يا آمتي بالله فاعتصمي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
الاعتصام بالله هو اللجوء إليه والاحتماء به والامتناع به والتوكل عليه، وهو سبيل المؤمنين ومنهاج حياتهم، وثمرة الاعتصام بالله أن يدافع الله عن عباده المؤمنين:
فأمر الله سبحانه عباده المؤمنين بعبادته وحده لا شريك له وبالجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وألسنتهم، والاعتصام به سبحانه فهو ناصرهم والمدافع عنهم.
فيا خير أمة أخرجت للناس اعبدوا الله ما لكم من إله غيره واركعوا واسجدوا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وافعلوا الخير الذي يأمركم به سبحانه لتكونوا من المفلحين الفائزين وجاهدوا في الله حق جهاده بالقيام التام بأمر الله سبحانه، ودعوة الخلق إلى سبيله بكل وسيلة من دعوة ونصح وتعليم ووعظ وزجر وقتال للمعاندين الذين يصدون عن سبيل الله، واعلموا أنكم خير أمة أخرجت للناس بتفضيل الله إياكم، فهو سبحانه اجتباكم واختاركم من بين العالمين وخصكم بخير كتاب أنزل وبخير رسول أرسل، وما جعل عليكم في الدين من حرج، ولكن بعث محمدًا خاتم النبيين بالحنيفية السمحة، ورفع عنكم الآصار والأغلال التي كانت على الأمم قبلكم، وجعلكم شهداء على الأمم وعلى جميع الناس:
فقوموا بواجبكم في عبادة الله عز وجل والدعوة إلى سبيله وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم واعتصموا بالله واستعينوا به وتأيدوا به هو مولاكم وحافظكم وناصركم وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير.
وقال سبحانه:
فبالإيمان بالله والاعتصام به يدخل المؤمنون في رحمة الله تعالى وفضله وهدايته إلى صراط الله المستقيم الموصل إلى جنات النعيم.
والمنافقون أبعد الناس عن منهج الإيمان وإن زعموا أنهم من المؤمنين، يخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم، فهم في الدرك الأسفل من النار، إلا إذا تابوا من النفاق، واخلصوا دينهم لله، واعتصموا بالله، فإنهم يكونون مع المؤمنين في الدنيا والآخرة بإيمانهم وإخلاصهم واعتصامهم بالله:
ولقد نعى الله سبحانه على المؤمنين المفرطين المتبعين سنن أهل الكتاب والسائرين على طريقتهم، وحذر أمة الإيمان من سلوك هذا السبيل، فكيف تكون طاعتهم للمخالفين من أهل الكتاب، وقد كفاهم الله بكتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفيها الهداية لمن اعتصم بها، فقال سبحانه:
كيف نحقق الاعتصام بالله؟
ينبغي أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: إذا كان الاعتصام بالله هو سبيل الهداية والنجاة في الدنيا والآخرة، فكيف نحقق هذا الاعتصام؟
نقول: الاعتصام بالله يكون بالترقي عن شهود غير الله في نفعه وخيره، وتأثيره وعطائه ومنعه، فالملك كله لله، هو مالك الملك، مدبر الأمر، وما يفعله العباد إنما هو بتقدير الله عز وجل ليبلو ويختبر، فيضل من يشاء ويهدي من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويعطي من يشاء، ويمنع فضله عمن يشاء، وهذا يكون بمعرفة الله عز وجل بربوبيته وألوهيته وأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: "من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة" رواه مسلم.
وقال ابن مسعود في اليقين الإيمان كله. علقه البخاري ووصله الطبراني بسند صحيح وإخرج أحمد عن ابن مسعود "اللهم زدنا إيمانا ويقينًا وفقها".
فإذا أيقن القلب انبعثت الجوارح للقاء الله عز وجل بالأعمال الصالحة قال سفيان الثوري: لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي، لطار اشتياقًا إلى الجنة وهربًا من النار.
أما الإنصاف في معاملة الله عز وجل فيكون بأن تعطي العبودية حقها وأن لا تنازع ربك في صفات إلهيته من العظمة والكبرياء والجبروت بل تعلم أنك عبد فتذل لربك وخالقك ومولاك، وأن تعرف نعم الله عليك فتشكره، ولا تشكر سواه على نعمه وتنساه، كحال الذين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها، وأن لا تحمد على رزقه غيره، وأن لا تستعين بنعمه على معاصيه.
وأما الإنصاف مع عباد الله فأن تعاملهم بمثل ما تحب أن يعاملوك به وأن تنصفهم من نفسك بسلوك مسلك العدل فيهم، فيسلم المسلمون من لسانك ويدك، ويأمنوك على أموالهم وأنفسهم والمعصوم من عصمة الله تعالى.
الاعتصام بحبل الله
قال تعالى:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق