وبادر زيد بن حارثة رضي الله عنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان غلاما لخديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها . وقدم أبوه حارثة وعمه في فدائه . فقالا للنبي صلى الله عليه وسلم يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير . جئناك في ابننا عبدك فأحسن لنا في فدائه . فقال صلى الله عليه وسلم " فهل غير ذلك ؟ قالوا : وما هو ؟ قال أدعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم . وإن اختارني : فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني " قالوا : قد زدتنا على النصف وأحسنت . فدعاه . فقال " هل تعرف هؤلاء ؟ " قال نعم أبي وعمي . قال " فأنا من قد علمت وقد رأيت صحبتي لك . فاخترني ، أو اخترهما " فقال ما أنا بالذي أختار عليك أحدا . أنت مكان أبي وعمي . فقالا : ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية . وعلى أبيك وعمك ، وأهل بيتك ؟ قال نعم قد رأيت من هذا الرجل شيئا ، ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك خرج إلى الحجر . فقال " أشهد أن زيدا ابني ، أرثه ويرثني فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما . فانصرفا . ودعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام فنزلت ( 33 : 5 ) ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله قال الزهري : ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد .
ودخل الناس في دين الله واحدا بعد واحد . وقريش لا تنكر ذلك حتى بادأهم بعيب دينهم وسب آلهتهم وأنها لا تضر ولا تنفع . فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة . فحمى الله رسوله بعمه أبي طالب . لأنه كان شريفا معظما . وكان من حكمة أحكم الحاكمين بقاؤه على دين قومه لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها .
وأما أصحابه فمن كان له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته وسائرهم تصدوا له بالأذى والعذاب . منهم عمار بن ياسر ، وأمه سمية وأهل بيته . عذبوا في الله . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهم - وهم يعذبون - يقول صبرا يا آل ياسر . فإن موعدكم الجنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق