بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة المؤمنون :
مع الدرس الخامس من دروس أسماء الله الحسنى الاسم المقرر اسم المهيمن .
يا أيها الأخوة الأكارم:
من منهج تدريس أسماء الله الحسنى نقاط ثلاثة :
النقطة الأولى : الحديث عن تعريف هذا الاسم .
النقطة الثانية : تطبيقاته العملية .
النقطة الثالثة : علاقة المؤمن به .
فمن معاني المهيمن الرقيب الشهيد الذي يعلم السر وأخفى ، يعلم خائنة الأعين ، يعلم ما تخفي الصدور ، يعلم ما ظهر وما بطن ، يعلم ما تعلن وما تسر ، يرى الأشياء ويرى ما خلف الأشياء ، يرى الظاهر ويرى الباطن .
ومن لوازم اسم المهيمن القدرة التامة على تحقيق مصالح ذلك الشيء علماً وقدرةً ، في بني البشر من يعلم ولكنه لا يقدر ، وفي بني البشر من يقدر ولكنه لا يعلم ، ومن لوازم اسم المهيمن صفة ثالثة المواظبة والاستمرار، قد تعلم ولا تقدر حيث يقول العوام : " العين بصيرة واليد قصيرة "، وقد تقدر ولا تعلم . فالإنسان القوي والذي يتمتع بأعلى درجات القوة ولكنه لا يعلم موجود ، وقد تعلم وتقدر وهذا النوع في بني البشر نادر الوجود أن تعلم وأن تقدر ولكن لا تضمن المستقبل. قد تكون على علم بما يجري تحت يديك على علم بما يجري حولك وأنت واثق بأن يدك تطول كل هذا الذي تحت سلطانك ولكن لا تدري ماذا يكون في المستقبل، أما إذا قلنا المهيمن اسم من أسماء الله الحسنى فمن لوازم المهيمن أنه يعلم ، ولا نهاية لعلمه لاشيء يخفى عليه ، فلو أن طبيباً فحص مريضة تشكو له من بعض أعضائها ، و استرق النظر إلى عضو آخر فهذه خيانة وليس في الأرض كلها من يعلم هذه الخيانة إلا الله ، يعلم خائنة الأعين ، أي يعلم السر ، علم ما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، يعلم السر وما يخفى عنك ، يعلم الجهر وما تعلنه ، يعلم السر وما تخفيه عن الناس ، يعلم ما هو أخفى من السر ما يخفى عنك ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم في خواطركم في صراعاتكم في نواياكم في طموحاتكم في حركاتكم في سكناتكم في سركم في جهركم في بواطنكم في علانيتكم يعلم كل شيء ، بالمناسبة لن يستطيع الإنسان أن يهيمن إن لم يعلم بتلك المعلومات والملابسات المحيطة بموضوعه قبل كل شيء ، لا يستطيع إنسان أن يهيمن على شيء ما مهما كان ضيقاً إن لم يعلم بكل ذلك يقولون : تقصَّ الحقائق ، يقولون : بِثَّ العيون ، كيف تملك القرار إن لم تملك الحقيقة ؟ المهيمن يعلم .
ولكن ما نفع العلم إذا كنت لا تقدر ها أنت تعلم ولا تقدر ، المهيمن يعلم وقادر على كل شيء لا يعجزه شيء ولا نهاية لتعلقات قدرته ، كل الممكنات أي كل ما سوى الله من ضمن قدرته ، ولكن قد تملك قد تعلم وقد تملك ولكن لا تعلم ما سيكون في الغد ، قال تعالى :
(سورة النور: الآية 44)
وقال تعالى :
(سورة آل عمران :الآية 140)
من لوازم المهيمن طبعاً أسوق لكم هذه الفكرة لتأكيد المعنى ، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا سافر يقول :
"اللهم أنت الرفيق في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد ".
هل تعتقدون أن هذه الصفة يمكن أن تكون في إنسان ما ، وأن يكون معك في السفر وفي الوقت نفسه أن يكون خليفتك في بيتك وأهلك وأولادك ، مستحيل إما أنه معك وإما أنه في بيتك ، لذلك قالوا هاتان الصفتان لا تجتمعان إلا لله عزوجل ، هو معك بالحفظ والرعاية والتوفيق والتسديد والنصر والتأييد وهو في البيت مع أولادك معية علم وقدرة ورعاية في غيبتك يحفظهم من كل مكروه يحفظهم من كل حادث ، هو معك وهو خليفتك في البيت .
أقول لكم من النادر أن يجتمع لإنسان العلم والقدرة ، لذلك في المجتمعات البشرية أفراد تفوقوا في العلم ولكن يدهم قصيرة ، وأفراد تفوقوا في القدرة ولكن علمهم محدود ، لكن لو أنه ، فرضاً ، اجتمع لإنسان وهذا شيء نادر جداً كمال العلم مع كمال القدرة ولا بالخمسين مليون قد يوجد إنسان فيه كمال العلم مع كمال القدرة لكن ينقصه رؤية المستقبل ، قد يأتي من هو أقوى منه فينتزع ما بيده ، قد يأتي من هو أذكى منه ، قد يأتي من هو أخبث منه فيأخذ ما بين يديه .
إذاً قد يجتمع العلم والقدرة ولا تملك المستقبل ولكن إذا قلت الله مهيمن معنى ذلك أنه يملك العلم الكامل :
( سورة الحجرات : الآية 16 )
والقدرة الكاملة لا نهاية لتعلقات علمه ولا نهاية لتعلقات قدرته وليس في الكون جهة أخرى تشاركه في الحكم قوله :
(سورة الكهف : الآية 26)
لو كان في الكون آلهة غير الله لفسدتا ، إذاً لذهب كل إله بما خلق ولَعَلا بعضهم على بعض ، لا يوجد جهة أخرى تنافس أو تسيطر أو تقاوم أو تنازع أو تفسد ، لذلك إذا اتكلت على المهيمن فهو الذي يعلم كل شيء وقادر على كل شيء وليس كمثله شيء .
ومن باب الموازنة : فالإنسان قد يملك ولا ينتفع ، قد يملك يبتاً ثمنه أربعون مليون ليرة لكنه مؤجر قبل عام السبعين مثلاً يملكه ولا ينتفع به ، وقد ينتفع ببيت لا يملكه ، وقد ينتفع به ويملكه فجأة صدر قرار استملاك مصيره ليس بيده ، أما إذا قلنا :
(سورة آل عمران )
فالكون كلهُ مْلكُهُ مِلكا وتصرفاً ومصيراً .
أيها الأخوة الأكارم ، جزء أساسي جداً من إيمانك بالله أن تعرف أسماءه الحسنى وصفاته الفضلى ، وقد يسأل سائل عن هذا الحديث المتواتر هل هو حديث صحيح قاله النبي ؟ :
" إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ".
نعم إنه صحيح ومتواتر ، إياك أن تفهم كلمة أحصاها أنه عدَّها ، إياك أن تفهم كلمة أحصاها أنه قرأها أو حفظها أو عدها لا، أحصاها فهمها ونال نصيبه منها ، إن لاحظتم في دروس سابقة كل اسم من أسماء الله الحسنى أنت كمؤمن لك منه نصيب فإن لم يكن لك نصيب من هذا الاسم فكأنك ما أحصيت هذه الأسماء لأن النبي علي الصلاة والسلام روي عنه قوله :
" تخلقوا بأخلاق الله ".
فالمهيمن علم لا نهاية له وقدرة تامة ومواظبة واستمرار هذا معنى المهيمن، ولكن هناك أربعة معانٍ فرعية تضفي على هذا المعنى شيئاً نفيساً جداً :
المعنى الأول : إذا كان الله هو المهيمن ففي معاني هيمنته الحب والشفقة ، أحياناً تقف الأم حول سرير ابنها المريض وهي تلاحظ حركاته وسكناته ، هذه الوقفة الحانية المشفقة وقفة علم وقفة سيطرة ولكن بدافع نبيل بدافع الشفقة والعطف والحنان ، فإذا قلنا فلان مهيمن بدافع الحقد وبدافع العنجهية والغطرسة والقوة والانتفاع والمناجزة وما إلى ذلك ، فهذا استبداد وبطش إن وصف الإنسان بأنه مهيمن لها معنى أما إن وصف الله عزوجل بأنه مهيمن فمن معاني هيمنة الله عزوجل حبه وعطفه على عباده ، النبي عليه الصلاة والسلام رأى امرأة تقبل ابنها فقال عليه الصلاة والسلام :
" أتلقي هذه المرأة بولدها إلى النار ؟ قالوا : معاذ الله ، النار حق وإحراقها حق ولهيبها حق ، ولكن هذا شيء متعلق بذات الله عزوجل ، قال : والذي نفس محمد بيده لله أرحم بعبده من هذه بولدها " .
فهيمنة الله عز وجل هيمنة عطف وحب وشفقة ورحمة وحرص على سعادتك وعلى آخرتك وعلى مستقبلك ، هذا المعنى الفرعي الأول علم وقدرة واستمرار ، أما المعاني الفرعية للهيمنة : الحب والشفقة .
فلان مهيمن على هذا المستودع أي أمين عليه لا يدع حاجة تخرج منه بلا علم وبلا تسجيل وبلا مراقبة وبلا محاسبة ، هيمنة الأمانة . ولندع المعنى الأول هيمنة الشفقة كالأم على ابنها .
والمعنى الثاني : هيمنة الأمانة ، لذلك من معاني المهيمن الحافظ :
(سورة يوسف : الآية 64 )
ومعنى مهيمن أنك إذا كنت مع الله عزوجل واعتقدت بوجوده وأردت أن تحاور إنساناً فأنت المنتصر ، الحوادث كلها تأتي مصدقة لك ، كل إنسان يطرح نظرية أو يطرح فرضية أو يطرح مذهباً أو يطرح فكرة أو يطرح تفسيراً أو يطرح تحليلاً أو يطرح عقيدةً ، الوقائع تثبت العقيدة التي جاء بها القرآن ، فإذا كنت أنت مع القرآن فأنت المهيمن وأنت المنتصر .
أن تقول مثلاً :
(سورة البقرة)
يمحق الله الربا ، هذه آية كريمة وهذه عقيدتك ، فالمرابي يقول لك العكس : أيعقل أن أجمد المال من دون أن أضعه في مصرف لأتقاضى عليه فائدة مجزية أعيش بها ، أنت كمؤمن تطرح أن الله عزوجل يمحق الربا وهذا المُعرض الكافر يطرح نظرية أخرى وهي أن الإنسان لا بد من أن يستثمر ماله ، الأيام تدور والوقائع تتجدد فإذا بهذا المرابي يمحق ماله ، من الذي هيمن في هذا الموضوع ؟ أنت، أنت اعتقدت أن المرابي يمحق ماله ، الأيام أكدت هذه الحقيقة فأنت المهيمن ، أنت تعتقد أن الإنسان إذا غض بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوة في قلبه وانعكس هذا في حياته الزوجية ، يقول لك آخر : لا هذه العين يجب أن تستمتع ، فهذا الجمال لمن خلق ؟ لنا ، فلا بد من إطلاق البصر وأن تملأ العين من هذه المناظر الحسنة الجميلة ، تقول له : لا هذا أمر إلهي وهذه آية قرآنية ، تدور الأيام فإذا بهذا الذي يمضي نهاره كله في الطرقات يملأ عينيه من الحرام قد أصيب بمرض ارتخاء الجفون ، من الذي هيمن في هذا الموضوع ؟ أنت ، أنت الذي هيمنت جاءت الوقائع تؤكد ما تعتقد من أن هذا أمر إلهي ، أنت إذا اخترت فتاة لم تخترها إلا لدينها وعفافها وشرفها وصلاحها وأسرتها الصالحة وآثرت دينها على الجمال وعلى المال وعلى الحسب وعلى النسب وعلى الوجاهة في الدنيا ، أنت انطلقت من أن هذا العمل هو طاعة لله عزوجل قال سبحانه :
(سورة البقرة : الآية 221)
هو انطلق من شهوته وقال : الزوجة يجب أن تكون مِلْءَ العين جمالاً وفتنة كما أحب كما أشتهي ولا قيمة لقلة دينها ، تدور الأيام هذا الذي اختار المرأة الصالحة لصلاحها ودينها ترى حياته الزوجية مستقرة وسعيدة ومفعمة بالمودة والمحبة ، تتنامى سعادته ويبارك الله له في هذه الزوجة ويأتيه الأولاد ، أما الذي آثر الجمال على الدين حياته قطعة من جحيم من الذي هيمن في الموضوع ؟ المؤمن ، لذلك ربنا عز وجل يقول:
(سورة القصص )
إذن هذه صحيحة من معاني المهيمن أن هيمنة الله عزوجل هيمنة حب وشفقة وأن هيمنة الله عزوجل هيمنة حفظ وأمانة .
ومن معاني هيمنة الله عزوجل أن الله عزوجل يصدقك بأفعاله ، أي شيء تعتقده ورد في القرآن الكريم . ومن معاني أن الله مهيمن أنك أنت المنتصر ، وكلامك هو الصواب ، واعتقادك هو الصحيح ، والأفعال تأتي مصدقة لك ، هذا معنى المهيمن كاسم من أسماء الله الحسنى ، إذاً الهيمنة العلم الكامل ، العلم التام والقدرة التامة والاستمرار والمواظبة ، هذه المعاني الأساسية ، أما المعاني الفرعية هيمنة حب لا هيمنة غطرسة وعنجهية وسيطرة كما يكون الإنسان ، وهيمنة محافظة على المهيمَن عليه ، أمين مستودع لا تأخذه في الله لومة لائم ، وهيمنة تصديق لكل ما جاء به القرآن ، هذا الجانب النظري من معنى المهيمن ، علم وقدرة واستمرار ، شفقة وحفظ وتصديق .
والآن بعض الأمثلة : هناك وقائع وشواهد وحقائق تعمق مفهوم هذا الاسم ومدلولاته . سيدنا موسى حينما قال الله له ولأخيه هارون :
[سورة طه ]
فرعون وما أدراكم ما فرعون الذي ذبح أبناء بني إسرائيل واستحيا نساءهم من يجرؤ على أن يخاطبه ، وعلى أن يبين حقيقة دعواه الزائفة في أنه إله ، من يجرؤ ؟
[سورة طه]
إنني معكما أسمع وأرى وفرعون بيدي ، إذاً إذا آمنت أن الله هو المهيمن تستسلم يرتاح قلبك ، تطمئن نفسك ، يستقر فؤادك ، ترتاح أعصابك ، الأمر بيد الله بعلمه وبقدرته ، كل الخلق بيده ويعلم السر وأخفى .
سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام حينما كان عند يهود خيبر وائتمروا أن يلقوا عليه حجرا فيقتلوه ويرتاحوا منه بزعمهم ، من الذي أخبره أن يتحول عن هذا المكان ؟ الله عز وجل هم اتفقوا في غرفة محكمة الإغلاق ، اتفقوا على ذلك والله عز وجل أخبره ، معنى مهيمن هنا أنه علم ما يقولون .
عمير ابن وهب خرج مع صفوان ابن أمية وقال له عمير : أتمنى لو أذهب إلى المدينة فأقتل محمدا وأريحكم منه ، لولا ديون ركبتني ولولا أولاد أخشى عليهم العنت ، فقال له صفوان فورا : أما الديون التي عليك فهي عليَّ بلغت ما بلغت وأما أولادك فهم أولادي فامض لما أردت ، سقى سيفه سُمّاً ووضعه على عاتقه وامتطى راحلته وتوجه إلى المدينة ، لقيه عمر ابن الخطاب فقال : هذا عدو الله عمير ، قيده بحمالة سيفه وساقه إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال : يا رسول الله هذا عدو الله عمير جاء يريد شرا ، الله مهيمن، قال : يا عمر أطلقه فأطلقه، فقال له النبي : ادنُ مني يا عمير دنا منه ، قال له : سلم علينا ، قال : عمت صباحا يا محمد ، قال له: قل السلام عليكم ، قال : لست بعيد عهد بالجاهلية هذا سلامنا ، قال له : ما الذي جاء بك إلينا ، قال : جئت لأفك أخي من الأسر ، فقال : وهذا السيف الذي على عاتقك ، قال : قاتلها الله من سيوف وهل نفعتنا يوم بدر، فقال له: ألم تقل لصفوان لولا ديون ركبتني وأولاد أخشى عليهم العنت لذهبت وقتلت محمدا وأرحتكم منه ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، الله عز وجل مهيمن هذه المؤامرة التي أحيطت بكل أجواء الحذر والحيطة أبلغها الله عز وجل للنبي عليه الصلاة والسلام .
هذه المرأة التي جاءت تشكو النبي عليه الصلاة والسلام وتقول : يا رسول الله إن فلان تزوجني وأنا شابة ذات أهل ومال وجمال فلما نثرت له ما في بطني وتفرَقتْ أهلي عني وذهب مالي وكبرت سني قال : أنت علي كظهر أمي ، ولي منه أولاد إن تركتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إليَّ جاعوا ، فبكى عليه الصلاة والسلام رقة لها وعطفا وشفقة ورحمة وقال: ما أظنك إلا قد بِنْتِ منه ، هذا طلاق فقال الله عز وجل :
(سورة المجادلة )
فكان عمر ابن الخطاب عملاق الإسلام كلما مر بهذه المرأة كان ينزل عن دابته إجلالا لها ويقف أمامها بأدب ويستمع لها ، فقال له أحدهم : أنت أمير المؤمنين وتستمع لهذه المرأة ؟ قال : كيف لا أستمع لها وقد استمع الله لها من فوق سبع سموات ، معنى هذا أن الله مهيمن ويسمع كل شيء .
سيدنا موسى قال : أنا رسول الله ، قالها فرعون ، وكلمة فرعون تعني في وقته أعظم إنسان وأعظم دولة دولته ، وأعظم حضارة حضارته وقال أنا ربكم الأعلى وجمع السحرة كلهم ووعدهم بالعطايا وبالمناصب من أجل أن يقهروا سحر موسى كما يَدّعون قال تعالى :
(سورة طه )
من انتصر ؟ سيدنا موسى ، الله مهيمن على كل شيء .
هذه كلها شواهد قرآنية على اسم المهيمن ، علم وقدرة واستمرار ، هيمنة شفقة وهيمنة حفاظ وهيمنة تصديق .
سيدنا إبراهيم جاءه جبريل وقد أوقدوا ناراً عظيمة ، جمعوا حطباً أياماً و أسابيع أوقدوها وأركبوه بأرجوحة كي يسقط في وسطها ، هم مسيطرون مهيمنون ، بيدهم كل شيء ألسنتهم تردد مَنْ أشدُّ منّا قوة ، "أولم يعلموا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة "، جاءه جبريل فقال : يا إبراهيم هل لك من حاجة ؟ قال : منك لا ، قال جبريل من الله ، قال : علمه بحالي يغني عن سؤالي . ثلاث كلمات ، قلنا :
يا نار - الله مهيمن - كوني بردا ، بردا كان مات من البرد ووجدوه مجمدا ، قال: وسلاما وقال : على إبراهيم ، لو لم يقل على إبراهيم لعدم وجود النار في الأرض فتصبح النار لا تحرق إلى يوم القيامة ، ثلاثة كلمات
(سورة الأنبياء)
من المهيمن ؟ الله عز وجل .
ألم يقل : علمه بحالي يغني عن سؤالي .
أُمُّ موسى ، أعطني أُماً تستطيع أن تضع ابنها فلذة كبدها في صندوق وتلقيه في اليمّ ، الله عز وجل أمرها بأمرين ونهاها عن نهيين وبشرها بشارتين :
(سورة الأنبياء )
أرضعيه وألقيه في اليم . هذان أمران ، " ولا تخافي ولا تحزني " وهذان نهيان ، البشارتان : إنا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين ، فهذا الصندوق من سَيَّرَهُ إلى شط فرعون ؟ يعلم ويسيطر ، وحينما فتح الصندوق من ألقى حبه في قلب امرأة فرعون ؟ الله عز وجل ، إذاً الله مهيمن .
هذه القصص كلها تؤكد أسماء الله الحسنى ، سيدنا يونس لا أعتقد مهما ضاقت بكم الأمور في الدنيا ، لا أعتقد أن هناك مصيبة على وجه الأرض ، تفوق أن تكون في ظلمة بطن الحوت مع ظلمة البحر مع ظلمة الليل ، في ظلمة بطن الحوت ، فإذا فتح الحوت فمه جمع أربعة أطنان من السمك كوجبة عشاء معتدلة ورضعته ثلاثمائة كيلو غرام من الحليب فتكون ثلاث رضعات ألف كيلو غرام ، كل يوم يحتاج إلى طن حليب ، والحوت تقريبا وزنه مائة وخمسون طناً ، فجوفه غرفة، فسيدنا يونس نبي عظيم . فجأة يجد نفسه في ظلمة بطن الحوت وفي ظلمة الليل وفي ظلمة البحر
(سورة الأنبياء )
يا ترى هل في بطن الحوت جهاز فاكس أو جهاز تلكس أو هاتف أو إشارة أو كبل ماذا يوجد ؟ لا يوجد شيء ، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين :
(سورة الأنبياء )
ألا ترتاح نفسك إلى هذه القصة ؛ التي ختمت ببشارةٍ لكل مؤمن : "وكذلك ننجي المؤمنين " ففي أي عصر وأي زمان وفي أي مصر وفي أي ظرف مهما كان شديدا ، الله مهيمن، أنت كن مع المهيمن وارتح مطمئناً إلى سلامة المصير .
انظر إلى الطفل الصغير وهو في حضن أمه لا يتكلم بشيءٍ إِطلاقا ، الأب يتمزق لتأمين المازوت ولتأمين الأدوات المدرسية والابن مرتاح يريد المجموعة الفلانية والفلانية والفلانية يعطي الطلبات وهو مرتاح ، والأب يتمزق لتأمين هذه الأغراض فإذا كان الشخص مع المهيمن فهو على كل شيء قدير .
سيدنا زكريا لم يتكلم ، على موضوع المهيمن قال :
(سورة مريم )
جرب ابقَ صامتاً واطلب من الله طلباً بصدق وبإخلاص والطلب معقول من خيري الدنيا والآخرة ، واجهد أن تبقى صامتا من دون أي كلمة بداخلك ، تجد أن الله استجاب لك معنى هذا أنه سمعك وعلم سرك القضية لا تحتاج لرفع الصوت
(سورة مريم )
نداؤه الخفي اخترق السَّبعَ الطباق فاستجاب الله لسيدنا زكريا لأن الله مهيمن .
في غزوة حنين ، أصحاب النبي الذين خاضوا معه بدرا وأحدا والخندق و...... أصحاب رسول الله وهم ساكتون لم يتكلموا إِطلاقا ويوم حنين :
(سورة التوبة:الآية 25 )
لن نغلب اليوم من قلة عشرة آلاف صحابي ومعهم رسول الله بعد أن فتحوا مكة ودانت لهم الجزيرة من طرفها إلى طرفها الآخر ومع ذلك :
(سورة التوبة )
الله المهيمن ، علم إعجابكم بأنفسكم فألقى في قلوبكم الخوف وقلوبكم في يدي الله . إمّا أن يملأها خوفا وإما أن يملأها طمأنينة ، القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء ، الله مهيمن .
الأمر كله بيد الله ، سيدنا رسول الله بغار حراء و سيدنا الصديق إلى جانبه قال: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا ، فقال : يا أبا بكر ما رأيك باثنين الله ثالثهما ، وفي المرة الثانية أصعب فقال له : لقد رأوني أي لقد وقعت عين أحد المطاردين على عين أبي بكر عين بعين فقال : لقد رأوني ، قال : يا أبا بكر ألم تقرأ قوله تعالى :
(سورة الأعراف )
الله مهيمن ، دعوة إسلامية عظيمة حفظها الله بخيوط العنكبوت ، وهذا من عظمة قدرة الله عز وجل أنه يحفظ أعظم شيء بأتفه سبب ، الله مهيمن ، وأحيانا يهلك إنسان بأتفه سبب ، يحفظه بأتفه سبب ، ليظهر لك كمال قدرته عز وجل .
في غزوة الأحزاب ، الجزيرة العربية كلها اجتمعت على حرب محمد عليه الصلاة والسلام واليهود خانوا عهده معه وانكشف ظهره وبقي للإسلام ساعات ، بقي الإسلام قضية زمن إلى أن قال أحدهم: أيعدنا صاحبكم أن تفتح علينا بلاد قيصر وكسرى وأحدنا لا يأمن أن يقضي حاجته ، الله عز وجل أرسل رياحاً عاتية أطفأت نارهم واقتلعت خيامهم وقلبت قدورهم وكفى الله المؤمنين القتال ، الله مهيمن ، كل شيء بيده ، الرياح بيده وصدق الله العظيم :
(سورة المدثر)
منخفض جوي يمنع الرؤية ... بيده ، رياح عاتية يعطل حركة الآليات ... بيده ، القلوب ... بيده ، يلقي فيها الخوف أو عدم الخوف .... بيده ، كل شيء ... بيده ، باخرة من أضخم البواخر في العالم بنيت عام ألف وتسعمائة واثنتي عشرة ، وقد بنيت طبقتين فلو ثقبت طبقة فالجدار الآخر يمنع غرقها ، بنيت بلا زوارق نجاة ثقة بأنها لن تغرق ، طبعت نشرة وكُتب في هذه النشرة : إن القدر لا يستطيع إغراق هذه الباخرة ، من أفخر البواخر في العالم . قيل : فيها من الأثاث ومن الثريات ومن الفضيات ما لا سبيل إلى وصفه ، المطاعم والصالات والأبهاء والغرف والمسابح .... أي هي مدينة عائمة ، وفي أول رحلة من رحلاتها ركب فيها أغنى أثرياء أوربا ، ويقال بأن حلي النساء تقدر بمئات الملايين ، وفي عرض البحر ارتطمت بجبل ثلجي فشقها شطرين، وأرسلت إشارات الاستغاثة فظن كل من حولها من البواخر أن هذه الإشارات تعبير عن احتفالات تدشين السفينة وغرق جميع ركابها ، وقبل سنة كما أذكر قرأت بحثا في مجلة العربي عثروا على مكانها ورأيت صورا لها في قاع البحر هذه الباخرة التيتانيك ، قال وقتها أحد القساوسة : هذا درس السماء إلى الأرض.
قبل سنوات ، دولة متقدمة جداً ممن يقول أهلها : مَنْ أشدُّ منّا قوة ، صنعوا مركبة فضائية من المقرر أن تبقى في الفضاء سنة تقريبا ، سبعة روّاد فضاء مع امرأة ، والخطة أن تحمل هذه المرأة في الفضاء من أحد الرواد وأن تبقى في الفضاء تسعة أشهر وأن تلد في الفضاء ومعهم مُوَلِّد في المركبة ليكون أول مولود يولد في الفضاء ، وسَمَّوا هذه المركبة تشالنجر أي المتحدي ، بعد سبعين ثانية من إطلاقها أصبحت كرة من اللهب . منْ المهيمن ؟ ألم يقوموا بالعد التنازلي ، ألم يضبطوا الأجهزة جهازاً جهازاً ، أين المهيمن ؟ الله سبحانه وتعالى ، كن مع المهيمن وارتح بالاً .
صديق لي حدثني أنه زار بستان في أحد أطراف دمشق والبستان مؤلف من قطعتين لأخوين شقيقين ، وكان قمح الأخ الأول نامياً نمواً عجيباً ، وقمح الآخر نموه ضئيل جدا ، وهذا الصديق يعرف الله عز وجل فجاء للأول واستحلفه لماذا بستانك هكذا ؟ قال: والله أعتني به كما يعتني أخي ببستانه ، بل إن الذي يقوم على البستانين مُرابع واحد ، ما السر؟ قال : لي أخ آخر متوفى وله أولاد أيتام ونويت في قلبي أن أعطي أولاد أخي الأيتام نصف غلة هذا البستان ، والثاني على عكس الأول ، هذه القصة تؤكد أن الله علم نية هذا البستاني فضاعف له غلته وعلم نية هذا فأنقصها هذا الآخر معنى المهيمن يعلم ويفعل .
وكذلك صديق آخر حدثني عن مجموعة مزارع في أطراف دمشق وهنالك بعض الرعاة الذين عندهم قطعان غنم يأتون لهذه المزارع لتشرب الغنم ، فيطردون هذا الراعي مع غنمه ، من هذه المزارع مزرعة واحدة تستقبل أيَّ راع وتسقي الغنم بنفس طيبة ، أقسم لي رجل في هذه المنطقة أن سبعة مزارع جفت آبارها إلا هذا البئر حصرا والعائد لهذه المزرعة، ولم يكتفِ بأنه سمح للرعاة بل بنى أحواضاً كي ترتاح الغنم في أثناء شربها ، لقد اشترى أحواضاً إكراماً لمن ؟ الله مهيمن : النبع بيده وتشالنجر بيده وتيتانيك بيده والسحاب بيده والبواخر بيده والحوت بيده ، كل شيء بيده ، فأحيانا الإنسان يكون في مكان فاقداً حريته وهو في مكان ناءٍ يخرج فيه ثعبان ، وهذا الإنسان مؤمن على الأعم الأغلب تجد الثعبان واقفاً ولا يتحرك ولا ينقض عليه ، أحياناً تجد كلباً عقوراً بقي بلا طعام أياماً عديدة فإذا واجه إنساناً تقياً يقف مكبَّلا مَنْ المهيمن ؟ الله عز وجل .
الله عز وجل يقول :
(سورة الزمر )
يقول لك سيطرة ، الله هو المسيطر ، كلُّ شيء خلقه اللهُ مُسيطِرٌ عليه ، ولم يخلق شيئاً وتركه هملاً ، لذلك :
(سورة الزمر )
أحيانا الحريق ، ينشب حريق في بعض أسواق دمشق ويأكل الأخضر واليابس في معظم الحوانيت إلا حانوتاً واحداً ، تلتف النار حوله ولا تحرقه ..... بيده النار .
قبل خمسين عاماً في هذه البلدة جاء جراد أكل الأخضر واليابس ، يقول لي رجل توفي رحمه الله كان مكلفاً بضبط هذا الأمر ومراقبة أصحاب البساتين في جمع الجراد قال : رأينا الأشجار بلا قشر، الجراد أكل أوراقها وثمارها وقشرها الخارجي ، ولكننا فوجئنا ببستان كأنه روضة من رياض الجنان ، دخلنا عليه وطلبنا صاحبه ، قلنا ما هذه؟ فقال : أنا أستعمل دواء ، فامتلأنا غضباً وغيظا منه ، معك دواء وتمنعه عن المسلمين ، قال : يا سيدي هذا الدواء لا يستعملونه ، هو الزكاة أنا أزكي عن هذا البستان .
هذه مشاهدات من واقع الناس وحياتهم . آلاف وملايين كل شيء بيد الله عز وجل ، فالبطولة أن تعرف الله أن تعرفه هو المهيمن ، إذا عرفته مهيمنا انقطعت آمالك ممن سواه ، لا تتوسل لغيره ، أنت فيما بينك وبينه في منتهى الخضوع في منتهى التذلل في منتهى الافتقار . إذاً أنت في جانبك الأمن كله .
أما مع الناس عزيز ، إذا لم تعرفه مهيمنا وظننت بأن زيدا مهيمنا تصبح أمام زيد كالطفل الصغير ، تبالغ في التذلل له ويبالغ في إهانتك تبالغ في الخضوع له ويبالغ في دوسك بقدمه لذلك
" من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ".
السؤال الآن أنت كمؤمن وهذه الفقرة الثالثة ، الفقرة الأولى التعاريف النظرية لاسم المهيمن ، كمال العلم وكمال القدرة والاستمرار ، وهيمنة الله هيمنة حب وشفقة ورحمة وهيمنة حفاظ وهيمنة تصديق ، ثلاث فقرات بالتعريف وثلاث إضاءات على هذا التعريف ، هذا القسم النظري والقسم العملي شواهد :
أخ كريم أصيب قلبه بآفة ، والأطباء هنا بدمشق أجمعوا أنه لا بد له من إجراء عملية في بلد أجنبي ، ذهب إلى هناك وهو على طاولة الفحص ، اغرورقت عيناه بالدموع وقال : يارب هذا القلب من صنعك وأتمنى أن لا يفتح وبكى ، أجري الفحص الأول ، الوضع سليم ، هذه القصة منذ اثنتي عشرة سنة ، وإلى الآن بأتم صحة ، هذا الدسام التاجي الشريان الأبهر والشريان التاجي ، الشرايين الفرعية التي كانت مسدودة من الذي قام بفتحها ؟ يد من فتحتها ؟ الله مهيمن على قلبك .
وهذه الكُلْية توقفت عن العمل ، لماذا توقفت ؟ من أوقفها ؟ ومن حركها ؟. الله مهيمن ، تأكد أن الأعصاب والكليتين والقلب والرئتين والشرايين والمعدة والأمعاء والقنوات الدائرية والسمع والبصر واللسان كل أعضائك بيد الله :
(سورة آل عمران )
هذه الخلايا من الذي يمنعها من أن تنمو نمواً خبيثاً ؟ الله عز وجل ، ليس هنالك سبب واضح للسرطان حتى الآن ، إنسان بأتم قوته وبأتم صحته وبأتم نشاطه ، غذاء منتظم ، رياضة حركة ، فجأة نمو خبيث في جهة بجسمه ، عظَّمَ الله أجركم .
من المهيمن على هذه الخلايا ؟ يمنعها من أن تنمو نمواً خبيثا أو أن لا تنمو ، الله عز وجل .
حتى الزوجة بيد الله عز وجل ،الإمام الشعراني يقول :
" أنا أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي "، أياما تجدها مَلَكَاً . سبحان الخالق، ملكاً من السماء ، وأياماً تفكر بهذه الساعة المشؤومة التي تعرفت بها عليها ، بيد الله عز وجل يلين قلبها أو يقسو قلبها ، يجعلها مطواعة أو عنيدة بيد الله عز وجل .
حتى الأولاد : حالهم الشيء نفسه ، وزبائنك ومتجرك ورؤساؤك في الدائرة ومتبوعوك ومركبتك إذا أثنيت عليها وأثنيت على صانعها ونسيت الله أثناء حديثك عنها تقطعك في الطريق أمرها بيد الله عز وجل ، أما الزلازل الجراثيم النبي قال :
" لا عدوى "
لكن هناك عدوى ، ما معنى هذا الحديث ؟ أي إياك أن تعزو هذا الفعل إلى زيد أو عبيد ، يجب أن يعزى المرض إلى الله عز وجل ، فإذا أذن الله تفعل هذه الجراثيم فعلها وإن لم يأذن لا تفعل أبدا .
هذا القسم العملي وبقي القسم التطبيقي الأخير .
المؤمن إذا أردناه أن يتخلق بأخلاق الله يجب أن يعرف أحوال نفسه ، يعرف نفسه ، هل هي مريضة فيها انحراف وفيها كِبْر وفيها عُجْب وفيها غرور وفيها تجاوز للحدود ؟ إيمانه بالله كافٍ أم غير كافٍ ؟ يجب أن يعلم ، أحوال قلبه ، أحوال نفسه ، أن يعلم دخله وإنفاقه للمال ، تعامله مع الآخرين جوارحه مدى انضباطها ، مِنْ تخلُّق المؤمن بأخلاق الله المهيمن أن تعلم أنّ أحوالك مرضية عند الله أم غير مرضية ، مستقيم أم غير مستقيم ، يوجد بدخلك شبهة ، يوجد بعلاقاتك حرمة ، يوجد تقصير بالحقوق يجب أن تعلم ، ولن تعلم إلا إذا حضرت مجالس العلم لأن العلم بالتعلم ، هذه حرام يا أخوان وهذه حلال ، هذا يجوز وهذه صفة مذمومة وهذه صفة ممدوحة ، فأنت من حضور مجالس العلم تعلم فإذا تعلمت فقد حققت ثلث اسم المهيمن ، الآن يجب أن تسعى كي تطهر نفسك من آفاتها ، الجوارح من المعاصي ، القلب من السوّى ، تطهير القلب مما سوى الله ، تطهير الجوارح من معاصي الله تطهير الفكر من عقائد زائغة من خرافات من أوهام ، من خزعبلات ، من حيل ، من تزوير ، يجب أن تطهر عقلك من كل عقيدة زائغة ، وتطهر جوارحك من كل معصية وعليك أن تطهر قلبك مما سوى الله ، هذا من تطبيق اسم المهيمن ، أي أنه راقبَ قلبَه وأشرف على أغواره وأسراره واستولى على تقويم صفاته وهيئاته وقام بحفظها على الدوام ، تصرفاته ، نوبات نوبات ، في يوم الجمعة مرتاح أو منشرح ، السبت تفسد أخلاقي والأحد لا أصلي تأتي الجمعة أنت غير متخلق بأخلاق الله ، عندك اتجاه نوبي .
يجب أن تعلم أحوالك ، يجب أن تقوّم أفعالك ، يجب أن تثبت على هذه الاستقامة التامة ، أنت عاهدت الله عز وجل العلم والإصلاح والثبات .
الأرقى من ذلك أن تدعو إلى الله وأن تعلم أحوال إخوانك أن فتسعى إلى تقويمهم وأن تبقى على عهدك مع الله من خلال تعاملك معهم .
أَنْ تصلح نفسك من معاني قوله تعالى :
(سورة الأنفال )
أصلح نفسك ، كيف تصلحها إن لم تعرف أمراضها إن لم تعرف انحرافاتها، إن لم تعرف تقصيرها ، إن لم تعرف أدرانها إن لم تعرف مشكلاتها ، إن لم تعرف مخالفاتها . المعرفةُ أساس ، إذاً تحتاج إلى علم كي تعرف ، وإلى إرادة كي تُصَحِّح ، وإلى صدق كي تستمر ، إذا فعلت هذا فقد تخلقت بأخلاق المهيمن .
وبعدُ ، مادام الله يراقبك ، فما موقفك أنت ؟ الحياء من الله ، من تطبيقات اسم المهيمن أن تستحي من الله ، الله يراقبك يجب أن تستحي منه ، الله قوي يجب أن تتوكل عليه ، لا شريك له يجب أن تثق بالمستقبل :
(سورة الرعد :الآية 11)
ثلاثة تطبيقات يجب أن تعلم أحوال قلبك وأحوال نفسك وأحوال عقيدتك تصوراتُك قِيَمُك يجب أن تصححها ، لا بد من حضور مجالس العلم ، يجب أن تملك إرادة قوية كي تصلح اعوجاجك ، كي تقيم جوارحك على طاعة الله ، يجب أن تملك الصدق كي تستمر على هذا ، علم وإرادة وصدق هذا أول تطبيق .
ثاني تطبيق : مادام الله شهيداً عليك يجب أن تستحي منه
(سورة النساء)
ومادام الله مسيطراً يجب أن تتوكل عليه ، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ومادام الله لا شريك له وقال لك :
(سورة الرعد :الآية 11)
إذاً يجب أن تثق بالمستقبل ، وأن الله عز وجل مادمت لم ُتغَيّر لن يُغَيّر ، مادمت على طاعته قائما فأنت من خير إلى خير ومن درجة إلى درجة ومن منزلة إلى منزلة ومن رقي إلى رقي ، هذا اسم المهيمن أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت إلى توضيح تعريفاته وتطبيقاته وشواهده .
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق