تربية الطفل في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول
تعريف التربية والطفل لغةً واصطلاحاً، وحقوق المولود قبل الولادة، وبعدها، وصفات المربي الناجح
المبحث الأول : تعريف التربية والطفل لغةً واصطلاحاً
المطلب الأول : تعريف التربية لغةً
المطلب الثاني : تعريف التربية إصطلاحاً
المطلب الثالث : تعريف الطفل لغةً
المطلب الرابع: الطفل في الإصطلاح
المبحث الثاني : حقوق المولود قبل الولادة :
المطلب الأول : إختيار الزوجة الصالحة والزوج الصالح.
المطلب الثاني : حقوق الجنين
المبحث الثالث : المولود ما بعد الولادة
المطلب الأول : استحباب البشارة بالمولود
المطلب الثاني: الأذان في أذنه اليمنى، والإقامة في أذنه اليسرى
المطلب الثالث: استحباب التحنيك
المطلب الرابع: تسمية الطفل
المطلب الخامس: استحباب حلق رأس الطفل.
المطلب السادس : العقيقة
المطلب السابع: الختان
المطلب الثامن : الرضاعة الى الحولين والفطام
المطلب التاسع : الحضانة والولاية
المبحث الرابع : صفات المربي الناجح
المطلب الأول: " العِلم
المطلب الثاني: الأمانة
المطلب الثالث: القوة
المطلب الرابع: العدل
المطلب الخامس: الحرص
المطلب السادس: الحزم
المطلب السابع: الصلاح
المطلب الثامن: الصدق
المطلب التاسع: الحكمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الأول
تعريف التربية والطفل لغةً واصطلاحاً، وحقوق المولود قبل الولادة وبعدها، وصفات المربي الناجح
المبحث الأول : تعريف التربية والطفل لغةً واصطلاحاً
المطلب الأول : تعريف التربية لغةً
بالعودة الى المعاجم نجد أن كلمة تربية من الجذر ربا يربو تحمل المعاني التالية :
1) الزيادة والنمو :
ربا الشيء يربو ربواً ورباءً : زاد ونما
وأرببته نميته (1) ، وفي التنزيل : } ويربي الصدقات { (2) .
2) النشأة : ربيب رباءً وربياً : نشأت (3).
ومن الجذر : ربّ : يَرُبُّ تحمل المعاني الآتية :
1)حفظ الشيء ورعايته : ربَّ ولده والصبي يَرُبُّه ربّاً بمعنى رباه. وفي الحديث : ( لك نعمة تربها) : أي تحفظها وترعيها وتربيها كما يربي الرجل ولده (1)
2)حسن القيام بالطفل ووليه حتى يدرك. رب ولده والصبي يربه رباً : رباه أي أحسن القيام ووليه حتى أدرك أي فارق الطفولية كان ابنه أم لم يكن . (2)
3) التعليم : الرَّبِّي : منسوب الى الرب ، الرباني الموصوف بعلم الرب ، قيل هو من الرب بمعنى التربية ، كانوا يربون المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارهم (3)
4) التأديب : رب الولد : يؤدبه (4)
5) التكفل بأمور الصغير : الرابُّ كافل ، وهو زوج أم اليتيم وهو اسم فاعل ، من ربه : يربه أي أنه يكفل بأمره ، وفي حديث مجاهد ، كأن يكره أن يتزوج الرجل إمرأة رابّه، يعني أمرأة زوج أمه لأنه كان يربيه(5)
1)
المطلب الثاني : تعريف التربية إصطلاحاً
التربية هي : " مجموعة التصرفات العملية والقولية التي يمارسها راشد بإرادته نحو صغير ، بهدف مساعدته في اكتمال نموه وتفتح استعداداته اللازمة وتوجيه قدراته ، ليتمكن من الإستقلال في ممارسة النشاطات وتحقيق الغايات التي يعد لها بعد البلوغ ، في ضوء توجيهات القرآن والسنة " (1)
والتربية الإسلامية هي :" تنمية جميع جوانب الشخصية الإسلامية الفكرية والعاطفية والجسدية والإجتماعية ، وتنظيم سلوكها على أساس من مبادئ الإسلام وتعاليمه ، بغرض تحقيق أهداف الإسلام في شتى مجالات الحياه " (2)
"والتربية الإسلامية ذات طابع شمولي تكاملي لجميع جوانب الشخصية الروحية والعقلية والوجدانية والإخلاقية والجسمية والإجتماعية والإنسانية ، وفق معيار الإعتدال والإتزان ، فلا إفراط في جانب دون غيره ولا تفريط في جانب لحساب آخر"
المطلب الرابع: الطفل في الإصطلاح
الطفل : هو " عالم من المجاهيل المعقدة كعالم البحار الواسع الذي كلما خاضه الباحثون ، كلما وجدوا فيه كنوزاً وحقائق علمية جديدة . لا زالت منخفية عنهم وذلك لضعف وضيق إدراكهم المحدود من جهة ، واتساع نطاق هذا العالم من جهة أخرى" (1).
مدة الطفولة :
" والواقع أن الطفولة البشرية تمتد سنوات لا تقل عن اثني عشر سنة ، كما أن الطفولة البشرية تزداد بازدياد التقدم البشري " (2)
" والطفولة : المرحلة من الميلاد الى البلوغ " (3)
المبحث الثاني : حقوق المولود قبل الولادة :راجع مادة نظام الاسرة
المطلب الثاني : حقوق الجنين
الجنين في اللغة : من الفعل الثلاثي جَنَنَ : أي استتر ، وجنَّ الليل أظلم ، والجنين الولد ما دام في الرحم والجمع أجنه وأجبن(1)، وكل شيء سُتر عنك فقد جنَّ عنك (2)
والجنين عند الأطباء : ثمرة الحمل في الرحم حتى نهاية الأسبوع الثامن ، وبعده يدعى بالحمل
والجنين في علم الحياء : النبات الأول في الحبة ، والحيّ من مبدأ انقسام اللاقحه حتى يبرز الى الخارج (3)
قال تعالى : }وإذا أنتم أجنة في بطون أمهاتكم {(4)
" إن الشريعة تعتبر الجنين كائناً مستقلاً يتمتع بالحقوق الإنسانية التي يتمتع بها الآخرون دون أن يؤثر في ذلك أنه مستظل بحياة أمه داخل في كينونتها وغير منفصل عنها " (5)
من الحقوق التي تتعلق بحياء الجنين وسلامته :
1) وجهة الشارع الآباء الى اتخاذ الوسائل التي تكون بها حماية الطفل وصيانته من نزعات الشيطان عند وصفه في الرحم وذلك بالدعاء عند الجماع رجاء الولد الصالح(6)
عن ابن عباس قال : قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ( أما لو أنَّ أحدهم يقول حين يأتي أهله باسم الله، اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، ثم قدر بينهما في ذلك أو قضي ولد لم يضره شيطان أبدا ) (1)
2)إباحة الفطر في رمضان للحامل إن خافت على جنينها
3)الإسلام يدعو المرأة الحامل أن تأكل الطعام الطيب المفيد للجنين حيث تحتوي الوجبات الغذائية على نسبة كبيرة من الكالسيوم لبناء العظام والأسنان ، والحديد المهم للدم والفيتامينات وغير ذلك من الطعام المفيد المغذي للأم والجنين ،
وبالتالي فأن حالة الأم النفسية والصحية تؤثر على الجنين ، فمثلاً عند تقرب الأم لله –سبحانه وتعالى – بالطاعات كالصلاة وقراءة القرآن ، فإن الجنين يشعر بالطمانينة كأمه.
4)تحريم الإجهاض
لا يصح للمرأه أن تسقط جنينها ، وإذا فعلت ذلك عمداً أثمت وكان عليها الكفَارة والغُرّة وهي عُشر دية الأم " (2)
ولا يجوز تناول الأدوية التي تشكل خطراً على الجنين أو التعرض المباشر للأشعه في فتره معينة من الحمل ، مما يؤدي إلى إسقاطه أو تشوهه.
1) " تأجيل إقامة الحد على المرأه الحامل حتى تضع حملها وذلك حرمة للجنين وإبقاء على حياته " (1)
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- للغامدية عندما جاءته وقالت له أنها زنت وأنها حامل ( امّا لا فاذهبي حتى تلدي ) .(2)
رتب الشارع عقوبات بدنية ومالية تلزم من يتقوى على الجنين (3)
عن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن إمرأتين من هذيل ، رمت أحداهما الأخرى ، فطرحت جنينها ، فقضى فيه النبي – صلى الله عليه وسلم- بغرة : عبد أو أَمَة (4)
" وهذا الإهتمام كله بالجنين قبل أن يولد ، مفخرة من مفاخر هذا الدين " (5)
المبحث الثالث : المولود ما بعد الولادة
منذ الولادة حتى نهاية الحولين
المطلب الأول: استحباب البشارة بالمولود
" يستحب للمسلم أن يبادر الى مسرة أخيه المسلم إذا ولد له ولد مولود ، وذلك ببشارته وإدخال السرور عليه ، وفي ذلك تقوية للأواصر ، وتمتين للروابط ، ونشر لأجنحة المحبة والإلفة بين العوائل المسلمة " (1)
عن النعمان بن بشير قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم –( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (2)
والقرآن الكريم ذكر البشارة بالولد في مواطن عدة قال تعالى : } فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى{(3)
وقال أبو بكر بن المنذر في الأوسط ، وروينا عن الحسن البصري : أن رجلاً جاء اليه ، وعنده رجل قد ولد له غلام ، فقال له يهنئك الفارس فقال له الحسن : ما يدريك فارس هو أم حمار ؟ قال : فكيف تقول ؟ قال : بورك في الموهوب ، شكرت الواهب ، وبلغ أشده ورزقت بره" (4)
المطلب الثاني: الأذان في أذنه اليمنى، والإقامة في أذنه اليسرى
قال ابن قيم الجوزية من سر التأذين :
أ) أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنه لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله الى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها.
ب) وهي هروب الشيطان من كلمات الآذان ، وهو كان يرصده حتى يولد
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم – ( اذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين ) (1)
جـ) أن تكون دعوته الى الله والى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان
المطلب الثالث: استحباب التحنيك
اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم –بتحنيك المولود (3)
عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال: " وُلد لي غلام ، فأتيت به النبي – صلى الله عليه وسلم – فسماه ابراهيم ، فحنكه بتمرة ، ودعا له بالبركة ودفعه إليّ " (1)
قال النووي : " اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر فإن تغذية فما في معناه وقريب منه الحلو فيمضغ المحنك التمر حتى تصير مائعه بحيث تبتلع ثم يفتح فم المولد ويضعها فيه ليدخل شيء منها جوفه ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين وممن يتبرك به رجلاً أو إمرأة فإن لم يكن حاضراً عند المولود حمل إليه " (2)
" عن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما – أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة، قالت : فخرجت وأنا مُتِمٌّ، [ أي اقتربت ولادتها ] فأتيت المدينة ، فنزلت قباء ، فولدت بقباء ، ثم أتيت به رسول الله- صلى الله عليه وسلم – فوضعه في حجره ، ثمَّ دعا بتمره فمضغها ، ثمَّ تفل في فيه ،فكان اول شيء دخل جوفه ريق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم حنكه بالتمره ، ثم دعا له فبرك عليه ،وكان أول مولود في الإسلام ، ففرحوا له فرحاً شديداً ، لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم " (3)
" التحنيك معناه مضغ التمرة ودلك حنك المولود بها ، وذلك بوضع جزء من الممضوغ على الإصبع ، وإدخال الإصبع في فم المولد ، ثم تحريكه يميناً وشمالاً بحركة لطيفة ، حتى يبلغ الفم كله بالمادة المضوعة ، وإن لم يتيسر التمر فليكن التحنيك بأية مادة حلوة كالمعقود ، أو رائب السكر الممزوج بماء الزهر ، تطبيقاً للسنة ، واقتداءاً بفعله – صلى الله عليه وسلم-
ولعل الحكمة في ذلك تقوية عضلات الفم بحركة اللسان مع الحنك مع الفكين بالتلمظ ، حتى يتهيأ المولود للقم الثدي ، وامتصاص اللبن بشكل قوي ، وحاله طبيعيه " (1)
وللتمر فوائد جمة للطفل وللأم اكتشفها الطب الحديث ففيه نسبة عالية من الكربوهيدرات التي تمد الجسم بالطاقة ، وغير ذلك وقد خاطب الله- سبحانه وتعالى- مريم -عليها السلام -بإن تأكل التمر. قال تعالى : { وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً }(2)
.
المطلب الرابع: تسمية الطفل
للإسم تأثير نفسي كبير على الإنسان لذلك أوجب الإسلام عند اختيار اسم الطفل يكون هذا الإسم حسناً وذا معنى جيد .
ما يستحب من الأسماء وما يكره :
(1) " إن مما يجب أن يهم به المربى عند تسمية الولد ،أن ينتقي له من الأسماء أحسنها وأجملها والتي منها عبد الله وعبد الرحمن .
عن ابن عمر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله عليه وسلم- ( إن أحب أسمائكم الى الله -عز وجل- عبد الله وعبد الرحمن ) (1)
(2) عدم تسمية الإسم القبيح الذي يمس كرامته ويكون مدعاة للإستهزاء والسخرية عليه.
(3) عدم تسمية الطفل بالأسماء المختصة بالله سبحانه ، وفلا يجوز التسمية بالأحد ولا الصمد
(4) عدم تسمية الطفل بالأسماء المعبده لغير الله ، كعبد العزى ، وعبد الكعبة ، وعبد النبي وما شابهها فإن التسمية بهذه محرمة باتفاق .
(5) تجنيب الأسماء التي فيها تميع وتشبه وغرام ، حتى تتميز أمة الإسلام بشخصيتها
(6) تجنب الأسماء التي لها اشتاق من كلمات تشاؤم ، حتى يسلم الولد من مصيبة هذه التسمية وشؤمها ." (2)
عن أبي عمر رضي الله عنه أن ابنه لعمر كان يقال لها عاصيه ، فسماها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جميله (3)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق