أيها الأخوة الكرام ، في كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري رحمه الله تعالى كتاب السنة ، قال عليه الصلاة والسلام :
(( من رغب عن سنتي فليس مني )) .
[متفق عليه عن أنس بن مالك] .
النبي عليه الصلاة والسلام جاء بسنة قولية ، وعملية ، وإقرارية ، فكل أقواله تشريع ، وكل أفعاله تشريع ، وكل إقراراته تشريع ، فالذي يرفض في نفسه توجيه النبي ، وأمر النبي عليه الصلاة والسلام ، ونهي النبي ، وسنة النبي ، فليس من المسلمين .
(( من رغب عن سنتي فليس مني )) .
[ متفق عليه عن أنس بن مالك] .
أن تقول : اللهم صلِّ على رسول الله كلما ذُكر ، وأن تخالف سنته ، هذا القول لا يقدم ولا يؤخر ، يجب أن نبقى في جوهر الدين ، حينما تحتفل خلاف السنة ، حينما تتاجر خلاف السنة ، حينما تسافر خلاف السنة ، حينما يكون البيت خلاف السنة ، حينما تكون الحركة اليومية خلاف السنة ، حينما تقلد الأجانب ، حينما ترفض ولو بنفسك توجيه النبي و لا ترى أنه التوجيه المناسب لهذا العصر .
(( من رغب عن سنتي فليس مني )) .
علامة إيمانك أن تقبل سنة رسول الله ملء السمع والبصر ، والحديث متفق عليه ويجب أن نعلم ما معنى متفق عليه ؟ أي أورده البخاري ومسلم ، والبخاري ومسلم أصح كتابين بعد كتاب الله ، إذا اجتمع البخاري ومسلم فهو أعلى نص على الإطلاق بعد القرآن الكريم .
(( من رغب عن سنتي فليس مني )) .
لا يمكن أن تقبل توجيه إنسان يخالف توجيه النبي و إلا لست مؤمناً ، لأنك تعتقد ضمناً أن هذا الإنسان أكمل من سلوك النبي ، والله سبحانه وتعالى قد عصم النبي ، عصمه عن أن يخطئ في أقواله ، وفي أفعاله ، و في إقراره ، فإذا اتبعت توجيهاً أملاه عليك العرف الغير منضبط بالشرع ، أو المصالح ، أو تقليد الأجانب ، أو إنسان غير متبصر بالسنة ، أعطاك توجيهاً خلاف توجيه رسول الله ، واتبعت هذا التوجيه اعلم أنك لست من أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(( من رغب عن سنتي فليس مني )) .
[ متفق عليه عن أنس بن مالك] .
أي إذا رفضت السنة رفضاً قولياً ، أو سلوكياً ، أو نفسياً .
وعن العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث هذا وزاد عليه :
(( فعليكم بسنّتي وسنّةِ الخلفَاءِ الراشِدينَ المهديِّينَ ، تمسكوا بها ، وعَضُّوا عليها بالنواجِذِ ، وإياكم ومُحدثاتِ الأمورِ ، فإنَّ كلَّ مُحدثَةٍ بدْعةٌ ، وكل بدْعَةٍ ضَلاَلَة ، و كل ضلالة في النار )) .
[ أبو داود عن العرباض بن سارية ] .
طبعاً الدين عقائده وعباداته لا يزاد عليها أبداً ، إلا أن تشريعاته يمكن للمجتهدين على مرّ العصور أن يستنبطوا أحكاماً فرعية من نصوص كلية ، هذا الهامش المسموح من رسول الله ، استنباط أحكام تفصيلية فرعية من نصوص كلية ، هذا في المعاملات فقط ، وفيما لم يرد فيه نص ، أما العقائد والعبادات هذه منتهية ، لا يزاد عليها أبداً .
(( فإنَّ كلَّ مُحدثَةٍ بدْعةٌ ، وكل بدْعَةٍ ضَلاَلَة ، وكل ضلالة في النار )) .
لم يكن على عهد النبي تكييف في المساجد فرضاً ، لم يكن تكبير للصوت ، هذا ليس من البدعة ، هذا في شؤون الدنيا ، في شؤون الدنيا نقبل كل جديد متوافق مع منهج الله ، يسرنا على المصلين الماء الساخن في الشتاء ، الماء البارد في الصيف ، الإضاءة الجيدة ، تكبير الصوت ، أضرب أمثلة منتزعة من المسجد ، هذا من شؤون الدنيا ، هذه تحسينات ، هذه ليست بدعة ، أو إن صحّ التعبير هذه البدع الحسنة .
(( مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )) .
[ الطبراني في الكبير عن واثلة بن الأسقع] .
هذه سماها العلماء بدعة في اللغة ، بدعة لغوية ، أما أن تضيف في العقيدة شيئاً ما ذكره العلماء السابقون ، أو أن تضيف في العبادة شيئاً ما سنّه النبي عليه الصلاة والسلام أنت مبتدع ، والمبتدع لا يقبل الله منه صلاةً ، ولا صياماً ، ولا حجاً ، المبتدع الذي أحدث في أمر هذه الأمة ما ليس فيها ، أي جعل الإسلام إسلاميين ، أو الإيمان إيمانيين ، ابتدع شيئاً جديداً ففرق الأمة .
( سورة الأنعام الآية : 159 ) .
إذاً :
(( فعليكم بسنّتي وسنّةِ الخلفَاءِ الراشِدينَ المهديِّينَ ، تمسكوا بها ، وعَضُّوا عليها بالنواجِذِ ، وإياكم ومُحدثاتِ الأمورِ ، فإنَّ كلَّ مُحدثَةٍ بدْعةٌ ، وكل بدْعَةٍ ضَلاَلَة )) .
[ أبو داود عن العرباض بن سارية ] .
حديث آخر :
(( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به ، فإنكم لن تضلوا ، ولن تهلكوا بعده أبداً )) .
[ الطبراني في الكبير عن أبي شريح الخزاعي] .
حبل طرفه بيد الله ، وطرفه الآخر بأيديكم ، فتمسكوا به ، فإن تمسكتم به فأنتم مع الله ، إن تمسكتم به فإنكم برعاية الله ، وحماية الله ، وتوفيق الله ، ونصر الله .
(( إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً )) .
لذلك ورد في القرآن الكريم :
( سورة الأنفال الآية : 33 ) .
النبي مات ، انتقل إلى الرفيق الأعلى ، العلماء قالوا : ما دمت يا محمد سنتك في بيوتهم ، في تجارتهم ، في كسبهم ، في لقاءاتهم ، في أفراحهم ، في أتراحهم ، لن يعذبوا .
عقد قران مختلط هذا خلاف السنة ، أيعقل ! التصوير في الأعراس ، هذه معصية كبيرة جداً ، نساء المسلمين كاسيات عاريات ، في أبهى زينة ، تأخذ الشريط وترى هؤلاء جميعاً ، أنت في البيت ؟ هذه زوجة فلان ، وهذه كذا ، أي معصية أشد من هذه المعصية ؟ بيت مسلم تصوير ! لابد من التصوير ، وقد يكُنّ محجبات في الطريق ، وهذا التصوير ماذا نفعل به ؟ قال : للذكرى ، وأية ذكرى هذه ؟ هذا شريط يراه كل الناس ، يطبع منه مئات النسخ ، يمكن أن ترى نساء المسلمين بأبهى زينة وكأنهن كاسيات عاريات .
فكل إنسان يقول : اللهم صلِّ على النبي ويزيده صلاة ، ويصلي عليه ، ويخالف سنته ، هذا كلام لا يقدم و لا يؤخر ، يجب أن تطبق منهج النبي في احتفالاتك ، بأفراحك ، بأحزانك ، بتجارتك ، ببيعك ، بشرائك ، آلاف الأساليب في البيع غير شرعية .
(( إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً )) .
[ الطبراني في الكبير عن أبي شريح الخزاعي] .
( سورة الأنفال ) .
أنت في بحبوحتين ، بحبوحة تطبيق السنة فأنت في أمان من عذاب الله ، وفي بحبوحة الاستغفار ، غلطت ، لا يوجد مانع ، المؤمن مذنب تواب ، سريع التوبة ، عندك حالتين إما أنك مع السنة ، أو تستغفر ، أما لست مع السنة ولا تستغفر ، لا تنتظر من الله إلا التأديب .
أيضاً قال عليه الصلاة والسلام :
(( مَنْ أكلَ طَيبا )) .
[الترمذي عن أبي سعيد الخدري] .
النبي عليه الصلاة والسلام يلح على أكل الطيب ، أي عملت عملاً صحيحاً مخلصاً ، لا كذب فيه ، لا غش فيه ، لا تدليس فيه ، لا احتكار فيه ، لا احتيال فيه ، لا استغلال فيه ، عملت عملاً صحيحاً وفق السنة مئة بالمئة ، كسبت مالاً ، هذا المال اشتريت به طعاماً هذا الطعام طيب ، الطعام الذي تأكله ، والذي اشتريته بمال حلال نتيجة عمل صحيح ، هذا هو الطعام الطيب ، فقال :
(( مَنْ أكلَ طَيبا ، وعَمِلَ في سُنَّة ، وأمِنَ الناسُ بوائِقَهُ ـ أي غوائله وشروره ـ دخل الجنة )) .
[الترمذي عن أبي سعيد الخدري] .
التقيت مع أشخاص كثيرين بالسادسة و التسعين ، و الثامنة و التسعين ، و المئة ، الذي لفت نظري أن هؤلاء عاشوا هذا العمر المديد ، وتمتعوا بهذه الصحة لأنهم لم يأكلوا حراماً ، الغريب هناك شخص توفي ـ رحمه الله ـ زرته وهو في السادسة و التسعين ، هو والد صديق ، قال لي : أنا أجريت تحليلات من يومين والحمد لله كل النسب طبيعية ، بالسادسة و التسعين وكله طبيعي ؟! لا يوجد معه أسيد أوريك ؟ ولا كلسترول ؟ ولا سكر ؟ قال لي : والله ما أكلت قرشاً حراماً في حياتي ، والله هذا الكلام سمعته من عشرات أشخاص، وهم في ريعان شباب الشيخوخة ، يمكن إنسان بالتسعين صحته كاملة ؟.
سألت أحد أخواننا الأطباء ـ وهو طبيب أسنان ـ هل يوجد عندك مريض أسنانه سليمة مئة بالمئة ؟ قال لي : والدي ، والده من أخواننا يحضر معنا ، في الخامسة و الثمانين ، أقسم لي بالله أنه عمل بالصناعة أربعين سنة ، و لم يشرب كأساً من الشاي مسخن على سخان الكهرباء من المدرسة .
تجد شخصاً يتمتع بأعلى صحة ، وبأعلى قوة ، ونشاط ، لأنه ما أكل حراماً ، هذه :
(( مَنْ أكلَ طَيبا )) .
الحرام مهما كان كثيراً اركله بقدمك ، ودرهم حلال في بركة ، في خير ، أفضل لك ، يقول لك : الدخل لا يكفي ، هناك شيء لا تراه بعينك ، ما يسمى بالبركة ، الله جلّ جلاله يخلق من الشيء القليل الخير الكثير ، كيف ؟ لا أعرف ، لكن فيه بركة ، أكل ، شرب، نام ، استمتع بكل شيء ودخل كبير ، كيف ؟ على الحسابات لا تصح ، على الآلة الحاسبة صعب أن تصح ، لكن هناك بركة ، الله يبارك له في هذا الدخل الحلال ، فلا تبحث عن دخل كبير فيه شبهة ، ارضَ بالدخل الحلال الصافي .
(( مَنْ أكلَ طَيبا ، وعَمِلَ في سُنَّة ، وأمِنَ الناسُ بوائِقَهُ ، دخل الجنة )) .
أبسط مثل إنسان يضطر أن يضع على صحته مئات الألوف بل ملايين ، فإذا الله أعفاه من شؤون صحته ، أقل حركة بمئات الألوف ، يحتاج مرنان بثلاثة عشر ألفاً ، يحتاج طبقي شعاعي بخمسة آلاف ، أقل حركة بمئات الألوف .
فلذلك :
(( مَنْ أكلَ طَيبا ، وعَمِلَ في سُنَّة ، وأمِنَ الناسُ بوائِقَهُ ، دخل الجنة )) .
[الترمذي عن أبي سعيد الخدري] .
الحديث الأخير : رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع فقال :
(( إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه )) .
[الحاكم في المستدرك عن ابن عباس] .
الحقيقة المؤمن الصادق لا يقبل شيئاً خلاف السنة ، ولا يرفض شيئاً وفق السنة ، فإن قبلت شيئاً خلاف السنة فهناك خلل في إيمانك ، وإن رفضت السنة ففي إيمانك خلل .
( سورة آل عمران الآية : 31 ) .
الله في القرآن الكريم جعل علامة محبتك لله اتباع سنة نبيه ، ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ﴾ ، جعل علامة محبتك لله اتباع السنة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق