نكاح أهل الكتاب وإمائهن
قلت : ما قول مالك في نكاح نساء أهل الحرب ؟ قال : بلغني عن مالك أنه كرهه وقال يضع ولده في أرض الشرك ثم يتنصر أو ينصر فلا يعجبني قلت فيفسخ نكاحهما ؟ قال : إنما بلغني عن مالك أنه كرهه ولا أدري هل يفسخ أم لا وأنا أرى أن يطلقها ولا يقيم عليها من غير قضاء ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال : قد أحل الله نساء أهل الكتاب وطعامهم غير أنه لا يحل للمسلم أن يقدم على أهل الحرب من المشركين لكي يتزوج فيهم أو يلبث بين أظهرهم قلت : أفكان مالك يكره نكاح نساء أهل الذمة ؟ قال : قال مالك : أكره نكاح نساء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية قال : وما أحرمه وذلك أنها تأكل الخنزير وتشرب الخمر ويضاجعها ويقبلها وذلك في فيها وتلد منه أولادا فتغذي ولدها على دينها وتطعمه الحرام وتسقيه الخمر
قلت : وكان مالك يحرم نكاح إماء أهل الكتاب نصرانية أو يهودية وإن كان ملكها للمسلم أن يتزوجها حر أو عبد ؟ قال : نعم كان مالك يقول : إذا كانت أمة يهودية أو نصرانية وملكها المسلم أو نصراني فلا يحل لمسلم أن يتزوجها حرا كان هذا المسلم أو عبدا قال : وقال مالك : ولا يزوجها سيدها من غلام له مسلم لأن هذه الأمة اليهودية والنصرانية لا يحل لمسلم أن يطأها إلا بالملك حرا كان أو عبدا ابن وهب عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال لاينبغي لأحد من المسلمين أن يتزوج أمة مملوكة من أهل الكتاب لأن الله قال : { من فتياتكم المؤمنات } ( النساء : 25 ) وقال : { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ( المائدة : 5 ) وليست الأمة بمحصنة ابن وهب وقال مالك : لا يحل نكاح أمة يهودية أو نصرانية لأن الله تبارك وتعالى يقول : { المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ( المائدة : 5 ) وهي الحرة من أهل الكتاب وقال : { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } ( النساء : 25 ) فهن الإماء المؤمنات فإن الله أحل نكاح الإماء المؤمنات ولم يحل نكاح الإماء من أهل الكتاب والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك يمينه
قلت : أرأيت الإماء من أهل الكتاب هل يحل وطئهن في قول مالك أم لا ؟ قال : لا يحل وطئهن في قول مالك بنكاح ولا بملك اليمين قال : وقال مالك : ليس للرجل أن يمنع امرأته النصرانية من أكل الخنزير وشرب الخمر والذهاب إلى الكنائس إذا كانت نصرانية قلت لابن القاسم : أكان مالك يكره نكاح النصرانيات واليهوديات ؟ قال : نعم لهذا الذي ذكرت لك ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز كتب أن لا يطأ الرجل مشركة ولا مجوسية وإن كانت أمة ولكن ليطأ اليهودية والنصرانية ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عبد الله بن مسعود وابن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب وعطاء الخراساني وغير واحد من الأشياخ أهل مصر أنهم كانوا يقولون لا يصلح لرجل مسلم أن يطأ المجوسية حتى تسلم ابن وهب عن ابن أي ذئب عن ابن شهاب مثله وقال ابن شهاب ولا يباشرها ولا يقبلها
قال ابن وهب : وقال مالك : لا يطأ الرجل الأمة المجوسية لأنه لا ينكح الحرة المجوسية قال الله تبارك وتعالى : { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة } ( البقرة : 221 ) فما حرم الله بالنكاح حرم بالملك قال ابن وهب : وبلغني ممن أثق به أن عمار بن ياسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما حرم الله من الحرائر شيئا إلا حرم مثله من الإماء قلت : أرأيت لو أن مجوسيا تزوج نصرانية أكان مالك يكره هذا المكان الأولاد لأن الله أحل لنا نكاح نساء أهل الكتاب ؟ قال ابن القاسم : لا أرى به بأسا ولا أرى أن يمنعوا من ذلك قلت : فإن تزوج هذا المجوسي نصرانية لمن يكون الولد للأب أم للأم ويكون عليه جزية النصارى أم جزية المجوس ؟ قال : يكون الولد للأب في رأيي لأن مالكا قال : ولد الأحرار من حرة تبع للآباء
قلت : أرأيت نصرانيا تحته نصرانية فأسلمت الأم ولها أولاد صغار لمن يكون الأولاد وعلى دين من هم ؟ قال : قال مالك : هم على دين أبيهم ويتركون مع الأ م ما داموا صغارا تحضنهم وقال مالك : وكذلك المرأة إن كانت حاملا فأسلمت ثم ولدت بعدما أسلمت أن الولد للأب وهم على دين الأب ويترك في حضانة الأم قلت : أرأيت المرأة تسلم ولها أولاد صغار والزوج كافر فأبى الزوج أن يسلم أيكون الولد كافرا أو مسلما في قول مالك ؟ قال : قال مالك : الولد على دين الأب ابن لهيعة عن ابن الزبير أنه سأل جابر بن عبد الله عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال جابر : تزوجناهن زمن فتح الكوفة مع سعد بن أبي وقاص ونحن لا نكاد نجد المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن وقال جابر نساؤهم لنا حلال ونساؤنا عليهم حرام ابن لهيعة عن رجل من أهل العلم أن طلحة بن عببد الله تزوج يهودية بالشام وأن عثمان بن عفان تزوج في خلافته نائلة بنت الفرافصة الكلبية وهي نصرانية قال وأقام عليها حتى قتل عنها
يونس عن ابن شهاب قال : بلغنا أن حذيفة بن اليمان تزوج في خلافة عمر بن الخطاب امرأة من أهل الكتاب فولدت له وتزوج ابن قارظ امرأة من أهل الكتاب فولدت له خالد بن عبد الله بن قارظ قال ابن شهاب فنكاح كل مشركة سوى نساء أهل الكتاب حرام ونكاح المسلمات للمشركين حرام قلت : أرأيت لو أن صبية بين أبويها نصرانيين وزوجها نصرانيا ثم أسلم الأبوان والصبية صغيرة أيكون هذا فسخ لنكاح الصبية ويجعل إسلام أبويها إسلاما لها في قول مالك ؟ قال : نعم في رأيي
قلت : وكذلك لو أن صبيا صغيرا بين أبويه مجوسيين زوجاه مجوسية فأسلم الأبوان والصبي صغير ؟ قال : نعم هذا يعرض على امرأته الإسلام فإن أسلمت وإلا فرق بينهما ما لم يتطاول في ذلك قالت : فإن كان الغلام مراهقا والجارية مراهقة ثم أسلم أبواهما والزوج نصراني ؟ قال : إذا كانت مراهقة كما وصفت لم يعرض لها وتركت حتى تحيض فإن اختارت دينها كانت عليه وكان النكاح جائزا كذلك قال مالك وإذا أسلم أبواها وقد راهقت لم تجبر على الإسلام إذا حاضت إن اختارت دينها التي كانت عليه
قلت : وكذلك الغلام ؟ قال : نعم إذا كان مراهقا أو عقل دينه ابن ثلاث عشرة سنة إذا أسلم أبوه فلا يعرض له فإذا احتلم كان على دينه الذي كان عليه إلا أن يسلم قال : ولقد سئل مالك عن الرجل يسلم وله ولد قد ناهزوا الحلم ولم يحتلموا بنو ثلاث عشرة سنة وما أشبههم ثم هلك كيف ترى في ولده كتب إلى مالك بهذا عامل من الأجناد فكتب إليه مالك أن أرجىء ماله فإن احتلم الأولاد فأسلموا فاعطهم الميراث وإن أبوا أن يسلموا إذا احتلموا وثبتوا على دينهم فلا تعرض لهم ودعهم على دينهم واجعل ميراث أبيهم للمسلمين وكتب إلى مالك أيضا وأنا عنده قاعد من بلد آخر في رجل أسلم وله ولد صغار فأقرهم أبوهم حتى بلغوا اثنتى عشرة سنة أو شبه ذلك فأبوا أن يسلموا أترى أن يجبروا على الإسلام ؟ فكتب إليه مالك لا تجبرهم وقد قال بعض الرواة يجبروا وهم مسلمون وهو أكثر مذاهب المدنيين
قلت : أرأيت هؤلاء الذين هلك والدهم وقد أسلم وقد عقلوا دينهم أو راهقوا فقالوا حين مات أبوهم مسلما لا توقفوا علينا هذا المال إلى احتلامنا ولكن نسلم الساعة وادفعوا إلينا أموالنا وورثونا قال : إذا أسلموا وكان ذلك قبل أن يحتلموا فلا يقبل قولهم حتى يحتلموا وإن أسلموا أو أجابوا كان لهم الميراث وإن أبوا تركوا ألا ترى أن مالكا قال في الذي مات وترك بنين حزاورة يوقف المال ولم يقل يعرض عليهم الإسلام فلو كان يرى لهم الميراث بذلك الإسلام لعرضه عليهم ويعجل الميراث لهم ولم يؤخر المال ويوقفه عليهم ولكنه لم ير ذلك إسلاما أو لا ترى أنه قال لي لو أنهم أسلموا ثم رجعوا إلى النصرانية فرأى أنهم يستكرهوا على الإسلام ولم ير أن يقبلوا فإن كان ذلك إسلاما قبلهم قلت : فإن قالوا وقد عقلوا دينهم وراهقوا وقالوا حين مات أبوهم مسلما لا نسلم ونحن على النصرانية أيكونوا نصارى أو يكون المال فيئا لأهل الإسلام ؟ قال : لا ينظر في قولهم إن قالوا هذا قبل أن يحتلموا فإنه لا يقطع ميراثهم إذا احتلموا أو أسلموا ولا بد أن يوقف المال حتى يحتلموا وإن قالوا هذا القول لأن مالكا لو رأى إلى قولهم قبل أن يحتلموا نحن نصارى مما يقطع ميراثهم لم يوقف المال عليهم حتى يحتلموا ولقال يعرض عليهم الإسلام فكأنهم قبل أن يحتلموا قال ابن القاسم : وكل ولد لهذا النصراني إذا أسلم وولده صغار بنو خمس سنين أو نحو ذلك لم يعقلوا دينهم النصرانية فهم مسلمون ولهم الميراث وكذلك يقول أكثر الرواة إنهم مسلمون بإسلام أبيهم
المجوسي يسلم وتحته امرأة وابنتها أو تحته عشر نسوة
قلت : أرأيت الحربي يتزوج عشرة نسوة في عقدة واحدة أو في عقد متفرقة فيسلم وهن عنده ؟ قال : قال مالك : يحبس أربعا أي ذلك شاء منهن ويفارق سائرهن ولا يأتي جنس الأواخر منهن أو الأوائل فنكاحهن ههنا في عقدة واحدة أو في عقد متفرقة سواء
قلت : أرأيت الحربي أو الذمي يسلم وقد تزوج الأم والبنت في عقدة واحدة أو في عقد متفرقة ولم يبن بهما أله أن يحبس أيتهما شاء ويفارق الأخرى ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا رأيي قال : وقال مالك : إلا أن يكون مسهما فإن مسهما جميعا فارقهما جميعا قال ابن القاسم : وإن مس الواحدة ولم يمس الأخرى لم يكن له أن يختار التي لم يسم وامرأته ههنا التي مس قال ابن القاسم : وأخبرني من أثق به أن ابن شهاب قال في المجوسي يسلم وتحته الأم وابنتها أنه إن لم يكن أصاب واحدة منهما اختار أيتهما شاء وإن وطىء إحداهما أقام على التي وطىء وفارق الأخرى وإن مسهما جميعا فارقهما جميعا ولا يحلان له أبدا وهو رأيي
قلت : أرأيت النصراني إذا تزوج المرأة فماتت قبل أن يبني بها فتزوج أمها ثم أسلما جميعا أيفرقهما على هذا النكاح أم لا وكيف إن كان هذا رجل من أهل الحرب ثم أسلم ؟ قال : سمعت مالكا سئل عن المجوسي يسلم وعنده امرأتان أم وابنتها وقد أسلمتا جميعا قال : إن كان قد دخل بها جميعا فارقهما ولم تحل له واحدة منهما أبدا
قال : وإن كان دخل بإحداهما فإنه يقيم على التي دخل بها ويفارق التي لم يدخل بها قلت : فإن كان لم يدخل بواحدة منهما ؟ قال ابن القاسم : يحبس أيتهما شاء ويرسل الأخرى قال ابن القاسم : وبلغني عن ابن شهاب أنه قال : إن دخل بهما جميعا فارقهما
جميعا وإن دخل بواحدة ولم يدخل بالأخرى فارق التي لم يدخل بها وإن لم يدخل بواحدة منهما اختار أيتهما شاء وذلك رأيي قلت : فإن حبس الأم وأرسل الابنة فأراد ابن الزوج أن يتزوج الابنة التي أرسلها أبوه أيتزوجها أم لا ؟ قال : لا يعجبني ذلك سحنون وقد قال بعض الرواة إذا أسلم وعنده أم وابنتها ولم يدخل بها لم يجز له أن يحبس واحدة منهما ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن عثمان بن محمد بن سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقتلان بن سلمة الثقفي حين أسلم وتحته عشر نسوة خذ منهن أربعا وفارق سائرهن مالك أن ابن شهاب أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك لرجل من ثقيف أشهب عن ابن لهيعة أن أبا وهب الجيشائي حدثه أنه سمع الضحاك بن فيروز الديلمي يحدث عن أبيه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق أيتهما شأت
نكاح أهل الشرك وأهل الذمة وطلاقهم
قلت : أرأيت نكاح أهل الشرك وطلاقهم إذا أسلموا أتجيزه فيما بينهم في قول مالك ؟ قال : كل نكاح يكون في الشرك جائزا فيما بينهم فهو جائز إذا أسلموا عليه وكان قد دخل بها ولا يفرق بينهما لأن نكاح أهل الشرك ليس كنكاح أهل الإسلام قلت : فإن كانا أسلما قبل أن يدخل بها أتحملهما على سنة المسلمين في الصداق فإن كان ذلك مما لا يحل له أخذه مثل الخنزير والخمر رأيت النكاح ثابتا وكان ذلك كالمسلمة تزوجت بالتفويض وكأنهما في نصرانيتهما لم يسم لها من الصداق في أصل النكاح شيئا ؟ فقال : يقال للزوج أعطها صداق مثلها إن أحببت وإلا فرق بينهما ولم يكن عليه أن يلزم ذلك وما كان في شروطهم من أمر مكروه فإنه يثبت من ذلك ما كان يثبت في الإسلام فيفسخ من ذلك ما كان يفسخ في الإسلام وما كان من شروط لها من طلاق إن تزوج عليها أو شرط في عتق فإن ذلك لا يلزمه كان ذلك في طلاق فيها أو في غيرها وما كان من شرط فيها أيضا مثل أن خرج بها أو منعها من أهلها أو أخرجها إلى بلد فهي طالق فهذا كله يسقط عنه ولا يثبت عليه ومثل ما لو اشترط أن لا نفقة عليه أو عليه من قوتها كذا وكذا أو فساد في صداق فإن هذا وما أشبهه يردان فيه إلى ما يثبت في الإسلام وليست تشبه المسلمة إذا لم يبن بها لأن المسلمة إذا لم يبن بها فرق بينهم لشروطهم التي لا تحل لأن العقدة وقعت بما لا يحل فنكاح أهل الشرك إذا وقع بما لا يحل من الشروط ثم أسلما لم يكن ذلك فسادا لنكاحهم
قلت : أرأيت لو أن ذميا تزوج امرأة ذمي ولم يفارقها الزوج الأول عندهم فرفعها ورفعه زوجها الأول إلى حكم المسلمين أترى أن ينظر فيما بينهما في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا تظالم أهل الذمة في ما بينهم منعهم من ذلك حكم المسلمين وهذا من
التظالم فيما بينهما فأرى أن يحكم بينهم ويدفع الظلم عمن ظلم منهم ذمي ظلمه أو غير ذمي قلت : أرأيت الذميين الصغيرين إذا تزوجا بغير إذن الآباء أوزوجهما غير الآباء فأسلما بعدما كبرا أيفرق بينهما أويقرهما على نكاحهما ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه
شيئا وأرى نكاحهما جائزا ولا ينبغي أن يعرض لأهل الذمة إذا أسلموا في نكاحهم لأن في نكاح أهل الشرك أشر من هذا نكاحهم ليس كنكاح أهل الإسلام فإذا أسلموا لم يعرض لهم في نكاحهم إلا أن يكون تزوج من لا تحل له فيفرق بينهما قلت : أرأيت إن طلق الذمي امرأة ثلاثا وأبى أن يفارقها وأمسكها فرفعت أمرها إلى السلطان أترى أن ينظر فيما بينهما أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يعرض لها في شيء من ذلك قال : وقال مالك : ولا يحكم بينهما إلا أن يرضيا جميعا قال مالك : فإذا رضيا فالقاضي مخير إن شاء حكم وإن شاء ترك فإن حكم حكم بحكم أهل الإسلام قال مالك : وأحب إلي أن لا يحكم بينهم قال مالك : وطلاق أهل الشرك ليس بطلاق وقال مالك : في النصراني يطلق امرأته ثلاثا ثم يتزوجها ثم يسلمان أنه يقيم عليها على نكاحهما قال مالك : ليس طلاقه بطلاق
قلت : أرأيت أهل الذمة إذا كانوا يستحلون في دينهم نكاح الأمهات والأخوات وبنات الأخ أتخليهم وذلك ؟ قال : أرى أنه لا يعرض لهم في دينهم وهم على ما عوهدوا عليه فلا يمنعوا من ذلك إذا كان ذلك مما يستحلون في دينهم قلت : ويمنعوا من الزنا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يؤدبوا عليه إن أعلنوا به يونس عن ربيعة أنه قال : لا تحصن نصرانية بمسلم وإن جاز له نكاحهم ولا يحصن من كان على غير الإسلام بنكاحه وإن كانوا من أهل الذمة بين ظهراني المسلمين حتى يخرجوا من دينهم إلى الإسلام ثم يحصنون في الإسلام قد أقروا بالذمة على ما هو أعظم من نكاح الأمهات والبنات على قول البهتان وعبادة غير الرحمن قلت : أرأيت السباء هل يهدم نكاح الزوجين في قول مالك ؟ قال : سمعت مالكا يقول في هذه الآية { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } هي النساء والسبايا اللاتي لهن أزواج بأرض الشرك فقد أحلهن الله لنا
قال ابن القاسم : فالسبي قد هدم النكاح ألا ترى أن السبي لو لم يهدم النكاح لم يحل لسيدها أن يطأها بعد الاستبراء إذا لم تسلم وكانت من أهل الكتاب وكذلك قال أشهب أيضا أن السبي يهدم النكاح قلت : أرأيت لو قدم زوجها بأمان أو سبي وهي في
استبرائها أتكون زوجة الأول أم قد انقطعت العقدة بالسبي ؟ قال : قد انقطعت العقدة بالسبي وليس الاستبراء ههنا بعدة إنما الاستبراء ههنا من الماء الفاسد الذي في رحمها بمنزلة رجل ابتاع جارية فهو يستبرئها بحيضة ولو كانت عدة لكانت ثلاث حيض فليس لزوجها عليها سبيل قلت له : سمعت هذا من مالك ؟ قال : لا وهو رأيي قلت : فلو كانت خرجت إلينا مسلمة ثم أسلم زوجها بعدها وهي في عدتها أكنت تردها إليه على النكاح ؟ قال : نعم هذا الذي بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللائي ردهن على أزواجهن وهو قول مالك وذلك لأن هذه في عدة ولم تبن من زوجها وإنما تبين منه بانقضاء عدتها ولم تصر فيئا فيكون فرجها حلالا لسيدها وهذه حرة وفرجها لم يحل لأحد وإنما تنقطع عدة زوجها بانقضاء العدة قلت : أرأيت لو أن حربية خرجت إلينا مسلمة أتنكح مكانها ؟ قال : لا قلت : فيصنع ماذا ؟ قال : تنتظر ثلاث حيض فإن أسلم زوجها في الحيض الثالث كان أملك وإلا فقد بانت منه وكذلك جاءت الآثار والسنن في أصحاب النبي E وكذلك ذكر مالك أن من أسلم منهم قبل أن تنقضي عدة امرأته وقد أسلمت فهاجرت فأسلم زوجها في عدتها كان أحق بها
في وطء المسبية في دار الحرب
قلت : أرأيت إذا قسم المغنم في بلاد الحرب فصار لرجل في سهامه جارية فاستبرأها في بلاد الحرب بحيضة أيطؤها أم لا في قول مالك ؟ قال : لا أقوم على حفظ قوله ولا أرى به بأسا وفي حديث أبي سعيد الخدري ما يدلك حين استأذنوا النبي عليه السلام في سبي العرب قلت : أرأيت الرجل يكون عنده ثلاث نسوة في دار الإسلام فخرج إلى دار الحرب تاجرا فتزوج امرأة من أهل الحرب فخرج وتركها في دار الحرب فأراد أن يتزوج في دار الإسلام الخامسة قال : لا يتزوج الخامسة لأنه وإن خرج وتركها لم تنقطع العصمة فيما بينهما
في وطء السبية والاستبراء
قلت : أرأيت السبي إذا كان من غير أهل الكتاب أيكون لرجل أن يطأ الجارية منهن إذا استبرأها قبل أن تجيب إلى الإسلام إذا صارت في سهمانه ؟ قال : قال مالك : لا يطؤها إلا بعد الاستبراء وبعد أن تجيب إلى الإسلام قلت : أرأيت إن حاضت ثم أجابت إلى الإسلام بعد الحيضة أيجزىء السيد تلك الحيضة من الاستبراء في قول مالك ؟ قال : لم أسمعه من مالك وذلك يجزىء لأن مالكا قال : لو أن رجلا ابتاع جارية وهو فيها بالخيار واستبرئت فوضعت على يديه فحاضت عنده حيضة قبل أن يختار أو حاضت عند هذا الذي وضعت على يديه فيتولاها ممن اشتراها أو استبرأها منه بغير تولية وهي في يديه وقد حاضت قبل ذلك إن تلك الحيضة تجزئه من الاستبراء فهذا يدلك على ما أخبرتك وتلك الابنة في الاستبراء لأنها قد حاضت في ملكه إلا أنه يمنعها من الوطء دينها الذي هي عليه
قلت : أرأيت إن اشترى صبية مثلها يجامع أو لا يجامع مثلها وهي في هذا كله لم تحض وهي من غير أهل الكتاب أو صارت في سهمانه أيطؤها قبل أن تجيب إلى الإسلام ؟ قال : أما من عرفت الإسلام منهن فإني أرى أن لا يطأها حتى يجبرها على الإسلام وتدخل فيه إذا كانت قد عقلت ما يقال لها قلت : وكيف إسلامها الذي إذا أجابت إليه حل وطؤها والصلاة عليها ؟ قال : قال مالك : إذا شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أو صلت فقد أجابت أو أجابت بأمر يعرف أنها قد دخلت في الإسلام
في عبد المسلم وأمته النصرانيين يزوج أحدهما صاحبه
قلت : أرأيت العبد والأمة يكونان للرجل المسلم وهما نصرانيان أو يهوديان فزوج السيد الأمة من العبد أيجوز هذا النكاح في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : يجوز قلت : فإن أسلم العبد وامرأته نصرانية أو يهودية أو هي أمة للسيد أو لغير السيد ؟ قال :
يحرم على العبد في رأيي كانت يهودية أو نصرانية إلا أن تسلم مكانها مثل المجوسية يسلم زوجها أنها إذا أسلمت مكانها كانت على النكاح لأنه لا ينبغي للعبد المسلم أن ينكح أمة يهودية ولا نصرانية وكذلك الحر المسلم أنه لا ينبغي له أن ينكح أمة يهودية أو نصرانية قلت : فإن أسلمت الأمة وزوجها عبد كافر ؟ قال : هو أحق بها إن أسلم وهي في عدتها
الارتداد
قلت : أرأيت المرتد إذا ارتد أتنقطع العصمة فيما بينهم ما إذا ارتد مكانه أم لا ؟ قال : قال مالك : تنقطع العصمة فيما بينهما ساعة ارتد قلت : فإن ارتدت المرأة ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى إذا ارتدت المرأة أيضا أن تنقطع العصمة فيما
بينهما ساعة ارتدت قلت : أرأيت إذا ارتد أيجعله مالك طلاقا أم لا ؟ قال : قال مالك : إذا ارتد الزوج كانت طلقة بائنة لا يكون للزوج رجعة إن أسلم في عدتها قلت : لم قال مالك في هذا أنها بائنة وهو لا يعرف البائنة ؟ قال : لأنه قد تركها حين ارتد ولم يكن يقدر حين ارتداده على رجعتها ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في الأسير إن بلغهم أنه تنصر ولم تقم بينة على أنه أكره فيرى أن تعتد امرأته ولا ترى له عليها رجعة ونرى أن يرجأ ماله وسريته ما لم يتبين فإن أسلم قبل أن يموت كان المال ماله وإن مات قبل أن يسلم كان في ماله حكم الإمام المجتهد وإن أقامت بينة على أنه أكره فلا نرى أن يفرق بينه وبين امرأته ولا نرى إن حدث به حدث وهو بتلك المنزلة إلا أن يورث
وارثه الإسلام فإن الله قال { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } وقال { إلا أن تتقوا منهم تقاة }
ابن وهب قال يونس وقال ربيعة في رجل أسر فتنصر قال : ماله موقوف على أهله إذا بلغهم أنه تنصر ويفارق امرأته قلت : أرأيت المرتد إذا تزوج يهودية أو نصرانية وهو مرتد ثم رجع إلى الإسلام أيقيم على هذا النكاح أم لا ؟ قال : قال مالك : إذا ارتد وقعت الفرقة بينه وبين أزواجه إذا كن مسلمات
قال ابن القاسم : وتقع الفرقة بينه وبين أزواجه إذا كن من غير أهل الكتاب فهذا يدلك على أن نكاحه إياهن في حال ارتداده لا يجوز رجع إلى الإسلام أو لم يرجع ألا ترى أنه لا يقر على امرأته اليهودية أو النصرانية حين ارتد وكذلك لا يجوز نكاحه إياهن في حال ارتداده قلت : أرأيت المسلم يكون تحته اليهودية فيرتد المسلم إلى اليهودية أيفسد نكاحه أم لا ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه قال في المرتد تحرم عليه امرأته وأنا أرى في هذا أن تحرم عليه امرأته يهودية كانت أو نصرانية أو ما كانت
حدود المرتد والمرتدة وفرائضهما
قلت : أرأيت من ارتد عن الإسلام أيسقط عنه ما كان قد وجب عليه من النذور وما كان ضيع من الفرائض الواجبة التي وجبت عليه قضاؤها والحدود التي هي لله أو للناس إذا رجع إلى الإسلام أو مرض في رمضان فوجب عليه قضاؤه أيسقط عنه شيء من هذه
الأشياء ؟ فقال : نعم يسقط عنه كل ما وجب لله عليه إلا الحدود والفرية والسرقة وحقوق الناس وما كان عمله كافر في حال كفره ثم أسلم لم يوضع عنه ومما يبين لك ذلك أنه يوضع عنه ما ضيع من الفرائض التي هي لله أنه لو حج حجة الإسلام قبل ارتداده ثم ارتد ثم رجع إلى الإسلام أن عليه أن يحج بعد رجوعه إلى الإسلام حجة أخرى حجة الإسلام قال مالك : لأن الله يقول في كتابه : { لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } ( الزمر 65 ) فحجة من عمله وعليه حجة أخرى فهذا يخبرك أن ما فعل من الفرائض قبل ارتداده لم ينفعه فكذلك ما صنع قبل ارتداده لا يكون عليه وهو ساقط عنه
قلت : فإن ثبت على ارتداده أيأتي القتل على جميع الحدود التي عليه إلا الفرية فإنه يجلد ثم يقتل ؟ قال : نعم قلت : ويأتي القتل على القصاص الذي هو للناس ؟ قال : نعم قلت : أتحفظ هذا عن مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الرجل المسلم يتزوج المرأة ويدخل بها ثم يرتد عن الإسلام ثم يرجع إلى الإسلام فيزني قبل أن يتزوج من بعد
الردة أيرجم أم لا يرجم ؟ قال : لا أرى أن يرجم ولم أسمعه من مالك ولكن مالكا سئل عنه إذا ارتد وقد حج ثم يرجع إلى الإسلام أيجزئه ذلك الحج ؟ قال : لا حتى يحج حجة مستأنفة فإذا كان عليه حجة الإسلام حتى يكون إسلامه ذلك كأنه مبتدأ مثل من أسلم كان ما كان من زنى قبله موضوعا عنه وأما ما كان لله وإنما يؤخذ في ذلك بما كان للناس من الفرية والسرقة مما لو عمله وهو كافر كان ذلك عليه وكل ما كان لله مما تركه قبل ارتداده من صلاة تركها أو صيام أفطره من رمضان أو زكاة تركها أو زنا زناه فذلك كله عنه موضوع ويستأنف بعد أن يرجع إلى الإسلام ما كان يستأنفه الكافر إذا أسلم قال ابن القاسم : وهذا ما سمعت وهو رأيي قال ابن القاسم : والمرتد إذا ارتد وعليه نذر بالعتق أو عليه ظهار أو عليه أيمان بالله قد حلف بها أن الردة تسقط عنه قلت : أرأيت الرجل المرتد يوصي بوصايا فيقتل على الكفر أيكون على الأهل الوصايا أم لا ؟ قال : قال لي مالك : لا يرثه ورثته أرى أنه لا شيء لأهل الوصايا ولا تجوز وصية رجل إلا في ماله وهذا المال ليس هو للمرتد قد صار لجماعة المسلمين ووصاياه قبل الردة بمنزلة وصيته بعد الردة ألا ترى أنه لو أوصى بعد الردة بوصية لم تجز وصيته وماله محجوب عنه إذا ارتد
قلت : أرأيت إن مرض فارتد فقتل على ردته فقامت امرأته فقالت فر بميراثه مني ؟ قال : بلغني عن مالك أنه قال : لا يتهم ههنا أن يرتد عن الإسلام في مرضه لئلا يرثه ورثته قال : ميراثه للمسلمين قلت : أرأيت المرتد إذا مات ابن له على الإسلام وهو على حال ارتداده ثم أسلم أيكون له في ميراث ابنه شيء ؟ قال : سمعت مالكا يقول والنصراني والعبد إذا مات ابنهما حرا مسلما أنهما لا يرثانه ولا يحجبان فإن أسلم النصراني بعد موت ابنه أو عتق العبد بعدما مات ابنه فإن كان ذلك قبل أن يقسم ميراث الابن فلا شيء لهما من الميراث وإنما الميراث لمن وجب له يوم مات الميت وكذا المرتد عندي
كتاب إرخاء الستور
قلت لعبدالرحمن بن القاسم أرأيت إن تزوج امرأة وخلا بها وأرخى المستور ثم طلقها فقال لم أمسها وصدقته المرأة ؟ قال : قال مالك : لها نصف الصداق لأنها صدقته على أنه لم يمسها وعليها العدة كاملة ولا يملك زوجها رجعتها لأنه قد أقر أنه لم يمسها
قلت : فإن قال قد جردتها وقبلتها ولم أجامعها وصدقته المرأة ؟ قال : قال مالك : لا يكون عليه إلا نصف الصداق إلا أن يكون قد طال مكثه معها يتلذذ بها فيكون عليه الصداق كاملا قال مالك : وهذا رأيي وقد خالفني ناس فقالوا : وإن تطاول فليس لها إلا نصف الصداق قال مالك : وكذلك الذي لا يقدر على أهله فيضرب له أجل سنة أن عليه الصداق كاملا إذا فرق بينهما
قلت : أرأيت إن قال قد جامعتها بين فخذيها ولم أجامعها في الفرج وصدقته المرأة ؟ قال : لا يكون عليه إلا نصف الصداق إلا أن يكون مكثه معها كما قال مالك في لوطء ألا ترى أن مالكا قال : إلا أن تطول إقامته معها فالذي لم تطل إقامته معها قد ضاجع وتلذذ معها وطلب ذلك منها قلت : أرأيت إن قال الزوج بعدما دخل بها وأرخى الستور لم أجامعها وقالت المرأة قد جامعني أيكون عليه المهر كاملا أو نصف المهر في قول مالك ؟ قال مالك : عليه المهر كاملا والقول قولها قلت : فإن كان أخلاها في بيت أهلها وخلا بها فطلقها قبل البناء فقال الزوج : لم أمسها وقالت المرأة قد مسني ؟ قال مالك : القول قول الزوج أنه لم يمسها إلا أن يكون دخل بها في بيت أهلها دخول اهتداء والاهتداء هو البناء بها
قلت : فإن كان دخل عليها في بيت أهلها غير دخول البناء فطلقها وقال لم أمسها وقالت المرأة قد مسني فجعلت القول قوله في قول مالك أيكون على المرأة العدة في قول مالك أم لا ؟ قال : عليها العدة إن كان قد دخل بها وليس معها أحد
قلت : أرأيت إن دخل بها في بيت أهلها غير دخول البناء فقال الزوج قد جامعتها وقالت المرأة ما جامعني ؟ قال : إن كان خلا بها وأمكن منها وإن لم تكن الخلوة خلوة بناء رأيت العدة عليها وعليه الصداق كاملا فإن شاءت المرأة أخذته كله وإن شاءت أخذت نصف الصداق وأما إذا دخل عليها ومعها النساء فيقعد فيقبل ثم ينصرف فإنه لا عدة عليها ولها نصف الصداق
قلت : أرأيت إن وجبت عليها العدة بهذه الخلوة وهي تكذب الزوج في الجماع وهو يدعي الجماع أتجعل له عليها العدة الرجعية أم لا ؟ قال : لا رجعة له عليها عند مالك وإن جعلت عليه العدة لأنه لم يبن بها إنما خلا بها في بيت أهلها وهي أيضا إن خلا بها في بيت أهلها بهذه الخلوة التي وصفت لك إذا لم يكن معها أحد من النساء فتناكرا الجماع الزوج والمرأة جعلت عليه العدة ولم أصدقها على إبطال العدة وكان لها نصف الصداق إذا أمكن منها وخلا بها قلت : أرأيت إن عقد نكاحها فلم يخل بها ولم يجتلها حتى طلقها فقال الزوج : قد وطئتها من بعد عقدة النكاح وقالت المرأة ما وطئني أتكون عليها العدة أم لا ؟ قال : لا عدة عليها قلت : ويكون عليه الصداق كاملا ؟ قال : قد أقرها بالصداق فإن شاءت أخذت وإن شاءت تركت قلت : أرأيت إن خلا بها ومعها نسوة فطلقها وقال قد جامعتها وقالت المرأة كذب ما جامعني ؟ قال : القول قولها ولا عدة عليها قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم
قلت : فما قول مالك في الرجل يتزوج المرأة وهي صائمة في رمضان أو صيام تطوع أو صيام نذر أوجبته على نفسها أو صيام كفارة فبنى بها زوجها نهارا ثم طلقها من يومه أو خلا بها وهي محرمة أو هي حائض فطلقها قبل أن تحل من إحرامها وقبل أن تغتسل من حيضها فادعت المرأة في هذا كله أنه قد مسها وأنكر الزوج ذلك وطلبت المرأة الصداق كله ؟ وقال الزوج : إنها على نصف الصداق ؟ قال : سئل مالك عن الرجل يدخل بامرأته وهي حائض فتدعي المرأة أنه قد مسها وأنكر الزوج ذلك أن القول قولها ويغرم الزوج الصداق إذا أرخيت عليها السور فكل من خلا بامرأته لا ينبغي له أن يجامعها في تلك الحال فادعت أنه قد مسها فيه كان القول قولها إذا كانت خلوة بناء قلت : ولم قال مالك : القول قول المرأة قال : لأنه قد خلا بها وأمكن منها وخلى بينه وبينها فالقول في الجماع قولها قالت : وكذلك قال مالك : في الرجل يغتصب امرأة نفسها فيحتملها فيدخل بها بيتا والشهود ينظرون إليه ثم خرجت المرأة فقالت قد غصبني نفسي وأنكر الزوج ذلك أن الصداق لازم للرجل فقلت : ويكون عليه الحد ؟ قال : لا يكون عليه الحد
قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الرجل يتزوج المرأة فيدخل بها ثم يطلقها فيقول ما جامعتها وتقول المرأة قد جامعني ؟ قال : القول قول المرأة في ذلك قلت : فإن طلقها واحدة ؟ قال : القول قول المرأة في الصداق وعليها العدة ولا تملك الرجعة وهذا قول مالك قال : وقد بلغني أن مالكا قيل له أفتنكح بهذا زوجا كان قد طلقها البتة إذا طلقها زوجها فقال الزوج لم أطأها وقالت المرأة قد وطئني ؟ قال : قال مالك : لا أرى ذلك إلا باجتماع منهما على الوطء قال ابن القاسم : وأرى أن يدين في ذلك ويخلي بينها وبين نكاحه وأخاف أن يكون هذا من الذي طلقها ضررا منه في نكاحها
قلت : أرأيت الرجل يتزوج المرأة المطلقة ثلاثا فيدخل بها فيبيت معها ثم يموت من الغد فتقول المرأة قد جامعني أيحل للزوج الأول أن يتزوجها يصدقها في قول مالك أم لا ؟ قال : أرى أن المرأة تدين في ذلك فإن أحب أن يتزوجها فهو أعلم ولا يحال بينه وبين ذلك واليوم في ذلك وما زاد على اليوم سواء إذا كان رجل يطأ فالقول قول المرأة إذا مات الزوج ولا يعلم منه إنكار لوطئها ولقد استحسن مالك الذي أخبرتك إذا قال : لم أطأها وقالت قد وطئني أن ذلك لا يحلها لزوجها إلا باجتماع منهما على الوطء وهذا لا يشبه مسألتك لأن الزوج ههنا قد أنكر الوطء وفي مسألتك لم ينكر الوطء حتى مات والذي استحسن من ذلك مالك ليس بحمل القياس ولولا أن مالكا قاله لكان غيره أعجب إلي ورأيي على ما أخبرتك قبل هذا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن شريح الكندي قضى في امرأة بنى بها زوجها ثم أصبح فطلقها فقالت ما مسني وقال ما مسستها فقضى عليه شريح بنصف الصداق وقال : هوحقك وأمرها أن تعتد منه يونس بن يزيد وغيره عن ربيعة مثله قال ربيعة والستر بينهما شاهد على ما يدعيان وله عليها الرجعة إن قال : قد وطئها وذكر يونس عن ربيعة أنه كان يقول إن دخل عليها عند أهلها فقال لم أمسها وقالت المرأة مثل ذلك لم يكن لها إلا نصف الصداق ولم يكن له عليها رجعة وإن قال : لم أدخل بها وقالت قد دخل بي صدقت عليه وكان لها الصداق كاملا واعتدت عدة المطلقة
محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن سليمان بن يسار أن امرأة في إمارة مروان بن الحكم أو أمير قبله أعتق عليها زوجها قال : ولا أراه إلا قال في بيت أهلها ثم طلقها وقال : لم أمسها وقالت بلى قد وطئني ثلاث مرات فلم يصدق عليها
ابن أبي الزناد عن أبيه قال : أخبرني سليمان بن يسار بن الحارث بن الحكم تزوج أمرأة اعرابية فدخل عليها فإذا هي حضرية وداء فكرهها فلم يكشفها واستحيا أن يخرج مكانه فقال عندها مجلياتها ثم خرج فطلقها فقال لها نصف الصداق ولم أكشفها وهي ترد ذلك عليه فرفع ذلك إلى مروان فأرسل إلى زيد بن ثابت فقال يا أبا سعيد رجل كان من شأنه كذا وكذا وهو عدل هل عليه إلا نصف الصداق فقال له زيد بن ثابت أرأيت لو أن المرأة الآن حملت فقالت هو منه أكنت مقيما عليها الحد فقال مروان : لا فقال : زيد لها صداقها كاملا رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب وربيعة وابن شهاب أن لها الصداق وعليها العدة ولا رجعة له عليها قال مالك : كان ابن المسيب يقول إذا دخل الرجل على امرأته في بيتها صدق عليها وإذا دخلت عليه في بيته صدقت عليه قال مالك : وذلك في المسيس
في الرجعة
قلت : أرأيت إن طلق رجل امرأته تطليقة يملك الرجعة ثم قبلها في عدتها الشهوة أو لامسها لشهوة أو جامعها في الفرج أو فيما دون الفرج أو جردها فجعل ينظر إليها وإلى فرجها هل يكون ذلك رجعة أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إذا وطئها في العدة
وهو يريد بذلك الرجعة وجهل أن يشهد فهي رجعة وإلا فليست برجعة له عبد العزيز بن أبي سلمة قلت : أرأيت من قال لامرأته قد راجعتك ولم يشهد إلا أنه قد تكلم بالرجعة ؟ قال : فهي رجعة وليشهد وهذا في قول مالك وقد قال مالك في امرأة طلقها زوجها ثم راجعها ولم يشهد فأراد أن يدخل بها فقالت المرأة : لا تدخل بي حتى تشهد على رجعتي قال : قال مالك : قد أحسنت وأصابت حين منعته نفسهما حتى يشهد على رجعتها
قلت : أرأيت إن قال : قد راجعتك ثم قال بعد ذلك لم أرد رجعتك بذلك القول إنما كنت لاعبا بقولي قد راجعتك وعليه بذلك بينة بقوله قد راجعتك أولا بينة عليه والمرأة والزوج يتصادقان على قوله قد راجعتك فادعى الزوج أنه لم يرد مراجعتها بذلك القول ؟ قال : الرجعة عليه ثابتة إذا كان قبل انقضاء عدتها وإن انقضت العدة فلا يكون قوله رجعة إلا أن تقوم على ذلك بينة
قلت : أرأيت إذا قال : قد كنت راجعتك أمس وهي في العدة بعد أيصدق الزوج أم لا ؟ قال : نعم هو مصدق قلت : أرأيت إذا قال قد كنت راجعتك أمس وقد انقضت عدتها أيصدق أم لا ؟ قال : لا يصدق قلت : أرأيت إذا قال : قد كنت راجعتك في عدتك وهذابعدما انقضت العدة وأكذبته المرأة فقالت : ما راجعتني أيكون له عليها اليمين في قول مالك ؟ قال : قال مالك : إنه لا يصدق عليها إلا ببينة قال ابن القاسم : ولو أبت اليمين أو أقرت لم تصدق ولم يكن للرجل عليها الرجعة إلا أن يكون كان يبيت عندها ويدخل عليها في العدة فيصدق على قوله إنه راجعها وإن كان ذلك بعد انقضاء العدة وإن كذبته فالقول قوله على كل حال إذا كان هو معها في البيت فالقول قوله بعد مضي العدة أنه قد راجعها في العدة وقال غيره إذا قال الرجل لامرأته وهي في عدة منه إذا كان غدا قد راجعتك لم تكن هذه رجعة وقال مالك : ولكن لو قال : قد كنت راجعتك أمس كان مصدقا إن كانت في عدة منه وإن أكذبته المرأة لأن ذلك يعد منه مراجعة الساعة وإذا قال الرجل لامرأته بعد انقضاء العدة قد كنت راجعتك فى العدة فليس ذلك له وإن صدقته المرأة لأنها قد بانت منه في الظاهر وادعى عليها ما لا يثبت له إلا ببينة وتتهم في إقرارها له بالمراجعة على تزويجه بلا صداق ولا ولي وذلك ما لا يجوز لها ولا له أن يتزوجها بلا ولي ولا صداق
قلت : فإن أقام بينة على إقراره قبل انقضاء العدة أن قد جامعها قبل انقضاء العدة وكان مجيئه بالشهود بعد انقضاء العدة ؟ قال : كانت هذه رجعة وكان مثل قوله قد راجعتها إذا ادعى أن وطأه إياها أراد به الرجعة
قلت : أرأيت رجلا طلق امرأته وهي أمة لقوم فقال الزوج قد راجعتك في العدة وصدقه السيد وأكذبته الأمة ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا يقبل قول السيد في هذا ولا قوله قد راجعتك إلا بشاهدين سوى السيد لأن مالكا قال : لا تجوز شهادة السيد على إنكاح أمته فكذلك رجعتها عندي قلت : أرأيت إن ارتجع ولم يشهد أتكون رجعته رجعة ويشهد فيما يستقبل في قول مالك ؟ قال : نعم قال مالك : إذا كان إنما ارتجع في العدة وأشهد في العدة قلت : أرأيت إن ارتجع في العدة وأشهد بعد انقضاء العدة وصدقته المرأة ؟ قال : لا يقبل قوله إلا أن يكون يخلو بها ويبيت عندها
القاسم بن عبد الله عن عبد الله بن دينار حدثه أن ابن عمر لما طلق صفية ابنة أبي عبيد أشهد رجلين فلما أراد أن يرتجعها أشهد رجلين قبل أن يدخل عليها وقال ربيعة : من طلق فليشهد على الطلاق وعلى الرجعة أشهب عن يحيى بن سليم أن هشام بن
حسان حدثه أن ابن سيرين أخبره عن عمران بن الحصين أنه سئل عن رجل طلق ولم يشهد فقال : طلق في غيرعدة وارتجع في غير عدة بئسما صنع ليشهد على ما فعل القاسم بن عبد الله عن يحيى بن سعيد عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال : من طلق فليشهد على الطلاق وعلى الرجعة قلت : أرأيت الحامل إذا وضعت ولدا وبقي في بطنها آخر أيكون الزوج أحق برجعتها ؟ قال : قال مالك : الزوج أحق برجعتها حتى تضع آخر ولد في بطنها وقاله ابن شهاب وربيعة وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وأبو الزناد وابن قسيط وقال غيره وإذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فالرجعة له عليها ما لم تحض الحيضة الثالثة فقد مضت الثلاث الأقراء التي قال الله لأن الأقراء هي الأطهار وليست بالحيض قال الله : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ( البقرة : 228 ) ولم يقل ثلاث حيض فإذا طلقها وهي طاهر فقد طلقها في قرء وتعتد فيه فإذا حاضت حيضة فقد تم قرؤها فإذا طهرت فهو قرء ثان فإذا حاضت الحيضة الثانية فقد تم قرؤها الثاني فإذا طهرت فهو قرؤ ثالث ولزوجها عليها الرجعة حتى ترى أول قطرة من الحيضة الثالثة فقد تم قرؤها الثالث وانقضى آخره فانقضت الرجعة عنها وحلت للأزواج قال : أشهب غير أني أستحب أن لا يعجل بالتزويج حتى يتبين أن الدم الذي رأت في آخر الحيضة دم حيضة بتماديها فيها لأنه ربما رأت المرأة الدم الساعة والساعتين واليوم ثم ينقطع ذلك عنها فيعلم أن ذلك ليس بحيض فإن رأت هذا امرأة في الحيضة الثالث فإن لزوجها عليها الرجعة وعليها الرجوع إلى بيتها الذي طلقت فيه حتى تعود إليها الحيضة صحيحة مستقيمة وقد ذكر ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال قضى زيد بن ثابت أن تنكح في دمها
قال ابن شهاب وأخبرني بذلك عروة بن الزبير عن عائشة قال ربيعة وعدتهن من الأقراء الأطهار فإذا مرت بها ثلاثة أقراء فقد حلت وإنما الحيض علم الأطهار فإذا استكملت الأطهار فقد حلت مالك وسليمان بن بلال أن زيد بن أسلم حدثهما عن سليمان بن يسار عن الليث بن سعد ومالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن ابن الأحوص هلك بالشام حتى دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة فقالا قد بانت منه وحلت وقد كان طلقها تطليقة أو تطليقتين فكتب معاوية إلى زيد يسأله عن ذلك فكتب إليه إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها ولا ترثه ولا يرثها مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين قالت : انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقال ابن شهاب : فذكرت ذلك لعمرة فقالت : صدق عروة وقد جادلها فيه ناس فقالوا : إن الله يقول ( ثلاثة قروء ) فقالت صدقتم ولا يدرون ما الأقراء إنما الأقراء الأطهار قال ابن شهاب وسمعت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث يقول : ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا يريد قول عائشة
قال مالك : وحدثني الفضل بن أبي عبد الله مولى المهريين أنه سأل القاسم وسالم عن المرأة إذا طلقت فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقالا : قد بانت منه وحلت
أشهب قال مالك وقاله سليمان بن يسار وأبو بكر بن عبد الرحمن وقالوا كلهم ولا ميراث بينهما ولا رجعة له عليها قال مالك : وقاله ابن شهاب ابن وهب عن ابن لهيعة أن ابن أبي جعفر حدثه عن نافع عن ابن عمرو وزيد بن ثابت مثله أشهب عن ابن الدراوردي أن ثور بن زيد الديلمي حدثه عن ابن عباس أنه كان يقول : إذا حاضت المطلقة الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها أشهب عن القاسم بن عبد الله أن عبد الله بن دينار حدثه عن عائشة وابن عمرو وزيد بن ثابت أنهم كانوا يقولون إذا طلق الرجل امرأته وقد حاضت الحيضة الثالثة لم يكن لها عليه رجعة ولا يتوارثان ولم يكن بينهما شيء
قلت : أرأيت إن قال الرجل لامرأته وقد كان طلقها قد راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي وأكذبها الزوج ؟ قال : ينظر في ذلك فإن كان قد مضى من الزمان ما تنقضي في مثله العدة صدقت وكان القول قولها : قلت : فإن سكتت حتى أشهد على رجعتها ثم قالت بعد ذلك بيوم أو أقل من ذلك إنك أشهدت على رجعتي وإن عدتي قد كانت انقضت قبل أن تشهد على رجعتي ؟ قال : لا تصدق قلت : ولم صدقتها في القول الأول ؟ قال : لأنها في القول الأول مجيبة له فردت عليه الرجعة وأخبرته أن مراجعته إياها ليس بشيء وفي مسألتك الآخرة قد سكتت وأمكنته من رجعتها ثم أنكرت بعد فلا تصدق على الزوج لأن الرجعة قد ثبتت للزوج سكوتها لأن مالكا قال لي في المرأة تطلق وتزعم أنها قد حاضت ثلاث حيض في شهر أو تزعم أنها قد أسقطت قال : أما الحيض فتسأل النساء فإن كن يحضن لذلك ويطهرن صدقت وأما السقط فإن الشأن فيه أنهن فيه مأمونات على ذلك ولا نكاد تسقط المرأة إلا علم بذلك الجيران ولكن الشأن في ذلك أن يصدقن ويكون القول قولها وكذلك قال مالك
في دعوى المرأة انقضاء عدتها
قلت لأشهب : أرأيت رجلا طلق امرأته طلقة أو تطليقتين ثم قال لها وهي في العدة قد راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي ؟ قال : هي مصدقة فيما قالت قد انقضت إذا كان ذلك من كلامها نسقا لكلامه وكان قد مضى من عدة الأيام من يوم طلقها إلى اليوم الذي قالت فيه قد انقضت عدتي ما تنقضي في مثله عدة بعض النساء إذا كان ادعاؤها ذلك من حيض وأما إن كان من سقط فقولها جائز وإن كان من بعد طلاقه بيوم أو أقل أو أكثر قال أشهب : ودلك على ذلك أن ذلك إليهن لقول الله : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } ( البقرة : 228 ) { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } ففسر أهل العلم أن الذي خلق الله في أرحامهن لا يحل لهن أن يكتمنه الحيضة والحبل فيجعل العدة إليهن بما حرم الله عليهن من كتمانها يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال : في قول الله { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } قال بلغنا أنه الحبل وبلغنا أنها الحيضة ولا يحل لهن أن يكتمن ذلك لتنقضي العدة ولا يملك الزوج الرجعة إذا كانت له وقاله محمد بن كعب القرظي وعطاء ومجاهد
ابن وهب عن قباث بن رزين اللخمي عن علي بن رباح قال : كان تحت عمر بن الخطاب امرأة من قريش فطلقها تطليقة أو طلقتين وكانت حاملا فلما أحست بالولد أغلقت الأبواب حتى وضعت فأخبر بذلك عمر فأقبل مغضبا حتى دخل المسجد فإذا هو بشيخ كبير فجلس إليه فقال : اقرأ علي ما بعد المائتين من البقرة فذهب يقرأ فإذا في قراءته ضعف فقال يا أمير المؤمنين ههنا غلام حسن القراءة فإن شئت دعوته لك قال : نعم فدعاه فقرأ { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } ( البقرة : 228 ) فقال عمر إن فلانة من اللائي يكتمن ماخلق الله في أرحامهن وإن الأزواج عليها حرام ما بقيت أشهب عن فضيل بن عياض أن ليث بن أبي سليم حدثه وأن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن أبي بن كعب أنه قال : إن من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها سفيان بن عيينة أن عمرو بن دينار حدثه أنه سمع عبيد بن عمير يقول إن المرأة ائتمنت على فرجها قال لي سفيان في الحيضة والحبل إن قالت حضت أو قالت لم أحض أنا حامل صدقت ما لم تأت بما يعرف فيه أنها كاذبة
قلت : أرأيت إن طلق الرجل امرأته فادعت أن عدتها قد انقضت وذلك في أيام يسيرة لا تحيض النساء فيها ثلاث حيض في مقدار تلك الأيام ؟ قال : لا تصدق قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : قال لي مالك : إذا ادعت أن عدتها قد انقضت في مقدار ما تنقضي فيه العدة صدقت فهذا يدلني على أنه لا يصدقها إذا ادعت ذلك في أيام يسيرة لا تنقضي العدة في عدد تلك الأيام قلت : أرأيت إن طلق الرجل امرأته ثم قالت في مقدار ما تحيض فيه ثلاث حيض قد دخلت في الدم من الحيضة الثالثة والزوج يسمعها ثم قالت بعد ذلك مكانها أنا كاذبة وما دخلت في الدم من الحيضة الثالثة أيكون للزوج أن يراجعها وقد نظر النساء إليها فوجدنها غير حائض فقال : لا ينظر إلى نظر النساء إليها وقد بانت منه حين قالت قد دخلت في الحيضة الثالثة إذا كان في مقدار ما تحيض له النساء ولا أرى أن يراجعها إلا بنكاح جديد أشهب عن ابن لهيعة أن أبا الأسود حدثه أن حميد بن نافع أن علي بن حسين طلق امرأته من أهل العراق فتركها خمسة وأربعين ليلة ثم أراد ارتجاعها فقالت قد حضت ثلاث حيض وأنا اليوم حائض لم أطهر من الثالثة فاختصما إلى أبان بن عثمان ولم يرجعها إليه وليس العمل على أن تستحلف إذا كان ما ادعت تحيض في مثله
قلت : أرأيت إن طلق رجل امرأته فلما كان بعد يوم أو يومين أو شهر أو شهرين قالت المرأة قد أسقطت وقد انقضت عدتي ما قول مالك في ذلك ؟ قال : قال مالك : في وجه ذلك أن يصدقن النساء في ذلك قال مالك : وقل من امرأة تسقط إلا وجيرانها يعلمون ذلك ولكن لا ينظر في ذلك إلى قول الجيران وهي مصدقة فيما قالت من ذلك
قلت : أرأيت إن أكذبها الزوج أيكون عليها اليمين في أنها قد أسقطت أم لا ؟ قال : ليس في مثل ذلك للزوج عليها يمين وهي مصدقة فيما قالت من ذلك لأنهن مأمونات على فروجهن ولو رجعت وصدقت الزوج بما قال لم تصدق ولم يكن له عليها رجعة لأنه قد ظهر أنها قد بانت منه فهما يدعيان ما يردها إليه بلا صداق ولا عقد جديد من ولي فيكون ذلك داعية إلى أن تزوج المرأة نفسها بغير صداق ولا ولي
قلت : أرأيت إن أسقطت سقطا لم يتبين بشيء من خلقه أسقطته علقة أومضغة أو عظما أودما أتنقضي به العدة أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ما أتت به النساء من مضغة أو علقة أوشيء يستيقن أنه ولد فإنه تنقضي به العدة وتكون به الأمة أم ولد قلت : أرأيت إن طلقها فقالت قد أسقطت وقال الزوج لم تسقطي ولي عليك الرجعة ؟ قال مالك : القول قول المرأة وهذا السقط لا يكاد يخفى على النساء ولا جيرانها ولكن قد جعل مالك في هذا القول قولها قال : وسألت مالكا عن المرأة يطلقها زوجها فتزعم أنها قد حاضت ثلاث حيض في شهر واحد قال : يسأل النساء عن ذلك فإن كن يحضن لذلك ويطهرن له كانت فيه مصدقة
قلت لغيره أرأيت إن طلق الرجل امرأته فقالت قد اتقضت عدتي وحضت ثلاث حيض في شهرين وقال الزوج قد أخبرتني أمس بأنك لم تحيضي شيئا فصدقته المرأة هل يقرها معه ويصدقها بالقول الثاني ؟ قال : لا وهو مما وصفت لك أنه داعية إلى أن تزوج نفسها بغير ولي ولا صداق للذي ظهر أنها قد بانت منه ولكن لو أقام الزوج بينة على ما ادعى من أنها قالت بالأمس أو قبل ذلك من الأيام بمثل ما لا تحيض فيه ثلاث حيض إلى هذا اليوم لم تصدق المرأة بما ادعت من أن حيضها قد انقضين عنها وكان لزوجها عليها الرجعة ما بينها وبين أن يمضي بها من الأيام من اليوم الذي قالت إني لم أحض شيئا وقامت لزوجها عليها بذلك البينة فإن لم يرتجع إلى أن يمضي من ذلك اليوم عدد أيام يحاض في مثلها ثلاث حيض فلا رجعة له عليها وإن رجعت عن قولها إني قد حضت ثلاث حيض
قلت لأشهب : أرأيت إذا لم يعلم أنه أغلق عليها بابا ولا أرخى عليها سترا حتى فارقها ثم أراد ارتجاعها فأنكرت ذلك وكذبته بما ادعى من إصابتها إياها فأقام البينة على أنه قد كان يذكر قبل فراقه إياها أنه قد أصابها ؟ فقال : لا ينتفع بذلك ولا رجعة له عليها لأنه يتهم على التقدم بمثل هذا القول إعدادا لما يخاف من أن يفوته بطلاقها قبل البناء بها ليملك بذلك رجعتها فلا يقبل في ذلك قوله ولا رجعة له عليها وإن صدقته لأنها تتهم في ذلك على مثل ما اتهم عليه ولها عليه النفقة والكسوة ولها العدة إذا صدقته ولولم تصدقه لم يكن لها عليه كسوة ولا نفقة ولا عليها عدة فلو أقام البينه بعد طلاقه إياها على أنه قد كان يقول وتقول هي إنه قد خلا بها وأصابها ؟ فقال لي : لا يصدقان بذلك ولا يقبل قولها في العدة ولا في الرجعة وعليها العدة ولا رجعة عليها له وعليه لها النفقة والكسوة حتى تنقضي عدتها ولا يتوارثان ألا ترى أن ربيعة قال إرخاء الستور شاهد عليهما فيما يدعيان فليس من أرخى الستر ثم ادعى كمن لا يرخيه ولا يعلم ذلك
المتعة
قلت : أرأيت المطلقة إذا كان زوجها قد دخل بها وكان قد سمى لها مهرا في أصل النكاح أيكون لها عليه المتعة في قول مالك ؟ قال : نعم عليه المتعة قلت : فهل يجبر على المتعة أم لا ؟ قال : لا يجبر على المتعة في قول مالك قال : وقال لي مالك ليس
للتي طلقت ولم يدخل بها إذا كان قد سمى لها صداقها متعة ولا للمبارئة ولا للمفتدية ولا للمصالحة ولا للملاعنة متعة قد دخل بها أم لا قال مالك : وأرى على العبد إدا طلق امرأته المتاع ولا نفقة عليه لها ولا يجبر على المتاع في قول مالك أحد قلت : أرأيت المطلقة المدخول بها وقد سمى لها صداقها لم يجعل لها مالك المتاع ؟ قال : لأن الله تبارك وتعالى قال : { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين } ( البقرة : 241 ) فجعل المتاع للمطلقات كلهن المدخول بهن وغير المدخول بهن في هذه الآية ثم استثنى في موضع آخر فقال تبارك وتعالى : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } ( البقرة : 227 ) ولم يجعل لهن المتاع وزعم زيد بن أسلم أنها منسوخة ورأى أهل العلم في المفتدية والمصالحة والمبارئة حين لم يطلقها إلا على أن أعطته شيئا أو أبرأته فكأنها اشترت منه الطلاق وخرجت منه بالذي أعطته فلا يكون لها عليه المتاع بأنها هنا تعطيه وتغرم له فكيف ترجع وتأخذ منه ولقد سئل مالك عن رجل تزوج امرأة وأصدقها صداقا فوقع بينهما اختلاف قبل البناء بها فتداعيا إلى الصلح فافتدت منه بمال دفعته إليه على أن لا سبيل له عليها ففعلت ثم قامت عليه بعد ذلك تطلبه بنصف الصداق فقال مالك : لا شيء لها هي لم تخرج من حباله إلا بأمرغرمته له فكيف تطلبه بنصف الصداق وكأنه رأى وجه ما ادعته إليه أن يتركها من النكاح على أن تعطيه شيئا تفتدي به منه ثم إني قدمت المدينة فسألت عنها الليث بن سعد فقال لي قل قول مالك فيها كان أحدهما يسمع صاحبه قال ابن القاسم : وأنا أراه حسنا
قلت : أرأيت المتعة في قول مالك أهي لكل مطلقة ؟ قال : نعم إلا التي سمى لها صداقا فطلقها قبل أن يدخل بها فلا متعة لها وكذلك قال لي مالك وهذه التي استثنيت في القرآن كما ذكرت لك قلت : أرأيت هذه التي طلقها زوجها قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها صداقا لم لا يجبره مالك على المتعة ؟ وقد قال الله تبارك وتعالى في هذه بعينها وجعل لها المتعة فقال : ( ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) ( البقرة : 236 ) قال : قال مالك : إنما خفف عندي في المتعة ولم يجبر عليها المطلق في
القضاء في رأيى لأني أسمع الله يقول ( حقا على المحسنين وحقا على المتقين ) فلذلك خففت ولم يقض بها وقال غيره لأن الزوج إذا كان غير متق فليس عليه شيء ولا محسن فلما قيل على المتقي وعلى المحسن متاعا بالمعروف حقا بالمعروف ولم يكن عاما على غير المحسن ولا غير المتقي علم أنه مخفف وقال ابن أبي سلمة المتاع أمر رغب الله فيه وأمر به ولم ينزل بمنزلة الفرض من النفقة والكسوة وليس تعدى عليه الأئمة كما تعدى على الحقوق وهي ( على الموسع قدره وعلى المقتر قدره )
قال ابن قاسم والتي سألت عنها في كتاب الله فلم يقض بها هي بمنزلة هذه الأخرى المدخول بها التي قد سمى لها ألا ترى أنهما جميعا في كتاب الله فكما يقضي عليه في المدخول بها بالمتاع فكذلك لا يقضي عليه في التي لم يدخل بها وكيف يكون إحداهما أوجب من الأخرى وإنما للفظ فيهما واحد قال الله : ( حقا على المتقين ) ( البقرة : 241 ) وقال : ( حقا على المحسنين ) ( البقرة : 236 ) قلت : أرأيت التي لم يسم لها زوجها صداقها في أصل النكاح فدخل بها ثم فارقها بعد البناء بها ؟ قال : قال مالك : لها صداق مثلها ولها المتعة قلت : أرأيت إن أغلق بابه عليها وأرخى ستره عليها وخلا بها وقد سمى لها صداقها قبل النكاح فطلقها وقال : لم أمسها وقالت المرأة قد مسني ؟ قال : أما الصداق فالقول قول المرأة في قول مالك لأنه قد دخل وأما المتاع فالقول قوله لأنه يقول لم أدخل بها ولأن المتاع لا يقضي عليه به فالقول فيه قوله لأنه يقول أنا ممن طلق قبل أن يمس وقد فرضت فليس على إلا نصف الصداق ولا تصدق هي علي في الصداق وتصدق في المتاع قلت : أرأيت الأمة إذ اعتقت فاختارت نفسها وقد دخل بها أو لم يدخل بها وقد سمى لها الصداق أو لم يسم لها صداقا فلم يدخل بها حتى أعتقت واختارت نفسها أيكون لها المتاع في قول مالك ؟ قال : لا قلت : أرأيت الصغيرة إذا طلقت واليهودية والنصرانية والأمة والمدبرة والمكاتبة وأمهات الأولاد إذا طلقن أيكون لهن من المتاع مثل ما للحرة المسلمة البالغة ؟ قال : قال مالك : سبيلهن في الطلاق والمتعة إن طلقت واحدة منهن قبل أن يدخل بها وقد فرض لها فرض كسبيل الحرة المسلمة وإن لم يفرض لها فكذلك إن دخل بها وكذلك في أمرهن كلهن سبيلهن كسبيل الحرة المسلمة البالغة في المتاع والطلاق
قلت : أرأيت المختلعة أيكون لها المتعة إذا اختلعت قبل البناء بها وقد فرض لها أو لم يفرض لها إذا اختلعت قبل البناء بها أيكون لها المتعة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا متعة للمختلعة ولا للمبارئة قال ابن القاسم : ولم يختلف هذا عندنا دخل بها أو لم يدخل بها سمى لها صداقا أو لم يسم لها صداقا ابن وهب عن عبد الله بن عمر ومالك بن أنس والليث بن سعد وغيرهم أن نافعا حدثهم أن عبد الله بن عمر كان يقول لكل مطلقة متعة التي تطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا إلا أن تكون امرأة طلقها زوجها قبل أن يمسها وقد فرض لها فحسبها نصف ما فرض لها وإن لم يكن فرض فليس لها إلا متعة وقاله ابن شهاب والقاسم بن محمد وعبد الله بن أبي سلمة مثله ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال : إنما يؤمر بالمتاع لمن لا ردة له عليها قال : ولا تحاص الغرماء ليست على من ليس له شيء ابن وهب عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج أن عبد الله بن عمر قال : ليس من النساء شيء إلا ولها متعة إلا الملاعنة والمختلعة والمبارئة والتي تطلق ولم يبن بها وقد فرض لها فحسبها فريضتها قال عمرو بن الحارث قال بكير : أدركت الناس وهم لا يرون للمختلعة متعة وقال يحيى بن سعيد : ما نعلم للمختلعة متعة يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن الأمة تحت الحر والعبد يطلقها ألها المتاع ؟ فقال : لكل مطلقة في الأرض لها متاع قال الله تبارك وتعالى : { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين } ( البقرة : 241 ) وقد قال ابن عباس في المتعة أعلاها خادم أو نفقة وأدناها كسوة وقال ابن المسيب مثله وقال ابن يسار وعمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وابن شهاب وقد متع ابن عمر امرأته خادما حين طلقها وعبد الرحمن بن عمر قد متع امرأته حين طلقها خادما سوداء وفعل ذلك عروة بن الزبير وكان حجيرة يقول على صاحب الديوان متعة ثلاثة دنانير وقال مالك : ليس لها حد لا في قليل ولا في كثير ولا أرى أن يقضى بها وهي من الحق عليه ولا يعدى فيها السلطان وإنما هو شيء إن طاع به أداه فإن أبى لم يجبر على ذلك
ما جاء فى الخلع
قلت : أرأيت النشوز إذا كان من قبل المرأة أيحل للزوج أن يأخذ منها ما أعطته على الخلع ؟ قال : نعم إذا رضيت بذلك ولم يكن منه في ذلك ضرر لها قلت : ويكون الخلع ههنا تطليقة بائنة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إذا كان الخلع على ما تخاف المرأة من نشوز الزوج قال : لا يجوز للزوج أن يأخذ منها شيئا على طلاقها وإنما يجوز له الأخذ على حبسها أو تعطيلها هو صلحا من عنده من ماله ما ترضى به وتقيم معه على تلك الأثرة في القسم من نفسه وماله وذلك الصلح الذي قال الله تعالى : { فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح } ( النساء : 128 ) سحنون ألا ترى أن يونس بن يزيد ذكر عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب وسليمان بن يسار أن السنة في الآية التي ذكر الله فيها نشوز المرأة وإعراضه عن المرأة أن المرء إذا نشز عن امرأته أو أعرض عنها فإن عليه من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما رأت من الأثرة في القسم من نفسه وماله فإن استقرت عنده على ذلك وكرهت أن يطلقها فلا جناح عليه فيما آثر عليها به من ذلك وإن لم يعرض عليها الطلاق فصالحها على أن يعطيها من ماله ما ترضى به وتقر عنده على تلك الأثرة في القسم من ماله ونفسه صلح ذلك وجاز صلحهما عليه وذلك الصلح الذي قال الله : { فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح } قال ابن شهاب وذكر لى أن رافع بن خديج تزوج بنت محمد بن سلمة فكانت عنده حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق فطلقها واحدة ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها ثم عاد فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق فطلقها آخر ثم راجعها ثم عاد فآثر الشابة أيضا عليها ثم سألته الطلاق فقال ما شئت إنما بقيت لك تطليقة واحدة فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة وإن شئت فارقتك ؟ قالت : لا بل أستقر على الأثرة فأمسكها على ذلك فكان صلحهما ذلك ولم ير رافع عليه أنها حين رضيت بأن تستقر عنده على الأثرة فيما آثر به عليها ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن ابن شهاب أن رافع بن خديج تزوج جارية شابة وعنده بنت محمد بن سلمة وكانت خلت فآثر الشابة فأشارت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ يا رافع اعدل بينهما ولا تفارقها ] فقال لها رافع في آخر ذلك إن أحببت أن تقري على ما أنت عليه من الأثرة قررت وإن أحببت أن أفارقك فارقتك قال فنزل القرآن { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا } ( النساء : 128 ) قال فرضيت بذلك الصلح وقرتمعه ابن وهب عن يونس عن أبي الزناد قال : بلغنا أن أم المؤمنين سوداء بنت زمعة كانت امرأة قد أسنت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستكثر منها فعرفت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمت من حبه من عائشة فتخوفت أن يفارقها به كأنها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أرأيت يومي الذي يصيبني منك فهو لعائشة وأنت مني في حل فقبل ذلك ابن وهب وذكر يحيى بن عبد الله بن سالم بن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة بذلك يونس أنه سأل ربيعة عن التي تخاف من بعلها نشوزا ما يحل لها من صلحها إن رضيت بغير نفقة ولا كسوة ولا قسم قال ربيعة : ما رضيت به من ذلك جاز عليها
قال ابن القاسم : وأخبرني الليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عثمان بن عفان أنه قال : الخلع مع الطلاق تطليقتان إلا أن يكون لم يطلق قبله شيئا فالخلع تطليقة قلت : أرأيت إن كان لها عبد فسمته ولم تصفه للزوج ولم يره الزوج قبل ذلك فخالعته على ذلك العبد أو تزوج رجل امرأة على مثل هذا أيجوز هذا ؟ قال : سمعت مالكا يقول في النكاح إن النكاح مفسوخ إن لم يكن دخل بها وإن كان دخل بها فلها صداق مثلها ويقران على نكاحهما قلت : فالخلع كيف يكون في هذا ؟ قال : الخلع جائز ويأخذ ما خالعها عليه من العبد مثل الثمر الذي لم يبد صلاحه والعبد الآبق والبعير الشارد إذا صالحها على ذلك كله إن ذلك له ويثبت الخلع بينهما قال ابن نافع وقد قاله مالك فيمن خالع بثمر لم يبد صلاحه أو بعبد آبق أو بعير شارد وقال غيره لأنه فسخ طلاق يخرج به من يده ليس يؤخذ به شيئا ولا يستحل به فرجها فهو يرسل من يده بالغرر ولا يؤخذ بالغرر وذلك النكاح لا ينكح بما خالع به قلت : أرأيت أن قالت : اخلعني على ما تثمر نخلي العام أو على ما تلد غنمي العام ففعل ؟ فقال : أرى ذلك جائزا لأن مالكا أجاز للرجل أن يخالع زوجته على ثمر لم يبد صلاحه إن ذلك جائز ويكون له الثمرة قلت : أرأيت إن اختلعت منه بثوب هروي ولم تصفه أيجوز ؟ قال : ذلك جائز ويكون له ثوب وسط مثل ما قلت لك في العبد قلت : أرأيت إن اختلعت امرأة من زوجها بدنانير أو بدراهم أو عروض موصوفة إلى أجل من الآجال مجهول أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن خالعها على مال إلى أجل مجهول أيكون ذلك حلالا في قول مالك ؟ قال : أرى أن ذلك حلال لأن مالكا قال في البيوع من باع إلى أجل مجهول فالقيمة فيه حالة إن كانت فاتت
قلت : أرأيت إن خالعها على أن أعطته عبدا على أن زادها هذا الزوج ألف درهم ؟ قال : لم أسمع من مالك في الخلع شيئا ولكني أرى ذلك جائزا ولا يشبه الخلع في هذا النكاح لأنه إن كان في العبد فضل على قيمة ألف درهم فقد أعطته شيئا من مالها على أن أخذت منه بضعها وإن كان كفافا فهي مبارئة لأن مالكا قال : لا بأس أن يتبارآ على أن لا يعطيها شيئا ولا تعطيه هي شيئا وقال مالك : هى تطليقة بائنة وإن كانت ألفا أكثر من قيمة العبد فإن مالكا سئل عن الرجل يصالح امرأته على أن يعطيها من ماله عشرة دنانير قال : أراه صلحا ثابتا فقال له بعض أصحابنا فالعشرة التي دفع إليها أيرجع بها على امرأته ؟
قال مالك : لا يرجع بها وهي للمرأة والصلح ثابت قلت : أرأيت إن اختلعت منه على دراهم أدتها إليه فوجدها زيوفا أيكون له أن يردها إليها أم لا ؟ قال : له أن يردها عليها في قول مالك وهذا مثل البيوع قلت : أرأيت إن خلعها على عبد أعطته إياه ثم استحق العبد ؟ قال : قال مالك : إذا تزوج الرجل المرأة على عبد فاستحق العبد أن للمرأة على الزوج قيمة العبد وكذلك مسألتك في الخلع مثل هذا
في نفقة المختلعة الحامل وغير الحامل والمبتوتة الحامل وغير الحامل
قلت : أرأيت المرأة تختلع من زوجها وهي حامل أو غير حامل علم بحملها أو لم يعلم هل عليه نفقة ؟ قال : إن كانت غير حامل فلا نفقة لها وإن كانت حاملا فلم يتبرأ من نفقة حملها فعليه نفقة الحمل قلت : فإن كانت مبتوتة وهي حامل فعليه نفقتها ؟ قال ابن نافع : قال مالك في قول الله تبارك وتعالى { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن } ( الطلاق : 6 ) قال : يعني المطلقات اللائي قد بن من أزواجهن فلا رجعة لهم عليهن فكل بائن من زوجها وليست حاملا فلها السكنى ولا نفقة لها ولا كسوة لأنها بائن منه ولا يتوارثان ولا رجعة له عليها قال : وإن كانت حاملا فلها النفقة والكسوة والمسكن حتى تنقضي عدتها قال مالك : فأما من لم يبن منهن فإنهن نساؤهم يتوارثون ولا يخرجن ما كن في عدتهن ولم يؤمروا بالسكنى لهن لأن ذلك لازم لأزواجهن مع نفقتهن وكسوتهن كن حوامل أو غير حوامل وإنما أمر الله للحوامل اللائي قد بن من أزواجهن بالسكنى والنفقة ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمبتوتة التي لا حمل بها لفاطمة بنت قيس لا نفقة لك قال مالك : ليس عندنا في نفقة الحامل المطلقة شيء معلوم على غني ولا مسكين في الآفاق ولا في القرى ولا في المدائن لغلاء سعر ولا لرخصة إنما ذلك على قدر يسره وعسره قال مالك : وإن كان زوجها يتسع بخدمة أخدمها وقال مالك : النفقة على كل من طلق امرأته أو اختلعت منه وهي حامل ولم تتبرأ منه حتى تضع حملها فإن مات زوجها قبل أن تضع حملها انقضت النفقة عنها
وقد قال سليمان بن يسار في المفتدية لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا وقد قال جابر بن عبد الله وأبو أمامة بن سهل بن حنيف وسليمان بن يسار وابن المسيب وعمرة بنت عبد الرحمن وعبد الله بن أبي سلمة ربيعة وغيرهم من أهل العلم في المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها لا نفقة لها حسبها ميراثها وقال عبدالرحمن بن القاسم : سمعت مالكا وسئل عن رجل تزوج بمكة ثم خرج منها فوكل وكيلا أن يصالح عنه امرأته فصالحها الوكيل ثم قدم الزوج قال : قال مالك : الصلح جائز عليه قلت : أرأيت إن وكل رجلين على أن يخلعا امرأته فخلعها أحدهما ؟ قال : لا يجوز ذلك لأنه لو وكلهما جميعا يشتريان له سلعة من السلعة أويبيعان له سلعة من السلع ففعل ذلك أحدهما دون صاحبه إن ذلك غير جائز
ما جاء في خلع غير مدخول
قلت : أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة على مهر مائة دينار فدفع إليها المائة فخالعته قبل البناء بها على أن دفعت إليه غلامها هل يرجع إليها بنصف المائة أم لا ؟ قال ابن القاسم : أرى أن ترد المائة كلها وذلك أني سمعت مالكا وسئل عن رجل تزوج امرأة بمهر مسمى فافتدت منه بعشرة دنانير تدفعها إليه قبل أن يدخل بها على أن يخلي سبيلها ففعل ثم أرادت أن تتبعه بنصف المهر قال : ذلك ليس لها قال مالك : هو لم يوص أن يخلي سبيلها حتى يأخذ منها فكيف تتبعه ؟ قال : وسمعت الليث يقول ذلك قال ابن
القاسم : ولم نسأل إن كان ينقدها أو لم ينقدها قال ابن القاسم : وسواء عندي نقدها أو لم ينقدها ومما يبين أن لو كان نقدها ثم دعته إلى متاركتها ومبارأتها ففعل لوجب عليها إن كانت أخذت الصداق أن ترده كله فهي حين زادته آخران لا يمسك من المهر شيئا إن كانت قبضته لوكان يكون لها أن تتبعه إذا أعطته لكان يكون لها أن تتبعه إذا لم تعطه وهما إذا اصطلحا قبل أن يدخل بها أو يتفرقا على وجه المبارأة من أحدهما لصاحبه مما لا شك فيه أنها لا تحبس شيئا مما كان نقدها ولم تتبعه بشيء إن كان لم ينقدها فهو حين أنه لم يرض أن يتاركها أو يبارئها حتى أخذ منها أحرى أن لا تتبعه في الوجهين جميعا ولكن لو أن رجلا قد تزوج امرأة وسمى لها صداقها فسألته قبل أن يدخل أن يطلقها على أن تعطيه شيئا من صداقها كان له ما أعطته من صداقها ورجعت عليه فيما بقي بنصف ما بقي من صداقها إن كان لم ينقدها وإن كان قد نقدها رجع عليها بنصف ما بقي في يديها بعد الذي أعطته من صداقها وإن كانت إنما قالت طلقني تطليقة ولك عشرة دنانير فإنه إن كان لم يستثن ذلك من صداقها فإنها تتبعه بنصف المهر إن كان لم ينقدها إياه ويتبعها بنصف المهر إن كان قد نقدها إياه سواء الذي أخذ منها أو أخذته منه وإنما اشترت منه طلاقها ومما يبين ذلك لك أن لو قالت له طلقني قبل أن يدخل بها ولم تأخذ منه شيئا أتبعه بنصف الصداق وإن كان لم ينقده إياها وأتبعها بنصف
الصداق وإن كان نقده إياها وإنما اشترت منه طلاقها بالذي أعطته فكما كان في الخلع إن لم تعطه شيئا واصطلحا على أن يتفرقا وعلى أن يتتاركا فلم يكن لها شيء من صداقها أعطته أو لم تعطه فكذلك إذا أعطته شيئا سوى ذلك أجزأ إلا أن يكون لها من
صداقها شيء لأنه لم يكن يرضى أن يخالعها إلا بالذي زادته من ذلك وكما كان يكون لو طلقها كان له نصف الصداق قبضته أو لم تقبضه فكذلك يكون لها نصف الصداق عليه إذا اشترت منه طلاقها فهما وجهان بينان والله أعلم
قلت : هل يحل للزوج أن يأخذ من امرأته أكثر مما أعطاها في الخلع ؟ قال : قال مالك : نعم قال : وقال مالك : لم أزل أسمع من أهل العلم وهو الآمر المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا لم يصل للمرأة ولم يأت إليها ولم تؤتى المرأة من قبله وأحبت فراقه فإنه يحل له أن يقبل منها ما افتدت به وقد فعل ذلك النبي بامرأة ثابت بن قيس بن شماس حين جاءت فقالت : لا أنا ولا ثابت لزوجها وقالت يا رسول الله كلما أعطاني عندي وافر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ خذ منها ] فأخذ منها وترك وفي حديث آخر ذكره ابن نبهان حين تحاكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : [ أتريدين إليه حديقته ] ؟ قالت : نعم وأزيده فأعاد ذلك ثلاث مرات فقال عند الرابعة : [ ردي عليه حديقته وزيديه ] وذكر أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين قال : جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب تشتكي زوجها فحبست في بيت فيه زبل فباتت فلما أصبحت بعث إليها فقال : كيف بت الليلة ؟ فقالت : ما بت ليلة أكون فيها أقر عينا من الليلة فسألها عن زوجها فأثنت عليه خيرا وقالت إنه وإنه ولكن لا أملك غير هذا فأذن لها عمر في الفداء
سفيان الثوري والحارث عن أيوب بن أبي تميمة عن كثير مولى سمرة نحو هذا الحديث وقد قال عمر لزوجها اخلعها ولو من قرطها قال مالك : ولم أر أحدا ممن يقتدى به يكره أن تفتدى المرأة بأكثر من صداقها وقد قال الله : { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } ( البقرة : 229 )
قال مالك : وإن مولاة لصفية اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر وقال ربيعة وأبو الزناد لا جناح عليه أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها وقال مالك في التي تفتدى من زوجها أنه إذا علم أن زوجها أضر بها أو ضيق عليها وأنه لها ظالم مضى عليه الطلاق ورد عليها مالها وهذا الذي كنت أسمع والذي عليه الأمر عندنا
يونس عن ابن شهاب أنه قال : إن كانت الإساءة من قبلها فله شرطه وإن كانت من قبله فقد فارقها ولا شرط له مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول إذا لم تؤت المرأة من قبل زوجها حل له أن يقبل منها الفداء عمرو بن الحارث عن ابن شهاب أنه قال : ترى أن من الحدود التي قال الله أن يكون في العشرة بين المرأة وزوجها إذا استخفت بحق زوجها فنشزت عليه وأساءت عشرته وأحنثت قسمه أو خرجت بغير إذنه أو أذنت في بيته لمن يكره أوأظهرت له البغض فنرى أن ذلك مما يحل به الخلع ولا يصلح لزوجها خلعها حتى يؤتى من قبلها فإذا كانت هي تؤتى من قبله فلا نرى خلعها يجوز ابن لهيعة عن ابن الأشج أنه قال : لا بأس بما صالحت عليه المرأة إذا كانت ناشزا قال بكير : ولا أرى امرأة أبت أن تخرج مع زوجها إلى بلد إلا ناشزة
قلت : أرأيت إن قال لها أنت طالق على عبدك هذا فقامت من مجلسها ذلك قبل أن تقبل ثم قالت بعد ذلك خذ العبد وأنا طالق ؟ قال : هذا في قول مالك لا شيء لها إلا أن تقول : قد قبلت قبل أن يتفرقا قلت : أرأيت إن قال لها إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق ثلاثا أيكون ذلك لها متى ما أعطته ألف درهم فهي طالق ثلاثا ؟ قال : قال مالك : من قال لامرأته أمرك بيدك متى ما شئت أو إلى شهر فأمرها بيدها إلى ذلك الأجل إلا أن توقف قبل ذلك فتقضي أو ترد أو يطأها قبل ذلك فيجعل الذي كان في يدها من ذلك بالؤطء إذا أمكنته ولا يكون لها أن تقضي بعد ذلك قلت : أرأيت لو أنها أعطته شيئا على أن يطلق ويشترط رجعته ؟ قال : إذا يمضي عليه الخلع وتكون الرجعة باطلا لأن شروطه لا تحل لأن سنة الخلع أن كل من طلق بشيء ولم يشترط شيئا ولم يسمه من الطلاق كان خلعا والخلع واحدة بائنة لارجعة له فيها وهي تعتد عدة المطلقة فإن أراد وأرادت نكاحه إن لم تكن مضت منه قبل ذلك إن كان عبدا تطليقة أوحرا تطليقتان وهي في عدة منه فعلا لأن الماء ماؤه بوجه الماء المستقيم بالوطء الحلال ليس بوطء الشبهة قلت : فإن لم يسميا طلاقا وقد أخذ منها الفداء وانقلبت إلى أهلها وقالا ذاك بذاك ؟ فقال : هو طلاق الخلع قلت : فإذا سميا طلاقا قال : إذا يمضي ما سميا من الطلاق قلت : فإن اشترط أنها إن طالبت شيئا رجعت زوجا له ؟ قال : لا مردودة لطلاقه إياها ولا يرجع إلا بطلاق جديد كما ينبغي النكاح من الولي والصداق والأمر المبتدأ وقد قال مالك : شروطه باطلة والطلاق لازم وقد قال مالك أيضا فيما يشترط عليها في الخلع إن خالعها واشترط رجعتها أيكون له أن الخلع ماض ولا رجعة له عليها ؟ قال : الليث قال يحيى بن سعيد كان عثمان بن عفان يقول كل فرقة كانت بين زوج وامرأة بخلع فارقها ولم يسم لها صداقا فإن فرقتهما واحدة بائنة يخطبها إن شاء فإن أخذ منها شيئا على أن يسمى فسمى فهو على ما سمى إن سمى واحدة فواحدة وإن سمى اثنتين فاثنتين وإن سمى أكثر من ذلك فهو على ما سمى قال ابن شهاب ولا ميراث بينهما وقد قال ذلك عثمان بن عفان وسليمان بن يسار وربيعة وابن شهاب وابن قسيط
قال ابن المسيب : ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس وذكر له شأن حبيبة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لها تردين إليه حديقته ؟ فقالت : نعم فقال ثابت ويطيب ذلك لي فقال : نعم قال : قد فعلت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ اعتدي ] ثم التفت إليه فقال : هي واحدة قلت : أرأيت إن خالعها الزوج وهو ينوي بالخلع ثلاثا قال : يلزمه الثلاث في
قول مالك قلت : أرأيت إن قالت : أخالعك على أن أكون طالقا تطليقتين وفعل أتلزمه التطليقتان في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت لو لم يكن للمرأة على الزوج دين ولا مهر فقال الزوج أخالعك على أن أعطيك مائة درهم فقبلت أيكون هذا خلعا وتكون تطليقة بائنة لا يملك رجعتها ؟ قال : قال مالك : نعم تكون تطليقه بائنة لا يملك رجعتها قال : قال مالك : لو لم يعطها الزوج شيئا فخالعها فهي بذلك أيضا بائن وقال غيره فقيل له فالمطلق طلاق الخلع أو واحدة بائنة هي أم واحدة وله عليها الرجعة أو البتة ؟ قال : بل البتة لأنه لا تكون واحدة بائنة أبدا إلا بخلع وإلا فقد طلقها طلاق البتة لأنه ليس له دون البتة طلاق يمين إلا بخلع وصار كمن قال لزوجته التي دخل بها أنت طالق طلاق الخلع ومن قال ذلك فقد أدخل نفسه في الطلاق البائن ولا تقع في الطلاق البائن إلا بخلع أو يبلغ به القرض الإقضاء وهي البتة وقد روى ابن وهب عن مالك وابن القاسم : في رجل طلق امرأته وأعطاها وهو أبو ضمرة أنه قال : إنها طلقة تملك الرجعة وليس بخلع وروى غيره أنه قال : تبين بواحدة وأكثر الرواة على أنه غير بائن لأنه إنما يختلع بما يأخذ منها فيلزمه بذلك سنة الخلع فأما من لم يأخذ منها فليس بخلع وإنما هو رجل طلق وأعطى فليس بخلع
قلت : أرأيت الخلع والمبارأة عند السلطان أوغير السلطان في قول مالك جائز أم لا ؟ قال : لا يعرف مالك السلطان قال : فقلنا لمالك أيجوز الخلع عند غير السلطان ؟ قال : نعم جائز قلت : أرأيت إن اختلعت المرأة من زوجها على أن يكون الولد عند أبيهم أيكون ذلك للأب أم لا يجوز هذا الشرط في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ذلك للأب والشرط جائز إلا أن يكون ذلك يضر بالصبي مثل أن يكون يرضع وقد علق أمه فيخاف عليه إن نزع منها أن يكون ذلك مضرا به فليس ذلك له قال ابن القاسم : وأرى له أخذه إياه منها بشرطه إذا خرج من حد الإضرار به والخوف عليه قلت : أرأيت إن اختلعت من زوجها على أنه لا سكنى لها على الزوج ؟ قال : إن كان إنما شرط عليها أن عليها كراء المسكن الذي تعتد فيه وهي في مسكن بكراء فذلك جائز وإن كان شرط عليها إن كانت في مسكن الزوج أن عليها كراء المسكن وهو كذا وكذا درهما كل شهر فذلك جائز وإن كان إنما شرط عليها حين قال ذلك على أنه لا سكنى لك على أن تخرج من منزله الذي تعتد فيه وهو مسكنه فهذا لا يجوز ولا يصلح في قول مالك وتسكن بغيرشيء والخلع ماض قلت : أرأيت إن وقع الشرط فخالعها أن لا سكنى لها عليه على أن تخرج من منزله ؟ قال : قال مالك : كل خلع وقع بصفقة حلال وحرام كاد الخلع جائزا ورد منه الحرام قلت : فهل يكون للزوج على المرأة شيء فيما ردت من ذلك في قول مالك ؟ قال : لا قال ابن القاسم : قال مالك في الرجل يكون له على امرأته دين إلى أجل أو يكون للمرأة على الزوج دين إلى أجل فخالعها على أن يعجل الذي عليه الدين للذي له الدين دينه قبل محل أجل الدين قال مالك : الخلع جائز والدين إلى أجله ولا يعجل وقد قيل إن الدين إذا كان عليه إلى أجل فليس بخلع وإنما هو رجل أعطى وطلق فالطلاق فيه واحدة وهو يملك الرجعة وهذا إذا كان الدين عينا وهو مما يجوز للزوج أن يعجله قبل محله وأما إن كان الدين عرضا أو طعاما أو مما لا يجوز للزوج أن يعجله إلا برضا المرأة ولا تستطيع المرأة قبضه إلا برضا الزوج فهذا الذي يكون بتعجيله خلعا ويرد إلى أجله وإنما طلاقه إياها على أن يعجل ذلك لها فهو لو زادها درهما أو عرضا سواه على أن يعجل ذلك لها لم يحل وكان ذلك حراما ويرد الدين إلى أجله وأخذ منها ما أعطاها لأنه يقدر على رده وأن الطلاق قد مضى فلا يقدر على رده ويرد الدين إلى أجله لأنه إنما طلق على أن يحط عنه الضمان الذي كان عليه إلى أجل فأعطاها الطلاق لأخذ ما لا يجوز له أخذه فألزم الطلاق ومنع الحرام ألا ترى لو أنه طلقها على أن تسلفه سلفا ففعل أن الطلاق يلزمه ويرد السلف لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سلف جر منفعة
قلت : أرأيت إن خالع رجل امرأته على أن أعطته خمرا ؟ قال : الخلع جائز ولا شيء له من الخمر عليها فإن كان قد أخذ الخمر منها كسرت في يده ولا شيء له عليها قال : وسمعت مالكا يقول في رجل خالع امرأته على أن أسلفته مائة دينار سنة فقال مالك : يرد السلف إليها وقد ثبت الخلع ولا شيء له عليها قلت : أرأيت إن اختلعت امرأة من زوجها على أن نفقة الزوج عليها أو نفقة الولد ؟ قال : سمعت مالكا يقول إذا اختلعت امرأة من زوجها على أن ترضع ولدها منه سنين وتنفق عليه إلى فطامه فذلك جائز وإن ماتت كان الرضاع في مالها والنفقة عليها في مالها وإن اشترط عليها نفقة الولد بعد الحولين وضرب لذلك أجلا أربع سنين أو ثلاث سنين فذلك باطل وإنما النفقة على الأم والرضاع في الحمل وفي الحولين فأما ما بعد الحول والحولين فذلك موضوع عن المرأة وإن اشترطه عليها الزوج قال : وأفتى مالك بذلك وقضى به وقد قال المخزومي وغيره إن الرجل يخالع بالغرر ويجوز له أخذه وأما بعد الحولين غرر ونفقة الزوج غرر فالطلاق يلزم والغرر له يأخذها به ألا ترى أنه يخالع على الآبق والجنين والثمر الذي لم يبد صلاحه ؟ قلت : فهل يكون للزوج عليها فيما شرط عليها من نفقة ولده سنين بعد الرضاع شيء إذا أبطلت شرطه ؟ قال : ما رأيت مالكا يجعل له عليها لذلك شيئا ؟ قال : وقلت لمالك : فإن مات الولد قبل الحولين أيكون للزوج على المرأة شيء ؟ قال : قال مالك : ما رأيت أحدا طلب ذلك فرددناها عليه فقال : ما رأيت أحدا طلب ذلك قال : ورأيت مالكا يذهب إلى أنها إنما أبرأته من مؤنة ابنه في الرضاع حتى تفطمه فإذا هلك قبل ذلك فلا شيء للزوج عليها قال : فمسألتك التي سألت عنها حين خالعها على شرط أن تنفق على زوجها سنة أو سنتين أرى أن لا شيء له
قلت : ما الخلع وما المبارأة وما الفدية ؟ قال : قال مالك : المبارأة التي تبارىء زوجها قبل أن يدخل بها فتقول خذ الذي لك فتاركني ففعل فهي طلقة وقد قال ربيعة : ينكحها إن لم يكن زاد على المبارأة ولم يسم طلاقا ولا البتة في المبارأة قال مالك : والمختلعة التي تختلع من كل الذي لها والمفتدية التي تعطيه بعض الذي لها وتمسك بعضه قال مالك : وهذا كله سواء قلت : أرأيت إن قالت المرأة للزوج : اخلعني على ألف درهم أو بارئني على ألف درهم أو طلقني على ألف درهم أو بألف درهم ؟ فقال : أما قول على ألف أو بألف فهو عندنا سواء ولم يسأل عن ذلك مالك ولكنا سمعنا مالكا يقول في رجل خالع امرأته على أن تعطيه ألف درهم فأصابها غريمه مفلسة قال مالك : الخلع جائز والدراهم دين على المرأة يتبعها بها الزوج وإنما ذلك إذا صالحها بكذا وكذا ويثبت الصلح
قال ابن القاسم : والذي سمعت من قول مالك في الرجل يخالع امرأته أنه إذا ثبت الخلع ورضي بالذي تعطيه له يتبعها به فذلك الذي يلزمه الخلع فيكون ذلك دينا عليها فأما من قال لامرأته إنما أصالحك على أن أعطيتني كذا وكذا تم الصلح بيني وبينك فلم تعطه فلا يلزمه الصلح قلت لابن القاسم : أرأيت لوأن رجلا قال لرجل طلق امرأتك ولك علي ألف درهم فطلقها أتجب له الألف درهم على الرجل في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : الألف واجبة للزوج على الرجل قلت : أرأيت إن قالت بعني طلاقي بألف درهم ففعل أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت لو أن امرأة قالت لزوجها اخلعني ولك ألف درهم فقال : قد خالعتك أيكون له الألف عليها وإن لم تقل المرأة بعد قولها الأول شيئا ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : نعم قلت : إذا أتبع الخلع طلاقا ؟ فقال لها بعد فراغها من الصلح أنت طالق قال : قال مالك : إذا أتبع الخلع بالطلاق ولم يكن بين ذلك سكوت أو كلام يكون قطعا بين الصلح وبين الطلاق الذي تكلم به فالطلاق لازم للزوج فإن كان بينهما سكوت أو كلام يكون قطعا لذلك فطلقها فلا يقع طلاقه عليها وقد قال عثمان الخلع مع الطلاق اثنتين وقد قال ابن أبي سلمة إذا لم يكن بينهما صمات ومن فعل ذلك فقد أخطأ السنة وإنما الخلع واحدة إذا لم يسم طلاقا وقال عبدالرحمن بن القاسم وابن قسيط وأبو الزناد في رجل خالع امرأته ثم طلقها في مجلسه ذلك تطليقتين فقالوا تطليقتاه باطل قال ابن قسيط طلق ما لا يملك قال ابن بكير وقاله ابن عبد الله بن أبي سلمة وقال ابن عباس وابن عبد الله بن الزبير والقاسم وسالم وربيعة ويحيى بن سعيد طلق ما لا يملك قال ربيعة : طلاقة كطلاق امرأة أخرى فليس له طلاق بعد الخلع ولا يعد عليه ؟ وقال يحيى وليس يرى الناس ذلك شيئا
قلت : أرأيت لو أن امرأة اختلعت من زوجها بألف درهم دفعتها إليه ثم إن المرأة أقامت البينة أن زوجها قد كان طلقها قبل ذلك ثلاثا البتة أترجع عليه فتأخذ الألف منه أم لا في قول مالك ؟ قال : ترجع عليه فتأخذ منه الألف وذلك أن مالكا سئل فيما بلغني
عن امرأة دعت زوجها إلى أن يصالحها فحلف بطلاقها البتة إن صالحها فصالحها بعد ذلك قال : قد بانت منه ويرد إليها ما أخذ منها وكذلك لوخالعها بمال أخذه منها ثم انكشف أنه تزوجها وهو محرم أو أخته من الرضاعة أو مثل ذلك مما لا يثبت فإن هذا كله لا شيء فيه لأنه لم يرسل من يده شيئا بما أخذ ألا ترى أنه لم يكن يقدر على أن يثبت على حال قلت : فلو انكشف أن بها جنونا أو جذاما أوبرصا ؟ قال : هذا إن شاء أن يقيم على النكاح أقام عليه ألا ترى أنه إذا كان إن شاء أن يقيم على النكاح أقام كان خلعه ماضيا ألا ترى أنه ترك به من المقام على أنها زوجه ما لوشاء أقام عليه ألا ترى أنه إذا تركها بغير الخلع لما أغرته كان فسخا بالطلاق قلت : فإن انكشف أن بالزوج جنونا أو جذاما أو برصا ؟ قال : قال : لا يكون له من الخلع شيء
قلت : ومن أين وهو فسخ بطلاق ؟ قال : ألا ترى أنها أعطته شيئا على خروجها من يده ولها أن تخرج من يده بغير شيء أولا ترى أنه لم يرسل من يده شيئا بما أخذ إلا وهي أملك بما في يده منه ؟ قلت : أرأيت لو أن رجلا قالت له امرأته قد كنت طلقتني أمس على ألف درهم وقد كنت قبلت قبل ذلك وقال الزوج قد كنت طلقتك على ألف درهم ولم تقبلي ؟ قال : القول قول المرأة لأن مالكا قال في رجل ملك امرأته مخليا في بيته وذلك في المدينة فخرج الرجل عنها ثم أتى ليدخل عليها فأغلقت الباب دونه وقالت قد ملكتني واخترت نفسي وقال الزوج ملكتك ولم تختاري فاختلف فيها بالمدينة فسأل الرجل مالكا عن ذلك فقال : أرى إن القول قولها لأنك قد أقررت بالتمليك وأنت تزعم أنها لم تقض فأرى القول قولها قلت : إنما جعل مالك القول قولها لأنه يرى أن لها أن تقضي وأن يفرقا في مجلسهما قال : لا ليس لها ذا قال : وقد أفتى مالك هذا الرجل بما أخبرتك من فتياه قبل أن يقول في التمليك بقوله الآخر وإنما أفتاه وهو يقول في التمليك بقوله الأول إذا كان يقول إن لها أن تقضي ما قامت في مجلسها قال : وإنما رجع إلى هذا القول إن لها أن تقضي وإن أقامت من مجلسها في آخر عام فارقناه وكان قوله قبل ذلك إذا تفرقا فلا قضاء لها إذا كان قد أمكنها القضاء في ذلك قبل قيام زوجها
قلت : أرأيت إن تصادقا في الخلع واختلفا في الجعل الذي كان به الخلع فقالت المرأة خلعني بهذه الجارية وقال الزوج بل خلعتك بهذه الدار وهذه الجارية وهذا العبد ؟ قال : ما في قول مالك الخلع جائز ولا يكون للزوج إلا ما أقرت به المرأة من ذلك وتحلف إلا أن يكون له بينة على ما ادعيا من ذلك لأن مالكا قال في رجل صالحته امرأته فيما بينها وبينه ووجب ذلك بينهما على شيء أعطته ثم أنه خرج ليأتي بالشهود فيشهدوا فيما بينهما فجحدت المرأة الصلح وأن تكون أعطته على ذلك شيئا قال مالك : تحلف المرأة ويثبت الخلع ولا يكون له من المال الذي ادعى شيء ويفرق بينهما لأنه قد أقر بفراقها قلت : أرأيت لو أن رجلا ادعى على أنه خلع امرأته على ألف درهم والمرأة تنكر الخلع فأقام الرجل شاهدا واحدا أنه خلعها على ألف درهم أيحلف مع شاهده ويستحق هذه الألف ؟ ههنا قول مالك أن ذلك له
خلع الأب عن ابنه وابنته
قلت : أرأيت ما حجة مالك حين قال : يجوز خلع الأب والوصي على الصبي ويكون ذلك تطليقه ؟ قال : جوز ذلك مالك من وجه النظر للصبي ألا ترى أن إنكاحهما إياه عليه جائز فكذلك خلعهما ؟ قال ابن القاسم : وإنه ممن لو طلقها لم يجز طلاقه فلما لم يجز طلاقه كان النظر في ذلك بيد غيره وإنما أدخل جواز طلاق الأب والوصي بالخلع على الصبى حين صارا عليه مطلقين وهو لا يقع على الصبي أن يكون ممن نكره لشيء ولا يجب له ما رأى الأب له أو الوصي من الحظ في أخذ المال له كما يعقدان عليه وهو ممن لم يرغب ولم يكره لما ير بأن له فيه من الحظ من النكاح في المال من المرأة الموسرة والذي له فيها من نكاحها من الرغبة فينكحانه وهو كاره لما دخل ذلك من سبب المال فكذلك يطلقان عليه بالمال وسببه
قلت : فإن كبر اليتيم واحتلم وهو سفيه أو كان عبدا زوجه سيده بغير أمره وذلك جائز عليه أو بلغ الابن المزوج وهو صغير بلغ الحلم وهو سفيه أو زوج الوصي اليتيم وهو بالغ سفيه بأمره ؟ قال : إن بالغا عبدا أو يتيما أو آتيا بالطلاق ويكرهه ويكون ممن لو طلق ووليه أو سيده أو أبوه كارها لمضى طلاقه ويلزمه فعله منه لم يكن للسيد في العبد ولا للأب في الابن ولا للوصي في اليتيم أن يخالع عنه لأن الخلع إنما يكون بطلاق وهو ليس إليه طلاق ابن وهب وقد قال مالك في الرجل يزوج يتيمه وهو في حجره أنه يجوز له أن يبادي عليه ما لم يبلغ الحلم إن رأى ذلك خيرا لأن الوصي ينظر ليتيمه ويجوز أمره عليه وإنما ذلك ضيعة لليتيم ونظر له ألا ترى أن مالكا قال لما صار الطلاق بيد اليتيم لم يجز له صلحه عليه كما أن الطلاق بيد العبد ليس بيد السيد وإن كان قد كان جائزا للسيد أن يزوجه بلا مبارأة فكل من ليس بيده طلاق فنظر وليه له نظر ويجوز فعله عليه لما يرى له من الغبطة في المال قلت : فعبده الصغير هل يزوجه ؟ قال : ليس ممن له أذن وله أن يزوجه وإذا زوجه لم يكن له أن يطلق عليه إلا بشيء خلع يأخذه ألا ترى أن مالكا يقول لا يجوز للأب أن يطلق على ابنه الصغير وإنما يجوز له أن يصالح عنه ويكون تطليقة بائنة وإنما لم يجز طلاقه لأنه ليس بموضع نظر له في أخذ شيء وقد تزوج الابن بالتفويض فلا يكون شيء فإنما يدخل الطلاق بالمعنى الذي منه دخل النكاح للغبطة فيما يصير إليه ويصير له وإن كان قد روى عن مالك في الرجل يزوج وصيفه وصيفته ولم يبلغا جميعا أن ذلك جائز وإن فرق السيد بينهما على وجه النظر والاجتهاد ما لم يبلغا فذلك جائز لأن الفرقة والاجتماع إليه ما كانا صغيرين وقال ابن نافع : ولا يجوز من ذلك إلا ما كان على وجه الخلع قلت : أيجوز للأب أن يخالع عن ابنته الصغيرة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ذلك جائز ولا يجوز لأحد أن يزوج صبية صغيرة أو يخلعها من زوجها ولا يجوز له أن ينكحها إذا كانت صغيرة فإن بلغت فأنكحها الوصي من الرجل برضاها فذلك جائز قال مالك : والوصي أولى بإنكاحها إذا هي بلغت من الأولياء إذا رضيت وليس له أن يجبرها على النكاح كما يجبرها الأب وليس لأحد من الأولياء أن يجبرها على النكاح إلا الأب واحدة إذا كانت بكرا
قال مالك : وقد فرق ما بين مبارأة الوصي عن يتيمه ويتيمته أن الوصي لا يزوج يتيمته إلا بإذنها بعد بلوغها فلذلك يبارىء عن يتيمه ولا يبارىء عن يتيمته إلا برضاها وقال ابن نافع : قال مالك : لا أرى بأسا أن يبارىء الخليفة عن الصبية زوجها إذا كان أبوها هو الذي أنكحها إذا كان ذلك منه على وجه الاجتهاد والنظر لها على وجه المبارأة فيمضي ذلك وليس للصغيرة إذا كبرت أن ينزع عن ذلك وكذلك يتيمه ما لم يبلغ يتيمه الحلم
قلت : أرأيت إن خالعها الأب وهي صبية صغيرة على أن يترك لزوجها مهرها كله أيكون ذلك جائزا على الصبية في قول مالك ؟ قال : نعم وقال ابن القاسم : قال مالك : إذا زوج الرجل ابنته وهي ثيب من رجل فخلعها الأب من زوجها على أن ضمن الصداق للزوج وذلك بعد البناء فلم ترض الثيب أن تتبع الأب قال مالك : لها أن تتبع الزوج وتأخذ صداقها من الزوج ويكون ذلك للزوج على الأب دينا يأخذه من الأب قال مالك : وكذلك الأخ في هذا هو بمنزلة الأب
قلت لابن القاسم : وكذلك الأجنبي قال : نعم ابن وهب عن يونس بن يزيد أنه سأل ربيعة عن بنت الرجل تكون عذراء أو ثيبا أيبارىء أبوها عنها وهي كارهة قال : أما هي تكون في حجر أبيها فنعم وأما هي تكون ثيبا فلا وقال أبو الزناد : إن كانت بكرا في حجر أبيها فيكون أمره فيها جائزا يأخذ لها ويعطي عليها وقاله يحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح قال يحيى بن سعيد ولا يجوز أمر الأخ على أخته البكر إلا برضاها قال يحيى وتلك السنة ابن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن ابن قسيط وعبد الله بن أبي سلمة وعمرو بن شعيب بنحو ذلك
في خلع الأمة وأم الولد والمكاتبة
قلت : أرأيت إن اختلعت الأمة من زوجها على مال ؟ قال : قال مالك : الخلع جائز والمال مردود إذا لم يرض السيد قلت : أرأيت إن أعتقت الأمة بعد ذلك هل يلزمها ذلك المال ؟ قال : لا يلزمها شيء من ذلك قلت : أرأيت أم الولد إذا اختلعت من زوجها بمال من غير إذن سيدها أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال ابن القاسم : لا يجوز ذلك قال وهي عندي بمنزلة الأمة التي قال مالك فيها أنه لا يجوز خلعها إذا رد ذلك سيدها لا يجوز قال وقال مالك : أكره أن ينكح الرجل أم ولده قال مالك : وسمعت ربيعة يقول ذلك قلت : أرأيت إن أنكحها وهو جاهل أيفسد نكاحه ؟ قال : لم أوقف مالكا على هذا الحد قال ابن القاسم : ولا أرى أن يفسخ نكاحهما إلا أن يكون من ذلك أمر يبين ضررها بها فأرى أن يفسخ
قلت : أرأيت المكاتبة إذا أذن لها سيدها أن تختلع من زوجها بمال تعطيه إياه أيجوز هذا أو أذن لها أن تتصدق بشيء من مالها أيجوز هذا ؟ قال : قول مالك إنه جائز إذا أذن لها وقال ربيعة تختلع الحرة من العبد ولا تختلع الأمة من العبد إلا بإذن أهلها ابن وهب عن معاوية بن صالح أنه سمع يحيى بن سعيد يقول إذا افتدت الأمة من زوجها بغير إذن سيدها رد الفداء ومضى الصلح
خلع المريض
قلت : أرأيت إن اختلعت منه في مرضه فمات من مرضه ذلك أترثه في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : نعم ترثه قلت : وكذلك إن جعل أمرها بيدها أو خيرها فطلقت نفسها وهو مريض أترثه في قول مالك ؟ قال : قال مالك : نعم ترثه قلت : ولم وهو لم يفر منها إنما جعل ذلك إليها ففرت بنفسها ؟ قال : قال مالك : كل طلاق وقع في مرض فالمبارأة للمرأة إذا مات من ذلك المرض وبسببه كان ذلك لها قلت : أرأيت إن اختلعت المريضة من زوجها في مرضها من جميع مالها أيجوزهذا في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : لا يجوز ذلك قلت : أيرثها ؟ قال : قال مالك : لا يرثها قال ابن القاسم : وابن نافع وأنا أرى إن كان صالحها على أكثر من ميراثه منها إن ذلك غير جائز وإن كان صالحها على أكثر من ميراثها أو مثله أو أقل من ميراثه منها فإن ذلك جائز قلت : ولا يتوارثان ؟ قال : لا قلت : أرأيت إن اختلعت المرأة بمالها من زوجها والزوج مريض أيجوز ذلك في قول مالك ؟ قال : نعم ذلك جائز ولها الميراث إن مات ولا ميراث له منها إن ماتت هي قلت : لم ؟ قال : لأن من طلق امرأته في مرضه فهو فار وإن ماتت المرأة لم يرثها الزوج وإن مات الزوج ورثته المرأة فلذلك كان ذلك في الصلح أيضا وما اختلعت به منه فهو له وهو مال من ماله لا ترجع بشيء منه ابن وهب عن يونس أنه سأل ربيعة عن المرأة هل يجوز لها أن تختلع من زوجها وهي مريضة ؟ قال : لا يجوز خلعها ولو جاز ذلك لم تزل امرأة توصي لزوجها حين تستيقن بالموت إلا فعلت
قال ابن نافع : إن الطلاق يمضي عليه ولا يجوز له من ذلك إلا قدر ميراثه مثل ما فسر ابن القاسم قال : وقال ابن نافع قال مالك : ويكون المال موقوفا حتى يصح أو يموت قلت : أرأيت إن جعل أمرها بيدها في مرضه فاختارت نفسها فماتت أيرثها في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يرثها قلت : فإن مات هو أترثه ؟ قال : قال مالك : ترثه قال مالك : وكل طلاق كان في المرض بأي وجه ما كان فإن الزوج لا يرث فيه امرأته إن ماتت وهي ترثه إن مات قال مالك : لأن الطلاق جاء من قبله قلت : فإذا خالعها برضاها لم جعل مالك لها الميراث ؟ قال : لأن مالكا قال : وإذا جعل أمرها بيدها فاختارت نفسها فلها الميراث قلت : لم جعل مالك لها الميراث ؟ قال : لأن مالكا قال : إذا كان السبب من قبل الزوج فلها الميراث
ما جاء في الصلح
قلت : أرأيت إن صالحها على أن أخرت الزوج بدين لها عليه إلى أجل من الآجال ؟ قال : قال مالك : الصلح جائز ولها أن تأخذه بالمال حالا ولا تؤخره إلى الأجل الذي أخرته إليه عند الصلح قلت : أرأيت إن صالحها على ثمر لم يبد صلاحه ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا ما أخبرتك من السلف والذي ذكرته لك أن مالكا قال : كل صفقة وقعت بصلح حرام فالصلح جائز ويرد الحرام فأرى إذا أعطته ثمرا قبل أن يبدو صلاحه على أن خالعها فالخلع جائز والثمر للزوج
قال ابن القاسم : وقد بلغني أن مالكا أجازه وإن صالحها بثمر لم يبد صلاحه أو بعبد آبق أو بجنين في بطن أمه فأجازه مالك وجعل له الجنين يأخذه بعد الوضع والآبق يتبعه والثمرة يأخذها وأنا أراه جائزا قال ابن القاسم : ولا يكون للزوج على المرأة إذا رد إليها مالها الذي أخرته على الزوج حين صالحته أو أسلفته إلى أجل على أن صالحها فرد ذلك عليها مكانه ولم يترك إلى أجله قال ابن القاسم : ولا يكون للزوج عليها صداق مثلها ولا غير ذلك قال ابن القاسم : فكذلك عندي أنه لا يكون للزوج على المرأة صداق مثلها في شيء من ذلك مما لا يجوز في الصلح مما يرد على المرأة ويمضي عليه الخلع
في مصالحة الأب على ابنه الصغير
قلت : أرأيت الصبي أيجوز عليه طلاق الأب ؟ قال : قال مالك : لا يجوز عليه طلاق الأب ويجوز صلح الأب عنه ويكون تطليقة قال مالك : وكذلك الوصي إذا زوج يتيمه عنده صغيرا جاز نكاحه ويجوز أن يصالح امرأته عنه ويكون هذا الصلح من الأب والصلح تطليقة على الصبي وإن طلق الوصي امرأة يتيمه لم يجز قلت : أيجوز أن ينكح الصبي أو يطلق عليه أحد من الأولياء سوى الأب ؟ قال : لم يقل لي مالك أنه يجوز على الصبي فى النكاح والصلح عنه إلا الأب أو الوصي قال ابن القاسم : وأنا أرى إن كان هذا اليتيم لا وصي له يجعل القاضي له خليفة يقوم بأمره فزوجه أو صالح عليه أرى أن يجوز كما يجوز لوصي الأب
قلت : فإن كان الأب هو الذي زوج الابن فمات وابنه صغير ثم صالح عنه الوصي امرأة الصبي أيجوز هذا الصلح على الصبي ويكون تطليقة ؟ قال : نعم قلت : وهذا قول مالك إن الأب إذا صالح على الصبي امرأة الصبي أو الوصي فذلك تطليقة ثابتة على الصبي إن كبر بعد اليوم فتزوجها وهو صغير ثم كبر فطلقها تطليقتين لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الجارية أن زوجها أبوها ولم تحض ومثلها يجامع فجامعها زوجها ثم صالح الأب الزوج على أن ترد صداقها للزوج أيكون ذلك جائزا على الجارية أم لا في قول مالك ؟ قال : سمعت مالكا يقول في البنت الصغيرة التي لم تحض وقد دخل بها زوجها أن لأبيها أن يزوجها كما يزوج ابنته البكر فمسألتك في الأب أن صالح عنها زوجها ولم تحض وهي بنت صغيرة بعد أن ذلك جائز عليها وإن كانت قد جومعت لأنه يجوز له أن ينكحها ويجوز إذنه عليها فكذلك مسألتك أرى أن يجوز صلحه عليها وهو رأيي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق