في سكنى التي لم يبن بها وسكنى النصرانية
قلت : أرأيت النصرانية تحت المسلم هل لها على زوجها إذا طلقها السكنى مثل ما يكون عليه في المسلمة الحرة ؟ قال : نعم وهذا قول مالك قلت : أرأيت الصبية التي قد دخل بها ومثلها يجامع فجامعها أو لم يجامعها حتى طلقها فأبت طلاقها أيلزمه السكنى لها في قول مالك أم لا ؟ قال : إذا ألزمت الجارية العدة لمكان الخلوة بها فعلى الزوج السكنى عند مالك قلت : فإن خلا بها في بيت أهلها ولم يبن بها إلا أنهم أخلوه وإياها ثم طلقها قبل البناء بها وقال : لم أجامعها وقالت الجارية ما جامعني أتجعل عليها العدة أم لا ؟ قال : عليها العدة لهذه الخلوة قلت : فهل عل ى الزوج سكنى قال : لا قلت : وهذا قول مالك قال : هذا رأيي أنه لا سكنى عليه لأن الجارية قد أقرت بأنه لا سكنى لها على الزوج
قلت : أرأيت إن خلا بها هذه الخلوة في بيت أهلها فادعت الجارية أنه قد جامعها وأنكر الزوج ذلك ؟ قال : القول قول الزوج ولا سكنى عليه وإنما عليه نصف الصداق فلذلك لا يكون عليه السكنى وإنما تكون عليه السكنى إذا وجب عليه الصداق كاملا فحيثما وجب الصداق كاملا وجب السكنى قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن أقر الزوج بوطئها وجحدت الجارية ولم يخل بها أوخلا ؟ قال : قد أقر الزوج بالوطء فعليه الصداق كاملا إن أحبت أن تأخذه أخذته وإن أحبت أن تدع النصف فهي أعلم قال : وإن كان لم يخل بها وادعى أنه غشيها وأنكرت ذلك ولم يعرف دخوله لم يكن عليها عدة قال ابن القاسم : وإنما طرحت عنها العدة لأنه اتهم حيث لم يعرف لها دخول وطلقها أن يكون مضارا يريد حبسها فلا عدة عليها ولا تكون العدة إلا بخلوة تعرف أو اهتداء في البناء بها قال : وهذا قول مالك
في عدة الصبية التي لا يجامع مثلها وسكناها من الطلاق والوفاة
قلت : أرأيت الصبية التي لا يجامع مثلها وهى صغيرة ودخل بها زوجها فطلقها البتة أتكون لها السكنى في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا عدة عليها ولذلك لا سكنى لها قلت : فإن مات عنها زوجها وقد دخل بها وهي صبية صغيرة ؟ قال : لها السكنى لأنه
قد دخل بها وإن كان لم يكن مثلها يجامع لأن عليها العدة فلا بد أن تعتد في موضعها حيث مات عنها زوجها فإن كان لم يدخل بها وهي في بيت أهلها ومات عنها فلا سكنى لها على زوجها إلا أن يكون الزوج اكترى لها منزلا لا تكون فيه وادي الكراء فمات وهي في ذلك الموضع فهي أحق بذلك السكنى وكذلك الكبيرة إذا مات عنها قبل أن يبني بها زوجها ولم يسكنها الزوج مسكنا به ولم يكترلها مسكنا نسكن فيه فادى الكراء ثم مات عنها فلا سكنى لها على الزوج تعتد في موضعها عدة الوفاة وإن كان قد فعل ما وصفت لك فهي أحق بذلك السكنى حتى تنقضي عدتها وإن كانت في مسكنها حين مات عنها ولم يكن دخل بها فعليها أن تعتد في بيتها عدة الوفاة ولا سكنى لها على الزوج وكذلك الصغيرة عليها أن تعتد في موضعها ولا سكنى لها على الزوج إذا لم يكن الزوج قد فعل مثل ما وصفت لك قال : وهذا قول مالك
قلت : أرأيت الصبية الصغيرة التي لا يجامع مثلها إذا دخل بها ثم طلقها أيكون لها السكنى على الزوج أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا عدة عليها فإذا قال مالك : لا عدة عليها فلا سكنى لها قال مالك : ليس لها إلا نصف الصداق
في سكنى الأمة ونفقتها من الطلاق ونفقة امرأة العبد حرة كانت أو أمة
قلت : أرأيت الأمة إذا طلقها زوجها فأبت طلاقها أيكون لها السكنى على زوجها أم لا ؟ قال : قال مالك : تعتد في بيت زوجها إذا كانت تبيت عنده فإن كانت إنما كانت لا تبيت عنده قبل ذلك فعليه السكنى قلت : أرأيت إن كانت تبيت عند أهلها قبل أن يطلقها
البتة أيكون لها عليه السكنى ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال : تعتد عند أهلها حيث كانت تبيت ولم أسمعه يذكر السكنى أن على الزوج في هذه شيئا بعينها ولا أرى أنا على زوج هذه السكنى لأنها إذا كانت تحت زوجها لم يسكنوها معه ولم يبوؤها معه بيتا فتكون فيه مع الزوج فلا سكنى لها على الزوج ولا سكنى على الزوج في هذه لأنها إذا كانت تحته ثم لو أرادوا أن يغرموه السكنى لم يكن ذلك لهم إلا أن يبوؤها معه مسكنا يخلوها معه فيه وإنما حالها اليوم بعدما طلقها كحالها قبل أن يطلقها في ذلك ولم أسمع هذا من مالك قال : وسئل مالك عن العبد يطلق زوجته وهي حرة أو أمة وهي حامل أعليه لها نفقة أم لا ؟ قال : قال مالك : لا نفقة لها عليه إلا أن يعتق وهي حامل فينفق على الحرة ولا ينفق على الأمة إلأ أن تعتق الأمة بعدما أعتق وهي حامل فينفق عليها في حملها لأن الولد ولده
وقال ربيعة في الحر تحته الأمة أو الحرة تحت العبد فيطلقها وهي حامل قال : ليس لها عليه نفقة وقال يحيى بن سعيد إن الأمة إذا طلقت وهي حامل إنها وما في بطنها لسيدها وإنما تكون النفقة على الذي يكون له الولد وهي من المطلقات ولها متاع بالمعروف على قدر هيبة زوجها سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سأل عن المرأة يطلقها زوجها وهي في بيت بكراء على من الكراء ؟ قال سعيد على زوجها قال : فإن لم يكن عنده قال : فعليها قال : فإن لم يكن عندها قال : فعلى الأمير
في نفقة المختلعة والمبارئة والملاعنة والمولى منها وسكناهن
قلت : أرأيت الملاعنة أو المولى منها إذا طلق السلطان على المولي أو لاعن بينه وبين امرأته فوقع الطلاق بينهما أيكون على الزوج السكنى والنفقة إن كانت المرأة حاملا في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : عليه السكنى فيهما جميعا وقال في النفقة إن
كانت هاته التي آلى منها ففرق بينهما السلطان حاملا كانت أو غير حامل كانت لها النفقة على الزوج ما كانت حاملا أو حتى تنقضي عدتها إن لم تكن حاملا لأن فرقة الإمام فيها غير بائن وهما يتوارثان ما لم تنقض العدة وأما الملاعنة فلا نفقة لها على الزوج إن كانت حاملا لأن ما في بطنها ليس يلحق الزوج ولهما جميعا السكنى
قلت : أرأيت المختلعة والمبارئة أيكون لهما السكنى أم لا في قول مالك ؟ قال : نعم لهما السكنى في قول مالك ولا نفقة لهما إلا أن يكونا حاملين سحنون عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن ابن بكير عن سليمان بن يسار أنه قال : إن المفتدية من زوجها لا تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا قال مالك : الأمر عندنا أنها مثل المبتوتة لا نفقة لها سحنون عن ابن وهب عن موسى بن على أنه قال : قال ابن شهاب عن المختلعة والمبارئة والموهوبة لأهلها أين يعتددن قال : يعتددن في بيوتهن حتى يحللن قال : خالد بن أبي عمران وقال القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار
قلت : أرأيت المختلعة والمبارئة أيكون لهما السكنى والنفقة في قول مالك ؟ قال : إن كانتا حاملين فلهما النفقة والسكنى في قول مالك وإن كانتا غير حاملين فلهما السكنى ولا نفقة لهما ابن وهب عن يونس عن ربيعة أنه قال : المبارئة مثل المطلقة في المكث
لها مالها وعليها ما عليها
في نفقه المتوفى عنها زوجها وسكناها
قلت : أرأيت المتوفى عنها زوجها أيكون لها النفقة والسكنى في العدة في قول مالك في مال الميت أم لا ؟ قال : قال مالك : لا نفقة لها في مال الميت ولها السكنى إن كانت الدار للميت وإن كان عليه دين والدار دار الميت كانت أحق بالسكنى من الغرماء وتباع للغرماء وتشترط السكنى على المشتري وهذا قول مالك وإن كانت دارا بكراء فنقد الزوج الكراء فهي أحق بالسكنى وإن كان لم ينقد الكراء وإن كان موسرا فلا سكنى لها في مال الميت إذا كانت في دار بكراء على حال إلا أن يكون الزوج قد نقد الكراء
قلت : أرأيت إن كان الزوج قد نقد الكراء فمات وعليه دين من أولى بالسكنى المرأة أو الغرماء ؟ قال : إذا نقد الكراء فالمرأة أولى بالسكنى من الغرماء قال : هذا قول مالك قال : أرأيت هذه المتوفى عنها زوجها إذا لم تجعل لها السكنى على الزوج إذا كان موسرا وكانت في دار بكراء ولم يكن نقد الكراء أيكون للمرأة أن تخرج حيث أحبت أم تعتد في ذلك البيت وتؤدي كراءه ؟ قال : لا يكون لها أن تخرج منه قال مالك : تعتد في ذلك البيت ويكون عليها الكراء وليس لها أن تخرج إذا رضي أهل الدار بالكراء إلا
أن يكروها كراء لا يشبه كراء ذلك المسكن فلها أن تخرج إذا أخرجها أهل ذلك المسكن قال : قال مالك : إذا خرجت فتلكتر مسكنا ولا تبيت إلا في هذا المسكن الذي اكترته حتى تنقضي عدتها
قال سحنون : ألا ترى أن سعدا قال : فإن لم تكن عند الزوج في الطلاق فعليها ؟ قلت : فإذا خرجت من المسكن الثاني فاكترت مسكنا ثالثا أيكون عليها أيضا أن لا تبيت عنده وأن تعتد فيه ؟ قال : لم أسمع هذا من مالك وأرى أن يكون ذلك عليها قلت :
أرأيت إن طلقها تطليقة بائنة أو ثلاث تطليقات فكانت في سكنى الزوج ثم توفي الزوج ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن حالها عندي مخالف لحال المتوفى عنها زوجها لأنه حق قد وجب لها على الزوج في حياته وليس موته بالذي يضع عنه حقا قد
كان وجب عليه وأن المتوفى عنها إنما وجب لها الحق في مال زوجها بعد وفاته وهي وارث والمطلقة البتة ليست بوارث قال ابن القاسم : وهذا الذي بلغني ممن أثق به عن مالك أنه قاله
قال سحنون وقد قال ابن نافع عن مالك أنهما سواء إذا طلق ثم مات أو مات ولم يطلق وهي أعدل قال ابن القاسم : والمتوفى عنها لم يجب لها على الميت سكنى إلا بعد موته فوجب السكنى لها ووجب الميراث لها معا فتبطل سكناها قال ابن القاسم وهذه التي طلقها زوجها ثم توفي وهي في عدتها قد لزم الزوج سكناها فى حال حياته فصار ذلك دينا في ماله قال : ألا ترى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت في منزل الميت أو كانت في دار بكراء وقد نقد الميت كراء تلك الدار كانت أولى بذلك من ورثة الميت ومن الغرماء عند مالك ؟ فهذا يدلك على أن مالكا لم يبطل سكناها الذي وجب لها من الميراث مع سكناهما معا ويدلك على أنه ليس بدين على الميت ولا مال له تركه الميت ولو كان مالا تركه الميت لكان الورثة يدخلون معها في السكنى ولكان أهل الدين يحاصونها به ومما يدلك على ذلك لو أن رجلا طلق امرأته البتة وهي في بيت بكراء فأفلس قبل أن تنقضي عدتها كان أهل ذلك الدار أحق بمسكنهم وأخرجت المرأة منه ولم يكن سكناها حوزا على أهل الدار فليس السكنى مالا ابن لهيعة عن ابن الزبير عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها هل لها من نفقة ؟ قال : جابر لا حسبها ميراثها سحنون عن ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف وسليمان بن يسار وابن المسيب وعمرة بنت عبد الرحمن وعبد الله بن أبي سلمة وربيعة مثله
قال ابن وهب قال ابن المسيب إلا أن تكون مرضعا فإن أرضعت أنفق عليها بذلك مضت السنة وقال ربيعة يكون في حيضها من مالها وقال ابن شهاب مثله نفقتها على نفسها في ميراثها كانت حاملا أو غير حامل
قلت : أرأيت المطلقة والمتوفى عنها زوجها حتام تنقطع السكنى عنها إذا قالت لم تنقض عدتي ؟ قال : حتى تنقضي الريبة وتنقضي العدة وهذا قول مالك ابن وهب عن صالح بن أبي حسان عن ابن المسيب أنه كان يقول في المرأة الحامل يطلقها زوجها واحدة أو اثنتين ثم تمكث أربعة أشهر أو خمسة أو أدنى أو أكثر ما لم تضع ثم يموت زوجها فكان يقول قد انقطع عنها النفقة حين مات وهي وارث معتدة
سكنى الأمة وأم الولد
قلت : أرأيت الأمة إذا أعتقت تحت العبد فاختارت فراقه أيكون لها السكنى على زوجها أم لا في قول مالك ؟ قال : إن كانت قد بوئت مع زوجها موضعا فالسكنى على الزوج لازم ما دامت في عدتها وإن كانت غير مبوأة معه وكانت في بيت ساداتها اعتدت
هنالك ولا شيء لها على الزوج من السكنى
قلت : أرأيت إن أخرجها ساداتها فسكنت موضعا أترى لها السكنى مع زوجها أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي : تعتد حيث كانت تسكن إذا طلقت فهذا طلاق ولا يلزم العبد شيء عند مالك إذا لم تكن تبيت عنده وإن أخرجها أهلها بعد ذلك نهوا عن ذلك وأمروا أن يقروها حتى تنقضي عدتها قلت : فهل يجبرون على أن لا يخرجوها ؟ قال : نعم
قلت : فإن انهدم المسكن فتحولت فسكنت في موضع آخر بكراء أيكون على زوجها شيء من السكنى أم لا ؟ قال : قال مالك : إذا كانت لا تبيت عند زوجها فإنها تعتد حيث كانت تبيت ولا شيء عليه من سكناها وإنما يلزم الزوج ما كان يلزمه حين طلقها فما حدث بعد ذلك لم يلزم الزوج منه شيء قال : وإن أعتق الزوج وهي في العدة ؟ قال : إذا أعتق وهي في العدة لم أر السكنى عليه قال : قال لي مالك في العبد تكون تحته المرأة فيطلقها وهي حامل قال : لا نفقة لها عليه
قلت : فإن أعتق قبل أن تضع حملها ؟ قال : عليه نفقتها لأنه ولده قال مالك : ولو أن عبدا طلق امرأته وهي حامل وقد كانت تسكن معه كان لها السكنى ولا نفقة لها للحمل الذي بها سحنون وهذا في الطلاق البائن قلت : أرأيت إن كانت في مسكن بكراء هي اكترته فطلقها زوجها فلم تطلب زوجها بالكراء حتى انقضت عدتها ثم طلبته بالكراء بعد انقضاء العدة قال ذلك لها ؟ قلت : وكذلك إن كانت تحت زوجها لم يفارقها فطلبت منه كراء المسكن الذي اكترته بعد انقضاء الكراء أو السكنى ؟ قال : نعم ذلك لها تتبعه بذلك إن كان موسرا أيام سكنته وإن كان في تلك الأيام عديما فلا شيء لها عليه
في الرجل يطلق امرأته وهو معسر ثم يوسر قبل أن تنقضي عدتها أتتبعه بالنفقة والسكنى
قلت : أرأيت إن طلقها وكان عديما أيكون لها أن تلزمه بكراء السكنى ؟ قال : لا يكون ذلك لها لأن مالكا سئل عن المرأة يطلقها زوجها وهي حامل وهو معسر أعليه نفقتها قال : لا إلا أن يوسر في حملها فتأخذه بما بقى وإن وضعت قبل أن ييسر فلا نفقة لها في شيء من حملها قلت : أرأيت السكنى إن أيسر بشيء من بقية السكنى ؟ قال : هومثل الحمل إن أيسرفي بقية منه أخذ بكراء السكنى فيما يستقبل
قلت : أرأيت أم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات عنها سيدها ؟ قال : عدتها حيضة قلت : وهل يكون لها في هذه الحيضة السكنى أم لا ؟ قال : نعم وهو قول مالك قال : قال مالك : إذا أعتق الرجل أم ولد له وهي حامل منه فعليه نفقتها وكل شيء كانت فيه تحبس له فعليه سكناها إذا كان من العدد والاستبراء والريبة وليس شبه السكنى النفقة لأن المبتوتة والمصالحة لهما السكنى ولا نفقة لهما فكذلك أم الولد لها السكنى ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا قلت : أرأيت أم الولد إذا أعتقها سيدها وهي حامل أيكون لها النفقة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : نعم قال لي مالك وكذلك الحر تكون تحته الأمة فيطلقها البتة وهي حامل فلا يكون عليه نفقتها ثم تعتق قبل أن تضع فعليه أن ينفق عليها بعدما عتقت حتى تضع حملها لأنه إنما ينفق على ولده منها
سكنى المرتدة
قلت : أرأيت المرتدة أتكون لها النفقة والسكنى إن كانت حاملا ما دامت حاملا ؟ قال : نعم لأن الولد يلحق بأبيه فمن هناك لزمته النفقة وإن كانت غير حامل يعرف ذلك لم تؤخر واستتيبت فإن تابت وإلا ضرب عنقها فلا أرى لها عليه نفقة بهذه الاستتابة لأنها قد بانت منه فإن رجعت إلى الإسلام كانت تطليقة بائنة ولها السكنى
في سكنى امرأة العنين والذي يتزوج أخته من الرضاعة والمستحاضة
قلت : أرأيت الذي لم يستطع أن يطأ امرأته ففرق السلطان بينهما أيكون لها على زوجها السكنى ما دامت في عدتها ؟ قال : نعم قلت : أرأيت من تزوج أخته من الرضاعة ففرقت بينهما أيكون لها السكنى أم لا ؟ قال : قال مالك : تعتد حيث كانت تسكن فلما قال لي مالك ذلك علمت أن لها النفقة على زوجها ولها السكنى لأنها محبوسة عليه لأجل مائة وإن كان ولد لحق به قلت : أرأيت المستحاضة إذا طلقها زوجها ثلاثا أو خالعها أيكون لها السكنى في قول مالك في التسعة الأشهر الاستبراء وإنما عدتها ثلاثة أشهر بعد التسعة ؟ قال : قال مالك لها : السكنى في الاستبراء وفي العدة وهذا أيضا ممايدلك على تقوية ما أخبرتك أن على الزوجين إذا أسلم أحدهما ففرق ما بينهما أن لها السكنى
سحنون ولقد قال عبد الملك : إنما عدة المستحاضة سنة سنة وليست مثل المرتابة لأن عدة المستحاضة سنة سنة
استبراء أم الولد والأمة يعتقان ثم يريدان التزويج
قلت : أرأيت أمة كان يطؤها سيدها فلم تلد منه فمات عنها أو أعتقها هل عليها في قول مالك شيء أم لا ؟ قال : قال مالك : نعم عليها حيضة إلا أن يكون أعتقها وقد استبرأها فلا يكون عليها حيضة في ذلك فتنكح مكانها إن أحبت وهذا قول مالك لأنها لو كانت أمة كان لسيدها أن يزوجها بعد أن يستبرئها وهي أمة له ويجوز للزوج أن يطأها مكانه ويجوز للزوج أن يطأها باستبراء السيد وهذا قول مالك
قال ابن القاسم : والعتق عند مالك بمنزلة هذا والبيع ليس كذلك إن باعها وقد استبرأها فلا بد للمشتري من الاستبراء لأنها خرجت من ملك إلى ملك وكذلك لو مات عنها وهي أمة وقد استبرأها قبل أن يموت لم تجزها تلك الحيضة لأنها تخرج من ملك إلى ملك وقال لي مالك : وأم الولد لو استبرأها سيدها ثم أعتقها لم يجز لها أن تنكح حتى تحيض حيضة وليست كالأمة يكون السيد يطؤها ثم يستبرئها ويعتقها بعد الاستبراء أنه يجوز لها أن تتزوج بغير حيضة والعتق إنما يخرج من ملك إلى حرية فلا يكون عليها الاستبراء لأنها قد استبرئت بمنزلة السيد حين استبرأ فتزوجها بعدما استبرأ فإنما جاز للزوج أن يطأها بالاستبراء وأجزأ ما استبرأ السيد لأنها لم تصر للزوج ملكا فإذا أعتق بعد الاستبراء جاز لها أن تتزوج وإن كانت حرة كما كان يجوز للسيد أن يزوجها وهي أمة قبل أن يعتقها إلا أنها حين استبرأها السيد كان له أن يزوجها فإذا أعتقها لم يمنعها العتق من التزويج ويجزئها ذلك الاستبراء
في المكاتب يشتري امرأته فيموت عنها أو يعجز فيصير رقيقا فيموت كم عدتها ؟
قلت : أرأيت مكاتبا اشترى امرأته وقد كانت ولدت منه أو لم تلد فعجز فرجع رقيقا أو مات عنها ماذا عليها من العدة أو من الاستبراء ؟ قال : إن كان لم يطأها بعد اشترائه إياها فإن مالكا قال لي مرة بعد مرة عدتها حيضة ثم رجع فقال أحب إلي أن تكون حيضتين وتفسير ما قال لي مالك في ذلك أن كل فسخ يكون في النكاح فعلى المرأة عدتها التي تكون في الطلاق إلا أن يطأها بعد الاشتراء فإن وطئها بعدما اشتراها فقد انهدمت عدة النكاح وصارت إلى الاستبراء استبراء الإماء لأنها وطئت بملك اليمين
قال : ابن القاسم وقوله الآخر أحب ما فيه إلى أنها تعتد حيضتين إذا لم يطأها حتى أعتقها أو توفي عنها فإن وطئها فعليها الاستبراء بحيضة قلت : من أي وقت يكون عليها حيضتان إذا هو لم يطأها أمن يوم استبرائها أم من يوم مات عنها أو عتق قال : لا بل من يوم اشتراها قلت : أتعتد وهي في ملكه ؟ قال : نعم ألا ترى أن هذه العدة إنما جعلت مثل العدة في الطلاق وقد تعتد الأمة من زوجها وهي في ملك سيدها ؟ قلت : أرأيت إذا مات عنها هذا المكاتب أو عجز بعدما اشتراها وحاضت عنده حيضتين فصارت الأمة لسيد المكاتب أيكون عليه أن يستبرىء في هذه الأمة وقد قال المكاتب إنه لم يطأها من بعد الشراء ؟ قال : نعم على سيدها أن يستبرئها بحيضة وإن هي خرجت حرة ولم يطأها المكاتب بعد الشراء فلا استبراء عليها ولا بأس أن تنكح مكاتبها لأنها خرجت من ملك إلى حرية ولم تخرج من ملك إلى ملك وقد قال مالك في رجل تزوج أمة فلم يدخل بها حتى اشتراها أنه يطؤها بملك يمينه ولا استبراء عليها
في العبد المأذون له في التجارة يعتق وله أم ولد قد ولدت منه قبل أن يعتق أو أعتق وفي بطنها ولد منه
قلت : أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى جارية فوطئها بملك اليمين بإذن السيد أو بغير إذن السيد فولدت منه ثم أعتق العبد بعد ذلك فتبعته كما يتبعه ماله أتكون بذلك المولود أم ولد ؟ قال : قال مالك : لا تكون به أم ولد وله أن يبيعها وكل ولد ولدته قبل أن يعتق أو أعتقه سيده وأمته حامل منه لم تضعه فإن ما ولدته قبل أن يعتقه سيده وما في بطن أمته رقيق كلهم للسيد ولا تكون بشيء منهم أم ولد لأنهم عبيد وإنما أمهم بمنزلة ماله لأنه إذا اعتقد سيده تبعه ماله
قال ابن القاسم : إلا أن يملك العبد ذلك الحمل الذي في بطن جاريته منه بعد حريته قبل أن تضعه فتكون به أم ولد قال : فقلت لمالك : فلو أن العبد حيث أعتقه سيده أعتق جاريته وهي حامل منه ؟ قال : قال لي مالك : لا عتق له في جاريته وحدودها وحرمتها وجراحها جراح أمة حتى تضع ما في بطنها فيأخذه سيده وتعتق الأمة إذا وضعت ما في بطنها بالعتق الذي أعتقها به العبد المعتق ولا تحتاج الجارية ههنا إلى أن يجدد لها عتقا قال مالك : ونزل هذا ببلدنا وحكم به قال ابن القاسم : وسأله بعض أصحابه أين كنانة بعدما قال لي هذا القول بأعوام أرأيت المدبر إذا اشترى جارية فوطئها ثم حملت ثم عجل سيده عتقه وقد علم أن ماله يتبعه أترى ولده يتبع المدبر ؟ قال : لا ولكنها إذا وضعته كان مدبرا على حال ما كان عليه الأب قبل أن يعتقه السيد والجارية للعبد تبع لأنها ماله
قلت : وتصير ملكا له ولا تكون بهذا الولد أم ولد ؟ قال : قد اختلف قول مالك في هذا بمنزلة ما اختلف في المكاتب وجعله في هذه الجارية بمنزلة المكاتب في جاريته
قال ابن القاسم : والذي سمعت من مالك ؟ أنه قال : تكون أم ولد إذا ولدته في التدبير أو في الكتابة فقلت لمالك : وإن لم يكن لها يوم تعتق ولد حي ؟ قال : وإن لم يكن لها يوم تعتق ولد حي قلت : ما حجة مالك في التي في بطنها ولد من هذا العبد الذي أعتقه سيده ؟ فقال : المعتق هي حرة لم جعلها في جراحها وحدودها بمنزلة الأمة وإنما في بطنها ولد للسيد وهي إذا وضعت ما في بطنها كانت حرة باللفظ الذي أعتقها به العبد المعتق قال : لأن ما في بطنها ملك للسيد فلا يصلح أن تكون حرة وما في بطنها
رقيق فلما لم يجز هذا وقفت ولم تنفذ لها حريتها حتى تضع ما في بطنها ومما يبين لك أن العبد إذا كاتبه سيده وله أمة حامل منه أن ما في بطنها رقيق ولا يدخل في كتابة المكاتب إلا أن يشترطه المكاتب
كتاب الأيمان بالطلاق
قلت لابن القاسم : أرأيت إن طلق رجل امرأته فقال له رجل ما صنعت قال : هي طالق هل ينوي إن قال : إنما أردت أن أخبره أنها طالق بالتطليقة التي كنت طلقتها ؟ قال : نعم ينوي ويكون القول قوله قلت : أرأيت إن قال رجل لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق أو إن أكلت أو شربت أو لبست أو ركبت أو قمت أو قعدت فأنت طالق ونحو هذه الأشياء أتكون هذه أيمانا كلها ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قال لها إذا حضت أو إن حضت فأنت طالق ؟ قال : ليس هذه يمينا لأن هذا يلزم الطلاق الزوج مكانه حين تكلم به من ذلك وكذلك قال مالك
فيمن قال لامرأته أنت طالق إن شئت أو لعبده أنت حر إذا قدم فلان
قلت : أرأيت لو قال رجل لامرأته أنت طالق إذا شئت ؟ قال : قال مالك : إن المشيئة لها وإن قامت من مجلسها ذلك توقف فتقضي أو تترك فإن هي تركته فجامعها قبل أن توقف أوتقضي فلا شيء لها وقد بطل ما كان في يديها من ذلك
قال ابن القاسم : وإنما قلت لك في الرجل الذي يقول لامرأته أنت طالق إن شئت أن ذلك بيدها حتى توقف وإن تفرقا من مجلسهما لأن مالكا قد ترك قوله الأول في التمليك ورجع إلى أن قال ذلك بيدها حتى توقف فهو أشكل من التمليك لأن مالكا كان يقول مرة إذا قال الرجل لغلامه أنت حر إذا قدم أبي أو أنت حر إن قدم أبي كان يقول هما مفترقان قوله إذا قدم أبى أشد وأقوى عندي من قوله إن قدم أبي ثم رجع فقال : هما سواء إذا وأن فعلى هذا رأيت قوله إذا شئت فأنت طالق أو إن شئت فأنت طالق على قوله إذا قدم أبي فأنت حر وإن قدم أبي فأنت حر
قلت : أرأيت إن قبلته أيكون هذا تركا لما كان جعل لها من ذلك ؟ قال : نعم وهو رأيي ولم أسمعه من مالك قلت : وكذلك إن قال : أمرك بيدك فهو مثل هذا ؟ قال : نعم وإنما الذي سمعت من مالك في أمرك بيدك
فيمن قال لها إن فعلت كذا فأنت طالق وقال لها ثانية
قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته : إذا دخلت الدار فأنت طالق ثم قال لها بعد ذلك : إذا دخلت الدار فأنت طالق والدار التي حلف عليها هي دار واحدة فدخلت الدار كم يقع عليها ؟ قال : يقع عليها تطليقتان إلا أن يكون نوى بقوله في المرة الثانية إذا
دخلت الدار فأنت طالق يريد بذلك الكلام الأول ولم يرد به تطليقة ثانية لأن مالكا قال : لوأن رجلا قال لامرأته : إن كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال لها بعد ذلك : إن كلمت فلانا فأنت طالق أنه إن أراد بالكلام الثاني اليمين الأولى فكلمه فإنما تلزمه تطليقة وإن
كان لم يرد بالكلام الثاني اليمين الأولى فكلمه فهما تطليقتان ولا يشبه هذا عنذ مالك الأيمان بالله مثل الذي يقول والله لا أفعل كذا وكذا ثم يقول بعد ذلك والله لا أفعل كذا وكذا لذلك الشيء بعينه أنه إنما تجب عليه كفارة واحدة ولا يشبه هذا الطلاق في قول مالك قال ابن القاسم : وفرق ما بين ذلك لوأن رجلا قال : والله والله والله لا أكلم فلانا فكلمه إنما تجب عليه كفارة واحدة وإذا قال : أنت طالق أنت طالق أنت طالق إن كلمت فلانا أنها طالق ثلاثا إن كلمه إلا أن يكون نوى بقوله أنت طالق أنت طالق أنت طالق واحدة وإنما أراد بالبقية أن يسمعها فهذا فرق ما بينهما
فيمن قال لامرأته أنت طالق إن كنت تحبيني أو إن كنت قلت كذا
قلت : أرأيت إن قال الرجل لامرأته : أنت طالق إن كنت تحبيني أو قال : أنت طالق إن كنت تبغضيني قال : قال مالك : وسأله رجل عن امرأة وقع بينها وبين زوجها كلام فقالت : فارقني فقال الزوج : إن كنت تحبين فراقي فأنت طالق ثلاثا فقالت المرأة :
فإني أحب فراقك فقالت بعد ذلك : ما كنت إلا لاعبة وما أحب فراقك قال : قال مالك : أرى أن يفارقها ويعتزلها ولا يقيم عليها يصدقها مرة ويكذبها مرة هذا لا يكون ولا يقيم عليها
قلت : ليس هذه مسألتي إنما مسألتي أنه قال : إن كنت تبغضيني فأنت طالق فقالت : لا أبغضك وأنا أحبك قال ابن القاسم : إنه لا يجبر على فراقها ويؤمر فيما بينه وبين الله أن يفارقها لأنه لا يدري أصدقته أم كذبته فأحسن ذلك أن لا يقيم على امرأة لا يدري كيف هي تحته أحلال أم حرام قلت : أرأيت الرجلين يقول أحدهما لصاحبه : امرأته طالق إن لم تكن قلت لي كذا وكذا ويقول الآخر : امرأته طالق إن كنت قلت لك كذا وكذا قال : قال مالك : يدينان جميعا
فيمن قال لامرأته أنت طالق إذا حضت أو إذا حاضت فلانة
قلت : أرأيت إن قال رجل لامرأته : أنت طالق إذا حاضت فلانة لامرأة له أخرى أو أجنبية إذا كانت ممن تحيض ؟ قال : أرى إنها طالق ساعة تكلم بذلك لأن هذا أجل من الآجال في قول مالك قلت : فإن قال أنت طالق إذا حضت فأوقعت عليه الطلاق في
قول مالك مكانه فاعتدت المرأة فلم تر حيضا في عدتها فاعتدت اثني عشر شهرا ثم تزوجها بعد انقضاء عدتها زوجها الحالف فحاضت عنده أيقع عليها بهذه الحيضة طلاق أم لا في قول مالك ؟ قال : لا يقع عليها في قول مالك بهذه الحيضة طلاق لأن الطلاق الذي أوقعه مالك عليها حين حلف إنما هو بهذه الحيضة وقد أحنثته في يمينه بهذه الحيضة ولا تحنثه بها مرة أخرى
فيمن قال أنت طالق إن لم أطلقك أو إن أكلت هذا الرغيف فانت طالق
قلت : فإن قال لها : أنت طالق إن لم أطلقك ؟ قال : يقع الطلاق عليها مكانه حين تكلم بذلك وقد قال مالك : لا تطلق إلا أن ترفعه إلى السلطان وتوقفه قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته إن أكلت هذا الرغيف فأنت طالق فطلقها واحدة فتزوجت زوجا غيره
فأكلت نصف الرغيف في ملك الزوج الثاني ثم طلقها الزوج الثاني فتزوجها الزوج الأول الحالف فأكلت نصف الرغيف الباقي عنده أيقع عليها الطلاق في قول مالك ؟ قال : يقع عليه الطلاق في قول مالك إذا أكلت من ذلك الرغيف ما بقى من طلاق ذلك الملك الذي حلف فيه لم يقع عليه إن أكلت الرغيف في ملك الحالف أو بعض الرغيف طلاق لأنه إنما كان حالفا بطلاق ذلك الملك فإذا ذهب طلاقه فقد ذهب ما قد كان به حالفا وصار بمنزلة من لا يمين عليه قال : وسئل مالك عن رجل كان بينه وبين رجل شر وكان لأحد الرجلين أخ فلقي أخوه الرجل الذي نازع أخاه فقال : قد بلغني الذي كان بينك وبين أخي أمس وامرأته طالق البتة إن لم يكن لو كنت حاضرا لفقأت عينك قال مالك : أراه حانثا لأنه حلف على شيء لا يبر فيه ولا في مثله
فيمن قال أنت طالق إن قدم فلان أو إن كان كلم فلان فلانا ثم شك في كلامه إياه
قلت : أرأيت إن قال لها أنت طالق إن قدم فلان أو إذا قدم فلان ؟ قال : لا تطلق عليه حتى يقدم فلان فيما أخبرتك من قول مالك قلت : ولم لا تطلقون عليه وأنتم لا تدرون لعل فلانا يقدم فيكون هذا قد طلق امرأته وقد وطئها بعد الطلاق وأنتم تطلقون بالشك ؟ قال : ليس هذا من الشك وليس هذا وقت هو آت على كل حال وإنما تطلق المرأة على الرجل الذي يشك في يمينه فلا يدري أبر فيها أم حنث وهذا لم يحنث بعد إنما يحنث بقدوم فلان وإنما ذلك لو أن رجلا قال امرأته طالق إن كان كلم فلانا ثم شك بعد ذلك فلا يدري أكلمه أم لا فهذا الذي تطلق عليه امرأته عند مالك لما شك في يمينه الذي حلف بها فلا يدري لعله في يمينه حانث فلما وقع الشك طلقت عليه امرأته لأن يمينه قد خرجت منه وهو لا يتيقن أنه فيها بار فكل يمين لا يعلم صاحبها أنه فيها بار ويمينه بالطلاق فهو حانث وهذا الآخر لا يشبه الذي قال : أنت طالق إن قدم فلان لأنه على بر وهو يستيقن أنه لم يحنث بعد وإنما يكون حنثه بقدوم فلان ولم يطلق إلى أجل من الآجال
فيمن قال لها إذا حبلت فأنت طالق أو بعد قدوم فلان بشهر
قلت : أرأيت إن قال لامرأته إذا حبلت فأنت طالق ؟ قال : لا يمنع من وطئها فإذا وطئها مرة واحدة فأرى أن الطلاق قد وقع عليها لأنه بعد وطئه أول مرة قد صارت بمنزلة امرأة قال لها زوجها إن كنت حاملا فأنت طالق ولا يدري أبها حمل أم لا وقد قال مالك في هذه هي طالق لأنه لا يدري أبها حمل أم لا وكذلك قال مالك في امرأة قال لها زوجها إن لم تكوني حاملا فأنت طالق ثلاثا إنها تطلق مكانها لأنه لا يدري أحامل هي أم لا فأرى مسألتك على مثل هذا من قول مالك قلت : أرأيت إن قال لها أنت طالق بعد قدوم فلان بشهر ؟ قال مالك : إذا قدم فلان وقع الطلاق عليها مكانه ولا ينتظر بها الأجل الذي قال
فيمن قال لها إذا حملت ووضعت فأنت طالق
قلت : أرأيت إن قال لامرأته وهي غير حامل إذا حملت فوضعت فأنت طالق ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأنا أرى إن كان وطئها في ذلك الطهر أنها طالق مكانها ولا ينتظر بها أن تضع ولا أن تحمل قال : وقال مالك لا تحبس ألف امرأة لامرأة واحدة ويكون أمرها في الحمل غير أمرهن ولأني سمعت مالكا يقول في الرجل يقول لامرأته إن لم يكن بك حمل فأنت طالق قال : قال مالك : هي طالق حين تكلم ولا يستأنى بها للنظر والذي يقول لامرأته إذا وضعت فأنت طالق بمنزلتها ولا يستأنى بها للنظر إن كان بها حمل أم لا لأنها لوهلكت قبل أن يستبين أن بها حمل أوليس بها حمل لم ينبغ له أن يرثها وكذلك كانت حجة مالك في الذي يقول لامرأته إن لم يكن بك حمل فأنت طالق
فقال ابن أبي حزم يا أبا عبد الله لم لا يستأنى حتى يعلم أحامل هى أم لا ؟ فقال : أرأيت إن استؤنى بها فماتت قبل أن يتبين حملها أيرثها أم لا ؟ قال : لا قال : فكيف أوقف امرأة على زوج لو ماتت لم يرثها فالذي سألت عنه عندي مثل هذا
فيمن قال أنت طالق إذا مت أو مات فلان أوكلما حضت أوكلما جاء يوم أوجاءت سنة
قلت : أرأيت رجلا قال لامرأته أنت طالق إذا مت ؟ قال مالك : لا تطلق عليه لأنه إنما طلقها بعد موته قلت : فإن قال : إذا مات فلان فأنت طالق ؟ قال مالك : تطلق عليه حين تكلم بذلك
قلت : أرأيت إن قال لامرأته أنت طالق كلما حضت حيضة ؟ قال : قال مالك في الذي يقول لامرأته كلما حضت حيضة فأنت طالق إنها طالق الساعة فأرى مسألتك أنها طالق الساعة ثلاث تطليقات قلت : أرأيت إن قال لها : أنت طالق كلما جاء يوم أوكلما جاء شهر أوكلما جاءت سنة ؟ قال : أرى أنها طالق ثلاثا حين تكلم بذلك لأن مالكا قال : من طلق امرأته إلى أجل هوآت إنما هوطلاق حين تكلم بذلك قلت : أرأيت إن طلقتها عليه ثلاثا بهذا القول ثم تزوجها بعد زوج أيقع عليه من يمينه تلك شيء أم لا ؟ قال : لا شيء عليه من يمينه تلك عند مالك لأن يمينه التي كانت بالطلاق في ذلك الملك قد ذهب ذلك الملك فذهب طلاقه كله وإنما كان حالفا بطلاق ذلك الملك الذي قد ذهب وذهب طلاقه
قلت : أرأيت إن قال لها أنت طالق قبل موتك بشهر متى يقع الطلاق ؟ قال : يقع الطلاق مكانه حين تكلم بذلك قلت : فإن قال لامرأته وهي حامل إذا وضعت فأنت طالق ؟ قال : قال مالك : أراها طالقا حين تكلم به
قلت : أرأيت إن قال لامرأة أجنبية أنت طالق غدا ؟ ثم تزوجها قبل غد أيقع الطلاق عليها أم لا ؟ قال : لا يقع الطلاق عليها إلا أن يكون أراد بقوله ذلك إن تزوجتك فأنت طالق غدا فإن أراد بقوله ذلك إن تزوجها فتزوجها فهي طالق مكانها
قال ابن القاسم : فقلت لمالك فرجل قال لامرأته ونزلت هذه المسألة بالمدينة وكان بين رجل وامرأته منازعة فسألته الطلاق فقال : إن لم يكن بك حمل فأنت طالق أفترى أن يستأنى بها حتى يتبين أنها حامل أم لا ؟ قال مالك : بل أراها طالقا حين تكلم بذلك ولا يستأنى بها
قال ابن القاسم : أخبرني بعض جلساء مالك أنه قيل له : لم طلقت عليه حين تكلم قبل أن يعلم أنها حامل ؟ قال : أرأيت لو استأنيت بها حتى أعلم أنها حامل فماتت أكان الزوج يرثها ؟ فقيل له : لا قال : فكيف أترك رجلا مع امرأة لو ماتت لم يرثها وأخبرني محمد بن دينار أن مالكا سئل عن رجل قال لامرأته وكانت تلد منه جواري فحملت فقال لها إن لم يكن في بطنك غلام فأنت طالق البتة فإنك قد أكثرت من ولادة الجواري قال : أراها طالقا الساعة ولا ينتظر بها أن تضع قلت لابن القاسم : فإن ولدت غلاما هل ترد إليه ؟ قال : لا لأن الطلاق قد وقع وإنما ذلك عند مالك بمنزلة قوله إن لم تمطر السماء في شهركذا وكذا في يوم كذا وكذا فأنت طالق البتة قال مالك : تطلق عليه الساعة لأن هذا من الغيب فإن مطر في ذلك اليوم الذي سمى لم ترد إليه قال مالك : ولا يضرب له في ذلك أجل إلى ذلك اليوم لينظر أيكون فيه المطر أم لا
قال ابن القاسم : وأخبرني بعض جلسائه أنه قيل لمالك ما تقول في رجل يقول إن لم يقدم أبي إلى يوم كذا وكذا فامرأتي طالق البتة ؟ قال مالك : لا يشبه هذا المطرلأن هذا يدعي أن الخبر قد جاءه أوالكتاب بأن والده سيقدم وليس هذا كمن حلف على الغيب ولم أسمعه من مالك ولكن قد أخبرني به من أثق به من أصحابه والذين بالمدينة
قلت : أرأيت إن قال لها أنت طالق إن لم أدخل هذه الدار وإن لم أعتق عبدي فلانا أيقع الطلاق عليه ساعة تكلم بذلك ؟ قال : لا يقع عليها في قول مالك الطلاق حين تكلم بذلك ولكن يحال بينه وبين وطئها ويقال له افعل ما حلفت عليه فإن لم يفعل ورفعت أمرها إلى السلطان ضرب لها السلطان أجل الإيلاء أربعة أشهر من يوم ترفع أمرها إلى السلطان ولا ينظر إلى ما مضى من الشهور والسنين من يوم حلف ما لم ترفعه إلى السلطان وليس يضرب السلطان لها أجل الإيلاء في قول مالك إلا في هذا الوجه وحده لأن كل إيلاء وقع في غير هذا الوجه من غيرأن يقول إن لم أفعل كذا وكذا حلف بالله أن لا يطأها أو بمشي أو بنذر صيام أو عتاقه أو طلاق امرأة له أخرى أو بعتق رقبة عبده أو حلف لغريم له أن لا يطأ امرأته حتى يقضيه
قال مالك : فهذا كله وما أشبهه هو مول منها من يوم حلف وليس من يوم ترفعه إلى السلطان وليس يحتاج في هذا إلى أن ترفعه إلى السلطان لأن هذا إذا وطىء قبل أن ترفعه إلى السلطان ولا إيلاء عليه فقد بر والوجه الآخرهو وإن وطىء فيه قبل أن ترفعه إلى السلطان فإن ذلك لا تسقط عنه اليمين إلا التي حلف عليها إذا كان لم يفعلها فهذا فرق ما بينها
قلت : وما حجتك حين قلت في الرجل الذي قال لامرأته إن لم أطلقك فأنت طالق أنها طالق ساعتئذ وقد قلت عن مالك في الذي يقول لامرأته إن لم أدخل هذه الدار فأنت طالق أن يحال بينه وبينها ويضرب له أجل الإيلاء من يوم ترفعه إلى السلطان فلم لا تجعل الذي قال إن لم أطلقك فأنت طالق مثل هذا الذي قال : إن لم أدخل الدار فأنت طالق وما فرق بينهما ؟ قال : لأن الذي حلف على دخول الدار إن دخل سقط عنه الطلاق ولأن الذي حلف بالطلاق ليطلقن ليس بره إلا في أن يطلق في كل وجه يصرفه إليه لابد بأن يطلق عليه مكانه حين تكلم بذلك
قلت : أرأيت إن قال إن كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال : إن كلمت فلانا لآخر فأنت طالق فكلمهما جميعا كم يقع عليه من الطلاق أواحدة أو اثنتان ؟ قال : يقع عليه اثنتان ولا ينوي وإنما ينوي في قول مالك لو أنه قال : إن كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال : إن كلمت فلانا فأنت طالق لفلان ذلك بعينه ومسألتك لا تشبه هذه قلت : أرأيت جوابك هذا هو قول مالك ؟ قال : نعم هو قول مالك قال مالك : ولو أن رجلا حلف بعتق عبد له أن لا يكلم رجلا فباعه فكلم الرجل ثم اشتراه أوهب له أو تصدق به عليه فقبله أنه إن كلم الرجل حنث لأن اليمين لازمة له لم تسقط عنه حين كلم الرجل والعبد في غير ملكه قال مالك : ولو ورثه هذا الحالف ثم كلم الرجل الذي حلف بعتق هذا العبد أن لا يكلمه لم أر عليه حنثا لأنه لم يدخله على نفسه وإنما جره إليه الميراث قال : فقلت لمالك : فلو فلس هذا الحالف فباعه السلطان عليه ثم كلم لم فلانا ثم أيسر يوما ما فاشتراه قال مالك : إن كلمه حنث وأرى بيع السلطان العبد في التفليس بمنزلة بيع السيد إياه طائعا
وسئل مالك عن امرأة من آل الزبير حلفت بعتق جارية لها أن لا تكلم فلانا ثم أن الجارية وقعت إلى أبيها ثم مات أبوها فورثتها ابنته الحالفة وأخوة لها فباعوا الجارية فاشترتها في حصتها أترى إن تكلم فلانا ولا تحنث ؟ قال : أرى إن كانت الجارية هي قدر ميراثها من أبيها أو الجارية أقل من ذلك فلا أرى عليها حنثا واشتراؤها إياها عندي في هذا الموضع بمنزلة مقاسمتها إخوتها وإن كانت الجارية أكثر من ميراثها فإنها إن كلمته حنثت قلت : أرأيت إن قال رجل لامرأته أنت طالق إن دخلت هذه الدار فطلقها تطليقتين ثم تزوجت زوجا ثم مات عنها فرجعت إلى زوجها الحالف فدخلت الدار كم تطلق أواحدة أم ثلاثا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : تطلق واحدة ولا تحل له إلا بعد زوج لأنها رجعت إليه على بقية طلاق ذلك الملك وإنما كان حالفا التطليقتين اللتين طلق وبهذه التي بقيت له فيها يحنث ولا يحنث بغيرها وليس عليه شيء مما يحنث به في يمينه إلا هذه التطليقة الباقية
فيمن قال لها أنت طالق إذا حضت أو طهرت
قلت : أرأيت إن قال لامرأته أنت طالق إذا حضت ؟ قال : هي طالق الساعة وتعتد بطهرها الذي هي فيه من عدتها وهذا قول مالك قلت : فإن قال لها وهي حائض إذا طهرت فأنت طالق ؟ قال : قال مالك : هي طالق الساعة ويجبر على رجعتها قال مالك : وإذا قال لها وهي حامل إذا وضعت فأنت طالق فهي طالق الساعة
قلت : أرأيت إن قال لامرأته أنت طالق يوم أدخل دار فلان فدخلها ليلا أيقع عليها الطلاق في قول مالك ؟ قال : أرى أن الطلاق واقع عليه إن دخلها ليلا أو نهارا إلا أن يكون أراد بقوله يوم أدخل النهار دون الليل فإن كان أراد النهار دون الليل فالقول
قوله وينوي في ذلك لأن النهار من الليل والليل من النهار في هذا النحو من قول مالك إذا لم تكن له نية قال : وكذلك إن قال ليلة أدخل دار فلان فأنت طالق فدخلها نهارا قال : هو مثل ما وصفت لك إلا أن يكون أراد الليل دون النهار قال مالك : وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه : { والفجر * وليال عشر } ( الفجر : ا ) فقد جعل الله الأيام مع الليالي
فيمن قال أنت طالق إن دخلت دار فلان ودار فلان فدخل إحداهما
قلت : أرأيت لو أن رجلا قال امرأتي طالق إن دخلت دار فلان ودار فلان فدخل إحداهما أتطلق عليه امرأته في قول مالك ؟ قال : تطلق عليه امرأته إذا دخل في إحدى الدارين قلت : فإن دخل الدار الأخرى بعد ذلك أتطلق عليه فى قول مالك أم لا ؟ قال : لا تطلق عليه في قول مالك لأنه قد حنث في يمينه بالذي حلف به فلا يقع عليه شيء
بعد ذلك
الشك في الطلاق
قلت : أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته فلم يدر كم طلقها أطلقة واحدة أم اثنتين أم ثلاثا كم يكون هذا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
قال ابن القاسم : وأرى إن ذكر وهي في العدة أنه لم يطلق إلا واحدة أو اثنتين أنه يكون أملك بها فإن انقضت العدة قبل أن يذكر فلا سبيل له إليها وإن ذكر بعد انقضاء العدة أنه إنما كانت تطليقة أو تطليقتين فهو خاطب من الخطاب وهو مصدق في ذلك
قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا قلت : أرأيت إن لم يذكركم طلقها ففرقت بينهما ثم تزوجها زوج بعد انقضاء عدتها ثم طلقها هذا الزوج الثاني أو مات عنها أتحل للزوج الذي لم يدر كم طلقها ؟ قال : تحل له بعد هذا الزوج لأنه إن كان إنما طلقها واحدة رجعت عنده على اثنتين وإن كان إنما طلقها هذا الزوج اثنتين رجعت إليه على واحدة وإن كان إنما طلقها ثلاثا فقد أحلها هذا الزوج فإن طلقها هذا الزوج أيضا تطليقة فانقضت عدتها أو لم تنقض عدتها لم يحل له أن ينكحها إلا بعد زوج لأنه لا يدري لعل طلاقه إياها كان تطليقتين فقد طلق أخرى فهذا لا يدري لعل الثلاث إنما وقعت بهذه التطليقة التي طلق فإن تزوجت بعد ذلك زوجا آخر فمات أوطلقها فانقضت عدتها فتزوجها الزوج الأول فطلقها أيضا تطليقة إنه لا يحل له أن ينكحها إلا بعد زوج أيضا لأنه لا يدري لعل الطلاق الأول إنما كان تطليقة واحدة والطلاق الثاني إنما كان تطليقة ثانية وإن هذه الثالثة فهولا يدري لعل هذه هي التطليقة الثالثة فلا يصلح له أن ينكحها حتى تنكح زوجا غيره
قلت : فإن نكحت زوجا غيره ثم طلقها أو مات عنها هذا الزوج الثالث ثم تزوجها الزوج الأول أيضا ؟ قال : فإنها ترجع إليه أيضا على تطليقة أيضا بعد الثلاثة الأزواج إلا أن يبت طلاقها وهي تحته في أي النكاح كان فإن بت طلاقها فيه ثم تزوجت بعد زوجا ثم رجعت إليه رجعت على طلاق مبتدأ
فيمن قال لها أنت طالق إن دخلت الدار فقالت قد دخلتها
قلت : أرأيت إن قال الرجل لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا فقالت المرأة : قد دخلت الدار وكذبها الزوج ؟ قال : أما في القضاء فلا يقضي عليه بطلاقها ويستحب للزوج أن لا يقيم عليها لأنه لا يدري لعلها قد دخلت
قال : وكذلك قال لي مالك في رجل قال لامرأته وسألها عن شيء فقال لها : إن لم تصدقيني أو إن كتمتنى فأنت طالق فأخبرته فقال مالك : أرى أن يفارقها ولا يقيم عليها قال مالك : وما يدريه أصدقت أم لا ؟ قال ابن القاسم : وسمعت الليث يقول مثل قول مالك فيها
قلت : أرأيت إن قالت : قد دخلت الدار فصدقها الزوج ثم قالت المرأة بعد ذلك : كنت كاذبة ؟ قال : إذا صدقها الزوج فقد لزمه ذلك في رأيي قلت : أرأيت إن لم يصدقها وقالت : قد دخلت ثم قالت بعد ذلك : كنت كاذبة ؟ قال : أرى أنه ينبغي له أن يجتنبها فيما بينه وبين الله ولا يقيم عليها وأما في القضاء فلا يلزمه ذلك
في الشك في الطلاق أيضا
قلت : أرأيت إذا شك الرجل في يمينه فلا يدري بطلاق حلف أم بعتق أم بصدقة ؟ قال : كان يبلغنا عن مالك أنه قال في رجل حلف بحنث فلا يدري بأي ذلك كانت يمينه بصدقة أم بطلاق أم بعتق أم بمشي قال مالك : إنه يطلق امرأته ويعتق عبيده ويتصدق بثلت ماله ويمشي إلى بيت الله قلت : ويجبر على الطلاق والعتق والصدقة في قول مالك ؟ قال : لا يجبرعلى شيء من هذا لا على الطلاق ولا على العتق ولا على الصدقة ولا على المشي ولا في شيء من هذا إنما يؤمر فيما بينه وبين الله في الفتيا
قلت : وكذلك لو حلف بطلاق امرأته فلا يدري أحنث أم لم يحنث أكان مالك يأمره أن يفارقها قال : نعم قلت : أرأيت إن كان هذا الرجل موسوسا في هذا الوجه ؟ قال : ابن القاسم فلا أرى عليه شيئا
فيمن قال لامرأته قد طلقتك من قبل أن أتزوجك
قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته قد طلقتك من قبل أن أتزوجك أيقع عليه شيء من الطلاق أم لا ؟ قال : أرى أنه لا شيء عليه قلت : وكذلك لو قال : قد طلقتك وأنا مجنون أو وأنا صبي ؟ قال : إن كان يعرف بالجنون فلا شيء عليه وكذلك قوله : قد طلقتك وأنا صبي أنه لا يقع عليه به الطلاق
قلت : أرأيت إن طلق بالعجمية وهو فصيح بالعربية أتطلق عليه امرأته في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك في الطلاق بالعجمية شيئا وأرى ذلك يلزمه إذا شهد عليه العدول ممن يعرف بالعجمية أنه طلاق بالعجمية قلت : أرأيت الرجل إن قال لامرأته يدك طالق أو رجلك طالق أو إصبعك طالق ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه إذا طلق يدا أو رجلا أو ما أشبه ذلك فهي طالق كلها وكذلك الحرية
فيمن قال لها أنت طالق بعض تطليقة أو قال بينكن تطليقة
قلت : أرأيت إن قال لامرأته أنت طالق بعض تطليقة ؟ قال : لم أسمعه من مالك وأرى أن تجبر عليه التطليقة فتكون تطليقة كاملة قد لزمته قلت : أرأيت إن قال لأربع نسوة له بينكن تطليقة أو تطليقتان أو ثلاث أو أربع ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا
ولكني أرى أنه إذا قال بينكن أربع تطليقات أو دون الأربع إنها تطليقة على كل واحدة منهن وإن قال بينكن خمس تطليقات إلى أن يبلغ ثمان فهي اثنتان اثنتان فإن قال تسع تطليقات فقد لزم كل امرأة منهن ثلاث تطليقات ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي ابن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل قال لامرأته أنت طالق سدس تطليقة قال : نرى أن يوجع من قال ذلك جلدا وجيعا وتكون تطليقة تامة وهو أملك بها
قال ابن يونس قال ربيعة من قال لامرأته أنت طالق بعض تطليقة فهي تطليقة تامة وإن سليمان بن حبيب المحاربي أخبر أن عمر بن عبد العزيز قال له لا تقبل السفهاء سفههم إذا قال السفيه لامرأته أنت طالق نصف تطليقة فاجعلها واحدة وإن قال : واحدة ونصفا فاجعلها اثنين وإن قال اثنين ونصفا فاجعلها البتة
فيمن قال إحدى نسائي طالق أو قال واحدة فانسبها
قلت : أرأيت لو أن رجلا قال : إحدى امرأتي طالق ثلاثا : ولم ينو واحدة منهما بعينها أيكون له أن يوقع الطلاق على أيتهما شاء ؟ قال : قال مالك : إذا لم ينو حين تكلم بالطلاق واحدة بعينها طلقتا عليه جميعا وذلك أن مالكا قال في رجل له امرأتان أو أكثر من ذلك قال : امرأة من نسائي طالق ثلاثا إن فعلت كذا وكذا ففعله قال : إن كان نوى واحدة بعينها حين حلف طلقت عليه وقال وإلا طلقن جميعا بما حلف به وإن كان نوى واحدة منهن فنسي طلقن عليه جميعا
قلت : وما حجة مالك في هذا ؟ قال : لأن الطلاق ليس يختار فيه في قول مالك وقال ابن القاسم : حدثني يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن عمر بن عبد العزيز قضى به في رجل من أهل البادية كان يسقي على مائه فأقبلت ناقة له فنظر إليها من بعيد فقال إحدى امرأتيه طالق البتة إن لم تكن فلانة الناقة له فاقبلت ناقة غير تلك الناقة فقدم الإعرابي المدينة فدخل على أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهو عامل لعمر بن عبد العزيز على المدينة وعمر يومئذ الخليفة فقص عليه قضيته فأشكل عليه القضاء فيها فكتب إلى عمر في ذلك فكتب إليه عمر إن كان نوى واحدة منهما حين حلف فهو ما نوى وإلا نطلقهما عليه جميعا
قلت : فإن قال إحداهما طالق وقال قد نويت هذه بعينها وعليه بينة أنه حلف منهما أيصدق في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن طلق إحدى امرأتيه ثلاثا فنسيها أيلزمه الطلاق فيهما جميعا أم لا في قول مالك ؟ قال مالك : يلزمه الطلاق فيهما جميعا
قلت : فهل يقال له طلق من ذي قبل التي لم يطلق أويقال له طلقهما جميعا من ذي قبل ؟ قال : وما سألنا مالكا عن هذا ولكن مالكا قال : تطلقان عليه جميعا قلت : أرأيت إن قال : إحداكما طالق ؟ قال : قال مالك : تطلقان عليه جميعا إذا لم ينو واحدة منهما قلت : والاستثناء في قول مالك في الطلاق ؟ قال : ذلك باطل والطلاق لازم
من قال أنت طالق إن شاء الله أو إن شاء فلان أو إن شاء هذا الحجر
قلت : أرأيت إن قال : فلانة طالق إن شاء فلان أيكون هذا استثناء وتوقع الطلاق عليها مكانه ولا تلتفت إلى مشيئة فلان أم لا ؟ قال : ليس قوله أنت طالق إن شاء فلان مثل قوله : أنت طالق إن شاء الله إنما الاستثناء في قول مالك أن يقول أنت طالق إن
شاء الله فالطلاق فيه لازم وأما إذا قال : إن شاء فلان فلا يطلق حتى يعرف أيشاء فلان أم لا ؟ قلت : أرأيت إن قال : أنت طالق إن شاء فلان وفلان ميت أيقع الطلاق عليها الساعة في قول مالك ؟ قال : لا أرى أن يطلق لأنا نعرف أن الميت لا يشاء قد انقطعت مشيئته ولا يشاء أبدا
قلت : فإن قال : أنت طالق إن شاء فلان فمات فلان قبل أن يشاء وقد علم أو لم يعلم بذلك حتى هلك أتطلق مكانها حين مات الذي جعلت إليه المشيئة في قول مالك أم لا ؟ قال : هوعندي بمنزلة من قال ذلك للميت الذي قد انقطعت مشيئته إن لم يشأ حتى مات فلا طلاق عليه قلت : أرأيت إن قال لها أنت طالق إن شاء الله أتطلق مكانها ؟ قال : نعم في قول مالك
قال مالك : لاثنيا في الطلاق
قلت : أرأيت إن قال لها أنت طالق إن شاء هذا الشيء لشيء لا يشاء شيئا مثل الحجر والحائط ؟ قال : أرى أنه لا شيء عليه لأنه جعل المشيئة إلى من لا يعلم له مشيئة ولا يستطيع الناس علم مشيئته فجعل المشيئة إليه فلا طلاق عليه قلت : أرأيت لوأن رجلا قال لامرأة كلما تزوجتك فأنت طالق ثلاثا فتزوجها فطلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج أتطلق ثلاثا أيضا في قول مالك ؟ قال : نعم قال مالك : إذا قال كلما فاليمين لازمة له كلما تزوجها بعد زوج قلت : أرأيت إذا قال تزوجتك ومتى ما تزوجتك وإن تزوجتك أهذه بمنزلة كلما في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إن تزوجتك أو إذا تزوجتك فلا يكون على مرة واحدة ومتى ما تزوجتك فلا يكون إلا على مرة واحدة إلا أن يريد بذلك مثل ما قوله كلما تزوجتك فإن أراد بقوله متى ما كلما فهو كما نوى وإن لم ينو شيئا فهو على أول مرة ولا شيء عليه غيره وهذا كله قول مالك
قلت : أرأيت إن قال لامرأة ليست له بامرأة أنت طالق يوم أكلمك أو يوم تدخلين الدار أو يوم أطؤك أيقع الطلاق إذا تزوجها فكلمها أو وطئها أو دخلت الدار ؟ قال : قال مالك : لا يقع الطلاق إلا أن يكون أراد بقوله ذلك إن تزوجتها ففعلت هذا فأنت طالق إذا كان أراد ما وصفت لك
فيمن قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق
قلت : أرأيت لو أن رجلا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق ؟ قال : قال مالك : لا شيء عليه وليتزوج أربعا قال : قال مالك : وكذلك لوكان هذا في يمين أيضا قال : إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فدخل الدار فليتزوج ما شاء من النساء ولا يقع الطلاق عليه لأنه عم فقال كل امرأة قال مالك : وكذلك لو كن عنده ثلاث نسوة أو امرأتين كان له أن يتزوج اثنتين تمام الأربعة فإن طلق منهن شيئا فله أن يتزوج إن شاء وهذا كمن لم يحلف قال مالك : وكذلك لو كانت تحته امرأتان فقال إن دخلت هذه الدار فكل امرأة أتزوجها طالق فدخل الدار كان له أن يتزوج ولا يكون عليه في المرأتين اللتين تزوج شيئا وهو كمن لم يحلف قال مالك : وكذلك لو قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق أو قال : إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها طالق فدخل الدار إنهما سواء لا يكون عليه شيء وهو كمن لم يحلف وقال مالك : فإن قال : كل امرأة أتزوجها إن دخلت هذه الدار هي طالق فتزوج امرأة ثم دخل الدار إنه لا شيء عليه في امرأته التي تزوج وليتزوج فيما يستقبل ولا شيء عليه لأنه كمن لم يحلف
من قال كل امرأة أتزوجها فهى طالق إلا من موضع كذا
قلت : أرأيت إن قال كل امرأة أتزوجها من الفسطاط فهي طالق ؟ قال : يلزمه في قول مالك أن لا يتزوج من غير الفسطاط قلت : أرأيت إن قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق إلا من قرية كذا وكذا ويذكر قرية صغيرة ؟ قال : أرى أن ذلك لا يلزمه إذا كانت تلك القرية ليس فيها من يتزوج قلت : أرأيت إن قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق إلا فلانة وسمى امرأة بعينها ذات زوج أو لا زوج لها ؟ قال : بلغني أنه قال : لا أرى عليه شيئا قال : وهو بمنزلة رجل قال : إن لم أتزوج فلانة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق وهو رأيي ؟
قلت : أرأيت إن قال : إن لم أتزوج من الفسطاط فكل امرأة أنكحها فهي طالق ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا يتزوج إلا من الفسطاط وإلا لزمه الحنث
قلت : أرأيت إن قال : كل امرأة أتزوجها إلى أربعين سنة أو ثلاثين سنة فهي طالق ؟ قال : سألت مالكا عن غلام ابن عشرين سنة أو نحو ذلك حلف في سنة ستين ومائة أن كل امرأة ينكحها إلى سنة مائتين فهي طالق قال مالك : ذلك عليه إن تزوج طلقت عليه قال ابن القاسم : وهذا قد حلف على أقل من أربعين سنة ورأيى والذي بلغني عن مالك أنه لا يتزوج إلا أن يخاف على نفسه العنت وذلك أن يكون لا يقدر على مال فيتسرر منه فيخاف على نفسه العنت فيتزوج
قلت : أرأيت إن قال وهو شيخ كبير إن تزوجت إلى خمسين سنة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق وقد علم أنه لا يعيش إلى ذلك الأجل ؟ قال : ما سمعت من مالك ولكن سمعت من أثق به يحكي عن مالك أنه قال : إذا ضرب من الآجال أجلا يعلم أنه لا يعيش إلى ذلك الأجل فهو كمن عم النساء فقال كل امرأة أتزوجها فهي طالق ولم يضرب أجلا فلا يكون يمينه شيئا ولا يلزمه من يمينه طلاق بهذا القول إن تزوج وقال في الذي يحلف فيقول : كل امرأة أتزوجها إلى مائتي سنة فيمينه باطل وله أن يتزوج متى ما شاء
من قال كل امرأة أتزوجها من موضع كذا أو ما عاشت فلانة فهي طالق
قلت : أرأيت إن قال : كل امرأة أتزوجها من الفسطاط أو قال : كل أمرأة أتزوجها من همدان أو من مراد أو من بني زهرة أو من الموالي فهي طالق فتزوج امرأة من الفسطاط أو من مراد ؟ قال : تطلق عليه في قول مالك قلت : أرأيت إن تزوجها بعدما طلقت عليه ؟ قال : ترجع اليمين عليه ويقع عليه الطلاق إن تزوجها ثانية قلت : فإن تزوجها ثلاث مرات فبانت منه بثلاث تطليقات ثم تزوجها بعد زوج أيقع عليه الطلاق أيضا في قول مالك ؟ قال : نعم يقع الطلاق عليها كلما تزوجها وإن بعد ثلاث تطليقات كذلك قال مالك قال : ولقد سئل مالك عن رجل من العرب كانت تحته امراة من الموالي فعاتبه بنو عمه في تزويجه الموالي فقال : كل امرأة أتزوجها من الموالي فهي طالق ثلاثا فقضى أنه طلق المرأة التي كانت تحته ثم أراد أن يتزوجها فسأل عن ذلك مالكا فقال مالك : لا تتزوجها وأراها قد دخلت في اليمين وإن كانت تحته يوم حلف لأنها من الموالي فلا يتزوجها
قلت : ولا شيء عليه ما لم يطلقها في قول مالك ؟ قال : نعم لا شيء عليه ما لم يطلقها قلت : أرأيت لو أن رجلا قال : كل امرأة أتزوجها ما عاشت فلانة فهي طالق ؟ قال : قال مالك : كل امرأة يتزوجها ما عاشت فلانة فهي طالق وهذه التي حلف عليها في حياتها هي امرأته
قال : قال مالك : إن كانت نيته أنه إنما أراد بها ما عاشت فلانة أي ما كانت عندي فكل امرأة أتزوجها فهي طالق أنه يدين ذلك وتكون له نيته وليس له أن يتزوج ما كانت تحته فإذا فارقها كان له أن يتزوج وإن لم تكن له نية فلا يتزوج حتى تموت امرأته التي حلف أن لا يتزوج ما عاشت طلقها أو كانت تحته وهذا من وجه ما فسرت لك أنه ليس له أن يتزوج إلا أن يخاف العنت فإن خاف العنت تزوج
قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق تطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين أو ثلاثا ثم تزوج امرأة ثم تزوج امرأته التي حلف لها أن لا يتزوج عليها فتزوجها بعد زوج أو قبل زوج إن كان الطلاق تطليقة أيقع على الأجنبية التي تزوج من الطلاق شيء أم لا ؟ قال : قال مالك : إذا طلق امرأته التي حلف أن لا يتزوج عليها ثلاثا ثم تزوج امرأة ثم تزوج امرأته التي حلف عليها أنه لا شيء عليه فى التي تزوج ولا في امرأته التي حلف لها وإن كان طلاقه إياها واحدة فانقضت عدتها ثم تزوج امرأة ثم تزوجها عليها قال مالك : فإنما يطلق أيتهن كانت فيها اليمين ما بقي من ذلك الطلاق شيء قلت : أرأيت إن قال لامرأته كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فطلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج ثم تزوج عليها ؟ قال : قال مالك : لا تلزمه اليمين
قلت : لم قال : لأن طلاق ذلك الملك الذي كان حلف فيه قد ذهب كله ألا ترى أنه قال : كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فلما ذهب ملك المرأة التي تحته فلا يمين عليه وكذلك المسألة الأولى ؟ قلت : فإذا هو طلقها تطليقة ثم تزوجها ثم تزوج عليها قال : تطلق التي تزوج عليها في قول مالك فإن طلقها تطليقة ثم تزوج امرأته قال : قال مالك : تطلق عليه الأجنبية قلت : لم وإنما قال : كل امرأة أتزوجها عليك فهو إنما تزوج أجنبية ثم تزوجها على الأجنبية ؟ قال : قال مالك : يلزمه الطلاق تزوجها قبل الأجنبية أو تزوج الأجنبية قبلها ما بقي من طلاق امرأته التي كانت في ملكه شيء
قلت : أرأيت إن كانت نيته حين حلف أن لا يتزوج عليها كانت نيته أن لا يتزوج عليها ولكن أراد أن يتزوجها على غيرها إلا أن تكون عليه يمين ؟ قال : لم أر مالكا ينويه في شيء من هذا قال مالك : ما بقي من طلاق ذلك الملك شيء فهو سواء إن تزوجها هي على الأجنبية أو تزوج الأجنبية عليها لأنه عند ملك ما بقي من طلاق تلك المرأة شيء فإنما أراد أن لا يجمع بينهما قلت : أرأيت إن قال : كل امرأة أتزوجها عليك فأمرها بيدك فطلقها واحدة ثم تزوجها بعد انقضاء عدتها ثم تزوج عليها في هذا الملك الثاني ؟ قال : قال مالك : إذا تزوج عليها في الملك الثاني فأمر التي تزوج عليها في يدها ما بقي من طلاق ذلك الملك الذي حلف فيه شيء قلت : وكذلك إن تزوج أجنبية بعدما طلق التي قال لها كل امرأة أتزوجها عليك فأمرها بيدك ثم تزوج هذه التي جعل لها ما جعل أيكون أمر الأجنبية في يدها أم لا وإنما تزوجها على الأجنبية ولم يتزوج الأجنبية عليها ؟ قال : قال مالك : إن هو تزوجها على الأجنبية أو تزوج الأجنبية عليها فذلك سواء وذلك في يدها إذا بقي من طلاق الملك الذي قال لها فيه أمر كل امرأة أتزوجها عليك شيء
قلت : وسواء إن شرطوا ذلك عليه في عقدة النكاح أو هو كان الذي شرط لها بعد عقدة النكاح أهو سواء في قول مالك ؟ قال : نعم هو سواء عند مالك ابن وهب عن مالك بن أنس ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ابن المسيب وحميد بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار أخبروه كلهم عن أبي هريرة أنه قال : استفتيت عمر بن الخطاب عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل ثم تنكح زوجا غيره ويموت عنها أو يطلقها فيخطبها زوجها الأول الذي طلقها فينكحها على كم تكون ؟ قال عمر : تكون عنده على ما بقي من طلاقها وقال يونس في الحديث فإذا طلقها ثلاث تطليقات لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ثم إن نكحها بعدما استقبل الطلاق كاملا من أجل أنه لم يبق له من الطلاق شيء ابن وهب عن مسلمة بن علي عن رجل عن عمر بن شعيب أن أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص قالوا : هي عنده على ما بقي من الطلاق إذا طلقها واحدة أو اثنتين
فيمن شرط أن لا يتزوج عليها فإن فعل فأمرها بيدها
قلت : أرأيت لوأن امرأة شرطت على زوجها أن لا يتزوج عليها فإن فعل فأمر نفسها في يدها فتزوج عليها فطلقت امرأته نفسها ثلاثا أيكون ذلك لها إن أنكر الزوج الثلاث ؟ قال : قال مالك : في هذه المسألة بعينها إن ذلك لها ولا ينفع الزوج إنكاره
قلت : وسواء كان قد دخل بها أو لم يدخل بها حتى تزوج عليها ؟ قال : الذي حملنا عن مالك أن ذلك شرط لها دخل بها أو لم يدخل بها لأنها حين شرطت إنما شرطت ثلاثا فلا تبالي أدخل بها حين تزوج عليها أو لم يدخل بها لها أن تطلق نفسها ثلاثا فإن طلقت نفسها واحدة فإن كانت مدخولا بها كان الزوج أملك بها وإن كانت غير مدخول بها كانت بائنا لواحدة
قلت : أرأيت إن طلقت نفسها واحدة أيكون لها أن تطلق نفسها أخرى بعد ذلك ويقول ما ملكتك إلا في واحدة ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن ملكها أمرها فقالت : قد قبلت نفسي ؟ قال : قال مالك : هي البتة إلا أن يناكرها
الزوج قلت : فما فرق ما بين قد قبلت أمري وقد قبلت نفسي ؟ قال : لأن قولها قد قبلت أمري إنما قبلت ما جعل لها من الطلاق فتسأل عن ذلك كم طلقت نفسها وللزوج أن يناكرها في أكثر من تطليقة إن كانت أرادت بقولها قد قبلت أمري الطلاق وإذا قالت : قد قبلت نفسي فقد بينت إنما قبلت جميع الطلاق حين قبلت نفسها فهي ثلاث إلا أن يناكرها الزوج ولا يحتاج ههنا إلى أن تسأل المرأة كم أردت من الطلاق لأنها قد بينت في
قولها : قد قبلت نفسي قال مالك : ولو قالت بعد أن تقول : قد قبلت نفسي أو اخترت نفسي إنما أردت بذلك واحدة لم يقبل قولها
قلت : أرأيت إذا ملكها فقالت قد قبلت أمري ثم قالت بعد ذلك لم أرد بذلك الطلاق أيكون القول قولها ولا يلزم الزوج من الطلاق شيء ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إذا ملكها الزوج فقالت : قد قبلت أمري ثم قالت : بعد ذلك لم أرد بقولي قد قبلت أمري طلاقا فصدقتها في قول مالك أيكون لها أن تطلق نفسها وقد قامت من مجلسها الذي ملكها الزوج فيه أمرها ؟ قال : نعم ذلك لها في قول مالك قلت : وإن بعد شهر أو شهرين ؟ قال : نعم قال : وقال مالك : ولا يخرج ذلك من يدها إلا السلطان أو تترك هي ذلك لأنها قد كانت قبلت ذلك قلت : وكيف يخرجه السلطان من يدها ؟ قال :
يوقفها السلطان فإما أن تقضى وإما أن ترد ما جعل لها من ذلك قلت : ويكون للزوج أن يطأها قبل أن يوقفها السلطان ؟ قال : إن امكنته من ذلك فقد بطل ما كان في يدها من ذلك وقد ردته حين أمكنته من الوطء قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : وإن غصبها نفسها فهي على أمرها حتى يوقفها السلطان ؟ قال : نعم ولم أسمعه من مالك
قلت : أرأيت إن قال لها أمرك بيدك فطلقت نفسها واحدة فقال الزوج : لم أرد أن تطلق نفسها واحدة وإنما ملكتها في ثلاث تطليقات إما أن تطلق نفسها جميع الثلاث وإما أن تقيم عندي بغير طلاق ؟ قال مالك : ليس له في هذا قول والقول قولها في هذه التطليقة وقد لزمت التطليقة الزوج إنما يكون للزوج أن يناكرها إذا زادت على الواحدة وعلى الاثنتين قلت : أرأيت إذا قال الرجل لامرأته قد ملكتك الثلاث تطليقات فقالت : أنا طالق ثلاثا ؟ فقال : ذلك لها في قول مالك قلت : أرأيت إذا قال لها أمرك بيدك إذا جاء غد أتجعله وقتا أم تجعله بمنزلة قوله أمرك بيدك إذا قدم فلان ؟ قال : قوله أمرك بيدك إذا جاء غد عند مالك وقت وليس ذلك بمنزلة قوله أمرك بيدك إذا جاء فلان قلت : أرأيت إذا قال لها أمرك بيدك أمرك بيدك أمرك بيدك فطلقت نفسها ثلاثا ؟ قال : يسأل الزوج عما أراد فإن كان إنما أراد به واحدة حلف فتكون واحدة ويحلف وإن كان أراد الثلاث فهي ثلاث وإن لم تكن له نية فالقضاء ما قضت فإن قضت واحدة فذلك لها وإن قضت اثنتين فذلك لها وإن قضت ثلاثا فذلك لها
قلت : أرأيت إن قال لها أمرك بيدك وأراد الزوج ثلاث تطليقات فطلقت نفسها واحدة أيكون ذلك لها ؟ قال : نعم قال : إذا وقفت فطلقت نفسها واحدة لم يكن لها أن تطلق نفسها بعد ذلك قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي قلت : أرأيت إن طلقت نفسها واحدة ولم توقف أيكون لها أن تطلق بعد الواحدة الأخرى أو تمام الطلاق ؟ قال : إذا طلقت نفسها واحدة بعدما تزوج عليها وإن لم توقف على حقها فليس لها أن تطلق بعد ذلك غيرها لأنها قد تركت ما بعد الواحدة وقضت هي بالذي كان لها بالطلاق الذي طلقت نفسها به وإنما توقف حتى تقضي أو ترد إذا هي لم تقض شيئا فأما إذا فعلت وطلقت نفسها واحدة فهي بمنزلة من وقفت فطلقت نفسها فليس لها أن تطلق بعد ذلك
قلت : أرأيت إن تزوج عليها امرأة فلم تقض ثم تزوج عليها بعد ذلك أخرى أيكون لها أن تطلق نفسها أم لا ؟ قال : قال مالك : لها أن تطلق نفسها ثلاثا إن أحبت أو واحدة أو اثنتين وتحلف بالله ما كانت تركت الذي كان من ذلك حين تزوج عليها وأنها إنما رضيت بنكاح تلك الواحدة ولم ترض أن يتزوج عليها أخرى قال مالك : ويكون لها أن تقول إنما تركته أن يتزوج هذه الواحدة ولم أقض لعله يعتب فيما بقي فلذلك لم أقض قال : فيكون لها إذا حلفت على ذلك أن تقضي إذا هو تزوج عليها ثانية قلت : أرأيت إن تزوج عليها فلم تقض ثم طلق التي تزوج عليها ثم تزوجها بعينها فقضت امرأته بالطلاق على نفسها أيكون ذلك لها والزوج يقول إنما تزوجت عليك من قد رضيت بها مرة ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال لها أن تطلق نفسها لأنها وإن كانت رضيت بها مرة فلم ترض بها بعد ذلك قلت : أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته إن لم أتزوج عليك اليوم فأنت طالق ثلاثا فتزوج عليها نكاحا فاسدا ؟ قال : أرى أن تطلق عليه امرأته لأن مالكا قال في جارية قال لها سيدها إن لم أبعك فأنت حرة لوجه الله فباعها فإذا هى حامل منه قال مالك : تعتق عليه لأنه لا بيع له فيها حين كانت حاملا فهذا يشبه مسألتك في النكاح
قلت : فإن تزوج عليها أمة ؟ قال : آخر ما فارقنا عليه مالكا أنه قال : نكاح الأمة على الحرة جائز إلا أن للحرة الخيار إذا تزوج عليها الأمة إن شاءت أن تقيم أقامت وإن شاءت أن تفارق فارقته ونزلت هذه بالمدينة فقال مالك فيها مثل ما وصفت لك قالت : وتكون الفرقة تطليقة ؟ قال : نعم قال مالك : وإن رضيت أن تقيم فالمبيت بينهما بالسوية يساوي بينهما في القسم ولا يكون للحرة الثلثان والأمة الثلث
من قال كل امرأة أتزوجها من الفسطاط طالق
قلت : أرأيت إن قال : كل امرأة أتزوجها من أهل الفسطاط فهي طالق ثلاثا فتزوج امرأة من أهل الفسطاط فبنى بها أيكون عليه مهر ونصف مهر أم مهر واحد ؟ قال : عليه مهر واحد في قول مالك قلت : فما حجة مالك حين لم يجعل لها إلا مهرا واحدا ؟ قال : قال مالك : هي عندي بمنزلة رجل حلف بالطلاق فحنث فلم يعلم فوطىء أهله بعد حنثه ثم علم أنه لا شيء عليه إلا المهر الأول الذي سمى لها قلت : أيكون عليها عدة الوفاة إن دخل بها ثم مات عنها في قول مالك ؟ قال : لا وإنما عليها ثلاث حيض
قلت : أرأيت لو أن رجلا قال : كل امرأة أتزوجها من الفسطاط طالق فوكل رجلا يزوجه فزوجه امرأة من الفسطاط أتطلق عليه أم لا ؟ قال : نعم قلت : فإن وكله فزوجه بعد يمينه ولم يسم له موضعا فزوجه من الفسطاط فقال الزوج إني قد حلفت في كل امرأة أتزوجها من الفسطاط بالطلاق وإني إنما وكلتك أن تزوجني من لا تطلق علي ؟ قال : ينظر في ذلك إلى قول الزوج والنكاح له لازم إلا أن يكون قد نهاه عن نساء أهل الفسطاط قال : وقال مالك في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة كذا وكذا فيوكل غيره بيعها إنه حانث قال ابن القاسم : وهذا عندي مثله
قلت : أرأيت رجلا قال لرجل أخبر امرأتي بطلاقها متى يقع عليه لطلاق أيوم أخبرها أم يوم قال له أخبرها ؟ قال : يقع الطلاق في قول مالك يوم قال له أخبرها في قول مالك قلت : فإن لم يخبرها ؟ قال : فالطلاق واقع فى قول مالك وإن لم يخبرها لأن مالكا قال في رجل أرسل رسولا إلى امرأته يعلمها أنه قد طلقها فكتمها الرسول ذلك قال : لا ينفعه وقد لزمه الطلاق قال : وسمعت مالكأ وسئل عن رجل يكتب إلى امرأته بطلاقها فيبدو له فيحبس الكتاب بعدما كتب قال مالك : إن كان كتب حين كتب يستشير وينظر ويختار فذلك له والطلاق ساقط عنه ولو كان حين كتب مجمعا على الطلاق فقد لزمه الحنث وإن لم يبعث بالكتاب فكذلك الرسول حين يبعثه بالطلاق قلت : أرأيت إن كان حين كتب الكتاب غير عازم على طلاقها فأخرج الكتاب من يده أتجعله عازاما على الطلاق لخروج الكتاب من يده أم لا ؟ قال : لا أحفظ من مالك في هذا شيئا وأرى حين أخرج الكتاب من يده أنها طالق إلا أن يكون إنما أخرج الكتاب من يده إلى الرسول وهو غير عازم فذلك له يرده إن أحب ما لم يبلغها الكتاب
طلاق السكران والأخرس والمبرسم والمكره والسفيه والصبي والمعتوه
قلت : أرأيت الأخرس هل يجوز طلاقه ونكاحه وشراؤه وبيعه وتحده إذا قذف وتحد قاذفه وتقتص له في الجراحات وتقتص منه ؟ قال : نعم هذا جائز فيما سمعت من مالك وبلغني عنه إذا كان هذا كله يعرف من الأخرس بالإشارة وبالكتاب يستيقن ذلك منه فإن ذلك لازم للأخرس قلت : أرأيت الأخرس إذا أعتق أو طلق أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : أرى إن ما أوقف على ذلك وأشير إليه به فعرفه إن ذلك لازم له يقضي به عليه قلت : وكذلك إن كتب بيده الطلاق والحرية ؟ قال : قد أخبرتك أن مالكا قال : يلزمه ذلك في الإشارة فكيف لا يلزمه في الكتاب
قلت : أرأيت المبرسم أو المحموم الذي يهذي إذا طلق أيجوز طلاقه ؟ قال : سمعت مالكا وسئل عن رجل مبرسم طلق امرأته بالمدينة فقال مالك : إن لم يكن معه عقله حين طلق فلا يلزمه من ذلك شيء قلت : أيجوز طلاق السكران ؟ قال : نعم طلاق السكران جائز قلت لابن القاسم ومخالعة السكران جائزة ؟ قال : نعم ومخالعته قلت : أرأيت طلاق المكره ومخالعته ؟ قال مالك : لا يجوز طلاق المكره فمخالعته مثل ذلك عندي
قلت : وكذلك نكاح المكره وعتق المكره لا يجوز في قول مالك ؟ قال : نعم كذلك قال مالك قلت : أرأيت المجنون هل يجوز طلاقه ؟ قال : إذا طلق في حال يخنق فيه فطلاقه غير جائز وإذا طلق إذا انكشف عنه فطلاقه جائز وهو قول مالك قلت : أرأيت المعتوه هل يجوز طلاقه ؟ قال : لا يجوز طلاقه في قول مالك على حال لأن المعتوه إنما هو مطبق عليه ذاهب العقل قلت : والمجنون عند مالك الذي يخنق أحيانا ويفيق أحيانا ويختنق مرة وينكشف عنه مرة ؟ قال : نعم قلت : والمعتوه والمجنون والمطبق في قول مالك واحد ؟ قال : نعم قلت : والسفيه ؟ قال : السفيه الضعيف العقل في مصلحة نفسه المطال في دينه فهذا السفيه
قلت : فهل يجوز طلاق السفيه في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أيجوز طلاق الصبي في قول مالك ؟ قال : قال لي مالك لا يجوز طلاق الصبي حتى يحتلم قلت : أرأيت لو أن نصرانية تحت نصراني أسلمت المرأة فطلقها زوجها بعدما أسلمت وهي في عدتها وزوجها على النصرانية أيقع طلاقه عليها في قول مالك ؟ قال : لا يقع طلاقه عليها في قول مالك ولا يقع طلاق المشرك على امرأته في قول مالك قال مالك : وطلاق المشرك ليس بشيء قلت : أرأيت طلاق المشركين هل يكون طلاقا إذا أسلموا في قول مالك ؟ قال مالك : ليس بطلاق
من حلف بطلاق على شيء فوجده خلافا أو أن لا يكلم فلانا فكلمه ناسيا
سحنون عن عبد الله عن ابن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل قال : هذا فلان فقال رجل ليس به قال امرأته طالق ثلاثا إن لم يكن فلانا أو قال إن كلم فلانا فامرأته طالق ثلاثا فكلمه ناسيا قال : نرى أن يقع عليه الطلاق ابن وهب عن يونس أنه سأل ربيعة عن رجل ابتاع سلعة فقال له رجل بكم أخذتها فأخبره فقال لم تصدقني فطلق امرأته إن لم يخبره فقال : بكم ؟ فقال : بدينار ودرهمين ثم أنه ذكر فقال : أخذتها بدينار وثلاثة دراهم قال ربيعة : أرى إن خطأه بما نقص أو زاد سواء قد طلق امرأته البتة
قال سحنوت وحديث عمر بن عبد العزيز في البدوي الذي حلف على ناقة له فأقبلت أخرى وله امرأتان أن عمر قال : إن لم يكن نوى واحدة منهما فهما طالقتان وقال جابر بن زيد في رجل قال : إن كان هذا الشىء كذا وكذا وهو علمه أنه كذلك فكان على غير ما قال يلزمه ذلك في الطلاق إن كان حلف بالطلاق ابن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل اتهم امرأته على مال ثم سألها المال فجحدته فقال : إن لم أكن دفعت إليك المال فأنت طالق البتة قال : ترى هذا حلف على سريرة لم يطلع عليها أحد من الناس غيره وغيرها فأرى أن يوكلا إلى الله ويحملا ما تحملا وقال ربيعة ويحيى بن سعيد على ذلك وأخبرني محمد بن عمر وعن ابن جريج عن عطاء أنه قال : إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله فذلك عليه وقال سعيد بن المسيب مثله وقال الليث لا استثناء في الطلاق ابن لهيعة عن عبد ربه بن سعيد عن أياس بن معاوية المزني أنه قال في الرجل يقول لامرأته أنت طالق أو لعبده أنت حر إن فعلت كذا وكذا فبدأ بالطلاق أو العتق فقال : هي يمين إن بر فيها وإن لم يفعل فلا شيء عليه ولا نرى ذلك على ما أضمر
ابن وهب عن السري بن يحيى عن الحسن البصري بذلك ابن وهب عن يحيى بن أيوب أنه سأل ربيعة عن رجل قال لجارية امرأته إن ضربتها فأنت طالق البتة ثم رماها بحجر فشجها فقال ربيعة أما أنا فأراها قد طلقت وقال يحيى بن سعيد مثله
ابن وهب عن يونس أنه سأل ربيعة عن الذي يقول إن لم أضرب فلانا فعلي كذا وكذا وأنت طالق البتة قال ربيعة ينزل بمنزلة الإيلاء إلا أن يكون حلف بطلاقها البتة ليضربن مسلما وليس له على ذلك الرجل وتر ولا أدب وإن ضربه إياه لو ضربه خديعة من ظلم فإن حلف على ضرب رجل بهذه المنزلة فرق بينه وبين امرأته لا ينتظر به ولا نعمة عين قال ربيعة وإن حلف بالبتة ليشربن خمرا أو بعض ما حرم الله عليه ثم رفع ذلك إلى الإمام رأيت أن يفرق بينهما
ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في رجل قال : إن لم أفعل كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا قال ابن شهاب : إن سمى أجلا أراده أو عقد عليه قلبه حمل ذلك في دينه وأمانته واستحلف إن اتهم وإن لم يجعل ليمينه أجلا ضرب له أجل الإيلاء فإن أنفذ ما حلف عليه فسبيل ذلك وإن لم ينفذ ماحلف عليه فرقا بينه وبين امرأته صاغرا قميئا فإنه فتح ذلك على نفسه في اليمين الخاطئة التي كانت من نزغ الشيطان ابن وهب عن الليث عن ربيعة أنه قال : في رجل قال لامرأته إن لم أخرج إلى إفريقية فأنت طالق ثلاثا قال ربيعة : ليكف عن امرأته ولا يكون منها بسبيل فإن مرت به أربعة أشهر نزل بمنزلة المولى وعسى أن لا يزال موليا حتى يأتي إفريقية ويفيء في أربعة أشهر
من حلف لامرأته بالطلاق
وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن في الذي يحلف بطلاق امرأته البتة ليزوجن عليها أنه يوقف عنها حتى لا يطأها ويضرب له أجل المولى أربعة أشهر قال الليث : نحن نرى ذلك أيضا ابن وهب وأخبرني من أثق به أن عطاء بن أبي رباح قال في رجل قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إن لم أنكح عليك قال : إن لم ينكح عليها حتى يموت أو تموت توارثا قال : وأحب إلي أن يبر في يمينه قبل ذلك ابن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال : إن مات لم ينقطع عنه ميراثه ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عمر بن الخطاب قال : من طلق امرأته إن هو نكحها أو سمى قبيلة أو فخذا أو قرية أو امرأة بعينها فهي طالق إذا نكحها ابن وهب عن مالك بن أنس قال : كان ابن عمر يرى أن الرجل إذا حلف بطلاق امرأة قبل أن ينكحهما ثم أثم أن ذلك عليه إذا نكحها
قال مالك : وبلغني أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن مسعود وابن شهاب وسليمان بن يسار كانوا يقولون إذا حلف الرجل بطلاق امرأة قبل أن ينكحها ثم أثم فإن ذلك لازم له
ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز وسليمان بن حبيب المحاربي وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومكحول وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح وأبي بكر بن حزم مثله وإن ابن حزم فرق بين رجل وامرأة قال لها مثل ذلك قال مالك : وبلغني أن عبد الله بن مسعود كان يقول إذا نص القبيلة بعينها أو المرأة بعينها فذلك عليه وإذا عم فليس عليه شيء وأخبرني عيسى بن أبى عيسى الحناط أنه سمع عامر الشعبي يقول ليس بشيء هذه يمين لا مخرج فيها إلا أن يسمى امرأة بعينها أو يضرب أجلا ابن وهب وأخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة بنحو ذلك في الطلاق والعتاقة قال ربيعة : وإن ناسا ليرون ذلك بمنزلة التحريم إذا جمع تحريم النساء والأرقاء ولم يجعل الله الطلاق إلا رحمة والعتاقة إلا أجرا فكان في هذا هلكه لمن أخذ به
قال ابن وهب : وأخبرني رجال من أهل العلم عن عروة بن الزبير وعبد الله بن خارجة بن يزيد وربيعة أنه لا بأس أن ينكح إذا قال : كل امرأة أنكحها فهي طالق قال ربيعة إنما ذلك تحريم لما أحل الله ابن وهب وأخبرني الليث بن سعد وغيره عن يحيى بن سعيد أن رجلا من آل عمر بن الخطاب كانت عنده امرأة فتزوج عليها وشرط للمرأة التي تزوج على امرأته أن امرأته طالق إلى أجل سماه لها وأنهم استفتوا بن المسيب فقال لهم : هي طالق حين تكلم به وتعتد من يومها ذلك ولا تنتظر الأجل الذي سمى طلاقها عنده ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بذلك وقال ابن شهاب وليس بينهما ميراث وليس لها نفقة إلا أن تكون حاملا ولا تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها ابن وهب وأخبرني عبد الجبار بن عمر عن ابن شهاب وربيعة عن ابن المسيب بنحو ذلك ابن وهب وحدثني عطاف بن خالد المخزوير عن أبيه أنه سأل ابن المسيب عن ذلك فقال له هذا القول وقال : لو مس امرأته بعد أن تزوج ثم أتيت به وكان لي من الأمر شيء لرجمته بالحجارة
ابن وهب عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول أنه قال في رجل قال لامرأته إن نكحت عليك امرأة فهي طالق قال : فكلما تزوج عليها فهي طالق قبل أن يدخل بها فإن ماتت امرأته أو طلقها فإنه يخطب من طلق منهن مع الخطاب وأخبرني شبيب بن سعيد التميمي عن يحيى بن أبي أنيسة الجزري يحدث عن عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن عبد الرحمن بن جابر عن جابر بن عبد الله عن عمر بن الخطاب وجاءه رجل من بنى جعثم بن معاوية فقال : يا أمير المؤمنين إني طلقت امرأتي في الجاهلية اثنتين ثم طلقتها منذ أسلمت تطليقة فماذا ترى فقال عمر : ما سمعت في ذلك شيئا وسيدخل عليك رجلان فاسألهما فدخل عبد الرحمن بن عوف فقال عمر : قص عليه قصتك فقص عليه فقال عبد الرحمن هدم الإسلام ما كان قبله في الجاهلية هي عندك على طلقتين بقيتا ثم دخل علي بن أبي طالب فقال له عمر : قص عليه قصتك ففعل فقال علي بن أبي طالب : هدم الإسلام ما كان قبله في الجاهلية وهي عندك على تطليقتين بقيتا وبلغني عن ربيعة بن عبد الرحمن أنه سئل عن نصراني طلق امرأته وفي حكمهم أن الطلاق بتات ثم أسهما فاراد أن ينكحها قال ربيعة : نعم فذلك لهما ويرجع على طلاق ثلاث بنكاح الإسلام مبتدئا ابن وهب وقال لي مالك في طلاق المشركين نساءهم ثم يتناكحون بعد إسلامهم قال : لا يعد طلاقهم شيئا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق