روضةالمحبين
بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر يا كريم
الحمد لله الذي جعل المحبة إلى الظفر بالمحبوب سبيلا ونصب طاعته والخضوع له على صدق المحبة دليلا وحرك بها النفوس إلى أنواع الكمالات إيثارا لطلبها وتحصيلا وأودعها العالم العلوي السفلي لإخراج كماله من القوة إلى الفعل إيجادا وإمدادا وقبولا وأثار بها الهمم السامية والعزمات العالية إلى أشرف غاياتها تخصيصا لها وتأهيلا فسبحان من صرف عليها القلوب كما يشاء ولما يشاء بقدرته واستخرج بها ما خلق له كل حي بحكمته وصرفها أنواعا وأقساما بين بريته وفصلها تفصيلا فجعل كل محبوب لمحبه نصيبا مخطئا كان في محبته أو مصيبا وجعله بحبه منعما أو قتيلا فقسمها بين محب الرحمن ومحب الأوثان ومحب النيران ومحب الصلبان ومحب الأوطان ومحب الإخوان ومحب النسوان ومحب الصبيان ومحب الأثمان ومحب الإيمان ومحب الألحان ومحب القرآن وفضل أهل محبته ومحبة كتابه ورسوله على سائر المحبين تفضيلا فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات وعليها فطرت المخلوقات ولها تحركت الأفلاك الدائرات وبها وصلت الحركات إلى غاياتها واتصلت بداياتها بنهاياتها وبها ظفرت النفوس بمطالبها وحصلت على نيل مآربها وتخلصت من معاطبها واتخذت إلى ربها سبيلا وكان لها دون غيره مأمولا وسولا وبها نالت الحياة الطيبة وذاقت طعم الإيمان لم رضيت بالله ربا
وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مقر بربوبيته شاهد بوحدانيته منقاد إليه لمحبته مذعن له بطاعته معترف بنعمته فار إليه من ذنبه وخطيئته مؤمل لعفوه ورحمته طامع في مغفرته بريء إليه من حوله وقوته لا يبتغي سواه ربا ولا يتخذ من دونه وليا ولا وكيلا عائذ به ملتج إليه لا يروم عن عبوديته انتقالا ولا تحويلا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده أقرب الخلق إليه وسيلة وأعظمهم عنده جاها وأسمعهم لديه شفاعة وأحبهم إليه وأكرمهم عليه أرسله للإيمان مناديا وإلى الجنة داعيا وإلى صراطه المستقيم هاديا وفي مرضاته ومحابه ساعيا وبكل معروف آمرا وعن كل منكر ناهيا رفع له ذكره وشرح له صدره ووضع عنه وزره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره وأقسم بحياته في كتابه المبين وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر الله ذكر معه كما في الخطب والتشهد والتأذين فلا يصح لأحد خطبة ولا تشهد ولا أذان حتى يشهد أنه عبده ورسوله شهادة اليقين
أغر عليه للنبوة خاتم ... من الله ميمون يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه ... إذ قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
أرسله على حين فترة من الرسل فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل وافترض على العباد محبته وطاعته وتوقيره والقيام بحقوقه وسد إلى الجنة جميع الطرق فلم يفتح لأحد إلا من طريقه فلا مطمع في الفوز بجزيل الثواب
والنجاة من وبيل العقاب إلا لمن كان خلفه من السالكين ولا يؤمن عبد حتى يكون احب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وجميع عباده المؤمنين عليه كما وحد الله وعرف أمته به ودعا إليه صلاة لا تروم عنه انتقالا ولا تحويلا وعلى آله الطيبين وصحبه الطاهرين وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه جعل هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير والرشاد وشرها أوعاها للغي والفساد وسلط عليها الهوى وامتحنها بمخالفته لتنال بمخالفته جنة الماؤى ويستحق من لا يصلح للجنة بمتابعته نارا تلظى وجعله مركب النفس الأمارة بالسوء وقوتها وغذاها وداء النفس المطمئنة ومخالفته دواها ثم أوجب سبحانه وتعالى على العبد في هذه المدة القصيرة التي هي بالإضافة إلى الآخرة كساعة من نهار أو كبلل ينال الأصبع حين يدخلها في بحر من البحار عصيان النفس الأمارة ومجانبة هواها وردعها عن شهواتها التي في نيلها رداها منعها من الركون إلى لذاتها ومطالبة ما استدعته العيون الطامحة بلحظاتها لتنال نصيبها من كرامته وثوابه موفرا كاملا وتلتذ آجلا بأضعاف ما تركته لله عاجلا وأمرها بالصيام عن محارمه ليكون فطرها عنده يوم لقائه وأخبرها أن معظم نهار الصيام قد ذهب وأن عيد اللقاء قد اقترب فلا يطول عليها الأمد باستبطائه كما قيل
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ... ويذهب هذا كله ويزول
هيأها لأمر عظيم وأعدها لخطب جسيم وادخر لها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من النعيم المقيم واقتضت حكمته البالغة أنها لا تصل إليه إلا من طريق المكاره والنصب ولا تعبر إليه إلا على جسر المشقة والتعب فحجبه بالمكروهات صيانة له عن الأنفس الدنيات المؤثرة للرذائل والسفليات وشمرت إليه النفوس العلويات والهمم العليات امتطت في السير إليه ظهور العزمات فسارت في ظهورها إلى أشرف الغايات
وركب سروا والليل مرخ رواقه ... على كل مغبر الموارد قائم
حدوا عزمات ضاعت الأرض بينها ... فصار سراهم في ظهور العزائم
أرتهم نجوم الليل ما يطلبونه ... على عاتق الشعرى وهام النعائم
فأموا حمى لا ينبغي لسواهم ... وما أخذتهم فيه لومة لائم
أجابوا منادى الحبيب لما أذن لهم حي على الفلاح وبذلوا نفوسهم في مرضاته بذل المحب بالرضا والسماح وواصلوا السير إليه بالغدو والرواح فحمدوا عند الوصول مسراهم وإنما يحمد القوم السرى عند الصباح تعبوا قليلا فاستراحوا طويلا وتركوا حقيرا واعتاضوا عظيما وضعوا اللذة العاجلة والعاقبة الحميدة في ميزان العقل فظهر لهم التفاوت فرأوا من أعظم السفه بيع الحياة الطيبة الدائمة في النعيم المقيم بلذة ساعة تذهب شهوتها وتبقى شقوتها
هذا وإن من أيام اللذات لو صفت للعبد من أول عمره إلى آخره لكانت كسحابة صيف تتقشع عن قليل وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى آذن بالرحيل قال الله تعالى أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ومن ظفر بمأموله من ثواب الله فكأنه لم يوتر من دهره بما كان يحاذره ويخشاه وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت من الشعر
كأنك لم توتر من الدهر مرة ... إذا أنت أدركت الذي أنت طالبه فصل
وهذا ثمرة العقل الذي به عرف الله سبحانه وتعالى وأسماؤه وصفات كماله ونعوت جلاله وبه آمن المؤمنون بكتبه ورسله ولقائه وملائكته وبه عرفت آيات ربوبيته وأدلة وحدانيته ومعجزات رسله وبه امتثلت أوامره واجتنبت نواهيه وهو الذي تلمح العواقب فراقبها وعمل بمقتضى مصالحها وقاوم الهوى فرد جيشه مفلولا وساعد الصبر حتى ظفر به بعد أن كان بسهامه مقتولا وحث على الفضائل ونهى عن الرذائل وفتق المعاني وأدرك الغوامض وشد أزر العزم فاستوى على سوقه وقوى أزر الحزم حتى حظى من الله بتوفيقه فاستجلب ما يزين ونفى ما يشين فإذا نزل وسلطانه أسر جنود الهوى فحصرها في حبس من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه ونهض بصاحبه إلى منازل الملوك إذا صير الهوى الملك بمنزلة العبد المملوك فهي شجرة
عرقها الفكر في العواقب وساقها الصبر وأغصانها العلم وورقها حسن الخلق وثمرها الحكمة ومادتها توفيق من أزمة الأمور بيديه وابتداؤها منه وانتهاؤها إليه وإذا كان هذا وصفه فقبيح أن يدال عليه عدوه فيعزله عن مملكته ويحطه عن رتبته ويستنزله عن درجته فيصبح أسيرا بعد أن كان أميرا ومحكوما بعد أن كان حاكما وتابعا بعد أن كان متبوعا ومن صبر على حكمه أرنعه في رياض الأماني والمنى ومن خرج عن حكمه أورده حياض الهلاك والردى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقد سبق إلى جنات عدن أقوام ما كانوا بأكثر الناس صلاة ولا صياما ولا حجا ولا اعتمارا لكنهم عقلوا عن الله مواعظه فوجلت منه قلوبهم واطمأنت إليه نفوسهم وخشعت له جوارحهم ففاقوا الناس بطيب المنزلة وعلو الدرجة عند الناس في الدنيا وعند الله في الآخرة وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ولكنه الذي يعرف خير الشرين وقالت عائشة رضي الله عنها قد أفلح من جعل الله له عقلا وقال ابن عباس رضي الله عنهما ولد لكسرى مولود فأحضر بعض المؤدبين ووضع الصبى بين يديه وقال ما خير ما أوتي هذا المولود قال عقل يولد معه قال فإن لم يكن قال فأدب حسن يعيش به في الناس قال فإن لم يكن قال فصاعقة تحرقه وقال بعض أهل العلم لما أهبط الله تبارك وتعالى آدم إلى الأرض أتاه جبريل عليه السلام بثلاثة أشياء الدين والخلق والعقل فقال إن الله يخيرك بين هذه الثلاثة فقال يا جبريل ما رأيت أحسن من هؤلاء إلا في
الجنة ومد يده إلى العقل فضمه إلى نفسه فقال للآخرين اصعدا فقالا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان فصارت الثلاثة إلى آدم عليه السلام وهذه الثلاثة أعظم كرامة أكرم الله بها عبده وأجل عطية أعطاه إياها وجعل لها ثلاثة أعداء الهوى والشيطان والنفس الأمارة والحرب بينهما دول وسجال وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم وقال وهب بن منبه قرأت في بعض ما أنزل الله تعالى إن الشيطان لم يكابد شيئا أشد عليه من مؤمن عاقل وإنه ليسوق مائة جاهل فيستجرهم حتى يركب رقابهم فينقادون له حيث شاء ويكابد المؤمن العاقل فيصعب عليه حتى ينال منه شيئا من حاجته قال وإزالة الجبل صخرة صخرة أهون على الشيطان من مكابدة المؤمن العاقل فإذا لم يقدر عليه تحول إلى الجاهل فيستأسره ويتمكن من قياده حتى يسلمه إلى الفضائح التي يتعجل بها في الدنيا الجلد والرجم والقطع والصلب والفضيحة وفي الآخرة العار والنار والشنار وإن الرجلين ليستويان في البر ويكون بينهما في الفضل كما بين المشرق والمغرب بالعقل وما عبد الله بشيء أفضل من العقل وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه لو أن العاقل أصبح وأمسى وله ذنوب بعدد الرمل كان وشيكا بالنجاة والتخلص منها ولو أن الجاهل أصبح وأمسى وله من الحسنات وأعمال البر عدد الرمل لكان وشيكا أن لا يسلم له منها مثقال ذرة قيل وكيف ذلك قال إن العاقل إذا زل تدارك ذلك بالتوبة والعقل الذي رزقه والجاهل بمنزله الذي يبني ويهدم فيأتيه من جهله ما يفسد صالح عمله وقال الحسن لا يتم دين الرجل حتى
يتم عقله وما أودع الله امرأ عقلا إلا استنقذه به يوما وقال بعض الحكماء من لم يكن عقله أغلب الأشياء عليه كان حتفه وهلاكه في أحب الأشياء إليه وقال يوسف بن أسباط العقل سراج ما بطن وزينة ما ظهر وسائس الجسد وملاك أمر العبد ولا تصلح الحياة إلا به ولا تدور الأمور إلا عليه وقيل لعبدالله بن المبارك ما أفضل ما أعطي الرجل بعد الإسلام قال غريزة عقل قيل فإن لم يكن قال أدب حسن قيل فإن لم يكن قال أخ صالح يستشيره قيل فإن لم يكن قال صمت طويل قيل فإن لم يكن قال موت عاجل وفي ذلك قيل
ما وهب الله لامرئ هبة ... أحسن من عقله ومن أدبه
هما جمال الفتى فإن فقدا ... ففقده للحياة أجمل به فصل
وإذا كانت الدولة للعقل سالمه الهوى وكان من خدمه وأتباعه كما أن الدولة إذا كانت للهوى صار العقل أسيرا في يديه محكوما عليه ولما كان العبد لا ينفك عن الهوى ما دام حيا فإن هواه لازم له كان له الأمر بخروجه عن الهوى بالكلية كالممتنع ولكن المقدور له والمأمور به أن يصرف هواه عن مراتع الهلكة إلى مواطن الأمن والسلامة مثاله أن الله سبحانه وتعالى لم يأمره بصرف قلبه عن هوى النساء جملة بل أمره بصرف ذلك الهوى إلى نكاح ما طاب له منهن من واحدة إلى أربع ومن الإماء ما شاء فانصرف مجرى الهوى من محل إلى محل وكانت الريح دبورا فاستحالت صبا وكذلك هو الظفر والغلبة والقهر لم يأمر بالخروج عنه بل أمر بصرفه إلى الظفر والقهر والغلبة للباطل وحزبه وشرع له من أنواع المغالبات بالسباق وغيره
مما يمرنه ويعده للظفر وكذلك هوى الكبر والفخر والخيلاء مأذون فيه بل مستحب في محاربة أعداء الله وقد رأى النبي أبا دجانة سماك بن خرشة الأنصاري يتبختر بين الصفين فقال إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن وقال إن من الخيلاء ما يحبها الله ومنها ما يبغض الله فالتي يحبها اختيال الرجل في الحرب وعند الصدقة وذكر الحديث فما حرم الله على عباده شيئا إلا عوضهم خيرا منه كما حرم عليهم الاستقسام بالأزلام وعوضهم منه دعاء الاستخارة وحرم عليهم الربا وعوضهم منه التجارة الرابحة وحرم عليهم القمار وأعاضهم منه أكل المال بالمسابقة النافعة في الدين بالخيل والإبل والسهام وحرم عليهم الحرير وأعاضهم منه أنواع الملابس الفاخرة من الصوف والكتان والقطن وحرم عليهم الزنا واللواط وأعاضهم منهما بالنكاح والتسري بصنوف النساء الحسان وحرم عليهم شرب المسكر وأعاضهم عنه بالأشربة اللذيذة النافعة للروح والبدن وحرم عليهم سماع آلات اللهو من المعازف والمثاني وأعاضهم عنها بسماع القرآن والسبع المثاني وحرم عليهم الخبائث من المطعومات وأعاضهم عنها بالمطاعم الطيبات ومن تلمح
هذا وتأمله هان عليه ترك الهوى المردي واعتاض عنه بالنافع المجدي وعرف حكمة الله ورحمته وتمام نعمته على عباده فيما أمرهم به ونهاهم عنه وفيما أباحه لهم وأنه لم يأمرهم بما أمرهم به حاجة منه إليهم ولا نهاهم عنه بخلا منه تعالى عليهم بل أمرهم بما أمرهم إحسانا منه ورحمة ونهاهم عما نهاهم عنه صيانة لهم وحمية فلذلك وضعنا هذا الكتاب وضع عقد الصلح بين الهوى والعقل وإذا تم عقد الصلح بينهما سهل على العبد محاربة النفس والشيطان والله سبحانه المستعان وعليه التكلان فما كان فيه من صواب فمن الله فهو الموفق له والمعين عليه وما كان فيه من خطإ فمني ومن الشيطان والله ورسوله من ذلك بريئان وقد جعلته تسعة وعشرين بابا
الباب الأول في أسماء المحبة الباب الثاني في اشتقاق هذه الأسماء
ومعانيها الباب الثالث في نسبة هذه الأسماء بعضها إلى بعض
الباب الرابع في أن العالم العلوي والسفلي إنما وجد بالمحبة ولأجلها
الباب الخامس في دواعي المحبة ومتعلقها
الباب السادس في أحكام النظر وغائلته وما يجني على صاحبه
الباب السابع في ذكر مناظرة بين القلب والعين الباب الثامن في ذكر الشبه
التي احتج بها من أباح النظر إلى من لا يحل له الاستمتاع به وأباح عشقه
الباب التاسع في الجواب عما احتجت به هذه الطائفة وما لها وما عليها في
هذا الاحتجاج الباب العاشر في ذكر حقيقة العشق وأوصافه وكلام الناس فيه
الباب الحادي عشر في العشق وهل هو اضطراري خارج عن الاختيار أو أمر اختياري واختلاف الناس في ذلك وذكر الصواب فيه
الباب الثاني عشر في سكرة العشاق الباب الثالث عشر في أن اللذة تابعة
للمحبة في الكمال والنقصان
الباب الرابع عشر فيمن مدح العشق وتمناه وغبط صاحبه على ما أوتيه من مناه
الباب الخامس عشر فيمن ذم العشق وتبرم به وما احتج به كل فريق على صحة مذهبه
الباب السادس عشر في الحكم بين الفريقين وفصل النزاع بين الطائفتين الباب
السابع عشر في استحباب تخير الصور الجميلة للوصال الذي يحبه الله ورسوله
الباب الثامن عشر في أن دواء المحبين في كمال الوصال الذي أباحه رب
العالمين الباب التاسع عشر في ذكر فضيلة الجمال وميل النفوس إليه على كل حال
الباب العشرون في علامات المحبة وشواهدها الباب الحادي والعشرون في
اقتضاء المحبة إفراد الحبيب بالمحب وعدم التشريك بينه وبين غيره فيه
الباب الثاني والعشرون في غيرة المحبين على أحبابهم الباب الثالث
والعشرون في عفاف المحبين مع أحبابهم
الباب الرابع والعشرون في ارتكاب سبل الحرام وما يفضي إليه من المفاسد
والآلام
الباب الخامس والعشرون
في رحمة المحبين والشفاعة لهم إلى أحبابهم في الوصال الذي يبيحه الدين
الباب السادس والعشرون في ترك المحبين أدنى المحبوبين رغبة في أعلاهما
الباب السابع والعشرون فيمن ترك محبوبه حراما فبذل له حلالا أو أعاضه
الله خيرا منه
الباب الثامن والعشرون فيمن آثر عاجل العقوبة والآلام على لذة الوصال الحرام
الباب التاسع والعشرون في ذم الهوى وما في مخالفته من نيل المني وسميته روضة المحبين ونزهة المشتاقين
والمرغوب إلى من يقف على هذا الكتاب أن يعذر صاحبه فإنه علقه في حال بعده عن وطنه وغيبته عن كتبه فما عسى أن يبلغ خاطره المكدود وسعيه المجهود مع بضاعته المزجاة التي حقيق بحاملها أن يقال فيه تسمع بالمعيدي خير من أن تراه وها هو قد نصب نفسه هدفا لسهام الراشقين وغرضا لأسنة الطاعنين فلقاريه غنمه وعلى مؤلفه غرمه وهذه بضاعته تعرض عليك وموليته تهدى إليك فإن صادفت كفؤا كريما لها لن تعدم منه إمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان وإن صادفت غيره فالله تعالى المستعان وعليه التكلان وقد رضي من مهرها بدعوة خالصة إن وافقت قبولا واستحسانا وبرد جميل إن كان حظها احتقارا واستهجانا والمنصف يهب
خطأ المخطىء لإصابته وسيئاته لحسناته فهذه سنةالله في عباده جزاء وثوابا ومن ذا الذي يكون قوله كله سديدا وعمله كله صوابا وهل ذلك إلا المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ونطقه وحي يوحى فما صح عنه فهو نقل مصدق عن قائل معصوم وما جاء عن غيره فثبوت الأمرين فيه معدوم فإن صح النقل لم يكن القائل معصوما وإن لم يصح لم يكن وصوله إليه معلوما فصل
وهذا الكتاب يصلح لسائر طبقات الناس فإنه يصلح عونا على الدين وعلى الدنيا ومرقاة للذة العاجلة ولذة العقبى وفيه من ذكر أقسام المحبة وأحكامها ومتعلقاتها وصحيحها وفاسدها وآفاتها وغوائلها وأسبابها وموانعها وما يناسب ذلك من نكت تفسيرية وأحاديث نبوية ومسائل فقهية وآثار سلفية وشواهد شعرية ووقائع كونية ما يكون ممتعا لقاريه مروحا للناظر فيه فإن شاء أوسعه جدا وأعطاه ترغيبا وترهيبا وإن شاء أخذ من هزله وملحه نصيبا فتارة يضحكه وتارة يبكيه وطورا يبعده من أسباب اللذة الفانية وطورا يرغبه فيها ويدنيه فإن شئت وجدته واعظا ناصحا وإن شئت وجدته بنصيبك من اللذة والشهوة ووصل الحبيب مسامحا وهذا حين الشروع في الأبواب والله سبحانه الفاتح من الخير كل باب وهو المسؤول سبحانه أن يجعله خالصا لوجهه الكريم مدنيا من رضاه والفوز بجنات النعيم والله متولي سريرة العبد وكسبه وهو سبحانه عند لسان كل قائل وقلبه وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق