الرجل - في قول مالك - وللرجل من المرأة ؟ قال : نعم
ما جاء في النفر إذا اجتمعوا على قتل امرأة
قلت : أرأيت النفر إذا اجتمعوا على قتل امرأة أيقتلون بها في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فكذلك لو اجتمعوا على قتل صبي أو صبية عمدا أيقتلون بذلك ؟ قال : نعم قلت : وكذلك لو اجتمعوا على قتل عبد أو نصراني قتل غيلة قتلوا به في قول مالك ؟ قال : نعم قلت لابن القاسم : أرأيت الحر يقتل المملوك عمدا أيكون بينهما القصاص في قول مالك ؟ قال : لا قلت : أرأيت المسلم أيقتل بالكافر إذا قتله عمدا في قول مالك ؟ قال : لا قلت : ولا قصاص بينهما في الجراحات ولا في النفس ؟ قال : نعم لا قصاص بينهما في الجراحات ولا في النفس إلا أن يقتله قتل غيلة قلت : فإن قطع يده أو رجله غيلة ؟ قال : هذا لص يحكم السلطان عليه بحكم المحارب إن رأى أن يقتله قتله وقد فسرت لك ذلك في كتاب السرقة قلت : أرأيت المسلم إذا قتل الكافر عمدا أيضرب في قول مالك مائة جلدة ويحبس عاما ؟ قال : نعم
ما جاء في النفر من المسلمين يقتلون رجلا من أهل الذمة
قلت : أرأيت إذا اجتمع نفر من المسلمين في قتل رجل من أهل الذمة خطأ أتحمل الدية على عواقلهم في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا قتل رجل من المسلمين رجلا من أهل الذمة خطأ كانت الدية على عاقلته قلت : وكذلك أيضا إذا كانوا جماعة فالدية على عواقلهم ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إذا جرح الرجل المسلم رجلا من أهل الذمة وقطع رجليه أو يديه عمدا أيجعل هذا على عاقلة الرجل المسلم أم يجعل ذلك في ذمته ؟ قال : بل في ماله ولا أقوم بحفظه عن مالك قلت : لم جعلت هذا في مال الجاني ولم تجعله على العاقلة وقد قلت لي في المأمومة والجائفة عن مالك إن عمد ذلك على العاقلة إذا كانت بين المسلمين لأنها وقعت حين وقعت ولا قصاص فيها فهذا أيضا قد وقع حين لا قصاص بينهما فلم لا تجعل هذا على العاقلة ؟ أرأيت إن أصاب المسلم هذا الذمي بمأمومة عمدا أتجعلها على العاقلة أم لا ؟ والمأمومة ثلث دية النصراني وقد قلت إنما ينظر إلى المجروح أو الجارح فأيهما بلغت الجناية ثلث ديته حملتها العاقلة ؟ قال : المأمومة والجائفة لم يكن ذلك عند مالك بالأمر البين كالسنة أن العاقلة لا تحمل - عند مالك - ولكنه استحسنه قال ابن القاسم : وقد اجتمع أمر الناس أن العاقلة لا تحمل العمد قال : فأما المأمومة والجائفة فقد قال مالك فيهما ما قال وقد كان مالك يقول فيهما - أكثر دهره - إنهما في ماله إن كان له مال فإن لم يكن له مال حملت ذلك العاقلة ويقول : إنما رأيت ذلك لئلا يبطل جرحه لأنه لا قود فيه فلما كان هذا الجاني عديما وكانت الجناية لا قود فيها حملها على العاقلة ثم رجع فجعلها على العاقلة بضعف قال : وقال لي مالك آخر ما كلمته فيها ما هو عندي بالأمر البين : إنه على العاقلة فأرى في مسائلك هذه كلها في جراح المسلم النصراني أو في نفسه إن ذلك في ماله إلا في مأمومته أو جائفته فذلك على العاقلة في رأيي قلت : أرأيت العبيد هل بينهم القصاص في النفس وفيما دون ذلك ؟ قال : نعم بينهم القصاص عند مالك في جراحاتهم وفي النفس في قول مالك قلت : والذكر والأنثى بينهم القصاص في النفس وفيما دون النفس في قول مالك سواء ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قال سيد العبد المقتول : إذا كان القتل عمدا أنا استحييه على أن آخذه ؟ قال مالك : إذا استحياه على أن يأخذه كان ذلك له وقيل لمولى العبد القاتل : ادفع عبدك أو افده بقيمة العبد المقتول قلت : وإن كان المقتول حرا فقال وليه : أنا أستحييه على أن آخذه ؟ قال : قال مالك : يقال لسيد العبد القاتل : ادفع عبدك أو افده بالدية قلت : أرأيت لو أن نفرا اجتمعوا على رجل فقطعوا يده عمدا أيقتص من جماعتهم له وتقطع أيديهم في قول مالك ؟ قال : نعم قال مالك : يقتص منهم جميعا وتقطع أيديهم بمنزلة القتل إذا اجتمعوا على قتل رجل قتلوا به جميعا قلت : أرأيت العينين بهذه المنزلة ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قطع يده من نصف الساعد عمدا أيقتص منه في قول مالك ؟ قال : نعم لأن مالكا يرى القصاص في العظام إلا في الفخذ وما وصفت لك مما يخاف عليه
ما جاء في قود من قطع قطعة من رجل وفي القود من اللطمة أو السوط
قلت : أرأيت إن قطع بضعة من لحمه أيقتصق منه ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الضربة بالسوط أو باللطمة هل فيهما قود في قول مالك ؟ قال سحنون : كل ما لا يدمي فلا يقتص منه قال : وأخبرني علي بن زياد عن مالك أنه قال : ليس في اللطمة والسوط
قود وهو أيضا قول أشهب قال : قال مالك : أما اللطمة فلا قود فيها قال : وما أقوم على حفظ قول مالك في السوط وأرى فيه القود قلت : أرأيت شهادة الصبيان على الجنايات أتجوز في قول مالك ؟ قال : نعم فيما بينهم ما لم يتفرقوا ولا يجوزعلى كبير قلت : فإن كانوا ثلاثة فجرح أحدهم صاحبه فشهد الباقي على ذلك قبل أن يتفرقوا أتقبل شهادته أم لا ؟ قال : لا أقوم على حفظ قول مالك فيه ولا أرى أن تقبل شهادة صبي واحد قلت : أرأيت إن كانوا صبيانا جماعة وفيهم رجل فقتل صبي منهم ذلك الرجل فشهد بقية الصبيان على ذلك الصبي أنه جرح ذلك الرجل أو قتله وذلك قبل أن يتفرقوا أتجوز شهادتهم أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا تجوز شهادتهم قال : وإنما جوزها مالك في الصبيان فقط فيما بينهم قلت : أرأيت المرأة إذا اغتالت رجلا على مال فقتلته أتكون محاربة في الحكم عليها أم لا ؟ قال : نعم يحكم عليها بحكم المحارب قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن اغتال رجل رجلا على مال فقطع يده أيكون للمقطوعة يده قود على هذا الذي اغتاله فقطع يده في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ليس لمن قطعت يده أوفقئت عينه على غيلة قصاص إنما ذلك إلى السلطان إلا أن يتوب قبل أن يقدر عليه فيكون فيه القصاص قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي
ما جاء في رجل قتل رجلا قتل غيلة فصالحه ولي المقتول على مال
قلت : أرأيت إن قتل رجل وليا لي قتل غيلة فصالحته على الدية أيجوز هذا في قول مالك ؟ قال : لا يجوز فيه الصلح في رأيي إنما ذلك إلى السلطان ليس لك ههنا شئ وترد ما أخذت منه ويحكم عليه السلطان بحكم المحارب فيقتله السلطان بضرب عنقه أو بصلبه إن أحب حيا فيقتله مصلوبا قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : أما في القتل فكذلك قال لي مالك وفي الصلب وأما في الصلح فإنه لا يجوز فهذا رأيي لأن مالكا قال : ليس لولاة الدم فيه قيام بالدم مثل العمد وإنما ذلك إلى الإمام يرى فيه رأيه يقتله على ما يرى من أشنع ذلك قلت : أرأيت المجنون الذي يجن ويفيق أحيانا ما أصاب في حال إفاقته أيحكم عليه بذلك في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الرجل يقطع يد رجلين عمدا أتقطع يمينه لهما وتجعل عليه نصف الدية لهما في قول مالك ؟ قال : لا قال مالك : إذا قطع يد رجل اليمنى ثم قطع يمين آخر بعد ذلك ثم قطع يمين آخر بعد ذلك أيضا تقطع يمينه لجميعهم ولم يكن لهم غير ذلك قال مالك : وكذلك العين والرجل وكل شئ إذا كان شيئا واحدا قلت : أرأيت إن قام عليه واحد منهم - الأول أو الآخر أو الأوسط - أتمكنه من القصاص في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن اقتص ثم جاء الذين جنى عليهم يطلبون ما جنى عليهم كيف يصنع في قول مالك ؟ قال : لا شئ لهم لأن مالكا قال في الرجل يقذف القوم متفرقين في أيام شتى فيقوم عليه واحد منهم فيضربه الحد - كان أولهم أو أوسطهم أو آخرهم - فما كان قبل ذلك من فرية فهذا الضرب لجميعهم ولا شئ لمن قام عليه منهم بعد الضرب قلت : هذا لا يشبه اليد لأن اليد لها دية والقذف لا دية فيه قال : قد أخبرتك بقوله : قال : وقال مالك : إنما هو عندي بمنزلة رجل قتل رجلا عمدا ثم قتل رجلا بعد ذلك عمدا ثم قتل بعد ذلك رجلا عمدا فقتل فإنه لا شئ لهم قال ابن القاسم : ألا ترى أن العين التي وجب لهم فيها القصاص واليد التي وجب لهم فيها القصاص قد ذهبت ولا شئ لهم قلت : أرأيت إن جنى رجل على رجل فقطع يمينه ثم ذهبت يمين القاطع بأمر من السماء أيكون عليه شئ أم لا ؟ قال : قال مالك : لا شئ عليه قلت : فإن سرق فقطعت يمينه ؟ قال : قال مالك : لا شئ للمقطوعة يمينه وقال : قال لنا مالك : إذا سرق وقطع يمين رجل قطعت يمينه للسرقة وكانت السرقة أولى بيمينه من القصاص قال : قال مالك : وإنما رأيت السرقة أولى لأن القصاص ربما عفي عنه والسرقة لا عفو فيها
ما جاء في رجل أقطع الكف اليمنى قطع يمين رجل صحيح من المرفق
قلت : أرأيت أقطع الكف اليمنى قطع يمين رجل صحيح اليد من المرفق فأراد المقطوعة يده أن يقتص من يمين هذا بقطع ذراعه من المرفق وليست للأقطع كف أيكون بينهما القصاص في قول مالك ؟ قال : نعم هو بالخيار إن أحب أن يقتص ولا عقل له فذلك له وإن أحب أن يأخذ العقل فذلك له وقد بلغني أن مالكا سئل عن رجل ليس له في كفه إلا أصبعان - وقد قطعت الثلاث - فقطع يد رجل أترى للمقطوعة يده الصحيحة أن يقتص من الذي قطع يده ؟ قال : نعم هو بالخيار إن أحب أن يقتص ولا عقل له وإن أبى فله العقل وهذا عندي مثله سواء قلت لابن القاسم : أرأيت لو أني شججت رجلا موضحة فأخذت ما بين قرنيه وهي لا تبلغ مني إلا نصف رأسي ؟
قال : أرى أن لا يشق من رأس هذا إلا بقدر طول الشجة قلت : فإن كان المشجوج إنما أخذت الموضحة نصف رأسه وهي من الشجاج تبلغ ما بين قرنيه ؟ قال : يقاس له بقدره فيشق منه بقدره كان ذلك أقل من قدر ذلك من رأس الجارح أو أكثر قلت : أرأيت ما دون الموضحة في العمد أفيه القصاص في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قطع رجل يمين رجل - والقاطع يمينه شلاء - أيكون للمقطوعة يمينه أن يقتص أم لا ؟ قال : لا ليس له إلا العقل قال ابن القاسم : سألت مالكا عن الأعور يفقأ عيني رجل جميعا عمدا قال : قال مالك : له أن يفقأ عين الأعور بعينه ويأخذ الدية في عينة الأخرى خمسمائة دينار قلت : أرأيت لو أن رجلا قطع يمين رجل عمدا فوثب رجل على القاطع فقطع يمينه خطأ أيكون في يده عقل أم لا ؟ قال : قال مالك : نعم في يده العقل نصف الدية قلت : فلمن يكون ذلك ؟ قال : قال مالك : يكون للمقطوعة يده عمدا لأنه كان أولى بيد هذا من نفسه قلت : فإن قطعت يد هذا القاطع عمدا - قطعها رجل آخر عمدا - أيكون فيه القصاص أم لا ؟ قال : قال مالك : فيها القصاص قلت : فلمن يكون للمقطوعة يده الأول أم لهذا الثاني ؟ قال : قال مالك : القصاص للأول قال ابن القاسم : لأنه كان أحق بيد هذا المقطوع الثاني من نفسه قلت : أرأيت لو أن رجلا قتل وليا لي عمدا فوثب رجل على هذا القاتل فقتله عمدا أيضا ؟ قال : قال مالك : يقال لأولياء المقتول الآخر أرضوا أولياء المقتول الأول وخذوا قاتل وليكم فاصنعوا به ما شئتم فإن أرضوا أولياء المقتول الأول وإلا دفع القاتل الثاني إلى أولياء المقتول الأول فصنعوا به ما أرادوا قلت : أرأيت إن قال أولياء القاتل الآخر لأولياء المقتول الأول : خذوا منا الدية أو خذوا منا أكثر من الدية وكفوا عن هذا القاتل الآخر الذي قتل ولينا فنقتله نحن أو نستحييه وقال أولياء المقتول الأول : لا نأخذ منكم مالا ولكنا نأخذه فنقتله نحن أيكون ذلك لهم في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إن أرضوهم وإلا أسلم إليهم - فأرى إذا أبوا فلهم ذلك ولهم أن يقتلوا لأنهم لم يرضوا
ما جاء في الرجل يجب عليه القتل فيثب عليه رجل فيفقأ عينه
قلت : أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا عمدا فحبس ليقتل فوثب عليه رجل في الحبس ففقأ عينه خطأ أوعمدا ؟ قال : قال مالك : هو رجل من المسلمين يستقاد منه وله وتعقل جراحاته ما لم يقتل قال ابن القاسم : وأرى أنه أولى بجراحات نفسه - كان عمدا أوخطأ - إن كان عمدا كان له القصاص إن شاء اقتص وإن شاء عفا وإن كان خطأ كان له الأرش وليس لولاة المقتول في ذلك شئ إنما لهم نفسه وهم أولى بمن قتله فأما جرحه فليسوا بأولى به منه قلت : أرأيت إن كان القاضي قد حكم بقتله فأمكنهم منه فانطلقوا به ليقتلوه فوثب عليه رجل فقطع يده عمدا ؟ قال : يقتص منه وهو بمنزلة الأول كما وصفت لك فيه قلت : أرأيت إن كان قطع يد رجل وقتل آخر كل ذلك عمدا ؟ قال مالك : القتل يأتي على ذلك كله قلت : أرأيت إن قتل رجل وليا لي عمدا فقطعت يده أيقتص مني ؟ قال : نعم يقتص منك في قول مالك لأن مالكا قال : هو رجل من المسلمين ما لم يقد منه يستقاد له وتحمل عاقلته ما أصاب من الخطأ وما أصيب به من الخطأ حملته عاقلة من أصابه ومما يبين لك ذلك لو أن ولي الدم أصابه ففقأ عينه أو قطع يده خطأ حملته له عاقلة ولي المقتول فالعمد والخطأ سواء فيما يجب له في ذلك
في الرجل يكسر بعض سن رجل أيقتص منه وفيمن يقتل ولي رجل عمدا أو يجرحه
قلت : أرأيت إن كسر بعض سنه أيكون فيه القصاص في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : كيف يقتص ؟ قال : يسئل عن ذلك من يعرفه فيقتص منه قلت لابن القاسم : أرأيت إن قتل رجل وليا لي عمدا - ضرب عنقه بالسيف - كيف يصنع به ؟ أيسلم إلي فأقتله بالسيف أم يأمر السلطان رجلا يضرب عنقه ؟ قال : قد أخبرتك بقول مالك فيه في الجراحات : إن السلطان يأمر رجلا يقتص منه وأما في القتل فأرى أن يدفع إلى ولي المقتول فيقتله ولا يمكن من العنت عليه قلت : فلم لا تمكنه من أن يقتص من الجراحات كما تمكنه في النفس ؟ قال : لم أزل أسمع أن القاتل يدفع إلى أولياء المقتول وقد سمعت عن مالك أنه قال : يدفع القاتل إلى أولياء المقتول وأرى النفس خلاف الجراحات لأنه ليس كل أحد يحسن أن يقتص في الجراحات ولأنه لا يؤمن المجروح إذا أمكن من ذلك أن يتعدى في القصاص
ما جاء في الرجل يسقي الرجل سما أو سيكرانا
قلت : أرأيت من سقى رجلا سما فقتله أيقتل به ؟ قال : نعم يقتل به عند مالك قلت : كيف يقتل به في قول مالك ؟ قال : على قدر ما يرى الإمام قلت : ولقد سئل مالك عن هؤلاء الذين يسقون الناس السيكران فيموتون منه ويأخذون أمتعاتهم قال مالك : سبيلهم سبيل المحاربين قلت : أرأيت إن قطع رجل يد رجل خطأ أو عمدا فعفا المقطوعة يده عن القاطع ثم مات منها المقطوعة يده أيكون لولاته أن يقتلوا القاطع في العمد وهل يكون لهم في الخطأ الدية ؟ قال : قال مالك : في رجل شج رجلا موضحة خطأ فصالحه المجروح على شئ أخذه منه ثم نزف منها فمات قال مالك : يقسم ولاته أنه مات منها ويستحقون الدية على العاقلة ويرد هذا ما أخذ من الجارح على الجارح ويكون الجارح كرجل من قومه قال : فأرى العمد بهذه المنزلة إذا عفا عن اليد ثم مات أرى لهم القصاص في النفس إذا كان إنما عفا عن اليد ولم يعف عن النفس قلت : أرأيت إن قتلني رجل عمدا فعفوت عن قاتلي أيجوز عفوي ؟ قال : نعم ذلك جائز عند مالك قلت : فأنا أولى بدمي من الورثة في الخطأ والعمد ؟ قال : نعم أنت أولى به كله في الخطأ والعمد إن حمل ذلك الثلث في الخطأ قلت : أرأيت إن شققت بطن رجل فتكلم وأكل وعاش يومين أو ثلاثة ثم مات من ذلك أتكون فيه القسامة أم لا ؟ قال : لم أوقف مالكا على هذا ولكن قال مالك : من ضرب فمات تحت الضرب أو بقي بعد الضرب مغمورا لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتى مات فهذا الذي لا قسامة فيه قال مالك : ومن أكل وشرب وعاش ثم مات بعد ذلك فأرى فيه القسامة لأنه لا يؤمن أن يكون إنما مات من أمر عرض له مرض أو غير ذلك وأما ما ذكرت من شق الجوف فإني لم أسمع من مالك فيه شيئأ إلا أني أرى إن كان قد أنفذ مقاتله حتى يعلم أنه لا يعيش من مثل هذا وإنما حياته إنما هي خروج نفسه فلا أرى في مثل هذا وما أشبهه قسامة قال : ولقد قال لي مالك في الشاة التي يخرق السبع بطنها فيشق أمعاءها فينثره أنها لا تؤكل قال : لأنها ليست بذكية لأن الذي صنع السبع بها كان قتلا لها وإنما الذي فيها من الحياة خروج نفسها لأنها لا تحيا على حال قلت : والخطأ والعمد فيه القسامة - في قول مالك - لا بد من ذلك إذ عاش بعد الضرب ثم مات ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن مكث يومين أو ثلاثة من بعد الجراحات مصروعا من الجراح إلا أنه يتكلم ولم يأكل ولم يشرب ثم مات أتكون القسامة فيه أم لا ؟ قال : قد فسرت لك قول مالك إذا عاش حياة تعرف ففيه القسامة قلت : أرأيت إن قطع فخذي فعشت يوما وأكلت في ذلك اليوم وشربت ثم مت من آخر النهار أتكون في ذلك القسامة في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا بعينه شيئا إلا أني أرى أن في هذا القسامة قلت : أرأيت لو أن جماعة رجال قتلوا رجلا فعفا المقتول عن رجل منهم أيكون للورثة أن يقتلوا الباقين في قول مالك ؟ قال : قال مالك : في النفر يقتلون رجلا عمدا : إن لولي الدم أن يقتل من أحب منهم ويعفو عمن أحب ولولي الدم أن يصالح من أحب منهم ويعفو عمن أحب ويقتل الآخر يصنع بهم ما شاء من ذلك فكذلك المقتول بعينه إذا عفا عن أحدهم فللورثة أن يقتلوا من بقي
ما جاء في الرجل يقتل عمدا وله إخوة فعفا أحدهم
قلت : أرأيت إذا قتل الرجل عمدا وله إخوة وجد فمن عفا من الإخوة أو الجد فعفوه جائز في قول مالك ؟ قال : نعم ذلك جائز في رأيي قلت : فالإخوة للأم أيكون لهم أن يعفوا عن الدم ؟ قال : قال مالك : ليس لهم في العفو عن الدم نصيب قلت : أرأيت إذا قتل الرجل عمدا - وله ورثة رجال ونساء - فقال الرجال : نحن نعفوا وقال النساء : نحن نقتل ؟ قال : إن كانوا بنين وبنات فعفو البنين جائز على البنات ولا عفو للنساء مع البنين وهذا قول مالك قال ابن القاسم : والإخوة والأخوات إذا كانوا مستوين في قرابتهم إلى الميت هم عندي بمنزلة البنين والبنات وإذا كانوا إخوة وبنات فعفا الإخوة وقال البنات : نحن نقتل فذلك لهم وإن عفا البنات وقال الإخوة : نحن نقتل فذلك لهن وإن كانوا أخوات وعصبة فهم كذلك أيضا بحال ما وصفت لك ولا عفو إلا باجتماع منهم ومن قام بالدم كان أولى به قلت : فإن كن أخوات لأب وأم وإخوة لأب فعفا الإخوة للأب وقال الأخوات للأب والأم : نحن نقتل ؟ قال : الأخوات أولى بالقتل ولا عفو إلا باجتماع منهم لأن الإخوة للأب مع الأخوات للأم والأب عصبة قلت : وهذا كله قول مالك ؟ قال : لا هذا رأيي
ما جاء في الرجل يوصي بثلثه لرجل وفي الرجل يقتل عمدا
قلت : أرأيت إذا أوصى المقتول بثلثه لرجل أتدخل الدية في ثلثه ؟ قال : قال مالك : إن كان القتل خطأ أدخلت الوصية في ماله وفي الدية لأنه قد علم أن قتل الخطأ مال وإن كان قتله عمدا فقبل الأولياء الدية لم يكن لأهل الوصايا منها شئ وكانت بين الورثة على فرائض الله إلا أن يكون عليه دين فيكون أهل الدين أولى بذلك قلت : أرأيت إن كان أوصى لرجل بثلث ماله - وهو صحيح أو مريض - فوثب عليه رجل فقتله خطأ أيكون لأهل الوصايا الذين أوصى لهم بالثلث قبل القتل في الدية شئ أم لا ؟ قال : قال مالك في رجل أوصى بوصايا ولا يحمل ثلثه تلك الوصايا ثم ورث مالا قال : قال مالك : إن كان عالم بالميراث فالوصية في ماله وفي الميراث وإن كان لم يعلم بالميراث فلا شئ لأهل الوصايا من هذا الميراث فكذلك المقترل خطأ إن كان قتله بشئ اختلس نفسه اختلاسا لم يكن بعد الضربة حياة يعرف بها شيئا من الأشياء فلا شئ لأهل الوصايا في ديته وإن كان معه بعد الضربة من عقله ما يعرف به ما هو فيه فأقر الوصايا ولم يغيرها فإن أهل الوصايا يدخلون في ديته وهذا رأيي وكذلك قال مالك في الدية إذا قتل خطأ فعلم بالدية فإن أهل الوصايا يدخلون في الدية قلت : أرأيت إن قتل رجلا عمدا وليس له ولي إلا ابنته وأخته فقالت البنت : أنا أقتل وقالت الأخت : أنا أعفو أو قالت الأخت : أنا أقتل وقالت الابنة : أنا أعفو وكيف إن كان هذا المقتول قد أكل وشرب وتكلم أيكون للأخت والبنت أن يقسما ويستحقا دمه ؟ فإن لم يكن لهما ذلك أيبطل دم هذا المقتول ؟ قال : أما إذا مات مكانه فقالت البنت : أنا أقتل وقالت الأخت : أنا أعفو فالبنت أولى بالقتل وإن قالت البنت : أنا أعفو وقالت الأخت : أنا أقتل فالابنة أيضا بالعفو أولى لأن الأخت ليست بعصبة من الرجال قال : وإنما كان هذا هكذا من قبل أن العصبة لا ميراث لهم ههنا وأما مسألتك فيه إذا أكل وشرب ثم مات فليس لهما أن يقسما لأن مالكا قال : لا يقسم النساء في العمد قلت : فيبطل دم هذا ؟ قال : يقسم عصبته إن أحبوا فيتقلون قلت : فإن أقسم عصبته فقالت البنت : أنا أعفو ؟ قال : فليس ذلك لها لأن الدم إنما استحقه العصبة ههنا قلت : فإن عفا العصبة وهم الذين استحقوا الدم وقالت الابنة : لا أعفو ؟ قال : فليس ذلك لهم ولا عفو إلا باجتماع منها ومنهم أو منها ومن بعضهم قلت : فإن لم تكن له عصبة وكان رجلا من أهل الأرض ؟ قال : إن كان قتله خطأ أقسمت الأخت والابنة وأخذتا الدية وإن كان عمدا لم يقتل إلا ببينة
ما جاء في رجل من أهل الذمة أسلم ثم قتل عمدا
قلت : أرأيت إن كان رجل من أهل الذمة أسلم أو رجل لا تعرف عصبته قتل عمدا فمات مكانه وترك بنات فأردن أن يقتلن ؟ قال : ذلك لهن عند مالك قلت : فإن قال بعض البنات : نحن نقتل وقال بعضهم : نحن نعفو ؟ قال : فأرى للسلطان أن ينظر في ذلك يرى في ذلك رأيه إن رأى أن يقتل قتل إذا كان عدلا لأن السلطان هو الناظر للمسلمين وهذا ولاته المسلمون فإنه كان الوالي عدلا كان نظره مع أي الفريقين كان إذا كان ذلك على وجه الاجتهاد قلت : أرأيت إن قتل رجل رجلا - وللمقتول عصبة وبنات - فعفا بعض البنات وقال بعضهن : نحن نقتل ؟ قال : ينظر إلى قول العصبة فإن قالوا : نحن نقتل كان القتل أولى وإن قالوا نحن نعفو كان العفو أولى وكذلك أرى لأن العصبة قد عفت وعفا بعض البنات فليس لمن بقي من البنات القتل لأن العصبة إذا عفت جميعا فإنما للبنات أن يقتلن إذا اجتمعن على القتل فإن افترقن فقال بعضهن : نقتل وقال بعضهن : نعفو كان العفو أولى بمنزلة الإخوة إذا كانوا ولاة الدم فعفا بعضهم لم يكن لمن بقي أن يقتل فكذلك البنات حين عفت العصبة كان لهن أن يقتلن إذا اجتمعن على القتل فإذا افترقن فليس لهن أن يقتلن مثل ما كان للإخوة لأن الدم قد صار لهن حين عفت العصبة مثل ما وصفت لك في البنين قلت : فإن افترقت العصبة والبنات فقال بعض العصبة : نحن نقتل وقال بعضهم : نحن نعفو وافترق البنات أيضا مثل ذلك ؟ قال : فلا سبيل إلى القتل ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي قلت : أرأيت إذا ادعيت أن ولي الدم قد عفا عني إلى أن استحلفه ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يستحلفه قلت : فإن نكل عن اليمين ولي الدم أترد اليمين على القاتل ؟ قال : نعم أرى أن ترد اليمين عليه
ما جاء في الأب يصالح عن ابنه الصغير عن دم
قلت : أرأيت لو أن رجلا وجب لابنه دم قبل رجل خطأ أو عمدا وابنه صغير في حجره أيجوز للأب أن يعفو ؟ قال : قال مالك في رجل قتل وله ابن صغير وعصبة - والقتل خطأ أو عمدا - إن للعصبة أن يقتلوا إن أحبوا أو يأخذوا الدية ويعفوا ويجوز ما صنعت العصبة في ذلك ولا يجوز لهم أن يعفوا بغير دية قال : قال مالك : ويجوز ما صنعت العصبة في ذلك من قتل أو عفو على الدية قال مالك : لأنه إن ترك الدم حتى يكبر كان في هذا تلف لحق هذا الصغير قال مالك : فإن عفت العصبة عن الدم على غير مال لم يجز عفوهم على الصغير فكذلك مسألتك إن عفا الأب على مال جاز عفوه وإن عفا على غير مال لم يجز قلت : فإن عفت العصبة أو الأب على أقل من الدية أيجوز في قول مالك أم لا يجوز عفوه على أقل من الدية ؟ قال : لا يجوز له - عند مالك - العفو في العمد والخطأ على أقل من الدية إلا أن يتحمل الدية في ماله وكذلك قال لي مالك قال ابن القاسم : ويكون بها مليا يعرف ملاؤه فإن عفا وليس بملي لم يجز عفوه قال : والعصبة في ذلك بمنزلة الأب وإن لم يكونوا أوصياء قلت : أرأيت لو أن رجلا قتل وله ابنان - أحدهما حاضر والآخر غائب - أراد الحاضر أن يقتل ؟ قال : قال مالك : ليس له ذلك إنما له أن يعفو فيجوز العفو على الغائب وأما أن يقتل فليس ذلك له حتى يحضر الغائب قلت : أيحبس هذا القاتل حتى يقدم الغائب ولا يكفل ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وكذلك القصاص فيما دون النفس لا كفالة فيه ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن ادعى القاتل بينة غائبة على العفو ؟ قال : أرى أن يتلوم له السلطان قلت : أرأيت من وجب لهم القتل إن قتلوا قبل أن ينتهوا إلى السلطان ؟ قال : قال مالك : يؤدبون ولا شئ عليهم
ما جاء في الرجل يعفوعن دمه ولا مال له
قلت : فلو أن رجلا قتل رجلا خطأ - ولا مال له - فعفا المقتول عن العاقلة وأوصى بوصايا ؟ قال : قال مالك في رجل يقتل خطأ : إنه إن عفا عن ديته فإنما عفوه في ثلثه فأرى أن يكون للعاقلة ولأهل الوصايا وصاياهم يتحاصون في ثلث ديته قلت : أرأيت ما ذكرت من قول مالك إن الذي يجب له الدم إذا عفا عن القاتل على الدية إن ذلك له أرأيت إن قال القاتل لا أعطيك الدية ولكن هاأنذا إن شئت فاقتلني وإن شئت فاترك ؟ قال : قال مالك : ذلك له ولا يأخذ منه الدية إلا أن يرضى قلت : أرأيت إن ضربه ضربة واحدة فأوضحه موضحتين ؟ قال : قال مالك : له عقل موضحتين قلت : فإن ضربه ضربة واحدة فأوضحه من قرنه إلى قرنه ؟ قال : قال مالك : هي موضحة واحدة لأنها ضربة واحدة قلت : أرأيت لو أن شاهدا شهد أن هذا الرجل ضرب فلانا حتى قتله أيكون لأولياء الدم أن يقسموا ويقتلوا ؟ قال : نعم عند مالك إذا كان الشاهد عدلا قلت : فإن شهد قال : أرى في هذا القسامة إذا كان الشاهد عدلا قلت : الذي قلت إن مالكا يأبى القتل على جميع الجراحات أذلك إذا كانت الجراحات والقتل في نفس واحدة أو أنفس شتى ؟ قال : الذي يحفظ عن مالك إذا كان ذلك في أنفس شتى إذا قطع يد هذا وفقأ عين آخر وقتل آخر فإن القتل يأتي على هذا كله قلت : أرأيت إن شهد شاهد أنه قطع يده خطأ وأنه قتله بعد ذلك عمدا ؟ قال : دية يده - عند مالك - على العاقلة ويقتل القاتل به - عند مالك - ويستحقون دية اليد بيمين واحدة ولا يستحقون النفس إلا بقسامة
قلت : وكذلك لو أن رجلا قتل أجذم أو أبرص أو أقطع اليدين أو الرجلين عمدا - والقاتل صحيح - أيقتل به في قول مالك ؟ قال : نعم إنما هي النفس بالنفس وليس ينظر في هذا إلى نقصان الأبدان ولا إلى عيوبها قلت : أرأيت الخطأ أليس لولاة الدم أن يقسموا على الذين ضربوه - وإن كانوا جماعة - فيقسمون على جميعهم وتفرق الدية على قبائلهم في ثلاث سنين في قول مالك ؟ قال : سألت مالكا عنها فقال لي : نعم ولا يشبه هذا قتل العمد قلت : أرأيت لو أن ثلاثة نفر أتوا إلى رجل فحملوا صخرة - جميعهم - فرضوا بها رأسه ضربة واحدة فعاش بعد ذلك أياما - أكل وشرب وتكلم ثم مات من ذلك - فقالت الورثة : نحن نقسم على جميعهم ونقتلهم ؟ قال : ليس لهم أن يقسموا إلا على واحد ويقتلوه وإن كانت الضربة منهم معا جميعا فليس لهم أن يقسموا إلا على واحد ويقتلوه لأن مالكا قال : لا يقسمون في العمد إلا على واحد قلت : أرأيت إن اجتمعت جماعة رجال على جراحات رجل خطأ فعاش بعد ذلك أياما فتكلم وأكل وشرب ثم مات فقالت الورثة : نحن نقسم على واحد منهم ونأخذ الدية من عاقلته ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى ذلك لهم لأنه لا يدري أمن ضربة هذا مات أم من ضرب أصحابه فلا يكون لهم أن يقسموا على هذا وحده لأنه إن كان مات من ضربهم جميعهم فإنما الدية على جميعهم مفترقة في القبائل وإنما لهم أن يقسموا على جميعهم وإنما قال لي مالك في الخطأ حين قلت له : كيف يقسمون في الخطأ فقال : إنما يقسمون على جميعهم قلت : أرأيت العمد أليس قد قال مالك فيه : إنما يقسمون على واحد وإن كان الذين ضربوه جماعة ؟ فما فرق ما بين العمد في هذا والخطأ ؟ قلت : في الخطأ لا يقسمون إلا على جميعهم وقلت في العمد : لا يقسمون إلا على واحد قال : لأنهم في العمد لو أقسموا على جميعهم لم يجب الدم على جميعهم فهذا الذي قصدوا إليه ليقسموا عليه لا حجة له إن قال لا تقسسوا علي دون أصحابي لأنه يقال له : لا منفعة لك ههنا إن أقسموا على جماعتهم وجب لهم دمك فأنت لا منفعة لك ههنا فيكون لهم أن يقسموا عليه دون أصحابه وفي الخطأ إن قصدوا قصد واحد ليقسموا عليه كانت له الحجة أن يمنعهم من ذلك لأنه يقول هذا الضرب منا جميعا فالدية تجب له إذا مات من ضربنا في قبائلنا كلنا فليس لكم أن
تقصدوا بالدية قصدي وقصد عاقلتي فهذا فرق ما بينهما قلت : أرأيت الوكالات في الخصومات كلها والموكل حاضر أيجوز - ولم يرض خصمه بالوكالة - في قول مالك ؟ قال : نعم الوكالة جائزة وإن كره خصمه ولكل واحد منهما أن يوكل وإن كان حاضرا إلا أن يكون ذلك رجلا قد عرف أذاه وإنما أراد بذلك أذاه فلا يكون ذلك له كذلك قال مالك
ما جاء فيمن قتل رجلا وله أولياء فمات أحد الأولياء
قلت : أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا عمدا - وله أولياء - فقاموا على القاتل ليقتلوه فلم يقتلوه حتى مات واحد من ورثة المقتول وكان القاتل وارثه أيكون لهم أن يقتلوه أم لا في قول مالك ؟ قال : ليس لهم أن يقتلوه في رأيي لأن مالكا قال لي : إذا مات وارث المقتول الذي له القيام بالدم فورثته مكانه يجوز عفوهم ولهم أن يقتلوه بمنزلة ما كان لصاحبهم الذي ورثوه فهذا القاتل إذا كان هو وارث الميت الذي له القصاص فقد بطل القصاص في رأيي ووجب عليه لأصحابه حظوظهم من الدية لأنهم لم يعفوا على مال فيقول هذا القاتل لا أقبل عفوكم على مال فلا يجب عليه المال ولكنه لما وقع له في دم نفسه مورث لم يستطيعوا القصاص منه فصار عليه حظوظهم من الدية وكان بمنزلة من عفا فيقضي لشركائه بحظوظهم من الدية قلت : أرأيت هذا الذي مات من ولاة الدم إن كان ورثته رجالا ونساء أيكون للنساء - في قول مالك - في العفو عن الدم شئ أم لا ؟ قال : نعم يكون لهن العفو ههنا لأن مالكا قال : لورثة ولي الدم إذا مات ما كان لولي الدم وإنما ورث النساء والرجال ما كان لصاحبهم وقد كان لصاحبهم أن يقتل أو يعفو فذلك لهم لرجالهم ونسائهم قلت : فإن قتل رجل عمدا - وله بنون وبنات - فماتت إحدى البنات وتركت أولادا ذكورا ؟ قال : فلا شئ لأولادها في العفو عن الدم ولا القيام به لأنه لم يكن لأمهم في هذا الدم أن تعفو عنه ولا أن تقوم بالقصاص فيه - عند مالك - وإنما كان لأمهم إن عفا بعض البنين الذكور من أولياء الدم فصارت دية أن تدخل في الدية فتأخذ حصتها فإنما لولدها ما كان لها إن عفا بعض البنين الذكور عن الدم كان لولدها أن يأخذوا حصتها من الدية وليس لهم غير ذلك قلت : أرأيت إن قتلت رجلا عمدا وولي الدم ابني أيكون لابني أن يقتص مني ؟ قال : لا وقد سمعت عن مالك أنه كره ذلك وقال : يكره أن يحلفه في الحق فكيف يقتله ؟ قلت : أرأيت إن قتل رجل - وله أولياء أولاد صغار وكبار - أيكون للكبار أن يقتلوا ولا ينتظروا الصغار في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن كانوا كبارا كلهم وبعضهم غائب ؟ قال : قال مالك : لا يقتلون حتى يقدم الغائب فإن عفا الحضور قبل قدوم الغيب جاز ذلك على الغيب وأخذوا حظوظهم من الدية قلت : فما فرق ما بين الصغار والغيب الكبار ؟ قال : لأن الغيب قد بلغوا رجالا ووجب هذا الدم لمن يجوز عفوه فيه يوم قتل والغائب يكتب إليه فيصنع في نصيبه ما أحب والصغير ينتظر به زمانا طويلا فتبطل الدماء
ما جاء في الرجل يقتل وله وليان أحدهما صحيح والآخر مجنون
قلت : أرأيت إن قتل رجل عمدا وله وليان أحدهما صحيح والآخر مجنون أيكون لهذا الصحيح أن يقتص في قول مالك ؟ قال : نعم في رأيي إذا كان جنونا مطبقا وهذا مما يدلك على أن الولي له أن يقتل ولا ينتظر بالقتل بلوغ الصغير إذا كان في أولياء المقتول صغير لأن الصغير لو انتظرنا فبلغ مجنونا كان ينبغي في قول من قال : لا يقتص من القاتل حتى يبلغ الصغير أن يقول إن بلغ الصغير مجنونا لم يقتص من القاتل حتى يبرأ هذا المجنون لأن المجنون بمنزلة الصغير فيبطل الدم بل المجنون أبين من الصغير لأن الصغير يكبر والمجنون لا يكاد يفيق قلت : أرأيت إن كان في ورثة المقتول كبير مغمى عليه أو مبرسم ما قول مالك فيه ؟ قال : الذي لا شك فيه والذي أرى أنه ينتظر برؤه لأن هذا مرض من الأمراض قلت : أرأيت لو جن يوما فهذى أو أغمي عليه يومه ذلك أكنت تعجل عليه بالقتل ؟ قال : لا أعجل به ولكن أنتظر به حتى يصح فيعفو أو يقتل قلت : أرأيت لو أن يتيما في حجر وصي له جرحه رجل أو قتله أيكون للوصي أن يقتص له من الجارح له أو القاتل ؟ قال : أما في الجراح فله أن يقتص لليتيم لأن مالكا قال : لولي اليتيم إذا قتل والد اليتيم أو أخوه - وكان اليتيم وارث الدم - إن لوليه أن يقتص له فالوصي عندي بتلك المنزلة أو أقرب قال ابن القاسم : وأما في القتل فولاة دم اليتيم عندي أحق من الوصي وليس للوصي ههنا شئ قال : وما سمعت هذا من مالك قلت : أرأيت إذا جرح اليتيم عمدا أيكون للوصي أن يصالح الجارح على مال ويجوز ذلك على الصغير في قول مالك ؟ قال : سمعت مالكا يقول في الرجل يجرح ابنه فيريد أن يعفو عن جارح ابنه قال مالك : ليس ذلك للأب إلا أن يعوضه من ماله فإذا لم يكن للأب أن يعفو بغير شئ فليس للوصي أن يعفو إلا على مال وعلى وجه النظر قلت : العمد في هذا أو الخطأ سواء ؟ قال : نعم إلا أن للأب والوصي أن يصالحا في العمد والخطأ ولا يأخذا أقل من أرش الجراح لأنه لو باع سلعة لابنه بثمن ألف دينار بخمسمائة دينار محاباة تعرف لم يجز ذلك فكذلك إذا صالح على أقل من الدية في جراحات ابنه إلا أن يكون صالحه على وجه النظر لولده على أقل من دية الجرح لأن الجارح عديم فرأى أن يأخذ منه أقل من الدية فأرى أن يجوز هذا ولم أسمعه من مالك قلت : أرأيت الوصي في هذا أهو بمنزلة الأب ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه مثله عندي قلت : أرأيت الوصي إذا قتل عبدا لليتيم عمدا أيكون له أن يقتص ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا وأحب إلي أن يأخذ المال في ذلك لأن أخذ المال نظر لليتيم وليس لليتيم في القصاص منفعة وكذلك الولد في ذلك أيضا
ما جاء في الرجل يقتل رجلا ثم يهرب القاتل
قلت : أرأيت لو أن رجلا قتل وهرب فأراد ولاة الدم أن يقيموا البينة عليه وهو غائب أيمكنون من ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم في رأيي لأن مالكا يرى أن يقضى على الغائب وأن توقع البينة عليه فإذا قدم قيل له : ادفع عن نفسك إن كان عندك ما تدفع به ولا تعاد البينة عليه قلت : أرأيت لو أني دفعت دابتي إلى صبي أو سلاحي يمسكه فعطب الصبي بذلك أتضمن عاقلة الرجل دية الصبي في قول مالك ؟ قال : نعم عليهم الضمان لأن مالكا قال في الصبي يعطيه الرجل الدابة يحمله عليها ليسقيها أو يمسكها فيعطب الصبي قال مالك : أرى الدية على عاقلة الرجل قلت : أفترى عليه الكفارة أم لا ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن حملت صبيا على دابة ليسقيها أو ليمسكها فوطئت الدابة رجلا فقتلته على من ديته ؟ قال : قال مالك : على عاقلة الصبي قلت : فهل ترجع عاقلة الصبي على عاقلة الرجل الذي حمل الصبي على الدابة بالعقل الذي حملت ؟ قال : لا قلت : أرأيت الرجلين يترادفان على الدابة فوطئت الدابة رجلا بيديها أو برجليها فقتلته ؟ قال : قال مالك : أراه على المقدم إلا أن يعلم أن ذلك من الدابة كان من سبب المؤخر مثل أن يكون حركها أو ضربها فيكون عليهما جميعا لأن المقدم بيده لجامها أو يأتي من سبب فعلها أمر يكون من المؤخر لم يكن يقدر المقدم على دفع شئ منه فيكون على المؤخر بمنزلة ما لو ضربها المؤخر فرمحت لضربة فقتلت إنسانا فهذا وما أشبهه على عاقلة المؤخر لأنه يعلم أن المقدم لم يعنتها شيئا ولم يمسك لها لجاما ولا تحريكا من رجل ولا غيرها فيكون شريكا فيما فعل
قلت : أرأيت إن كان الرجل راكبا على دابته فكدمت إنسانا فأعطبته أيكون على الراكب شئ أم لا قال : سمعت مالكا يقول في الرجل يكون على الدابة راكبا فتضرب برجلها رجلا فتعطبه قال : لا شئ على الراكب إلا أن يكون ضربها فنفحت برجليها فيكون عليه ما أصابت وأرى الفم عندي بمنزلة الرجل إن كدمت من شئ فعله بها الراكب فعليه وإلا فلا شئ عليه قلت : أرأيت ما وطئت بيديها أو رجليها ؟ قال : هو ضامن لما وطئت بيديها أو رجليها - عند مالك - لأنه هو يسيرها قلت : أرأيت إن كان الصبي أمام والرجل خلف فوطئت الدابة إنسانا ؟ قال : أراه على الصبي إن كان قد ضبط الركوب لأن ما وطئت الدابة - في قول مالك - فهو على المقدم إلا أن يكون المردف قد صنع بالدابة شيئا على حال ما وصفت لك فيكون ذلك عليهما جميعا - على المقدم والمؤخر - لأن اللجام في يد المقدم قال ابن القاسم : وإن كانت قد ضربت من فعل الرديف برجلها فأصابت إنسانا فلا شئ على المقدم من ذلك لأن المقدم لا يضمن النفحة بالرجل إلا أن يكون ذلك من فعله عند مالك قال : ابن القاسم : وأرى إن كان فعل بها الرديف شيئا فوثبت الدابة من غير أن يعلم المقدم بذلك فوطئت إنسانا فالضمان على الرديف إذا كان يعلم أن المقدم لم يكن يستطيع حبسها فهو على الرديف قلت : أرأيت حين قلت إن اللجام في يد المقدم فلم لا تضمنه ما كدمت الدابة ؟ قال : لأن الدابة تكدم وهوغائب لا يعلم بذلك قال : فإن كان شيئا يستيقن أنه من غير سببه فليس عليه شئ وإن كان يعلم أنه من سببه فهو له ضامن قلت : أرأيت إذا اجتمع في قتل رجل عبد لرجل وحر قتلاه جميعا خطأ ؟ قال : على عاقلة الحر نصف الدية ويقال لسيد العبد : ادفع عبدك أو افده بنصف الدية قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم
ما جاء في رجل حفر بئرا على طريق المسلمين
قلت : أرأيت من حفر بئرا على طريق المسلمين أو في ملك غيره بغير إذن رب الأرض أيضمن أم لا في قول مالك ما عطب فيها ؟ قال : قال مالك : من حفر شيئا مما يجوز له في طريق المسلمين أو في غير ذلك أو في داره فعطب فيها إنسان فلا ضمان عليه قال مالك : وإن حفر رجل في داره حفيرا لسارق يرصده ليقع فيه أو وضع له حبالات أو شيئا يتلفه به فعطب فيه السارق فهو ضامن - قلت : لم ؟ وإنما وضعه حيث يجوز له ؟ قال : لأنه تعمد بما وضع حتف السارق قلت : فإن عطب فيه غير السارق ؟ قال : كذلك يضمن قلت : أسمعته من مالك ؟ قال : هو قوله قلت : فما يجوز للرجل أن يحفره في طريق المسلمين في قول مالك ؟ قال : مثل بئر المطر والمرحاض يحفره إلى جانب حائطه وما أشبه هذا الوجه فلا ضمان عليه وما حفر في طريق المسلمين مما لا يجوز له حفره فهو ضامن لما عطب فيه قلت : أرأيت إن حفر رجل في داري بئرا بغير إذني فعطب فيه إنسان أيضمن الحافر في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن أوقف دابة في طريق المسلمين حيث لا يجوز له أيضمن ما أصابت في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت من قاد دابة فوطئت بيديها أو برجليها أيضمن القائد ما أصابت في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن ضربت برجليها فنفحت الدابة فأصابت رجلا فأعطبته أيضمن القائد ما أصابت أم لا في قول مالك ؟ قال : لا يضمن في رأيي إلا أن تكون نفحت من شئ صنع بها قلت : أرأيت السائق أيضمن ما أصابت الدابة في قول مالك ؟ قال : نعم يضمن ما وطئت بيديها أو رجليها بحال ما وصفت لك في قائد الدابة قلت : أرأيت دابة كنت أقودها وعليها سرجها أو غرائر فوقع متاعها عنها فعطب به إنسان أيضمن القائد أم لا ؟ قال : سألت مالكا عن حمال حمل على بعير عدلين فسار بهما وسط السوق فانقطع الحبل فسقط أحد العدلين على جارية فقتلها - والحمل لغيره ولكنه أجير جمال ؟ قال مالك : أرأه ضامنا ولا يضمن صاحب البعير شيئا قلت : أرأيت إن سقطت عن دابتي فوقعت على إنسان فمات أأضمن أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن ضمان ذلك عند مالك على العاقلة قلت : أرأيت الكلب العقور وما أصاب في الدار أو غير الدار أيضمن ذلك أهله أم لا ؟ قال : بلغني أن مالكا قال : إذا تقدم إلى صاحب الكلب العقور فهو ضامن لما عقر بعد ذلك وأنا أرى أنه إذا اتخذه في موضع يجوز له اتخاذه فيه أن لا ضمان عليه حتى يتقدم إليه وإن اتخذه في موضع لا يجوز فيه اتخاذه فأراه ضامنا لما أصاب مثل ما يجعله في داره وقد عرف أنه عقور فيدخل الصبي أو الخادم أو الجار الدار فيعقرهم وقد علم أنه عقور فأراه ضامنا وإنما قال مالك في الكلب العقور إذا تقدم إليه : إن ذلك في الموضع الذي يجوز له اتخاذه فيه وليس ذلك فيما يتخذ في الدور وما أشبهها مما لا يجوز اتخاذه فيها
ما جاء في الفارسين يصطدمان أو السفينتين
قلت : أرأيت إذا اصطدم فارسان فقتل كل واحد منهما صاحبه ؟ قال : قال مالك : عقل كل واحد منهما على قبيل صاحبه وقيمة كل فرس منهما في مال صاحبه ؟ قلت : أرأيت لو أن سفينة صدمت سفينة أخرى فكسرتها فغرق أهلها ؟ قال : قال مالك : إن كان ذلك من الريح غلبتهم أو من شئ لا يستطيعون حبسها منه فلا شئ عليهم وإن كانوا لو شاؤوا أن يصرفوها صرفوها فهم ضامنون قلت : أريت لو أن حرا وعبدا اصطدما فماتا جميعا ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال : ثمن العبد في مال الحر ودية الحر في رقبة العبد فإن كان في ثمن العبد فضل دية الحر كان في مال الحر وإلا لم يكن لسيد العبد شئ قلت : أرأيت إن نخس رجل دابة فوثبت الدابة على إنسان فقتلته على من تكون دية هذا المقتول ؟ قال : على عاقلة الناخس قلت : وهو قول مالك ؟ قال : هو قوله قلت : أرأيت الدابة إذا جمحت براكبها فوطئت إنسانا فعطب أيضمن ذلك أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : هو ضامن
ما جاء في تضمين القائد والسائق والراكب
قلت : هل كان مالك يضمن القائد والسائق والراكب ما وطئت الدابة إذا اجتمعوا - أحدهم سائق والآخر راكب والآخر قائد - ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إذا اجتمعوا جميعا وما أقوم لك على حفظه وأرى أن ما أصابت الدابة على القائد والسائق إلا أن يكون الذي فعلت الدابة من شئ كان من سبب الراكب ولم يكن من السائق ولا القائد عون في ذلك فهو له ضامن قلت : أرأيت الرجل يقود القطار فيطأ البعير من أول القطار أو من آخره على رجل فيعطب أيضمن القائد ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه ضامنا قلت : أرأيت ما أشرع الرجل في طريق المسلمين من ميزاب أو ظلة أيضمن ما عطب بذلك الميزاب أو تلك الظلة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يضمن قلت : أرأيت الحائط المائل إذا أشهد على صاحبه فعطب به إنسان أيضمن أم لا ؟ قال : أخبرني من أثق به عن مالك أنه قال : يضمن ما عطب به إذا أشهدوا عليه وكان مثله مخوفا قلت : أرأيت إذا لم يشهدوا عليه وكان مثله مخوفا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى عليه فيه ضمانا قلت : أرأيت إذا مال الحائط وفي الدار سكان وليس رب الدار حاضرا والدار مرهونة أو مكتراة على من يشهدون ؟ قال : إذا كان رب الدار حاضرا فلا ينفعهم الإشهاد إلا عليه وإن كان غائبا رفعوا أمرها إلى السلطان ولا ينفعهم الإشهاد على السكان قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : وهو رأيي ألا ترى أن السكان ليس لهم أن يهدموا الدار قلت : أرأيت شهادات النساء في الجراحات الخطأ أجائزة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الصغير إذا شهد عند القاضي قبل أن يحتلم أو النصراني أو العبد فردت شهادتهم - ثم كبر الصبي وأسلم النصراني وعتق العبد ثم شهدوا بذلك بعد ذلك ؟ قال : قال مالك : لا تجوز شهادتهم لأنها قد ردت قلت : أرأيت لو أن رجلا جرح رجلا جرحين خطأ وجرحه آخر جرحا آخر خطأ فمات من ذلك فأقسمت الورثة عليهما كيف تكون الدية على عاقلتهما أنصفين أم الثلث والثلثين ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك أن الدية على عواقلهما فلو كانت الدية عند مالك الثلث والثلثين لقال لنا ذلك ولكنا لا نشك أن الدية عليهما نصفان
ما جاء في الرجل يستأجر عبدا لم يأذن له سيده في التجارة
قلت : أرأيت لو أني استأجرت عبدا لم يأذن له سيده في التجارة ولا في العمل استأجرته على أن يحفر لي بئرا فعطب في البئر أأضمنه في قول مالك أم لا ؟ قال : نعم تضمنه في قول مالك وقد بلغني أن مالكا سئل عن عبد استأجره رجل يذهب له بكتاب إلى موضع في سفر فعطب فيه وذلك بغير إذن سيده قال : قال مالك : هو ضامن قلت : أرأيت لو أن عبدا لرجل قتل قتيلا عمدا وله وليان فعفا أحدهما ؟ قال : يقال له : ادفع نصفه أو افده بنصف الدية قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي قلت : أرأيت لو أن عبدا قتل قتيلين عمدا فعفا أولياء أحد القتيلين أي شئ يقال لسيد العبد ؟ أيقال له ادفع جميع العبد إلى أولياء هذا القتيل الآخر أم يقال له ادفع نصفه أو افده بالدية ؟ قال : إن أحب أولياء المقتول الآخر الذين لم يعفوا أن يقتلوا قتلوا وإن استحيوه على أن يأخذوه قيل له ادفع نصفه أو افده بالدية ولا أحفظه عن مالك قلت : أرأيت إن جرح عبد لي رجلا فبرأ من جراحاته ففديت عبدي ثم انتفضت جراحات الرجل فمات من ذلك ؟ قال : إذا مات منها أقسم ورثة المقتول فإذا أقسموا فإن كانت الجراحات عمدا قيل لهم : إن شئتم فاقتلوه وإن شئتم فاستحيوه على أن تأخذوه فإذا استحيوه كان بمنزلة أن لو كانت الجراحات خطأ يقال لمولى العبد ادفع عبدك أو افده فإن دفعه أخذ ما كان دفع إلى المقتول وإن فداه قص له في الفداء بما دفع إلى المقتول من أرش الجناية قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا قوله في الحر وهو في العبد عندي مثله
قلت : أرأيت لو أن أمة جنت جناية وهي حامل أو غير حامل فحملت بعد الجناية فوضعت ولدها بعد الجناية فقام عليها أولياء الجناية أيدفع ولدها معها في الجناية إن قال سيدها أنا أدفعها ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال : لا يدفع ولدها معها قال : ولم أسمعه منه وهو رأيي قلت : أرأيت الأمة تجني جناية ولها مال قد اكتسبته قبل أو بعد الجناية أيدفع معها في قول مالك ؟ قال : قال مالك : كل ما كان لها قبل أن تجني فإنه يدفع معها وكل شئ اكتسبته بعد الجناية فذلك أحرى أن يدفع معها قلت : أرأيت أم ولدي إذا جنت جناية ثم جني عليها قبل أن يحكم فيها فأخذت لها أرشا ما يكون علي ؟ أقيمتها معيبة أم قيمتها صحيحة ؟ قال : بل قيمتها معيبة يوم يحكم فيها مع الأرش الذي يأخذه السيد إلا أن تكون دية الجناية التي جنت هي أقل من قيمتها معيبة مع الأرش الذي أخذه سيدها مما جني عليها فلا تكون عليه إلا دية الجناية وإنما عليه الأقل أبدا قال ابن القاسم : لو أن عبدا قتل قتيلين - وليهما واحد - لم يكن له أن يسلم نصفه بدية أحدهما ويفتك النصف الآخر بدية أحدهما إلا أن يفتكه بديتهما جميعا أو يسلمه كله وهذا رأيي قال ابن القاسم : ومما يبين لك ذلك أن العبد إذا جنى ثم جني عليه فأخذ له سيده أرشا إنه يخير في أن يسلمه وما أخذ من الدية أو يفتكه بما جنى فكذلك أم الولد إلا أن أم الولد لا تسلم فإنما يكون عليه الأقل من قيمتها معيبة وأرش الجناية معها أو قيمة الجناية التي في رقبتها بمنزلة العبد سواء لأن أم الولد لايستطيع أن يسلمها فيكون عليه الذي هو الأقل لأنها لو هلكت ذهبت جناية المجروح وكذلك العبد لو هلك قبل أن يحكم عليه ذهبت جناية المجروح أمرهما واحد إلا أن يكون الأرش أكثر من الجناية فلا يكلف إلا الأرش
قلت : أرأيت لو أن أمة جنت جناية أيمنع سيدها من وطئها حتى ينظر أيدفع أم يفدي في قول مالك ؟ قال : ما سمعته من مالك ولكن لا يمكن من وطئها حتى ينظر أيدفع أم يفدي قلت : ولم قلت هذا ؟ قال : لأنها مرهونة بالجرح حتى يفديها أو يدفعها قلت : أرأيت لو أن عبدين لي قتلا رجلا خطأ فقلت ؟ أنا أدفع أحدهما وأفدي الآخر ؟ قال : قال مالك في العبيد إذا قتلوا إنسانا حرا خطأ أو جرحوا إنسانا إنهم مرتهنون بدية المقتول أو المجروج وتقسم الدية على عددهم ودية الجرح على عددهم فمن شاء من أرباب العبيد أن يسلم أسلم ومن شاء أن يفتك افتك بقدر ما يقع عليه من نصيبه من الدية كان أقل من ثمنه أو أكثر لو كان قيمة العبد خمسمائة والذي وقع عليه عشر الدية غرم عشر الدية وحبس عبده وإن كانت قيمته عشرة دنانير والذي وقع عليه من الدية النصف لم يكن له أن يحبس عبده حتى يدفع نصف الدية قال : ولم يقل لنا مالك في جراحات أرباب العبيد إذا كانوا شتى وكان ربهم واحدا ولم يختلف ذلك عندنا أنه إن كان ربهم واحدا أن له أن يحبس من شاء منهم ويدفع من شاء بحال ما وصفت لك وقد سئل فيه مالك غير مرة فلم يختلف قوله في ذلك قط
قلت : أرأيت إن فقئت عينا عبدي جميعا أو قطعت يداه جميعا ما يقال للجارح ؟ قال : يضمنه الجارح ويعتق عليه إذا أبطله هكذا فإن كان جرحا لم يبطله مثل فقء عين واحدة أو جدع أذن أو ما أشبهه كان عليه ما نقص من ثمنه ولم يعتق عليه قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي قال : وسمعت أنه قال : يسلم إلى الذي صنع ذلك به فيعتق عليه وهذا رأيي إذا أبطله على صاحبه قال : وقال مالك : إنما في العبيد على جارحهم ما نقصهم إلا المأمومة والمنقلة والجائفة والموضحة فإنها في قيمته مثل موضحة الحر ومأمومته ومنقلته وجائفته من ثمنه قلت : أرأيت إن جرح عبدي رجلا فقطع يده خطأ وقتل آخر خطأ ؟ قال : قال مالك : إن أسلمه سيده فالعبد بينهم أثلاثا قال مالك : وإذا أسلم العبد فهو بينهم على قدر جراحاتهم - قلت : وإن استهلك مع الجراحات أموالا تحاص أهل الجراحات في العبد بقيمة ما استهلك لهم من الأموال في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قتل عبدي رجلا خطأ أو فقأ عين آخر خطأ فقال السيد : أنا أفديه من جنايته في القتل وأدفع إلى صاحب العين الذي يكون له من العبد ولا أفديه ؟ فقال : يقال له : ادفع إلى صاحب العين ثلث العبد وافد ثلثي العبد بجميع الدية ويكون شريكا في العبد هو والمجني عليه في العين يكون لصاحب العين ثلث العبد ويكون لسيد العبد ثلثا العبد قال : وهذا رأيي وقد بلغني عن مالك قلت : أرأيت إذا جنى العبد جناية خطأ ففداه مولاه ثم جنى بعد ذلك جناية أخرى أيقال لسيده أيضا ادفعه أو افده ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن جنت أم ولد رجل جناية فأخرج قيمتها فدفعها إلى ولي الجناية ثم جنت بعد ذلك جناية أخرى ؟ قال : يقال لسيدها : أخرج قيمتها أيضا مرة أخرى إذا كانت الجناية منها بعد الحكم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أليس قد قال مالك إذا جنت أم الولد فعلى سيدها قيمتها إلا أن تكون الجناية أقل من قيمتها ؟ قال : نعم قلت : فإن جنت جناية أخرى قبل أن يحكم على سيدها بالجناية الأولى ؟ قال : عليه القيمة بينهما إلا أن تكون الجنايتان أقل من قيمتها وإن كان ذلك يكون أكثر من قيمتها فليس عليه إلا قيمتها لأن السيد إذا أخرج قيمتها فكأنه قد أسلمها إليهما قلت : فما جنت بعد الحكم هل سمعت من مالك فيه شيئا ؟ قال : هو قوله إن عليه أن يخرج قيمتها ثانية كلما جنت بعد الحكم قال : وسألت مالكا عن خير الناس بعد نبيهم ؟ قال : أبو بكر ثم قال : أو في ذلك شك ؟ ! قال ابن القاسم : فقلت لمالك : فعلي وعثمان أيهما أفضل ؟ فقال : ما أدركت أحدا ممن أقتدي به يفضل أحدهما على صاحبه - يعني عليا وعثمان - ويرى الكف عنهما
قلت : أرأيت المدبر إذا جنى جناية فدفع مولاه خدمته ثم جنى بعد ذلك ؟ قال : قال مالك : يدخل في الخدمة مع الأول ويتحاصون فيه على قدر مالهم من الجناية فإن مات سيده وعتق جميعه في الثلث كان ما بقي من جنايتهم دينا على المدبر يتبعونه به وإن لم يحمله الثلث عتق منه مبلغ الثلث وقسم ما بقي لهم من جنايتهم على العبد فما أصاب ما عتق منه كان ذلك دينا عليه وما أصاب ما رق منه قيل للورثة ادفعوا هذا الذي رق في أيديكم أو افدوه بما أصابه من الجناية وهو قول مالك قلت : أرأيت هذا الذي عتق من المدبر فجعلت عليه حصة ذلك من الجناية كيف يقتصون منه ؟ أيأخذون منه كل شئ كسبه حتى يستوفوا جنايتهم التي صارت لهم على ما عتق منه أم لا ؟ وهل يأخذون منه ما في يديه من المال حتى يقتصوا جناياتهم في قول مالك ؟ قال : لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن قال مالك في العبد يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا يجني الجناية - وفي يده مال - فيفتك سيده نصفه إن ماله يؤخذ منه في نصف الجناية التي وجبت على العتيق معه قال : وكذلك المدبر إن كان بيده مال أخذه منه أهل الجنايات فاقتسموه على قدر جنايتهم وأما ما كسب فإنه لا يؤخذ منه من الجزء العتيق إلا ما فضل عن عيشه وكسوته والذي أخذ من العبد في جنايته إنما هو قضاء لنصيبه الذي عتق منه فإن كان فيه كفاف لم يتبع بشئ وإن كان فيه فضل وقف في يده وإن قصر عن ذلك تبع به في حصة الجزء فإن كان في ذلك ما يفضل منه عن عيشه وكسوته كان ذلك لهم بمنزلة الدين وأما ما رق لهم منه فإنهم لا يتبعونه فيه بشئ من الجناية لأنه قد صار عبدا لهم وعليهم أن يطعموه ويكسوه بقدر الذي رق لهم وهذا رأيي
قلت : أرأيت إن جاء رجل فتعلق بعبدي - والرجل يدمي - فقال : جنى علي عبدك خطأ أو عمدا وأقر العبد بذلك ؟ قال : سمعت مالكا وأتاه قوم وأنا عنده في عبد كان على برذون راكبا فوطىء على غلام فقطع أصبعه فتعلق به الغلام فأتي على ذلك - والغلام متعلق به - فقيل للغلام : من فعل بك ؟ فقال : هذا وطئني وأقر العبد بذلك ؟ قال مالك : أما ما كان مثل هذا يؤتى به وهو يدمي وهو متعلق به فيقر العبد على مثل هذا فأراه في رقبته يدفعه سيده أو يفتديه وما كان على غير هذا الوجه فلا يقبل إلا ببينة مثل العبد يخبر أنه قد جنى فلا يقبل قول العبد في قول مالك إلا على ما وصفت لك قلت : أرأيت إن أقر العبد يقتل عمد أيجوز إقراره أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : وإن أرادوا أن يقتلوه فذلك لهم وإن أرادوا أن يستحيوه فليس ذلك لأنه يتهم حين استحيوه أن يكون فر بنفسه إليهم قلت : أرأيت لو أن عبدا في يدي عارية أو وديعة أورهنا أو بإجارة جنى جناية - ومولاه غائب - ففديته من الجناية ثم قدم مولاه ؟ قال : يقال لمولاه : إن شئت فادفع إلى هذا جميع ما فداه به وخذ عبدك وإن شئت فأسلمه إليه ولا شيء عليك لأنه لو لم يفده ثم جاء سيده لقيل له هذا القول وهذا رأيي قلت : أرأيت إن قتل عبدي رجلا له وليان فقال : أنا أدفع حصة أحدهما وأدفع حصة الآخر أيكون ذلك لي في قول مالك ؟ قال : أرى له أن يفتك نصيب من شاء منهما ويسلم نصيب من شاء منهما قلت : أرأيت لو أن عبدا لي قتل رجلين - وليهما واحد - فأردت أن أفتك نصفه بدية أحدهما وأسلم نصيبي ؟ قال : ليس ذلك لك إلا أن تفتك جميعه بالديتين أو تسلمه لأن وارث الديتين جميعا واحد
قلت : أرأيت المكاتب إذا قتل قتيلا أو جنى جناية أيكون عليه الأقل من قيمته ومن أرش الجناية في قول مالك ؟ قال : لا وليس عليه عند مالك أرش الجناية بالغة ما بلغت وإن كانت نفسا فعليه الدية وإن عجز عن ذلك رجع رقيقا وقيل للسيد ادفع أو افد قلت : أرأيت المكاتب يستدين ديونا ثم يعجز فيرجع رقيقا ؟ قال : الدين في ذمته عند مالك إلا أن يكون له مال حين عجز فيكون الدين في ذلك المال إن كان ذلك المال مما أصابه من تجارة أو من هبة وهبت له أو من غير ذلك إلا أن يكون من كسب يديه فإن كان من كسب يديه فليس للغرماء أن يأخذوا ذلك منه وإنما لهم أن يأخذوا منه ما كان في يده من مال إلا ما كان من كسب يده قلت : وكذلك كل ما أفاده المكاتب بعدما عجز فللغرماء أن يأخذوه في دينهم إلا ما كان من كسب يده ؟ قال : نعم قلت : وكسب يده إنما هي إجارته وعمله بيده في الأسواق في الخياطة وغير ذلك ؟ قال : نعم
قلت : أرأيت المكاتب إذا قتل نفسين أو ثلاثا أتأمره أن يؤدي ديتين أو ثلاثا حالة - في قول مالك - ويسعى في كتابته فإن عجز رجع رقيقا ؟ قال : نعم قلت : أرأيت المكاتبة إذا جنت جناية ثم ولدت ولدا بعد الجناية فماتت أيكون على الولد من الجناية شئ أم لا ؟ قال : لا شئ على الولد من الجناية في رأيي لأن مالكا قال ذلك في الأمة فالمكاتبة مثله عندي سواء قال : وقد قال مالك في الأمة إذا جنت جناية ثم ولدت ولدا بعد الجناية إنه إنما يدفعها وحدها ولا يدفع ولدها قلت : ولا يرى ولد المكاتبة بمنزلة مالها فتكون فيه الجناية ؟ قال : لا قلت : أرأيت إن استدانت المكاتبة دينا ثم ولدت ولدا فماتت المكاتبة أيكون على ولدها شئ من الدين أم لا ؟ قال : لا شئ على ولدها من الدين لأن الدين إنما كان في ذمتها فلما ماتت لم يتحول من ذمتها في ولدها شئ قال : وهذا رأيي قلت : أرأيت إذا جنى المكاتب جناية فقضي عليه بالجناية ثم عجز أيكون ذلك دينا عليه في رقبة المكاتب أو يقال لسيده ادفعه أو افده بالجناية ؟ قال : إذا جنى المكاتب - عند مالك - فالسلطان يقول للمكاتب أد الجناية كلها حالة واسع في كتابتك فإن عجز عن ذلك قيل لمولاه خذ عبدك وافسخ كتابتك وادفعه أو افده بجميع الجناية
قلت : أرأيت المكاتب إذا كان له عبد قد أذن له في التجارة فرهق العبد المأذون له في التجارة دين وعلى المكاتب دين فقام الغرماء ؟ قال : يباع العبد في دين المكاتب ويكون دين العبد في ذمة العبد يتبع به ويبينون إذا باعوه إن عليه دينا قلت : أرأيت العبد المعتق إلى أجل إذا جنى جناية أيكون عليه الأقل من قيمته أو من أرش الجناية في قول مالك ؟ قال : لا ولكن عليه - عند مالك - أن يتم الجناية - بالغة ما بلغت - وإن كانت نفسا فعليه الدية وإن عجز عن ذلك رجع رقيقا وقيل لسيد العبد ادفع أو افد مثل المدبر - في قول مالك - يقال لسيده ادفع خدمته أو افتكه بجميع الجناية قال : نعم وهو قول مالك
ما جاء فيمن حفر بئرا أو سربا للماء أو نصب حبالة
قال : وقال مالك : من حفر بئرا أو صربا للماء أو للريح مما مثله يعمله الرجل في داره أو أرضه فسقط فيه إنسان قال : لا ضمان عليه قال : وإن جعل حبالة في داره أو شيئا يتلف به سارقا فعليه ضمانة قال ابن القاسم : إذا وقع السارق أو غير السارق سواء يضمنه قلت : أرأيت أم الولد إذا جنت جناية فزادت قيمتها أو نقصت ما على سيدها ؟ قال : أرى على سيدها قيمتها يوم يحكم عليها ولا يلتفت إلى الزيادة والنقصان في ذلك إن كانت أقل من قيمتها ومما يبين ذلك أنها لو ماتت لم يكن على سيدها شئ قلت له : كيف تقوم أبمالها أم بغير مالها ؟ قال : بل بقيمتها بغير مالها وكذلك بلغني عن مالك أنها تقوم بغير مالها قلت : أرأيت المدبرة إذا قتلت قتيلا خطأ فولدت بعد ذلك أيكون على ولدها من هذه الجناية شئ أم لا ؟ قال : هي مثل الخادم إن ولدها لا يدخل في الجناية وكذلك بلغني عن مالك وكذلك هذه المدبرة قلت : أرأيت لو أن أم ولد جنت جناية قتلت رجلا عمدا وللمقتول وليان فعفا أحدهما أيكون على سيد أم الولد شئ أم لا ؟ قال : عليه للذي لم يعف نصف قيمتها إلا أن يكون نصف دية الجناية أقل من نصف قيمتها قلت : أرأيت إن قال السيد لا أدفع إليكم شيئا وإنما كان لكم أن تقتلوا وليس لكم أن تغرموني ؟ قال : ذلك له لازم ولا يلتفت إلى قوله ألا ترى لو أن رجلا قتل قتيلا عمدا له وليان فعفا أحدهما أن القاتل يجبر على دفع نصف الدية إلى ولي المقتول الذي لم يعف فكذلك هذا في سيد أم الولد قلت : فإن قتل رجل قتيلا ليس له إلا ولي واحد فعفا عنه على أن يأخذ الدية وأبى القاتل وقال لا أدفع إليك شيئا إنما لك أن تقتلني فإن شئت فاقتلني وإن شئت فدع ؟ قال : إذا لم يكن الولي إلا واحدا فليس له إلا أن يعفو أو يقتل وليس له أن يعفو على الدية إلا أن يرضى بذلك القاتل فأما إذا كان للمقتول وليان فعفا أحدهما صار نصيب الباقي منهما على القاتل لأن الباقي لم يعف ولأنه لا يقدر على أن يقتص فلا يبطل حقه وهو يطلبه ولكن يقال للقاتل ادفع إليه حقه مالا لأنه قد صار بمنزلة عمد المأمومة التي لا يستطاع القصاص منها ولا يشبه إذا كان ولي المقتول واحدا إذا كان له وليان قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم
قلت : أرأيت شهادة امرأتين مع رجل على العفو عن الدم أتجوز أم لا ؟ قال : لا تجوز شهادتهن على العفو عن الدم قلت : ولم ؟ قال : لأن شهادتين لا تجوز على العمد في الدم فكذلك لا تجوز في العفو عن الدم قلت : أرأيت إذا قطع رجل أصابع يمين رجل عمدا ثم قطع كفه تلك التي قفع منها الأصابع أتقطع أصابعه ثم كفه أم لا يكون له إلا أن يقطع الكف وحدها ؟ قال : ليس له إلا أن يقطع الكف وحدها إلا أن يكون إنما فعل ذلك به على وجه العذاب فإنه يقتص له من الأصابع ثم من الكف قلت : أرأيت شهادة الجواري أهي بمنزلة شهادة الغلمان تقبل شهادتهن في الجراح ؟ قال : لا وكذلك بلغني عن مالك ولم أسمعه منه قلت : أرأيت إن طرحت رجلا في نهر وهو لا يحسن أن يعوم ولا أدر أنه لا يحسن أن يعوم فمات من ذلك ؟ قال : إذا كان على وجه العداوة والقتال قتل به وإن كان ذلك على غير وجه القتال لم يقتل به وكان في ذلك الدية قلت : أرأيت إن شهد رجلان على رجل شهد أحدهما أن فلانا قتل فلانا بالسيف وشهد الآخر أنه قتله بالحجر ؟ قال : شهادتهما باطل في رأيي قلت : ولا يكون لأولياء الدم أن يقسموا ههنا ؟ قال : لا قلت : ولم ذلك وقد قال مالك : إذا أتوا بلوث من بينة إن لهم أن يقسموا ؟ فقال : لأن هذين قد تبين أن أحدهما كاذب قلت : أرأيت الرجل يقتل فيقول دمي عند فلان ولم يقل عمدا ولا خطأ أي شئ تجعل قوله دمي عند فلان عمدا أو خطأ في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن القول قول ولاة المقتول إذا ادعوا أنه خطأ أو عمد قلت : أرأيت إن قال المقتول : دمي عند فلان وقال ولاة الدم : نحن نقسم ونقتل لأنه قتله عمدا أو قالوا : نحن نقسم ونأخذ الدية لأنه قتله خطأ ؟ قال : ذلك لهم إذا ادعوا كما قلت وما كشفنا مالكا عن هذا كله هكذا قلت : أرأيت إذا وضع رجل سيفا في طريق المسلمين أو في موضع من المواضع يريد به قتل رجل فعطب به ذلك الرجل فمات ؟ قال : يقتل به قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا ولكنه رأيي قلت : فإن عطب بالسيف غير الذي وضع له ؟ قال : أرى على عاقلته الدية ولا أحفظه عن مالك وهو رأيي وسئل ابن القاسم عن العبد يتزوج النصرانية فيضرب رجل بطنها فتطرح جنينا ؟ قال : هو حر مسلم وفيه الغرة قلت له : فالمجوسية تسلم وهي حامل من زوجها - وهو مجوسي - فيضرب رجل بطنها فتطرح جنينا قال : ولدها مجوسي مثل أبيه وفيه مثل ما في جنين المجوسي أربعون درهما والحمد لله وحده
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق