كتاب الجراحات
باب تغليظ الدية
قال سحنون : قلت لابن القاسم : هل كان يعرف مالك شبه العمد في الجراحات أو في قتل النفس ؟ قال : قال مالك : شبه العمد باطل وإنما هو عمد أو خطأ ولا أعرف شبه العمد قلت : ففي أي شئ يرى مالك الدية مغلظة ؟ قال : قال مالك : في مثل ما
صنع المدلجي بابنه فقط لا يراه إلا في الوالد في ولده إذا قتله فحذفه بحديدة أو بغير ذلك مما لو كان غير الوالد فعل ذلك به قتل به فإن الوالد يدرأ عنه في ذلك القود وتغلظ عليه الدية على الوالد ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة قال ابن القاسم : والخلفة : التي في بطونها أولادها قلت : فهل ذكر لكم مالك أن أسنان هؤلاء الخلفات ما بين ثنية إلى بازل عامها ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يبالي أي الأسنان كانت قلت : فهل تؤخذ هذه الدية حالة أم في ثلاث سنين ؟ قال : بل حالة ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال لسراقة بن جعشم المدلجي : أعدد على قديد عشرين ومائة بعير قال : وقال مالك : ولا تغلظ الدية في أخ ولا زوج ولا زوجة ولا في أحد من الأقارب قال : وبلغني عمن أثق به عن مالك في الجد أنه يراه مثل الأب تغلظ عليه الدية قال ابن القاسم : وأنا أرى ذلك وأرى الأم مثل ذلك أيضا التغليظ وهي أقعدهما قلت لابن القاسم : فهل تغلظ الدية في ولد الولد ؟ قال : نعم كذلك بلغني عن مالك أنه قال : أراه مثل الأب قال : وقال مالك : لا تغلظ في الدية في الشهر الحرام قال : ولا تغلظ الدية على من قتل خطأ في الحرم ؟ قال : وقال مالك : لا ولا تغلظ الدية عليه
قلت : أرأيت التغليظ في قول مالك على أهل الورق والذهب كيف هو ؟ قال : ننظر كم قيمة الثلاثين جذعة والثلاثين حقة والأربعين خلفة فنعرف كم قيمتهن ثم ننظر إلى دية الخطأ أخماسا من الأسنان عشرين بنات مخاض وعشرين ابن لبون ذكور وعشرين بنات لبون وعشرين حقة وعشرين جذعة فننظر كم قيمة هذه ثم ننظر كم فضل ما بين القيمتين ما بين قيمة دية التغليظ ودية الخطأ فيزاد في الدية على قدر ذلك إن كان خمسا أو سدسا أو ربعا قلت : ولم يذكر لكم مالك أن هذا شئ قد وقت فيما مضى ولا يكون لأهل زماننا أن ينظروا في زيادته اليوم ؟ قال : لا لم يذكر لنا مالك ذلك قال : وأرى أن ينظر إلى ذلك في كل زمان فيزاد في الدية قدر ما بين القيمتين على ما وصفت لك وتفسير قول مالك أن ينظر كم دية المغلظة فإن كان قيمتها ثمانمائة دينار ودية الخطا ستمائة فالعقل من دية الخطأ الثلث حمل على أهل الدية المغلظة قلت : فالدية من الورق قال : فأنظر أبدا ما زادت دية المغلظة على دية الخطأ كم هو من دية الخطأ فأحمله على أهل الذهب والورق وننظر كم هو من دية المغلظة وهذا تفسير قول مالك قال ابن القاسم : وكذلك الجراحات فيما تغلظ فيه قلت : فإن غلت أسنان المغلظة حتى صارت تساوي مثل دية الخطأ أيزاد في الدية دية أخرى مثلها وإن كان أكثر من ذلك زدت عليها ؟ قال : نعم وهو رأيي قال : وقال مالك في جراحات الوالد ولده إن كان بحال ما صنع المدلجي بابنه في التغليظ مثل ما في النفس وإذا قطع الرجل يد ابنه وعاش الولد كانت نصف الدية مغلظة خمس عشرة جذعة وخمس عشرة حقة وعشرون خلفة في بطونها أولادها فعلى هذا فقس جراحاتها كلها قلت : وما بلغ من جراحات الوالد ابنه الثلث حملته العاقلة مغلظة وما لم يبلغ الثلث في مال الوالد مغلظا على الوالد ؟ قال : لا أرى أن تحمله العاقلة على حال وأراه في مال الوالد ولا تحمل العاقلة منه شيئا فإن كان أكثر من ثلث الدية فهو في مال الأب مغلظا على الوالد
قلت : ولا يرث الأب من ديته شيئا في قول مالك قال : نعم ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال : أين أخو المقتول ؟ فدفع إليه الدية دون الوالد قلت : أفيرث من ماله وقد قتله بحال ما فعل المدلجي بابنه ؟ قال ابن القاسم : أرى أن لا يرث من ماله قليلا ولا كثيرا لأنه من العمد وليس من الخطأ ولو كان من الخطأ لحملته العاقلة وهو مما لو كان من غيره لم يرث من ماله فهو والأجنبيون في الميراث سواء وإن صرف عنه القود والأب ليس كغيره في القود ولقد قال ناس : وان عمد للقتل فلا يقتل فهذا يدلك على هذا ولو أن رجلا عمد لقتل ابنه فذبحه ذبحا ليس مثل ما صنع المدلجي أو والدة فعلت ذلك بولدها متعمدة لذبحه أو لتشق بطنه مما يعلم الناس أنها تعمدت للقتل نفسه لا شك في ذلك فأرى في ذلك القود يقتلان به إذا كان كذلك إلا أن يعفو من له العفو والقيام بذلك قلت : والوالدة في ولدها إذا صنعت ذلك مثل ما صنع المدلجي بابنه فهي في ذلك بمنزلة الوالد لا قود عليها والدية مغلظة في قول مالك ؟ قال : نعم وهي أعظم حرمة
تفسير العمد والخطأ
قلت : أرأيت ما تعمدت من ضربة بلطمة أو بلكزة أو ببندقة أو بحجر أو بقضيب أو بعصا أو بغير ذلك أفيه القود إذا مات من ذلك عند مالك أم لا ؟ قال : قال مالك : في هذا كله القود إذا مات من ذلك قال مالك : وقد تكون أشياء من وجه العمد لا قود فيها مثل الرجلين يصطدعان فيصدع أحدهما صاحبه أو يتراميان بالشئ على وجه اللعب أو يأخذ برجله على حال اللعب فيسقط فيموت من هذا كله فإنما في هذه الدية دية الخطأ أخماسا على العاقلة قال : وقال مالك : ولو تعمد هذا على غير وجه اللعب ولكن على وجه القتال فصرعه فمات أو أخذ برجله فسقط فمات كان في هذا كله القصاص
دية الأنف
قلت : أرأيت الأنف ما قول مالك فيه ؟ قال : قال مالك : فيه الدية كاملة قلت : فإن قطع من المارن ؟ قال : قال مالك : إذا قطع من العظم وهو تفسير المارن ففيه الدية كاملة قلت : فمن قطع المارن أو من أصله إذا قطعه الرجل من أصله أو قطعه من المارن فذلك سواء ؟ قال : نعم إنما فيه الدية كاملة بمنزلة رجل قطع حشفة رجل ففيها الدية كاملة وإن قطع ذكر رجل من أصله ففيه الدية كاملة فدية الحشفة ودية الذكر كله سواء عند مالك وكذلك المارن والأنف إذا قطع من أصله فذلك في الدية سواء قلت : أرأيت إن خرم أنفه أفيه شئ أم لا في قول مالك ؟ قال : الذي سمعت من مالك أنه قال : في كل نافذة في عضو من الأعضاء إذا برىء وعاد لهيئته من غير عثل فلا شئ فيه لا حكومة ولا غير ذلك وإن برىء على عثل ففيه الاجتهاد وأرى في الأنف إن برأ على غير عثل أنه لا شئ فيه وإن برأ على عثل ففيه الاجتهاد قلت : ولا يعرف مالك في هذا القول في كل نافذة عضو من الأعضاء ثلث دية ذلك العضو ؟ قال : قال مالك : ليس العمل عليه عندنا
عقل الموضحة
قلت : أرأيت الموضحة إذا برئت على غير عثل وثبت الشعر في موضع الشجة أيكون فيها نصف عشر الدية عند مالك وإن برئت على غير عثل ؟ قال : نعم قلت : وان برئت على عثل ؟ قال : قال مالك : وإن برئت على شين كان في ذلك الشين الاجتهاد مع نصف عشر الدية أيضا قلت : فما الفرق بين الموضحة إذا برئت على غير عثل وبين الأنف إذا خرمه فبرىء على غير عثل ؟ قال : لأن الموضحة قد جاءت فيها دية مسماة أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الأنف حين خرمه فليس فيه عقل مسمى وليس فيه شئ إلا بعد البرء فعند ذلك ننظر إليه فإن كان يجب فيه شئ جعل ذلك على الجاني وإن كان لا يجب فيه شئ لم يكن على الجاني شئ وإنما يجب فيه إذا برأ على عثل فهذا فرق ما بين الموضحة والأنف وقد قال مالك في الأنف : إنه ليس من الرأس وإنما هو عظم ناتئ فلذلك لا يكون على من أوضح الأنف فبرأ على غير عثل موضحة قلت : فالخد أفيه موضحة أم لا في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فاللحى الأسفل أهو من الرأس وموضحه كموضحة الرأس في قول مالك ؟ قال : لا قلت : فما سوى الرأس من الجسد إذا أوضح على العظم فليس فيه عقل الموضحة في قول مالك ؟ قال : لا قلت : أرأيت موضحة الوجه أهي مثل موضحة الرأس ؟ قال : نعم إلا أن تشين الوجه فيزاد فيها لشينها قال : فقيل لمالك : فحديث سليمان بن يسار حين قال : يزاد في موضحة الوجه بينها وبين نصف عقل الموضحة ؟ قال مالك : لا أرى ذلك ولكن يزاد فيها على قدر الاجتهاد إذا شانت الوجه فإن لم تشن الوجه فلا يزاد فيها شئ
دية اللسان
قلت : أرأيت اللسان ما منع منه الكلام أفيه الدية كاملة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن قطع اللسان من أصله فإنما فيه دية واحدة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت ما قطع من اللسان مما لا يمنع الكلام ؟ قال : إنما الدية في الكلام ليس في اللسان بمنزلة الأذنين إنما الدية في السمع وليس في الأذنين فكذلك اللسان إنما تكون الدية فيه إذا قطع منه ما يمنع الكلام قلت : فإن قطع من لسانه ما نقص من حروفه ؟ قال : ينظر فيه فيكون عليه من الدية بقدر ذلك ولا أقوم على حفظ الحروف عن مالك قلت : فما ترى في الباء والتاء والثاء والراء والزاي أكل هذا سواء وينظر إلى تمام الحروف العربية فيحصيها فما نقص من لسان هذا الرجل إذا كان لسانه يتكلم بالحروف كلها جعلت على الجاني بقدر ذلك فإن بلغ الثلث حملته العاقلة إذا كان خطأ وإن كان أقل من الثلث جعلته في ماله ؟ قال : لا أدري ما هذا ولكن إنما ينظر إلى ما نقص من كلامه لأن الحروف بعضها أثقل من بعض فيكون عليه ما نقص قلت : فهل يقول مالك في عمد اللسان القود ؟ قال : قال مالك : إذا كان يستطاع القود منه ولم يكن متلفا مثل الفخذ والمنقلة وما أشبه ذلك أقيد منه وإن كان متلفا مثل الفخذ والمنقلة لم يقد منه
دية الذكر
قلت : أرأيت الحشفة أفيها الدية في قول مالك ؟ قال : قال مالك : نعم قلت : فإن قطع الذكر من أصله ففيه الدية في قول مالك دية واحدة ؟ قال : قال مالك : نعم قلت : فإن قطعت حشفة رجل خطأ فأخذ الدية ثم قطع رجل آخر بعد ذلك عسيبه ؟ قال : قال مالك : فيه الاجتهاد قلت : فإن قطع رجل حشفة رجل خطأ أينتظر به أم لا ينتظر به ؟ قال : ينتظر به حتى يبرأ قال : لأني سمعت مالكا يقول : لا يقاد من الجارح عمدا إلا بعد البرء وحتى يعرف إلى ما صارت جراحاته إليه فلا يعقل الخطأ إلا بعد البرء وحتى يعرف إلى ما صارت إليه جراحاته قلت : أرأيت هذا المقطوع حشفته إن قال : لم تحبسني عن أن تفرض لي ديتي من اليوم وإنما هي دية كاملة إن أنا مت أو عشت وأنت إنما تحبسني خوفا من هذا القطع أن تصير نفسي فيه ؟ قال : لأني لا أدري إلى ما يؤول هذا القطع لعل أنثييه أو رجليه أو بعض جسده سيذهت من هذا القطع فلا أعجل حتى أنظر إلى ما تصير إليه شجته ألا ترى أن الموضحة إن طلب المجني عليه ديتها وقال لا تحبسني بها إني لا أعجلها له حتى أنظر إلى ما تصير شجته ألا ترى أن المجني عليه موضحة إن قال عجل لي دية موضحتي فإن آلت إلي أكثر من ذلك زدتني وإن لم تؤول إلى أكثر من ذلك كنت قد أخذت حقي إنه لا يعجل له ولا يلتفت إلى قوله هذا وإنما في هذا الإتباع والتسليم للعلماء أو لعله أن يموت فتكون فيه القسامة ولقد سمعت أهل الأندلس سألوا مالكا عن اللسان إذا قطع وزعموا أنه ينبت فرأيت مالكا يصغي إلى أن لا تعجل له فيه حتى ينظر إلى ما يصير إليه إذا كان القطع قد منعه الكلام قلت : في الدية أو في القود ؟ قال : في الدية قال : وبلغني عن مالك أنه قال : القود في اللسان إن كان يستطاع قود ذلك ولا يخاف منه ففيه القود يريد مثل خوف المأمومة والجائفة فإن هؤلاء لا قود فيهن لما يخاف فيهن فإن كان اللسان مما يخاف فلا قود فيه قلت : أرأيت ما قطع من طرف الحشفة أي شئ فيه أبحساب الذكر أم إنما يقاس من الحشفة فيجعل على الجاني بحساب ما يصيب ما قطع من الحشفة من الديه ؟ قال : إنما تقاس الحشفة فينظر إلى ما قطع منها فيقاس فما نقص من الحشفة كان عليه بحساب ذلك من الدية قلت : ولا يقاس من أصل الذكر ؟ قال : لا قلت : وهدا قول مالك ؟ قال : نعم ألا ترى أن اليد لو قطعت من المنكب كان عقلها قد تم فإن قطع منها أنملة من الأنامل إنما هي على حساب الأصابع ولا ينظر إلى اليد كلها وكذلك الحشفة قلت : أرأيت ما قطع من الأنف من أين يحسب إذا كان من طرفه أمن أصله أم من المارن ؟ قال : قال مالك : يحسب بحساب ما ذهب منه من المارن بمنزلة الحشفة
ما جاء في الصلب والهاشمة والباضعة وأخواتها
قلت : أرأيت الصلب إذا ضربه الرجل فحدب أتكون فيه الدية ؟ قال : قال مالك : في الصلب الدية قال ابن القاسم : إنما تكون الدية في الصلب إذا أقعده فلم يقدر على القيام مثل اليد إذا شلت فأما إذا مشى فأصابه في ذلك عثل أو حدب فإنما يجتهد له فيه قلت : أرأيت الصلب إذا كسره رجل فبرأ وعاد لهيئته أتكون فيه الدية أم لا ؟ قال : ليس فيه دية عند مالك لأن مالكا قال : في كل كسر خطأ أنه إذا برأ أو عاد لهيئته إنه لا شئ فيه إلا أن يكون عمدا يستطاع القصاص فيه فإنه يقتص منه وإن كان عظما - إلا في المأمومة والمنقلة والجائفة وما لا يستطاع أن يقتص منه - فلا شئ فيه من القود إلا الدية في عمد ذلك مع الأدب في العمد قلت : أرأيت الهاشمة أفيها القود عند مالك في الرأس كانت أو في عظم من الجسد ؟ قال : قال مالك : أما عظام الجسد ففيها القود من الهاشمة إلا ما كان مخوفا مثل الفخذ وما أشبهه فلا قود فيه وأما الرأس قال ابن القاسم : فلم أسمع فيه شيئا ولا أرى فيه قودا لأني لا أجد هاشمة تكون في الرأس إلا كانت منقلة وأما الباضعة والملطأة والدامية وما أشبهها وما يستطاع منه القود ففيه القود في العمد كذلك قال لي مالك قال ابن القاسم : والهاشمة في الرأس مما لا يستطاع منه القود
ما جاء في دية العقل والسمع والأذنين
قلت : أرأيت مالكا هل كان يقول مالك إن في العقل الدية ؟ قان : قال مالك : نعم في العقل الدية قال مالك : وقد تكون الدية فيما هو أيسر من العقل قلت له : ما يقول مالك في الأذن إذا اصطلمت أو ضربت فشدخت ؟ قال : قال مالك : ليس فيها إلا الاجتهاد قلت : فإن ضربه فذهب سمعه واصطلمت أذناه أتكون فيهما دية وحكومة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : في الأذنين إذا ذهب سمعهما ففيه الدية اصطلمتا أو لم تصطلما ؟ قلت : أرأيت الأذنين إذا قطعهما رجل عمدا فردهما صاحبهما فثبتتا أو السن إذا أسقطها الرجل عمدا فردها صاحبها فبرئت وثبتت أيكون القود على قاطع الأذن أو القالع السن ؟ قال : سمعتهم يسألون عنها مالكا فلم يرد عليهم فيها شيئا قال : وقد بلغني عن مالك أنه قال : في السن القود وإن ثبتت وهو رأيي والأذن عندي مثله أن يقتص منه والذي بلغني عن مالك في السن - لا أدري أهو في العمد يقتص منه أو في الخطأ - إن فيه العقل إلا أن ذلك كله عندي سواء في العمد والخطأ
باب ما جاء في الأسنان والأضراس
قلت : أرأيت الأسنان والأضراس عند مالك سواء ؟ قال : نعم قلت : فكم في كل سن عند مالك ؟ قال : خمس من الإبل قلت : فإن كان سنا سوداء ؟ قال : فيها خمس من الإبل وهي كالصحيحة إلا أن تكون تضطرب اضطرابا شديدا وإن كانت كذلك فليس فيها إلا الاجتهاد قلت : فإن كانت سنا مأكولة فذهب بعضها فقلعها رجل عمدا أو خطأ ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى في هذا على حساب ما بقي منه لأنه ناقص غير تام
ما جاء في الإليتين والثديين وحلق الرأس والحاجبين
قلت : أرأيت أليتي الرجل والمرأة أفيهما الدية عند مالك ؟ قال : لا أقوم على حفظ قوله في هذا والذي أرى أن في هذا الحكومة قلت : لم ؟ وهذا زوج من الإنسان وعلى ما قلته قال : لأن مالكا قال : ليس في ثديي الرجل إلا الاجتهاد وكذلك هذا عندي قلت : أرأيت الرأس إذا حلق فلم ينبت أي شئ فيه في قول مالك ؟ قال : ما سمعت فيه شيئا قلت : فاللحية ؟ قال : ما سمعت من مالك فيها شيئا وأرى فيهما جميعا حكومة على الاجتهاد قلت : أرأيت إن حلقهما عمدا حلق الرأس واللحية عمدا أيكون فيهما القصاص ؟ قال : لا إلا الأدب والحاجبان مثل ذلك في رأيي قلت : أرأيت العين إذا ابيضت أو انخسفت أو ذهب بصرها وهي قائمة ؟ قال : قال مالك : إن كان هذا كله خطأ ففيه الدية وإن كان عمدا فخسفها خسفت عينه وإن لم تنخسف وكانت قائمة وذهب بصرها كله فإن مالكا قال : إن كان يستطاع منه القود أقيد وإلا فالعقل قال : والبياض عندي مثل القائم العين إن كان يستطاع منه القود أقيد وإلا فالعقل قلت : أرأيت إن ضربها فنزل الماء فأخذ الدية أو ابيضت فأخذ الدية فبرئت بعد ذلك أترد الدية إليه ؟ قال : أرى ذلك وما سمعته من مالك قلت : فكم ينتظر بالعين ؟ قال : قال مالك : سنة قلت : فإن مضت السنة والعين منخسفة لم يبرأ جرحها ؟ قال : أرى أن ينتظر حتى يبرأ الجرح لأنه لا قود إلا بعد البرء وكذلك في الدية أيضا إنما هي بعد البرء قلت : وهل كان مالك يقول في العين إذا ضربت فسال دمعها فلم يرقأ ؟ قال : لم أسمع إلا في العين إذا ضربت فدمعت أنه ينتظر بها سنة قلت : فإن لم يرقأ دمعها ؟ قال : أرى فيها حكومة
ما جاء في شلل اليد والرجل
قلت : أرأيت اليد إذا شلت أو الرجل ما قول مالك فيهما ؟ قال : قال مالك : قد تم عقلهما قلت : فإن كانت الضربة عمدا فشلت يده هل فيها القصاص في قول مالك ؟ قال : نعم في اليد والرجل القود ويضرب الضارب كما ضرب يقتص لهذا المضروب من الضارب قال ابن القاسم : فإن شلت يد الضارب وإلا كان عقل اليد في مال الضارب وليس على العاقلة منه شئ قلت : من يستقيد المضروب أو غير المضروب ؟ قال : قال مالك : لا يمكن الذي له القود من أن يقتص لنفسه إنما يدعى له من يعرف القصاص فيقتص له ولا يمكن المجروح من ذلك قلت لابن القاسم : أرأيت الأصابع إذا شلت أفيها ديتها كاملة في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت من قطع هذه الأصابع بعد ذلك خطأ ؟ قال : قال : فيها حكومة كذلك قال مالك قلت : فإن كان عمدا ؟ قال : فلا قود فيها وفيها الحكومة في مال الجاني عند مالك قلت : أرأيت الأنثيين أفيهما الدية في قول مالك ؟ قال : قال : نعم قلت : أرأيت إن أخرج البيضتين أو رضهما أفيهما الدية في قول مالك ؟ قال : قال مالك : في الأنثيين الدية وإنما يراد من الإنثيين البيضتان فإذا أهلكت البيضتان فقد تمت الدية قلت : أرأيت إن أخرجهما عمدا أو رضهما عمدا أيجعل فيهما القصاص في قول مالك ؟ قال : قال مالك : في الأنثيين القصاص ولا أدري ما قول مالك في الرض إلا أنه قال في الفخذ إذا كسر : فلا قود فيه لأنه يخاف على صاحبه منه أن لا يحيا منه فأنا أخاف أن يكون رض الأنثيين بهذه المنزلة فإن كان يخاف على الأنثيين هذه وكانتا متلفتين فلا قود فيهما لأن مالكا قال في كل ما كان متلفا من فخذ أو رجل أو صلب إذا علم أنه متلف فلا قود فيه مثل الجائفة والمأمومة وكذلك فسره مالك قلت : أرأيت من لا ذكر له وله أنثيان فقطع رجل أنثييه ؟ قال : قال مالك : فيمن قطع ذكر رجل وأنثييه جميعا : إن عليه ديتين فإن كان قطع أنثييه ولم يقطع الذكر ففيه الدية كاملة وإن قطع ذكره بعد ذلك ففيه الدية كاملة وإن قطع ذكره ثم قطع أنثييه بعد ذلك ففي الذكر الدية وفي الأنثيين أيضا بعد ذلك الدية كاملة قلت : فمن لا ذكر له أفي أنثييه الدية كاملة في قول مالك ؟ قال : كذلك قال مالك قلت : ومن لا أنثيين له أفي ذكره الدية ؟ قال : نعم قلت : أرأيت البيضتين أهما سواء عند مالك اليمنى واليسرى ؟ قال : نعم في كل واحدة منهما نصف الدية عند مالك
باب دية الشفتين والجفون وثديي المرأة والصغيرة
قلت : أرأيت الشفتين أهما سواء عند مالك ؟ قال : نعم هما سواء في كل واحدة نصف الدية وليس يأخذ بحديث سعيد بن المسيب قلت : أرأيت جفون العينين أفيهما الدية عند مالك ؟ قال : ليس في الجفون إلا الاجتهاد قلت : وأشفار العينين كذلك في قول مالك إنما فيهما الاجتهاد ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الحاجبين أفيهما الدية أم لا ؟ قال : قال مالك : ليس فيهما إلا الحكومة إذا لم ينبتا قلت : أرأيت طرف ثديي المرأة أفيهما الدية في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : ففي حلمتيهما الدية أيضا ؟ قال : لم أسمع من مالك فيهما شيئا ولكن إن كان قد أبطل مخرج اللبن أو أفسده ففيه الدية كاملة في رأيي قلت : أرأيت الصغيرة إذا قطع ثدياها والكبيرة أهما سواء في قول مالك ؟ قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن ينظر في ذلك فإن كان قد استيقن أنه قد أبطل ثدييها ولا يكون لها ثدي أبدا رأيت عليه الدية وإن شك في ذلك رأيت أن يوضع لها العقل ويستأنى بها مثل السن فإن نبتت فلا عقل لها وإن لم تنبت ففيهما الدية وإن انتظرت فيبست ففيهما الدية أيضا وإن ماتت قبل أن يعلم ذلك كانت فيهما لها الدية قلت : أرأيت ثديي الرجل ما فيهما في قول مالك ؟ قال : حكومة
باب حد الموضحة والمنقلة والمأمومة والجائفة
قلت : صف لي ما حد الموضحة في قول مالك ؟ قال : ما أفضى إلى العظم وإن كان مثل مدخل إبرة وإن كان ما هو أكثر من ذلك فإنما هي موضحة قلت : فما حد المنقلة في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ما أطار فراش العظم وإن صغر فهي منقلة قلت : فما حد المأمومة في قول مالك ؟ قال : ما يخرق العظم إلى الدماغ وإن مدخل إبرة فهي مأمومة قلت : فما حد الجائفة ؟ قال : ما أفضى إلى الجوف وإن مدخل إبرة قلت : أرأيت الجائفة إذا أنفذت أيكون فيها ثلثا الدية أم ثلث الدية ؟ قال : اختلف قول مالك في ذلك وأحب إلي أن يكون فيها ثلثا الدية
دية الإبهام والكف وتقطيع اليد
قلت : أرأيت المفصلين من الإبهام كم فيهما ؟ قال : عقل الأصبع تماما في كل مفصل من الإبهام نصف عقل الأصبع وهو قول مالك قلت : فإن قطع رجل إبهام رجل فأخذ دية الأصبع ثم قطع رجل بعد ذلك العقدة التي بقيت من الإبهام في الكف ؟ قال : قال مالك : ليس فيه إلا الحكومة قلت : أرأيت الكف إذا لم يكن فيها أصابع فقطعت ما فيها في قول مالك ؟ قال : الحكومة قلت : وكذلك إن قطع بعض الكف ؟ قال : نعم قلت : أرأيت إن قطع أصبعين بما يليهما من الكف ؟ قال : إن كان في ضربة واحدة فخمسا دية الكف عند مالك قلت : ولا يكون له مع ذلك حكومة ؟ قال : لا
باب هل تؤخذ في الدية البقر والغنم والخيل
قلت : أرأيت البقر والغنم والخيل هل تؤخذ في الدية في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ليس يؤخذ في الدية إلا الإبل والدنانير والدراهم قلت : ففي كم تؤخذ الدية في قول مالك ؟ قال : في ثلاث سنين قلت : من الإبل والدنانير والدراهم في ثلاث سنين ؟ قال : نعم قلت : فإن كانت له ثلث الدية ففي سنة ؟ قال : نعم كذلك قال مالك :
قلت : فإن كانت أقل من الثلث ؟ قال : هذا في مال الجاني حالا قلت : فإن كان الثلثان ؟ قال : قال مالك : في سنتين قال : فقيل لمالك : فالنصف ؟ قال : أرى أن يجتهد الإمام في ذلك قلت : وما معنى قوله يجتهد الإمام في ذلك ؟ قال : إن رأى أن يجعله في سنتين جعله وإن رأى أن يجعله في سنة ونصف جعله قال : وقد كان مالك يقول مرة في نصف الدية إنها في سنتين قال ابن القاسم : والسنتان أعجب إلي ويقول ذلك للحديث الذي جاء ثلاث سنين أو أربع وأخبرني مالك أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أرسل إلى عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم يسأله في كم تقطع الدية ؟ قال : فأرسل إليه : في ثلاث سنين أو أربع سنين قلت : وإن كانت ثلاثة أرباع الدية ؟ قال : في ثلاث سنين قلت : فإن كانت خمسة أسداس الدية ؟ قال : أرى اجتهاد الإمام في السدس الباقي قلت : فمن أهل الدنانير في الدية في قول مالك ؟ قال : أهل الشام وأهل مصر قلت : فمن أهل الورق ؟ قال : أهل العراق قلت : فمن أهل الإبل ؟ قال مالك : هم أهل العمود وهم أهل البوادي قلت : أرأيت إن قال أهل البوادي : نحن نعطي الذهب والورق أو قال أهل الورق : نحن نعطي الذهب ؟ قال : قال مالك : لا يقبل من أهل الذهب إلا الذهب ولا من أهل الورق إلا الورق ولا من أهل الإبل إلا الإبل
عقل جراح المرأة
قلت : أرأيت المرأة إلى كم توازي الرجل إلى ثلث ديتها هي أم إلى ثلث دية الرجل ؟ قال : قال مالك : إلى ثلث دية الرجل ولا تستكملها أي إذا انتهت إلى ثلث دية الرجل رجعت إلى عقل نفسها وتفسير ذلك أن لها في ثلاثة أصابع ونصف أنملة أحدا
وثلاثين بعيرا وثلثي بعير فإن أصيب هذا منها كانت فيه والرجل سواء فإن أصيب منها ثلاثة أصابع وأنملة رجعت إلى عقل نفسها وكان لها في ذلك ستة عشر بعيرا وثلثا بعير وكذلك مأمومتها وجائفتها إنما لها في ذلك ستة عشر بعيرا وثلثا بعير في كل واحدة منهما لأنها قد وازنت الرجل في هذا كله إلى الثلث فترد إذا بلغت الثلث إلى ديتها قال : وقال لي مالك : وإذا قطعت أصبع من كف المرأة أخذت عشرا من الإبل فإن قطعت لها أخرى بعد ذلك من تلك الكف أيضا أخذت عشرا أخرى فإن قطعت لها أخرى بعد ذلك من تلك الكف أيضا أخذت عشرا أيضا فإن قطعت أخرى بعد ذلك من تلك الكف لم يكن فيها إلا خمس من الإبل وإن قطعت الخامسة بعد ذلك لم يكن لها إلا خمس من الإبل قال مالك : وإن قطعت ثلاثة أصابع في مرة واحدة من كف واحدة كان لها فيها ثلاثون بعيرا فإن قطعت بعد ذلك من تلك الكف الأصبعان الباقيان - جميعا معا أو مفترقين - لم يكن لها في ذلك إلا خمس خمس في كل أصبع فقلنا لمالك : فإن قطع لها ثلاثة أصابع من كف واحدة فأخذت الثلاثين من الإبل ثم قطعت بعد ذلك من
الكف الأخرى أصبع أو أصبعان أو ثلاثة أصابع مفترقة أو قطعت جميعا معا ؟ قال : يبتدأ فيها الحكم كما ابتدىء في اليد الأخرى وتفسيره أن لها في الكف الثانية في الثلاثة أصابع ثلاثين بعيرا كما فسرت لك في الكف الأولى قال مالك : وإن قطع لها أصبعان من كل يد في ضربة واحدة كان لها على حساب عقلها خمس خمس من عقلها في كل أصبع لأنها أربعة أصابع فقد جاوزت الثلث والقطع معا قال ابن القاسم : وتفسيره ما قال مالك لنا : فإن قطعت أصبع من إحدى اليدين بعد ذلك أعطيت عشرا من الإبل وإن قطعت من اليد الأخرى أصبع أخذت عشرا وإن قطعتا جميعا - هاتان الأصبعان - في ضربة واحدة كان لها عشر عشر فما زاد بعد ثلاثة أصابع من كل كف كان لها خمس خمس - كان القطع معا أو كان مفترقا فإن قطعت من يد أصبع ومن يد أخرى ثلاثة أصابع في ضربة واحدة أخذت خمسا خمسا فإن قطع بعد ذلك - من الكف الذي قطع منها ثلاثة أصابع أصبع ومن الكف التي قطع منها أصبع واحدة أصبع أخرى - في ضربة واحدة أخذت للأصبع التي قطعت من الكف التي كانت قد قطعت منها ثلاثة أصابع خمسا في الأصبع الرابعة وأخذت للأصبع التي قطعت من الكف التي كانت قد قطعت منها أصبع واحدة عشرا وإن اجتمعتا في ضربة واحدة أو تفرقا فذلك سواء ما لم تقطع في ضربة واحدة من اليدين أربعة أصابع قال : ولو قطعت من الكف التي قطعت منها ثلاثة أصابع أصبع ومن الكف التي قطع منها أصبع أصبعان في ضربة واحدة أخذت للأصبعين عشرين من الإبل وأخذت للأصبع خمسا ورجلاها بهذه المنزلة على ما فسرت لك من اليدين وهذا كله قول مالك وتفسيره قال ابن القاسم : ولو قطع منها أصبعان عمدا فاقتضت أو عفت ثم قطع من تلك الكف أصبعان أيضا خطأ فإنه يأخذ لها عشرين بعيرا ولا يضاف هذا إلى ما قطع قبله لأن الذي قطع أولا لم يكن له دية وإنما كان عمدا وإنما يضاف بعض الأصابع إلى بعض في الخطأ
شجاج المرأة
قلت : أرأيت إن ضرب رجل رجلا فشجه مأمومات ثلاثا في ضربة واحدة كم فيهن في قول مالك ؟ قال : مأمومات ثلاث فيهن الدية كاملة قلت : فإن ضرب رجل امرأة فشجها ثلاث منقلات بضربة واحدة ؟ قال : لها في ذلك على قدر عقلها نصف كل منقلة من عقل الرجل لأنها قد جاوزت الثلث قلت : فإن ضربها فشجها منقلة ثم ضربها بعد ذلك ضربة أخرى فشجها منقلة أخرى ثم ضربها بعد ذلك ضربة أخرى فشجها منقلة أخرى ؟ قال : هي في جميع هذا - في قول مالك - بمنزلة الرجل لها في كل ذلك مثل دية الرجل لا تنقص من ذلك إذا لم يكن في فور واحد فإن كان في فور واحد فهو على حساب ما فسرت لك وترجع إلى حساب عقلها فيكون لها نصف كل منقلة من عقل الرجل وهو قول مالك قال : ولو ضربها رجل فأوضحها سبع مواضح في ضربة واحدة أو أكثر من ذلك في فور واحد مواضح أو جراحات كثيرة تكون مع المواضح فإنها ترد في ذلك إلى عقلها إذا كان جميع ما أصابها به يبلغ ثلث دية الرجل رجعت إلى عقلها وإن ضربها ضربة بعد ضربة في غير فور واحد كانت في عقلها في جميع ذلك بمنزلة عقل الرجل ولو ضربت منقلة فبرئت وأخذت عقلها ثم ضربت عليها أيضا كانت ديتها منقلة أخرى أيضا بمنزلة منقلة الرجل وكذلك لو ضربت الثالثة عليها بعد برئها فشجت منقلة ثالثة كان لها عقل منقلة الرجل قال : وكذلك المواضح قال : وهذا قول مالك - قال : وليس للمواضح والمنقلات منتهى عند مالك قال : وإذا أصاب مبلغ الثلث من المرأة في ضربة واحدة فهو خلاف إذا أصاب ذلك منها في ضربات مفترقات إلا ما وصفت لك في الأصابع فإنه إذا قطع منها ثلاثة أصابع من كف واحدة - معا أو مفترقة - ثم قطع منها الأصبع الرابعة بعد ذلك فليس لها في الأصبع الرابع إلا الخمس من الإبل وهذا قول مالك
في لسان الأخرس والرجل العرجاء واليد والعين الناقصة والسن
قلت : ما قول مالك في لسان الأخرس ؟ قال : الاجتهاد قلت : كم في الرجل العرجاء ؟ قال : العرج عند مالك مختلف ولم أسمع منه في العرج بعينه شيئا إلا أني سمعته يقول في كل شئ من الإنسان مما له فرض سمي من الإنسان إذا أصيب منه شئ فانتقص ثم أصيب بعد ذلك الشئ فإنما له على حساب ما بقي من ذلك العضو قال مالك : وما كان من خلقة خلقها الله ولم ينتقص منها شئ مثل استرخاء البصر أو ضعف البصر مثل العين الرمدة يضعف بصرها واليد يكون فيها الضعف إلا أنه يبصر بالعين ويستمتع باليد ويبطش بها والرجل يستمتع بها ويمشي بها إلا أن فيها ضعفا قال مالك : في هذا كله الدية كاملة وأما لو كان ذلك من شئ أصيب به حتى نقص له البصر أو ضعفت اليد أو الرجل حتى أخذ لذلك عقلا ثم أصيب بعد ذلك فإنما له ما بقي من العقل قال مالك ؟ والرجل كذلك والعرج عندي مثل ذلك قلت : فالذي أصيب بأمر من السماء مثل العرق يضرب في رجل الرجل فيصيبه منه عرج أو يصيبه رمد فيضعف البصر إلا أنه يمشي على الرجل ويبصر بالعين وقد مسها الضعف ففيها الدية كاملة إن أصيبت رجله أو عينه ؟ قال : نعم كذلك قال لي مالك قلت : فإن كان هذا إنما أصابه إنسان خطأ فأخذ لذلك عقلا ثم أصيب بعد ذلك بعينه أو برجله خطأ أخذ على حساب ما ذهب من العين واليد وما بقي ؟ قال : نعم وهو قول مالك
ذكر العين والسن
قلت : أرأيت العين القائمة ما قول مالك فيها ؟ قال : قال مالك : فيها الاجتهاد وقال : وليس يأخذ مالك بقول زيد بن ثابت الذي ذكر أن فيها مائة دينار قلت : فكم في السن السوداء عند مالك إذا طرحها رجل ؟ قال : قال مالك : العقل فيها كامل قلت : فإن كانت حمراء أو صفراء ؟ قال : السوداء أشد من هذا كله ففيها الدية كاملة عند مالك ففي الحمراء أو الصفراء إذا أسقطها رجل فعليه العقل تاما قلت : فإن ضربه رجل فاسودت سنة أو احمرت أو اصفرت أو اخضرت ما قول مالك في ذلك ؟ قال : ما سمعنا من مالك إلا إذا اسودت فإن فيها العقل تاما ولا أدري ما الخضرة أو الحمرة أو الصفرة فإن كان ذلك مثل السواد فقد تم عقلها وإلا فعلى حساب ما نقص قلت : أرأيت السن إذا ضربها رجل فتحركت من ضربه ؟ قال : قال مالك : إن كانت تضطرب اضطرابا شديدا فقد تم عقلها وإن كان تحريكا خفيفا عقل لها بقدر ذلك قلت : فكم ينظر بهذه السن التي تضطرب اضطرابا شديدا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : ينتظر بها سنة
جامع جراحات الجسد
قلت : أرأيت الدامية كم فيها في قول مالك ؟ قال : الاجتهاد إن برئت على غير عثل إن كان خطأ فإن برئت على غير عثل فلا شئ فيها وإن كانت عمدا كان فيها القصاص مع الأدب وهو قول مالك قلت : فقول مالك أن في كل عمد القصاص والأدب مع القصاص ؟ قال : نعم قلت : أرأيت الباضعة والسمحاق والملطأة أهؤلاء مثل الدمية في قول مالك ؟ قال : لا عقل فيهن إذا برئت على غير عثل ؟ قال : نعم في الخطأ وأما في العمد ففيها كلها القصاص إذا كان يستطاع القصاص فيها قلت : كم في الضلع إذا انكسر في قول مالك ؟ قال : الاجتهاد إذا برىء على عثل فإن برىء على غير عثل فلا شئ فيه قال : ولم أسمع منه في القصاص من الضلع شيئا إلا أنه إن كان يخاف منه مثل عظم الفخذ فلا قصاص فيه وإن كان مثل اليد والساق ففيه القصاص قلت : أرأيت الترقوة إذا كسرت أفيها عقل مسمى عند مالك ؟ قال : لا قلت : فإن برئت على غير عثل ؟ قال : فلا شئ فيها إذا كانت خطأ قلت : فإن برئت على عثل كان فيها الاجتهاد ؟ قال : نعم قلت : فإن كسرها رجل عمدا أيقتص منه في قول مالك أم لا ؟
قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا قال ابن القاسم : وأرى فيها القصاص لأن أمرها يسير فيما سمعت ولا يخاف منها فإن كان يخاف فهي مثل ما يخاف من العظام قلت : أرأيت اليد والرجل وجميع عظام الجسد إذا كسرت فبرئت على غير عثل وإن كسرت خطأ فلا شئ فيه في قول مالك ؟ قال : نعم لا شئ فيه قلت : وما كان منه عمدا ففيه القصاص إلا في الفخذ فإنه لا قصاص في الفخذ ؟ قال : نعم لا قصاص في الفخذ في قول مالك وأما ما ذكرت من عظام الجسد كلها إن فيها القصاص فما أدري ما عظام الجسد كلها إنما قال مالك في كسر الذراعين والعضدين والساقين والقدمين والكفين والأصابع إذا كسرت ففي هذا كله القصاص عند مالك وأما عظام الصلب فقد سمعت عن مالك أنه قال : الصلب مما لا يستطاع القصاص منه وأنا أرى ذلك وأما عظام الصدر والأضلع فلم أسمع من مالك فيه شيئا قال ابن القاسم : يسئل فإن كان يخاف منه فلا قصاص فيه وإن كان لا يخاف منه ففيه القصاص
قلت : فما يقول مالك في كسر عظام العنق أفيها القصاص ؟ قال : ما سمعت من مالك فيها شيئا ولا أرى فيها القصاص قلت : أرأيت عظم الرأس من حيث ما أصابه فأوضحه أهو موضحة ؟ وكل ناحية منه سواء في قول مالك ؟ قال نعم قلت : فأين منتهى ما هو من الرأس مما يلي العنق أي عظم هو في قول مالك ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنه إلى منتهى جمجمة الرأس فإذا أصاب ما هو أسفل من جمجمة الرأس فإنما ذلك من العنق ليس فيه موضحة عند مالك لأن عظم العنق إنما هو مثل عظام الجسد قلت : أرأيت إن كسرت إحدى الزندين وهما قصبة اليد أيقتص منها في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : فإن كان خطأ فلا شئ فيه إلا أن يبرأ على عثل فيكون فيه الاجتهاد في قول مالك ؟ قال : نعم قلت : أرأيت اليد إذا قطعت من أصل الأصابع فصاعدا إلى المنكب فإنما فيها دية واحدة كل ذلك سواء في الدية ؟ قال : نعم إذا قطعت الأصابع من أصلها فقد تم عقل اليد عند مالك والذي يقطع اليد من العنب فإنما عليه من العقل - عند مالك - مثل ما على من قطع الأصابع من أصلها وتحمل ذلك العاقلة إذا كان خطأ وإن كان عمدا كان في جميع ذلك القصاص وهو قول مالك قلت : أيقتص من اليد من المنكب ؟ قال : نعم في رأيي قلت : أرأيت الأنف إذا كسر ما فيه عند مالك ؟ قال : إذا برئت على غير عثل فلا شئ فيه وإن برىء على عثل ففيه الاجتهاد إذا كان خطأ وإن كان عمدا اقتص منه فإن برىء المقتص منه وصار مثل المجروح الأول أو أكثر فلا شئ للأول وإن كان في الأول عثل وبرىء المقتص منه على غير عثل أو عثل وهو دون العثل الأول اجتهد للأول من الحكومة على قدر ما زاد شينه وهو قول مالك
ما جاء في دية الكف
قلت : أرأيت الكف إذا ذهب منها أصبعان - ذهبتا من أمر الله أو قطعهما رجل عمدا أو خطأ - فاقتص منه أو أخذ لذلك عقلا ثم قطع رجل كفه بأصابعه الثلاثة عمدا أيقتص له في قول مالك أم لا ؟ قال : قال مالك في الأصبع الواحدة إذا قطعت من الكف ثم قطع بعد ذلك رجل كفه هذه المقطوعة الأصبع عمدا قال : قال مالك : أرى له القصاص وأرى أن تقطع يد قاطعه قلت لابن القاسم : الإبهام كانت المقطوعة أو غيرها ؟ قال : ما وقفت مالكا عليه إلا أن ذلك عندي سواء قال : وأما الأصبعان والثلاثة فقول مالك الذي سمعت وبلغني عنه في الأصبعين والثلاثة أنه لا يقتص له من قاطعه ولن يكون له العقل على قاطعه في ماله قلت : فلو أن رجلا قطع كف رجل ليس فيها إلا أصبع أو أصبعان خطأ ما على القاطع من العقل ؟ أخمس الدية أم أكثر من ذلك أم أقل ؟ فإن كانت أصبع واحدة فكم عقلها ؟ أخمس الدية أم أكثر أم أقل ؟ قال : إذا قطع من الأصابع شئ فإنما له بحساب ما بقي من الأصابع في الكف فأما إذا لم يبق إلا أصبع واحدة فلم أسمع من مالك فيه شيئا وإني لأستحسن أن يكون له فيما بقي من الكف الحكومة وفي الأصبع الدية قلت : أرأيت إن قطع رجل يمين رجل ولا يمين للقاطع أيكون فيه العقل مغلظا في قول مالك أم لا ؟ قال : فيه العقل غير مغلظ مثل عقل دية العمد إذا قبلت في الإنسان مع الأدب والعقل في ماله ليس علىعاقلته منه شئ وهو قول مالك قلت : أرأيت المأمومة والجائفة إذا كانتا عمدا أهما في مال الجاني أم على العاقلة ؟ قال : كان مالك مرة يقول : هي في ماله إن كان له مال فإن لم يكن له مال فعلى العاقلة ثم رجع فرأى أنه على العاقلة وإن كان له مال - وهو مما تحمله العاقلة قال ابن القاسم : وكلمته فيه غير مرة فقال لي مثل ما أخبرتك وثبت مالك على ذلك وهو رأيي أنه على العاقلة
قلت : فما قول مالك في الرجل يقطع يمين الرجل عمدا ولا يمين للقاطع ولا مال أيكون ذلك على العاقلة أم لا في قول مالك ؟ قال : قال مالك : لا يكون ذلك على العاقلة ولكن يكون في مال القاطع يتبع به دينا عليه قلت : فما فرق بين اليد والمأمومة والجائفة وقد قال مالك في المأمومة والجائفة إنهما على العاقلة وإن كان للجاني مال ؟ وقد قال في اليد : إن القاطع إذا قطع يمين الرجل ولا يمين له إن ذلك في مال القاطع - كان القاطع غنيا أوعديما - ؟ قال : قال مالك : كل شئ يجنيه الإنسان على عمد فلا يكون فيه القصاص وفي جسد الجاني مثل الذي جنى عليه فلا يكون للمجني عليه أن يقتص منه فعقل ذلك على العاقلة وعلى هذا الجاني الأدب وتفسير هذا إنما هو في مثل الجائفة والمأمومة وما لا يستطاع منه القود فإنه يكون على العاقلة إذا بلغ من الحكم ما فيه ثلث الدية ألا ترى أنه لا يقتص فيهما من الجاني وفي رأسه وفي جسده موضع المأمومة والجائفة وغير ذلك مما لا يستطاع منه القود وما جنى الرجل من جناية فيها القصاص أن لو كانت قائمة في الجاني إلا أنها قد ذهبت من الجاني ولا يجد المجني عليه ما يقتص منه لأنه قد ذهب ذلك من الجاني ولو كان ذلك فيه قائما لاقتص منه وإنما منعه من القصاص أن ذلك الشئ ليس في الجاني فهذا فيه العقل على الجاني في ماله ولا تحمله العاقلة قال : وتفسير هذا مثل الرجل يقطع يمين الرجل عمدا ولا يمين للقاطع فالقاطع لو كانت يمينه قائمة لقطعها هذا المقطوعة يده مكان يده ولكنها ذاهبة فلا يجد ما يقطع فهذا الذي يكون العقل في ماله ولا تحمله العاقلة - في قول مالك - فهذا فرق ما بينهما
ما تحمل العاقلة وما لا تحمل
قلت : أرأيت العاقلة في قول مالك هل تحمل أقل من الثلث ؟ قال : لا تحمل في قول مالك أقل من الثلث ولا تحمل إلا الثلث فصاعدا قلت : وكل شئ يكون في الجسد يبلغ الثلث من ذهاب بصر أو سمع أو لسان أو شلل أو غير ذلك مما هو في الجسد فإذا بلغ الثلث حملته العاقلة في قول مالك ؟ قال : نعم إذا كان ذلك خطأ قال : وقال مالك : ولو ضربه فشجه ثلاث منقلات في ضربة واحدة حملته العاقلة لأن هذا قد بلغ أكثر من الثلث قلت : فإن شجه ثلاث منقلات في ثلاث ضربات في مقام واحد أتحمله العاقلة أم يجعل ذلك في مال الجاني ؟ قال : إن كان ضربا يتبع بعضه بعضا لم يقلع عنه فهو بمنزلة الضربة الواحدة تحمله العاقلة وإن كان شيئا مفترقا في غير فور واحد لم تحمله العاقلة وكذلك بلغني عن مالك قلت : أرأيت إن أصبت أصبع رجل خطأ فأخذ عقلها ثم قطع بعد ذلك رجل كفه خطأ ما يكون له من العقل على القاطع ؟ قال : له أربعة أخماس الدية على العاقلة لأنه قد أخذ عقل الأصبع قلت : وإن كانت الأصبع إنما ذهبت بأمر من السماء ولم يأخذ لها عقلا ؟ قال : هو كذلك ليس له إلا أربعة أخماس الدية لأن العقل إنما هو في الأصابع ألا ترى لو أن رجلا قطع أصابعه الأربعة الباقية بغير كف لم يكن له إلا أربعة أخماس الدية ؟ فالأصبع إذا ذهبت بعقل أخذه فيها أو ذهبت بأمره من أمر الله فعقل ما بقي من الأصابع في الخطأ وأخذه قلت : فإن كانت الأصبع إنما قطعت عمدا فاقتص من قاطعه ثم قطعت كفه بعد ذلك خطأ أيأخذ ديتها كاملة أم لا ؟ قال : ليس له أن يأخذ إلا على حساب ما بقي قال : قال مالك : في العين يصيبها الرجل بشئ فينقص بصرها أو اليد فيضعفها ذلك - وبصر العين قائم واليد يبطش بها - ولم يأخذ لها عقلا قال مالك : أرى على من أصابها بعد ذلك العقل كاملا قال : قال مالك : وقد قال ابن المسيب في السن إذا اسودت فقد تم عقلها وإن أصيبت بعد ذلك ففيها أيضا عقلها كاملا قال مالك : فالسن قد أخذ لها عقلها ومنفعتها قائمة قال : قلت لمالك : فإن كان أخذ لذلك شيئا في نقصان اليد والعين ؟ قال : قال مالك : ذلك أشكل يريد أنه ليس له إلا ما بقي ويقاص بما أخذ وقد قال لي في ذلك ليس له إلا على حساب ما بقي قال ابن القاسم : ولو أن رجلا أصاب يد رجل خطأ فضعفت وأخذ لها عقلا وكان يبطش بها ويعمل بها ثم أصابها بعد ذلك رجل عمدا اقتص منه وكذلك العين لو أصابها رجل خطأ بشئ فأخذ لها عقلا وقد كان يبصر بها ثم أصابها بعد ذلك رجل عمدا اقتص له منه فالقصاص والدية في هذا مختلفان وأما الكف التي يقطع بعضها - عمدا كان أو خطأ - ثم تصاب خطأ بعد ذلك فليس له إلا على قدر ما بقي منها قل ذلك أو كثر
في سن الصبي إذا لم يثغر
قال ابن القاسم : وقال مالك في الصبي إذا لم يثغر ينزع سنه خطأ قال : يؤخذ العقل كاملا فيوضع على يدي ثقة فإن عادت لهيئتها رد العقل إلى أهله وإن لم تعد أعطى العقل كاملا فإن هلك الصبي قبل أن تنبت السن فالعقل لورثته وإن نبتت أصغر من قدرها الذي قلعت منه كان له من العقل قدر ما نقصت قال : وإن كانت إنما نزعت عمدا فإنه يوضع له العقل أيضا ولا يعجل بالقود حتى يستبرأ أمرها فإن عادت لهيئتها فلا عقل فيها ولا قود وإن لم تعد اقتص منه وإن عادت أصغر من قدرها أعطي ما نقصت قال ابن القاسم : وأنا أرى فيها إن لم تعد لهيئتها حتى مات الصبي اقتص منه وليس فيها عقل لأنه إنما استؤني به النبات فدفع القود فإذا مات الصبي فهو بمنزلة من لم تنبت ففيه القصاص بقتل قال ابن القاسم في المرأة لو قطعت لها أصبعان عمدا فاقتصت أو عفت ثم قطع من ذلك الكف أيضا أصبعان فإنه يؤخذ لها عشرون بعيرا ولا يضاف هذا إلى ما قطع قبله لأن الذي قطع أولا لم يكن له دية وإنما كان عمدا وإنما يضاف بعض الأصابع إلى بعض في الخطأ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق