حذر خبراء دوليون في سياسات الاقتصاد الدولي كلا من مصر وتونس من قروض صندوق النقد الدولي باعتباره كان اداة في السياسات المالية التي ادت الى افقار الدولتين العربيتين تحت الانظمة السابقة.
كما نصح الخبراء البلدين باتباع سياسات دول أسيا وامريكا اللاتينية التي تفادت الحصول على "عقود لقروض مضرة"
تحت مسمى المساعدات من البنك الدولي وصندوق النقد الذين تهيمن عليهما الدول الصناعية الغنية الكبرى.
حيث قال الباحث الاقتصادي والمؤلف الأمريكي ريك راودن في بحث اقتصادي تلقت وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك نسخة منه :"لا شك ان مصر تحتاج للتمويل الخارجي لتمر بسلام من مرحلة تاثيرات التغييرات السياسية الاخيرة لكن هذا التمويل لا يجب ان يأتي من صندوق النقد بالضرورة".
وقال :"بدلا من ذلك يجب ان تنظر مصر الى جيرانها في المنطقة والى اسواق صاعدة اخرى مثل البرازيل والصين وشرق آسيا من اجل ان تسد احتياجاتها المالية، وتحتفظ لنفسها بالحرية في متابعة استراتيجيات تنمية جادة".
وقال راودن، مؤلف الكتاب الرائج"السياسات المميتة لليبرالية الحديثة" قال :" ان صندوق النقد ليس مؤسسة تنمية ودودة، بل على العكس فان ادارته تأتمر بأمر وزارة الخزانة الامريكية ووزارات مالية الدول المقرضة الغنية الكبرى، والتي تتعرض هي نفسها اصلا لضغوط من مؤسسات صناعة المصارف داخل هذه الدول من اجل اقراض الآخرين بمكاسب عالية".
وقال رادون في بحثه:"ان اولويات صندوق النقد هي فرض اصلاحات وتغييرات اقتصادية داخل البلاد المقترضة تضع مصلحة المقرضين واصحاب المال فوق اي اعتبار، في حين تضع احتياجات الشعوب من يعيشون في الاقتصاد الحقيقي لتلك الدول في اخر الاولويات".
وقال راودن، الذي عمل كمستشار للامم المتحدة سابقا وقام بتدريس السياسة الدولية في جامعة ولاية كاليفورنيا، قال ان صندوق النقد يتبع سياسة وضعها الرئيس الامريكي اليمني رونالد ريجان ورئيسة الوزراء البريطانية المحافظة مارجريت تاتشر في الثمانينات، وكلاهما نادى بمد نفوذ االرأسمالية الغربية على العالم. وتقول تلك السياسة ان الوسيلة لذلك هي دفع الاقتصادات النامية للعمل نحو تخفيض التضخم وتقليل العجز في الميزانية ليصبح ذلك هدفا اساسيا لها عوضا عن سياسة تعتمد على خلق تنمية صناعية وتجارية حقيقية.
وقال راودن انه قد تم تلقين تلك الدروس لموظفي حكومة الرئيس السابق حسني مبارك في مصر عن طريق المساعدات الفنية والمنشورات والتحليلات الآتية من الصندوق والبنك الدولي "حتى اقتنعوا بها وبدأوا تنفيذها بصورة الية" حتى ان هذا الفكر استشرى في جميع موظفي وزارة المالية المصرية وعدد من الوزارات الاخرى. وقال الباحثون ان الشيئ نفسه انطبق على تونس.
وقال راودن في بحثه الاقتصادي الذي حصلت وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك على نسخة منه :"يجب على مصر ان ترفض تلك الارثوذكسية الفكرية وان تحتفظ بحريتها في دراسة واختيار بدائل مالية واقتصادية وفي الميزانية والتجارية والتي يمكن ان تولد دخل اعلى والمزيد من التوظيف ودخل اكبر من الضرائب واستثمارات عامة ...وهو ما سيقلل الفروق في الدخول داخل البلد".
وحذر الباحث الامريكي من ان بعض الاتفاقات الدولية والتي تأتي مع القروض تقيد يد الدولة في فرض سياسات تراها مناسبة حيث ان الكثير من الاتفاقات الدولية التي تؤيدها الدول الصناعية الغنية تمنع مثلا ان تقوم مصر وتونس من وضع قيود على حركة رأس المال وتقلل من قدرة الدول النامية مثل مصر وتونس من وضع الحماية التجارية الكافية لصناعاتها المحلية الوليدة وتحظر حتى عليهما وضع تشريعات وقوانين خاصة تنظم القطاع المالي الداخلي.
وقال راودن ان مصر، على سبيل المثال، اذا ما اخذت قروض صندوق النقد – التي تروج اعلاميا على انها مساعدات – فانها "ستدخل في مرحلة جديدة"من الخصخصة التي تدمر الوظائف وعمليات تحرير اقتصادي تتم قبل حينها" اي قبل خلق قاعدة صناعية وتجارية محلية اولا تسمح بالمنافسة الدولية.
ووجه راودن النصح الى مصر والدول العربية بالبحث عن التمويل من خارج الدول الصناعية الغربية الكبرى والمؤسسات التي تسيطر عليها.
هذا فيما انتقد الباحث الاسترالي استن ماكيل قيام صندوق النقد والبنك الدولي بالاسراع في "تكبيل الدولتين بالتواطؤ" مع رموز للانظمة السابقة "حتى قبل انتخاب حكومة او برلمان" بحزمة قروض تضع مصر وتونس في قفص سياسات اقتصادية لا يمكن تغييرها لفترة طويلة. وخص بالذكر وزير المالية المصري سمير رضوان لكونه من رجال الرئيس مبارك ومن اعضاء الحزب الوطني الحاكم سابقا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق