بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 13 أبريل 2010

نبذ من الأحاديث القدسية

حدثنا ‏ ‏إسماعيل ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏عمرو بن يحيى المازني ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏رضي الله عنه ‏
‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يقول الله تعالى ‏ ‏أخرجوا من النار من كان في قلبه ‏ ‏مثقال ‏ ‏حبة من ‏ ‏خردل ‏ ‏من إيمان فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا ‏ ‏أو الحياة شك ‏ ‏مالك ‏ ‏فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية ‏
‏قال ‏ ‏وهيب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عمرو ‏ ‏الحياة وقال ‏ ‏خردل ‏ ‏من خير ‏

فتح الباري بشرح صحيح البخاري


‏قَوْله ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل ) ‏
‏هُوَ اِبْن أَبِي أُوَيْس عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه الْأَصْبَحِيّ الْمَدَنِيّ اِبْن أُخْت مَالِك , وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَة هَذَا الْحَدِيث عَبْد اللَّه بْن وَهْب وَمَعْن بْن عِيسَى عَنْ مَالِك , وَلَيْسَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأ . قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : هُوَ غَرِيب صَحِيح . ‏

‏قَوْله : ( يَدْخُل ) ‏
‏لِلدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل وَغَيْره " يُدْخِل اللَّه " وَزَادَ مِنْ طَرِيق مَعْن " يُدْخِل مَنْ يَشَاء بِرَحْمَتِهِ " وَكَذَا لَهُ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيق اِبْن وَهْب . ‏

‏قَوْله : ( مِثْقَال حَبَّة ) ‏
‏بِفَتْحِ الْحَاء هُوَ إِشَارَة إِلَى مَا لَا أَقَلّ مِنْهُ , قَالَ الْخَطَّابِيّ : هُوَ مَثَل لِيَكُونَ عِيَارًا فِي الْمَعْرِفَة لَا فِي الْوَزْن ; لِأَنَّ مَا يُشْكِل فِي الْمَعْقُول يُرَدّ إِلَى الْمَحْسُوس لِيُفْهَم . وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ : الْوَزْن لِلصُّحُفِ الْمُشْتَمِلَة عَلَى الْأَعْمَال , وَيَقَع وَزْنهَا عَلَى قَدْر أُجُور الْأَعْمَال . وَقَالَ غَيْره : يَجُوز أَنْ تُجَسَّد الْأَعْرَاض فَتُوزَن , وَمَا ثَبَتَ مِنْ أُمُور الْآخِرَة بِالشَّرْعِ لَا دَخْل لِلْعَقْلِ فِيهِ , وَالْمُرَاد بِحَبَّةِ الْخَرْدَل هُنَا مَا زَادَ مِنْ الْأَعْمَال عَلَى أَصْل التَّوْحِيد , لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى " أَخْرِجُوا مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَعَمِلَ مِنْ الْخَيْر مَا يَزِنُ ذَرَّة " . وَمَحَلّ بَسْط هَذَا يَقَع فِي الْكَلَام عَلَى حَدِيث الشَّفَاعَة حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الرِّقَاق . ‏

‏قَوْله : ( فِي نَهَر الْحَيَاء ) ‏
‏كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة بِالْمَدِّ , وَلِكَرِيمَة وَغَيْرهَا بِالْقَصْرِ , وَبِهِ جَزَمَ الْخَطَّابِيّ وَعَلَيْهِ الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الْمُرَاد كُلّ مَا بِهِ تَحْصُل الْحَيَاة , وَالْحَيَا بِالْقَصْرِ هُوَ الْمَطَر , وَبِهِ تَحْصُل حَيَاة النَّبَات , فَهُوَ أَلْيَق بِمَعْنَى الْحَيَاة مِنْ الْحَيَاء الْمَمْدُود الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْخَجَل . ‏

‏قَوْله : ( الْحِبَّة ) ‏
‏بِكَسْرِ أَوَّله , قَالَ أَبُو حَنِيفَة الدِّينَوَرِيّ : الْحِبَّة جَمْع بُزُور النَّبَات وَاحِدَتهَا حَبَّة بِالْفَتْحِ , وَأَمَّا الْحِبّ فَهُوَ الْحِنْطَة وَالشَّعِير , وَاحِدَتهَا حَبَّة بِالْفَتْحِ أَيْضًا , وَإِنَّمَا اِفْتَرَقَا فِي الْجَمْع . وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْمُنْتَهَى : الْحِبَّة بِالْكَسْرِ بُزُور الصَّحْرَاء مِمَّا لَيْسَ بِقُوتٍ . ‏

‏قَوْله : ( قَالَ وُهَيْب ) ‏
‏أَيْ : اِبْن خَالِد ( حَدَّثَنَا عَمْرو ) أَيْ : اِبْن يَحْيَى الْمَازِنِيّ الْمَذْكُور . ‏

‏قَوْله : ( الْحَيَاة ) ‏
‏بِالْخَفْضِ عَلَى الْحِكَايَة , وَمُرَاده أَنَّ وُهَيْبًا وَافَقَ مَالِكًا فِي رِوَايَته لِهَذَا الْحَدِيث عَنْ عَمْرو بْن يَحْيَى بِسَنَدِهِ , وَجَزَمَ بِقَوْلِهِ فِي نَهْر الْحَيَاة وَلَمْ يَشُكّ كَمَا شَكَّ مَالِك . ‏
‏( فَائِدَة ) : ‏
‏أَخْرَجَ مُسْلِم هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة مَالِك فَأَبْهَمَ الشَّاكّ , وَقَدْ يُفَسَّر هُنَا . ‏

‏قَوْله ( وَقَالَ خَرْدَل مِنْ خَيْر ) ‏
‏هُوَ عَلَى الْحِكَايَة أَيْضًا , أَيْ : وَقَالَ وُهَيْب فِي رِوَايَته : مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل مِنْ خَيْر , فَخَالَفَ مَالِكًا أَيْضًا فِي هَذِهِ الْكَلِمَة . وَقَدْ سَاقَ الْمُؤَلِّف حَدِيث وُهَيْب هَذَا فِي كِتَاب الرِّقَاق عَنْ مُوسَى , بْن إِسْمَاعِيل عَنْ وُهَيْب , وَسِيَاقه أَتَمّ مِنْ سِيَاق مَالِك ; لَكِنَّهُ قَالَ " مِنْ خَرْدَل مِنْ إِيمَان " كَرِوَايَةِ مَالِك , فَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّف بِهَذَا , وَلَا اِعْتِرَاض عَلَيْهِ فَإِنَّ أَبَا بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث فِي مُسْنَده عَنْ عَفَّان بْن مُسْلِم عَنْ وُهَيْب فَقَالَ " مِنْ خَرْدَل مِنْ خَيْر " كَمَا عَلَّقَهُ الْمُصَنِّف , فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُرَاده لَا لَفْظ مُوسَى . وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ أَبِي بَكْر هَذَا , لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظه , وَوَجْه مُطَابَقَة هَذَا الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِر , وَأَرَادَ بِإِيرَادِهِ الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَان ضَرَر الْمَعَاصِي مَعَ الْإِيمَان , وَعَلَى الْمُعْتَزِلَة فِي أَنَّ الْمَعَاصِيَ مُوجِبَة لِلْخُلُودِ . ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم "قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"