الفصل الثاني :
عقيدة الشيعة الإمامية في القرآن الكريم
وحديثنا سيكون بحول الله تعالى حول العناصر التالية :
1. علماء الشيعة المتقدمين وإجماعهم على تحريف القرآن الكريم .
2. علماء الشيعة المتأخرين وقولهم بتحريف القرآن الكريم .
3. أسماء علماء الشيعة الذين قالوا بتحريف القرآن من المتقدمين ومن المتأخرين .
4. كبار علماء الشيعة الذين شهدوا أن محدث الشيعة الأول , محمد بن يعقوب الكليني , كان يعتقد بتحريف القرآن الكريم .
5. كبار علماء الشيعة الذين يقولون إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم هي روايات متواترة ومستفيضة .
6. أنواع التحريف المزعوم في القرآن الكريم عند الشيعة الإمامية .
7. إجابة عن السؤال الذي يقول : أين القرآن الصحيح في إعتقاد الشيعة الإمامية .
8. إجابة عن السؤال الذي يقول : لماذا يقرأ الشيعة هذا القرآن الموجود بين أهل السنة مع نقصه وتحريفه عندهم .
9. أمثلة لتفسيرهم المنحرف لكتاب الله تعالى .
إن الشيعة الإمامية يعتقدون بأن القرآن الموجود بين أيدي المسلمين اليوم ليس هو كما أنزله الله تعالى على عبده محمد صلى الله عليه وسلم , وإنما قد وقع فيه تحريف وتغيير على يد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذين غصبوا آل محمد حقهم على حد زعم الشيعة واعتقادهم , حيث أدعوا أن الصحابة قد حذفوا من القرآن الكريم كل الآيات التي نزلت في فضائل آل البيت , والآيات التي نزلت في مثالب الصحابة رضي الله عنهم , وآيات أخرى كثيرة حذفوها وأسقطوها من القرآن الكريم , على حد زعم الشيعة , حتى لم يبقى من القرآن إلا نحو ثلثه .
وزعموا في مقابل ذلك أن القرآن الكامل الذي أنزله الله تعالى والسالم من أي تحريف موجود عند إمامهم الغائب , وهو الإمام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري , وهو الذي – بزعمهم – أن الذي جمعه هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وهذه العقيدة إخواني في الله هي العقيدة التي يقول بها جميع علماء الشيعة المتقدمين والمتأخرين , ولم يخرج عن ذلك إلا عدد قليل تظاهروا بإنكار القول بتحريف القرآن الكريم من الشيعة الإمامية .
1. علماء الشيعة المتقدمين وإجماعهم على تحريف القرآن الكريم :
فالقول بوقوع التحريف والتغيير في القرآن الكريم ونقصانه هو إجماع المتقدمين من علماء الشيعة , حيث صرحوا بذلك في مؤلفاتهم , وشحنوها بالروايات المنسوبة إلى أئمتهم , وكلها صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , ولم يخرج عن إجماعهم هذا إلا أفراد قلائل منهم , وقد حصرهم إمامهم النوري الطبرسي في كتابه المسمى " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " بأربعة أشخاص فقط .
وأنقل هنا بعض أقوال علمائهم المتقدمين وروايات أئمتهم الصريحة في تحريف القرآن وتبديله والنقصان منه من كتبهم المعتمدة والمشهورة عندهم للتدليل على ما يقوله أهل السنة عنهم في إجماعهم على هذا المعتقد الفاسد , لأنها أقوالهم بأنفسهم , وتصريحاتهم وليست منقولة عن غيرهم , وهي أقوى دليل في معرفة معتقد المرء من قول غيره عنه .
فمن علمائهم الذين قالوا بالتحريف :
محمد بن الحسن الصفار : والذي عقد باباً في كتابه الشهير " بصائر الدرجات " بعنوان ( باب في الأئمة أن عندهم جميع القرآن الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) , ثم ساق أخباراً تحت هذا الباب صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , حيث روى عن أبي جعفر أنه قال : ( ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن غير الأوصياء – أي غير الأئمة - ) .
وروى أيضا بسنده عن سالم بن أبي سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام , وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرأها الناس , فقال أبو عبد الله عليه السلام : ( مه مه .. كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام فقرأ كتاب الله على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام ) أهـ من كتاب بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد مجلد 4 ص 413 .
أبو نصر محمد بن مسعود والمعروف بالعياشي :
فهو أيضا ممن أكثروا روايات تحريف القرآن في مؤلفاته , فإنه قد شحن كتابه التفسير بتلك الروايات المنسوبة إلى أئمتهم , والتي تدل على ضياع كثير من القرآن , عياذاً بالله , وعلى زيادة بعض الكلمات فيه , ومن ذلك ما روى بسنده عن إبراهيم بن عمر قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : ( إن في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن كانت فيه أسماء الرجال فألقيت وإنما الاسم الواحد منه في وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة ) تفسير العياشي ج1 ص12 .
وروى أيضا بسنده عن أبي جعفر قال : ( لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقنا على ذي حجى ) , وهذا الخبر صريح بوقوع الزيادة في كتاب الله ونقصانه .
وروى أيضا بسنده عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر بن محمد : ( خرج عبد الله بن عمر من عند عثمان فلقي أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال له : يا علي بيتنا الليلة في أمر نرجو أن يثبت الله هذه الأمة فقال أمير المؤمنين : لن يخفى عليّ ما بيتم فيه حرفتم وغيرتم وبدلتم تسعمائة حرف ثلاثمائة حرفتم وثلاثمائة حرف غيرتم وثلاثمائة بدلتم , ثم قرأ : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله )..
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي رواها إمامهم العياشي في تفسيره هذا , وهي كلها صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , مما يؤكد لنا أنه مع القائلين بالتحريف ,لأن إكثاره لهذه الروايات دليل على أنه يسلم بها وبمضامينها , حيث لم يتعرض لها بشيء من النقد , مع ما فيها من تنقيص ظاهر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالسكوت على المنكر وعدم تغييره له .
علي بن إبراهيم القُمي : وهو شيخ الكليني , وهو من أبرز القائلين بتحريف القرآن , ومن المكثرين فيه , حيث ملأ تفسيره بالروايات الصريحة في ذلك , كما صرح هو بذلك في مواضع من تفسيره , فقد جاء في مقدمة تفسيره هذه العبارة : ( فالقرآن منه ناسخ ومنه منسوخ ... ومنه حرف مكان حرف ومنه على خلاف ما أنزل الله ) , ثم شرع في تفصيل ذلك فقال : ( وأما ما كان على خلاف ما أنزل الله فهو قوله : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية : ( خير أمة !! يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابنا علي عليه السلام ) , فقيل له وكيف نزلت يا بن رسول الله , فقال : ( إنما نزلت كنتم خير أئمة أخرجت للناس ) .
وقال أيضا : وأما ما كان محرف منه فهو قوله تعالى : { لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) تفسير القمي ج 1 ص 5 .
وهكذا ينقل إمامهم القمي في تفسيره هذه الروايات المكذوبة , فكلمة " في علي " من زيادة الشيعة في هذه الآية , وأمثل هذه الزيادات كثيرة منهم في القرآن لا سيما في تفسير هذا الشيعي , وكل ذلك يؤكد بأن القمي من علماءهم القائلين بتحريف القرآن الكريم , وهو ما أكده غير واحد من علمائهم , حيث يقول طيب الموسوي الجزائري في معرض ثنائه على تفسير القمي تحت عنوان تحريف القرآن , يقول ما نصه : ( بقي شيء يهمنا ذكره وهو أن هذا التفسير كغيره من التفاسير القديمة يشتمل على روايات مفادها أن المصحف الذي بين أيدينا لم يسلم من التحريف والتغيير وجوابه أنه لم ينفرد المصنف بذكرها بل وافقه فيه غيره من المحدثين المتقدمين والمتأخرين عامة وخاصة ) أهـ من مقدمة طيب الموسوي على تفسير القمي ج 1 ص 22 .
محمد بن يعقوب الكليني : وهو من أكابر علماء الشيعة , الذين تولوا كِبَرَ هذا القول وتزعموه , حيث ملأ كتابه الكافي , الذي هو أصح الكتب عندهم على الإطلاق , والمعتمد عندهم في أمور دينهم بروايات كثيرة دالة صريحة على تحريف القرآن الكريم بحيث لا تقبل أي تأويل , فقد جاءت تلك الروايات في مواضع كثيرة من كتابه أذكر بعضها هنا .
فمن ذلك ما رواه بسنده في باب " أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام وأنهم يعلمون علمه كله " , فعن جابر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده ) أصول الكافي كتاب الحجة المجلد الأول ص 228.
وكذلك أورد أخبارا كثيرة في باب " نكت ونتف من التنزيل في الولاية " , منها ما روى بسنده عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه و آله وسلم هكذا : { بئس ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في علي بغيا } ) أهـ , فكلمة " في علي " في هذه الرواية ليست من القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم , وإنما هي من وضع الشيعة من عند أنفسهم .
كما روى الكليني أيضا بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( نزل جبريل بهذه الآية هكذا { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلت في علي نوراً مبيناً } ) أصول الكافي كتاب الحجة المجلد الأول ص 417 , ولا يخفى على أحد له أدنى معرفة بالقرآن الكريم أن هذا الذي ذكره الكليني ليس من القرآن البتة , وإن كان قصده الآية التي في سورة النساء فهي ليست على هذه الصيغة التي ساقها في هذه الرواية وإنما هي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } [1] .
أبو عبد الله محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد : فقد صرح بوقوع التحريف والتغيير في القرآن الكريم , حيث يقول في كتابه أوائل المقالات في باب " القول في تأليف القرآن وما ذكر قوم فيه من الزيادة والنقصان " : ( إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه – أي صحابة رسول الله رضوان الله عليهم – من الحذف والنقصان ) كتاب أوائل المقالات ص 93 .
وقال في موضع آخر : ( واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا منه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) أوائل المقالات ص 52 .
2. علماء الشيعة المتأخرين وقولهم بتحريف القرآن الكريم :
فالمتأخرون من الشيعة لا يختلفون عن المتقدمين في موقفهم من القرآن الكريم فالكل متفقون على أن القرآن الموجود بين الناس اليوم غير كامل , حيث وقع فيه تحريف وتغيير وحذف بزعمهم , وإن اختلفت طريقة إثبات هذا القول منهم , فالمتقدمون يثبتون التحريف بكل صراحة وجراءة كما تقدمت أقوالهم في ذلك , أما المتأخرون منهم فقد حاول بعضهم إظهار موافقتهم لأهل السنة – تقية في القول – بسلامة القرآن وعدم تحريفه , ولكن البعض الآخر منهم وهم الأغلب أظهروا ثباتهم على قول متقدميهم في القرآن الكريم , فصرحوا بوقوع التحريف في القرآن , ونقلوا قول من تقدم من علمائهم ورواياتهم المنسوبة إلى أئمتهم الصريحة في ذلك , فملئوا مؤلفاتهم بكل ذلك ومن علمائهم المتأخرين :
الفيض الكاشاني : الذي صرح بوقوع التحريف في القرآن الكريم , ونقل أخباراً كثيرة دالة على ذلك من كتب المتقدمين عليه و حتى جعله عنوان إحدى مقدمات تفسيره حيث قال في المقدمة السادسة " في نُبذ مما جاء في القرآن وتحريفه وزياداته ونقصه وتأويل ذلك " , ثم أورد تحت هذا العنوان روايات وأخبار كثيرة , ومن تلك الأخبار , ما رواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن أبي عبد الله قال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي : إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه ) , ثم قال معلقا على هذه الأخبار : ( أقول المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما انزل على محمد صلى الله عليه وآله , بل منه خلاف ما أنزله الله , ومنه ما هو مغير محرف , وأنه قد حُذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي وفي كثير من المواضع , ومنها لفظة آل محمد صلى الله عليهم غير مرة , ومنها أسماء المنافقين في مواضعها , ومنها غير ذلك , وأنه ليس أيضا على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وآله ) أهـ كتاب الصافي في تفسير القرآن ج 1 ص 24 .
هذا ما صرح به شيخهم الفيض الكاشاني من القول بتحريف القرآن الكريم .
الحر العاملي : محمد بن الحسين , وهو الذي أورد في كتابه وسائل الشيعة , أخبارا صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , من غير أن يتعرض لها بنقد مما يدل على صحتها عنده , والتسليم بما دلت عليه تلك الأخبار , فمن تلك الأخبار ما نقله عن إبراهيم بن عمر عنه عليه السلام قال : ( إن في القرآن ما مضى وما هو كائن وكانت فيه أسماء الرجال فألقيت – يعني حُذفت – وإنما الاسم الواحد على وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة – يعني الأئمة - ) أهـ من كتاب وسائل الشيعة ج18 ص 145 .
أبو الحسن العاملي النباطي : حيث صرح بتحريف القرآن في مواضع كثيرة في مقدمته مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار , فمن ذلك قوله : " اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء من التغيير وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات – يقصد الصحابة رضي الله عنهم لأنهم هم الذين جمعوا القرآن – وأن القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ما جمعه عليّ وحفظه إلى أن وصل إلى أبنه الحسن وهكذا إلى أن انتهى إلى القائم وهو اليوم عنده " أهـ .
النوري الطبرسي : حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي , الذي يعد من أبرز القائلين بتحريف القرآن الكريم من المتأخرين , بل ومن أكبر من حملوا راية هذا القول منهم وبالغوا فيه , حيث أظهر ذلك بكل جراءة وشجاعة , وأثبت هذا القول هو قول الشيعة جميعا وكشف عن حقيقتهم , وما يبطنونه للإسلام ولذلك ألف كتابه المسمى " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " وبذل فيه كل ما في وسعه لإثبات هذا القول عندهم , فأكثر النقل عن أخبار أئمتهم وتصريحات المتقدمين منهم في ذلك واستدل على ذلك بكل ما عنده من بيان وتدليس , كما أنه فند فيه شبه المنكرين من أئمة الشيعة وشنع عليهم وألزمهم بهذا القول , وهو يرى أنه بعمله هذا الخبيث يتقرب إلى الله تعالى , حيث قال في مقدمة كتابه هذا الآنف الذكر ما نصه : " وبعد فيقول العبد المذنب المسيء حسين تقي النوري الطبرسي جعله الله من الواقفين ببابه المتمسكين بكتابه ! هذا كتاب لطيف وسفر شريف عملته في إثبات تحريف القرآن – عياذا بالله تعالى – وفضائح أهل الجور والعدوان وسميته " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " وجعلت له ثلاث مقدمات وبابين وأودعت فيه من بديع الحكمة ما تقر به كل عين وأرجو ممن ينتظر رحمته المسيئون أن ينفعني به في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ) أعوذ بالله من هذا الضلال . أهـ من مقدمة " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " ص 2 .
وهذه أسماء علمائهم القائلين بتحريف القرآن المتقدمين منهم والمتأخرين في كتبهم المعتمدة :
1. علي بن إبراهيم القمي في مقدمة تفسيره .
2. نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية .
3. الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي .
4. أبو منصور الطبرسي في كتابه الإحتجاج .
5. محمد باقر المجلسي في كتابيه بحار الأنوار ومرآة العقول .
6. محمد بن النعمان الملقب بالمفيد في كتابه أوائل المقالات .
7. عدنان البحراني في كتابه مشارق الشموس الدرية .
8. يوسف البحراني في كتابه الدرر النجفية .
9. النوري الطبرسي في كتابه " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " .
10. ميرزا حبيب الخوئي في كتابه منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة .
11. محمد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي .
12. محمد العياشي في تفسيره .
13. أبو جعفر الصفار في كتابه بصائر الدرجات .
14. الأردبيلي في كتابه حديقة الشيعة .
15. الكرماني في كتابه إرشاد العوام .
16. الكاشاني في كتابه هدية الطالبين .
3. كبار علماء الشيعة الذين شهدوا أن محدث الشيعة الأول , محمد بن يعقوب الكليني , كان يعتقد بتحريف القرآن الكريم :
فقد شهد عليه كبار علماء الشيعة بأن الكليني كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن , ومن هؤلاء العلماء الذين شهدوا عليه :
المفسر الكبير محمد بن مرتضى الكاشاني الملقب بالفيض الكاشاني , حيث قال في تفسيره الشهير عند الشيعة والذي يسمى بتفسير الصافي ج1 ص 52 ما نصه : " وأما اعتقاد مشائخنا في ذلك – يعني تحريف القرآن – فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ولم يتعرض للقدح فيها مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه ) تفسير الصافي ج1 ص 52 ط الأعلمي بيروت .
الإمام أبو الحسن العاملي : الذي قال : " أعلم أن الذي يظهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه روى روايات كثيرة في هذا المعنى في كتاب الكافي الذي صرح في أوله بأنه كان يثق فيما رواه فيه ولم يتعرض لقدح فيها ولا ذكر معارض لها ) أهـ من كتاب تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار المقدمة الثانية للفصل الرابع والذي طبع كمقدمة لكتاب تفسير البرهان للبحراني .
النوري الطبرسي : حيث قال في المقدمة الثالثة من كتابه فصل الخطاب ما نصه : " أعلم أن لهم في ذلك أقوالا – أي علماء الشيعة في تحريف القرآن – مشهورها اثنان , الأول وقوع التغيير والنقصان فيه وهو مذهب الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي شيخ الكليني في تفسيره صرح في أوله وملأ كتابه من أخباره مع إلتزامه في أوله بأن لا يذكر فيه إلا عن مشائخه وثقاته ومذهب تلميذه ثقة الإسلام الكليني رحمه الله على ما نسبه إليه جماعة لنقله الأخبار الكثيرة الصريحة في هذا المعنى في كتاب الحجة خصوصا في باب النكت والنتف من التنزيل وفي الروضة من غير تعرض لردها أو تأويلها ) فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ص 23 .
وبعد هذه الشهادة التي شهد بها كبار علماء الشيعة بأن ثقة الإسلام عند الإمامية الإثنى عشرية الكليني كان يعتقد بتحريف القرآن , فأقول للشيعة عامة وخاصة إذا كان هذا رأي كبار علمائكم في صاحب أوثق مصدر للحديث عندكم فلماذا تنكرون على أهل السنة إذا قالوا مثلما قال كبار علمائكم في صاحب الكافي , أرجو الإجابة بمنتهى الصدق والصراحة .
4. كبار علماء الشيعة الذين يقولون إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم هي روايات متواترة ومستفيضة :
فهذا شيخهم المفيد يقول في كتابه أوائل المقالات ما نصه : " إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بإختلاف القرآن وما أحدثه بعد الظالمين فيه من الحذف والنقصان ) أوائل المقالات ص 91.
وهذا إمامهم أبو الحسن العاملي الذي قال في المقدمة الثاني من تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص 36 : " أعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء من التغييرات وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات ) أهـ .
وكذلك شيخهم نعمة الله الجزائري الذي قال في كتابه الأنوار النعمانية ج2 ص 357 ما نصه : " إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي - يعني القرآن الكريم – وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما ومادة وإعراباً ) أهـ .
أما محمد باقر المجلسي فقد قال في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم سبعة عشر ألف آية ) قال عن هذا الحديث ما نصه : " موثق وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم , فالخبر صحيح , فلا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره .... وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة " كتاب مرآة العقول ج12 ص 525 .
[1] سورة النساء آية 47 .
عقيدة الشيعة الإمامية في القرآن الكريم
وحديثنا سيكون بحول الله تعالى حول العناصر التالية :
1. علماء الشيعة المتقدمين وإجماعهم على تحريف القرآن الكريم .
2. علماء الشيعة المتأخرين وقولهم بتحريف القرآن الكريم .
3. أسماء علماء الشيعة الذين قالوا بتحريف القرآن من المتقدمين ومن المتأخرين .
4. كبار علماء الشيعة الذين شهدوا أن محدث الشيعة الأول , محمد بن يعقوب الكليني , كان يعتقد بتحريف القرآن الكريم .
5. كبار علماء الشيعة الذين يقولون إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم هي روايات متواترة ومستفيضة .
6. أنواع التحريف المزعوم في القرآن الكريم عند الشيعة الإمامية .
7. إجابة عن السؤال الذي يقول : أين القرآن الصحيح في إعتقاد الشيعة الإمامية .
8. إجابة عن السؤال الذي يقول : لماذا يقرأ الشيعة هذا القرآن الموجود بين أهل السنة مع نقصه وتحريفه عندهم .
9. أمثلة لتفسيرهم المنحرف لكتاب الله تعالى .
إن الشيعة الإمامية يعتقدون بأن القرآن الموجود بين أيدي المسلمين اليوم ليس هو كما أنزله الله تعالى على عبده محمد صلى الله عليه وسلم , وإنما قد وقع فيه تحريف وتغيير على يد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذين غصبوا آل محمد حقهم على حد زعم الشيعة واعتقادهم , حيث أدعوا أن الصحابة قد حذفوا من القرآن الكريم كل الآيات التي نزلت في فضائل آل البيت , والآيات التي نزلت في مثالب الصحابة رضي الله عنهم , وآيات أخرى كثيرة حذفوها وأسقطوها من القرآن الكريم , على حد زعم الشيعة , حتى لم يبقى من القرآن إلا نحو ثلثه .
وزعموا في مقابل ذلك أن القرآن الكامل الذي أنزله الله تعالى والسالم من أي تحريف موجود عند إمامهم الغائب , وهو الإمام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري , وهو الذي – بزعمهم – أن الذي جمعه هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وهذه العقيدة إخواني في الله هي العقيدة التي يقول بها جميع علماء الشيعة المتقدمين والمتأخرين , ولم يخرج عن ذلك إلا عدد قليل تظاهروا بإنكار القول بتحريف القرآن الكريم من الشيعة الإمامية .
1. علماء الشيعة المتقدمين وإجماعهم على تحريف القرآن الكريم :
فالقول بوقوع التحريف والتغيير في القرآن الكريم ونقصانه هو إجماع المتقدمين من علماء الشيعة , حيث صرحوا بذلك في مؤلفاتهم , وشحنوها بالروايات المنسوبة إلى أئمتهم , وكلها صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , ولم يخرج عن إجماعهم هذا إلا أفراد قلائل منهم , وقد حصرهم إمامهم النوري الطبرسي في كتابه المسمى " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " بأربعة أشخاص فقط .
وأنقل هنا بعض أقوال علمائهم المتقدمين وروايات أئمتهم الصريحة في تحريف القرآن وتبديله والنقصان منه من كتبهم المعتمدة والمشهورة عندهم للتدليل على ما يقوله أهل السنة عنهم في إجماعهم على هذا المعتقد الفاسد , لأنها أقوالهم بأنفسهم , وتصريحاتهم وليست منقولة عن غيرهم , وهي أقوى دليل في معرفة معتقد المرء من قول غيره عنه .
فمن علمائهم الذين قالوا بالتحريف :
محمد بن الحسن الصفار : والذي عقد باباً في كتابه الشهير " بصائر الدرجات " بعنوان ( باب في الأئمة أن عندهم جميع القرآن الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) , ثم ساق أخباراً تحت هذا الباب صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , حيث روى عن أبي جعفر أنه قال : ( ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن غير الأوصياء – أي غير الأئمة - ) .
وروى أيضا بسنده عن سالم بن أبي سلمة قال : قرأ رجل على أبي عبد الله عليه السلام , وأنا أسمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرأها الناس , فقال أبو عبد الله عليه السلام : ( مه مه .. كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام فقرأ كتاب الله على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام ) أهـ من كتاب بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد مجلد 4 ص 413 .
أبو نصر محمد بن مسعود والمعروف بالعياشي :
فهو أيضا ممن أكثروا روايات تحريف القرآن في مؤلفاته , فإنه قد شحن كتابه التفسير بتلك الروايات المنسوبة إلى أئمتهم , والتي تدل على ضياع كثير من القرآن , عياذاً بالله , وعلى زيادة بعض الكلمات فيه , ومن ذلك ما روى بسنده عن إبراهيم بن عمر قال : قال أبو عبدالله عليه السلام : ( إن في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن كانت فيه أسماء الرجال فألقيت وإنما الاسم الواحد منه في وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة ) تفسير العياشي ج1 ص12 .
وروى أيضا بسنده عن أبي جعفر قال : ( لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقنا على ذي حجى ) , وهذا الخبر صريح بوقوع الزيادة في كتاب الله ونقصانه .
وروى أيضا بسنده عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر بن محمد : ( خرج عبد الله بن عمر من عند عثمان فلقي أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال له : يا علي بيتنا الليلة في أمر نرجو أن يثبت الله هذه الأمة فقال أمير المؤمنين : لن يخفى عليّ ما بيتم فيه حرفتم وغيرتم وبدلتم تسعمائة حرف ثلاثمائة حرفتم وثلاثمائة حرف غيرتم وثلاثمائة بدلتم , ثم قرأ : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله )..
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي رواها إمامهم العياشي في تفسيره هذا , وهي كلها صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , مما يؤكد لنا أنه مع القائلين بالتحريف ,لأن إكثاره لهذه الروايات دليل على أنه يسلم بها وبمضامينها , حيث لم يتعرض لها بشيء من النقد , مع ما فيها من تنقيص ظاهر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالسكوت على المنكر وعدم تغييره له .
علي بن إبراهيم القُمي : وهو شيخ الكليني , وهو من أبرز القائلين بتحريف القرآن , ومن المكثرين فيه , حيث ملأ تفسيره بالروايات الصريحة في ذلك , كما صرح هو بذلك في مواضع من تفسيره , فقد جاء في مقدمة تفسيره هذه العبارة : ( فالقرآن منه ناسخ ومنه منسوخ ... ومنه حرف مكان حرف ومنه على خلاف ما أنزل الله ) , ثم شرع في تفصيل ذلك فقال : ( وأما ما كان على خلاف ما أنزل الله فهو قوله : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية : ( خير أمة !! يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابنا علي عليه السلام ) , فقيل له وكيف نزلت يا بن رسول الله , فقال : ( إنما نزلت كنتم خير أئمة أخرجت للناس ) .
وقال أيضا : وأما ما كان محرف منه فهو قوله تعالى : { لكن الله يشهد بما أنزل إليك في علي أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) تفسير القمي ج 1 ص 5 .
وهكذا ينقل إمامهم القمي في تفسيره هذه الروايات المكذوبة , فكلمة " في علي " من زيادة الشيعة في هذه الآية , وأمثل هذه الزيادات كثيرة منهم في القرآن لا سيما في تفسير هذا الشيعي , وكل ذلك يؤكد بأن القمي من علماءهم القائلين بتحريف القرآن الكريم , وهو ما أكده غير واحد من علمائهم , حيث يقول طيب الموسوي الجزائري في معرض ثنائه على تفسير القمي تحت عنوان تحريف القرآن , يقول ما نصه : ( بقي شيء يهمنا ذكره وهو أن هذا التفسير كغيره من التفاسير القديمة يشتمل على روايات مفادها أن المصحف الذي بين أيدينا لم يسلم من التحريف والتغيير وجوابه أنه لم ينفرد المصنف بذكرها بل وافقه فيه غيره من المحدثين المتقدمين والمتأخرين عامة وخاصة ) أهـ من مقدمة طيب الموسوي على تفسير القمي ج 1 ص 22 .
محمد بن يعقوب الكليني : وهو من أكابر علماء الشيعة , الذين تولوا كِبَرَ هذا القول وتزعموه , حيث ملأ كتابه الكافي , الذي هو أصح الكتب عندهم على الإطلاق , والمعتمد عندهم في أمور دينهم بروايات كثيرة دالة صريحة على تحريف القرآن الكريم بحيث لا تقبل أي تأويل , فقد جاءت تلك الروايات في مواضع كثيرة من كتابه أذكر بعضها هنا .
فمن ذلك ما رواه بسنده في باب " أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام وأنهم يعلمون علمه كله " , فعن جابر قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده ) أصول الكافي كتاب الحجة المجلد الأول ص 228.
وكذلك أورد أخبارا كثيرة في باب " نكت ونتف من التنزيل في الولاية " , منها ما روى بسنده عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه و آله وسلم هكذا : { بئس ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله في علي بغيا } ) أهـ , فكلمة " في علي " في هذه الرواية ليست من القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم , وإنما هي من وضع الشيعة من عند أنفسهم .
كما روى الكليني أيضا بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( نزل جبريل بهذه الآية هكذا { يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلت في علي نوراً مبيناً } ) أصول الكافي كتاب الحجة المجلد الأول ص 417 , ولا يخفى على أحد له أدنى معرفة بالقرآن الكريم أن هذا الذي ذكره الكليني ليس من القرآن البتة , وإن كان قصده الآية التي في سورة النساء فهي ليست على هذه الصيغة التي ساقها في هذه الرواية وإنما هي { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا } [1] .
أبو عبد الله محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد : فقد صرح بوقوع التحريف والتغيير في القرآن الكريم , حيث يقول في كتابه أوائل المقالات في باب " القول في تأليف القرآن وما ذكر قوم فيه من الزيادة والنقصان " : ( إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه – أي صحابة رسول الله رضوان الله عليهم – من الحذف والنقصان ) كتاب أوائل المقالات ص 93 .
وقال في موضع آخر : ( واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا منه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) أوائل المقالات ص 52 .
2. علماء الشيعة المتأخرين وقولهم بتحريف القرآن الكريم :
فالمتأخرون من الشيعة لا يختلفون عن المتقدمين في موقفهم من القرآن الكريم فالكل متفقون على أن القرآن الموجود بين الناس اليوم غير كامل , حيث وقع فيه تحريف وتغيير وحذف بزعمهم , وإن اختلفت طريقة إثبات هذا القول منهم , فالمتقدمون يثبتون التحريف بكل صراحة وجراءة كما تقدمت أقوالهم في ذلك , أما المتأخرون منهم فقد حاول بعضهم إظهار موافقتهم لأهل السنة – تقية في القول – بسلامة القرآن وعدم تحريفه , ولكن البعض الآخر منهم وهم الأغلب أظهروا ثباتهم على قول متقدميهم في القرآن الكريم , فصرحوا بوقوع التحريف في القرآن , ونقلوا قول من تقدم من علمائهم ورواياتهم المنسوبة إلى أئمتهم الصريحة في ذلك , فملئوا مؤلفاتهم بكل ذلك ومن علمائهم المتأخرين :
الفيض الكاشاني : الذي صرح بوقوع التحريف في القرآن الكريم , ونقل أخباراً كثيرة دالة على ذلك من كتب المتقدمين عليه و حتى جعله عنوان إحدى مقدمات تفسيره حيث قال في المقدمة السادسة " في نُبذ مما جاء في القرآن وتحريفه وزياداته ونقصه وتأويل ذلك " , ثم أورد تحت هذا العنوان روايات وأخبار كثيرة , ومن تلك الأخبار , ما رواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره عن أبي عبد الله قال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي : إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه ) , ثم قال معلقا على هذه الأخبار : ( أقول المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما انزل على محمد صلى الله عليه وآله , بل منه خلاف ما أنزله الله , ومنه ما هو مغير محرف , وأنه قد حُذف منه أشياء كثيرة منها اسم علي وفي كثير من المواضع , ومنها لفظة آل محمد صلى الله عليهم غير مرة , ومنها أسماء المنافقين في مواضعها , ومنها غير ذلك , وأنه ليس أيضا على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وآله ) أهـ كتاب الصافي في تفسير القرآن ج 1 ص 24 .
هذا ما صرح به شيخهم الفيض الكاشاني من القول بتحريف القرآن الكريم .
الحر العاملي : محمد بن الحسين , وهو الذي أورد في كتابه وسائل الشيعة , أخبارا صريحة في وقوع التحريف في القرآن الكريم , من غير أن يتعرض لها بنقد مما يدل على صحتها عنده , والتسليم بما دلت عليه تلك الأخبار , فمن تلك الأخبار ما نقله عن إبراهيم بن عمر عنه عليه السلام قال : ( إن في القرآن ما مضى وما هو كائن وكانت فيه أسماء الرجال فألقيت – يعني حُذفت – وإنما الاسم الواحد على وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة – يعني الأئمة - ) أهـ من كتاب وسائل الشيعة ج18 ص 145 .
أبو الحسن العاملي النباطي : حيث صرح بتحريف القرآن في مواضع كثيرة في مقدمته مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار , فمن ذلك قوله : " اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء من التغيير وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات – يقصد الصحابة رضي الله عنهم لأنهم هم الذين جمعوا القرآن – وأن القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ما جمعه عليّ وحفظه إلى أن وصل إلى أبنه الحسن وهكذا إلى أن انتهى إلى القائم وهو اليوم عنده " أهـ .
النوري الطبرسي : حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي , الذي يعد من أبرز القائلين بتحريف القرآن الكريم من المتأخرين , بل ومن أكبر من حملوا راية هذا القول منهم وبالغوا فيه , حيث أظهر ذلك بكل جراءة وشجاعة , وأثبت هذا القول هو قول الشيعة جميعا وكشف عن حقيقتهم , وما يبطنونه للإسلام ولذلك ألف كتابه المسمى " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " وبذل فيه كل ما في وسعه لإثبات هذا القول عندهم , فأكثر النقل عن أخبار أئمتهم وتصريحات المتقدمين منهم في ذلك واستدل على ذلك بكل ما عنده من بيان وتدليس , كما أنه فند فيه شبه المنكرين من أئمة الشيعة وشنع عليهم وألزمهم بهذا القول , وهو يرى أنه بعمله هذا الخبيث يتقرب إلى الله تعالى , حيث قال في مقدمة كتابه هذا الآنف الذكر ما نصه : " وبعد فيقول العبد المذنب المسيء حسين تقي النوري الطبرسي جعله الله من الواقفين ببابه المتمسكين بكتابه ! هذا كتاب لطيف وسفر شريف عملته في إثبات تحريف القرآن – عياذا بالله تعالى – وفضائح أهل الجور والعدوان وسميته " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " وجعلت له ثلاث مقدمات وبابين وأودعت فيه من بديع الحكمة ما تقر به كل عين وأرجو ممن ينتظر رحمته المسيئون أن ينفعني به في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ) أعوذ بالله من هذا الضلال . أهـ من مقدمة " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " ص 2 .
وهذه أسماء علمائهم القائلين بتحريف القرآن المتقدمين منهم والمتأخرين في كتبهم المعتمدة :
1. علي بن إبراهيم القمي في مقدمة تفسيره .
2. نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية .
3. الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي .
4. أبو منصور الطبرسي في كتابه الإحتجاج .
5. محمد باقر المجلسي في كتابيه بحار الأنوار ومرآة العقول .
6. محمد بن النعمان الملقب بالمفيد في كتابه أوائل المقالات .
7. عدنان البحراني في كتابه مشارق الشموس الدرية .
8. يوسف البحراني في كتابه الدرر النجفية .
9. النوري الطبرسي في كتابه " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " .
10. ميرزا حبيب الخوئي في كتابه منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة .
11. محمد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي .
12. محمد العياشي في تفسيره .
13. أبو جعفر الصفار في كتابه بصائر الدرجات .
14. الأردبيلي في كتابه حديقة الشيعة .
15. الكرماني في كتابه إرشاد العوام .
16. الكاشاني في كتابه هدية الطالبين .
3. كبار علماء الشيعة الذين شهدوا أن محدث الشيعة الأول , محمد بن يعقوب الكليني , كان يعتقد بتحريف القرآن الكريم :
فقد شهد عليه كبار علماء الشيعة بأن الكليني كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن , ومن هؤلاء العلماء الذين شهدوا عليه :
المفسر الكبير محمد بن مرتضى الكاشاني الملقب بالفيض الكاشاني , حيث قال في تفسيره الشهير عند الشيعة والذي يسمى بتفسير الصافي ج1 ص 52 ما نصه : " وأما اعتقاد مشائخنا في ذلك – يعني تحريف القرآن – فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه كان روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ولم يتعرض للقدح فيها مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه ) تفسير الصافي ج1 ص 52 ط الأعلمي بيروت .
الإمام أبو الحسن العاملي : الذي قال : " أعلم أن الذي يظهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن لأنه روى روايات كثيرة في هذا المعنى في كتاب الكافي الذي صرح في أوله بأنه كان يثق فيما رواه فيه ولم يتعرض لقدح فيها ولا ذكر معارض لها ) أهـ من كتاب تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار المقدمة الثانية للفصل الرابع والذي طبع كمقدمة لكتاب تفسير البرهان للبحراني .
النوري الطبرسي : حيث قال في المقدمة الثالثة من كتابه فصل الخطاب ما نصه : " أعلم أن لهم في ذلك أقوالا – أي علماء الشيعة في تحريف القرآن – مشهورها اثنان , الأول وقوع التغيير والنقصان فيه وهو مذهب الشيخ الجليل علي بن إبراهيم القمي شيخ الكليني في تفسيره صرح في أوله وملأ كتابه من أخباره مع إلتزامه في أوله بأن لا يذكر فيه إلا عن مشائخه وثقاته ومذهب تلميذه ثقة الإسلام الكليني رحمه الله على ما نسبه إليه جماعة لنقله الأخبار الكثيرة الصريحة في هذا المعنى في كتاب الحجة خصوصا في باب النكت والنتف من التنزيل وفي الروضة من غير تعرض لردها أو تأويلها ) فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ص 23 .
وبعد هذه الشهادة التي شهد بها كبار علماء الشيعة بأن ثقة الإسلام عند الإمامية الإثنى عشرية الكليني كان يعتقد بتحريف القرآن , فأقول للشيعة عامة وخاصة إذا كان هذا رأي كبار علمائكم في صاحب أوثق مصدر للحديث عندكم فلماذا تنكرون على أهل السنة إذا قالوا مثلما قال كبار علمائكم في صاحب الكافي , أرجو الإجابة بمنتهى الصدق والصراحة .
4. كبار علماء الشيعة الذين يقولون إن الروايات التي تطعن في القرآن الكريم هي روايات متواترة ومستفيضة :
فهذا شيخهم المفيد يقول في كتابه أوائل المقالات ما نصه : " إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بإختلاف القرآن وما أحدثه بعد الظالمين فيه من الحذف والنقصان ) أوائل المقالات ص 91.
وهذا إمامهم أبو الحسن العاملي الذي قال في المقدمة الثاني من تفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص 36 : " أعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء من التغييرات وأسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات ) أهـ .
وكذلك شيخهم نعمة الله الجزائري الذي قال في كتابه الأنوار النعمانية ج2 ص 357 ما نصه : " إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي - يعني القرآن الكريم – وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاما ومادة وإعراباً ) أهـ .
أما محمد باقر المجلسي فقد قال في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم سبعة عشر ألف آية ) قال عن هذا الحديث ما نصه : " موثق وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم , فالخبر صحيح , فلا يخفى أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره .... وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة " كتاب مرآة العقول ج12 ص 525 .
[1] سورة النساء آية 47 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق